قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والسبعون

رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل التاسع والسبعون

مرت عدة ساعات..
تأففت مها وهي تعتدل جالسة عوضاً عن تسطحها على المقعد أمام المسبح ثم قالت بضجر: طنط هو فراس هيجي امتى انا زهقت!
رمقها فارس بدون تعبير ثم عاد يُحدق بالمياه يُفكر كيف ستكون مقابلتهم معاً أول مرة بعد كل تلك السنوات؟!

شهقت مها بتفاجئ عندما رأت جود يدلف ويحمل بين يديه قطعة من الفواكه الممزوجة بالحلوي فتقدمت منه وأخذتها من يده دون أن تتعرف عليه أو تلقي التحية حتى ابتسمت وهي تحدق بجنات و بابتسامتها وهي على وشك ان تبكِ من جمالها: ايه ده؟! احنا متفقناش على كده! لأ..

تركهم جود مُتجهاً إلى فاارس الذي لمحه من بعيد وجلست مها تلاعب جنات بسعادة تتبادل أطراف الحديث مع هالة التي كانت ترحب بنوران بحرارة فهذه أول زيارة لها حتى وان كان هذا ليس منزلها فهو منزل طفلها الذي اشتاقت له بشدة ولا تطيق ذرعاً كي تقابله تنهدت بقلب متألم فاض به من الصبر لكنها لا تملك سوى الصبر ماذا تفعل؟!

وقفت بتعب مُتجه إلى دورة المياه لكن قدم فراس التي كان يمدها أمامه عرقلتها فكادت تكتفأ على وجهها لكنها تماسكت وهرولت إلى دورة المياه بالطائرة..

جثت على ركبتيها تتقيء كل ما بجوفها بألم لبعض الوقت حتى انتهت ثم وقفت تغسل وجهها الشاحب وحركت المقبض بأنامل مرتجفة لتجد فراس يقف ينتظرها بقلق سألها بلهفه: إنتِ كويسة؟، حسناً سؤال غبي والجواب بيّن أمامة، تحاملت على نفسها وهي تخرج لكنها ترنحت ساقطه بأحضانه بضعف
فحاوطها وكاد يحملها لكنه تراجع عندك وجد المضيفات لايتوقفون عن السير هُنا وهناك والطائره ليست واسعة لفعل هذا..

سار بها بتمهل وهو يحوطها سانداً رأسها على صدره لتغمز له إحدي المُضيفات وهي تبتسم قبل أن تمر بجانبه وتضرب كتفها بكتفه تجاهلها لكن ألين لم تتجاهلها بل أبعدته عنها بضيق وسارت وحدها
فتوقف رامشاً وقال بتذمر: طب وانا مالي انا يالمبي!.

لحقها ثم حملها فجأه لتشهق وهي تحاوط عنقه تُكشر بوجهه بضيق فتنهد وهو يضعها على المقعد برفق مُراقباً كيف جلست بزاوية كي لا يراها وينظر لها حسناً فلتفعل ما شاءت لن تظل صامتة لوقتٍ طويل..
نظر إلى على الذي استيقظ الآن وسأله مأشراً على إيان: لسه نايم؟
أومأ على وهو يتثاءب فقال فراس: مش كده نام كتير ولا ايه؟!

هز رأسه وقال بعدم خبرة: مش عارف اسأل ألي، ولم يكمل حتى وجده رفع رأسه يتثاءب برقة فابتسم على وهو ينظر له ليجد فراس يأخذه بغيره: بتضحك ليه دلوقتي ابنك ده؟
أخذه على من يده بغيظ: كان نايم معايا انا انت مالك؟

فأعاد فراس أخذه من يده وقال بغيظ: مالي في جيبي هات، ضحك إيان بسعادة بسبب تنقله بينهم فألقاه فراس على على ليضحك بصوت مرتفع وهو يلوح بيديه وقدميه في الهواء ليلقيه على إلى فراس وظلوا هكذا لبعض الوقت بينما ألين كانت تضع يدها على عينها لا تستطيع النظر تخاف واكتفت فقط باستماع صوت ضحكاته السعيدة..

مر الوقت فكان جود يجلس على المسبح يرفع بنطاله ويضع يده قدمه في المياه وجنات تجلس بأحضانه تحدق في المياه وخاصتاً قدمه التي يحركها بالأسفل ضحكت وهي تميل أكثر تراقب قدمه ثم ألقت بنفسها في المياه لكنه أعادها لأحضانه وهو يحاوطها ضاحكاً بتسلية: استني لما نروح وأبقى أعوم أنا وإنتِ عارف انك بتحبي الميه..

كانت مها تراقبها بابتسامة وهي تضم يديها إلى صدرها ثم قالت إلى نوران وهي تقوس شفتيها: أنا عايزه بنوته زي دي..
ابتسمت نوران وهي تحدق بها ثم سألتها: بتدرسي؟!
أومأت بضيق ثم قالت بوجوم: لسه فاضل سنتين مُقرفين مش راضيين يخلصوا..
قهقهة نوران عليها فالجميع مر بتلك المرحلة لكنها ستمضي وتمر مثلها مثل سابقاتها..
قالت وهي تبتسم: طيب لسه قدامك وقت تخلصي وتشتغلي انتِ لسه صغنونه خالص..

هزت رأسها برفض وقالت بضيق وهي تكتف يدها أمام صدرها: لا مش عايزه اشتغل انا عايزة أدلع..
ضحكت نوران وربتت على شعرها: طيب خلصي السنتين وبعدين فكري في الدلع..
سألتها وهي تقوس شفتيها: مينفعش حد ياخدني أكمل معاه السنتين دول ويدلعني؟!
ابتسمت لها نوران وقالت بتفكير: لا ممكن طبعاً بس عندك الشخص ده ولا لسه بتدوري عليه؟!
تنهدت بحزن وقالت بإحباط: لو كان عندي مكنتش هقعد القاعدة المنيلة دي..

ضربت هاله كتفها وقالت بتوبيخ: مستعجلة على ايه بكرة تتجوزي وتشتكي من الجواز وسنينه..
هزت كتفيها بعدم رضي ثم قالت بتذمر: مش هشتكي وكل اللي حواليا يفتحوا النفس كده، كفاية عليا على وساره في البيت لما بيضحكوا لبعض قلبي بيتشرخ ياطنط حرام كده! وبعدين اهي واحده مخلفه نوتيلا صغيره كرزاية في نفسها كده ومبسوطه صح يا نوران؟!، هزت رأسها وهي تبتسم فسألتها مها: هو مين جود ده بقي؟!

نظرت لها نوران بدون تعبير: كل ده ومتعرفيش مين جود؟! ده جوزي!
هزت رأسها سريعاً وأعادت مجدداً كي تفهم: قصدي هو مين مش مين!
هز فارس رأسه بسخرية وكم تمنى ان يلكمها تلك الغبية التي لا تعرف كيف تتحدث..
تنهدت نوران قائله: جود الجرحاوي جوزي..
اومأت مها بتفهم وقالت ببعض الفظاظة: أخو ألين صح؟!
أومأت لها وعقبت: بس من الأم بس مش الأب..
رفعت مها حاجبيها وقالت بحماس: ايه ده! ده في حاجات أنا معرفهاش احكيلي احكيلي..

قالت باعتذار: معلش يا مها جود بيشاور لي بعدين، وتركتها وهرولت إلى جود: ايه يا حبيبي جنات تعبتك؟، هز رأسه نفياً ورفع نظره لها وقال بحنان: خليكِ جنبي هنا، ابتسمت بنعومة وجلست بجانبه واسندت رأسها على كتفه ووضعت يدها حول مرفقة وسألته عندما وقعت عينيها على فارس: انت اتكلمت معاه؟!

همهم لها وهو يسند رأسه على رأسها مُحدقاً اتجاهه ليجده يُحادث هالة: اه بس سبته على طول مقدرتش أكمل خوفت، وضحك ثم تابع: نظراته غريبه ومش بيتكلم غير لما تسأليه الكلام بيخرج منه بالعافية وبعدين مش مصدق إنه أخو فراس انا اتفاجأت..
مرت ساعات أخرى مُمله أخرى وكانت الشمس على وشك الغروب
توقف على أمام المنزل وهو يتنهد مُحدقاً بفراس في المرآه: حمد الله على السلامة يا بيه اتفضل انزل..

أومأ له فراس وهو يميل للأمام ينظر إلى إيان الذي يريح رأسه على صدره ظناً أنه قد يكون نائماً لكنه وجده مستيقظ يمتص يده بجوع ثم رفع رأسه وهو يرمش ببراءة وأنزل يده من فمه..

ابتسم فراس وهو يمحو لُعابة من حول شفتيه وهو يقول: جعان انت أنا عارف استي، وصرخ بألم عندما شعر بأسنانه الأمامية الصغيرة شبيه الخاصة بالأرانب تغرز بسبابته جعل ألين تستيقظ من غفوتها التي لم تُكمل خمس دقائق بسببه فهي طوال الطريق كانت تتألم لم تهدأ معدتها سوى من نصف ساعة فقط وأخذت وقت استغرقته حتى تغفى كان على قد وصل بهم..
اعتدلت بجلستها وهي تنظر له بقلق وسألته بتثاقل: في ايه؟!

هدر بألم وهو يخرج سبابته من فمه ببطء: دبسلي صباعي دبسُه، نظر له بغيظ ليجده يضحك بسعادة وهو يحدق به جعل فراس يبتسم وقبل أنفة بسرعة خاطفة جعلته يضحك بسعادة أكثر ابتسمت ألين بحنان وهي تحمله ليدفن رأسه بصدرها وهو يهمهم بخفوت يخبرها بكونه جائع وقد علمت هذا بسهولة فهو غفي فتره طويلة دون طعام..
ذمت شفتيها بحزن وهي تربت على ظهره بدفء: حاضر ياحبيبي هعملك..

ترجلت من السيارة بهدوء وهي تحمله بينما بالجهة الأخرى وضع على ورقة بيد فراس كان قد وجدها في السيارة ففتحها فراس بتعجب وهو يقرأ ما كُتب بها السيارة إلى جود! قطب حاجبيه ونظر له بعدم فهم وهو يفكر حتى أطلق أهه خافتة وهو يبتسم محدقاً بالسيارة فهم وجدوها تنتظرهم بالمطار ولا يحتاج أن يسأل عن باعثها فكل شيء واضح..

قطب حاجبيه وهو يجد سيارتان تقفان أمام البوابة فسأل على بتعجب أوقفه عن السير: هو في حد جوا؟! وتعالي هنا انت رايح فين مش مروح؟!
ابتسم على بسخط وقال بفظاظة: مفيش في ذوقك أبداً يعني!، ضحك فراس وهو يُبرر له: ياحبيبي مقصدش انت تنورني بس مش كنت مستعجل عشان سارة؟!
تنهد وقال بإحباط: المفروض بس مها بعتتلي رسالة لسه شايفها بتقولي انها هنا وجود وفارس وطنط..
رفع فراس حاجبيه متسائلاً: إشمعنا يعني؟

فقال له على بتهكم: بيقولوا انك سافرت فجأه و المفروض انك ميت يعني!
هز فراس رأسه وقال بلامبالاه: قديمة دي مش جديدة يعني، تقدمت منهم ألين مُتجاهلة لامبالاته في الحديث عن الموت فهي لم تُحاسبة على تلك الأشهر التي تركهم بها بعد، تعديل، تركها هي وحدها.
تقدمت منهم وقالت بهدوء: ممكن ندخل عشان إيان جعان!
أومأ لها وهو يحاوط كتفها ثم قال وهو يحدق بعلى: يلا، على عملنا نشرة جوية جوا..

زفر على وقال بغيظ: إذا كان عاجبك بقي ومسمعش صوتك تاني، عشان الشهر ده هستعبدك قصاده سنة..
شهقت مها بسعادة لفتت الأنظار وهي تركض اتجاههم: جُم جُم، من المفترض أن تعانق شقيقها أولاً لكنها اندفعت وعانقت فراس وهو لم يبخل عليها بل حاوطها وهو يبتسم ليتنهد على وهو ينظر لها بتفكير فماذا يفعل لها كي تعود إلى صوابها؟!

رمقتها ألين بطرف عينيها بغضب تضاعف عندما حاوطها فراس فشدد قبضتها حول خصر إيان بضيق جعلته يصرخ فانتبهت له وخففت قبضتها عنه وهي تعتذر بخفوت ثم شهقت فجأه عندما اختطفته مها من يدها دون أن تستأذن حتى ورفعته بين يديها وهي تقول بابتسامة وتذمر: ايه الكميلة ده! كلكم خلفتوا عيال حلوين بخدود وأنا لأ، صفعها على على مؤخرة رأسها وقال بغيظ: يعني عايزة ايه يعني خلفنا ولا مخلفناش؟

ابتسمت بسعادة وقالت بحنان: على انت جيت!
دفعها من وجهها بسخط: لا مجتش ما انتِ عقلك مش فيكِ أصلاً، فين سارة؟!

عانقته بأعين دامعة مُبتسمة وهي تُربت على ظهره بحنان: حمد الله على سلامتك يا حبيبي حمد الله على السلامة، إبتسم وهو يُشدد على عناقها ثم قبل جبهتها بحنان: وحشتيني، ابتسمت وهي تربت على صدره ثم قبلت منكبه بحنان وعانقته مجدداً وهي تبكِ فربت على ظهرها وهو يبتسم بحنان وقال بأعين دامعة من تأثره: هعيط كده كفاية بقي..
أومأت وهي تمسح دموعها ثم قالت وهي تبتسم: ماشي خلاص اوعي بقي عشان أسلم على ألين وحفيدي..

إبتسم وهو يبتعد عن طريقها كي تعانق ألين التي كانت تقف جامدة تُحدق بمها وهي تلاعب إيان بلامبالاه بها وكأنه طفلها ولم تختطفة من يدها منذ قليل..
=: ألين يا حبيبتي سرحانه في ايه انتِ كويسة؟!
قالت هالة بقلق عندما عانقتها ولم تجد منها ردة فعل.

استفاقت ألين على قولها هذا ثم ابتسمت لها وعانقتها بحنان: أه يا ماما الحمدلله أنا كويسة، ربتت على وجنتها وقالت بقلق: وشك أصفر ليه تعبانه؟!، هزت رأسها بنفي ثم قبلت يدها وهي تبتسم: أنا كويسة يا حبيبتى متقلقيش، ربتت على شعرها وهي تبتسم بسعادة ثم قالت وهي تبحث عنه: فين إيان فين..
وضع الورقة بيده بعد أن فصل العناق وقال باستفهام: صح انت مشيت فجأه و مقولتش حاجه؟

لكزه جود بضيق في صدره: ما انت برضه مقولتش ان عندك اخ منفصم، ضحك فراس وهو يأشر على نفسه: أنا! وبعدين هو فين؟!
تلفت يبحث عنه لكنه لا يراه، بينما هو كان يقف خلف الحائط يحدق بألين بإنفعال وصدره يعلو ويهبط بعنف هي ماذا تفعل هُنا؟ ولما قبلت يد والدته ولما مع فراس؟!
=: ايه الورقة دي؟!، ثم فتحها وقام بقراءتها وقال بعدم فهم: عربية ايه؟ انتوا جيين بإيه؟!

ابتسم فراس وقال بنبرة ذات مغزى: العربية، عربية وائل و، صمت عندما توسعت عين جود وقال بعدم تصديق: بتهزر!، هز فراس رأسه بنفي فأعاد جود بلهفه: أقسم بالله طيب..
ضحك فراس وقال: والله، ركض جود إلى الخارج سريعاً كي يرى السيارة لتلتمع عيناه بإعجاب ثم قفز على مقدمتها وعانقها بسعادة فهي سيارته المُفضلة التي كان يستخدمها هُناك..
ضحكت وهي تقبلها بحنان ثم نظرت إلى ملامحها الرقيقة وضحكتها شبيهه جود..

رفعت جنات يدها الناعمة ووضعتها وجنة ألين وهي ترمش ضاحكة فعانقتها ألين بحنان تحت أنظار نوران المُبتسمة: ربنا يحميكِ ياحبيبتي، إختفت إبتسامة ألين عندما سمعت صوت إيان المختنق فأعطت جنات لوالدتها وتقدمت من مها التي لم تتركه لهالة حتى: ممكن تجبيه عشان ياكل!
رفعت مها نظرها لها قليلاً صامته ثم قالت وهي تعاود النظر إلى إيان وكأنه طفلها هي: هاتي الأكل وأنا هأكله..

زفرت وهي تحدق بها بانزعاج بيّن فهي لا تطيق نفسها كي تتحمل مناقشة معها الآن!
فإنحنت رغم ألمها و حاوطته كي تأخذه لكن معها جذبته لها وهي تبتعد إلى الخلف ومازالت جالسة وقالت بسماجة: سبيه وهاتي الأكل انا هأكله..
قالت لها بعصبيه وهي تضم قبضتها: يعني ايه هاتي الأكل وأنا هأكله هاتي الولد!.
نظرت لها مها باستخفاف وقالت برفض وهي تعانقه: ماليش دعوه ده ابن فراس لما يقولي هسيبة..

صرخت بها ألين بعصبيه وهي تتنفس بانفعال: يعني ايه ابن فراس؟ جابه منين فراس؟!
هدأتها هاله وهي تربت على كتفها: ايه ياحبيبتي اهدي محصلش حاجه للعصبيه دي!
فقالت بعيون دامعة وهي على وشك البكاء من قهرها: يا ماما بقاله فترة طويلة ماكلش وجعان ومش راضية تدهوني..
نظرت لها هالة بلوم ثم قالت بهدوء: ايه يا مها سبيه ياكل وتبقي خديه تاني..

قالت بحزن هي الأخرى: هيحصل ايه لو أكلته أنا نفسي أأكله، تنهدت هالة وهي تحدق بهم بالتأكيد ألين هي المحقة لكنها لا تريد أن تُحزن مها فهي ضيفه لديهم..

تقدم فراس منها وحاوط كتفيها وهم بالتحدث: ألي، صفعت يده بعنف وصرخت به وهي تبكِ: ملكش دعوه متدخلش، وتركته وذهبت إلى الداخل فحدق بظهرها بحزن ثم قطب حاجبيه بانزعاج وتناسي صُراخها به مُحدقاً بها بتركيز أكثر لما بنطالها ضيق هكذا! هو لم يلاحظه بسبب انشغاله بالذهاب!

ذهب خلفها بينما على تقدم من مها وأخذ إيان من يدها عنوه وأعطاه إلى هالة نظرت له باعتراض وكادت تتحدث فقال بحده أصمتها: كلمة كمان وهاخدك وهمشي، ابتلعت لسانها و جلست صامتة بينما هالة ربتت على ظهره وهي تقبله بحنان لتجده يمتص يده وهو يريح رأسه على كتفها تنهدت بحزن وهي تجلس تنتظر ألين أن تأتي لها بالحليب متأكده أنها ذهبت لتعده من أجله..

كانت تتحرك في المطبخ بعصبية وهي تشهق تُعد له الحليب بأعصاب تالفه تحت مراقبة فراس لها من الخلف..
أنهت تحضير الحليب ووضعته أمامها ومازالت تشعر بدمائها تغلي من تلك الوقحة المُتبجحه التقطت كوباً من جانبها وألقته في الأرض هشمته بغضب وهي تصرخ فهرول لها فراس بقلق وهو يراقب حالتها و تلك العصبية المُفرطة..

عانقها من الخلف شاعراً بارتجاف جسدها من تفاجأها وهو يهدئها بهمسات حنونه يسند رأسه على كتفها: هششش، اهدي، مالك، حصل ايه للزعل ده كله؟!
هزت رأسها بأسى مع شهقتها المتألمة وهي تلومة: ابعد عني، انت السبب، بسببك معرفتش اخد ابني منها..
شدد قبضته حولها ثم قال بهدوء: ينفع نزعل ضيف عندنا وكمان صغيرة بتحب الأطفال ايه المشكلة لما تأكله هي؟!
فسألته بحرقة: وحضرتك بتحضن كل ضيوفنا عشان ميزعلوش برضة؟!

ابتسم وهو يمسح دموعها بحنان: قولي بقي كده انتِ متضايقة منها من الأول وغيرانه، دفعته عنها بضيق ومسحت دموعها بعنف: مش بغير انت أصلاً متستاهلش، وأبعدته عنها وأخذت الحليب و غادرت وتركته يُحدق بأثرها بحزن حسناً بعد كل هذا ولا يستحق؟! إذاً ماذا يخسر أكثر كي يستحق؟! ما حجم المُعاناه التي من المفترض أن يُعانيها كي يستحق أكثر من ما مرّ به؟!.

تنهد بحزن ثم خرج خلفها وهو يهمس لنفسة بالصبر الصبر فقط هو ما يحتاجه تلك الفترة..
تنهدت وهي ترى إيان بيد مها من جديد فصمتت ولم تتحدث لقد أفشت غليلها به وألقت عليه تلك الكلمة وانتهى الأمر وتعلم أنها أكثر من كافية عليه..
جثت أمام مها و تجاهلتها تماماً ثم وضعت الرضاعة بفم إيان برفق لتجده حاوطها بيده الصغيرة وهو يمتصها بلهفة احزنتها عليه فهو جائع..

تركتها ووقفت بعد أن اطمأنت عليه فسألتها هالة: رايحة فين يا حبيبتي؟
قالت بنبرة مُختنقه: هتمشي شوية، أومأت لها بابتسامة وديعة لتذهب ألين مُتجاهله فراس الذي مرت من جانبه فزفر وهو يحدق بها ليتأفف وهو يعود وجلس بجانب والدته البنطال ديق حقاً ملتصق على جسدها هل كانت تسير هكذا؟!

سارت قليلاً في الحديقة الخلفية للمنزل بشرود فمها تحتجز إيان معها ولا تريد تركه نهائياً وهي لاتريد التحدث لهذا تجولت حول المنزل تحت نظرات فراس التي كانت تتبعها أينما ذهبت..
صرخت بفزع عندما شعرت بتلك اليد القوية تطوق خصرها بقوة والأخرى تُكمم فمها..

تلوت بين يديه بذعر وسقطت عبراتها خوفاً لكنه لم يفلتها بل دفعها إلى الحائط مُحدقاً بملامحها المذعورة بتركيز وخاصتاً عينيها الدامعة لتزداد وتيرة تنفسه الغاضبة! إنها هي حقاً؟!
رفع يده من على فمها مراقباً ارتجاف شفتيها واهتزاز مقلتيها بخوف وصدرها يعلو ويهبط بعنف تحدق به بتعجب هل هذا هو فارس؟!
سألها بخفوت وصوته بالكاد خرج متزناً: إنتِ ألين مش كده؟!

أومأت بخوف وما زال التعجب يَحيطها ثم حركت قدمها سريعاً كي تذهب خوفاً منه ومن نظراته لكنه أعاد جذبها من خصرها مع صرختها بخوفٍ منه..
حاوطها من الخلف لاصقاً ظهرها بصدره الصلب بقوة ومد يده بسترته وهُناك بصيصاً من الأمل بداخله أن لا تكون هي..
أخرج صورتها ووضعها أمام وجهها وسألها بخفوت: دي إنتِ؟!، أومأت وقلبها يكاد يُهشم قفصها الصدري من الخوف لما يملك صورة لها؟!

دفن رأسه بشعرها مغمضاً عينيه مُشدداً قبضته حولها مُزمجراً بخشونة غير قادراً على السيطرة على فوضى مشاعره ولا بعثرته بتلك الطريقة، ليسقط قلبها خوفاً من تلك التصرفات..
لقد هزت كيانه وأحيت حُبها بداخله من جديد فرؤيتها الآن كزوجه أخيه ليست جيدة بتاتاً ليست جيدة..

همس وأنفاسه الدافئة تضرب عنقها جعلت خصلاتها تتطاير دافناً وجهه بشعرها أكثر غير متجاهل ارتجاف جسدها و إرتعاده قلبها وتنفسها الحاد بين يديه: إنتِ مرات فراس؟!، هزت رأسها وهي تبكِ كاتمه شهقاتها بخوف ليصل إلى مسامعة صوت أنينها وقبل أن يتحدث وجد يد تقتلع شعره بقوة بين يديه مُزمجراً بغضب وخشونة جاذباً جسده للخلف...

أبعده عنها ثم لكمه بعنف أطرحه أرضاً صارخاً به بنبرة جمهورية قاسية: إنت بتعمل إيه؟! بتعمل إيه؟!، انحني مُلتقطاً تلك الصورة بوجوم ليكورها بقبضته بغضب ثم ركلة بمعدته بعنف وأعاد بصوتٍ أجش قاسي: صورتها بتعمل معاك ايه؟!

دلف جود بذلك الوقت وهو يبتسم لقد أخذ جولة بها في ذلك الفراغ حول المنزل ثم عاد من جديد وقبل ان يتحدث توسعت عيناه وركض إلى فراس وأبعده عن فارس عندما وجده يعتليه ويلكمه بقسوة: في ايه؟ حصل ايه؟! وانت مش بتدافع عن نفسك ليه؟.

دفعه فارس من أمامه وهو يقف ماحياً الدماء من على شفتيه ثم ذهب بملامح مُكفهره من الغضب شهقت هالة بخوف عندما رأته لكنه تجاهلها وذهب دافعاً مها من طريقة بعنف كاد يسقطها لكنها تماسكت وحدقت بظهره بتعجب ثم عادت بنظرها إليهم لتجد فراس يسحب ألين من معصمها يجرها خلفه بعنف فكادت تسقط أكثر من مرة قبل أن يدلف بها إلى المنزل..

دلف إلى غرفتهم ودفعها للداخل ثم صفق الباب بعنف جعلها تنتفض وهي تعود إلى الخلف بخوف حتى شعرت بالحائط خلفها رفعت رأسها وهي تنظر بجانبها تتأكد من وجود الحائط خلفها لما وصلت له بتلك السرعة هكذا؟ نظرت أمامها تُراقب فراس الثائر وهو يدور بالغرفة ذهاباً وإياباً وكل مايجول بخاطره كيف ولما ولماذا؟ لا يستطيع فهم شيء فقط كلما تذكر إمساكه لها بتلك الطريقة يجن أكثر تقدم منها بخطوات كالجحيم مُكورا قبضته بغضب ورفعها أمام وجهها وسددها لها فصرخت بخوف وهي تضع يدها على وجهها ولم تشعر بشيء بل سمعت صوت عظامه التي إصطدمت بالحائط بقوة تحديداً بجانب رأسها مع قوله الحاد بفقدان صواب: ألين، إنتِ عايزه تجننيني هاا؟ سبتية يحضنك ليه؟، ثم صرخ بها بعنف: بتردهالي بتردهالي عشان مها؟!

هزت رأسها بنفي وهي تبكِ بأسي وقالت وهي تلتقط أنفاسها: مش، مش، مش بردلك حاجة، أنا، بس مقدرتش اعمل اي حاجة مقدرتش، قولتلك مش عايزه ارجع مش هينفع نفضل مع بعض عُمري ما هرجع زي الأول..
ضرب قبضته بالحائط بعصبيه عدة ضربات مُتتاليه جعلها تنكمش على نفسها بخوف وهي تنتحب ثم سألها قبل أن يجن باستنكار وهو يهز رأسه: ايه الضعف اللي انتِ بقيتي فيه ده؟ ايه ده؟!

صرخت به بحرقة وهي تقول بألم تلومه: بسببك، انت السبب، حُبي ليك هو اللي عمل فيا كده ضعفني وبقيت ولا حاجه، أنا من غيرك انا ولا حاجة، البسي ده لأ متلبسيش ده متحطيش ده ده طويل قصير لأ بغير ضيق اوي غيري! يلا نسافر هنرجع دلوقتي متخرجيش متروحيش هاجي معاكِ اجبلك انا متسلميش متحضنيش هعاقبك انسي ده متتكلميش عن ده متفتحيش الموضوع ده تانى بتحرمني منك زي الأطفال، لغيت شخصيتي عملت ألين اللي انت عايزها مش انا! رغم كده مكنش عندي مانع وكنت مبسوطة عشان بحبك عشان انت اللي بتطلب مني عشان عايزه أراضيك بأي طريقة عشان تفضل معايا ومتسبنيش..

أدمعت عيناه وهو يستمع لها حسناً معها حق هي لم تفعل سوى إرضاءه مُنذ زواجهم، هو حتى لم يسألها يوماً عن الأشياء التي تُحبها وهواياتها لم يخوضوا حديثاً مُشابه لهذا من قبل..

تابعت بأسى على نفسها وهي تلتقط أنفاسها: فراس انا، انا نسيت انا كُنت عايشه ازاي وبعمل ايه نسيت، صحيح أنا غبيه وبندفع وبتهور بس كله برضة عشانك! رفعت يدها تشرح له مابداخلها بألم من أعماق روحها: عارف انت احساس انك تسبني مرمية في النار وتمشي؟ انت حسستني بيه بدل المرة ألف كأنك بتتعمد تعذبني معاك بتستني الخطر عشان ترمي نفسك فيه وانا اتفلق عادي مش مهم عشان عارف وواثق انك في اي وقت هترجع هتلاقيني مستنياك بس للأسف الثقة دي معنديش منها، عشان لما وثقت فيك وكنت متأكده إنك هتسمعني ضربتني وطلقتني وظلمتني وكسرتني أكتر من مرة وبأكتر من طريقة، كلمة واحدة بس قولتهالي في لحظة غضب وبسبب تافه قلبت كياني وراحت ثقتي بنفسي! كل حاجة جوايا اتغيرت لما طلقتني أول مرة لدرجة إن لو حد جالي وقالي انك بتخوني واداني عنوان هروح عشان أتأكد عارفة انك بتحبنى بس هيجيلك يوم تزهق مني وسعتها يا اما هتخوني او هتتجوز عليا وده اللي مش هقدر استحمله أبداً، تابعت بصوت مبحوح وأعين زائغة مرهقة: انا اللي بنيته جوايا في تمن سنين بوظتهولي انت في لحظة! انا زمان لما كنت ببص في صورتك و اشوف ضحكتك بس كنت بحس بالأمان لكن دلوقتي واقفة قدامك وخايفة منك خايفة تضربني، شايف الفرق؟!

سقطت تلك العبرة التي كان يحتجزها منذ وقتٍ طويل وهو يتأوه لحالتها ثم هتف بإسمها بنبرة مرتجفة: ألين..
وضعت يدها على وجهها وهي تهز رأسها قائلة بانتحاب: ربنا ياخد ألين ويريحها بقي..
لكنه أعاد برجاء كي تنظر له: ألين..

رفعت رأسها له بأعين مُدمية من كثرة البكاء وقالت بتحشرج وهي تتشبث بقميصه: فراس أنا الكلام بقي بيتعبني أنا تعبانه ومش حمل اي حاجه، وتابعت بتوسل: عايز إيان خدو يا فراس خدو بس سبني سبني ابوس ايدك سبنى..
قال برفض وهو يحدق بها: انتِ عارفة اني مش هسيبك..
قالت بضعف وهي تحدق به: وأنا أضعف من أني أبدأ من جديد..

كوب وجهها بين يديها كي تهدأ وتكف عن البكاء وقال بصوت مُتألم يترجاها: اسمعي، اسمعي، أنا مش عايز منك حاجة مش هتحتاجي مجهود ولا تعب خليكِ معايا بس كفاية ولو مش عايزه تتكلمي متتكلميش محدش هيضايقك ولا هيقولك بتعملي ايه ولا هيتدخل فيكِ تاني محدش ولا حتى انا بس خليكِ، هزت رأسها برفض فعانقها بقوة وهو يشدد قبضته عليها وقال بهستيريا وهو يبتلع غصته: ألين أنا مش هقدر أعيش من غيرك متختبريش حُبي ليكِ وحياة اغلى حاجه عندك متسبنيش عارف اني فعلاً مستهلش بس والله حرمت حرمت ومفيش حاجة من دى هتحصل تاني وحياة إيان عندك متسبنيش متسبنيش، وظل يضرب يده بالحائط بقوة غير عابئاً بألمة فهو يستحق هذا يستحق أن تكون رأسة وليست يده..

إبتعدت بخوف وهي تنظر إلى ملامحه المتألمة ثم يده فشهقت بخضه وهي تجدها اليد المُصابة فعادت إلى البكاء وهي تضرب صدره بقوه كي يتوقف: كفاية تأذي نفسك بقى كفاية؟!.
توقف وقال بتوسل شاعراً بيده التي تنبض من الألم: مش هتسبيني؟!
ضربت صدره بقبضتها ثم عانقته بقوه وقالت بصوت مكتوم: مش هسيبك..

أطلق تنهيدة حارة جمعت بطياتها الكثير من الألم ليسقط بها جالساً أرضاً تاركها تبكِ على صدره كي تخرج كل مكنون صدرها الذي لا يعلم كيف ظلت تتحملة كل ذلك الوقت فلا شيء كان جيداً بحياتها و فعلته برضي؟ كيف تغاضت عن كل هذا من أجله أيوجد امرأة مثلها حتى؟! يا ألهي يا ألين أنتِ كنز لكل من تُحبين فالجميع محظوظ بحبك وحنانك، فبعد قولها وبعد إدراكه بأن جميع ما كان يفعله خطأ يُجب أن يتغير كل شيء سيتغير كل شيء هو لن يُقسم لها مجدداً ولن يعدها بل سينفذ مباشرة فهذه المرة ليست مزحة والجميع قد اكتفي وليس هم فقط..

محت مها عبراتها بحزن وهي تقف أمام الباب هي هُنا منذ وقتٍ طويل كانت ستعطيها إيان لكن السبب الحقيقي كان لاستراق السمع عليهم حقاً وكم ندمت على هذا كانت تفضل تخيُلها لحياتهم السعيده معاً وترك مساحة بينها وبين ألين لكن بعد أن سمعت كل هذا فهي تريد أن تذهب وتعانقها حقاً هي تحتاج عناقاً..

طرقت الباب بهدوء لكن لم يرد أحدهما فدلفت بهدوء ولم تتحدث وهي تراقب جلوسهم بتلك الوضعية جالساً يحاوط منكبها تضع رأسها على صدرة وجسدها ينتفض الاثنان يبكيان لكنه توقف من أجلها هي كي تهدأ..

لم تتحدث مها بل وضعت إيان على قدم فراس بهدوء وهو لم يُحدث صوتاً بل استلقي وأعاد رأسه إلى الخلف أسندها على معدة فراس وظل يهمهم وهو يلعب بيديه حتى مر بعض الوقت عليهم فشعر فراس بانتظام أنفاسها فنظر لها بحنان ومحي تلك العبرات العالقة بأهدابها ونظر إلى إيان الذي رفع رأسه له وهو يبتسم حسناً هو لن يغفي فهو نام طوال اليوم تقريباً..

أنزله فراس ووضعه على الأرض قليلاً ثم حمل ألين برفق ووضعها بالفراش وخلع حذائها وفتح لها زرين من القميص من الأمام كي تنام براحة ثم قبل جبهتها مُطولاً وأمسك راحة يدها وقبلها بدفء وحدق
برسغها الذي ترك ندبة بحزن بالرغم من مافعلوا هُناك كي تختفي لكن عُنفها وهي تفعل هذا بيّن فهي كانت يائسة حقاً ولم تكتفي بواحدة بل قطعت الأثنان كي تضمن موتها المحتوم لكنه لم يحدث الآن! ربما لاحقاً!

قبلها مُجدداً وهو يحدق بملامحها المرهقة و بداخله ألافاً من الاعتذارات والوعود وكثير من التعويض لها عما حدث لكنه لن يتفوه بشيء بل سيفعل مباشرة..
قبل جبهتها مرة أخرى ثم انحني وأخذ إيان واغلق الغرفة بهدوء واتجه إلى الأسفل..
عاد إلى الجلوس معهم في الخارج واضعاً إيان بأحضانه بهدوء ليتحدث نادر الذي جاء منذ قليل: على فكره انا كل الفتره اللي فاتت دي نمت مرتين تلاته بس وصحيت لقتكم مخلفين ينفع كده؟!

إبتسم فراس وألقي إيان له ليضحك بسعادة: انت جيت امتى؟!، لكنه لم يرد عليه بل انشغل مع إيان يلاعبه وهو يضحك..
طلب فراس من على وهو يتألم: على معلش ممكن تجبلي العلاج بتاع ايدي من العربية!
أومأ بقلق وهو يرى يده ترتجف وذهب يأتي به لتقترب منهم مها وهي تحمل جنات ثم سألت نادر: هي لارا مجتش! كنت عايزه أعتذر لها..
قطب نادر حاجبيه بتفكير ثم قال عندما تذكر: انتِ لسه فاكره! دي لارا نسيتك انتِ شخصياً انسي انسي..

=: انتِ يا حجة يلي سارحه ببنتي في ايه هاتيها، قال جود بغيظ وهو يتوقف أمامها لوت شدقيها ولم ترد عليه فتابع وهو يأخذها: كفاية عليكِ كده، ايه ده نادر! لوح له وهو يبتسم لتابع بتعجب: فراس انت خرجت ازاي؟ يعني احنا عاملين كمين ليك في الصالة مستنيينك عشان نحقق معاك وانت خرجت هنا!، أومأ له وهو يتكئ بظهره على المقعد بإرهاق ثم انتصب جالساً فجأه وقال له: هتلاقي في صندوق عربيتك الجميله اللي برا دي شنطة فيها لاب وورق هاتها عشان اوريكم حاجة..

قال بإحباط: يعني مفيش حاجة حلوة ليا؟
نظر له بسخط وقال بحنق: حاجة حلوة ايه تاني احنا هنطمع، أومأ له ثم استدار ليذهب فسمع صوت إيان
التفت له فوجده يتحرك يريد الذهاب له فعاد وأخذه من نادر وهو يبتسم: حبيب خالو يا ناس تعالي..
ابتسم نادر وهو يلوح له ثم سأل فراس: ابنك ده؟!
أومأ له وهو يبتسم فقال: خُسارة فيك اوي..
هز رأسه مُوافقاً وقال بحزن: عندك حق انا مستاهلش حاجة خالص..

قطب نادر حاجبيه وقال بتعجب: ايه الدراما دي انا بهزر يا عم ربنا يخليهولك، وانتِ واقفة كده ليه ومين دي هاتيها، ابتسمت مها ووضعها بين يديه فابتسم وقال وهو ينظر لها: ماشاء الله، ربنا يحفظك، ابتسمت ورفعت يدها الصغيرة الناعمة تضعها على ذقنه الخشنة وهي تبتسم فهذا أول ما تفعله دائماً عندما يأخذها أحداً الرجال ذقنهم والنساء وجنتهم..

عاد جود وعلى وتلك المرة كان معهم فؤاد الذي تفاجئ نادر بوجوده وقال: انا مش حجزتلك عشان تسافر؟
زفر فؤاد بعصبيه وهو يجلس بجانبه ومعه إيان الذي يتنقل بين الجميع: أختك دي هتجيبلي شلل نصفي مش عارف أعمل معاها ايه بجد مكنتش أعرف إن دماغها ناشفة كده ايه ده؟ هتجنن!
ضحك نادر وهو يحدق به وقال بابتسامة: كويس انها خلت واحد زيك يفقد أعصابه لا قادرة يا سجى..

قال فؤاد بسخط وهو يحدق به: أنت فخور بيها كمان؟! انا غلطان اني عرفتكم اصلاً..

قهقهة عليه بتسلية وهو يبعثر شعر إيان ثم نزل إلى شفتيه المقوسة ومر سبابته عليها وهو يبتسم ثم التهي بحديث فراس وهو يخرج الحاسوب والأوراق يشرح لهم فكرة عمله بكل هدوء ليصرخ نادر فجأه شاعراً بإصبعة يُسحق من سنتي إيان ضحك فراس وهو يُحدق بهم وقال بسعادة: سنانه طلعت، صرخ به نادر وهو يحاول إخراج إصبعة من بين أسنانه: انت فرحان بيه تعالي سلكني..

قال بضيق: انت بتزعق! ساعد نفسك، وبعدين ايه يعني ماهو عضني برضه ايه المُشكلة..
أشفقت عليه مها وساعدته وأخذت إيان ليلتقط أصبعها فجهزت نفسها إلى الصراخ لكنها ضحكت شاعرة بالدغدغة منه فسألها نادر بتعجب وهو يحدق بها: ايه ده مش بيعض جامد!
أومأت له هي تضحك فدفع جود ليقف أمامة وأمره بحزم: خليه يعضك كده..
هز جود رأسه برفض: هيعض جامد لأ..

وقف نادر وأمسك إصبعة عنوة وقربه من فمه: نجرب بس عايز اشوف حاجة، زفر جود وهو يتوسلة: براحة يا حبيبي انا خالو هااا آآآآآآآآآآه..
نزع يده بألم وهو يحدق به بانزعاج جعله يبكِ وهو يلوح له كي يأخذه فهز جود رأسه برفض وتركه وجلس لينفجر باكياً وهو يحني رأسه فأخذه فراس هو ينظر إلى جود بغيظ: ادك ده عامل عقلك بعقله؟
دفن إيان رأسه بصدره وهو يبكِ بخفوت رقيق فقال نادر بذهول وهو ينظر له: هو كده بيعيط؟!

أومأ له جود وقال بحنق: اه كده بيعيط شوفت المدلع؟
هز رأسه وقال بعد تفكير: ده لما يكبر نسبة المُحن عنده هتبقى عاليه، نادي كده نوران يا مها..
اعترض جود ورفض: لأ مش هخليه يعُضها هتعيط..

لكنها جاءت مع مها سريعاً وهي تنظر لهم باستفهام فوقف نادر وأخبرها أن تضع سبابتها بفم إيان ثم قال إلى جود بسخرية: قلبك ضعيف متبصش، وقف وضرب كتفه بغيظ ونظر لهم بتركيز في وضع الأستعداد قبل أن تصرخ لكنها لم تصرخ بل ابتسمت وهي تنظر له بحنان شاعرة بأسنانه تغرز برفق وهو ينظر لها بزرقاوتيه ببراءه وكأنه يسألها إن كانت تتألم أم لا..
قال نادر وهو يبتسم: لا بيفهم وهيطلع صايع مفيش كلام، تبقى هاتله عضاضة..

قال فراس بتهكم: واجبله ليه وانتوا موجودين ولا هيتقالكم ياعمو على الفاضي يعني!
فقال مأكداً على قولة: لأ عندك حق، ثم نظر إلى فؤاد الصامت وقال: وانت مجبتش ابنك ليه عشان نكمل الألوان! ازرق واخضر وبندقي هاا؟!
ابتسم على وعقله مع سارة فكم تمني أن يملك يوسف عينا سارة لكنها جاءت بُنيه مشابهة له أخرجه من شروده صوت مها الخافت الناعس: مش هنمشي؟

هز رأسه موافقاً وهو يربت على كتفها: هنمشي يلا بينا، أومأ بخفوت فأوقفه قول فراس: استني أنا لسه مخلصتش كلام، ليقول فؤاد هو الأخر: وانا برضه عايزك في موضوع..
أومأ وربت على ظهرها بأسف: معلش يا مها استنيني جوا شوية، أومأت وهي تأخذ نوران معها لكنها توقفت وسألت نادر: هي لارا مجتش معاك؟!
هز رأسه بنفي وشرح: اصلها لسه متعرفه على واحده من قُريب و النهاردة فرح جوزها وهي معاها..

نظر له الجميع بعدم فهم فتنهد وأعاد: أه صاحبتها بتجوز جوزها يعني عادي، أومأت له نوران وأخذت إيان من فراس وعادت إلى الداخل..
محت تلك العبرة التي انسابت رغماً عنها وهي تشدد قبضتها على يد لارا كاتمه شهقاتها وهي تراه جالساً مقابلها ينظر لها ببرود كُلما وقعت عينه عليها..
لقد كان هذا أسوأ شهر مر عليه فالأيام السابقة لم تكن شيء أمام ما عاناه ذلك الشهر وهي من فازت بالنهاية.

فقط البكاء لم يخوض معها حديثاً طبيعياً فوق الخمس دقائق لتنفجر باكية وكل ماتُردده هو تزوجها تزوجها تزوجها لم تقبل الحديث معه سوى عندما أخبرها أنه مُوافق وعندما قابلها للحديث كما اتفقوا وجد مريم معها رحبت به ثم تركتهم وغادرت وطوال الشهر على هذا المنوال وكلما تحدثت تقول ان هذا فقط من أجله كي يعود للاعتياد عليها مُجدداً من أجل الزواج..

أما شادي فكاد يصفعها عدة مرات وكل مره كان شريف من يوقفه فهي مجنونه ولا تفكر وجعلته يجن معها كيف تقبل وتفعل هذا؟ خوفه عليها فقط هو من جعله يصمت فإصرارها على فعل شيءٍ ما تريده أن يتم ولم تنفذه سيجعلها تمرض وتؤذي نفسها وهذا آخر شيء يتمنى أن يحدث لكنه لم يوافق مع هذا بل تركها تفعل ما تشاء حتى إنه لا يُحادثها..
أخرج هويته ووضعها أمام الشيخ كي يبدأ بعقد قرانهم فشهقت روان وهي تعانق لارا بقوة تبكِ بحرقة.

ربتت على ظهرها بحزن وهي تواسيها فهي تشعر بها وتعلم أنها روحها تحترق الآن لقد جربت هذا الشعور المُماثل لها من قبل عندما أخبرت نادر أن يتزوج ويتركها و كادت تجن فقط عندما كان يتحدث في الهاتف إذاً ما شعورها وزوجها يتزوج حقاً أمام أعينها فأقوى امرأة في العالم لا تستطيع تحمل هذا!
أخذتها لارا إلى غرفة أخرى وهي تهدئها: إهدي يا حبيبتي، انتِ مش قولتي انك قوية؟!

هزت رأسها وهي تبكِ بأسي واضعة يدها على قلبها وقالت بانهيار: حاولت، حاولت ومش قادره أنا عملت كل حاجه عشان يبقى ليا يا لارا بس كُل مره بيضيع مني بسهولة أنا مش عارفة أعمل ايه مش عارفة ومش مستحمله أشوفهم مع بعض مش هقدر..
عانقتها مُجدداً وهي تمسد ظهرها بحنان: أنا مش هقدر أقولك أكتر من إن ربنا يصبرك انتِ اللي اختارت، وصمتت عندما سمعت صوت ضجيج في الخارج فركضت إلى الخارج هي وروان بقلق.

ليجدوا الجميع ذهب وصوت سيارة الإسعاف يصدح فسألت روان أحدهم بخوف: في ايه؟!
=: العروسة تعبت ونقلوها المستشفى قبل كتب الكتاب..
فسألته بلهفة وخوف: تعرف خدوها أني مستشفى؟!، أومأ لها وقام بأخبارها أسم المستشفى فلم تنتظر وذهبت مباشرة وأخذت لارا معها التي ظلت تُهاتف نادر طوال الطريق كي تخبره لكنه لم يرد عليها ولا مرة واحدة..

رفع رأسه من على الطاولة التي كان مُنكب عليها بتركيز يستمع إلى فراس حتى انتهي أخيراً، مسد رقبته بألم وقال بضجر: خلاص خلصت، ارد على الموبايل اللي عمال يرقص في جيبي ولا لأ حضرتك؟!
هز رأسه موافقاً وقال بغرور: تقدر تقوم ترد مش مشكلة، نظر له بسخط ثم بعثر الأوراق ودفعهم أرضاً وذهب كي يهاتف لارا بقلق عندما وجد كم المكالمات الفائته تلك..

ضحك فراس وهو يلملم الأوراق لتتوقف يده و تختفي ابتسامته عندما وجد صورتها التي رسمها وسط الأوراق..
رفعها بين يديه يتأملها بحزن أخرجه منه جود عندما اختطف الورقة من بين يديه بتسلية: بتتفرج على ايه؟!، زفر بضيق وقال بحزم: هاتها..
هز رأسه برفض وهو يحدق بها بابتسامة ثم قلبها وقرأ ماكُتب عليها بدرامية: أنا لا أستحقها وكفي، الله عليك يابو الفوارس، خطفها من يده بضيق وقال بسخط: انت مالك انت؟

ضحك جود عليه ثم سأله: هي فين صح ختها كده ومشوفتهاش من ساعتها عملت فيها ايه انا مسلمتش عليها ومصلحتنيش؟!
قال بهدوء وهو يضع الورقة على أزرار الحاسوب ثم أغلق الحاسوب عليها كي لا تتنطوي بإهمال: نامت عشان تعبانة، أومأ له ثم قال بتنهيده وحزن: فراس أنا مش عارف أقول ايه والله بس انت عارف انا عايز اقول ايه عشان كفاية كده كفاية..

هز فراس رأسه بتفهم وقبل أن يتحدث وحد نادر يعود وهو يؤنبهم: نقيتو عليه اهي العروسة تعبت ومتجوزش..
فقال جود بتهكم: يستاهل رايح يتجوز على مراته ليه؟!، ضرب نادر كتفه بكتفه بغيظ وقال بسخط: اسكت انت متعرفش حاجه..
شد جود شعره بقوة وهتف بغيظ: انت مالك شيلني فوق دماغ اهلك ليه من الصبح؟!
ضحك نادر وقال مُبرراً: أصل القصة مش كده وظلمت الراجل، فسأله بحنق: قول القصة طيب سمعني..

ربتت على كتفه قائلاً بهدوء: وعد لما أعرف القصة كاملة هقولك المقابلة الجاية هكون عرفتها، ثم نظر إلى فراس الشارد وقال بفظاظة: انت يا عم انت أنجز وقول النهيه عايز ايه؟
قال بهدوء وهو يعتدل: عايز شريك براس مال..
فقال نادر بسخرية: طيب ماهو اكيد هيبقي براس مال اومال براس قطة!
رد فراس بضجر: لا براس خفة..
ضحك نادر وهو يأشر على نفسه: ايه ده ده انا..
فقال فراس بحنق: أنا مش هتكلم معاك يا تافه..

رفع نادر حاجبيه وقال وهو يلوي شدقيه: الله يرحم إوعى تكون فاكر نفسك كبرت عشان خلفت حته عيل ممحون هيطلع بها بنات يعني..
القي عليه الأوراق بغضب وقال ببُغض: أهي بنتك بقى اول واحده هخليه يضحك عليها، ضحك نادر وهو يلملم الأوراق: كده ترمي المُخطط اللي هيأكلك عيش؟، رمقة بحده فضحك أكثر وتحدث بجدية: طيب ليه عايز حد يدخل شريك؟ ما تاخد الفلوس على طول؟!
زفر وقال بضيق: ده ذنبي عشان عايزكم تستفيدوا معايا؟

قال بجديه: لا خد الفلوس واعمل شغلك ليك متدخلش حد معاك..
ابتسم فراس وأسند وجنته على راحة يده: هتديني كام
ضحك نادر وهو ينظر له: هو انا اللي هدفع؟ أومأ له فتابع وهو يبتسم: انا شايف ان شريك معاك فكره كويسه وأفضل ليك بعد اسمك اللي اخوك خلاه في الوحل، وبعدين ماهو جود نسيبك والاقربون اولى بالمعروف أنا صاحبك بس!
ضحك فراس وهو يستمع له ثم قال إلى جود: اهو ده بقي الصاحب الندل العره والمثال الحي لبنها.

ضحك نادر وقال بتبرير: يا فراس متفهمنيش غلط الله صاحبي وصاحبك على القهوة!، ثم تابع بهمس كي لا يستمع لهم فؤاد الذي أخذ على يحادثة على الجانب: فؤاد لسه مصفي شركته ومتريش وبيحب الشغل قوله هيوافق و هيفرح بيك أوي ولو مش عاجبك جود اهو كفاية اوي، هز جود شفتيه إلى الجانبين وقال بسخريه: ده ميعرفش اللي فيها، ثم التصق به وقال وهو يميل علية: يعني مش هتدينا فلوس؟!

ابتعد نادر للخلف وهو يقول بتعجب: اديكم! انت معاه؟!، أومأ له بحزن وهو يقترب أكثر أخافة فدفعه للخلف وهو يقول بشك: في ايه؟ انت غيرت ميولك؟!
قال بهمس وهو يقترب أكثر: اغيرها لو عايز، دفعة نادر من وجهه بتقزز وقال بغضب: يا عم ابعد الله يقرفك هديك ابعد كده..

ضحك جود بتسلية وقال بانزعاج: على فكره انا حلو مش للدرجادي يعني، رمقة نادر بجانب عينه بازدراء وقبل أن يتحدث تحدث جود وهو يسأل: صح هتعمل ايه في ال?يلا الجميلة دي؟
نظر فراس حوله ثم قال بمرارة: لو اطربقت السما على الارض مش هسيبها مستحيل دي اتبنت طوبة طوبة قدامي مستحيل لا مش هقدر أفرط فيها، وبعدين دي من فلوسي أنا من حتة تانية خالص ملهاش علاقة بالفلوس الثانية..

فقال نادر مقترحاً: طيب ما تصرف نفسك بالفلوس الثانية!، ركلة فراس بسخط: ياعم انت هتذل أهلنا ده انت معفن صحيح..
ضحك نادر وقال بسعادة: ودي حاجة مفرحاني جداً اذلكم ياااه مُتعة..
مرر على يده على وجهه وهو يفكر كيف سوف يخبرها بمثل ذلك الخبر ثم قال إلى فؤاد بأسف: البقية في حياتك يا فؤاد انت مقولتش ليه من الاول؟!

قال بحزن وهو يفكر بسارة: مكنتش عايز أزعلها وانا عارف انها مبسوطة لو كُنت اقدر كُنت قولتلها انا بدالك لكن مش هقدر أشوفها وهي بترمي اللوم عليا عشان مقولتش من الأول..
هز على رأسه متفهاً فأعاد فؤاد: خلى بالك منها، ولما تهدي أنا هجلها، أومأ له وهو يربت على كتفه: دي في عنيا..

وضعت يدها على كتفه وقالت اسمه بنبرة قلقة مرتجفه: شريف، استدار لها وقبل أن تتحدث دفع يدها عنه بعنف وصرخ بوجهها بحده: انتِ بتعملي ايه هنا؟! مين سمحلك تيجي؟!
ابتلعت ريقها وقالت بتلعثم ودموعها تنساب: جيت، جيت، عشانك!
رفع زاوية شفتيه بسخرية وقال بتهكم: بجد! طب أنا بقى مش عاوز اشوفك عشان مش طايقك ولا طايق أبص في وشك ده كفايه؟!
هزت رأسها بنفي وقالت بنبرة مرتجفة: مش بمزاجك، أنا مراتك ومن حقي أفضل جنبك..

مرر يده بشعره بعصبيه تلك الغبيه ستجعله يجن فقال بتهكم وصوتٍ أجش: فرحانه اوي بمراتك مراتك مراتك مراتك بأمارة ايه؟ على العموم انا هريحك عشان متقوليش مراتي تاني، انت، وضعت يدها على شفتيه وهي تهز رأسها تبكِ بانهيار تمنعه: انت هتقول ايه؟ متقولهاش لأ، وظلت تبكِ بحرقة فأنزل يدها ببرود وقال بقسوة: حتى لو مقولتش ده مش هيغير حاجه عشان انا قولتلك هضيع منك ووافقتي متلومنيش عشان مش هنرجع زي الاول سواء فاقت او مفقتش عشان أنا طلعت ولا حاجه بالنسبالك وسبتيني بسهولة لواحدة ثانية وللأسف متنفعنيش واحده زيك، وتركها تقف مُتيبسة محلها وذهب..

بينما لارا كانت تجلس بسيارة الأجرة في طريقها إلى المنزل فهي عادت أدراجها وتركت المستشفى عندما صرخ شريف بروان كي تترك لهم مساحة ظناً ان الحديث سوف يطول ويكون عاطفي! ذهبت إلى الحديقة لتفاجأ بمن لم تتوقعه أن يكون هُناك قعيداً قليل الحيلة ولا يبدو أنه سوف يسير مُجدداً مُهمل لا يتطلع إليه أحد يتحركون به متى شاءوا غير عابئين بما يُريد، لم تتوقع يوماً أن ذلك الجاحد قد يحدث له هذا وتراه بتلك الوضعية؟ فأين المال والجاه والتكبُر أين رجاله الذي يتحامي بهم كيف انتهى به الوضع هُنا بتلك المستشفي؟! صحيح أنه يُمهل ولا يُهمل..

لهذا عادت فلا تستطيع أن تظل بمكانٍ هو به يتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه..
بعثت رسالة إلى نادر كي يعود إلى المنزل ولا يذهب إلى المستشفى فلا داعي إلى هذا الآن..

ذهب الجميع عدي والدته التي لم تتبين إلى الآن وظل هو وحده جالساً بالحديقة ومعه إيان المستيقظ بنشاط لا يُريد النوم استلقي على صدر فراس وهو يهمهم بنعومة جعلت فراس يتذكر حديث نادر عنه فضحك ورفعه بين يديه وسأله بجدية: انت هتبقي بتاع بنات؟!، ضحك إيان وهو يمد إصبعه يُريد أدخاله في أعين فراس بإصرار لكنه توقف وصرخ وهو يرى الهرة تحوم حولهم فنظر فراس لما ينظر ثم ابتسم وقال بسعادة: ألين، حملها ليجدها تحرك رأسها ضد جسده تهز زيلها بحركة أليفة وهي تطلق مواء خافت رقيق كصاحبتها تماماً فابتسم وهو يداعب فرائها الناعم ثم تركها إلى إيان يلعب بها وهو يضحك بسعادة كُلما لمس شعرها..

=: محتاجين عملية سريعة عشان الورم وللأسف مُكلفة جداً، أومأ له شريف وقال بهدوء: تمام اعملوا العملية..
نظر له الطبيب وقال بتردد: متهيألي تروح الحسابات تعرف التكاليف كام عشان مقدرش اعملها لمجرد كلمه منك وخلاص!
زفر شريف وقال باستفهام وقلة صبر: كام يعني قول انت مش دكتور وعارف..
قال الطبيب بهدوء وهو ينظر له: ممكن تدخل في عشرة مليون..

دفعة شريف من أمامه بغضب وقال بسخط: عشرة مليون قرد على دماغك، ايه هتاخدها مريم وترجعها حنان عشرة ايه انت مجنون!
هرولت روان اتجاههم تاركة المقعد الذي كانت تجلس عليه بالزاوية وحدها: أنا ممكن ادفع..
د حجها شريف بنظرات غاضبة وقال بحده: انتِ مالك و تدفعي ايه انتِ لاقياها في الشارع؟!، انتوا نصابين وهوديكم في داهيه..
قال الطبيب بعصبيه: مش عاجبك خدها ووديها مستشفي تانية تكون ماتت سعتها..

مرر يده على وجهه بغضب وهو يفكر أي حراجة تكلف هكذا؟ ماذا سيفعلون لها؟!
تنهد باستسلام وقال بهدوء: ماشي تمام هدفع..
رد الطبيب بهدوء: لازم تدفع الأول، كاد يلكمه بغضب لكنه زفر بحده وأومأ وذهب إلى الأسفل..
تنهد وهو يتوقف بالسيارة أمام المستشفى ثم أخرج هاتفه كي يهاتفها لكنه وجد رسالتها التي تعتذر بها وأخبرته أنها عادت فأعاد إدارة المقود وذهب الى المنزل..

دلف بهدوء دون إحداث صوتاً شاعراً بتشنج شفتيه من كثره الحديث فعندما يجتمع معهم شفتاه لا تتوقف عن التحرك كالنساء! قهقهة على نفسه وهو يصعد الدرج لكنه توقف عندما لمح لارا تجلس على الأريكة بمنامها تُعانق الوسادة بحزن فابتسم وعاد ادراجه مُتجهاً لها يسير بتباطؤ كي يفزعها لكنه توقف مُحدقا بها بحنو لا يستطيع أن يفعلها ستبكِ وهو لن يتحمل..

استلقى على الأريكة ببطء ثم وضع رأسه على فخذها ودفع الوسادة بتذمر تحت ابتسامتها المتفاجئه وقال بحنان وهو يداعب وجنتها: القمر سرحان في ايه؟!
عانقته بقوة ولم تتحدث فقال بمزاح وهو يحاوطها: هتخنقيني يا لارا دول كام ساعة بس حصل ايه؟
إبتعدت وهي تضحك فاعتدل جالساً ورفع يده لتدخل رأسها ودثرت نفسها بأحضانه تربت على صدره بحنان وقالت بأسف: أنا أسفة..
قال بتعجب وهو يداعب شعرها بطرف أنامله: ليه؟! عملتي ايه؟!

قالت وهي تمط شفتيها: عشان قولتلك اتجوز قبل كده، ضحك وهو يقبل رأسها بحنان: انتِ لسه فاكره يا لارا!، أومأت بخفوت ليهتف فجأه عندما تذكر: صح مها كانت عايزه تعتذر لك..
دفنت رأسها بأحضانه أكثر وقالت بحزن: المُتوحشة اللي ضربتني؟!، أومأ لها وهو يضحك ثم سألها بقلق: انتِ كويسة؟ مش عاجباني خالص؟!

ابتسمت ثم قبلت صدره بحنان: أنا كويسة يا حبيبي، ثم أمسكت يده بقلق عندما وجدت إصبعة مُكتسب حُمره و سألته بلهفة: ماله صباعك حاجه سُخنه ادلقت عليه؟!
إبتسم إبتسامة مشرقة لا حظتها ثم قال بدفء: ده إيان ابن فراس لسه بيسنن عضني..

أمسكت سبابته وهي تبتسم مبتلعة غصتها بمرارة لتجد علامه أسنانه فضحكت وسقطت دموعها جعلته يُكوب وجهها بقلق فقالت وهي تشهق: شوفت انت مبسوط ازاي وانت بتتكلم عليه مش هتقدر تعيش من غير ولاد يا نادر ولسه المرة الجيه لما تكلمني عنهم مش هتبقي مبسوط كده هتبقي حزين عشان مش عندك..

عانقها بأسف وهو يربت على ظهرها فهو الغبي لما تحدث؟! ترجاها بحزن: لارا كفاية تعذيب في نفسك وارضي بالأمر الواقع خلاص انا قولتلك مش عايز مش عايز..
قالت بحرقة وهي تنظر له: بس يا نادر انا مش هستحمل كده مش هقدر اشوفك وانت مبسوط بيهم ومش قادر تخلف..

مسح دموعها وهو يبتسم وقال بحنان: حتى لو خلفت هفضل اتبسط كل ما اشوفهم دول ملبن يا لارا، ثم ضحك وتابع: كده كده اي طفل بشوفة بحبه مش معني كده اني حاسس بالنقص! انتِ اجمل طفلة في حياتى مش محتاج غيرك عشان الدلع ميتقسمش بنكم!، ابتسمت وهي تضع رأسها على صدره فتابع بدفء وهو يحاوطها: مش محتاج غيرك في حياتي انتِ حبيبتي وبنتي ومراتي وكل حاجة وانا مش محتاج أكتر من كده، أنا أقدر أعيش من غير أطفال لكن مقدرش أعيش من غيرك والكلام ده تحفظيه وتحطيه حلقة في ودنك وافتكريه دايماً قبل ما تعيطي وتيجي تشتكي فاهمة؟!

أومأت له وهي تدفن نفسها بأحضانه أكثر فتعجب وقال مُمازحاً: ايه ده خلاص كده هديتي مش هتقوليلي اتجوز؟!
هزت رأسها بنفي وهي تبتسم فقال بعبث: طيب هاتي بوسة..
رفعت نظرها له وقالت بنعومة: هات انت، وبعدين انا عايزه اكتر من بوسة..
رمش قليلاً وتحسس جبهتها وقال بتعجب: لارا معايا يافندم؟!

دفنت رأسها بعنقه لتتحدث وتلفح أنفاسها صفحه عنقه بدفء: اه لارا معاك، لارا اللي بتحبك ووحشتها ابتسم وحملها برقة وقال بمكر وهو يقبل وجنتها: لا الليلة دي عيد والكلام هنا مينفعش دي لارا هانم بنفسها اللي طالباني، لوحت بقدمها في الهواء وتذمرت بخجل: يا نادر بقي، قهقهة عليها وقبلها بحنان صاعداً الدرج سريعاً درجتين درجتين فليلته ستكون محمومة..

أغلقت الأضواء بابتسامة وهي تحدق بمهده بحنان ثم تركت الغرفة وأغلقت الباب خلفها لتصطدم بصدر صلب عندما استدارت ليخفق قلبها بقوة وهي تجده يقف ينظر لها بحب شغوف وقبل أن تتحدث عانقها بقوة حتى لم تعد قدمها تُلامس الأرض دافناً رأسه بحنايا رقبتها يستنشق رائحتها بانتشاء مطلقاً زفيراً حاراً برقبتها جعلها تقشعر وهي تدفن أناملها بشعره تقرب رأسه منها أكثر بأنفاس متهدجة حتى شعرت به يحملها إلى عرفتهم..

أغلق الباب بقدمه ثم أنزلها ببطء مُحاوطاً خصرها بتملك وهمس بهيام أمام شفتيها: وحشتيني، ضربت صدره وأدمعت عيناها لكنه لم يترك تلك العبرة تسقط ولن يسمح لها أن تُعكِر صفوها بل قبلها بحنان جعلها تغمض عينها هادئه وديعة مثلما تفعل دائماً لكن عبثه لم يتركها صامته لوقتٍ طويل قبل أن تتفاعل معه بحرارة فهي اشتاقت له بالمثل..

فصل القبلة لاهثاً وهو يسند جبينه على جبينها هامساً بعشق: وحشتيني أوي، وأمال رأسه كي يقبلها لكنها ابتعدت كي ترفضه لكنها لم تستطع أن تفعل ليس أمام نظراته و ابتسامته المُهلكة لمشاعرها..
فعادت ومررت يدها على ذقنه الحليقة بحنان وسألته: مش هتطمن على يوسف؟!

قبل راحة يدها بحنان وانحني وحملها بين يديه هامساً أمام شفتيها بحرارة: أم يوسف أهم، ابتسمت ابتسامة عذبة لقوله هذا ولم تستطع سوى أن تحاوطه وتحتمي به مثلما تفعل دائماً فهو الأمان بالنسبة لها ليس أمان فقط بل كل شيء..
كان يجلس على الأريكة يضع قدم فوق أخرى يُحدق بها بجمو وبيده الأخرى يحمل قداحة حديدية لم يكف عن العبث بها وفتحها وغلقها مُصدراً صوتاً وكأنه يُحقق معها هُنا..

بينما هي كانت تجلس على الاريكة بنفس وضعيتها التي وضعها بها مُنذ ساعاتٍ ولم تتحرك حتى انه لم يفك قيدها ولم يزل اللاصق عن فمها بل تركها هكذا كي يُرعبها قليلاً تلك الوقحة سيُريها كيف تصفعه ولا يعلم ما تُضمره له خلف ذلك الهدوء..

ألقت نظره أخيره على حذائها الرياضي غير عابئه به إن كان ذو كعب أو رياضي فالنتيجة واحدة وقف وهو يزفر، تقدم منها نزع عن فمها اللاصقة بعنف جعلها تتأوه بألم و مررت لسانها على شفتيها وهي تتوعده..
فك قيد معصمها بوجوم تحول الى حزن عندما رأي معصمها المكتسب حُمره بسبب ربطه بعنف هل تتألم.

انحني وفك قدمها والتهي بإبعاد ذلك الرباط ليتأوه فجأه وهو ينحني بألم كاتماً أنفاسه عندما ركلته بين قدميه بغضب و ركضت إلى الأعلى..

قبض على الوسادة المُلحقة بالأريكة بقوة مغمض العينين وهو يتألم ثم صرخ باسمعها بعنف مُزمجراً بغضب جعلها تسقط على الدرج بخوف: نووووووووور، وقفت بخوف وتابعت ركضها و دلفت إلى الغرفة الخاصه بنائل بالخطأ فهي كانت غرفتهما معاً أيضاً أغلقتها عليها من الداخل وهي تسند ظهرها على الباب تلهث بخوف و قالت بأنفاس مُتسارعة مُضطربة: هيقتلني، هيقتلني..

تحامل على نفسه ووقف يتأوه بألم وهو يسُبها بأبشع الألفاظ يسير بتعرج حتى وصل إلى الغرفة..

أدار المقبض ليجده مغلق فطرق الباب بقوة وقال بصوت مكتوم جعلها تندم وهي تستمع له: نور، افتحي بدل ما أكسر الباب عليكِ، ضحكت وهتفت بصوتٍ عالٍ وصل له: خلاص مبقتش تنفع، ابتسم وهو يستمع لضحكتها هل يُجب أن يتأذي كي تضحك؟!، بينما هي اختفت ابتسامتها تُعيد تلك الكلمة برأسها مراتٍ عديدة حتى انسابت عبراتها على وجنتها بألم من الذي لن ينفع مُجدداً هو أم هي؟!

قال بهدوء ونبرة دافئة: نور، افتحي انتِ عارفة اني مش هأذيكي لازم نتكلم..
هربت شهقتها وقالت بألم وهي تسند رأسها على الباب ويدها على المقبض: مفيش كلام هينفع يا نائل انت عارف..
فقال برجاء وصوت مُتألم: نور أنا مش بطلب منك اننا نحب في بعض أنا مش عايز أكتر من الكلام!
هزت رأسها بأسى وقالت برجاء: نائل متصعبهاش عليا عشان خاطري..

همس بعذاب وصل لها: عشان خاطري أنا افتحي، لم ترد فأعاد بحنان: طيب مش عايزه تنامي في حضني؟، لكنها لم ترد أيضاً ووضعت يدها على شفتيها تكتم صوتها كي لا يستمع فأعاد بحزن: طيب أنا عايز؟! وعارف انك بتعيطي افتحيلي..
فتحت الغرفة وهي تختبئ خلف الباب فدلف بلهفه باحثاً عنها ثم ابتسم بحنان عندما وجدها تحني رأسها وجسدها يهتز من البكاء تقف بزاوية الحائط..

تقدم منها ثم عانقها بحنان بدفء يحتويها بيديه قبل جسده مربتاً على ظهرها برقة أصابتها برجفه وهي تتشبث بقميصة ولم تكف عن البكاء حتى همس بأذنها بنبرة ناعمة دافئة لا تليق سوى بها: سبيني أساعدك ومش هتندمي، رفعت رأسها تنظر له بعينها المُرهقة التي تستنجد به بنظراتها المُتألمه التي اخترقت روحه تريده أن ينتشلها من ذلك الظلام قبل أن تغرق أكثر به ويبتلعها..

محي عبراتها بأنامل مرتجفة وقبل رأسها بحنان ووعدها بصدق: مش هتندمي مش هخليكِ تندمي سبيني أساعدك، أومأت مُوافقة وهي تسند رأسها على صدرة، فتابع وهو يربت على ظهرها بحنان عندما شعر بها ترتجف: متخافيش مش هعرف أعمل حاجة دمرتيلي مستقبلي خلاص بقيت انا وانتِ واحد ضحكت بنعومة وهي تمسح عبراتها بقميصة ثم قالت ببحة أثر البكاء: أنا آسفة كُنت أقصد، ابتسم وهو يقرص وجنتها بخفه: ايه البجاحه دى؟ بس فداكي هو مش فداكي أوي بس فداكي، ابتسمت وهي تُتابع مسح عبراتها ثم قالت بإرهاق: أنا عايزه أنام..

إبتعد من أمامها وأشر على تخته الأسود من خلفه ذلك التخت الذي لم يتشاركانه معاً سوى بعض الليالي القليلة الجميلة التي تُعد على أصابع اليد..
اقترح عليها بهدوء: هتروحي انتِ ولا أشيلك؟
ابتسمت ثم سارت وحدها فسألها بوداعة: مش هتغيري؟!، هزت رأسها بنفي وقالت بإرهاق: أنا تعبانه وعايزه انام ممكن؟!
ابتسم وقال برفق: طبعاً ممكن لو ممكن انتِ بقي أقعد جنبك لحد ما تنامي؟!
أومأت وهي تبتسم وقالت: وممكن تحضني كمان..

ابتسم وهو يتقدم منها: ده ايه الكرم ده، خلع حذائه وتسطح بجانبها لكنه انتصب جالساً وخلع حذائها لتبتسم له بنعومة ثم عاد وتسطح لتضع رأسها على صدره وهي تحاوطه برقة فدفن أنامله بشعرها يحركها بنعومة حتى غفيت وأصبحت تتنفس بانتظام فقبل جبهتها بحنان ثم حاوطها بقوة عندما تأكد من نومها كي لا تخاف وظل شارداً لبعض الوقت حتى غط في نومٍ عميق هو الآخر..

قال بهدوء وهو يتناول طعامه: أنا مسافر بعد يوم يومين كده عندي شغل..
أومأت له ريم بهدوء وهي تترك ملعقتها وسألته بغصة لم تستطع التحكم بها: هترجع امتى؟!
نظر لها مُطولاً اربكها ثم قال بهدوء: مش راجع تاني يا ريم، ابتلعت ريقها و سألته بنبرة مرتجفة: يعني ايه مش راجع تاني؟!
هز كتفيه وحدق أمامه قليلاً ثم نظر لها وقال ببرود: يعني مش راجع تاني، ممكن انزل بعد سنتين تلاته كده أجازه متقلقيش..

قالت له بعصبيه: يعني ايه؟ سنتين تلاته وتسيبنا لوحدنا؟!
ابتسم وقال لها بهدوء: انتِ مش قاعده في حارة شعبية في مصر ياريم! هتبقوا كويسين وبعدين مليكة بتكبر وهتاخد بالها منك انتِ ومالك صح يا لوكة؟!
ابتسمت وقالت بهدوء: طبعاً يا أبيه..
ابتسم وعاد إلى تناول الطعام بهدوء ودمٍ بارد مُتجاهل ريم التي اصفر وجهها وتوقفت عن تناول الطعام تفكر بحديثة الذي قلب كيانها الآن..

رمقها بجانب عينه ثم تجاهلها مُجدداً فهي من فعلت هذا لقد ظن أنه تقدم خُطوه معها عندما كان مريضاً وعندما اخبرها اليوم التالي أنه اصبح بخير بفضلها وبسبب عناقها له وغفيانها بأحضانه وكم كان ردها بارد وأحمق وهي تقول له أنه كان يهذي وهي حتى لم تعلم أنه مريض! لقد كانت كذبة حمقاء جعلتها مُثيرة للسُخرية هل لتلك الدرجة كبريائها لا يسمح لها بالتحدث والاعتراف بشيء؟!.

لكنه لن يكون يحيي ان لم يجعلها تتحدث هي وتعترف اولاً ولن يكتفي بهذا بل سيتزوجها بحق وسوف ينجب منها فلن يكتفي سوى بحياة سعيدة طبيعيه، هو ليس مالك ولن يتركها حتى يموت أحدهما يُجب أن يسير كُل شيء في مجراه الطبيعي..

لكن ليرى أولاً كيف ستتصرف حِيال سفرة لأنها إن لم تتمسك به وتمنعه سوف يذهب حقاً ولن يعود مُجدداً لأنها إن لم تكُن تُريده فلا فائدة له هُنا مليكة تنضج وحدها ولن يأكلها أحدهم ان لم يكُن موجوداً..
صباح اليوم التالي..

سقطت رأسه على كتفه جعلته يفتح عينه بنعاس مُحدقاً حوله بتشوش يراقب الممرضين الذين يسيرون بالممر بهدوء ثم تذكر ما يفعل هُنا فوقف وهو يمط ذراعيه ليتوقف وهو يرى وران تركض اتجاهه تبكِ لقد تناساها أين قضت أمس فهي اختفت بعد ان ذهب كي يدفع الأموال؟!
عانقته بأسف وهي تبكِ تواسيه تحت تعجبه وجهله بما يحدث: والله عمري ما كنت اتمني انها تموت والله كان نفسي انها تعيش معاك وتبقى سعيده..

حدق بها بصمت لبعض الوقت يُعيد حديثها برأسة آلاف المرات مُجدداً حتى استوعب ما قالت فأبعدها عنه وقال بأحرف جاهد لإخراجها مُتزنه: مريم، ماتت!

أومأت له وهي تبكِ بحرقة تُريد أن تُعانقه لكنه دفعها بعدم تصديق ودلف إلى غرفته مريم لم يجدها بها وجدها فارغة! لكنه لمح ذلك الطبيب كان يمُر من أمام الغرفة فركض شريف وجذبه من حاشية رداءه وصرخ به بأعين مُدميه هازاً جسده بعنف: انت مش قولت هتنقذها! واخد الفلوس دي عشان تخرج تقولي ماتت؟ انا هشرب من دمك..
نزع الطبيب يده بضيق وقال بحده: مينفعش كده يا أستاذ ده عمرها ومش بإيدينا حاجه؟!

زمجر بغضب ثم لكمه أطرحه أرضاً: و مقولتش كده امبارح ليه؟ امبارح الفلوس هي اللي كانت هتخليها عايشة ودلوقتي فجأة بقى عُمرها و ملكش دعوة؟!

امسكت روان يده وقالت برجاء: شريف خلاص سيبه مالهوش ذنب، لكنه دفعها بقوة أسقطها أرضاً فتأوهت بألم وهي ترفع معصمها الذي تحاملت عليه تُمسده وهي تبكِ بأسي ألم يقل أنه لا يُحبها ماذا حدث له لما ثائر هكذا؟! حتى أنه لم يعبأ بها وجذب الطبيب من حاشية ملابسه خلفه وهو يصرخ به بجنون: فين هي فين؟!
قال بخوف وهو يرتجف: في الثلاجة، دفعه شريف أمامة وقال بوجوم: وريني فين!

ربت على رأسها الخالية من الشعر بأنامل مُرتجفة مراقباً ملامحها الشاحبة وشفتيها الزرقاء ثم عانقها بألم وبكي من أجلها فهو لا يعلم ماذا يقول لها لا يعرف هو لم يكرهها يوماً ولم يتمنى لها الموت و لا يعلم ماذا يريد لم يعد يعرف نفسه ولا من يُحب لا يعلم الاثنان؟ لكن واحدة فقط هي من تبقى له كُل مَره..

تركها ليقم الطبيب بتغطيه وجهها مجدداً وأدخلها ثم أخذه إلى الخارج لكن شريف توقف بمنتصف الطريق وسأله بأعين دامعة: بس جسمها مكنش بارد؟!
ابتسم الطبيب وقال بهدوء: هي لسه ميته من شويه مش بليل، وقد انطلت عليه وأومأ له وخرج معه بهدوء
توقف مستنداً على الباب قليلاً مغمض العينان يتنفس بانتظام ليفتح عيناه فجأه ثم قال إلى الطبيب بريبة: في صوت جوا؟!

ترك الطبيب المقبض غادر نهائياً بعد أن قال: ادخل شوف براحتك، ابتلع شريف ريقه و لوهلة ظل يحدق في الباب بخوف في الداخل أموات أي صوت سوف يكون؟!

حرك المقبض كي يدلف لكنه توقف عندما لمح روان ساقطة أرضاً فاقده الوعي ركض لها بخوف لا يستوعب هيئتها ليتذكر ما فعل وكم كره نفسه لهذا فهو يتصرف بحماقة، رفعها بين يديه بخوف وهو يصفع وجنتها بخفة: روان، روان، فوقي، لكنها لم تفق فحملها وركض بها إلى إحدي الغرف وذهب يبحث عن طبيباً..

بينما في تلك الأثناء داخل الغرفة التي وُضع بها ثلاجات الأموات نزعت تلك الطبقة عن رأسها وهي تهز رأسها إلى الجانبين لتنسدل خصلاتها القصيرة بنعومة خلفها ثم لعقت شفتيها الزرقاء وهي تُحدق بدرج الثلاجة ترى انعكاسها المُشوش وهي تبتسم بمكر ثم قالت بأسى وهي تُحادث نفسها: تمثيل الموت ده صعب أوي يا مريم، بس مش مهم كل مرة بتنجحي، ثم ضحكت بسعادة و سارت بخطوات مُعوجه إلى الباب وهي ترفع السترة الخاصة بها على كتفها تمسكها بالوسطى والسبابة والإبهام ليصل حتى نهاية ظهرها، ثم أدارت المقبض وخرجت بهدوء لتصطدم بجسد جعلها ترتد إلى الخلف فقال بأسف وتعجل: اسف مكنش قصدي، أومأت وهي تحني رأسها ولم ترفع نظرها له بسبب صوته الذي اربعبها وتابعت سيرها بهدوء وقلبها يدق بعنف واضطراب..

تنهد شريف وهو يلتفت يبحث عن طبيب ليجد تلك الغرفة أمامة وتلك الفتاة خرجت منها كيف ربما طبيبه؟! استدار ناظراً خلفه مُحدقاً بظهرها بتركيز ليتوقف عن التنفس وهو يراقبها، شعرها القصير طريقة سيرها باعوجاج هي مريم! صرخ بإسمها بصوت مرتفع شعر بعدها أن أحباله الصوتية انفجرت: مريم!.

تجمدت مكانها مُتوقفة عن السير لكنها لم تلتفت له و واحد إثنان ثلاثة ركضت إلى الخارج بكل ما أوتيت من قوة فركض خلفها وهو لا ينظر أمامه من الغضب لتقفز هي على تلك الدراجة النارية التي كانت تنتظرها في الخارج وهي تصرخ بذلك الشاب الذي لم يكن سوي الساقي الذي عرضها على شريف بالملهي: أطلع بسرعة شريف شافني اطلع، حرك المفتاح داخل المقود ثم انطلق بسرعة البرق..

توقف شريف أمام المستشفى وهو يلهث محدقاً بالدراجة النارية وهي تبتعد بذهول وصدمة لا يُصدق اللعنة هي مُحتاله؟! لقد احتالت عليه!.
ابتسم بتسلية وسألها: صرفتي الشيك؟!
قالت بهدوء وهي تحاوط خصره واضعه رأسها على ظهره بشرود: صرفته..
ابتسم وتابع بتفكير: مسكين شريف شكله بيحبك اوي!
همهمت له بهدوء فتابع بمكر: بس ليه مقولتلوش انه مينفعش يتجوز واحده متجوزه؟

شددت قبضتها حول خصره وقالت بهدوء: انت عارف ان مفيش حاجة كانت هتّم، وبعدين غير السيره دي معاك كوك؟!
إبتسم وهو ينعطف بها وقال بسعادة: معايا ياقلبي معايا..
أومأت بظهره وقالت بخفوت: طيب امشي أسرع عشان تعبانة وعايزة ارتاح..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة