قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والستون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والستون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والستون

بعد مرور أسبوع...

ضحك وائل وهو يهز رأسه محدقاً بالأسفل من نافذة مكتبه وهو يمسك قدح قهوته على نائل الذي كان يتسلل للداخل بتوجس كما علمه جود فهو قد سافر عندما هاتفته ريم وتركهم هم وحظهم بالدخول فهذا مالك صديقة على أي حال، وللمصادفة كان نائل وفراس يأتوا كل يوم و يذهبوا دون أن يلاحظ أحدهم وهذا ما شجعهم على الإتيان وكأن لا أحد يعلم ولا يلاحظ وهذا ماكان يجعل وائل يضحك وكل ما يدور برأسه أنهم مازالوا صغاراً ليفهموا هذه الحياة وما يحدث حولهم! مازال أمامهم الكثير..

وصل نائل لنافذة غرفتها وجلس يتأملها بحنان مثلما يفعل كل يوم فها هي تجلس على فراشها وترفع خصلاتها بإهمال ليتمرد بعضاً منهم ساقطين حول رقبتها بنعومة ممسكة بالقلم كعادتها وتظل تدون بذلك الدفتر أشياء يتمني لو يقرأها فقط كي يعلم ما بها وبماذا تشعر هل تشتاق له مثلها يفعل هو كل يوم وكل ساعه وكل دقيقه وكل ثانيه مثله أم تناسته كما يشعر الآن أنه لم يعد يعنيها كثيراً والمسألة مسألة وقتٍ فقط وسيذهب حبهم هباء الريح؟ لكن لا يهمه ما دامت بخير، أسند رأسه على النافذة وتابع خَطِها على الورقة بذلك القلم من جديد..

بينما فراس في ذلك كان يربت على شعرها بحزن غير متجاهل ارهاقها وتعبها وكفيها الذي شوبهتم الزرقة من كثرة المحاليل، فلا يمرعليها يوماً سوى وهي فاقده للوعي وهذا هو الوقت الوحيد الذي يستطيع رؤيتها به فلا يكون بجانبها أحد ولا حتى طفله لكن اليوم مختلف وهاهو نائم بمهده بهدوء، فهي كل يوم تذهب صباحاً إلى المقبرة تبكي ثم تعود وتقفد وعيها إما هناك أو هُنا فلقد أنهكها فراقة..

قبل يديها برفق و بعينيه ألافاً من الاعتذارات من اجل تركها وحيدة تعاني كل هذا وحدها فلو كان يعرف أنها ستكون بخير لو علمت أنه حي لكان أيقظها الآن وأخبرها أنه هو لكنه يعلم ومتأكد أن الوضع سيسوء أكثر هو متأكد من هذا ولا يريد المجازفة..

تنهد بحزن وهو يضم يدها لِقلبة فيجب أن يذهب الآن قبل أن تستيقظ فجأه وتبكي وهي تهتف بإسمه فمنذ أن بدأ يأتي وهي تستيقظ كل يوم باكية مخبرتاً إياهم أنه كان هُنا ورائحته منتشره بأرجاء الغرفه وهذا جعله يجن فأي رائحه هذه فهو لا يضع شيء فهي جعلته يشك بنفسه ويغتسل قبل أن يأتي ولكنها تظل تستيقظ وتخبرهم أنه هنا ولا يعلم كيف تعلم وتفعل هذا؟!.

أعاد يدها بجانبها وهو ينحني مقبلاٌ جبهتها بحنان وقد لاحظ تلك الدمعة التي سقطت من عينيها فمحاها بقلب فُتر لحالتها فهو لا يستطيع مسامحة نفسه لما تفعله بنفسها فقط لموته فماذا لو مات حقاً ولن يعود هل ستظل طوال حياتها هكذا؟ وتلك الفكرة جعلته يخشي على نفسه الأذي من أجلها فقط لكن لو كان يفعل حقاً لما جاء إلى هُنا من الأساس وعرض نفسه لكل هذا الخطر..
تركها على مضض متجهاً لمهد صغيره ألا يجب أن يراه الآن؟!

ابتسم بحنان وهو يداعب وجنته الناعمة برقة وكم زجر نفسه عندما فكر بأول زواجه عدم الإنجاب فإن لم ينجب فِلمن كان سيبتسم الآن؟! فهو مازال لايصدق أنه يملك طفلاً إلى الان فكم هو شعوراً جميل..
اتسعت ابتسامته وهو يراه يفتح عينه لتتبين ملامحه التي تشبهه كثيراً وعينه التي أخذها من ألين لكن لونها لم يتبين إلى الآن ماذا سيكون ورموشة الكثيفة ودكون خصلاته وتقويس شفتيه فهو مزيجاً جميلاً منهما..

كم تمنى أن يحمله الان بين يديه ويضمه لصدره لكنه لا يستطيع فحمله بيدٍ واحده وهو صغير هكذا ستضره ولن يجازف بهذا فهو بدأ العلاج ويستطيع فعل هذا فيما بعد، قبلة بحنان وتحرك ليذهب لكن وجده يمسك سبابته بيده الصغيره فتبسم وهو يفلت يده تحت ضحكته الطفولية التي علت بصوت مرتفع جعلت فراس يلتفت حوله وهو يهمس بخفوت: هششش هتفضحني، ولكنه لم يكف عن الضحك فقبله فراس بحنان وغادر تاركه يضحك وحده وتلك الضحكات أيقظت ألين من غفوتها وظنته يبكي فنزعت المحلول من يدها وهي تتأوه بألم مهرولة له بقلق فوجدته يضحك بسعادة فتنفست الصعداء وهي تبتسم مربته على صدره بحنان لبعض الوقت حتى رفعت رأسها لِتباغتها تلك الرائحة مجدداً كما تفعل دائماً ليجن جنونها وتحركت تبحث عنه بأرجاء الغرفه بلهفة حتى ولجت للشرفة تبحث بها لكن كالعادة لم تجده أغلقتها واستندت عليها بظهرها بحزن من الداخل فهي ستجن وتعلم هذا..

وجدت باب الغرفة يفتح لِتلج منه الخادمة ومعها طفلة صغيرة تطرق برأسها في الأرض تعبث بأصابعها بتوتر و قبل أن تتحدث ألين وجدت الخادمة تبادر بالحديث قائله: هذه شقيقتك الصغيرة سيدتي منذ أن أتيتي وهي تريد رؤيتك لكنها خجله وخائفه..
ابتسمت ألين ثم جتث أمامها وربتت على وجنتها بحنان: لما خائفة؟!
فقالت بحزن وتوتر: خائفة من أن تكرهيني..

فعانقتها ألين بحنان فهي لاذنب لها بما يحدث فقالت برفق: لا أكرهك عزيزتي فأنتِ شقيقتي وأحبك تماماً ك. نور..
أومأت لها وهي تبتسم بسعادة لتدخل نور بذالك الوقت وهي ترتدي ملابس رياضيه رافعه شعرها كذيل حصان فبعثرت شعر شقيقتها الصغيرة في طريقها ثم قبلتها وسألت ألين: مش هتنزلي معايا؟!
فردت ألين متعجبه: أنزل فين؟!
فقالت نور وهي تأشر على النافذة: المدربة اللي جود جبهالك بتيجي كل يوم وانا بنزل ادرب بدالك..

أومأت لها ألين وهي تبتسم بخفه: اهم حاجة تكوني اتبسطي..
أومأت لها نور وهي تبتسم ثم قالت: وهتتبسطي انتي كمان برضه لما تنزلى معايا..
هزت ألين رأسها بتعب: أسفه يانور مش هقدر أنزل والله تعبانة..
فأمسكت يدها قائلة برجاء: طيب انزلي اتفرجي بس كفايه حبسه هنا!

كادت تتحدث لكن شقيقتهم الصغيرة تحدثت بتذمر: أنا لا أفهم ما تقولون، ابتسمت ألين وقرصت وجنتها بخفه فهي تشبههم رغم كل شيء ثم قالت كي لا تحزن نور: حاضر هنزل معاكى..
قالت بحزن وهي تحدق به: خلاص هتمشي وتسبني؟

فقال جود وهو يربت على شعرها بحنان تحت نظرات يحيي الغاضبة التي كانت تخترقة: انتي مش لوحدك وانا معاكي ف اي وقت اتصلي بيا هجيلك فوراً، أومأت له بامتنان ثم عانقته بحنان فربت على ظهرها برفق ثم قام بتوديعها وذهب..
التفتت كي تدلف للمنزل فوجدت يحيي يقف يحدق بها بغضب لا تعرف سببه ثم ترك المنزل وغادر..

فعادت للجلوس على المقعد بالحديقة بحزن فهي منذ دفن مالك وهي تمكث هنا ولا تريد ترك مليكة وحدها وتذهب خائفه عليها ولاتحادث يحيي ولو بالصدفة لكن قلبها اللعين لا يتوقف عن مراقبته والقلق عليه وتسائلها الان عن خطئها حتى ينظر لها بتلك الطريقة ورغم كل هذا تؤنب نفسها وتحاول تجنبه قدر الأمكان إحتراماً لِمالك..
قاطعها من شرودها هتاف أحدهم بها: ريم هانم ريم هانم!

نظرت له بتشوش وقبل أن تتحدث قال وهو يصافحها: أنا سكرتير مالك بيه، أومأت له ثم قالت بأسف: بس يحيي مش موجود دلوقتي..
فقال بهدوء: هستناه لحد مييجي، أومأت بهدوء ثم قالت له وهي تتحرك: هقوم اعملك قهوة، أومأ بخفه وهو يفتح حقيبته مخرجاً بعض الأوراق يعيد قرائتهم بتركيز..

بينما بتلك الأوقات كان يحيى جالساً بالسيارة يقبض على المقعد بغضب يريد أن ينطلق لكنه يقلق من أن يحدث لها شيء وهي حامل! فمنذ موت مالك وهي تتجنبه ولاتحاول التحدث معه كثيراً ولا يعلم لما؟! فإن كانت خائفه من الزواج منه فهو لن يتحدث معها بهذا الشأن ولا يريد هذا فهي لا تعلم أنه سمع حديث مالك لها وهو سيكمل حياته وكأنه لم يسمع لكن لما الحساسية وكأنه هو من سبب موت مالك؟!.

فمنذ مجيء جود من أجلها وهو يشعر أنه أصبح شفاف هو شاكراً له لأنه ساعده في كثير من الأشياء بحكم صداقته مع مالك لكنه قريباً من ريم بطريقة تزعجه وتفقده صوابه فأصبح طوال الوقت متوتر وعصبي من دون سبب وهذا يضايقه أكثر فهو شخصية هادئة لم يكن عصبياً يوماً! لكن يبدو أن الحب يقلب كيان صاحبه إما يجعله سيئاً أو جيداً لكن يبدو أنه يجعله سيئاً هو وشقيقه..

لاحظ دخول ذلك المحامي فترجل من السيارة ووقف في الخارج يستنشق قليلاً من الهواء ثم دلف للداخل مع تقديم ريم له قدح القهوة، فتقدم وصافح المحامي فسألته ريم بهدوء: أعملك حاجه تشربها؟
هز رأسه نافياً: لا شكراً، أومأت له وتحركت عائده للداخل فأوقفها المحامي بقولة: ممكن تفضلي عشان في كلام مهم لازم تعرفيه انتي ويحيي!
أومأت وقلبها يخفق متوقعة ماذا سيقول فعادت وجلست بالمقعد المجاور ليحيي بصمت منتظره أن يتحدث..

فقال بهدوء وهو يشبك يديه معاً: مالك بيه كتب وصيته من شهرين تقريباً في نفس اليوم اللي انتي سبتيه فيه إتصل بيا وسلمهاني، ثم تابع بأسف: انا عارف ان ده مش وقت مناسب بس هو كان موصيني ادهالك في نفس اليوم اللي مات فيه بس طبعاً ده ميصحش بس برضه محبتش اتأخر عشان دي أمانه..
أومأ له يحيى بتفهم وقال: اتفضل مفيش مشاكل..

فقال وهو يمد الورقة إلى ريم: دي ليكي وصاني اني ادهالك أنا معرفش فيها ايه عشان هو اصر اني مشوفهاش وادهالك في ايدك، أومأت له وهي تأخذها بيد مرتجفة ثم تابع وهو يتنهد: الوصية بتاعته مش عبارة عن فلوس ونصيبك ونصيبه ولا اي حاجه من الكلام ده؟! هو بيثق في يحيى وعارف انه مش هيظلمك لا انتي ولا ابنه وعشان كده وصاني وقالي اني اكون مسؤول عن جوازكم..

تفاجئ يحيي قليلاً فلم يكن يعلم أنه يأخذ الموضوع على محمل الجد ظن أنه أخبر ريم هكذا فقط!

بينما ريم لم تتفاجأ بل قبضت على طرف الورقة التي تمسكها بيدها ولم تحيد بنظرها عنها وهو لم يتحدث أيضاً، فأعاد المحامي عليهم بإصرار: أنا أسف بس مفيش مجال للاعتراض وانا هنا عشان أنفذ الوصية، ثم تابع وهو ينظر لملامح يحيي التي لا تفسر وريم التي تصنعت عدم السماع لشيء: دلوقتي بس عرفت هو قالي ليه عشان عارف إنكم مش هتنفذوا حاجه وانا للأسف هنفذ عشان دي أمانة ودين في رقبتي..
فقالت ريم بعد تفكير: أنا موافقة..

نظر لها يحيي باستنكار ثم زجرها: مش مُطره انك تقبلي حاجه انتي مش عايزاها مالك مش موجود مش مُطرة انك تسمعي الكلام!.
فقالت بنبرة خرجت قاسية: لا مُطرة عشان بحبه ودي اخر حاجة كان نفسه فيها متفتكرش إني بحبك ولا حاجه؟! ثم نظرت بالإتجاه الآخر بغضب فأومأ لها بعصبيه: وافقي لوحدك أنا مش موافق..

وصل لِمسامعة صوت بكاء من الخلف فالتفت على أثرها فوجدها مليكة تبكي وحدها فهرول لها بقلق وكوب وجهها بين يده: مالك يا حبيبتي بتعيطي ليه تعبانة؟
هزت رأسها بنفي وهي تبكي بحرقة قائلة: عشان انت مش عاوز تتجوز ريم وهتسبني وتمشي وهفضل لوحدي، وتابعت البكاء فعانقها بقوه وهو يربت على ظهرها بحنان: مليكة يا حبيبتي مش هينفع عشان انتي عايزاها تفضل معانا اتجوزها ريم بتحب مالك مش بتحبني انا يا حبيبتي!.

فتابعت بحرقه وصوت مرتفع: بس انت بتحبها وكم، وصمتت عندما وضع يده على فمها وهو ينظر لها بتحذير كي تصمت وهو يتساءل كيف علمت تلك الفأرة؟!.
فوقف ثم قال باستسلام: أنا موافق..
فقال المحامي وهو يبتسم: كويس المأذون هيبقى هنا بعد الولاده ان شاء الله..
نظر له يحيى رافعاً حاجبيه فهز المحامي كتفيه بقلة حيله قائلاً بهدوء: كنت هجوزكم غصب عنكم برضه.
كانت تجلس بجانبه على الأريكة تراقب مايفعل بضجر فكان يعبث بحاسوبه..

فقالت بازدراء: هتفضل تلعب وسيبني كده؟!
نظر لها فارس بجانب عينه ثم سخر قائلاً: ارقصلك يعنى؟ اعملك ايه؟!
ضربت قدمها بالأرض بضيق ليتابع وهو يحدق بالحاسوب بتركيز: أخوكي بيدور عليكي..
فقالت بسخط: طيب رجعني بقى كفايه كل ده ليه؟!
فقال بتهديد وهو يحذرها: لو مسكتيش هلغي الهدنة اللى مابينا وعليا وعلى أعدائي..
رفعت طرف شفتيها بسخرية قائلة: بس يا خواف بس بس، في حد يخاف من المية؟!

قبض على شعرها بخفه وهو يقول بتهديد مبعداً كنزته عن رقبته: شايفه العضه اللي معلمة في رقبتي دي؟!
أومأت بخفوت وهي على وشك الضحك متذكره ما حدث فتابع: لو مسكتيش هعضك زيها وهطلعها بالدم فاهمه؟!، أومأت وملامحها تنكمش أكثر فأكثر حتى انفجرت ضاحكة وهي تنظر له فدفعها من يده للخلف وهو يزفر بضيق فهي لن تتوقف من يومها عن تفكيره بما فعل داخل المياه والسخرية منه..

ركضت عندما سمعت صوت طرق الباب وفتحته بحماس فاختفت ابتسامتها وهي تري رجال لا تعرفهم يرتدون الأسود كالحراس الشخصيين فعادت بخطواتها للخلف بخوف وفتحت فمها لتصرخ لكن تقدم أحدهم منها سريعاً وكتم أنفاسها بوضعه منديلاً على أنفها جعلها تستنشقه عنوة حتى فقدت الوعي..

زفر وهو يهتف بإسمها عندما لاحظ تأخرها: مها، مها، انتي يامستبده؟!، ترك الحاسوب على الأريكة واتجه للخارج وهو يلتفت باحثاً عنها بأرجاء المنزل ليباغته أحدهم بضربه على رأسه أفقدته الوعي؟!
بعد عدة ساعات..
فتحت مها عينيها ثم انتصبت جالسه على الفراش وهي تنظر حولها بتشوش ثم قالت بتعجب: بيتنا ده؟!.

لمحت عينيها طفل صغير يتحرك بفراشة فتقدمت منه وهي ترمش بذهول حتى صرخت بحماس وهي تقفز قائلة بسعادة: إنت اللي خلفتك سارة، ثم تابعت بتعجب: ايوه انت تعالي، وحملته بسعادة وظلت تقبله بنهم وهي تبتسم جعلته يبكي فعادت سارة بهذا الوقت وابتسمت وهي تسألها: صحيتي!
أومأت لها مها وهي تهزه برفق وسعادة وتساءلت: مين القمر ده؟!
تبسمت سارة بحنان وهي تحدق به: ده يوسف..

التمعت عيناها ببريق سعادة وتساءلت بعيون دامعة: بجد يا سارة؟!
أومأت لها سارة وهي تمسح دموعها التي سقطت وقالت بحزن: متعيطيش بقى هزعل..
أومأت لها وهي تنظر له بسعادة ثم تساءلت: فين علي؟
قالت ساره وهي تربت على شعرها: بيحاسب اللي كان خاطفك..
فنظرت لها مها قائلة بتعجب: فارس!

فتح عينه وهو يتأوه بألم شاعراً بيديه وقدميه المقيدتين بحبلٍ خشن كان يحتك بجلده بعنف يؤلمه، حدق حوله بأعين زائغة حتى وضحت له الرؤية كاملتاً ليجد على يجلس مقابله عاقداً يديه أمام صدره يحدق به باقتضاب..
فقال فارس بسخط وهو يتألم: بتخلي رجالتك تضربني يا على؟!
فقال على بتهكم: وانت كنت خاطف اختي يا فارس!

فقال بضيق وهو يقوم بطرقعة رأسه بتحركيها يميناً ويساراً: على اساس اني كنت خاطف ملاك الرحمة احسن انك ختها رحمتني..
فاقترب منه على وقبض على ياقته وكاد يتحدث لكن أبصرت عيناه تلك العضه فظن شيئاً أخر وخاصتاً أنها كانت تتماثل للشفاء ومن يراها لن يقول أنها عضه فقال بحده وهو يهز جسده بين يديه بعنف: إيه اللي في رقابتك ده؟! إنت عملتها ايه؟!

فلوي شدقيه وقال بسخط: ده أنا أولع في نفسي قبل ما أفكر أجي جنبها صلي عالنبي دي راجل؟!
دفعه على وهو يتنفس الصعداء ثم رفع حاجبيه متسائلاً باستنكار: مها راجل؟!

أومأ له فارس وكل ما يراه أمام عينه هيئتها وهي ترتدي ملابس السباحة وتضحك له، وعندما ركضت خلفه وملابسها مبللة وعندما خلعت الجورب وألقته بوجهه!، أغمض عينيه وهو يزفر بنفاذ صبر محاولاً تجاهل كم الانوثة التي تحيط بها من أعلاها لأخمص: اه راجل وبنت راجل..
صفعه على بخفه على وجنته: عارف انها بنت راجل، ودلوقتي بقي تقدر تعرفني عملت ليه كده؟!

فقال فارس بضيق وهو يتحاشى النظر له: عشان عملت نفسك مش عارفني، ثم قلد نبرته: ادخل يا فراس واقف ليه؟!، وتابع بتهكم: وفراس هيقول على مها مراتك برضه؟!
زفر على وقال بتهكم: وانت تكذب ليه من الاول وكده كده هتتعرف! أصل فراس مش عارفينه من امبارح يعني عشان منعرفش نفرق بينك وبينه وخصوصاً أنا دي تبقي عيبه في حقي؟!
فقال فارس بحنق: خلاص، عرفتني فكني بقي عشان الحبل بيوجع..

فنفى على عاقداً يديه أمام صدره: لا لما انتقم منك الاول وأخلي مها تعاقبك على اللي عملته معاها..
فضحك بسخرية قائلاً بتهكم: على اللي أنا عملته أنا! ده أنا اللي عايز انتقم من أم أربعه وأربعين دي..
ضحك على ثم تصنع الجدية واشترط: هفكك بس هتخرج من هنا على الشركة وتشتغل وتبدأ من جديد..
ضحك فارس بسخرية قائلاً بنفس التهكم: اشتغل فين؟ شركة؟ شركة مين؟! خليني بعيد عنها أحسن أسمع مني..

فأعاد على بإصرار: لا مش هسيبك فراس اتصل بيا وقالي أقولك كده بالحرف الواحد، فارس انا عارف انت نزلت ليه وعارف إنك هتبدأ بالشركة أبدأ بيها..
ابتسم فارس عندما فهم مغزى كلماته فأومأ له قائلاً بطاعة: حاضر هشتغل ومن النهاردة ممكن تفكني؟!
أومأ وهو يقوم بتحريره متابعاً: وهتشغل مها معاك..
نظر لها باستهجان قائلاً: ليه ما تشغلها انت؟!
فقال على مبرراً: هي كانت عايزه تتدرب مع فراس وهو مش موجود ف، خليها معاك..

لوي شدقيه ثم قال بسخرية: ام اربعه واربعين دي هتبقي مهندسة؟ عشنا وشفنا..
زفر على وهو يقوم بفك أخر عقده: أحترم نفسك دي أختي وتخلي بالك منها زيي بالظبط وخليك عارف إنها شرسه ومش باقية على حد، فتابع فارس مكملاً عنه بسخرية: ومش بتأكلوها لحمه كمان..
ضحك على وقال بأسف: معلش هي عصبيه عشان تبقى عارف يعني، وحمدالله على السلامة، وعانقه بقوة
فقال فارس بحزن وهو يأنبه: انت لسه فاكر؟!

فقال على وهو يبتسم: أنا حضنتك كتير اول مارجعت في خيالي والله، إبتسم فارس وهو يبادله العناق متنهداً براحه فهو يكره الوحدة ألا يكفي كل تلك السنوات من عمره كي يعاني هُنا أيضاً..
=: ماتجيبي الواد ده، هذا ما أردف به جود وهو يختطف إيان من يدها بعد عودته من سفره..
فشهقت بخضه ثم ضربت كتفه بغضب: انت بتشده كده ليه؟!
فقال متصنعاً الحزن: انتي بتضربيني؟ أنا ماشي..

وتركها وغادر أخذاً إيان معه ويدعو أن لا تنتبه حتى يخرج من هُنا لكنها خيبت أمله عندما صاحت به من الحديقة: جود، إيان! تعالي هنا وهاته؟!، ثم ركضت خلفه فركض هو الأخر واستقل السيارة سريعاً وذهب فتوقفت تلهث أمام بوابة المنزل وهي تراقب ذهابه فسألها أحد الحراس: هل نلحق به سيدتي؟!
فقالت بنفي: لا، لا، إنه سيعود بعد بعض الوقت شكراً لك، ثم عادت للداخل وهي تشعر بالفراغ من عدم وجوده معها مع من ستضحك الآن؟!.

أنامه على صدره وهو يبتسم فكانت وجنته الناعمة تلامس صدره الصلب وكل هذا الوقت كان فراس نائماٌ لا يدري بمن يغفى على صدره براحة..
فتح عينه بعد بعض الوقت وهو يشعر بحركة على صدرة وأنفاس دافئه فابتسم بتفاجئ عندما وجده نائماً على صدره بعمق يتنفس بانتظام، إبتسم بحنان مربتاً على رأسه وهو يتذكر ألين بذلك الوقت الذي كانت تشعر به بالحرارة وهي حامل بمن قبل إيان وأستقلت عليه..

نظر بجانبه فوجد جود يجلس ينظر إليهم بفخر فقال وهو يبتسم: جيت من إمتي؟!
فرد بهدوء: من بدري..
فقال فراس مقترحاً: خلاص تبقي هاتهولي إنت عشان حاسس اننا هنتكشف لو فضلنا نروح كل شويه؟
أومأ له ثم قال: طيب اديني حجه بقي تخليني أخرج بيه كل يوم!، ثم ضحك و تابع: انت متعرفش انا جبته ازاي؟!.
فتساءل فراس وهو مازال يربت على رأسه: ازاي؟!

فرد جود بحنق: ملكش دعوه، هز فراس رأسه بفقدان أملٍ به وظل يتأمل إيان وهو يبتسم فسأله جود: يعني مش هتشوف ألين تاني؟!.
فقال فراس بحنان وهو يستنشق رائحته: بشوفها فيه؟ ريحتها فيه؟!
فابتسم جود وأكمل: و دلوقتي لما ارجع هتقولي ريحه فراس فيه يا شمامين، ثم صمت قليلاً بعد تفكير وقال بجديه: إفرض قالتلى كده بجد؟!
فقال فراس بهدوء: هتقولك..

فكر جود قليلاً ثم وقف وهو يبتسم قائلاً: بس جبتها عندك برفيوم من بتاعك هنا؟!، أومأ له فتابع: هات الازازة أنا هاخدها وهرش منها عليه ولما تقول حاجه هقولها اشترتها بس..
فقال فراس بتردد: هينجح الكلام ده؟!
فقال جود: نجرب مش هنخسر حاجه، ثم أكد عليه بقولة: بس في المستقبل لما تسألها كانت بتشم ريحتك ازاي و منين تبقي قولي عشان هموت واعرف، إبتسم فراس هازاً رأسه بهدوء..

عاد جود للمنزل بعد بعض الوقت فهرولت له ألين ولا يعلم من أين أتت فأخذت منه إيان بلهفه وهي على وشك البكاء: إنت كنت فين؟!
فقال بهدوء: كنت قاعد بيه برا انتي عارفه اني مش بحب البيت ده وكل ما احب اقعد معاه هاخده برا مش ناقصه هي؟!
عانقته بحنان وهي تضمه لصدرها فاخترقت تلك الرائحه القوية جيوب أنفها فقالت وهي تحدق بينه وبين جود: ايه الريحه دي؟ دي ريحه فراس؟!

فقال جود بتصنع وهو ينحني عليه مستنشقاً الرائحه: بجد؟! مكنتش أعرف ده أشط عليا في الطريق وحبيت أودي الريحه الوحشه ف روحت اشتريت دي، ومد لها يده بزجاجة العطر وتابع: بس مركزتش في ريحتها اوي، ثم تساءل بأسف: هي زي بتاعته بالظبط اوي يعني؟!، أومأت بحزن فأخذها من يدها قائلاً: خلاص هاتيها هرجعها، فأخذتها من يده بلهفة قائلة: لا سيبها هاخدها انا شكراً، فقبل جبهتها وحاوط كتفها بحنان وهو يضحك لقد مرت عليها..

كانت تجلس بالحديقة تتأمل الأزهار بهدوء وملامح رقيقه ممسكه بيدها كوباً من العصير، ليباغتها مايكل بقوله الذي وقع عليها كالصاعقة: إنجي تزوجيني..

وقع الكوب من يدها وهي تحدق به بعدم تصديق فجثا أمامها ممسكاً بيدها بين يديه بدفء ولم يعطها فرصه للتحدث وتابع: فلتكوني معي أرجوكِ، إنجي أنا لم أتزوج إلى الآن بسبب حبي لكِ وها أنتِ أمامي الآن فالتتزوجيني إذاً؟! لقد أضعتكِ مرة ولن أعيد الكرة مجدداً!، كانت بوادر الاعتراض بادية عليها فحركت شفتيها لتتحدث رافضه لكنه أعاد برجاء: إنجي أتوسل إليكِ وافقي، أقسم أنني لن أطالبك بشيء فقط أريد بقائك بجانبي وهذا يكفيني لن تندمي صدقيني لن تندمي!.

بعد مرور خمسة أشهر..
بكت للمرة الألف لهذا الشهر بسبب هرمونات الحمل التي تجعلها متقلبة المزاج، فقد اتفقوا أن يبقوا أصدقاء فهم لن يكملوا بقية حياتهم يتجنبون بعضهم لبعض! وقد وافقت ريم ونجحت تلك الصداقة لكن منذ أن مكثت معه تبكي كل يوم مصمه لترك المنزل لأنها لا تريد أن تلد هنا وعندما يسألها يحيي أين تريد أن تلد تظل تبكي ولا تخبره بشيء..

عاد من العمل ليتنهد وهو يستمع لصوتها الذي يأتيه من الحديقة فصف السيارة بهدوء ثم دلف متخذاً قرارة الذي كلفه كل اليوم تفكير دون أن يعمل..
جلس بجانبها بهدوء وهو يبتسم ثم محي دموعها وهو يقوس شفتيه مثلها بلطافة ثم تساءل: بتعيطي ليه؟!
فقالت وهي تشهق: عايزه أسافر، إبتسم برقة ومحي دموعها مجدداً برفق قائلاً بابتسامة: موافق يستي سافري براحتك عايزه حاجه تاني؟!
فقالت بلهفة و ابتسامة: بجد يا يحيي؟!

أومأ لها وقال بسعادة بسبب رؤيته لِضحكتها التي تُحييه من جديد فهو توجد لديه رغبة مُلحة في الحياة وهي العيش فقط لرؤية ابتسامتها..
تابع بتنهيده: بس عندنا مشكلة، مليكة، رفعت ملكية رأسها من على الجهاز اللوحي الخاص بها وقالت بهدوء: نعم، لا معنديش مشكلة خالص، كده كده هترجعي في الأخر متطوليش علينا وطمنينا عليكي حدق يحيي وريم ببعضهم لِبعض الوقت بتعجب فهي كانت ترفض وتبكي كلما تحدثت عن الذهاب ماذا حدث الآن؟!

ابتسمت ريم وهي تربت على رأسها بحنان فهي تكبر وتنضج أمام عينها وهذا يسعدها..

=: ألو، انت، يابني أخوك قرب يفلس الشركة وعمال يدمر في سمعتك وبيستخدم اسم فراس مش فارس انت لو حد شافك في مصر هيتف في وشك وهيجري من اللي اخوك بيعمله فيهم، هذا ما أردف به على بنفاذ صبر واكتفاء من فارس فضحك فراس ثم قال بهدوء: سيبه براحته بعدين أفهمك المهم دلوقتي عايزك تروح شقتي اللي اتجوزت فيها عاوزك تجبلى حاجه من الدولاب و تبعتهالي في البريد على عنوان جود تمام؟.

أنهى مهاتفته ثم التفت على صوت فتح الباب ودخول جود مع إيان فابتسم وهو يراه يتمايل بيد جود يريد أن يصل له وهو يبتسم ولمجرد إن إقترب جود منه أكثر ارتمى بأحضان فراس فعانقه بقوة وهو يبتسم بحنان محاوطة بيده السالمة..
فقال جود وهو يبتسم: أتعلق بيك اوي..
فرد عليه بدون تعبير ممتعضاً: عشان أنا أبوه!
فتابع جود: و بيحبك أوي.

فرد عليه بنفس الامتعاض: عشان برضه أبوه، ابتسم جود بحزن وهو يتساءل هل ستحبه طفلته أيضاً بتلك الطريقة؟!، استفاق من شروده على صوت ضحكات إيان ودفنه لرأسه بعنق فراس بخجل فابتسم وهو يراقبهم بينما فراس استلقي به على الأريكة وهو يلاعبه ثم نزع قبعته لتنسدل خصلاته الناعمة الحريرية ليعبث بهم بتركيز وهو يبتسم حتى لاحظ تحديق إيان به بزرقاوتيه وشفتيه المنفرجتين وكم كانت نظراته بريئه تشبه خاصة ألين عندما تنظر له.

تنهد وهو يكبح نفسه يريد أن يتناوله فلما هو جميلاً هكذا؟!، باغته بتقبيله بقوة فضحك بسعادة وهو يحرك قدمة ويديه مصدراً أصواتاً حماسية طفولية فأعاد فراس تقبيلة ليستمر في الضحك بسعادة حتى بدأ يتحرك يحاول الصعود على صدر فراس كي ينام مثل كل يوم فلم ينجح حاول أكثر من مرة وقد أنقذه فراس بيده من وقعه مؤلمة حتى صعد أخيراً وسار على معدته حبواً وهو يرتكز في سيره على يديه وركبتيه الصغيرة حتى وصل لصدره أخيراً فألقي رأسه عليه بتعب هي ويده فتدلت يده على الاريكة لكنها لم تلمس الأريكة بسبب قصرها فأمسكها فراس وهو يبتسم ثم قبلها بحنان محدقاً بأظافره اللامعة الصغيرة بابتسامة وقد لاحظ من هدوءه وأنتظام أنفاسه أنه غفي فهو يأتي كل يوم هنا ليلعب معه قليلاً ثم يغفي حتى موعد ذهابه..

مر الوقت فرتب فراس مظهره ثم وضعه بيد جود فكان مازال نائماً فقال له فراس وهو يقبل رأسه بحنان: سوق براحه، وعلى هيبعتلك بريد على عنوانك تبقي هاتهولي لما يوصل، أومأ جود بهدوء ثم أخذه وذهب..

عاد جود إلى المنزل فوجد ألين تجلس على الأرجوحة في الحديقة تراقب نور وهي تلعب اليوجا مع المدربة وشقيقتهم الصغيرة التي تقف بجانبها تقلدها فمن يراها سيظن أنها تراقبهم حقاً لكنها لم تكن معهم بل كانت بمكان أخر بعيداً عن هُنا بائس يخصها وحدها، فهي تشعر أن الجميع عاد بخير عداها هي؟! فهي فقدت إرادتها لفعل أي شيء لا تريد تشعر أنها أصبحت عجوز فهي شابه من الخارج لكنها تشعر من الداخل أنها تبلغ فوق الثمانين عام فالحديث يرهقها ولا تتحدث كثيراً والطعام تكتفي فقط ببعض اللقيمات الصغيرة فقط من أجل أن تظل صامدة مع إيان فهو الشيء الوحيد الذي تعيش من أجله، وبعده عنها تلك الساعة أصبح يجعلها تشعر بالاكتئاب فهي أصبحت تخشى أن تفارقة أو تتركه مع أحد عدي جود ووالدها الذي لا تستطيع أن تمنعه عن حفيده وبالطبع نور التي لاحظت إلتماع عينيها ببريق حُزنٍ عميق كُلما حملت إيان لسببٍ لا تعلمه وشقيقتها الأخرى التي تلعب به في بعض الأحيان، أما أشقائها الرجال الثلاثة فدائماً مشغولين بالعمل ولم تراهم سوى مرة واحدة تعرفت عليهم بها ومن وقتها لم تراهم مجددا..

استفاقت من شرودها على وضع جود إيان بيدها فتهللت أساريرها وهي تحدق به بحنان ثم سألت جود بحزن: إنت بتنيمه ليه؟ بسببك بيلخبط نومه ومش بينام بليل وبيسهرني معاه..
فقال جود وهو يبتسم: إسهري معاه ايه المشكلة يعني؟
تنهدت وهي تربت على وجنته برقه فوجدتها محمره وكأنه ارتكز بها على شيءٍ ما لوقتٍ طويل فسألته بقلق: جود هو كان نايم على ايه معلم في وشه كده؟!

نظرجود لوجنته ثم قال بهدوء: كان نايم في حضني عادي، يا ألين! ده إنتي بتركزي في حاجات غريبه..
فقالت بنبرة مرتجفة على وشك البكاء: معلش اعذرني عشان دي أقل حاجة ممكن أعملها عشان مخسرهوش هو كمان، عانقها بحزن وهو يربت على ظهرها: خلاص إهدي متعيطيش ماصدقنا عينك ترتاح شوية..

دلفت سارة لغرفة مها على حين غرة منها، فشهقت بخوف وهي تركض أتجاهها بهلع وابعدت يوسف عن وقع يدها وزجرتها بحدة: مها انتي اتجننتي! بتأكليه شيبسي!
فقالت مها وهي تلقي القطعة المقرمشة بفمها ملوحه بقدمها في الهواء وهي تنام على معدتها: عادي يعني سيبشي ماله؟!
ربتت ساره على وجنته بحنان وهي تهز رأسها بفقدان أمل منها ثم قالت بتهكم: مش هسيبه معاكي تاني..

إبتسمت مها بجانبيه وهي ترفع حاجبيها وقالت بمكر وهي تقلدها: مها معلش خلي يوسف معاكي على جي شويه كده عشان أجهز نفسي النهارده الخميس و، وضحكت عندما ألقت سارة عليها الوسادة قائله بحده خجولة: خميس إيه يا قليله الادب، ثم تابعت: احنا مش بتفرق معانا ايام، فصفقت مها بحماس قائلة وهي تبتسم: ايوه يا جامد يا بختك يا على يا بختك..
ضربتها ساره بخفة على كتفها قائلة بخجل: بس يا مهزقة..

كانت تسير في الغرفه ذهاباً وإياباً تحمله بيدها وهي تهزه برفق مبتسمة بحنان وكأنه طفلها متأملة ملامحه الملائكية فهمس لها نادر بخفة عندما دلف ورأها كي لا يستيقظ: بتعملي إيه؟!
فقالت بهمس لطيف مثله: بنيم فادي سجى تعبانة شويه بساعدها..
أومأ لها وهو يبتسم ثم قبلها بحنان قائلاً بحب: تسلم إيدك يا عمري، فقالت وهي تنظر له بعشق: ربنا يخليك ليا ياحياتي..

ومرت الأيام وجميعها متشابهة، ألين كل يوم تذهب لقبره هي ونور معاً تظل تبكي حتى يأتي جود ويأخذ إيان منها ويذهب وتعود هي للمنزل مع السائق وتنتظره حتى يعود بروحها فهو قطعة من قلبها..
أما فراس وإيان فكان تعلقهما ببعض يزداد يوماً بعد يوم وأحياناً لم يرد فراس أن يفلته ويتركه يذهب مع جود وقد تشاجر جود معه أكثر من مرة بسبب هذا فإن كان يريد أن يظل بقربة فليظهر نفسه إذاً؟!.

أما نائل فلم يكن يتوقف عن مراقبة نور بأعين ثاقبة وقلق يتفاقم يوماً بعد يوم يجعله يشعر بالاختناق فقط لو يعلم ما يدور برأسها؟!.

أما ريم فقد عادت تمكث مع جود واخبرت يحيي انها تمكث بفندق حتى ميعاد ولادتها وستهاتفه قبل الولادة كما اشترط عليها قبل أن تذهب، لكنها لم تفعل بل أنجبت مالك الصغير الذي لا يجعل جود يذق طعم النوم بسبب بكائه ليلاً، ثم هاتفت يحيي تخبره وللمصادفة كان خارج البلاد من أجل عملٍ ما وهذا أراحها قليلاً كي تبحث عن حجه قبل أن يعود تخبره بها..

أما روان فحالتها لم تتحسن كثيرا فهي تكتفي ببعض الكلمات القصيرة ولا تتحدث سوي مع شادي فقط وهذا جعل شريف يدرك أنه خسرها للأبد لكنه لن يستسلم فمثلما صنع خطة كي يأدبها مثلما أخبرها وجعلها تحزن وتتركه فهو سيفعل خطه معاكسه كي تعود له وهو يعلم كيف يفعل هذا فجاري تحضيرها..

أما شادي ف بالرغم من حزنه على روان لكن لينا كانت تجعله سعيداً وتخرجه من حزنه بشتى الطرق وهذا ماكان يجعله سعيداً وفخوراً بها و بإختياره وشاكراٌ لِربه لكونه تزوجها هي وليس غيرها فربما ريم لم تكن لتسعده بتلك الطريقة حتى وإن كانت تحبته ف لينا بالنسبة له كنز ثمين عثر عليه وسيجاهد لِحفظه بقلبه دائماً وعدم فقدانه..

أما سجى فكانت تقضي أوقاتها مع فادي طفلها الذي أنجبته ولم يتم خمسه أشهر بعد، فهو يملك أعين والده فهي متأكدة تماماً أنه سيكون نسخة مصغرة عنه لكنها تدعوا أن لا يكون في برودته كي لا تعاني من ستحبه مثلما يحدث معها الآن فهي تعترف أنها بارده لكن ليس لتلك الدرجة القاسية، وبسبب هذا رفضت أن تجعل سارة تخبره بشيء وأقسمت أنها ستختفي مع طفلها أن أخبرته هي أو غيرها..

أما فؤاد فكان بتلك الأوقات تحديداً يقوم بتصفية شركاته كي يعود إلى مصر بلا رجعه ويستقر بها فهو قد تعب من دونها و سيعتذر بأسف إن أرادت فهو يحبها، لكن ماذا سيفعل بتلك المفاجأة التي تنتظره؟!.

ولارا ونادر ما زالوا يعيشون بسعادة لا يشوبها حزن ولا نقص بل بالعكس رضيت لارا بقدرها ولم تعد تتأثر كثيراً بذلك الموضوع لكن هذا لا يمنع أنها مازالت تريد أن تنجب لكن وجود فادي معها هنا بالمنزل يهون عليها كثيراً فهي تحبه بشدة وتعتبره طفلها وتعتني به مع سجى..

أما نوران فكانت تفعل كل ماتقدر علية كي تعلق جنات بوالدها المهمل الذي يتركها هُنا، فهي كل يوم تخرج صورته لها وتظل تتحدث معها تأشر عليه وتخبرها بإسمة وما يجب عليها أن تناديه به كل يوم ودقيقة وثانيه لم يفوتها أياً من كل هذا فهي لم تترك شيئاً لم تفعله من أجل أن تشعرها بوجوده معها حتى أنها تشتري لها الألعاب وتخبرها أنها من قِبل والدها وتخرج لها صورته لتراه وتجعلها تقبلة..

فهي فقدت الأمل بعودته لكن كلما حدقت بجنات ورأت إبتسامتها التي تشبه ابتسامة جود كثيراً يتجدد الأمل بداخلها فهو لن يترك طفلته هكذا لن يتركها وهي تعلم هذا جيداً..

أما فارس فكان قد أفلس نصف الشركه تقريباً بسبب طريقة معاملته الوقحة مع شركائه ومع العاملين ومع الموظفين ومها ساهمت بهذا فكلما ضايقها وصرخ بها تصرخ بمن يقابلها في الخارج فينتهي الأمر بلعنها دائماً وذهاب الموظفين وتركهم للعمل دون عوده وهذا ما يريده فارس وفراس...

أما هالة فقد عادت من وقتٍ قليل فقط بعد أن اطمأنت على أحوال ألين فكان يجب أن تذهب لقد وعدت فارس أنها ستعوضه عما فاته فيجب أن تكون موجودة بجانبه بمصر الان ف ألين بخير ومتأكده أنها ستكون بخير بين يدي والدها وشقيقها، أما بالنسبة لتفكيرها بعزير فهي تعلم أنه مسافر الان لكنها أرادت أن تهاتفه وتطمئن عليه لكن عندما تذكرت ما حدث مع فارس وتخليه عنه بسهولة تراجعت وتنتظرعودته كي تتحدث معه هُنا وجهاً لوجه..

فجود فكر كثيرا قبل أن يقوم بإعطائها الهوية التي أخذها من الشرطة وخاصتاً عندما أبصر قهرها وهلعها على فراس فهل سيكون الزوج والإبن معاً؟!، فتراجع عن تلك الفكرة وأعطي الهوية إلى فراس ليتصرف بها ويخبرها إن شاء أو يتركها فهو لديه مشواراً طويل هو الأخر كي يخبرهم بكونه حي...

ومايكل وإنجي كانوا قد قاموا بتحديد موعد زفافهم، فهو لن يكون زفافاً فخماً كما أراد مايكل بل سيكتفي بحفلة بسيطه في المنزل هو وهي ودعوة أقرب الناس إليهم فلم يجدو أحداً أقرب لهم من نور، فبحث مايكل عنها لفترة حتى وصل إليها أخيراً لكنه لم يتجرأ ويقابلها بل جعل إنجي هي من تفعل هذا ولا يعلم أستأتي أم لا؟!
عودة للوقت الحالي..
انتفضت من على الفراش وهي تتنفس بعنف بسبب ذلك الحلم الذي مازال يؤرقها إلى الآن!.

فمنذ وفاة والدتها تظل تراها بمنامها ولا تعلم لما فهي لا تتحدث ولا تقول شيء فقط تظل تنظر لها وتبتسم بدون سبب!
أخذت شهيقاً طويلاً وأخرجته كي تهدأ من روعها فهي غفيت أثناء أستعادتها لذكرياتها ليكتمل هذا برؤيتها لوالدتها المتوفاة في الحلم أيضاً!.
محت العرق من على جبهتها رغم برودة الطقس ثم مدت يدها بأنامل مرتجفة والتقطت كوب المياه و ارتشفته كاملاً..

أعادت الكوب على الكومود بجانبها ثم فتحت الدرج وأخرجت منه السوار الخاص به وظلت تحدق به بأعين دامعة ثم ضمته لِقلبها قائلة بلوعة لِفراقة مع تساقط دموعها: فرااس، وحشتني..
أجلسه على المقعد بجانبه ثم ربط له حزام الأمان وهو يبتسم وأدار محرك السيارة وبدأ بالقيادة بهدوء حتى وصل أخيراً فصف السيارة بضجر بسبب تلك الغابه الاستوائيه التي يعيش بها والأرض الرطبة التي تجعل سيارته تتسخ دوماً..

حملة وهو يبتسم ثم قبله بقوة وهو يضمة فلوح بيده بضيق وبكى فعانقه وهو يربت على ظهره بحنان وظل يقبله بنهم قائلاً: خلاص مش هبوسك تاني مش هبوسك، مش قادر لا، لا، سُكر، سُكر، سُكر..
وتحرك إتجاه المنزل..

كان فراس يجلس على الأريكة ويضع على الطاولة أمامه حاسوباً وبعض الأوراق الخاصة بعمله القادم الذي يخطط له وبيده بعض الأوراق يعمل بهم، فكان يرتدي ملابس شتويه داكنة مستغرقاً في الرسم بيده اليمنى ويده اليسرى كانت ومازالت لا تتحرك رغم العلاج فالطبيب أخبره أنه يحتاج للصبر قليلاً وهو لا يملك سوي الصبر في هذه الفترة..

أخرجه من دوامة أفكاره وتركيزه سماعة لصوت بكاء إيان فترك الأوراق بقلق وهو يقف تزامناً مع دخول جود به يحمله وهو يبكي فصمت عندما لمح فراس مقوساً شفتيه وزرقاوتيه ممتلئه بالدموع تقدم جود به وقبل أن يصل ألقي إيان بنفسه على فراس وكأنه وجد منقذة فالتقطه فراس وهو يبتسم متسائلا بحزن وهو يمسح دموعه بوجنته جعله يضحك: بيعيط ليه؟!
فقال جود بحنق وهو يحدق بإيان: كنت ببوسه بس!

قبلة فراس بحنان فضحك بصوت مرتفع ودفن رأسه بتجويف رقبته فقال فراس بتعجب: طب ما هو بيضحك أهو؟!
فقال جود بسخط: ايوه بيضحك معاك إنت وألين ويجي عندي أنا يعيط المنافق الخاين هعرفه لما يكبر..
ضحك فراس وهو يعود للجلوس على الأريكة مجدداً ثم خلع له القبعة فضرب جود جبهته براحة يده بضيق: ليه كده ليه ألين قالت ليّ متخلهوش يقلعها عشان البرد!
فمسح فراس على خصلاته بنعومة وهو يبتسم: مش هيحصل حاجه متخافش..

أومأ له ثم قال متذكراً: اه صح البريد بتاعك وصل معايا في العربية هروح اجيبه، وتركه وغادر
استلقى فراس على الأريكة وأجلسه على معدته وهو يبتسم ممسكاً بيديه الممتلئة بين يديه فتملص منه وحبي على معدته وهو يضحك حتى توقف عند صدره وقام بالاستلقاء عليه مريحاً رأسه على جهة قلبه كما إعتاد دوماً فابتسم فراس ووضع يده بشعره محركاً أنامله بين خصلاته برقه جعله يسترخي وينام سريعاً..

فعاد جود وعندما رآهم قال متذمراً: بتنيمة ليه بس أنا اللي بسمع الكلام مش انت..
فقال فراس بخفوت: ده معاد نومة أصلا!.
فرد حانقاً: منا لما برجع لها بتزعل وبتقول مش بينيمني بليل، متقلعهوش الطاقية، بتنيمة على ايه عشان وشه يعلم كده! يعني بص روحي بقت في مناخيري ومش هستحملك أكتر من كده؟!

فرد فراس بلامبالاة: طيب هات هات البتاعة واسكت، ألقاه عليه بضجر فكادت تسقط على رأس إيان فألتقطها فراس قبل أن تسقط علية وقال بحده: ياغبي، فلوح له بعدم اهتمام ثم استلقي على الأريكة المقابلة له..
ابتسم فراس وهو يفتح تلك العلبة الكرتونية ليخرج منها علبة مخملية صغيرة يتذكرها جيداً..

أخرج منها ذلك السوار الصغير الذي نقش عليه اسم إيان، فهو لم ينسى ذلك اليوم. ربما حياتهم بدأت تأخذ منحنى آخر بعد تلك المشاجرة وكسره لخاطرها واحتفاظه بذلك السوار بالخزانه! فهي من حزنها لم تسأل علية مجدداً وقد تناسته تماماً..
إبتسم وهو يحدق بحجمه الصغير ثم قال لِجود على مضض: تعالى لبسهوله عشان مش هعرف..
ترك جود الأريكة واتجه له فأخذه من يده قائلاً بابتسامة وهو يتفحصه: ده زي بتاعك!

أومأ له فراس قائلاً بحزن: ألين كانت جيباهم لينا..
أومأ جود وهو يمسك بيد إيان الممتلئة فقبلها وهو يكاد يبتلعها من جماله متسائلاً: هو ليه حلو اوي كده؟!
فقال فراس بثقه وهو يبتسم مربتاً على ظهره: ده عشان ابني بس..
فقال جود بسخط: كُله ألين متتكلمش بثقة اوي كده..
فرد فراس بثقة أكثر: ماهي ألين ملامحها كلها مني..
فضحك جود بخفه رافعاً حاجبيه: يا شيخ؟!

أومأ له فراس وهو يقبل رأسه بحنان فألبسه جود السوار وهو يبتسم ثم قبل يده قائلاً بحنان: ربنا يحفظك، إنت خساره فيه من حقي أنا أبقي ابوك مش هوه..
دفعه فراس من وجهه بضجر أسقطه أرضاً بجانبه ثم قال بتحذير: أوعي تنسي تقلعه الانسيال قبل متمشي!
أومأ له وظل جالساً بجانبه يراقب نوم إيان بهدوء..
=: سيدتي، هذا ما أردفت به الخادمة بعد ولوجها لغرفة ألين مقاطعة وصله بكائها..

محت دموعها بظهر يدها سريعاً وأعادت السوار محله قائلة بهدوء: ماذا؟!
فتابعت الخادمة: شقيق حضرتكِ ينتظرك في الحديقة أومأت لها ألين قائلة بهدوء: قادمة، سأتبعك، هزت رأسها لها باحترام ثم تركت الغرفة وغادرت..
نهضت من على الفراش وارتدت خفيها وهي تتوعده ألم تخبره أن يصعد إليها؟! رتبت شعرها أمام المرآة ثم نظرت إلى منامتها بتردد ولكن انتهى بها المطاف أن نزلت بها للأسفل فهي ترتدي المأزر على أي حال..

كان يجلس به على الأرجوحة بالحديقة تحت أشعة الشمس الدافئه بكل هدوء وسلام نفسي يتحكم بحركتها بقدمة التي كان يثبتها بالأرض فاهتزت به عندما جلست ألين بجانبه فابتسم ومد يده لها بإيان فتنهدت وهي تراه نائماً: تاني يا جود؟ وبرضه قلعته الطاقية حرام عليك؟
فقال بتذمر: بحب ألعب في شعرة بقي الله؟!

قبلت جبهته بحنان وهي تضمه لصدرها ثم مررت يدها على وجهه برقة مبتسمة وهي تراقب إنفراج شفتيه الصغيرة وتنفسه بانتظام فأمسكت كف يده وهي تميل عليه كي تقبله لكنها توقفت قاطبة حاجبيها ثم توسعت عينها وهي تحدق به قائلة: إيه ده؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة