قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثامن والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثامن والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثامن والثمانون

قطب ما بين حاجبيه وقال مُستفهماً: أتي! إلى أين؟
قال نائل بهدوء: مصر وظل معنا دوماً لتكتمل عائلتنا!
إبتسم مايكل وقال ممتناً: سماع هذا منك يسعدني كثيراً لكن! ماذا سأفعل هُناك وعملي؟!
قال نائل مُمازحاً: سأجعلك خادمي مارأيك؟
فسأله مايكل بجدية: وكم الراتب؟
رفع نائل حاجبيه وسأله باستنكار: كم الراتب! هل أنت موافق؟
أومأ مؤكداً ثم قال: نعم موافق، موافق على تلك المستشفى التي سوف أديرها في مصر؟

ضحك نائل وسأله مشدوداً: و من أين لك تلك الثقة؟
هز كتفيه وقال بلا مبالاة: بالتأكيد يُجب أن أكون واثقاً! هل تظن أنني سأقبل بوضع أقل مما أنا عليه الآن؟ هل تمزح؟ لم يعد باستطاعتي العمل طبيباً الآن والجلوس وسماع مُشكلات الأخرين! لقد اعتدت الجلوس على ذلك المقعد ومد قدمي على المكتب وإرتشاف قهوتي بتلذذ ولن أقبل بغير هذا!.

أومأ له نائل وقال وهو يضحك: لا تقلق من هذا ستجد الجميع جالساً هكذا وليس أنت وحدك! ما أنت عليه هُنا نادراً بالنسبةِ لك لكن لدينا هذا روتيني جداً لهذا حضر اشيائك وأستعد، لكن رُبما لا تأخذ نفس قدر راتبك هُنا لكن ستأخذ الكثير أيضاً وأنت لا تحتاج إلى المال على أي حال فقضاء كُل تلك الأعوام عازباً دون زواج كان جيداً لتكوين ثروة هائله صحيح؟

سأله ممتعضاً: هل تحسدني الآن؟ تلك الثروة ستذهب يوماً ما فأنا شخصاً مسؤولاً ومتزوجاً الآن..
فقال نائل بتهكم: وهل والدتي هي من ستنفق كُل هذا؟
أوقفتهم نور وهي تزفر: لا تبدءانِ الآن! توقفا وهيا بنا نذهب كي نأخذ رأي والدتي رُبما لا توافق! وأُريد توديع والدي أيضاً هيا..

أخذت مكانها بجانب النافذة، حدقت منها بابتسامة تراقب سيرهم وسط السحاب ورؤيه العالم الضئيل أسفلهم قبلت مارال التي تجلس بأحضانها برقة فهي هادئه ورقيقة تبلغ ثلاث سنوات ونصف، الكبيرة دوماً تكون هكذا هادئه خلاف ميار شقيقتها الصُغرى صاحبة العام ونصف التي كانت تصرخ وتشد شعر شريف دون توقف ترجاها أكثر من مرة أن تأخذها لكنها رفضت وظلت متشبثة بمارال..

لعنها للمرةِ الألف بسبب تلك الأصابع الصغيرة التي تؤلم ذكرته حقاً بوحشية روان معه في البداية قبل أن يصلا إلى تلك النقطة في علاقتهم، تلك الفتاة شبيه الكُرة لن تكون سهلة بتاتاً، ضحكت روان برقة وهي تنظر له فزفر بنفاذ صبر ووقف بها وكاد يذهب لكنه توقف ذاهلاً وهو يرى ريم تتقدم في الممر بين المقاعد المصفوفة يبدو أنها عائدة إلى مقعدها..
توقفت أمامه متفاجئه ثم قالت بعدم تصديق: شريف؟
إبتسم وصافحها: ريم إزيك!

قالت بابتسامة اتسعت عندما رأت روان تقف هي الأخرى عندما رأتها: الحمد الله كويسة أخبارك ايه و اخبار روان دول بناتك؟
أومأ لها وهو يبتسم، عانقت روان بابتسامة وهي تُرتب على ظهرها بحنو فمن الجيد أن تراها سعيدة بعد أن ضحت وجعلتها تتزوج مالك هذا إن كانت تضحية حقاً!.

داعبت وجنتي ميار فصرخت وصفعت يدها ثم دفنت رأسها بصدر شريف فابتسم وقال مُتأسفاً إلى ريم: معلش هي عصبية شوية، أومأت وهي تبتسم ثم ربتت على ظهرها بحنان فسألتها روان: إنتِ لوحدك ولا ايه؟
هزت رأسها نفياً وقالت وهي تأشر إلى الأمام: لأ، معايا يحيي وبراء ومالك..
إبتسم شريف وسألها باعتبار أن مالك زوجها: دول ولادك؟
ابتسمت ثم قالت مُصححه: يحيي جوزي ومالك وبراء ولا دي يا شريف..

تبادل نظراته المُتعجبه مع روان ثم نظرا لها باستفهام فقالت بأسف وحزن شديد: مالك مات من ثمن سنين يا شريف ويحيي أخوه..
هربت الدماء من وجهيهما غير قادرين على النُطق فكيف حدث ومتى ولما لم يعرف؟ لقد تشاجر معه وتركه ولم يسأل عنه بعدها ومالك فعل المثل أيضاً لكن لما لم يُهاتفه؟ يا إلهي ثمان سنوات ولم يعرف شيءً عن صديقة! فليخجل من نفسه حقاً..

ابتلع غصته بألم وتحدث أخيراً وقال بأسف وحزن: أنا ليه معرفتش ليه مقولتليش؟!
ربتت على كتفه كي لا يحزن وهي من واسته فالشعور بالتقصير تجاه شخص مُتوفي ليس سهلاً بتاتاً وهي جربت ذلك الشعور و مؤلم حقا: متزعلش نفسك يا شريف هو في مكان أحسن دلوقتي، إحنا حياتنا في الفترة الأخيرة كان فيها مشاكل كتير وأنا حالتي مكنتش تسمح إني أتكلم ولا أقول حاجة لحد بس خليك عارف إنه كان بيحبك..

هز رأسه ببطء وقد أصابته نوبه إحباط وحُزن مُفاجئ أخرجه منها صوت روان الحزين: تحب تروح تشوف يحيي أخوه؟، أومأ لها فهزت ريم رأسها مُوافقة وقبل أن تتحدث وجدت المُضيفة تخبرهم أن يجلسوا فالطائرة تسير كي لا يفقد أحدهم توازنه ويسقط..

أومأت لها ريم ثم قالت لهم بهدوء: مش هينفع دلوقتي بس كده كده إحنا هنستقر في مصر أكيد هنتقابل كتير، ثم أضافت وهي تتحدث بتشوش سيطر على ملامح وجهها بعد إن تذكرت هذا: يحيي سألني عليك من فتره كان بيراجع شُغل مالك وقالي كان في شغل بينك وبين مالك لسه مخلصش وكان عايز يوصلك بس في مشاكل حصلت و إتعطل فمتهيألي إن دي صدفة حلوة عشان تتقابلوا أشوفكم في المطار، ثم ابتسمت لهم و تركتهم عائدة إلى مقعدها..

تنهد شريف بحزن وهو يجلس على مقعده من جديد فوضعت روان رأسها على كتفه وربتت على صدره بحنان تواسيه: متزعلش ياحبيبي إنت مكنتش تعرف، تأوهت بألم عندما شدت ميار شعرها جعلت شريف يضحك مع قوله بتشفي: أحسن أحسن أصلاً دي طالعة شعنونه زيك أعوذ بالله..

ضربت كتفه بتذمر ثم قبلتها بحنان مع قولها: لأ، دي ميار جميلة، ومدت سبابتها تُداعب شفتيها لتعضها بقوة جعلتها تصرخ فجذبت سبابتها من بين شفتيها سريعاً جعلتها تبكِ وهي تضرب صدر شريف بيدها بتذمر فهتف هو متذمراً: طب وأنا مالي أنا؟، نظرت له ورمشت بأهدابها المُبلله ثم نظرت إلى روان التي كانت تنظر لها باقتضاب فبصقت عليها..

شهقت روان وهي تمحي ذلك الرزاز الذي ضرب وجهها مع قولها بذهول إلى شريف الذي أبعدها عن وقع أنظارها كي لا تجن عليها: تفت عليا؟!، أومأ لها ثم قال وهو يأشر على وجهها: ذقنك، إمسحي إمسحي..
نظرت له بوجهه محتقن من الغضب ومدت يدها بضيق: هات قلله الأدب دي! ازاي أصلا تتف عليا شافت مين بيعمل كده؟

لوي شدقيه وقال بامتعاض: شريف باشا طول الأجازة بتاعته كل ما يتكلم يقولها تفي على ماما ياحبيبتي تفي على بابا يا قلبي تفي على مارال يا عيوني تربيه
ضربت كتفه بغيظ وقالت له بحده: شريف ده قلبي براحته يعمل اللي هو عايزه مش أخوها الكبير؟!
قلب عيناه بضجر وقال بسخط: طيب متزعليش لما تضربك المره الجيه بقي، وتقوليله لما يكلمك يعمل حسابه إن الأجازة الجيه هيقضيها معانا في مصر..

أومأت له وهي تبتسم ثم قبلت وجنته وأراحت رأسها على كتفه تأخذ قيلولة قصيرة فالطريق مازال طويلاً أمامهم..
أما شادي ومليكة فموسم الدراسة قد بدأ لديهم وهما الآن في المدرسة الداخلية..

يقضيان الإجازة في المنزل فيضطر يحيي وريم العودة وتقضيه الصيفية في اليونان معها في أجازتها وشريف كذلك أيضاً لكن هُناك ما تغير تلك المره وخصوصاً بعد معرفة شريف بوجود يحيي وبعدها سيعلم بوجود مليكه وأنها هُناك مع شريف رُبما سوف يصبحان صديقين ورُبما حبيبين!
كل شيء سوف يكون تحت مُسمى رُبما! لأنه ربما يحدث وربما لا يحدث! لا نعلم!

فتح عينيه بتثاقل شاعراً بذلك الثقل على صدره فزفر وصفع وجنته بخفه فأخر ما يذكره أن روتيلا هي من كانت تنام على صدره متى صعد هذا؟.

أنزله بخفة خلفه على حافة الفراش ووضع مرفقه على الوسادة وأسند رأسه على راحة يده وتأمل ألين بعشق، فكانت مستغرقة في النوم تضع رأسها على الوسادة وشعرها مُتناثر حولها وتمد ذراعها بجانبها توسدته روتيلا النائمة بعمق فهم غفو أمس بساعة مُتأخرة بسببها وبسبب بُكائها وهي تتحمم ثم بكائها وهي تجفف شعرها وبكائها وهي ترتدي ملابسها لقد كانت ليلة البكاء الليلة التي بكى فيها القمر..

ضحك وهو ينظر لها بحنان يرى كيف تنام على ذراع ألين تضم قبضتيها بجانب وجهها وتزم شفتيها بوجه مُتورد مُنذ أمس بعد بكائها و لم تُغير الوضعية هي فقط قابلة للأكل كحلوي الخطمي، قهقهة عليها ثم أمسك قدمها وظل يحدق بذلك الخلخال الذهبي الصغير الذي ترتديه حول كاحلها وهو يبتسم ولا يعلم ماغيه ألين بهذا لكنه جميل و صار أجمل بقدمها البيضاء الممتلئة، قبل باطن قدمها بحنان ليجدها تتقلب ككُتله صفراء بتلك الكنزة الصفراء الفاتحة التي كانت كفستان قصير عليها بنصف أكمام مُتكورة حول نفسها ثم دفنت رأسها بأحضان ألين وتابعت نومها دون أن تستيقظ وتبكِ..

تحرك بخفة وأبعد إيان عن حافة الفراش وسطحه بجانبهما لأنه سيسقط إن تحرك وهو لا يكف عن التحرك وكأنه يُحارب أحداً بنومه..
اغتسل وارتدى ملابسه سريعاً على عجله فهو تأخر في الأستيقاظ اليوم وذلك الجرو بالتأكيد اليوم سيكون يوم سعده بسبب تغيبه عن المدرسة، قبلهم كل واحداً قُبلة الصباح قبل ذهابه، أخذها إيان و روتيلا كل وحداً منهما على جبينه بينما ألين على شفتيها ثم شد شعر إيان بغيظ وذهب وهو يقهقه..

قضى ساعات عمله وكُل بُرهة وأخرى ينظر بالساعة وكُل مايجول بخاطره أنهم يقضون وقت مُسلي معاً من دونه وهذا ضايقة فليذهب العمل إلى الجحيم..

ترك العمل وعاد إلى المنزل، ترجل من السيارة بهدوء ليقطب حاجبيه وهو يدلف بسبب صوت الموسيقى المُرتفع بأرجاء المنزل هل سيفعل فارس الخُطبه هُنا أم ماذا؟ دلف ليسقط فكه أرضاً وهو يرى إيان يحاوط خصره بوشاح والدته ويرقص مع الموسيقي وهو يُغني: حبيبي قرب بُص وبُص بُص زعلان إزعل إزع، وصمت عندها رفعه فراس من ملابسه وقال ساخطاً بشدة: كُلنا هنزعل دلوقتي مش هو بس ايه ده؟ بنرقص يا حيلتها؟ ده أنا هعلقك جبتلي العار..

فك الوشاح عن خصره ووضعة حول رقبته ورتب خصلات شعره ثم أخذ شهيقاً طويلاً وعقد يديه أمام صدره وقال بهدوء: نعم يا بابا كُنت بتقول حاجة؟
جذبته فراس من حاشية ردائه وقال بتهكم: وحياة أمك مش عارف قولت ايه؟، هات البتاعة دي، وشد الوشاح من حول رقبته وقام بلفه على يديه: أنا هشنقك وهعلقك بيه دلوقتي، ضحك وقال مُبرراً وهو يرمش: مش لاقي حاجة أعملها و قاعد لوحدي وماما بتغسل..
سأله فراس مُتعجباً: بتغسل؟ بتغسل ايه؟

قال بهدوء وأشر على دورة المياه الخاصة بالضيوف: بتغسل الهدوء اللي كُنا لابسينها إمبارح!
تركه فراس مُتعجباً أكثر وذهب إلى هناك ليتضح له صوتها أكثر كُلما أقترب وهي تقول: إزعل اه ونص وهتبقى انت اكيد خسران، هتف وهو يدلف قبل أن يراها: لازم يكون خسران ل، إيه ده؟

ابتسمت ألين وأنزلت الثوب المشقوق على فخذها وهي تقف من أمام ذلك الطبق الكبير المُتسع البلاستيكي الممتلئ بالمياه، تقدمت منه حافية القدمين تسير على أطراف أصابعها ليتراقص الثوب مع سيرها مُبرزاً قدميها حتى شق فخذها إضافة إلى التصاقه عليها كجلد ثانِ لها..

عدلت الإيشارب على رأسها المُنسدل نصفه والذي عقدته بطريقة ريفية لونه كعينها تماماً ليرمش فراس وهو يرى ما ترتديه ليتساءل بنفسه أليس هذا ثوب المُغنية نانسي الذي ارتدته في أحد أغانيها المُصورة؟!
حاوطت خصره بنعومة ورمشت أمام وجهه وسألته وهي تزم شفتيها: ايه يا حبيبي مسهم ليه؟ مش عاجبك شكلي؟
ابتلع ريقه وهو يحدق بها وسألها بهمس: إنتِ مصاحبة نانسي ولا ايه؟

قهقهت عليه ومررت يدها على وجنته بنعونه وسألته وهي تنظر إلى شفتيه: وحش مش عاجبك؟
حاوط خصرها بقوة وهمس أمام شفتيها بحرارة: ده أنا اللي وحش والله، ضحكت وهي تسند رأسها على صدره لتهرب شهقه من بين شفتيه عندما رأى روتيلا تجلس أرضاً ترتدي مثلها تعبث بطرف ثوبها المشقوق بطفولية ثم مدت يده إلى خلهالها تعبث به فوضع يده على قلبه وقال لها بتعب: إحنا متفقناش على كده لأ..

ضحكت وسألته وهي تنظر لها بحنان: كيوت مش كده؟!
هز رأسه وقال بازدراء فهو من سيعاني بسبب هذا الجمال في المستقبل: كيوت ايه ده انا هبلعها دلوقتي، وتحرك كي يذهب لها لكن ألين جذبته من ملابسها جعلته يصطدم بها وتلامست شفيتهما ثم سألته وهي تقترب أكثر لتتغلغل رائحتها جميع حواسه وأذهبت بعقلة: رايح فين؟

قال لها وهو ينظر إلى شفتيها بجوع: هشيلها من الأرض؟، فهمست تسأله بنعومه: وهتسيبنى؟، فرد بهمس مُماثل ويدة تمُرعلى ظهرها بإغراء: مقدرش ومال يقبلها بنهم وهو يتقدم بها للأمام جعلها تلتصق بالحائط، أبعد ذلك الإيشارب الذي يعيقه ودفن يده بشعرها يُقبلها بشوق ويده أخذت طريقها إلى جسدها تعبث فوضعت يدها على يده بارتجاف توقفه وابعدت رأسها تلهث وهي تنظر له ويعلم ما ستقول فقيد يدها خلف ظهرها وهمس لها بتهدج وتهديد: مش قولتلك مرة تحترمي نفسك عشان معانا أطفال؟!

إبتسمت بمكر وجذبت إحدى يديها من خلف ظهرها و مررتها داخل شعرة بنعومه وهي تبتسم وقبل أن تتحدث تركها وقام بتفضية ذلك الطبق من المياه قلبه أرضاً ثم حمل روتيلا وقبلها بقوة ثم وضعها بالطبق وجره إلى الخارج وهتف بصوت مرتفع: إيااان تعالي خد اختك والعب بيها في الجنينه يلا، أومأ وهو يبتسم ثم أمسك الطبق وجره إلى الخارج بينما هي كانت تضحك بسعادة وهي تهتز داخل الطبق فتحركت ألين لتخرج بقلق كي لا تسقط لكن فراس دفعها إلى الداخل وهتف بتهكم: ادخلي رايحه فين، ودلف خلفها وأغلق الباب، ويمكن تخيل ما حدث بعد ذلك..

بعد عدة ساعات..
كانت تجلس على الفراش ترتدي مئزرها القطني ترفع شعرها المُبلل الذي تتساقط منه المياه بإهمال تجفف جسد روتيلا التي تبكِ بحرقة وأعين دامعة مُتورمه من كثرة البُكاء، بينما فراس كان يقف يولي ظهره إلى المرآة يُحدق بإيان باقتضاب وهو يقف يحني رأسه ووجنتيه محمرة أثر الصفعة التي تلقاها من ألين منذ دقائق فقط..

لقد لعب معها وهو يضحك بسعادة لمدة ساعتين كاملتين بخير دون أن يجعلها تبكِ، وأثناء جرة للطبق أفلته من يده فسقطت داخل المسبح وهي بداخله وهولم يتحرك بل وقف يشاهدها عاجزاً عن التصرف وقد توقف عقلة عن العمل حتى إنه نسي كونه يستطيع السباحة، لا تعلم ألين ما حدث لها بتلك اللحظة! إنقبض قلبها وشعرت بالاختناق فجأة ثم دفعت فراس الذي يترأسها بكل ما أوتيت من قوة وركضت إلى الخارج بعد أن لملمت شتات نفسها تحت تعجبه من تصرفها ظناً أنه أخطأ أو فعل شيءً ما وقد جالت برأسه آلاف الأفكارعن فعلته لكنه ركض خلفها بقلق..

سألته صارخة أين شقيقته وهي تبحث عنها بأنظارها بلهفة فأشر على المسبح بخوف ليجد صفعتها هبطت على وجنته بقوة ظناً أنه فعلها مُتقصداً بدافع الغيرة ولا تعلم كيف فعلت هذا!.

قفزت بمنتصف المسبح لتصبح المصيبة اثنتين ولم تتحرك بل غرفت معها لتتوسع أعين فراس عندما أبصرها وركض ثم قفز خلفها ورفعها من خصرها بقلق لتتجمد الدماء في عروقه وتسري البرودة في جميع أنحاء جسده عندما وجد جسد إبنته يطوف فوق المياه بوجه شاحب خالي من الحياة فحملها بيده الأخرى وهو يحدق بها بأعين زائغة وعدم تصديق فهو السبب والمسئول عن هذا، وضعها على حافة المسبح ووضع ألين التي كانت تسعل بجانبها تكمل بكائها بنحيب وقوة بعد أن رأت وجهها الشاحب فهي تشعرأن قلبها سيتوقف بأي لحظة..

صرخ بها بقوة كي تصمت و تتوقف عن النحيب فهي لن تموت، ضغط على صدرها بخفة عدة مرات لكن لا يوجد منها أي ردة فعل فأعاد الكرة مراراً وعِبراته تكاد تسقط من مقلتيه وهو يراها جثة هامدة هكذا! فوجهها المُتورد أصبح بلا لون وشفتيها الكرزية أصبحت مزرقة بقتامة كالأموات! إنتقل بيده وضغط على معدتها بخفة عدة مرات حتى سعلت بقوة وهي تتقيأ فرفعها وهو يتنفس الصعداء جعلها تجلس وربت على ظهرها حتى تسعل بقية المياه وبعد انتهائها ظلت تبكِ بحرقة وهي ترتجف فهي تكره المياه..

حملتها ألين وضمتها إلى صدرها بلهفة وهي تبكِ وتقبلها بحنان، ثم نظرت إلى إيان بلوم ولم يحتاج فراس أن يسألها ما حدث فهذا واضح أمامه وضوح الشمس، جذبه من مقدمة ملابسه بقوة أسقطة أمامه لترتطم ركبتيه بالأرض الصلبة بقوة فانكمشت ملاحمه بألم ولم يخفي هذا عليهم، رفع يده كي يصفعه بملامح جحيمية أخافته منه حقاً جعلته يخفي وجهه بيده بخوف لكن ألين أوقفته وهي تبكِ فمهما كانت صفعتها قوية فلن تكون بقوة صفعة فراس، أخبرته أنها صفعته وترجته كي يتركه وهي ترى ملامحه المذعورة لأول مرة فهي لم تتمنى أن يحدث هذا يوماً، دفعة من يده أسقطه أرضاً فنظر له بأعين دامعة وهو يضم قبضته كي لا يبكِ فصرخ به بقوة أفزعته وهو يأمره أن يقف فوقف بطاعة دون التحدث وهو يبتلع غصته ثم صرخ به مرة أخرى وأخبره أن يذهب من أمامه قبل أن يقوم ويضربه لأنه لا يطيق النظر بوجهه..

والآن..
ضمتها إلى صدرها وهي تبكِ مع قولها بأسف بعد إن ألبستها ملابس تُدفئها: آسفة يا حبيبتي مش هسيبك تانى مش هسيبك، وظلت تربت على ظهرها بحنان حتى هدأت وتوقفت إنتفاضة جسدها وانتظمت أنفاسها وغفيت من كثرة البكاء..

سطحتها على الفراش ثم دثرتها بالغطاء وهي معها وظلت تربت على صدرها صعوداً ونزولاً برقة وهي تنظر لها بحزن وألم وتساقطت عِبراتها من جديد فإن لم تدفع فراس عنها ماذا كان سيحدث؟ إن لم يتركها وأصر على بقائها كانت ابنتها ستكون بخبر كان الآن!.

رفع إيان رأسه ونظر إلى فراس بحزن فتجاهلة وترك الغرفة وذهب إلى الأسفل، نظر إلى الفراش وتقدم وهو يسير ببطء فركبتيه تؤلمانه بشدة، دثر نفسه داخل الغطاء ثم نظر إلى ألين التي كانت تغلق عينها بحزن، ربت على صدر روتيلا بحنان ثم قبل جبهتها ووضع رأسه بجانب رأسها وغفي..

فتحت ألين عينها بعد إن تأكدت من نومه ثم مدت يدها تُربت على وجنته المُلتهبه بحزن فهي نادمه حقاً ثم ربتت على صدره بأسف فهو نام كثيراً اليوم ولا ينام مُجدداً لكن حُزنه من يجعله ينام جميعهم هكذا يهربون من الواقع بالنوم مثلما فعلت وغفيت هي الأخرى معهما..

فتح عينه بتثاقل، رفع هاتفه يرى الساعة ليجد أن الليل قد حل وأمامه ساعتين فقط ويبدأ صوت الطلقات النارية فالمبني لا يفتح سوى يومين فقط في الأسبوع يومين أصبح يكرههم ويكره إتيانهم يومين يقضيهم بأعصاب تالفة مُراقباً تحركاتهم بأرجاء المنزل طوال الوقت حتى لا يحدث شيءً..

والآن يريد أن يجهزوا في تلك الساعتين كي يذهبوا قبل ذلك الصوت الذي يرعبهم، فحقاً إلى الآن مازال يتعجب ويفكر ماذا يصطادون لا يعلم؟ فهنا لا يوجد حيوانات مُتوحشه ولا أي شيء آخر! رُبما لم يكن ليتعجب إن كانت مدرسة لتعليم الصيد فهذا موقع جيد وفارغ للتعلم إن لم يكونوا هُنا بالطبع! لكن هي للصيد أي صيد هذا؟

رُبما لم يعلم ولم يُفكر بهذا إعتباراً أن كُل شيء إضافة إلى مشكلاتهم قد إنتهى! حسناً مالا يعرفة أن هذا المبني بُني خصيصاً من أجله! من أجل إصطياد أحدهم من هذا المنزل! والصائد هو من سوف يختار فريسته فهو إنتظر كثيراً ويتوق إلى هذه اللحظة مُنذ زمن..
صعد وارتدى ملابسه هو أولاً وهو ينظر إلى ثلاثتهم من المرآة كيف ينامون بهدوء فهم كثيرون النوم..

أيقظ ألين بخفه وأخبرها أن تستيقظ كي ترتدي ملابسها وتتجهز من أجل الذهاب لخطبة شقيقه فحقاً هذا يوم سيء..
قامت بتجهيز روتيلا أولاً وهي نائمه، ثم أيقظت إيان بهدوء جعلته يذهب للأغتسال ثم عاد وساعدته بارتداء ملابسه شبيه الخاصة بفراس دون أن تمزح معه ولم تدغدغه مثل كل مرة ولم تبتسم حتى..

أمرته أن يرتدي حذائه ثم دلفت إلى دورة المياه تغتسل ثم ارتدت فستانها الهفهاف ذات الطبقات المُبطن بعدة طبقات أخرى وفوقه طبقة من التُل بحمالتين عريضة ينقسم إلى لونين أسود من الأعالي حتى بداية من الخصر ومن الأسفل لونه كريمي يميل إلى الاصفرار الهادئ ووقفت تجفف شعرها في الداخل..

تقلبت في الفراش بانزعاج ثم انتصبت جالسه وهي ترمش مُحدقة بفستانها المُنتفخ عليها شبيه الخاص بوالدتها باستفهام فماذا حدث ومتى إرتدت هذا؟.

تحركت وتركت الفراش وهي تسير بترنح فابتسم فراس ومد يده يحثها على التقدم وهو يشجعها على السير فضحكت وركضت له وهي تترنح يميناً ويساراً حتى أمسكت قدمه من الأسفل وهي تضحك بسعادة فمال وحملها برقة وقبلها بحنان وهو يضمها ليقع نظره على حذائها الصغير الموضوع أسفل الفراش فأخذته خطواته إليه وحمله ثم أجلسها على المقعد أمام المرآة ورفع قدمها وهو يبتسم ثم ألبسها الحذاء فضحكت وهي تمسك مقدمة شعره فرفع رأسه وهو يضحك فمدت سبابتها إلى عيناه تريد إدخاله بها فعضها بخفه وتركه لترمش وهي تحدق بأناملها لا تفهم ما حدث، نظرت له ببراءة لتجده يضحك فزمت شفتيها وصفعته وهي تصرخ مع قولها شيء بغمغمة طفولية لم يفهم منها شيء..

بينما إيان كان يقف بنفس مكانه لم يتحرك يقف يحني رأسه صامتاً، خرجت ألين من دورة المياه ليغلق عينه مُستنشقاً رائحتها التي تذهب عقلة بانتشاء بعد أن انتشرت بأرجاء الغرفة..
تحرك كي يلتفت لكنه وجدها تتوقف بجانبه أمام المرآة كي تصفف شعرها فنظر إلى زيها بعدم رضي ثم إلى ساعته فيجب أن يذهبوا الآن..

أخذت أشيائها الخاصة بتصفيف الشعر وجلست على الفراش غير مُتجاهله توتره واستعجاله كي يذهبوا فقضمت شفتيها بغضب بينما هو في تلك الثانية حرك شفتيه كي يستعجلها لكنها تحدثت بانفعال تسأله: مالك مستعجل ليه؟ عايزنا نمشي قبل ما تفتح صح؟ وانت ايه اللي جابرك على كده؟!
قال لها بهدوء لا يناسب ثورانها بتاتاً: قولتلك مره ممكن نمشي ورفضتي!

قبضت على شعرها بقوة وقالت بعصبيه: ونمشي ليه من بيتنا وإحنا جينا قبلهم ليه؟، ظل ينظر لها ولم يرد عليها فصرخت به وبكت وهي تتحدث بحرقة: والله العظيم يا فراس إنت لو ما تصرفتش في الموضوع ده هاخد ولادي وهسيبلك البيت أنا مش هستنى لما حد منهم يحصلوا حاجة و أتفرج عليه وهو بيموت بين إيديا عشان وصلنا المستشفى متأخر! أنا أعصابي تعبت ومش هستحمل أكتر إنت فاهم؟.

سألها باقتضاب وبأكثر نبرة باردة حملها يوماً: خلصتي؟ يلا عشان منتأخرش، وحمل روتيلا وأخذها وذهب الى الأسفل..
جلست على الفراش تبكِ بحرقة وهي تضع رأسها بين راحة يديها فتحرك إيان وهو ينظر لها بحزن يُريد أن يُعانقها ويُربت على ظهرها بحنان كي تهدأ لكنه توقف عن الإقتراب خوفاً من أن تصفعه من جديد، فركض إلى الأسفل واستقل السيارة جالساً في المقعد الخلفي يحدق من النافذة بحزن فاليوم سيء حقاً..

مر بعض الوقت ليجدها تأتي من الداخل واستقلت السيارة وجلست في المقعد الأمامي بجانبه تضع وشاح على كتفيها العاريين و لا يوجد أثر بوجهها سوى أثر البُكاء فلم تضع شيء ولم تصفف شعرها حتى، مدت يدها تأخذ روتيلا من أحضانه لكنها صرخت وتشبثت به فتركتها وأسندت رأسها على النافذة بينما هو وضعها على قدميه وهو يبتسم لها ثم حاوط جسدها بيد وبالأخرى بدأ القيادة بهدوء وصمت كئيب سيطر على الأجواء خلافاً إلى ضحكاتهم السعيدة ومزحاتهم التي من المفترض أن تملأ الأجواء مثل كل يوم..

صاح بضيق يُحدث ذلك الرجل من النافذة الذي يعلق أفرع النور: ليه كل الفرح ده؟ أنا قولت فرعين وكمان من أبو لمبه و لمبه واحده شغاله وواحده بايظه هي فقر وكده كفايه عليها! ايه يا ماما الحفلة دي بقي مش فرح أمها هو؟!

ضربته هالة التي غزا الشيب خصلات شعرها أظهرها بصورة أجمل وأكثر وقاراً بكتفه بغضب وقالت مُستنكرة تصرفاته: احترم نفسك بقى مش كفاية مخلتناش نعملها في فندق كمان مش عايز تزين الجنينة ده ايه العفانه دي؟
هز رأسه موافقاً وقال بضجر: ولسه ده أنا هدفعها ثمن السنتين دول، كان زماني دلوقتي مخلف لأ ولسه على البارد هو الثاني مش عايز يكتب الكتاب اتعرفوا على بعض الاول كانت معرفة خرا..

زفرت ثم حثته على الإسراع: طيب خلص عشان تجيبها من الكُوافير..
رفع زاوية شفتيه بسخرية وسألها: مين اللي وداها كُوافير ومين سمح لها أصلاً؟

تنهدت هالة بتعب بسبب تذمره فهي حفظت تلك الأقوال منه حفظتها، شهقت بسعادة عندما رأت فراس يتقدم مع ألين، فتحت يدها على مصراعيها عندما وجدت إيان يركض لها مع قولها بسعادة: حبايب تيتة وصلوا، عانق إيان خصرها بقوة وهي تقف حسب ما وصل طولة ثم إنفجر باكياً فهو كتم هذا لوقتٍ طويل إختفت إبتسامتها وسألت فراس بقلق: في ايه عملتله ايه؟، لم يرد عليها بل نظر له باقتضاب بينما ألين أغرورت عيناها بالدموع وهي تنظر إليه كيف يبكِ ثم إنفجرت باكية هي الأخرى وجلست على الأريكة تشهق كالأطفال نظرت لهما روتيلا ثم إلى والدها وهي تزم شفتيها وكأنها تسأله ما يحدث ثم انفجرت باكية معهما هي الأخرى فوضعها فراس على الأريكة بجانب والدتها وخرج من المنزل لأنه يشعر بالاختناق..

نظر فارس إليهم بالترتيب ثم إلى والدته التي لا تعرف من تُواسي أولاً وقال بقهر: مش قولتلك فقر؟ و التاني جيبهم يعيطوا هنا ناقصة هي، وخرج خلفه كي يعلم مايحدث ولما هذا البكاء فهذا نادر!

جلست هاله وضمته إلى صدرها وهي تسأله بحنان: حصل ايه يا حبيبي بتعيط ليه، إهدي متعيطش إهدي، في ايه يا ألين ما لكم؟، هزت رأسها ولم تتحدث ثم حملت روتيلا ووضعتها بأحضانها وقامت بمسح عِبراتها بأنامل مرتجفة ثم ظلت تربت على ظهرها حتى تهدأ فما دخلها هي ببكائهم؟

صوت الموسيقى المرتفع يصدح في الحديقة الإضاءات المُهتزة كما في الملهي الليلي تجعل الجميع يرمش بتشوش، هُناك مجموعة تقف وتتحدث ومجموعة أخرى يجلسون على الطاولة يتبادلون أطراف الحديث ومجموعة أخرى تتبادل المزحات وأخرى تُقيم المكان من حولها وتنتقد الجميع
وها هي طاولتهم الخاصة التي طوقتها الكآبة كأنهم يجلسون بدائرة وحدهم خاصة بالكآبة مُنفصلين عن البقية!

زفر جود ولكز ألين بذراعها وقال بضيق: في ايه؟ مالكم كده حد ضاربكم بالشبشب ولا ايه؟
لم ترد عليه بل ظلت شاردة وهي تربت على صدر روتيلا بخفة بينما فراس كان يجلس بجانبها بعالمٍ أخر شارداً هو الأخر فضرب جود قبضته على الطاولة بضيق جعلهم يلتفتون له: في ايه بقي النكد ده؟ قوموا ارقصوا يلا..
لم يرد أحداً عليه فنزع الوشاح عن كتفي ألين وقال إلى فراس: ما لكم في ايه فرفشوا كده!
قال له فراس بهدوء: قوم ارقص انت..

هز رأسه بضيق وأخذ روتيلا ووضعها بين يديه وأمسك يد ألين وسحبها خلفه دون أن يستمع إلى اعتراضها وقال له كي يغيظة: ما انا هرقص فعلاً خليك قاعد، نظر لهم بطرف عينه بضيق ثم التقط الوشاح ووضعه حوله رقبته ثم وضع طرفه على أنفه يستنشقه ليجد روتيلا وضعت طرفه الآخر على وجهها ثم أبعدته وهي تصرخ بقوة كي تُخيفة فابتسم وقلدها لتنفجر ضحكاً بسعادة وظل يُلاعبها و يضحك معها وعقلة شارداً في ذلك النائم في الداخل ولم يستيقظ بعد..

هتف بضجر وهو ينظر إلى وجهها: مين اللي لعب في وشك وشطبه كده؟ هو انتِ شقة؟
تجاهلته وهي تدحجه بنظرات غاضبه ثم تركت مسافة بينهما وألصقت نفسها بجانب النافذة وهي تسبه بسرها وكم تتمنى أن تقتلع تفاحة آدم تلك التي لا تتوقف عن الحركة بسبب كلماته السامة للبدن..
قال يوسف الذي كان يجلس في المُقدمة بجانب السائق: والله يا عمو فارس قولتلها إنها أحلى من غير حاجة لكن هي مقتنعتش!

هز رأسه بأسف ثم نظر لها يريد حقاً أن يبصق عليها تلك شبيهه الدُمية البلاستيكية لما فعلت هذا؟ ولما فستانها ضيق لتلك الدرجة؟ مابها الفساتين الواسعة الهفهافة فألين ترتدي واحداً!، تنهد ومرر يده على وجهه بنفاذ صبر من نفسه ومن تلك المشاعر التي يُجاهد كي يوقفها عن التفاقم بداخله أكثر من هذا!.

حسناً فالحقيقة حقيقة ولم يتغير شيء؟ بمعنى أن تلك الدراما الهزيلة التي يقوم بتمثيلها مع مها سوف يعلق بها بقية حياته لأنه لم يُحبها يوماً ولن يفعل؟ هي لا تروقه! ولن تروقه مهما حيي، بقائه بمنزل وائل أول مرة هو من فعل به هذا! فعندما قص عليه وائل قصه فراس وألين وجميع ما حدث وما واجهه شقيقة وحده حزِن عليه بالرغم من تخطيطه لتخريب حياته عند عودته وبعد الحقد الذي ملأ قلبه حزِن عليه وتراجع عن كُل شيء لا يحق له أن يفعل هذا فهو ليس مسؤولاً عما حدث له بأي وجه من الوجوه! حتى إن فرقهم لن يحصل عليها فهي لا تحبه وما جعله يتأكد أكثر انها لن تنظر بوجهه عندما علم أنها تعشقه مُنذ صِغرها، لقد كان حياً و إختارت شقيقة فلا فُرصة لديه! رُبما خطأه الوحيد أنه لم يذهب نفس المدرسة مع شقيقه..

والآن لا يُوجد برأسه سوى شيئين التخلص من عشقه لها وتخليص مها من ذلك العشق هي الأخرى فلا فرصة أمامهما لكن هذا لن يحدث من ليلة وضحاها ولا من تلك المسافة التي بينهم! رُبما تملك شخصية مُزعجة ولا تروقه لكنها في المقابل تملك جسد منحوت وقوام ممشوق رُبما يعوضه عن تلك التضحية! هذا هو هدفه إبعادها عن شقيقة إضافة إلى التسلية فهو لاينكر أنها تُعجبه في بعض الأحيان لكن إعجابه بها لا يتخطى حدود جسدها فقط ليس وكأنها تملك قلباً نقياً وشخصيه رائعة أو ماشابه لا فهي مُنفرة!

أما هي لم تكن تلك المظلومة البريئه قليلة الحيلة؟ بل تملك دوراً كبيراً بتلك الدراما الخادعة وخطتهم الماكرة التي يحيكها كل واحداً منهما خلف ظهر الأخر هو وسيم وله جاذبية الخاصة كشقيقة تماماً ولم تنكر هذا لكن ليس هو من أحبته! فالأمر شبيه لشخصٍ تمتلك والدته شقيقة توأم مُجرمة فماتت والدته هل سيجعل من المُجرمة والدته؟ حتى إن كانت تُعامله بطريقة مُختلفة؟ هل ستكون مثلها تماماً بالنسبةِ له؟ لا لن يحدث وهذا مايحدث هُنا لا تستطيع أن تُحب هذا حتى بعد إن رأته طبيباً! فهو تهيأ بذلك ليكون زوجها ولم يتهيأ ليصل إلى ذلك المستوى الذي يجعله يمتلك قلبها!.

هو بالنسبةِ لها ليس سوى جسر سوف تمر عليه كي تصل إلى فراس فهي ستقترب منه أكثر عندما تصبح زوجة شقيقه فكل ما يجعلها صابره كونه يشبهه وتري فراس بوجهه ليس أكثر ولا أقل وسيظل هذا سِرها ونواياها الخبيثة التي لن تخبر بها أحداً ولن تتحدث بها مع نفسها حتى..

أخرجها من شرودها صوته الممتعض يخبرها أن تخرج فزفر وترجلت من السيارة ثم وضعت يدها بين يديه واتجها إلى الداخل، انهال عليهما وابلاً من عِبارات التهاني والسعادة وبعض الإبتسامات المُتصنعة و الحسودة وغيرها السعيدة المُحبه وقضي الأمر وإرتدت خاتم خطبتها فهي لم تقبل بدبله كالفتيات كان يُجب عليه أن يجلب لها خاتماً مُشابه إلى الذي ترتديه هدية والدها فهي لا تخلعه وعندما خلعته حل هذا محل الآخر ويشك أنها ستلقى بخاتم والدها من أجل خاتمة...

والآن يتراقصان بمنتصف الحديقة فكان يحاوط خصرها بقوة وهي تُطوق رقبته وتكاد تغرز أظافرها بلحمه من الغيظ منه ومن تصرفاته فكانت تنظر له بابتسامة رقيقة بينما بداخلها تسبة بأبشع الألفاظ وتنعته بأبشع النعوت وتدعو أن يذهب إلى الجحيم ويحترق دون عودة..

أما هو فكان يبتسم لها ابتسامة بالكاد خرجت من بين شفتيه فقط من أجل والدته التي كانت تُراقبهما و بداخل رأسه قتلها وضرب رأسها هشمها بالحائط ألاف المرات فكم يشتهي فعل هذا برغبه كرغبته بأحد الأشياء التي لا يستغني عنها الرجل في الحياة ؛ رُبما كحاجته لزوجه عوضاً عن فعل المحرمات فرغبته شديدة لتلك الدرجة كفراس عندما تغريه ألين ولا يستطيع الإبتعاد ؛ فليُصبره الله عليها كي لا يتم زجه بالسجن في وقتٍ قريب بتهمة قتل رجل خطيبتهُ المُستفزة..

إستيقظ إيان من نومه ليجد نفسه وحده بغرفة والده، وقف وقام بغسل وجهه ثم اتجه إلى الأسفل..
وقف في الحديقة يبحث عنها بعينه ليبتسم عندما وجدها تقف وحدها فهرول اتجاهها بسعادة لم تكتمل عندما تشاجرت معه وتركته وركضت إلى يوسف لا يعلم ماذا يحدث لكنه يشعر أن الجميع ضده اليوم، تحرك وركض خلف المنزل كي يظل وحده ؛ كان هذا تحت أنظار فراس الذي تنهد وأخذ روتيلا وذهب خلفه بقلق..

كان يجلس على العشب يسند ظهره على الجدار يُحدق أمامه بصمت وكأن تلك الشجرة ستتحرك بعد قليل..
جلس فراس بجانبه ثم ضرب كتفه بكتفه بخفه وسأله: مالك؟
رفع رأسه ونظر له بأعين دامعة ثم رفع ذراع فراس وأدخل جسده من تحته ودثر نفسه بأحضانه وأسند رأسه على صدره وقال مُبتلعاً غصته: مليش، ثم إنفجر باكياً يشهق بقوة دون توقف..

مسح فراس على رأسه بحنان وتركه يبكِ ويخرج ما يجيش بصدره من حزنٍ بسببهِ حتى وجد روتيلا تميل من يده ووضعت راحة يدها الناعمة الرقيقة على وجنه إيان جعلته يرفع رأسه ونظر لها ثم قال إلى فراس بحرقة وتقطع: على، على، فكره، أنا، أنا، موقعتهاش الطبق، هو، هو، اللي فلت من ايدي أنا والله بحبها ومش بغير زي ما إنت فاكر إنت وماما أنا بس بحب ارخم عليها..

نظرت روتيلا إلى فراس وهي تزم شفتيها وأدمعت عينيها فمد يده كي يربت على وجنتها لكنها صرخت به ولوحت بيديها صفعته، تنهد ونظر لهما معاً فلقد تم صفعه من قبلهم كثيراً، تحركت بين يديه بقوة وهي تصرخ تُريد الوصول إلى إيان فوضعها على قدمه لتصمت ثم محي عبرات إيان وقال له بحنان: خلاص حصل خير متعيطش مش عارف ان انا مش بحب أشوفك بتعيط؟!، أومأ له وهو يحاوط خصر روتيلا وقال وهو يشهق: انت زعقتلي جامد ووقعتني على ركبتي و ركبتي بتوجعني دلوقتي، عانقه فراس بحنان وقال متأسفاً وهو يقبل رأسه ويده تمسد ركبتيه: حقك عليا متزعلش مني كنت خايف على اختك مش من حقي؟

هز رأسه موافقا وازداد بكاؤه وقال بحرقة: أقلق بس أنا مليش ذنب موقعتهاش، ربت على صدره وهو يبتسم: خلاص، متزعلش أنا آسف يا سيدي خلاص بقي..
أومأ وهو يزم شفتيه وقال بحزن: هصالحك لما تجيبلي الكلب اللي أنا عايزه..
تنهد وقال وهو يمسد جبهته بسبب الحمى التي بدأت تزحف إلى جسده: ياحبيبي أجبهولك منين أنا بالمواصفات دي!
تنهد بحزن ومحي دموعه وقال بعد إن فكر قليلاً: خلاص أوعدني انك هتحاول وهتدورلي عليه.

هز رأسه موافقاً ووعده: حاضر، وعد هدورلك عليه وهشوف بيتجاب منين ده، حاجة تاني؟!، هز رأسه نفياً وظل صامتاً وأسند ظهره على الجدار مُجدداً وأراح رأس روتيلا على صدره بحنان بعد أن أخرج قدمها من فمها ثم سأل فراس: فين الجزمة بتاعتها؟
هز رأسه بعدم معرفة وأسند رأسه على الحائط خلفه وأغمض عينيه قليلا ليفتحها فجأه ثم سأله: هي جنات كانت بتزعقلك؟

تبدلت ملامحه إلى الحزن وقال بعبوس: زعلانه عشان مرحتش المدرسة النهارده وقعدت لوحدها طول اليوم و يوسف وفادي في فصل تاني مش معانا عشان كده زعلانه..
تنهد فراس وسأله بامتعاض: وده سبب يزعلك برضه؟ طب ازعل على حاجة تستاهل طيب؟!
نظر له إيان بلوم وسأله: انت ليه مش بتحبها يا بابا؟

ربت فراس على شعره بحنان وقال: ومين قلك اني مش بحبها؟ لا بحبها زيك بالظبط بس مش مريحاني معرفش ليه انا حُر بقي! وخليك عارف وفاهم انت كبرت دلوقتى هتفهم اللي أنا هقولهولك، أومأ له ليتابع فراس بهدوء: اللي يسيبك ويتخلى عنك سيبه ومتسألش عليه ولا تفكر لحظه إنك ترجعه حياتك تاني فاهم؟ عشان اللي يسيبك مرة هيسيبك اثنين وثلاثة وأربعة متبقاش عبيط وحد يضحك عليك فهمت؟، أومأ له وظل عابساً ليقرص فراس وجنته وقال وهو يبتسم: متزعلش نفسك إنت بس بكره لما تكبر هعلمك وهخليك بالغمزة تجيب خمسة، إبتسم وسأله بأعين براقة: بجد يا بابا؟

أومأ وهو يبتسم: طبعاً يا عيون بابا واول واحده تشوطها البت جنات دي خليك مع على هيجيب بنوته أموره هجوزهالك ومش هتندم؟
هز رأسه نفياً وقال بخفوت: بس أنا هتجوز جنات..
لوي فراس شدقيه وقال بامتعاض: اتجوزها يا خويا اتجوزها..
كان يحدق بهاتفه وهو يبحث عنها بعيناه رُبما تأتي فهي ذهبت إلى دورة المياه مع فادي وإلى الآن لم تعد، وجد من يربت على كتفه بخفة فاستدار متعجباً ليبتسم بسعادة وهو يقول بعدم تصديق: سجى!

عانقته وهي تضحك بسعادة وسألته بحنان: عامل ايه ياحبيبي؟ ولارا عاملة ايه؟ وفادي! فين فادي؟
إبتسم وهو يفصل العناق ثم قال لها بهدوء وهو يقرص وجنتها بخفه: كُلنا كويسين الحمد الله فادي في الحمام وزمانه جي دلوقتي متقلقيش، أومأت وجلست بجانبه وقامت بتحيه الجميع عدي جود وألين وفراس..
سألها وهو يُربت على شعرها: فين فؤاد؟

تنهدت بضيق وقالت له بحزن: شدينا مع بعض في المطار وروح، وكان سبب الشجار هو تذمرها وتفكيرها فيما ستفعل من أجل أن تتفادي الشجار مع فادي وحِدته ولم يكن لفؤاد سوي صراخه عليها و إخبارها بكل صدق أنها تستحق لأنها من فضلت العمل عليه فلا تحزن و تشتكي الآن من نفوره منها فهو طلب منها أكثر من مرة أن تترك العمل من أجله لكنها رفضت وطلبت من فادي العيش معها في الخارج وقد ذهب لكنه لم يكمل شهراً وتركهم وعاد فهو يبقي وحده هُناك أيضاً وعندما تعود من العمل يكون قد نام ولا يراها فما الفائده من وجوده إذاً!

عادت وهي تسير معه مبتسمه تُبعثر شعره بمشاكسة لتختفي ابتسامتها بالتدريج عندما رأت سجى تجلس مع نادر..
عاد فراس وهو يسير بجانب إيان يُراقب يده جيداً كي لا تسقط منه روتيلا ليجد جود أمسك مرفقة ودفعة إلى ألين وأخذ هو روتيلا من يد إيان ورفعها إلى الأعلى جعلها تبكِ من الخوف فقهقه عليها ثم قبل وجنتها بقوة مُصدراً صوتاً ثم أمسك يد إيان واخذه وذهب..

حاوط خصرها بهدوء لتطوق هي عنقه وهي تنظر له لكنه نظر بالجهة الأخرى فرفعت أناملها وأمسكت فكه وأدارته كي ينظر لها وقالت بحزن: أنا آسفة كُنت مضايقة ومش عارفة بقول اي، وصمتت عندما عانقتها بقوة ودفن رأسها بحنايا رقبتها ولم يتحدث ولا يُريد التحدث يُريد عناقها فقط حاوطته وهي تُقبل رأسه بحنان ويدها تمر على ظهره برقة تحت أنظار مها التي كانت تراقص فارس بجانبهم وترمقهما بطرف عينها كل بُرهة وأخرى..

ربتت لارا على كتفه تحثه على التقدم عوضاً عن تصلبه هكذا: ايه يا فادي يا حبيبي مش هتسلم على ماما ولا ايه؟
رفع نظره إلى لارا وعلامات الرفض بينه على وجهه وتكاد عينه تنطق وتخبرها بنفوره منها، فابتسمت لارا بتذبذب و دفعته إلى الأمام وهي تقول ببعض الحزم: في ايه يا فادي سلم على ماما؟!

هز رأسه نفياً وقال بضيق وهو يتجاهل النظر لها فطر قلبها: لأ مش هسلم عليها مش عايز أشوفها، أدمعت أعين سجى وهي تنظر له فربتت لارا على شعره وطلبت برجاء: فادي يا حبيبي مينفعش كده دي ماما!

صرخ بوجهها وقال برفض: لأ مش ماما إنتِ إللي ماما، أدمعت عيناها هي الأخرى وصمتت لتصرخ بها سجى بقهر وهي تبكِ: كل ده بسببك كِرهني بسببك ومش عايزني بسببك، وتابعت بقسوة جعلتها تحني رأسها بانكسار: مش عشان مبتخلفيش تاخدي حاجة مش حقك فاهمة؟.
وكأن الموسيقى توقفت مع قولها هذا وصمت الجميع لتصدح تلك الجملة بصوت مرتفع رنان لتسود أعين نادر بغضب وهب واقفاً وأمسك ذراعها بعنف وسألها بحدة: ومين قالك إنها مبتخلفش؟

نظرت له ببرود وتعلم أن ماتفعله خطأ لكنها تشتعل من الغضب والقهر ينهشها ولن تصمت عن هذا فقالت بحدة مُماثلة: إنت اللي قولتلي وخلاص عملت العمليه وبقت كويسة مش ذنبي بقي إن خلفتكم إتأخرت فتقوموا تاخدوا إبني إنت فاهم؟

ابتلعت غصتها مُحاولة ألا تبكِ من الذُل والحرج والخجل من نفسها قبل حديثها فهي أعادت لها شعورها بالنقص والتقصير بحق نادر بعد أن تكيفت معه فهذا الشعور لا تستطيع أن تحيي به لأكثر من هذا لقد تعبت حقا..

دفعها نادر من يده لترتد إلى الخلف مع قوله بوجوم وبُغض: مكنتش أعرف إنك كده؟ ابنك عندك ومن النهاردة إنتِ ملكيش إخوات، واستدار وجذب لارا من يدها بقوة أوقفها عن مقعدها وهتف بغضب: يلاااا. سار بخطوات شبه راكضة وهو يجرها خلفه فكادت تسقط على وجهها أكثر من مرة خلفه وهي تبكِ..

جثت أمامه وهي تبكِ وترجته بحرقة: فادي أنا أمك يا حبيبي مش هي، وأمسكت يده تقبلها لكنه صفع يدها بعنف وركض خلف نادر بأعين دامعة وأمسك يده لكنه دفعه بعنف إلى الخلف وصرخ به جعله يبكِ: عايز إيه؟ ملكش مكان معانا تاني من النهارده إمشي، وتابع سيره وقبضته تشدد على معصم لارا أكثر وقد فُطر قبلها وهي تراقب فادي..
عاد راكضاً إلى سجى فابتسمت وظنت أنه عائداً لها.

ففتحت يديها على مصراعيها لتختفي إبتسامتها عندما صرخ بوجهها بقوة وقهر وهو يبكِ: أنا بكرهك بكرهك، وركض عائداً إلى نادر مُجدداً..
تحدث إيان بحزن يخبر جود وهو يراقب فادي الراكض خلفهما: طنط سجى دي وحش، وضع جود يده على فمه كي يصمت وهو ينظر له بتحذير كي لا تنفلت منه كلمه هكذا او هكذا..

صفع باب السيارة بقوة جعلها تنتفض وهي تبكِ ثم استقل السيارة وأدار المقود بعصبيه بعد أن أضاء مصابيح السيارة الأمامية ليجد فادي يقف أمامها مفتوراً من البُكاء وجسده ينتفض جعله يشفق عليه فضرب مقود السيارة بغضب عدت ضربات مُتتاليه وصرخ غاضباً على لارا: أنا مش قولتلك مينفعش يحصل كل ده مش قولتلك مينفعش تتعلقي بيه بالطريقة دي؟ مش قولت؟ عاجبك كده؟ عاجبك اللي حصل؟

دفنت وجهها بين راحة يدها وهي تشهق بحرقة ثم قالت له بندم: أنا، أنا، أنا، آسفة كله بسب، صرخ بها بعنف: بتتأسفي ليه أنا زعلان عليكِ إنتِ أنا مقبلش إن حد يهينك كده مقدرش استحمل!
هزت رأسها بنفي وقالت: لأ دي مش إهانه دي حاجة لازم أتعود عليها و أواجهها مش زعلانة وإنت متزعلش نفسك عشان خاطري متحسسنيش بالذنب بالله عليك..
ضم قبضته بقوة حتى إبيضت عروقه وهو ينظر لها بتهجم لكنه صمت يكفي بكائها عليه يكفي...

أخرج رأسه من النافذة وصرخ به بعصبيه: إدخل جوا ايه اللي مخرجك بره إدخل، ركض وتقدم من السيارة أكثر ووقف بجانب نافذة لارا وحاول فتح باب السيارة لكن نادر أغلقه من الداخل فضرب النافذة بقبضته وهو يبكِ أكثر ضارباً قدمه بالأرض فهزت لارا رأسها بألم وترجت نادر: إفتح يا نادر إفتحله عشان خاطري..
هز رأسه نفياً وقال ببرود: مش فاتح ولازم تخرجيه من دماغك وتنسيه فاهمة ولا كأنك ربتيه..

أومأت وأمسكت يده وهتفت برجاء: والله هعمل كده وهسيبه وهقنعه يرجع لسجى كمان بس إفتحله قلبي بيوجعني ومش قادرة اشوفه كده إفتحله حرام عليك!
ضغط الزر من الداخل لتفتحه سريعاً فاندفع إلى الداخل وقفز على قدمها ودفن رأسه بصدرها وهو يبكِ بحرقة، حاوطته بقوة وهي تبكِ معه وربتت على ظهره بحنان مُستمرة بتحريك يدها على ظهره بسرعة كي يهدأ ويتوقف عن البُكاء، زفر نادر وأدار المقود وتحرك من هنا عائداً إلى المنزل..

انتهى حفل الخطوبة ولم تكن أجوائها جميلة كما ظن الجميع فجميعهم عادوا إلى منازلهم عدي فراس عابسين وخصوصاً من أخر ما حصل ورؤيه فادي مُنهاراً هكذا! فالجميع حذرها من قبل لكنها لم تستمع، عادت إلى المنزل بسيارة أجرة ولم تتوقف عن البُكاء قط..

أنهى تبديل ثيابه بوهن شاعراً بالحرارة تهبط على عيناه بالكاد كان يفتحها! نظر إلى الفراش وضحك وهو يُراقب إيان الجالس و يرفع بنطاله حتى فخذيه وألين تجلس مُقابلة تُدلك ركبتيه بحنان وهي تُمازحه كل بُرهة وأخري يبدو أنها صالحته، بينما روتيلا كانت تشاركهم وتجلس بجانب ألين تمسك بيدها الأنبوب الذي تأخذ منه ألين وتضعه على ركبتيه بكل هدوء تُراقب حركاتها وعينها تتجول على كل شيء باستفهام..

إنتهت ألين وهي تبتسم ثم قبلته بحنان وأنزلت بنطاله و دثرته تحت الغطاء ثم حملت روتيلا لتولح بقدمها في الهواء فابتسمت لها وقبلتها هي الأخرى ثم وضعتها بأحضان إيان تحت الغطاء وقالت بابتسامة: يلا ناموا بقي تصبحوا على خير، وقفت كي تُبدل فُستانها فنادها فراس بهدوء فتقدم منه ووقفت أمامه تنتظر قوله..

سألها وهو يضرب ذراعيها العاريين براحة يديه كأنه يُرحب بها بحرارة: ايه ده؟ هو عشان أنا بسكت ومش بتكلم هنسوء فيها بقي ولا ايه؟، ضحكت و حركت شفتيها كي تُبرر له لكنه أعاد ضربها مجدداً جعلها تتذمر: يا فراس ايدك بتلسع بقي الله، أعاد ضربها وهو يسألها بحماقة: بجد؟، لوحت بيدها بضيق وهي تعود إلى الخلف لكنها عادت أمامه مجدداً ورفعت نفسها قليلاً جعلته يرمش بتعجب ثم وضعت شفتيها على جبهته تتحسس حرارته ثم قالت بقلق: انت سُخن يا فراس؟!

إبتسم بعبث وحاوط خصرها وسألها بخبث: هي الحرارة بتتقاس كده برضه؟، أومأت ببراءة لتجده يميل على شفتيها فأوقفته باستفهام: ايه عايز ايه؟
قال بخبث: هقيسلك الحرارة في مانع؟

هزت رأسها بنفي وهي تبتسم ليميل عليها أكثر لكن حمحمته الطفولية أفاقتهُ فزفر وابتعد عنها ونظر له بسخط لم يكتمل عندما جذبته ألين من يده وسطحته بجانب أطفاله وحدثته بحزم كطفلاً ثالثاً لها: خليك هنا هجبلك برشام من ماما بسرعة وجيه، وتركت الغرفة وهي تسير بسرعة لتصطدم بصدر فارس عن طريق الخطأ وهو يسير يتحدث في الهاتف بضجر يبدو أنها مها و تُريد ترتيب موعد كي يخرجوا أربعتهم معاً يعني فراس وألين..

إبتعد إلى الخلف وهو يرفع يديه باستلام وكأن أحداً يرفع أمامه مسدس يُهدده به ثم إبتسم لها بهدوء بمعنى أنه لا بأس وتابع طريقة إلى غرفته، عادت بالدواء ومعها مياه جعلته يأخذ أكثر من حبه كي يشفي سريعاً فهي تكره أن تراه مريضاً..
بدلت ثيابها سريعاً وتمددت بينهم ليحاوطها فراس ووضع رأسه على صدرها مُغمض العينين بوهن فوضعت يدها بشعره تمشطه بيدها وهي تقبل جبهته بحنان..

تحدث إيان مُتذمراً: ماما متدنيش ظهرك أحضنيني أنا كمان!
تنهدت وقالت بأسف: يا حبيبي بابا سُخن وعيان ممكن تحضني إنت، أومأ موافقاً ووضع يده على خصرها من الخلف والأخرى حاوط بها روتيلا لتتنهد بحزن وهي تراهم كيف يتشبثان بها بتلك الطريقة فمن المُفترض أن تفرح بهذا لكنها خائفة! ماذا سيحدث لهم إن تركتهم وفارقت الحياة مُبكراً؟!

فتحت باب المنزل الذي يطرق بحالة مُزرية من كثرة البُكاء لتشهق عندما وجدت نادر يقف يمسك بيد فادي ينظر لها بدون تعبير كادت تتحدث لكن فادي إقترب ورفع رأسه لها وقال بندم: آسف، جثت أمامه وكوبت وجهه بلهفة بين يديها وقالت بأسف وترجي وهي تبكِ: أنا اللي آسفه والله أسفه، صدقني مش هسيبك تاني خلاص أنا مش هسافر ولا هتحرك من هنا هفضل جنبك وهعوضك عن كل الوقت اللي كنت بعيده فيه عنك والله ها بس متكرهنيش وحياة لارا عندك متكرهنيش مش إنت بتحبها متكرهنيش عشانها متكرهنيش..

ارتمي بأحضانها يبكِ بحرقة وطوق عنقها بقوة لتحاوطه بقوة مُماثلة وهي تقبل رأسه بحنان عدة قُبلات مُتفرقة تلصقه بها أكثر وهي تستنشق رائحته تشبع منه فهي إشتاقت له كثيراً..

مر بعض الوقت هدأ به وظل واقفاً بجانبها عندما وقفت تُحادث نادر لكن قبل أن تتفوه بحرف رفع يده امام وجهها وقال بوجوم: ابنك عندك وانا لسه عند كلامي واعتبريني ميت، وتركها وذهب لكنها أمسكت يده وقالت برجاء وعادت تبكِ من جديد: أنا أسفة والله مكنش قصدي كُنت مقهوره بالله عليك متزعلش مني..
نزع يده من يدها بعنف ولم يستمع إلى المزيد وتركها وغادر..

عانقها بقوة وهي نائمة توليه ظهرها لكنها لم تكن غافيه تماماً بل كانت تبكِ بصوت مُنخفض لا يُسمع لكن أنينها المُتألم والمُنكسر وصل إلى مسامعه عندما دلف إلى الغرفة، استدارت ودفنت رأسها بصدره وهي تشهق فتنهد بتعب وهو يتسائل متى سينتهي هذا الحزن على شيء ليس بيدهم متى؟

حرك شفتيه كي يتحدث لكنها من تحدثت أولاً بتحشرج بسبب بُكائها: خلاص يا نادر دي آخر مرة هعيط فيها عشان الموضوع ده والله مش هعيط تانى خلاص متزعلش..
قبل رأسها بحنان وقال بتعب: أنا مش بزعل غير عليكِ إنتِ والله..
محت عِبراتها وقبلت صدره ثم قالت بحنان: ربنا يخليك ليا يا حبيبي خلاص انتهى الموضوع ده ومش هفكر فيه تاني هفكر بس في حياتنا واللي جي وبس..

إبتسم بعبث وقرص خصرها جعلها تضحك وهو يقول: ايوه بقي هو ده الكلام فرفشي بقي كده عشان تفرفشيني معاكِ..
صباح اليوم التالي..
فتحت عينها بتثاقل في ساعة مُبكرة تطمئن على فراس الغافي بأحضانها ثم تحسست حرارته وجدتها مُعتدله فتنهدت براحه ثم قبلت رأسه وعادت إلى النوم من جديد..

مر بعض الساعات الأخرى كانوا قد استيقظوا، فكانت ألين تُبدل ملابسهم بعصبيه ومزاج حاد لاحظة فراس الذي كان يراقبهم لتتسع عيناه فجأة عندما فكر بشيء ما..
ركض إلى الأسفل وأخذ السيارة وذهب لمده خمس دقائق فقط ثم عاد سريعاً، وجدها كما هي فتحدث بشك وهو يضيق عينيه: ألين إنتِ حامل؟

توقفت يديها وهي ترمش ثم نظرت له وهزت رأسها نفيا لتجده يتقدم منها بنفس تلك النظره التي تعملها وتعلم ما يخبأ خلفها، وقفت عن الفراش وركضت وهي تصرخ بأنحاء الغرفة لأنها تعلم ماسيفعل يمزح معها هكذا في المنزل كُلما وجدها عصبيه، ركض خلفها وهو يبتسم ثم حملها من خصرها عنوه وألقاها على الفراش وهو يسمع ضحكتها ورجائها كي يتوقف فقال بإصرار: لأ إنتِ حامل ودي هرمونات معصباكي أنا عارف أنا عارف..

ضحكت وهي تهز رأسها ليرفع ملابسها ثم أخرج إختبار الحمل من جيبه ووضعه على معدتها وظل منتظراً لبعض الوقت ثم أخذه ونظر له بحماس ليحبط فجأه عندما وجد النتيجة سالبة، اعتدلت ألين وكوبت وجهه بين يديها وسألته بحنان: حبيبي إنت عايز ولاد تاني؟
أومأ لها مع قوله وهو يبتسم: عايز تالت ورابع وخامس وسادس وسابع وثامن وتاسع وعاشر، تركت وجهه وكتفت يدها أمام صدرها وسألته بتهكم: ودول هتجيبهم ازاي بقي؟

إبتسم بعبث وحاوط خصرها وقال لها بمكر: تعالي هقولك، ابعدته وضربت كتفه بحدة بسبب وجود إيان و روتيلا، فزفر وهو ينظر تجاههما ليجد إيان عابس فسأله بهدوء: مالك؟
قال حزيناً: عايز أخ جديد..
سأله فراس بتهكم: وده من امتى إن شاء الله؟
قال بعد تفكير دام خمس دقائق: فكرت في الموضوع وقولت لازم يكون عندي أخ عشان نضرب روتيلا سوي ونسميه آدم..
قطب فراس ما بين حاجبيه وسأله بتعجب: إشمعنا آدم؟

هز كتفيه وقال بابتسامة: ده بطل الحدوتة اللي إنت حكتهالي آدم وتالين، أومأ فراس وهو يبتسم ثم نظر إلى السقف يتأمله قليلاً وقال بإعجاب: حلو آدم نبقي نسميه آدم..
فقالت ألين باعتراض وعبوس: بس إنت قولت عايز بنات؟
إبتسم فراس وقرص وجنتها بخفه مع قوله: أنا لسه عند كلامي و عايز بنات بس لو جه ولد نعمل ايه؟ هنرجعه! لأ هنسميه آدم..

زمت شفتيها ونظرت إلى روتيلا التي كانت تنام تحدق في السقف وهي تهمهم مُمسكه بقدمها كي تضعها بفمها فابتسمت ألين وابعدتها ثم حملتها وضمتها إلى صدرها بحنان تُشفق عليها بسبب الفريق الذي يُكونه شقيقها ضدها فهي رقيقة..
هتف إيان بسعادة وهو ينظر من النافذة: عمو فارس قاعد قُدام البسين هنزل أعوم؟

هزت ألين رأسها رافضة وأمرته بهدوء: بابا في الحمام إستني يخلص و انزل معاه، عبس وقال برجاء: عشان خاطري يا ماما سبيبني أرجوكِ..
هزت رأسها رافضة وقالت بقلق: أستني بابا و انزل معاه علشان ابقى مطمنه عليك..
عانقها وقبل وجنتها ثم هتف برجاء وهو يطوق رقبتها: عشاني يا ماما سيبيني نُص ساعة بس نُص ساعة..
تنهدت بضيق وهزت رأسها نفياً ثم قالت: تلت دقايق بس..
فاقترح برجاء: طيب خمس دقائق بس خمسة؟

أومأت له وهي تبتسم ليضيف بطفولية وهو ينظر لها ببراءة: ممكن تُحطي صفر جنب الخمسة بقي؟
ضحكت وقرصت وجنته بخفة مع قولها: بطل بكش بقي واستني بابا..
هتف بعد إن خرج وسمع آخر ما قالته: يستناني ليه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة