قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والثمانون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والثمانون

ركض إيان وأمسك يده وقال بعبوس: مش راضيه تخليني أعوم وعمو فارس تحت..
نظر لها فراس وقال باستنكار: يعني الفُرصة جيالنا لحد عندنا وإنتِ تُرفضيها؟ إنزل يا بني إنزل وخد إختك وديها عند تيته كمان، أومأ وذهب يأخذها لكن طرقات الباب أوقفته..

دلفت هالة وهي تبتسم ثم اقترحت وكأنها قرأت أفكار فراس البذيئه: هاتوا روتيلا أنا حضرت اللبن عشانها وفراولة عشانك تاكلها بعد ماتعوم شويه يلا، قفز إيان بسعادة وهو يتراقص ثم أخذ منشفة وركض إلى الأسفل هز فراس رأسه بيأس لقد حولتهم ألين إلى وحوش فراولة، حمل روتيلا من بين يديها وهو يتوعدها ثم أعطاها إلى والدته بعد إن قبلها وهو يقول بعبث: أحبك وإنت فاهمني كده يا جميل، قهقهت عليه وذهبت، أغلق الباب خلفها ثم أغلقه عليهم من الداخل لكن صوت والدته وصل له من الخارج: متتأخرش مها تحت عشان تقعدوا معاها شويه، أومأ من الداخل وكأنها تراه ثم خلع كنزته البيتيه وألقاها بإهمال وهتف مُحذراً عندما وجد ألين تتحرك: خليكي مكانك متتحركيش فاهمة ولا لأ؟

قالت باعتراض وهي تتقدم منه و انحنت تلتقط الكنزة ووضعتها على صدره وقالت بتحذير وهي تتحسس جبينه: إهدي لحد ما حالتك تستقر وإلبس هدومك عشان البرد مش هتتحرق لو قضيت يوم من غير قلة أدب؟ وبعدين مش مها تحت يلا ننزل!
هز رأسه وقال بنفاذ صبر وحذرها: هتقلعي بمزاجك ولا أقطعهالك هي الثانية عشان تكمل إنجزي يلا الوقت دلوقتي بقي من ذهب..

زفرت وهي تفتح الأزرار بتمهل ليفارق بينهم بنفاذ صبر جعل الأزرار تتطاير فاحتقن وجهها بغضب وضربت صدره بقوة وصرخت به لكنه ابتلع صرختها بشفتيه التي وضعت على شفتيها أخرستها، ألا تعلم أن هذا لم يعد يجدي نفعاً معه! فهو لن يقف يُشاهدها و يبتلع ريقة مثل سابقاً بل سيقترب ويأخذ مايريد فهي ملكة..

اعتدلت جالسة على مقعد السباحة المُمدد وهي تزفر وكل بُرهة وأخري تنظر خلفها ولا تستطيع تجاهل وجود إيان في المسبح و روتيلا التي مع جدتها وتأخرهما في الأعلي بالتأكيد يفعلان شيءً ما...
هزت قدمها اليمني بتوتر وتحركت كي تذهب فأوقفها قول فارس: رايحة فين؟
تنحنحت وقالت بهدوء: هشوف ماما محتاجة مُساعدة أو حاجة وهساعدها وأسلم على ألين بالمرة هي مش فوق برضه؟

إبتسم بهدوء وقال لها برقه: أه يا حبيبتي فوق مع جوزها وأكيد مش هتجربي تطلعي عشان ممكن يكونوا بيعملوا حاجة كده ولا كده؟ ولا إيه؟ وكمان إنتِ لسه مخطوبة عشان مشاعرك بس لكن مُمكن تساعدي ماما و تغيري لروتيلا كمان إتفضلي، تحركت وهي تبتسم لتتهجم ملامحها بعد أن التفتت وأولته ظهرها وهي تضم قبضتها بغضب فاللعنة عليه وعلى بروده وابتسامته الساذجة تلك! ضحك بسعادة وهو يُراقب ظهرها فهي لم تري شيءً بعد..

هتف فارس بعد ساعتين ونصف وهو ينظر بساعة معصمه: كفاية كده يا إيان يلا إطلع..
هتف وهو يقطع المسبح ذهاباً وإياباً: لما ماما وبابا ينزلوا عشان شكله بيركبلها الحلق، قطب فارس ما بين حاجبيه بعدم فهم لكنه يعلم أن هُناك مغزا من تلك الجملة سينتظر حتى يأتي فراس..

هبطت الدرج وهي تتقدمه بخطوات كي لا يلحق بها بملامح لا تُفسر بسبب وقاحته التي لا يكف عنها ويفعلها مُتعمدا لكنه مع هذا كان خلفها يمسك خصرها كل ثانية وهي تدفعه بضيق حتى وصلت إلى والدته بغرفة الجلوس لتجدها تُجاهد مع روتيلا كي تُبدل ثيابها وهي تبكِ دون توقف، جلست بجانبها وربتت على شعرها بنعومه وهي تُهديها: باس، باس، في ايه، لأ، لأ، متعيطيش خلاص، هاتيها يا ماما شكلها تعبتك!

ابتسمت هالة وهي تهز رأسها: ولا تعب ولا حاجة خلاص قربنا نخلص، روحي إنتِ بس المطبخ أنا كُنت عاملة عصير لمها وفارس ونسيت أقدمه قدميه إنتِ، أومأت لها ألين مبتسمة ثم وقفت لتجد فراس يقف امامها فاقتربت وقرصت خصره بغيظ وذهب جعلته يقهقه عليها..

أخذها منها وهو يبتسم شاكراً: شكراً، أومأت له وهي تبتسم بنعومة ثم تقدمت إلى مها وهي تهتف به: يلا يا إيان إطلع إشرب عصير، أومأ وتجاهل قولها لكن عيناه إلتمعت عندما وجد العصير فراولة فخرج ركضاً..
شهقت ألين وهي تجد العصير ينكب على طرف ثوبها مع قول مها بأسف: أسفة والله يا ألين فلت من إيدي، أومأت لها بلا بأس وهي تبتسم رغم ضيقها..

أمسك فارس إيان قبل أن يصل لهما وهمس بأذنه بشيءً ما جعله يبتسم ثم عبس وقال: بس أنا عايز العصير؟
ربت على وجنته بحنان: هديك بتاعتي يلا روح..
أومأ وركض لهم ثم توقف امامهما وهو يحاوط جسده بالمنشفة وهتف بلطافة: طنط مها، نظرت له وهي تبتسم ثم قالت برقة: نعم ياحبيب، وقبل أن تكمل الجملة كان كوب الفراولة يسكب فوق رأسها، صرخت بتفاجئ بينما ألين شهقت و هتفت بإسمه بحدة: إيااان!

عاد إلى الخلف ليجد فراس يأتي من الداخل وعلامات الغضب بينه على وجهه حسناً لقد حاصروه، ركض إلى فارس يستنجد به بخوف: عمو إحميني، ثم قفز بأحضانه فحاوطه فارس وهو يضحك ثم أوقف فراس بقولة كي لا يتقدم: ايه؟ ده في حمايتي إبعد وبعدين الأطفال أحباب الله هتكفر ولا ايه؟ حصل غير يا مها متزعليش..
أومأت وهي تقف تنظر إلى ملابسها التي تم تدميرها بقلب مُنشطر ثم قالت بقهر مكتوم: ولا يهمك يا حبيبي..

ربتت ألين على كتفها وقالت لها بهدوء: تعالي معايا غيري هدومك يلا، أومأت وذهبت معها بهدوء..
صفع فراس قدم فارس التي يمدها على المقعد بضجر جعله يبعدها وجلس مُقابلة وسأله بشك: أنا كنت براقبك من جوا إنت اللي عملت كده وسلطته عليها صح؟!
أومأ فارس وهو يبتسم ببلاهة ثم ناول إيان الجالس بينهم العصير كي يرتشفه: أه بهزر مع خطيبتي وكده أنا حُر..

هز فراس رأسه وقال بتهكم: هزر بعيد عن إبني أنا مربيه وبالعافية عشان مفيش حاجة مأثرة فيه مش هتيجي انت بقي تبوظلي الحبه اللي باقيين بحركاتك دي فاهم!
ضحك فارس بخشونه وصوت رنان وقال ساخراً: هو لسه في باقي! طب ما تقولي كده حكايه بابا بيركب لماما الحلق؟
توقف إيان عن الارتشاف وابتلع ما بفمه بصعوبة كأنه عُلقم ثم نظر إلى فارس ببراءة وفمه ملوث بالفراولة وقال بخفوت: ليه كده يا عمو؟

أخذ فراس الكوب من يده وهو يرفع حاجبيه وسأله بعدم فهم وهو يمسك منشفته من الأمام تحت رمشه ببراءة: ايه ده؟ بيقول ايه؟ فهمني؟

دلفت إلى الغرفة ولم تسير أكثر من ثلاث خطوات حتى توقفت شاهقة بخفوت وهي تُحدق بالتخت المُبعثر وكأن حرباً كانت تُقام عليه والوسادات الملقية أرضاً يا إلهي لقد نسته تماماً، إبتلعت ريقها ثم إلتفت إلى مها تبتسم لها بتوتر وقالت بتلعثم: ت، تعالي، معايا، أوضه ماما دي مش مُناسبه، أومأت وذهبت معها وهي تحترق داخلها فمن الغبي الذي لن يُلاحظة عندما يدلف وهو أبرز شيء في الغرفة؟.

تركتها بغرفة والدتها وأعطتها ملابس ثم عادت إلى الغرفة تُربتها قبل صعود أحدهم ومع إنتهائها وجدت إيان يركض قادماً من الأسفل ودلف إلى الغرفة صارخاً وهو يضحك وفراس خلفه، اختبأ خلفها وقال برجاء دون خوف منه: إحميني يا ماما إحميني..
ضحكت وهي تسأل فراس: في ايه بس؟.

تنهد وقضم شفتيه بغيظ وهجم عليه فصرخ مجدداً وركض إلى دورة المياة فصاحت ألين قائلة: لبسك جاهز جوا خُد دُش وأخرج بسرعة عشان تاكل، ثم ضحكت وربتت على صدر فراس بحنان وهي تسأله: فيه ايه ياحبيبي؟
مسد جبهته بتعب وقال لها: المسحوب من لسانه ماشي يفضحنا في كل حته..

ابتسمت وربتت على وجنته بحنان تواسيه ثم أسندت رأسها على صدره فحاوطها بنعومة وحملها إلى الفراش فكادت تضربه و تركض لكنه ضحك وعانقها بهدوء: هحضنك بس والله خليكي، ابتسمت وحاوطته بحنان وهي تحرك وجنتها على صدره كقطة ناعمه فظل يربت على شعرها بحنان وهدوء لحظة يتمني أن تكتمل دون مُقاطعة لكن لا تأتي الرياح بما تشتهي السفن، أجفلهم صفع باب دورة المياة ثم قفز إيان فوق جسده جعل ألين تبتعد قليلاً إلى الخلف وقال بعد إن وضع مرفقه على صدر فراس ثم غمغم بوجه كرجل كبير: وإيه يعني لما أقوله مش أخوك ها؟ أخوك ده ولا مش أخوك؟

نظر فراس إلى ألين التي تضحك وقال بغيظ: أديلة قلم دلوقتي أطيرله صف سنانه ولا أعمل ايه؟
رد قائلاً بمكر طفولي: اديني بوسه هنا، وأشر على وجنته وتابع: هو أنا مش زي ماما ولا ايه؟
ضحك وتحرك ليهرب فقيده فراس وهتف بغيظ: أه ده إنت مركز بقي؟، قبل إيان وجنته وهو يضحك كي يصفح عنه ولم يستطع سوى أن يصفح عنه فكيف له بعد كُل هذا الضحك والمرح والسعادة أن يحزنه كيف؟!

نظر له رامشاً بأهدابه المُبلله وأعينه الزرقاء تخترق قلبه بعمق: بابا، همهم له وهو يبتسم وقبل أن يتحدث رفع فراس مرفقة من على صدره وقال بسخط: يا حبيبي قولت ميت مرة إن في قفص صدري هنا عظم بيوجع شيل كوعك ده الله!؟
كشر بوجهه لثوانِ قليلة كان يُفكر بها ثم إبتسم وتابع وهو يضع مرفقة من جديد فضرب فراس يديه معاً: لا إله إلا الله يا حبيبي كوعك بيوجع بيغرز جوا في ايه؟

رفع مرفقة وقال ما أراد قوله بخبث: مش هتعلم ماما السباحة بقي نفسي انزل معاها، قطبت ألين ما بين حاجبيها وأولتهم ظهرها بلطافة فتابع إيان بهمس لا يمت إلى طفلاً بأي شكل من الأشكال: وكمان يا بابا عشان لما تحصل حاجه وحشه تاني تقدر تنقذنا مش تغرق معانا فاهمني؟.
قهقهة فراس عليه وقال مُوافقاً: عندك حق ومن وجه نظر حضرتك نعمل إيه!

إقترب وهمس بأذنه لبعض الوقت بما يشاء، تعجبت ألين من صمتهم المُفاجئ، حانت منها إلتفاته لتتعجب من حملقتهم بها بصمت..

رمشت بتعجب لما يحدث ليصرخ إيان فجأة: هجوووووم، وقفز إلى الجانب الأخر وبدأ يُدغدغها وفراس معه من جهته جعلاها تتلوى من الضحك وهي تحاول التحدث لكنها لم تستطع حتى ارتخت أعضائها من كثرة الضحك فصاح إيان بحماس: الضحية جاهزه شيل، قهقه فراس وحملها وهرول بها إلى الأسفل وإيان خلفهم يتابع بسعادة ما سوف يحدث، صاحت وهي تضرب فراس بثمالة ومازالت تُقهقه: واخدني ورايح فين؟

لم يرد عليها بل إلقائها في المسبح كان رده، شهقت وهي تلوح بيدها بخوف فقفز خلفها وهو يضحك، حاوط خصرها ورفعها إليه وهو يبتسم هازاً رأسه للجانبين لتتطاير خُصلاته المُبللة فضربت صدره بتذمر: ماشي يا فراس بتتفق عليا إنت وإبنك؟
إبتسم وداعب أنفه بأنفها: عايزين نعمل فيكي خير ونعلمك العوم، هزت رأسها باعتراض وترجته: لأ، مش عايزه خرجني من هنا..

هز رأسه وقال بازدراء: إحنا بقالنا كام سنه متجوزين وإنتِ زي ما إنتِ مش عايزة تعملي حاجة جديدة!
ترجته وهي تحاوط عنقه بقوة: هعمل حاجة جديدة بس مش دي عشاني عشان خاطري، هز رأسه نفياً وأفلتها لتصرخ بخوف فأعاد محاوطتها وهو يضحك فضربت كتفه وقالت بنبرة مُرتجفة: والله هعيط..
عانقها بحنان ونفي برقه: لأ، يا قلبي مش هتعيطي هتتعلمي، يلا أمسكي كتفي وسيبي الميه ترفعك..

انفجرت ضاحكه جعلته يضحك وهو يُراقبها ثم سألها بتعجب: بتضحكي ليه في ايه؟
أوقفت ضحكها وهدأت نفسها ثم قالت وهي تبتسم برقة: أصل الكلمة دي كله بيغرق بعدها على طول..
قهقهة وسألها: سيب نفسك والميه ترفعك؟، أومأت له وهي تبتسم فضحك ومد يده حول رقبتها وأسند جينه على جبينها وهتف بعشق: لو الميه مرفعتكيش أرفعك أنا يا أم العيال، ابتسمت بحب ثم قبلت أرنبه أنفه بعفوية وهتفت بهيام: بحبك يا أبو العيال..

إبتسم بعبث وهتف بمكر: طب هاتي بوسة تحت الميه
سألته باستفهام: دي إزاي دي؟
أخذ شهيقاً طويلاً وهو ينظر حوله ثم غمز فارس ليجذب إيان إليه وقام بتغطية عينيه بخفة ليرفع فراس نفسه ثم قال قبل أن يغوص بها أسفل المياه: هتبقي كده، ووضع شفتيه على شفتيها يُقبلها بنهم وشعرهم التف حولهما وهو يدور بها أسفل المياه مستمراً بتقبيلها دون توقف..

أرتفع بها وفصل القبلة لاهثاً و سألها وهو يُقربها منه أكثر يتأملها: حلوه بوسة الميه؟، أومأت له وهي تتنفس باضطراب ثم مدت يدها تبعد خُصلاته المُلتصقة على جبهته ووجنتيه إلى الخلف دافنه أناملها بشعره وهي تعانقه بقوة ؛ لتُداعب منابت لحيته الخشنة وجنتها الناعمة فقبلتهُ قُبلة رقيقة على وجنته وصلت إلى بداية أذنه وهي تتنهد بحب..

ضرب إيان قدمه في الأرض بغضب وقال بتذمر وهو يحاول إبعاد يد فارس عن عيناه: ايه ده؟ أنا عايز أتفرج يا عمو سبني، ركل فارس مؤخرته بغيظ ثم صرخ بفراس: إنت ياعم الحبيب إحترم نفسك وأخرج
ثم إلتقط المنشفة وألقاها على مها التي تدرج وجهها بجميع ألوان قوس قزح وهي تراقبهما ببغض، كُره، غضب، حنق، غيره، فهي بعيده عنه كُل البُعد للحصول عليه ؛ لن تحصل عليه ولا بأحلامها حتى فهو بعيداً عن شعر أنفها..

فزعت و نظرت له بغضب ليقول بتهكم: بتتفرجي على ايه؟ قولت لأخوكِ يكتب الكتاب مرضيش خليكي قاعده كده بقي، أعادت قذفها عليه بقوة مع وقوفها بغضب ثم أخذت حقيبتها وذهبت دون أن تتحدث..
خرج بها من المسبح وهو يحملها بينما هي كانت تدفن رأسها بصدره..
قال موجهاً حديثه إلى فارس: خليه معاك متطلعوش دلوقتي..
نظر له ساخطاً وقال بامتعاض: إرحم نفسك شويه بقي وإحترم نفسك..

نظر له بطرف عينيه وقال بسخط: مش هرد عليك مش فاضيلك دلوقتي، وتابع سيره إلى الأعلي ليسأل إيان فارس بغضب طفولي: همه هيعملوا ايه؟
تنهد وقال وهو يتحرك اتجاه المسبح: هيركبلها الحلق
أومأ وسأله من جديد وهو يُجمع أفكاره: وكانوا بيعملوا ايه في البسين..
قفز في المسبح ثم رفع رأسه يهزها يميناً ويساراً بقوة يبعد المياة عن الدخول بأذنه ثم قال: كان بيركبلها الحلق برضه..

تنهد بإحباط ثم جلس على حافة المسبح وربع قدميه وأسند وجنته على راحه يده مهموماً وقال: في كل حته بيركبلها حلق كده عيب..
ضحك فارس بتسلية وهو يسبح ثم تقدم وشد إيان أسقطه معه وظلا يسبحانِ لفترة طويلة ويتسابقانِ معاً مُعظم الوقت، من قال أنه لا يستطيع السباحة؟ لقد كان له مُتسع من الوقت لتعلُم كُل شيء..
مر أسبوعين عادت الاوضاع كما كانت حياة هادئه سعيدة حصل عليها الجميع..

إستقر نائل بمصر وأتي مايكل معه وقد إستقروا بمنزل نائل المقابل إلى منزل فراس و للمصادفة تقابلوا في الفترة التي كانوا يمكثون بها مع والدته ولكي أكون أكثر دقة في اليومين الذي يفتح به المبني الخاص بالصيد ويهربون إلى هُنا، ومنذ ذلك الوقت قد تم لم شمل الجميع..

شريف ويحيي إستقرا أيضاً بمصر وتقابلا معاً وأصبحا صديقين وخصوصاً بعد أن علم كُلاً منهما أن مليكة وشريف معاً بنفس المدرسة ؛ على الأقل رُبما يكون شريف حامي لها من أفكارها المُراهقة وأصدقاء السوء! ورُبما يكون هو واحداً من أصدقاء السوء!.
وشادي لن يتغير الكثير بحياته فمازال يقسم السنة بين هُنا وهُناك..

وسجي وفؤاد كُل يوم تقريباً يأخدان فادي ويتجولون أحياناً في الحديقة وأحياناً مدينة الألعاب وأحياناً سينما لقد ذهبوا معه إلى كُل مكانٍ تقربياً ؛ بالرغم من ذهابه إلى تلك الأماكن كُلها مع نادر من قبل إلى أن ذهابه مع والديه له شُعوراً مُختلف شُعوراً غسل داخله من كُل البُغض الذي كان يحمله بداخله بالنسبه لسنهُ الصغير وقد بدأ يبتسم بسعادة و يضحك ويعانقهما كي يغمره حنانهما أكثر، وخصوصاً حنانها الذي إفتقده لسنوات..

أما نادر يحيي بسعادة لكن لم يُحادث سجى إلى الآن..
على حياته هادئه وينتظر صغيرته التي بقي لها أربعة أشهر فقط حتى ولادتها، وجود الآن يُخطط إلى الإنجاب كي لا تبقى جنات وحدها وهو يشك أنها حزينة ووحيدة وتُريد أخوه لكنه سينجب لأنه يُريد..

وشهاب إلى الآن يغرق نفسه بالعمل يقوم بتكوين نفسه جيداً مُنتظراً حُب حياته الذي لا يعلم متى سيحصل عليه وأين سيقابلها ؛ صحيح كان معجباً بمها وتناسها لكنه سيظل للحظة الأخيرة ينتظر رُبما تراه وتلتفت وتنظر له كغير صديقاً لا يعلم فهو مُشوش بهذا الخُصوص..
والآن صباح هذا اليوم..

فتح فراس عينيه بسبب تنبيه هاتفه الذي أصبح يوقظه بالفترة الأخيرة بسبب خمول ألين وعدم إستيقاظها مُبكراً معه كما في السابق وكم هذا يسعد إيان الذي أصبح يذهب إلى المدرسة يوم أو إثنان في الأسبوع فقط لكن فراس يُدرسه في المنزل عُنوه عندما يعود لأن دروساً كثيرة فاتته فيعوضها له فراس عند عودته..
إغتسل وارتدى ملابسه على عجلة ثم لكز إيان بكتفه كي يستيقظ ويأخذه بطريقة إلى المدرسة..

تململ وهو يدفن نفسه تحت الغطاء، أبعد فراس الغطاء بضيق وهتف بسخط أيقظ ألين: قوم يا فاشل قال عايز يطلع مهندس قال..
عانقته ألين بحنان وقالت بخمول: لأ، هيبقي دكتور..
فهتف إيان وهو يحاوطها: لأ، هبقي طيار..
سخر منه فراس وهو يمشط شعره بعجله: أه طيار، تبقي سوق السرير بقى خليك نايم جنب أمك..

تجاهله وعاد إلى النوم مُجدداً فزفر فراس بضيق وهو يُراقبه بعدم رضي فقالت ألين وهي تعانقة بحنان: سيبه النهاردة يا فراس سيبه في حضني النهارده بس..
تنهد وقال بضيق: ده معاكي كل يوم تقريباً يا ألين مينفعش كده!
رفعت نفسها ثم ربتت على وجنه روتيلا بحنان ثم نظرت وقالت بحزن: خليك معانا إنت كمان النهاردة
قطب مابين حاجبيه وتقدم بسبب ذلك الطلب، جلس مقابلها على الفراش و سألها بقلق: مالك في ايه؟

هزت رأسها وعانقته بقوة، عناقاً أخافة جعل قلبه ينقبض وهو يسألها بخوف: متخوفنيش عليكي يا ألين مالك؟
فصلت العناق وقالت له بهدوء وهي تربت على صدره: مفيش يا حبيبي بس متتأخرش عليا هستناك..
أومأ وعانقها مجدداً بقوة وقبل جبهتها بحنان ثم تركها وغادر تاركاً قلبه معها، نظر لها مرة أخيره قبل أن يغلق الباب فلوحت له وهي تبتسم ثم تركها وغادر..

شعرت بالإعياء فجأه وركضت إلى دورة المياه تتقيأ بتعب، غسلت وجهها بوهن لتعود للتقيأ من جديد ثم عادت إلى غسل وجهها..
حدقت بوجهها الشاحب المصفر لبعض الوقت لتتوسع عيناها ووضعت يدها على معدتها هل رُبما تكون حامل؟، هرولت إلى الخارج وأخذت إختبار الحمل من درج الكومود ثم دلفت من جديد وفعلته..
ضحكت بعدم تصديق وأدمعت عيناها وهي ترى النتيجة إيجابية إنها حامل حقا..

خرجت وإلتقطت هاتفها وهي تضحك وتبكِ في أنٍ واحد تُهاتفه كي يفرح معها لتشرد وهي تحدق بإسمه، فإن عيد زواجهما إقترب لما لا تُؤجلها قليلاً حتى ذلك اليوم! إبتسمت ثم أغلقت الهاتف بعد إن كاد يرد. ، لتختفي إبتسامتها عندك تذكرت ذلك الحلم من جديد، لقد فرحت وتناست ما رأته بحلمها مع إستيقاظها فجراً! لقد رأت والدتها أعطتها سُتره بيضاء وأخبرتها أنها تنتظرها ؛ فما معنى هذا؟!

تنهد بِغم شاعراً بهموم العالم أجمع تطبق فوق صدره بسبب حالتها التي أقلقته عليها يكفي إنقباض قلبه منذ أيام لسببٍ لا يعلمه لتأتي وتكمل عليه الآن ولما حاولت الإتصال به وأغلقت لما؟ هل تريد أن يُصاب بجلطة قلبية أُخرى من الخوف؟!

حدق بشاشه هاتفه وخاصتاً بإسمها الذي نقش أمامه لتتسع عيناه فجأة عندما تذكر فجر اليوم لقد إستيقظت شاهقة تتصبب عرقاً بجانبه ؛ لقد كان نصف نائماً لكنه عاد للنوم من تعبه ولم يسألها ماذا حدث وماذا رأت؟

لقد توقفت عن رؤية والدتها بأحلامها منذ أن أنجبت روتيلا! فماذا حدث الآن؟ جحظت عيناه فجأه وصدره يعلو ويهبط بعنف، توقفت رأسه عن العمل وفقط حديث والدته عن الأموات ذلك اليوم هو ما كان يرن بأذنه لما الآن؟ لما كل ذلك خطر له الآن؟
الطريق! يا إلهي الطريق! نظر أمامه بتشوش ليجد سيارة نقل كبيرة تنقل بضائع أمامه مباشرةً ببضع سنتيمترات فقط..

حرك المقود سريعاً إلى الجانب ثم أداره بأقصى ما لديه لتترنح سيارته على جانب الطريق تدور حول نفسها، احتك إطارها بالأرض بعنف خلفت خلفها غُبار ذهب سريعاً بسبب الهواء الطلق بتلك المنطقة الخاوية عدي من السيارات التي تتسابق مع الرياح على من سوف يصل أولاً..

تنفس بعنف وخرج من السيارة يستنشق هواء نقي كأنه نجا من محاولة أحدهم لخنقه الآن!، أخذ شهيقاً طويلاً يُهدأ به نفسه الثائرة وقلبه يضرب كالمطرقة جعله يتألم وكل ما يجول برأسه، أن هذا لن يحدث هذا التخيل وحده يخنقه فماذا سيحدث إن حدث بالفعل؟
أستقل السيارة ثم أدارها بتهجم وعاد أدراجه إلى المنزل بأسرع ما لديه، فهو من كان يتسابق مع الرياح وليس السيارات الأخرى..

ولج من البوابة الحديدية التي تصدر صريراً مُزعجاً على قدمه بملابسة السوداء وقبعته التي تخفي وجهه حاملاً على ظهره حقيبته الخاصة التي يضع بها قناصته التي سوف يأخذ بها صيده وعلى وجه الدقة التي سيكمل بها إنتقامه..
تحدث الانجليزية مُتسائلاً: أين الطريق؟
أشر له أحد الرجال بطاعه ثم قال لصديقة كي يترجم له: قوله ينجز عشان مش بنفتح النهاردة أصلاً..

كاد صديقه يرد لكنه إستدار بنفسه ودحجه بنظراتٍ مُميته وأعين مُدميه أخافته وجعلته يبتلع ريقه بخوف ويحني رأسه ليعتذر صديقة عنه: أسف لهذا هو لا يعلم من أنت فقط سامحه..
ألقي عليه نظرة مُحتقرة من أعلاه لأخمص قدمه ثم تقدم وصعد إلى سطح البناية..
قال بتهكم إلى صديقة: ولما هو بيفهم عربي عمال يتفزلك ليه يعني!
ضربه صديقه بمرفقة بضيف: أسكت وملكش دعوة أنا رايح دلوقتي أكلم أبانوب باشا وأقوله إنه وصل..

إبتسم وهو يخلع قبعته وألقاها على أرضية السطح لتتبين ملامحه القاسية التي كان يخفيها عن الجميع لفترة طويلة!.
لقد كان صديقاً مُتعاوناً! ضحك معهم رغم حقده عليهم قضى معهم وقتاً يُوزع إبتسامته رغم إرادته لحرقهم أحياءً، كان معهم وترك شقيقة الصغير يُقاتل وحده حتى قُتل لكن يكفي، هذه الفرصة كان ينتظرها منذ زمن وهاهي أمامه ولن يوقفه أحد لا أحد فهو أحسن التخطيط تلك المرة فليثأر لشقيقه الآن..

بصق العلكة من فمه مع بصقة في الأرض ثم إلتهم علكة أخرى وأخرج قناصته السوداء وبدأ بتركيبها معاً وهو يبتسم فمن أخبر هؤلاء الحمقى أن شقيق جون أجنبي؟! لقد صدقوا ذلك الأحمق الذي كان يرتجف وهو يُحادثهم في المستشفي يا إلهي أغبياء فهو من بعثه بدلاً عنه كي يحذروا ورغم هذا ظلوا أغبياء ويعيشون براحه؟! حسناً هذا خطأه هو من جعله يقول أن الخطر سيكون من طفل جون عندما يكبر ومازال أمامهم إثنا عشر عاماً مُبكراً على القلق صحيح؟

أسند مرفقة على السور وجثي أرضاً خلف السور مُصوباً إتجاه الفيلا الخاصة بهم، عينيه داخل القناصة يغلق واحدة ويفتح الأخرى كي يرى بتركيز، ينظر من تلك الدائرة التي قربتهم له بطريقة مُبالغاً بها، يجثو على رُكبتيه دون توتر سبابته على الزناد يحركها بتمهل وهو يبتسم وينقصه فقط الاستماع إلى موسيقى بجانبه كي تكتمل مُتعته بذلك الصيد المُوفق..

صوب إتجاه صدر إيان وهو يجلس أمام المسبح يلعب بتسلية فماذا سيحدث الآن إن إمتلأ وجهها بدمائه؟ حرك سبابته ضاغطاً على الزناد وهو يلعق شفتيه بتسلية ؛ لكنه توقف، توقف يتسائل بنفسه ماذا سيحدث إن مات طفله؟ ماذا؟ سوف يحزن؟ سوف يشعر بالقهر؟ ألين سوف تجن؟ لكن كُل هذا سيمر فهما يستطيعان إنجاب آخر غيره! سوف تصب تركيزها على طفلتها التي تجلس بجانبها على العشب الآن وتمنحها كل شيء وسيكون إيان من غياهب الماضي وتسير الحياة! حسناً وهذا لن يروقة..

حرك يده بسرعة للاتجاه الأخر يصوب على رأس روتيلا التي تبتسم ضاحكة بسعادة وهي تقف أمام ألين تتحسس وجنتها ؛ مؤسف أن تموت بذلك السن الصغير صحيح؟ حسناً سيحدث مثلما قال قبلاً..

ألين سوف تجن، فراس سوف يشعر بالقهر سوف يحزن، وكل شيء سوف يمر لكن يُمكننا أن نضيف نهاية لهذا رُبما تدخل المستشفي وتظل هُناك تتعالج من مرض عقلها ورُبما تشفي! لأن فراس سيظل بجانبها ويدعمها حتى تعود لسابق عهدها فكل واحداً منهما يستمد قوته من الأخر فلن تكون مُشكلة!.

حرك يديه بسرعة مُصوباً على الإثنان معاً وهو يبتسم لكن لا هذا ليس الهدف الصحيح، قلب ألين! نعم إنه الهدف تماماً تلك الضربه القاضيه ستكون القشة التي ستقسم ظهر البعير، لا، لا، لن تقسمه بل ستدمره..

سيكون إنتقاماً من فراس، وائل، جود، إنتقاماً من كل من أحبها إنتقاماً من طفليها وتكتمل الصورة بقتل فراس نفسه خلفها حُزناً عليها ليكتمل الإنتقام، إنتقام جماعي سوف يُدمر الجميع، يكبر طفله فاسداً، تصبح طفلته عاهرة، هذا جيد تماماً فليست العبرة بكثره الحديث ؛ بل بالفعل بالنتيجة ولا نتيجة أفضل من هذه!

سال لُعابه وهو يبتسم بجانبيه لتلك الفكرة الشيطانية وتصبب جبينه عرقاً وهو يمسك قناصته بقوة بسبب تعرق يده من إنفعالاته وتلك النتيجة التي يتمنى أن يراها..
ضحك بخشونة وتسلية لما خطر له الآن وهو ينظر إليهم من تلك الدائرة، حسناً سيفعل بهم جميلاً في المُستقبل ويجعل إبنتهم عاهرة إبن أخيه فكما يبدو أنها ستكون جميلة ولا مانع من تسليته معها قليلاً فدماء جون هي من تسير بعروقه في النهاية..

ضغط الزناد كي يقتلها وينهي هذا التوتر والارتجاف الذي بدأ يشعر به لتنقطع تلك اللحظة الحاسمة عندما وقف إيان أمامها..
ترك القناصة من يده بعصبيه، بصق العلكة ومرر يده بشعره الذي أصبح رطب بسرعة مَرضيه، مد يده وأخرج علبة دواء دائرية من جيب معطفه الملاصق لصدره من الداخل، أخذ ثلاث حبات وألقاهم بفمه بهستيريا وسحقهم تحت أسنانه شاعراً بالمرارة، بصق وإلتهم علكة ثم أعاد مسك قناصته وصوب إتجاهها..

ربتت على صدره بحنان وأكدت عليه للمرة الأخيرة: إتفقنا خلاص، هتبعد عن البسين و مش هتقرب منه وإنت بتلعب وهتخلي بالك من ألين وبابا تمام؟
أومأ لها وهو يبتسم ثم وضع يده على وجنتها وسألها: مقولتيش روتيلا ليه؟
عانقته بحنان وهي تربت على ظهره: ألين هي روتيلا يا حبيبي نسيت ولا ايه؟
هز رأسه وقال وهو يبتسم: لأ، فاكر طبعاً بس إنتِ معانا وبتهتمي بينا كُلنا!

هزت رأسها وهي تبتسم وسألته: طيب ولو أنا مش موجوده مش هتاخدوا بالكم من نفسكم؟!
تبدلت ملامحه إلى الحزن وقال بخوف: هنهتم بنفسنا وإنتِ معانا متسبيناش!، وعانقها بقوة فحاوطته بحنان وبدأت تستنشق رائحته بانتشاء تملأ بها رأتيها..

فصلت العناق وهي تبتلع غصتها محاولة ألا تبكِ وداعبت وجنته بحنان وقالت بخفوت: انا معاك أهو، يلا روح كمل لعب يا حبيبي يلا، أومأ لها لكنه ظل واقفاً أمامها لتجد روتيلا تبكِ وحدها فحملتها بحزن وضمتها إلى صدرها بحنان تهدأها بتعب..

فهي آسفه لأنها لن تظل معها فتره أطول، لن تبقي معها حتى تكبر، لن تذهب معها إلى المدرسة أول يوم كما تمنت، لن تحضر حفل تخرجها، لن تراها بفستان زفافها، لن تظل إلى ذلك الوقت الذي ستتأكد به أنها كانت أُمً صالحة كما أرادت..

ضحك بتسلية وهو يقطب ما بين حاجبيه بتأثر لتلك الأم الجميلة التي تُعانق طفلتها بحنان، كيف سيكون شعورهم عندما تُقتل أمامهما يا تُري؟ هل يأخذ الأم بطفلتها إذاً فهي لا تريد تركها على أي حال!

ضغط الزناد ببطء، توقفت شفتيه عن التحرك يصب تركيزه عليها لكن شوشه صوت إحتكاك إطارالسيارة بالأرض بعنف، حرك يده مُبعداً القناصة عن ألين، صوبها تجاه الباب الرئيسي ليجد فراس يخرج من السيارة راكضاً إلى الداخل والهلع بين على ملامحه الواضحة له داخل تلك الدائره التي لحقته وهو يركض وكم تمني تفجير رأسه الآن لكن لابأس فهو سيريحه بتلك الطريقة وهذا آخر شيء يُريد حُدوثه، سيقتلها أمامه ويحرق قلبه عليها، سوف يقهره عندما يقف عاجزاً عن مُساعدتها و إنقاذ حياتها، سيجعله يتحسر وهو يرى هلع أطفالها عليها، فليتجرع من كأس الفُراق الذي لن يتحمله، فليدمر نفسه خلفها كي يشفي غليله، لن يتراجع خُطوة بعد الآن، لقد جاءت الفرصة ولن تأتي مُجدداً سيطلق عليها، رُبما تُفارق الحياة ورُبما لا! لكنه سيكون حريصاً على موتها..

لكن ليعلموا فقط أن تلك الدائره لن تنتهي وتكتفي بها! هُناك طفلاً الآن يكبر دون والده ؛ سيحرص على جعل قلبه ممتلئ بالحقد تجاههم حقداً فقط ولا سواه، سيجعله يعيش أسوأ أيام حياته ويخبره بكل بساطة أن كل هذا بسببهم، سيجعل منه أسوأ شخص قد يتخيلوه يوماً!، سيكون صديقاً وحبيباً لهم، سيتوغل بينهم كإبليس دون أن يشعروا به لأن ضربته ستكون مُؤلمه بحق الجميع..

لقد تشبثت به إلى النهاية، لكن حظها السيء يُلازمها ولن تظل معه كثيراً، حسناً يكفي ثرثرة بنفسه إلى الآن فليركز على هدفه..
هتف بإسمها بصوت مرتفع خرج ثقيلاً: ألين..
إرتجف قلبها ونظرت خلفها بقلق، وضعت روتيلا على العشب وركضت له بلهفة، توقفت أمامه ثم كوبت وجهه بين بخوف وسألته بأعين دامعة والهلع تمكن منها: فراس، فراس، إنت كويس؟ ايه اللي رجعك دلوقتي؟!

سألها هو بألم وهو يضع يديه على يدها: شوفتي ايه امبارح في الحلم؟ حصل ايه؟ مالك مش طبيعيه؟
شهقت وهي تهز رأسها ثم دفنتها بصدره تبكِ بحرقة مُدميه لقلبه فهذا كثيراً ليتحمله..
كوب وجهها بين يديه وترجاها مُبتلعاً غصته بمرارة: قوليلي في ايه؟

نظرت له وقالت بتحشرج مُستمرة في البُكاء: فراس، أنا عارفة إن حظي قُليل في الدنيا ومش زعلانه أنا راضية بكل حاجة ربنا كتبهالي بس، بس زعلانه عشانكم إنتوا، أدمعت عيناه وهو ينظر لها لا يفهم شيءً لكنه يعلم أنها تتألم لتلك الدرجة التي تجعلها عاجزة عن وصف ما تشعر به..

صمتت قليلاً وصوت أنينها لم يتوقف قط ثم تابعت وهي تمسك يده بقوه خائفة من تركه مع قولها بعذاب: فراس ماما عيزاني و مستنياني، ترك العنان لتلك العِبره التي تريد السقوط مُشوشه الرؤيه عليه وهو ينظر لها بعدم فهم ثم قال بصوت خافت مُرتجف خرج مبحوحاً من حنجرته: ي، ي، عني إيه؟

ضربت صدره وقالت بانهيار وهي تصرخ به: يعني هموت، هموت ومش عايزه أسيبك وإنت كده فاهمني لازم توعدني إنك هتبقى كويس عشان ولادنا يا فراس ولادنا!، إبتعد إلى الخلف وهو يهز رأسه باستنكار ثم نظر إلى إيان الذي كان يقف يراقب ألين وهو يبكِ و روتيلا التي كانت تقف بجانبه تمسك طرف بنطاله تبكِ معه، هز رأسه بنفي لا يُريد تصديق هذا من المستحيل حدوث ذلك تلك تخاريف!.

أمسك يدها وصرخ بها بجنون نافياً بأعصاب تالفة جعلت يده ترتجف بعصبيه: إنتِ مش هتسبيني إنتِ فاهمه؟ دي تخاريف محدش يعرف هيموت إمتى إنتِ فاهمه؟ بطلي عياط!

إزداد نحيبها وعانقته بقوة وهي تضم رأسه إليها وقالت بحرقة: خليك عارف إنك كنت دايماً ومازلت أجمل حاجة حصلتلى، أنا مش زعلانه ولا حزينه إنت عوضتني يا فراس عوضتني عن كل حاجة حصلت، أنا، أنا، عشت معاك أجمل أيام حياتي ولو رجع بيا الزمن تاني هختارك من غير تفكير، خليك مُتأكد دايما إنك أحسن واحد ممكن يحب وإنك مقصرتش معايا في حاجة، كنت أحسن زوج وأحسن أب و هتفضل دايماً أنا بحبك..

عانقها بقوة وهو يبكِ، يبكِ كطفلاً ضائع بأحضان والدته يكفي عذاباً لها فليته كان محلها، لا يستطيع تحمل فقدانها قلبه يؤلمه ولا يتحمل..
رفع رأسه وهتف بقهر وحالة مذرية وهو ينظر لها: إنتِ لو حصلك حاجه أنا هموت فاهمه هحصلك مش هعيش لوحدي!

هزت رأسها وقالت له بمواساة وهي تمرر يدها على صدره الذي يعلو ويهبط بعنف: فراس إنت، قاطعها صارخاً بها بقوة: أنا ولا حاجة من غيرك ولا حاجة ومش قوي ومش هستحمل بُعدك عني مش هستحمل إنتِ قوتي ومستحيل أسيبك..
حركت شفتيها كي تتحدث لكنه حاوطها بقوة وأسند جبينه على جبينها وهتف بعذاب يترجاها باكياً: كفاية تعذيب فيا، كفاية متقوليش حاجة تاني أنا والله مش قادر أستحمل كفاية..

أومأت له وهي تبكِ ثم أمسكت يده ووضعتها على معدتها صانعة تواصلاً بصري معه وهي تبتسم بحسره وعِبراتها تنساب بصمت، تجول بنظره بين عينها و معدتها وحرك شفتيه يسألها ومازالت عينيه على معدتها لكنها هي من هتفت إسمه بلهفة و أنفاس مُتلاحقة وكأنها علمت أنه وقتها: فراس، فراس، رفع نظره لها لتقرب رأسه منها وقبلت شفتيه بلهفه بكل ما أوتيت من قوة ومشاعر تكنها له، قبله تودعه بها كي لاتندم لأنها تركته هكذا..

رفع زاوية شفتيه بسخرية وهو يُراقبهم، بصق علكته وهتف ببطء وتشفي: كفاية دراما، وضغط الزناد..
إنتفض جسدها بين يديه أدي إلى فصل قُبلتهما الأخيرة أثر تلك الرصاصة التي دوي صوتها بقوة أصمته قبل إن تخترق جسدها بلا رحمه، سقطت عِبرتها الأخيره وهي تنظر بعينه الخالية من أي حياة وهو ينظر لها وأنفاسها بالكاد خرجت وقلبها إزداد تسارُعاً، قبضت على ملابسه بضعف وملامحها إنكمشت بتعابير مُتألمه لم يراها منها قبلاً..

هربت شهقة خافته مُتألمه من بين شفتيها خرجت معها روحها عندما اخترقت الرصاصة الأخرى جسدها، تهاوت ساقطة بين يديه، جلس بها أرضاً جسد بلا روح، حركت شفتيها كي تتحدث لكن لم تستطع أن تنبس ببنت شفة..
تمنت لو تخبره تلك المفاجئه التي تأخرت عن إخباره بها ؛ تلك الهدية التي منحها الله لهم وامتنعت عن اخباره كي تُفاجئه ؛ لكن الموت هو من فاجئها!.

تمنت أن ترى بريق السعادة بعينه عندما تخبره أنها تحمل طفلة الثالث رُبما يكون الفتاة التي يُريدها أو آدم الذي أراده! لكنها لم تستطع لقد غلبها قدرها تلك المرة وبقوة ولا مجال للندم الآن، لكنها ندمت بسبب عدم افصاحها عن هذا في آخر لحظات حياتها عوضاً عن الصمت..
لقد أخبرته، أخبرته أن يكون مُتأكداً أنها ستظل دوماً تسبقة بخطوة وقد سبقته بخطوة حتى هذه الخطوة..

الحياه ليست عادله دائماً، هُناك من يأخذ منها كُل ما يُريد عُنوة ويتمسك بها بكل ما أوتي من قوة! وهُناك من أُرهق من المقاومة أكثر وأستسلم إلى قدره المحتوم، موته المحتوم، أو سعادته المُتوقعة!.
بعد مرور ساعتين..
هدوء، لا صوت، فقط هدوء يُغلف المكان، هاهي في غُرفة العمليات مُنذ ساعتين ولم يخرج أحداً من الأطباء ولا ممرضة حتى ركضت فزعة كما يحدث بالافلام لا شيء..

كان جالساً أرضاً يستند بظهره على الحائط، عيونه حمراء من كثرة بُكائه شاحب، مُرهق لم ينبس ببنت شفة فمنذ رؤيتها وهي جُثة هامدة بين يديه شعر أنه فقد النُطق لم يتحدث لم يستطع التحدث فقط ظل يُحدق بها بأعين زائغة ووجه شاحب وكأنه رأي ملك الموت بعينه، لم يستفق سوى على صفع إيان لوجنته بخفه وهو يهز كتفيه بقوة باكياً بصوت مرتفع وهو يرى والدته غارقة بدمائها لا تتحرك ووالده الذي أخذ كان كمن فقد عقله وهو ينظر لها ولا يستطيع التصرف كمن تلقي أقوى صدمات حياته! وقد كانت هذه أقوى وأبشع صدمه حدثت في حياته بالفعل..

إستفاق على صُراخ إيان به، فلم ينتظر أن يسمعة فقد حملها وركض بها إلى الخارج ومن حظه الجيد وجد فارس يدلف إلى المنزل ليتصلب مكانه وهو يراهُ يركض بها بتلك الحالة، لم يُحدثه ولم يلقي عليه حتى نظرة واحدة، كاد يلحق به لكنه وجد إيان يركض خلفه وهو يبكِ بحرقة وهذا ما جعله يظل معهما في المنزل كي يُهدأهم..
حتى عندما وصل بها إلى المستشفي لم يقل شيء فقط ركض خلفهم وهم يأخذونها إلى الغرفة..

أما عن روحه فهي تحلق الآن بسابع سماء لايشعر بشيء لا يصدر عن جسده أي حركة، قلبه الذي ينبض هو فقط من يجعله يتأكد أنه مازال على قيد الحياة لكن هو كمن فقد حياته منذ زمن ؛ يحملق أمامه في الفراغ دون حركة وكأن المقاعد الساكنة ستتحرك وترقص من حملقته بها! مازال ندائها عليه بلهفة يصدح بأذنه كالطنين ممزوج بصوت الرصاصة التي إخترقت جسدها، مراراً وتكراراً يرى المشهد أمام أعينه وكأنه مازال مُحتجزاً هُناك، عقله توقف عن العمل في تلك اللحظة وأصبحت تلك الدقائق هي العالقة بذهنه من بين جميع ذكرياتهما معاً..

ضرب الحائط بعصبيه وهو يسير في الممر ذهاباً وإياباً والخوف عليها ينخر عظامه بلا رحمه، فارس من هاتفه وأخبره ماحدث، يشك أنه كان سيعلم شيء من حالة فراس هذه!
حدق به مُراقباً هيئته بحزن، فكم مرة بكى من أجلها خوفاً من فقدانها؟ كم مرة يجب عليه أن يخوض تلك الإختبارات التي يخرج منها بخسائر فادحة؟ لما لا تهدأ حياتهما وتستقر لما؟.

تنهد وتقدم منه ثم جلس بجانبه ونظر له بتفحص وقبل أن يتحدث لمح مُسدس يوضع بحزام بنطاله من الخلف فمد يده وأخذه، قلبه بين يديه لبعض الوقت ثم سأله بتهجم: ايه ده؟
حرك رأسه ونظر له بدون تعبير، إبتلع ريقه بتعب ثم قال بصوت بالكاد خرج: مُسدس..
غمغم بغضب وقال له بحده: عارف إنه مُسدس شايلة معاك ليه وجبته إمتي أصلاً إنت لحقت؟
رد مبرراً بإرهاق: ده بيبقي معايا في العربيه على طول..

أومأ مُتفهماً وهو يمسحه بنظرة متفحصة وأعاد يسأله: وجيبه معاك ليه؟، صمت فراس قليلاً وقبل أن يتحدث مازحه جود كي يخرج من تلك الحالة: هتقتل الدكتور لو قال حاجة معجبتكش ولا ايه؟
إرتفعت زاوية شفتيه مُفرجة عن إبتسامه بالكاد ظهرت جعلت جود يبتسم وهو يُفكر بألين فهي إن رأت تلك الإبتسامه مع هيئته الحزينة لتغزلت به وقرصت وجنته وأخبرته كم هو جذاباً بتلك الابتسامة..

رد بصدق وهدوء وكأنه يخبره أسمه: جبته عشان أموت بيه نفسي..
صمت جود قليلاً وهو يقلبه بين يديه بغضب ثم سأله باستنكار: انتوا أنانيين ليه كده؟ وولادك؟ هتسيبهم لمين؟ وهتموت نفسك ليه كمان هي ناقصة كُفر؟!
أعاد إسناد رأسه على الحائط وقال بتعب: مهما حاولت أشرحلك مش هتفهم بلاش نتكلم أحسن..

قال بضيق وهو يضرب كتفه بمؤخرة المسدس: لأ، فاهم وعارف ألين بالنسبالك ايه بس ولادك دول مش من ألين؟! إزاى تفكر كده؟ جالك قلب ازاي؟
هز رأسه ووضع يديه على عينيه كطفلاً يمنع تلك العِبرات من السقوط، فهو يشعر أن من كثرة الضغوطات وما يتعرض له أصبح فتاه تنتظر أن يسألها أحداً ما بك لتنفجر باكية وتقص له كل شيء..

إبتلع غصته وقال بنبرة خرجت مرتجفة: عشان مش هقدر أعيش من غيرها، ولا هقدر أبص في عنيهم وأشوف نظراتهم اللي بتلومني كل ثانيه مش هقدر! ولا هقدر أعيش معاهم وهي مش موجوده؟ أنا مش كفاية عليهم ومش هعرف أعوضهم عن غيابها!؟

تنهد جود ومسد جبهته وهتف بإزدراء: لما إنت أبوهم وبتقول مش هتعرف تعوضهم هتسبهملنا إحنا! إحنا اللي هنعوضهم بقي؟! بطل عبط ألين هتبقي كويسة وهقولها إنت عملت ايه وهخليها تعلمك الأدب إظبر إنت عليا بس، أومأ له وقال بتمني: تفوق بس وأعمل اللي إنت عايزه..
تنهد جود بحزن وسأله: مين عمل كده؟

تهجمت ملامحه وشعر بدمائه تغلي داخل عروقة وبدأت تضخ بجسده من جديد، عادت أعضائه الحيوية تعمل بانتظام وعاد تصلب جسده وأشتدت أعصابه، هب واقفاً وتحرك لكن جود أوقفة بسؤاله: رايح فين؟
رد بتهجم وملامح مُدميه مُميته لا تُفسر: رايح لولاد الدول وربي لأهدها فوق دماغهم..
ثم دني منه ونزع ذلك المسدس من بين يديه وقال بوجوم: وهات ده كمان، وتركه متعجباً وغادر..

لقد كان معها حق عندما اخبرته أن أحداً منهم سيحدث له شيء، هو الغبي الوحيد لأنه وثق بهم..
الفراغ، في الفراغ وحدها من جديد لا يوجد شيء حولها، ترتدي ثوب أبيض حريري ناعم وشعرها ينسدل خلفها بنعومه تسير بتعثر وحدها تلتفت يميناً ويساراً تبحث عن أحدٍ ما معها لكنها لم تجد..
وهاهي الدراما تبدأ وركضت الممرضة خارج الغرفة تأتي بجهاز الصدمات الكهربائية من أجلها..

جلست أرضاً بإحباط وهي تسند وجنتها على راحه يدها لتشهق فجأه عندما رأت والدها يجلس مُقابلها فابتسمت ووقفت سريعاً و إتجهت إليه وهي تبتسم لتختفي إبتسامتها عندما رأت ملامحه الحزينة..
سألته بحزن وهي تقف أمامه: بابا مالك!
هز رأسه ونظر لها بأسف وأمرها بحزم: متحضنيهاش، قطبت مابين حاجبيها بعدم فهم ليصل إلى مسامعها صوتها الحنون وهي تهتف باسمها: ألين..

إستدارت بتعجب لتتسع إبتسامتها المُتفاجئه عندما رأت والدتها تقف تبتسم لها بعذوبة بهيئتها الملائكية وأخيراً قد أتت لها كما كانت تراها بحلمها..
إزداد إتساع إبتسامتها فهي لم تراها هُنا قبلاً؟ لقد رأت والدها فقط المرة الفائته، تقدمت منها بخطوات شبه راكضة سعيدة فهي إشتاقت لها حقاً..
تيبست قدمها متوقفه أمامها بخطوة واحده عندما هتف والدها بصوت مرتفع: متقربيش منها أكتر..

عبست سعاد وقالت له بضيق: برضه هتدخل في دي كمان؟ سيب بنتي تجيلي بقي؟!
هز رأسه رافضاً وتقدم منهما وقال بضيق مُماثل: سبيها إنتِ تعيش حياتها بقي وكفاية كده على الأقل تعيش أد اللي إنت عشتيه!
هتفت معترضة تُشاجرة بينما ألين تقف بمنتصفهم لا تفهم شيءً: إنت زعلان ليه؟ هي تعبت من الحياه ومش عايزاها تاني! لو كانت عايزاها مكنتش هتبقي هنا دلوقتي!

هتف بحده: عادي تيجي وتمشي لكن إنتِ إنتِ اللي عايزاها جنبك هنا وتسيب ولادها وحياتها..
كادت تتحدث لكن ألين قاطعتها وقالت بعدم فهم: هو في ايه؟ أنا مش فاهمة؟!
قال عادل بعصبيه: لو حضنتيها مش هتفوفي تانى هتموتي و مش هترجعي! إنتِ عايزة كده؟

أدارتها والدتها كي تنظر لها ثم قالت بحنان: حاسه بإيه يا ألين؟ هدوء، راحه نفسيه مفيش هموم ولا أي حاجة مرتاحه ومبسوطة و دي هتبقي حياتك هنا ليه تسيبيها وتعرضي نفسك لألم وعذاب تاني؟ تعالي معايا يا ألين تعالي معايا..
أدمعت عينها ونظرت إلى والدها الذي يرفض بشدة ثم إلى والدتها التي تترجاها أن تأتي معها..

وضعت يدها على معدتها وشعرت بتلك الحسره التي من المفترض ألا تشعر بها هُنا، سقطت عِبراتها وهي تفكر بهم صغيرتها، إيان، فراس ماذا سيحدث لهم؟
كيف ستحيي هي دونهم! ضحكاتهم كيف سيكون وضعها عندما لم تستمع لها يومياً؟
نظرت إلى والدتها لتجدها تسألها بأسي: متعبتيش؟!

إستنشقت مابأنفها وقالت بنبرة مُرتجفة في محاولة إلى التحدث بهدوء دون بكاء: أنا، أنا، تعبت كتير، إتعذبت وإتألمت، بس، بس، ثم شهقت وإنهارت باكية وهي تتابع: بس فرحت وإنبسطت وحياتي بقت سعيدة لكن، لكن، نظرت لها والدتها وقالت تأكد ماسوف يحدث: لكن حد متعرفهوش حاول يموتك، هتفوقي وهتعدي الحادثة وهيحصل غيرها ؛ هتقعوا في مشاكل وهتنتهي وهيحصل غيرها مش كفاية عليكِ كده؟

وضعت وجهها بين يديها تبكِ بأسى وقالت بتحشرج: بس هنتخطي كل حاجة وهنقوي بعض مفيش حياه من غير مشاكل!، أنا، أنا، قلبي بيوجعني عليهم مش هقدر أبعد عنهم، وسقطت جالسة أرضاً بنهاية حديثها بضعف تبكِ وحدها..
جثت والدتها أمامها وبكت وهي تقول بأسى: وأنا قلبي بيوجعني عليكِ!.

نظرت لها ألين قليلاً ثم أومأت لها وقالت باستسلام وهدوء: هاجي معاكِ، هاجي، وعانقتها بقوة وهي تشهق بأحضانها تنعم بدفئها الذي حرمت منه لمدة طويلة..
إنتفض جسدها بقوة مع قول الطبيب بسرعة وهو يحدق بالخط المستقيم الظاهر بالشاشة الخاصة بجهاز القلب الآن وجبينه يتفصد عرقاً: زود، زود، وضع جود يده على الزجاج من الخارج بلهفة يكاد يبكِ وهو يُراقب حالتها بذعر ويدعو أن تستيقظ فهم بحاجتها..

أمسكت يدها وأخذتها خلفها مُتجهين إلى ضوء أبيض قوي يخرج من أحد الأبواب المفتوحة بآخر الطريق، كأنه المنفذ إلى الحياة الأخرى، النهاية..
نظرت إلى والدها وهي تسير معها فهز رأسه بعدم رضي وتوقف مكانه ولم يتابع سيره معهما، نظرت خلفها مرة أخيرة وكأنها تودعهم ولم تتوقف عن البُكاء قط ولا أنزلت يدها عن قلبها المُدمي المرهق حتى هُنا، تشعر بانشطارة..

وضعت هالة إحدي قدميها داخل الباب كي تدلف لتسير رجفه بجسدها وبرودة إجتاحت اوصالها مع شهقة خافتة جعلتها تعود إلى الخلف وتركت يد ألين وهي تتنفس بثوران، لقد رأتهم، رأت حياتهم المدمرة! رأت موت فراس بعد موتها، تدمير حياة أطفالها والتنمر عليهم، هي تأخذ حياتهم بتلك الطريقة! فألين هي الحياة بالنسبةِ لهم ولا يحق لها أن تنتزعها من بين أيديهم لايحق لها، فهي حياتهم..

لقد نجحت وفعلت مالم تفعله هي واصبحت أُمً رائعة غير مُهملة فبأي حق هي الآن تُدمر كُل ما بنته إبنتها؟
إستدارت لها، إبتسمت بحنان ومررت يدها داخل خصلات شعر ألين الكثيفة وهتفت بابتسامة عذبة وهي تُراقب نُسختها المُصغرة تنظر لها بقلق: عُمرك طويل، ولسه قُدامك حياه ده مش وقتك..
توقفت عن الحركة وسألتها بانفعال حاولت التحكم به وصدرها يضرب كالمطرقة: يعني انا مش هموت؟!

هزت رأسها بنفي وهي تُداعب وجنتها وقالت بابتسامة: لا يا حبيبتي مش هتموتي، ثم وضعت يدها على معدتها وتابعت بابتسامة وهي تمسدها بحنان: ولد؟.
إبتلعت ريقها غير قادرة على التحدث بخوف مما تقول كيف علمت؟، لتتابع هي حديثها بصيغة السؤال: ولا بنت؟ توأم؟
إبتسمت ألين براحه وقالت لها جاهلة جنسه: مش عارفة؟، ثم سألتها بقلق: بس أنا حضنتك؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة