رواية بإسم الحب للكاتبة هاجر الحبشي الفصل الثمانون
تجمدت مكانها مُتوقفة عن السير لكنها لم تلتفت له و واحد إثنان ثلاثة ركضت إلى الخارج بكل ما أوتيت من قوة فركض خلفها وهو لا ينظر أمامه من الغضب لتقفز هي على تلك الدراجة النارية التي كانت تنتظرها في الخارج وهي تصرخ بذلك الشاب الذي لم يكن سوي الساقي الذي عرضها على شريف بالملهي: أطلع بسرعة شريف شافني اطلع، حرك المفتاح داخل المقود ثم انطلق بسرعة البرق..
توقف شريف أمام المستشفى وهو يلهث محدقاً بالدراجة النارية وهي تبتعد بذهول وصدمة لا يُصدق اللعنة هي مُحتاله؟! لقد احتالت عليه!.
ابتسم بتسلية وسألها: صرفتي الشيك؟!
قالت بهدوء وهي تحاوط خصره واضعه رأسها على ظهره بشرود: صرفته..
ابتسم وتابع بتفكير: مسكين شريف شكله بيحبك اوي!
همهمت له بهدوء فتابع بمكر: بس ليه مقولتلوش انه مينفعش يتجوز واحده متجوزه؟
شددت قبضتها حول خصره وقالت بهدوء: انت عارف ان مفيش حاجة كانت هتّم، وبعدين غير السيره دي معاك كوك؟!
إبتسم وهو ينعطف بها وقال بسعادة: معايا ياقلبي معايا..
أومأت بظهره وقالت بخفوت: طيب امشي أسرع عشان تعبانة وعايزة ارتاح..
إنفجر ضاحكاً بهستيريا وعدم تصديق وهو يشد شعرة بقوة، لقد احتالت عليه هربت ولن يراها مُجدداً! كم كان ساذجاً لقد أحبها ووهبها كُل شيء لكنها كانت تُريد الأموال فقط، لقد كان حُباً وهمياً لا لا بل حُباً من طرف واحد هو وحده الذي أحبها هو الذي عانا وحدة وليست هي..
لقد دمرت آخر ما بقي له من مشاعر صادقة اتجاهها..
عقله يُخبره أن يبحث عنها ويفهم منها لما فعلت هذا ويتركها لكنه يعرف نفسه وإن أمسكها سوف يذيقها الويلات أولاً ثم يتركها وقلبه يخبره أن يعود إلى روان ويكمل حياته بسعادة معها و يتناساها فهي ماتت بالنسبةِ له الآن..
إعتصر رأسه ومازال لا يُريد التصديق أنه كان مصرِفاً بالنسبةِ تسحب منه متى شاءت بكل سهولة فإن كانت بحاجة إلى أمواله فقط من البداية كانت تخبرة فهي إن طلبت كان سيُغرقها بالأموال دون أن يسألها لما فهو وعدها بمساعدتها من البداية ولن تفرق معه الكيفية لفعل هذا بل سيعطيها بهدوء لكن لما تلك الطريقة وهل كانت كاذبة أيضاً ولم يعتدي عليها أحد! ياإلهي لا يعلم ماذا يصفها فجميع الصفات إجتمعت بها، مُحتاله، كاذبة، عاهرة، مُدمنه، لم تترك شيءً لم تفعلة ولم تتشبه به حقاً كيف أحبها! شتان بينها وبين روان فهي لا تأتي نصف ظفرها حتى! بالتأكيد أحبها فقط لأنها كانت تشبهه عندما كان فاسداً والآن بعد أن أصبح جيداً لا يرى ويختار سوى الجيد فهي نكرة بالنسبةِ له الآن..
فقط لو يمسك بها وبمن ساعدها..
توسعت عيناه عندما تذكر الطبيب، الطبيب إن أمسكه سيقتلع رأسة تهجمت ملاحمه أكثر وحرك قدمة كي يدلف مَجدداً لكن تلك اليد التي وضعت على كتفه أوقفته وجعلته يلتفت بتفاجئ..
=: شريف انت بتعمل ايه هنا وفي إيه قلقتوني!
نظر شريف له وسأله بريبة: انت عرفت منين اننا هنا؟
تنهد شادي وقال بهدوء: روان رنت كتير وبعدين بعتتلي رسالة وقالتلي انكم هنا انتوا كويسين؟!
أومأ شريف له وسار متقدماً عنه وهو خلفه يسير جاهلاً أين سيذهب لكنه سار حتى توقف شريف أمام الغرفة وقال بهدوء: روان هنا خليك معاها وانا هبعتلك دكتور، وتركة وغادر باحثاً عن طبيب حتى وجد واحداً كانت مُناوبته قد بدأت الآن، أوصله حتى أمام غرفتها وذهب يبحث عن ذلك المُحتال وهو يضمر له الشر فقط إن وجده، وبالطبع بحث ولم يجده فقط لو أمسكه يا إلهي على ما كان سيفعلة به، لقد أخذوا الكثير وهو لم يكن ليدفع كل هذا المبلغ في جراحة لكنها روان هي السبب هي من اندفعت وقالت أنها ستدفع وهذا جعله يدفع بصمت دون أن يسأل لأنها إن دفعت كان سيدفع هو الأخر وتحيي مريم ملكة بأموالهم كم هي محظوظة يتشاجرون على إنقاذ حياتها وهي خسيسة تركض خلف الأموال..
خرج من المسبح وهو يحمل إيان بين يديه والمياه تتساقط منهما يُحاوطه بالمنشفة فهو ظل مُستيقظاً طوال الليل يلعب ويتحدث بكلمات غير مفهومة ويصرخ مع فراس رغم محاولته اليائسه في جعله ينام لكنه فشل فشلاً زريعاً وجزائه ظل يستمع لشكواه وحديثة طوال الليل، لكن الأجمل من هذا كان رؤية ضحكته و سنتيه الأماميتين كالأرنب وبريق عينيه وهو ينظر له وهذا كان كافياً كي يجعله يبتسم طوال الليل وهو يضعه على صدره يُربت على ظهره بحنان..
وضعه على البار بهدوء ثم اتجه إلى الثلاجة يبحث عن طعام فهما يتضورون جوعا، قام بتحضير شطيرة له ووضعها ثم تجول في المطبخ يبحث عن الحليب وهو يعيد خصلات شعرة المُبللة إلى الخلف..
بينما إيان التمعت عيناه ببريق وهو يحدق بطبق الفاكهة الدائري الذي يبعد عنه ببعض السنتيمترات وخصوصاً ثمرات الفراولة التي تظهر منه بوضوح فهو يُريدها..
بدأ يحبو إتجاهه وهو يطلق صوتاً طفولي حماسى حتى وصل إليه ومع اقترابه إقترب من الحافة أكثر وتوقفت يده في الهواء بدلاً من الرخام ليسقط مع التفات فراس وتهاوي قلبه معه وهو يراه يسقط لكنه إلتقفة سريعاً ولا يعلم كيف! ظل مُتيبساً قليلاً يتنفس بعنف وهو يُحدق به بقلق فوجده يضحك فرفعه وأجلسه على البار أمامه باستياء وحاوطه موبخاً إياه كشخصٍ كبير: بتضحك كمان يا جبِلة!.
قول يا بابا هات فراولة صعبه دي؟!
ضحك وحرك شفتيه مُطلقاً كلمات غير مفهومة ليرد فراس وهو ينظر له وكأنه فهم: برضه مينفعش تعمل كده؟!
قوس شفتيه وأعاد قول بعض الكلمات بخفوت فابتسم فراس وقال بهدوء مثله: خلاص طالما ندمان مش هعاقبك، وظل يقهقه على نفسه وهو يهز رأسه فضحك إيان وهو يضم قبضته مُحدقاً بفراس بهيئته الملائكية فأبعد فراس شعره الرطب عن جبهته بحنان وهو ينظر بعينان ألين التي يملكها لاعناً نفسه بشدة كيف كان رافضاً الإنجاب كيف؟ فطفلة جميلاً قابل للأكل هل جميع الأطفال هكذا أم لأنه طفلة فقط؟ أم لأن جينات ألين الوراثية التي سيطرت على ملامحه وصوته ونظراته وتقويسه شفتيه و حسناً سيطرت عليه كله تجعله كالحلوي هكذا!
تنهد وهو يحملة بين يديه وبدأ بتحضير الحليب له لكنه طوال الوقت كان مُشتت بسبب إلتفات إيان وتحركه بعدم راحة نظر خلفه ليهز رأسه بيأس وقال له وهو يعود بخطواته إلى الخلف ووقف بجانب طبق الفاكهة: أنا مش قولتلك قول بابا عايز فراولة؟.
أخذ واحدة ووضعها بفمه يطعمها له ليجده يرفع يده وأمسكها يمتصها وحده فابتسم وتركه وبدأ هو بتحضير الحليب جاهلاً بما تفعلة ألين فهو مُتأكد أنها تُضيف شيءً آخر عليه، ظل يحدق بالحليب باقتضاب يفكر غافلاً عن إيان الذي كان يأخذ من الطبق ويأكل بحرية وسعادة، مد يده إلى الطبق مرة أخرى وحمل ثمرة فراولة لكنها سقطت من يده عندما تحرك فراس إتجاه المياه التي كان يدفئها قليلاً..
قوس شفتيه بحزن وهو يحدق بالطبق ثم إبتسم عندما عاد فتابع تناوله بينما فراس كان شارداً وهو يفكر بها مُتذكراً الفراولة فهو يُحبها كوالدته وهذا جعله يفكر أن يضعها على الحليب فنظر بجانبه ليسقط فكه أرضاً وهو يراه، دفع الطبق وأجلسه يُنظف حول فمه المُلطخ بالمنشفة باستياء: ايه ده؟ لبن هي؟
أبعد إيان رأسه بضيق وهو يكاد يبكِ ولعق حول فمه جعل فراس يتعجب وسأله باستنكار لكن نبرته خرجت دافئة حنونة: انت كمان بتحبها أوي كده؟، بس برضة لأ، وأخذ من يده تلك الثمرة التي اعتصرها بين يديه الصغيرة جعلها عصيراً بطرف أنامله وألقاها بالقمامة ثم نظف يده تحت صراخة بصياح لكنه فراس لم يهتم لذلك المتوحش الصغير ستفرح به المتوحشه الكبيرة إن رأته، أنهى صُنع الحليب مُفتخرا بنفسة ثم بدأ ينظف مكانه بهدوء..
أجفلهم صوت هالة التي دلفت وهي تُوبخ فراس بسبب قدمها التي كادت تنزلق أكثر من مره: ايه يا فراس ده؟ نشف نفسك بدل ما انت بهدلت الدنيا كده؟
إبتسم فراس وقال بهدوء: صباح الخير، ابتسمت له وقالت بحنان: صباح النور يا حبيبي، ثم تقدمت وقبلت وجنتي إيان بحنان: صباح الخير يا يويو..
لوي فراس شدقيه وقال بازدراء: يويو! هتطلعوا شاذ من دلوقتي؟، ضربت هالة كتفه بضيق وهي تعنفه: إخص عليك متقولش كده تاني..
ابتسم فراس ووضعه بين يديها وقال وهو يبتعد: خليه معاكِ عشان معرفتش أعوم منه، وتركها وذهب يأخذ جولة في المسبح وحده..
تقلبت في الفراش بنعومة وهي تهمهم براحة شاعرة بنعومة الفراش والغطاء عليها أكثر من اللازم وهذا جعلها تفتح عينها تُحدق بأرجاء الغرفة، ثم انتصب جالسة وهي تحاوط جسدها بالغطاء مُتنهدة بضيق عندما أبصرت ملابسها الملقية أرضاً حسناً لا تعلم مامشكلة جسدها الآن لكنها ستذهب إلى طبيباً فهي لا تذكر حتى كيف فعلت هذا!
تركت الفراش وانحنت تلتقط القميص الأبيض الذي أتت به أمس، ارتدته بهدوء ووصل إلى فخذيها ثم أغلقت الأزرار وعادت إلى التسطح من جديد بخمول وظلت شاردة تُحدق في الفراغ فلا تعلم ما القادم..
دلف فراس إلى الغرفة بعد بعض الوقت لتبتسم بخفوت وهي تتساءل بنفسها هل هذا هو القادم؟
تقدم بخطوات سريعة كي لا يُبلل الغرفة ووضع إيان على الفراش وهو يتفحص ألين بنظراتٍ اختلسها بجانب عينه ثم ذهب إلى الخزانة يخرج ملابس له..
اعتدلت جالسة وهي تبتسم مُراقبة وقوف إيان وتقدمه منها بعدم اتزان ثم سقط بأحضانها وهو يبتسم لتعانقه بحنان وهي تضمه إلى صدرها لتجد خصلاته رطبة ثم عطس برقة فابتسمت له وهي تدثرة في المنشفة وسألت فراس بهدوء: انت نزلته معاك الميه؟!.
همهم لها بهدوء ومازال يُوليها ظهره فقالت ببعض الخوف: هو مش لسه بدري عليه شوية؟!
استدار لها بجسده النصف عاري ملامحه الرجولية وهيئته التي أصابتها بالحرارة قائلاً باستنكار: بدري؟ إنتِ خايفه عليه وهو معايا؟! هنساه أنا وهسيبه يغرق مثلاً؟!، هزت رأسها بنفي وقالت بتبرير: لأ مش قصدي كده، ثم تنهدت وقالت باستسلام: براحتك إعمل اللي انت عايزة، تهجمت ملامحه وضم قبضته على الملابس التي بيده بقوة فهو يكره تلك الكلمة المُستفزة، وكم تمني أن يصفع الخزانة الآن لكنها سوف تُصاب بالذعر وستبكِ وهذا آخر شيء يتمنى حدوثه، دلف إلى دورة المياه دون التحدث لتحدق بظهره بحزن فإلى متي سيظل صامتاً هكذا ويرد فقط عندما تُحادثه؟!.
عادت إلى الإستلقاء وجعلت إيان يستلقي معها وهي تضمه لتجده يدثر نفسه بأحضانها أكثر وهو يهمهم وكأنه يشعر بالبرودة طالباً للدفء الذي تغمره به، تحسسته بقلق ثم وقفت مُتجه إلى الخزانة وأخرجت له ملابس كان فراس قد قام بإبتياعها من أجله عندما كانت مريضة ومازالت في المستشفي..
بدلت ملابسه بعد مُعاناه بالرغم من شعوره بالبرد وحاجته هو إلى الدفء إلى أنه ظل يتملص من يدها ويتحرك في الفراش حتى هدأ قليلاً وبدأ يشعر بالتثاقل وهو يمتص يده فربتت على وجنته بحنان ثم عدلت نومته في منتصف الفراش وإرتدت خُفيها وذهبت لتحضير حليباً له قبل أن يغفي جائعاً..
سارت في الاسفل بهيئة مُبعثرة مُتجه إلى المطبخ لتجد هالة تقف هُناك وقبل أن تتحدث التفتت لتهتف بها بتعجب عندما رأت هيئتها: ألين؟
إبتسمت ألين بخفة وهي تراها: ماما إنتِ هنا؟
أومأت لها وهي تبتسم ثم سألتها وهي تُراقب هيئتها: إنتِ كويسة؟
أومأت وقالت بهدوء: الحمد الله، إيان جعان ونزلت أعمله لبن، ضربت هالة جبهتها وهي تتذكر الحليب الذي صنعه فراس وقام بنسيه وهي لم تطعمه عندما تركه معها ظناً أن فراس أطعمة مرة..
قدمته لها وقالت بأسف: فراس عمله ونسي يوكله..
أومأت لها ألين وهي تحدق به بريبة وسألتها: هو مش احمر شوية ولا انا متهيألي؟
ابتسمت لها وقالت: دي فراولة، فتحت ألين الرضاعة تتذوق اللبن بهدوء ثم سألتها: وهو هيشربة عادي؟!
هزت هالة كتفيها وقالت بعدم معرفة: مش عارفة جربي، وأنا هعملك قهوة عشان شكلك مش عاجبني..
أومأت لها ألين وهي تسند مرفقها على البار تنتظرها..
حاوط خصره بالمنشفة وهرول إلى الخارج عندما سمع صوت بكاء إيان الذي زاد بشكل ملحوظ فهو ظن أن ألين معه لكن بكائه تعالي بحرقة وهذا جعله يهرول له بقلق وكما توقع هي ليست معه..
ربت على صدره وهو يهدئه بحنان تاركاً مسافة بينهم كي لايبلل التخت: باس، باس، ايه في ايه، ألين فين؟ فين ألين؟!، لكنه ظل يبكِ فهز فراس رأسه للجانبين فتطايرت المياه من شعره أغرقت إيان جعلته يضحك لكنه أعاد إمتصاص يده بحزن فتذكر فراس الحليب ولعن نفسه هو لم يطعمه..
عاد بخطواته إلى الخلف كي يذهب إلى الأسفل وهو يلاعبه حتى وصل إلى الباب وفتح المقبض غير منتبهاً لتلك التي تدلف فاصطدم ظهره بها أسقط قدح القهوة على صدرها فصرخت بألم وهي تتركه من يدها فسقط متهشماً بجانب قدمها وهي تكاد تبكِ لكنها شعرت بشيء رطب يوضع على صدرها ولم تكن سوي رأس فراس المبلله وهو يحاوط خصرها..
وضعت يدها الخالية من حمل شيء على كتفه وهي تتنفس بعنف وقالت بألم: إنت، إنت بتعمل ايه؟
رفع رأسه ووضع يده أسفل فخذيها والأخرى خلف ظهرها ورفعها بين يديه متخطياً شظايا الزجاج المتناثر وانزلها أمام دورة المياه وأخذ الرضاعة من يدها وعاد إلى إيان، دلفت تُعالج بشرتها وهو وضع الرضاعة بفم إيان فبصقها لوهلة وهو يُحرك شفتيه الهلامية يستطعم ذلك الطعم المختلف ثم صرخ وكأنه يخبر فراس أن يضعها مجدداً فابتسم ووضع ذراعة تحت رأسه ورفعة قليلاً ثم وضع الرضاعة بفمه فوجده يرفع يده وضمها بقبضته الصغيرة فتركها له وهو يبتسم وقليلاً فقط وأسقطها من يده بسبب ثقل جفنيه فرفعها عنه وهو يراقبه بحنان حتى غفى تماماً حملة وسطحه بمنتصف الفراش ثم دثره بالغطاء وأغلق الستائر كي لا ينزعج من الضوء وعاد إلى دورة المياه..
شهقت بخضه وهي تضع القميص على جسدها عندما دلف فراس فجأه ومر من جانبها بهدوء وتابع حمامه دون أن يضايقها لكنها لم تظل بل أرتدت القميص سريعاً بخجل وارتباك ثم اتجهت إلى الخارج لكن قبضته التي طوقتها من الخلف أوقفتها أمام الباب..
همس بأذنها بحرارة: مش هتاخدي دُش؟!، تنفست باضطراب وصدرها بدأ يعلو ويهبط بعنف دون الحديث لكنه يُريد حديثاً أدارها لتكون مُقابلة لكنها ظلت مطأطأة رأسها ولم ترفعها فهمس باسمها برجاء كي تنظر له: ألين..
رفعت رأسها ببطء ليقابلها صدره الصلب وقبل أن تتحدث إرتجفت أنفاسها وهي ترى تلك الندبة بجانب قلبه التي خلفتها إصابته، رفعت يدها بأنامل مرتجفة تتحسسها بأعين دامعة نزولاً إلى ذراعيه تتحسس تلك الندبة التي بدأت من مرفقة حتى معصمه التي تسببت بها هي أيضاً عندما كانت في المستشفى ورفضوا بقائه معها فقام بأذية نفسه كي يبقى..
مد يده رافعاً ذقنها بإبهامه ومال ماحياً عبراتها بشفتيه ثم قال بحزن وهو يتأمل ملامحها الحزينة والأسفة له: متعيطيش، متعيطيش، مش عايزك تعيطي تاني.
أومأت له وهي تقضم شفتيها قبل أن تعانقة بقوة محاوطه منكبه من الخلف وقبلت كتفيه بخفة وسط شهقاتها ثم دفنت رأسها برقبته ليحاوطها بقوة دافناً أنامله بشعرها ويده الأخرى تمر على ظهرها بشوق جعلها ترتجف وقبضتها تشتد عليه أكثر مع خروج تلك الأهة من بين شفتيها عندما شدد قبضته حولها أكثر بقوة آلمتها...
لكنها تركته، تركته وابتعدت عندما شعرت بحصونها تنهدم و رغبتها اتجاهه قد تحكمت بها..
إبتعد ثم قبل جبهتها مُطولاً وهو يداعب وجنتها ثم قال بحنان وخفوت: أنا هنزل عشان تبقي براحتك خلصي وتعالي عشان عايزك، أومأت فتركها وذهب لكنها استدارت ونظرت له فابتسم لها بحنان قبل أن يغلق الباب ويذهب..
ألقت القميص وتمددت في حوض الاستحمام الذي يضخ المياه بضيق، لما يُجب عليه أن يكون رجلاً نبيلاً ويتركها ويذهب؟ ألم يسألها إن كانت ستأخذ حماماً أم لا؟ لما لم يظل ويأخذ حماماً معها حتى لو عنوة لما يتصرف بلباقةٍ الآن؟!
إنزلقت قدمه ليسقط أرضاً فجأه دون سابق إنذار فلم يستوعب أنه مُمدد على الأرض الآن..
هتفت هالة من غرفة الجلوس بتشفي: تستاهل قولتلك نشف جسمك، ضحك وهو يضع يده على جبهته غير قادر على الوقوف فهو مُرهق يحتاج إلى النوم لكنه وقف وهو يتأوه ومازال يضحك فهو لم يسقط بتروي كي يتشبث بشيءٍ ما بل وجد نفسه مسطح على الأرضية فجأة..
جفف الأرضية وهو يبتسم ببلاهة ثم ذهب إلى غرفة الجلوس كي يتسامر مع والدته قليلاً..
جلس بجانبها بهدوء فابتسمت بحنان ومدت يدها تربت على وجنته ثم عانقته بقوه فربت على ظهرها بحنان وهو يبتسم، لقول بأعين دامعة: كُنت حاسة إنك كويس كُنت عارفة إني هشوفك تاني زي ما أنا عارفة إن أبوك حصله حاجة..
فصل العناق وابتعد مُتحاشي النظر لها فأمسكت يده وسألته بقلب مفتور وهي تبكِ: أبوك فين يا فراس؟ من ساعة ما فارس رجع وأنا حاسة إن فيه حاجة غلط! وبرن على أبوك تقريباً كُل يوم أكثر من خمسين مرة بس مقفول ومش عارفة أوصله! إتواصلت مع كذا حد نعرفه برة ممكن يكون هناك لكن محدش يعرف عنه حاجة، حتى إني خلتهم يسألوا عليه في المطار بس مفيش اخبار عنه! آخر حته كان فيها أمريكا ومتحركش من هناك! إنت عارف هو فين صح؟ ريح قلبي قولي عشان خاطري..
محي عبراتها بحزن وقال بأسف كي يُريحها من كل هذا: بابا مات يا ماما..
جحظت عيناها وهي تحدق به بعدم تصديق وشهقت وهي تهز رأسها بنفي وقالت بعذاب: فراس متعملش فيا كده فين أبوك؟!
قال بأسي: كان معايا في نفس المكان اللي كُنت فيه ومحدش عاش منهم..
شهقت وهي تضع يدها على وجهها تبكِ بحرقة فهي كانت تحيي كل يوم على أمل أنها ربما تراه في اليوم التالي يقف أمامها عائداً لها بخير..
هي لديها الكثير لتخبره به كانت تنتظره بفارغ الصبر كي تشتكي منه إليه لأن بُعده عنها طال تلك المرة أي عملٍ هذا الذي يستغرق كُل تلك المُدة دون أن يُهاتفها..
لطالما كان لها الأب والأخ والزوج و الحبيب وكل شيء فهو عزيزها الذي تعلمت أبجديات الحُب على يديه، كان مغروراً مُتعجرفاً يصرخ ويُعنف لكنه أمامها لا يستطيع سوى أن يبتسم ويُغدقها بحنانه هامساً لها بكل عبارات الحب..
يبدو أن رجال تلك العائلة لا تضعف وتخضع سوى إلى إمرأة، ففراس لم يأتي بتلك الشخصيه والجاذبيه من الهواء! رُبما عزيز لم يكن سيئاً لتلك الدرجة لكن جشعه للأموال كي يأمن حياة أطفاله كما كان يُريد قد كلفه الكثير وقد خسر طفلاً لم يراه طوال حياته، وعندما استطاع أن يصل له فارق الحياة قبلها ولم يترك خلفه سوى إبناً يكرهه ويمقُته كارهاً كونه أباه والآخر لا يُبالي بموته بسبب معرفته حقيقته المُخبئة والتي لم تجلب إلى حياته سوى الخراب فقط ولا شيء أخر، لما؟ من أجل الأموال فقط!.
سألته بنبرة مرتجفة ولم تتوقف عن البُكاء بعد ولن تتوقف: حصل إزاي وإزاي مكنتش تعرف وليه ملحقتهوش ها ليه؟
مرر يده بشعره بضيق ولا يعلم ماذا يخبرها فهي لن تتحمل الحقيقة، تنهد وقال بهدوء تعلم أنه لن يكون جيداً لها سماعه: ماما بابا كان هناك عش، وضعت يدها على شفتيه وهي تهز رأسها بأسي: لو هتقول حاجة تشوه صورته بلاش مش عايزه أعرف مش عايزه، ظلت تبكِ بحرقة فعانقها بحنان وهو يربت على ظهرها برقة كي تهدأ ولا يعلم ماذا حدث بعد هذا غفي بأحضانها من تعبه عوضاً عن مواساتها..
أنهت ألين حمامها البارد ثم اتجهت إلى الخارج وارتدت منامة مُريحة وبعدها جففت شعرها وظلت تعبث هُنا وهُناك حتى مر بعض الوقت ثم توجهت إلى الأسفل كي تري مايُريد فراس..
تلفتت حولها وهي تسير تبحث عنه بأنظارها لتقابلها الهرة التي كانت تقف أسفل الدرج ترفع رأسها تنظر لها وهي تطلق مُواء خافت مع هز ذيلها بحركة أليفة، ابتسمت ألين وهي تنحني وحملتها برقة وداعبت فرائها الناعم بنعومة فلعقت يدها وهي تموء ثم حركت رأسها ضد يدها بخفة جعلتها تبتسم وهي تضمها إلى صدرها ثم ذهبت بها إلى المطبخ ووضعت لها طعاماً يبدو أنها جائعة..
عادت إلى غرفة الجلوس وهي تبحث عنه حتى رأته غافياً على الأريكة وحده، رق قلبها له وهي تتقدم منه ومنذ متى وقلبها لا يرق له!
رفعت رأسه بخفه وجلست بهدوء ثم وضعت رأسه على فخذها وظلت تربت على رأسه بحنان ثم مشطت شعره بيدها للجانبين قبل أن تغلغل أناملها بداخلهم بحرية وهي تتأمله كيف ينام بهدوء كم هو بريئاً وهو نائم فخلف تلك الأهداب أعين ماكرة لا تفعل سوى التحديق بوقاحة، ابتسمت وهي تنحني مقبله رأسه ثم أهدابه ورفعت سبابتها تُمررها على مُنحدر أنفه نزولاً إلى شاربه الخفيف ولحيته المُشذبة بنعومه وهي تتأمله بهيام وأخيراً شفتيه، تنهد بحرارة وهي تستشعر نعومتها تحت سبابتها مُتذكرة كل قبله أخذتها منه ولا تعلم ماذا أصابها ستغتصبه إن لم تتوقف عن ما تفعل الآن!.
رفعت حاجبيها بحركة سريعة مُبعد نظرها عنه وهي تزفر لتقع عينيها على وحدة التحكم فأخذته سريعاً وفتحت التلفاز كي تشغل نفسها عنه وهي تُقلب به بضجر حتى توقفت على قناة إخبارية وعادت إلى التحديق بفراس لكن تلك الثرثرة التي شوشتها جعلتها ترفع وحدة التحكم لكي تغلقه لكن أناملها توقفت وهي ترى صورة منزل فراس المُكتظ أمامة حشد من الصحافة وفي الشريط الذي يمر في الأسفل كُتب السبب وهو وفاة والده وعزائه الضخم الذي فعلته هاله في المنزل فالتقاليد لديهم مُنذ زمن لا عزاء بغير المنزل..
نظرت إلى فراس الغافي بإرهاق ولا تعلم ماذا تفعل فيجب أن يذهب، هم كيف علموا من الأساس وهي كيف علمت كذلك؟!.
ربتت على كتفه بخفه وهي توقظه: فراس، فراس، فراس، همهم لها وهو يتقلب ثم دفن رأسه بخصرها جعلها تشفق عليه أكثر فأعادت تربيتها على كتفه: فراس، فراس، فراس، فراس، حرك رأسه بانزعاج مفرجاً عن مقلتيه المشوبة بالحمرة من قلة النوم، رمش وهو ينظر لها بعين نصف مغلقة يتأكد أنها هي ويضع رأسه على قدمها الآن..
إنتصب جالساً بقلق عندما تأكد أنها ورأي نظرتها ثم سألها بتثاقل وهو يمرر يده على وجهه: مالك؟ في ايه؟!
أشرت على التلفاز دون التحدث فنظر له وثوانِ قليلة وتنهد وهو يمسد جبهته ثم سألها: هتيجى معايا ولا هتخليكِ هنا؟
أمسكت يده وقالت بحزن: هاجي معاك طبعاً، أومأ لها ثم قال بهدوء: طيب، يلا..
كان يقف أمام المرآة يرتدي حلته السوداء بينما هي كانت تجمع مُتعلقات إيان تضعها بالحقيبة لأنهم ربما يمكثانِ هُناك لأيام، إ.
انتهت ثم أخذت دوائه وسألته وهي تنظر له في المرآه: خدت العلاج النهاردة؟، أومأ لها بصمت فأخذته ووضعته معها في الحقيبة واتجهت إلى الخزانة تخرج ملابس لها، تأففت بصوت منخفض وهي لا تجد أي ملابس واسعة، أخذت ذلك البنطال خامة الجينز الأسود ثم قميصاً نفس اللون ودلفت إلى دورة المياه..
خرجت بعد بعض الوقت وهي تحدق بنفسها باقتضاب فهي نفسها لا ترضي عن ملابسها فماذا سيفعل هو؟ هي أدخلت القميص داخل البنطال فمنظره خارج البنطال يجعلها تشعر أنها رجل وهذا مزعج ولا تعرف ماذا ترتدي..
إلتفت عندما سمع صوت إغلاق الباب وسألها بهدوء وهو يتفحصها بنظراته: خلصتي؟، أومأت وهي تنظر له بتركيز تُحاول قراءة ملامحه لكنها هادئة بطريقة جعلتها تقشعر، هز رأسه ثم حمل الحقيبة و إنحني وحمل إيان برفق كي لا يستيقظ وسبقها إلى الأسفل دون أن يبدي أي إعتراضاً على ملابسها..
فهو لن يتحدث معها في ملابسها مرة أخرى سواء أعجبته أم لا! هي تعرف أنه يغير عليها وهذا أكثر من كافي بالنسبةِ له فلتفعل ما تشاء وترضى به..
شدت شعرها بعصبيه ثم عادت إلى الخزانه وباعدت بين الملابس المعلقة بضيق وهي تبحث بثقب حتى وجدت أخيراً سترة سوداء طويله دون أكمام تأتي إلى كتفها فقط لكن لا يهم أن القميص بأكمام..
بحثت عن الهرة بحزن قبل أن تذهب وهي تتسائل من سوف يعتني بها ولا يوجد أحداً في المنزل؟ حركت شفتيها وأطلقت الصوت المُتعارف عليه لنداء أي هرة لكنها لم تأتي..
استقلت السيارة بهدوء فمد فراس لها يده بإيان ثم وضعه بين يديها برفق ليلاحظ السترة ولم ينكر سعادة برؤيتها لكنه يريدها أن تفعل هذا من أجلها هي أن تكون راضيه وليس من أجله هو وإرضائه كذلك..
ضمت إيان إلى صدرها بحنان ثم داعبت وجنته بنعومة وهي تحدق به بينما فراس بدأ بالقيادة بهدوء دون أن ينبث ببنت شفة فكان الجو هادءاً عدي من ذلك المُواء الذي تكرر بطريقة أثارت تعجبها فسألته: انت جبت القطة؟، أومأ لها فنظرت خلفها لتجدها تقف داخل الصندوق الخاص بها الموضوع على المقعد الخلفي تنظر لها من الفراغات الأمامية الخاصة بالصندوق كي تتنفس براحة..
إبتسمت ألين بشفقة وهي تنظر لها فهي تتنقل بينهم دون أن تستقر بمكانٍ واحد وهذا مُحزن، أعادت نظرها إلى الأمام وكل برهة والأخرى تنظر إلى فراس بجانب عينها..
فهو الأجمل بالأسود وسيظل دائماً الأجمل به على الإطلاق لقد خطف قلبها للمرة الألف بتلك الهيئه، لم تري رجلاً بجاذبيته في هذا اللون عداه هو ولن تجد فهذا فِراسها ولن تجد مثيل له أو من يشبهه حتى! حسناً هي لا تعرف ماذا تقول لكنها حصلت على أجمل رجلاً في الكون. •~
فهذا اللون صُنع خصيصاً له كي يخطف قلبها ويغرقها بحبه أكثر فلطالما كان الأسود لونها المفضل كما سيظل فراس عشقها الأبدي •~.
توقف بالسيارة أمام المنزل ليجد حشد الصحافة يهجمون على السيارة يلتفون حولها كدائرة من الخارج فأسند رأسه على المقود قليلاً وهو يزفر ثم رفع رأسه وقال بإستسلام وقلة حيلة: لازم ننزل لو فضلنا هنا للصبح محدش منهم هيتحرك برضة..
نظرت إلى إيان ثم قالت بحزن: لو نزلت هيصحى من الدوشة، هز رأسه بقلة حيلة وحمل الحقيبة والهره وترجل هو أولاً وقبل أن يغلق الباب صُفع عندما هجموا عليه جعلوه يلتصق في الباب ثم ألقوا عليه وابلاً من الأسئلة التي تجاهلها وهو يسير بصعوبة حتى توقف بالجهة الأخرى كي يخرج ألين بملامح مُتهجمه فهو أوشك على الانفجار وسب الجميع الآن وليس مسئولاً عما سيحدث..
فتح الباب وأخرج ألين ثم صفقه بعنف وحاوطها كي يسير بهدوء كما تمني لكنهم عندما أبصروا إيان بدأت عدسات التصوير تلتقط لهم الصور يتسابقون عن أكثر من سيلتقط لهم..
فتح إيان عينيه بفزع مع إنتفاض جسده بين يديها بسبب الضجة وهو يرمش ثم حرك رأسه ينظر حوله فأصاب عينه وميض آله التصوير فصرخ وبدأ يبكِ بحرقة ومازال الوميض يضرب عينه ولم يتوقف. فضمته ألين إلى صدرها وهي تضع يدها خلف رأسه كي لا يصل له شيء وهي تكاد تسقط من تعرقلها من كثرة دفهم لها بهمجيه بسبب تكلتهم ومن كان ينقذها فقط وجود فراس الذي كان يشدد قبضته حولها وهو يقربها منه أكثر كي لا يلمسها أحدهم..
لقد قالوا الكثير لكنه تجاهل كل تلك الأقوال والأسئلة لكن ذلك السؤال الذي تكرر جعله يحفظه ويفكر به؟!
ما رأيك بعودة شقيقك فجأة؟ كيف علموا بوجوده هل هو هُنا؟!
فتح الحراس الباب سريعاً عندما رأوا فراس ثم أغلقوه خلفه سريعاً، زفر فراس وهو يضع الحقيبة والهرة من يده أرضاً ثم تفحص إيان بقلق الذي كان ومازال يبكِ بحرقة: بس ياحبيبي، خلاص، خلاص، لكنه ظل يبكِ ولم يهدأ، نظرت له ألين بأعين دامعة وهي تمحي عبراته التي لم تتوقف وفقط تتمنى ألا يكون سريع البُكاء مثلها لا يُجب عليه أن يرث هذا منها لا يُجب..
ضمته ألين إلى صدرها بحنان ليعانقه فراس معها وهو يحاوطها هي الأخرى تحت مراقبة فارس لهم من الحائط الزجاجي في الداخل وكل مايفكر به أنهم سُعداء عائلة سعيدة وهو دخيل عليهم فقط وهذا يشعر به مُنذ أن عاد من الجميع فلا أحد يتحدث معه ولا يهاتفه لا يقابلهم حتى صُدفة فلا مكان له بينهم حتى على عندما يفكر بأحد يكون فراس في المقدمة، وفراس لن يعود شقيقة وصديقة كما تخيل وهذا بسبب ذلك الاندفاع الذي يتشاركانه معاً هو الأحمق لأنه عانقها وسألها إن كانت ألين أم لا هل هو غبي أم يتغابى؟ فهي واضحة إن كانت هي أم لا! هو فقط من أراد عناقاً ظناً أن لا أحد سوف يراه، لا يوجد سوى والدته هي الوحيدة التي لا تشعره بكونه غريباً عنهم فهو قطعة من قلبها كيف يكون غريباً! تنهد وتحرك إتجاه الباب فهو من سيفتح لهم وتلك هي أوامر والدته..
ضغط الجرس مجدداً وهو يربت على رأس إيان بحنان بعد إن هدأ قليلاً وحاول النوم مجدداً..
تهجمت ملامحه عندما وجد نسخته الأخرى يقف أمامه ينظر له ببرود دون أن يرمش حتى وشفتيه مازالت مجروحة أثر لكمته، ضم فراس قبضته بغضب وهو يدحجه بنظرات مُميته أقلقت ألين وهي تراقبهم، فهما قتلا بعضهم البعض بخيالهم ألاف المرات، حسناً هو لن يقف مكتوف الايدي هكذا سيرد تلك اللكمه لكنه لن يضربه دون سبب هل إذاً يحملق بألين كي يضربه ويتعاركان حتى يقتل أحدهما الآخر؟ فالحياة لن تتسع إلى كليهما..
هو بالفعل كان يُحملق بها أثناء تفكيره بهذا اربكها وجعلها تنظر بجميع الإتجاهات عدي تجاهه، وهذا يكفي لن يعد يستطيع التحمل هو من بدأ رفع قبضته بغضب جامح يُسدد له تلك اللكمة لكن يده توقفت في الهواء بسبب والدته التي وقفت بينهما وقالت وهي تبكِ بحاله مُزرية ترتدي ثوب الحداد: لأ، يا فراس، لأ، مش هسمحلك لازم تبقوا مع بعض إنت فاهم؟
أنزل يده وهو يراقب حالتها المُزرية بحزن يتنفس بانفعال ثم ألقي عليه نظرة كارهه ردها له بأخري ساخرة مُستفزه وهو يساعد والدته في السير إلى الداخل عوضاً عنه هو هل يُريد أخذ مكانه أيضاً هذا اللعين؟
أخرجه من ثورانه يدها الدافئة التي احتضنت يده وهي تُشابك أناملهم معاً، نظر لها فابتسمت له بحنان ثم وضعت رأسها على كتفه وسألته بهدوء: مش هندخل؟ هز رأسه بمعنى بلا سيدلف وكيف لن يدلف!
حاوطها و دلفا معاً بهدوء متجهانِ إلى غرفته في الأعلى..
وضعت إيان على الفراش لكنه بكى وهو يتشبث بها فجلست على طرف الفراش وضمته إلى صدرها وبدأت تغني له تهويده بصوتها العذب كانت قد حفظتها من والدتها منذ صغرها وهي تربت على صدرة بحنان، بينما هو كان يقف يحدق من النافذة يستمع لها يستمع إلى صوتها لأول مره بحياته فهو لم يعرف من قبل أنها تملك صوتاً جميلاً! كم هذا مخجلاً وكم كان أنانياً معها بشدة لا يعلم ماهية شعوره الآن لكنه لأول مرة يشعر بهذا الكم من الكُره تجاه نفسه فإن كان محلها لم يكن ليعود لها بأي ظرف من الظروف لأنها لا تستحق الغفران أي أنه لا يستحق الغفران..
أنهى وصله شروده مع انتهائها من الغناء ثم عاد إلى التحديق في الأسفل وعقله سينفجر من كثرة التفكير ولا يعلم بما يُحدق أيضاً لكنه يُحدق..
إلتفت عندما وجد يدها الدافئه توضع على كتفه مع قولها برفق: مش هتنزل؟
أومأ لها وقال بهدوء: لا هنزل، ثم أمسك يدها وقال ببعض الرجاء: ممكن تستني شويه وبعدين تنزلي؟
أومأت له وهي تبتسم وقالت موافقة: حاضر، وتلك الكلمة وهذا الخضوع جعله يتابع بحزن كي لا تظن أنه يتحكم بها: لو عايزة تنزلي دلوقتي انزلي عادي مفيش مشكلة!
هزت رأسها نفياً وهي تبتسم: هفضل جنب إيان شويه لما أتأكد من نومه عشان ميقلقش أول ما أنزل واسيبه ومحدش هيبقى معاه ويفضل يعيط لوحده!.
أومأ لها متفهماً وتركها ليذهب فحدقت بظهره بحزن فهي تعلم أنه لا يُريدها أن تقابل فارس و لو حتى صدفه لا يُريدها أن تراه بأي شكل من الأشكال، خائفاً خائفاً أن يفقدها لأنه إن فقدها لن يبقي له شيء يحيي من أجله، لكن لما يظن أن هذا سوف يحدث بمنتهي البساطة! هل ستحبه فقط من رؤيه وجهه ولأنه يشبهه؟ هذا ليس سبباً كافي كي تُحبه وتترك فراس هي لن تجرؤ حتى على التفكير بهذا كيف هو خائفاً بتلك الطريقة؟ هل لا يملك ثقة بحبها أم بنفسه؟ هل مافعله معها وتعذيبه لها هزه من الداخل وأصبح يتوقع أن تتخلي عنه بأي وقت لأنها ملت منه و كرهته؟
هتفت بإسمه بألم أوقفته أمام الباب: فراس، استدار ليجدها تركض اتجاهه وعانقته بقوة، فهو لا يحتاج سوى عناقاً الآن..
حاوطها بيده وهو يضمها له بقوة أكبر بملامح مُتألمه خائفة من خسارتها وفقدانها..
فصلت العناق ورفعت رأسه بين يديها وعينها تجولت على ملامحه المتألمة قبل أن تقول بمشاعر جياشة: أنا بحبك إنت! إنت جوزي وحبيبي محدش يقدر ياخذ مكانك في قلبي أنا بحبك مش مُعجبه بيك! أومأ لها وهو يعانقها بقوه جعل عيناها تدمع وأعادت وهي تكوب وجهه من جديد قائلة بألم: إنت وعدتني إن كل حاجة هتبقى كويسة وأنا مستنيه مش مهم اللي بيحصل دلوقتي علشان استحملت كتير وتقدر تستحمل تاني إحنا خلاص في اخر الطريق اوعي تضعف عشاني أنا معاك و هفضل معاك اوعى تضعف؟.
هز رأسه موافقاً وعانقها بقوة دافناً رأسه بحنايا رقبتها وهو يقول برجاء: خليكِ كده شويه، أومأت موافقة وهي تربت على ظهره تكاد تبكِ من حالتهم المثيرة إلى الشفقة..
مررت يدها على ذراعه صعوداً ونزولاً بحركة دافئه وقالت بخفوت: لازم تنزلهم دلوقتي، إبتعد وأومأ لها بهدوء فابعدت خصلاته إلى الخلف ثم قبلت رأسه بحنان وهي تبتسم ليلثم جبهتها بقبلة دافئة استمرت لوقتٍ طويل وسط أنفاسهم الثائرة ثم تركها وغادر..
حل الليل و اجتمع الجميع بعد أن عرفوا الخبر، كان الرجال في الخارج والنساء في الداخل..
كانت الكآبة هي المُسيطرة على الأجواء فكانت ألين تجلس بجانب هالة على طرف الأريكة تربت على يدها بحنان تراقب بكائها بقلب مفتور فهي والدتها ولا تتحمل رؤيتها منهارة و باكيه هكذا عوضاً عن رؤيه وجهها البشوش المشرق دائما!.
بينما في الجهة المُقابله لها كانت مها تجلس تكتف يدها أمام صدرها وهي تراقبها بنوعٍ من الانزعاج وكأنها تمسك يد والدتها! بينما سارة وسجي كانتا تجلسان بجانب بعضهما البعض سجى بيدها فادي وسارة خاوية الأيدي فيوسف مع جدته في المنزل..
ولارا كانت تجلس بجانب نوران وكل بُرهة وأخري تنظر إلى جنات التي كانت تُحدق بها بابتسامة رامشة بطفولية وهي تمد كفها الصغير لها ترتدي بأحد أناملها خاتم صغير ومعصمها سوار رقيق يتحرك مع تحرك يدها، وهي ستبكِ إن ظلت تنظر لها هكذا دون أن تحملها، وبقيه الجالسين معارف أقرباء أصدقاء وهكذا..
هتفت برجاء وهي تبكِ: ألين، حصل ايه؟ إنتِ مش هتكذبي عليا احكيلي عشان هتجنن من كُتر التفكير، عزيز حصله ايه وليه؟
ربتت ألين على يدها وقالت بكذب: مش عارفة..
نظرت لها هالة بلوم وقالت بأسي: أنا عارفة إنك عارفة كل حاجه، قولي لي يا ألين ريحيني..
هزت رأسها بنفي وقالت بحزن: لو قولتلك مش هترتاحي و مش هتستحملي..
شددت قبضتها على يدها أكثر وقالت بتوسل مستمرة في البُكاء: وحياة إبنك يا ألين قولي لي وحياته عندك قولي لي ومتخبيش حاجة متخبيش..
أومأت لها بقله حيله وبدأت تقص عليها ما سمعت من جون تلك الليلة وفي منتصف حديثها وجدت صفعة هوت على وجنتها أسقطتها أرضاً مع قولها بقسوة: إنتِ كذابة عزيز عمره ما يعمل كده تلاقيه عادل ولا أبوكِ..
رفعت ألين رأسها بعدم تصديق وهي تحدق بها ترى كيف تنظر لها بقسوة وكُره لم تعهدهم منها، فكيف تفعل هذا! فهي آخر شخص توقعت أن تؤذيها بأحد الأيام هي كوالدتها تماماً كيف تفعل هذا؟!
قالت بحرقة وهي تحني رأسها تبكِ من الخجل وصفعها أمام الجميع بتلك الطريقة وأحراجها وتجريحها وكأنها نكرة: أنا مش كذابة..
قالت بحده وهي تنظر لها باستحقار: لا كذابه، كل اللى بيحصل ده بسببك إنتِ أصلاً من ساعة ما دخلتي حياة ابني بقت خراب دمرتي حياته وفرقتي بينه وبين أبوه و دلوقتي بينه وبين أخوه، ثم تابعت وهي تمقتها: تعرفي نور أحسن منك ألف مرة على الأقل سابته من غير ما تأذيه عشان عارفة انها لو فضلت معاه هتأذيه مش زيك عارفة إنه بيتأذي و لسه ماسكه فيه بايدك وسنانك ومش عايزه تسيبه!
شهقت ألين وهي تبكِ بتحشرج لا تستوعب ما سمعت منها هل هي تكرهها مثل زوجها أيضاً ولم تُحبها يوما وكانت تنتظر فرصة لكي تشفي غليلها منها؟!.
وإلي هُنا ولم تتحمل نوران أكثر، نهضت بغضب ووضعت جنات على قدم لارا فاجأتها ثم اتجهت إلى ألين الساقطة أرضاً تبكِ بلاحول ولا قوة، أوقفتها وهي تراقب حالتها بحزن فقالت ألين بحرقة وهي تنظر لها: أنا معملتش حاجة، معملتش حاجة..
اعتلت شفتي مها ابتسامة ساخرة وهي تُراقبها أليست تلك التي كانت تربت على يدها بحنان مُنذ قليل وتناديها بماذا؟ أمي؟ حسناً تستحق هذا، وقفت متجه إلى الخارج كي تري فراس تُريد رؤيته وستراه وهذه القصة المأساوية ستكون الحجة..
ضمتها نوران بحزن وهي تقول بأسى: عارفة يا حبيبتي عارفة، تعالي معايا يلا، وأخذتها إلى غرفتها في الأعلى كي تهدأ..
أبعدت سجى نظرها عن هالة بغضب فهي كيف تفعل هذا وتلك الخائبه الباكية كيف صمتت وظلت تبكِ هكذا؟ إن كانت مكانها لصرخت بهالة الآن واستعادت حقها وربما أمسكت يدها قبل أن تسقط على وجنتها من الأساس لكنها سخرت من ذلك التفكير العقيم فإن كان الفعل سهلاً مثل الحديث لأوقفت صفعة فؤاد التي فرقتهم فترة طويلة، تلك الصفعات تأتي فجأه دون سابق إنذار ودائماً من الشخص الذي لا تتوقعه..
بينما لارا كان ملهيه مع جنات تلاعبها وهي تبتسم غير غافلة عما يحدث ولم يعجبها بالتأكيد فإن كانت هي نفسها تهين كرامة زوجة إبنها بتلك الطريقة ماذا يفعل الغريب؟! وكيف تفعل هذا لا يحق لها، ربما هي أخذت صفعة من قبل من ?يوليت لكنها كانت تستحقها وليست غاضبه فهي أخطأت لكن ألين لم تفعل شيءً!
تنهدت سارة بحزن وهي تستغفر ربها فهالة معذوره أيضاً وهذا من حُزنها فما قالته ألين أياً يكن كان يُجب أن تُأجله كي تهدأ لكنها سمعتها وهي تقسم بحياة طفلها ولا عزيز على قلب أُمٍ أكثر من طفلها وهذا ما جعلها تتحدث بشيء أثار غضب هالة بتلك الطريقة، لكن ماحدث قد حدث! ولن يعود الزمن كي تتوقف عن إخبارها..
كان يجلس في الخارج شارداً يستمع إلى تلك الأيات القرآنية التي تصدح في المكان بتركيز غافلاً عن وصول مها ووقوف على من مكان جلوسه الذي كان وسط فارس وفراس كي لا يتقاتلانِ فجأة!
تحدث بغضب وتوبيخ: إنتِ بتعملي ايه هنا؟
قالت بصوت مرتفع نسبياً أسمعت خمستهم المصطفون بجانب بعضهم البعض: طنط هالة ضربت ألين بالقلم هب فراس واقفاً بنوعٍ من الاستنكار لحقه فارس لكنه لم يتحدث بل سار كي يدلف فدفعة فراس من صدرة بعنف جعله يترنح إلى خلف وقال بنبرة غاضبة في محاولة لضبط أعصابة تحت إبتسامة مها والتي لاحظها فارس: رايح فين؟!.
زفر وتابع سيرة لكن على أوقفه ناظراً له برجاء كي يتوقف: فارس!.
ألقي قدح القهوة من يده بغضب ووقف بعصبيه فأمسكه نادر كي يهدأ: إستني بس إنت رايح فين؟
دفع جود يده بعنف وتابع سيره وقال إلى فراس بغضب ونبرة مُحذره رافعاً سبابته أمام وجهه: دي مش أول مره حد منكم يمد إيده عليها هي مش الملطشة اللي انت اتجوزتها إنت فاهم؟.
انسحبت مها وسارت خلف المنزل تحت نظرات فارس المُتعقبة لها فإن لم يجعلها تبكِ عوضاً عن تلك الإبتسامه الكارهة لن يكون فارس، وهذا كان تحت أنظار على الذي كان يُراقبهما هُما الإثنان..
قيضه نادر بقبضته وقال سريعاً: روح شوفها إنت يا فراس ملكش دعوه بيه، ركض فراس إلى الداخل بقلق ولحق به على..
حاول التحرر وهو يزفر بغضب ونفاذ صبر: أوعي يا نادر..
هدأه نادر وهو يقول: فراس راحلها خلاص إهدي..
فقال جود بعصبيه أكثر: هيعملها ايه يعني دي أمه!
تنهد وربت على كتفه وقال بهدوء: تعالي نتمشى في الجنينه شويه تعالي..
توقفت وهي تسند يدها على جدار المنزل براحة تستنشق الهواء والسعادة تغمرها ولا تعلم لها؟
تابعت سيرها بنفس تلك الإبتسامة لتجد جسد صلب توقف أمامها قاطعاً عنها الهواء وضوء القمر وكل أسباب سعادتها..
كتفت يدها أمام صدرها وقالت باقتضاب: نعم!
سألها بحده وهو يقف أمامها: إنتِ ضربتي ألين؟
وقفت أمامة وقالت بحده مُماثلة: أيوا ضربتها..
سألها بنبرة متألمة: ليه؟ عملت إيه عشان تضربيها؟
قالت بقسوة وهي تبكِ بفتور: عشان قالت على أبوك حاجات كذب مستحيل يعملها عرفت ليه..
صرخ بها أجفلها وهو يقول بحده: لا مش كذب وكل حاجة قالتها صح عشان طلع مش كويس وكل اللي إحنا فيه ده بسببه هو، رفعت يدها تصفعة وهي تصرخ به بعنف: اخرس إنت إزاي تقول على أب، وصمتت عندما أمسك يدها وأنزلها بهدوء عوضاً عن دفعها فهي والدته بالتأكيد لن يتواقح..
قال بنبرة مختنقة شاعراً وكأن أحدهم يطبق على صدره وأنفاسه غير قادراً على التحدث من التعب الذي يشعر به من تخيله فقط كيف ستكون حالتها الآن: هو في إيه؟ في ايه؟ هفضل لحد إمتي أداوي جروحها بسببي لحد إمتي؟ وإنتِ جيه بكل سهولة تكسريها تاني! مش كفاية أنا كسرتها أكثر من مرة مش كفاية؟ اروح بيها فين طيب عشان احميها؟ ولا هترتاحي لما اخدها واختفي و متشوفيش حد مننا تاني؟ ولا لما حد فينا يموت أحسن؟!، وتابع بألم جعلها تبكِ ندماً فهي لاتكرهها: ليه كده؟ دي بتحبك وبتعتبرك أمها وبتقولك يا ماما وعمرها ما اتصرفت معاكِ بطريقة وحشة ولا قالتلك حاجة تضايقك ليه؟.
ربت على على كتفه بقلق وهو يراقب صدره الذي يعلو ويهبط بعنف: فراس، إهدي الإنفعال غلط عليك..
نظر له وقال بألم: أنا تعبت يا على، تعبت..
دفعة للأمام يحثه على السير: إهدي بس واطلع لها يلا، صعد الدرج بتثاقل غافلاً عن فقدان والدته الوعي وركض سارة لها كي ترى مابها وسط تلك الضجة فضجيج قلبه أعلي من أن يستمع لهم في الأسفل، فقط يتساءل إلى متى سيظل يُعاني بتلك الطريقة وكُلما ظن أنها تعافت والتأمت جروحها أعادوا رش ملح عليها بكل سهولة!.
قابل نوران وهي تخرج من الغرفة وقبل أن يتحدث تحدثت هي تشتكي له: فراس مينفعش اللي حصل ده والله ألين منهارة من العياط جوا والمشكلة إنها متكلمتش ولا قالت حاجة أصلاً ولا دافعت عن نفسها حتى!، هز رأسه بأسى مع انقباض قلبه فهو يعلم أنها لا تتحدث بل تبكِ فقط هذه هي لغة الحديث الخاصة بها..
تحدثت باقتضاب وهي تتأفف: مش هتعديني يعني ولا ايه؟
سألها بلهجة لا تمت إلى المزاح بصلة وكأنه يخبرها أن ترد دون مراوغة: إنتِ كنتي مبسوطة كده ليه وانتِ بتقولي لفراس عن اللي حصل؟
هزت كتفيها وهي تبتسم ببرود: عادي يعني، وبعدين بتسألني بدل ما تشكرني عشان قولتله!
ضحك بتهكم وقال ببرود وهو يرمقها باستحقار: إنتِ هتستعبطي ولا ايه؟ تصرفاتك الحقيرة واضحة أوي زي حُبك لفراس كده وخدتي الموضوع حجه عشان تشوفيه؟
إبتسمت ورفعت يدها تُمررها على وجنته بهدوء وقالت بسخرية: ما إنت جميل أهو وبتفهم أومال عامل نفسك أجنبي علينا ليه؟
صفع يدها بضيق وقبض على فكها بعنف جعلها تتأوه بألم وهدر بتحذير وعدائية: بقولك إيه يابت إنتِ أنا بحذرك، احترمي نفسك بدل ما أندمك وأنا مش هطبطب عليكِ عشان أنا إيه همجي ومجرم كمان فاهمة؟!، ودفعها بعنف جعلها تترنح إلى الخلف وهي تمسك فكها بألم تكاد تبكِ ثم صرخت به بحده قائله باستحقار: إنت أخر واحد تتكلم عن الأحترام يلي بتحب مرات أخوك أنا مش عارفة هي عاجباكم على ايه بس خُدها اشبع بيها فراس مش محتاج واحده ضعيفة مسهوكة مدلعة كل ما حد يلمسها تعيط! فرقهم وخدها وابعدوا عن هنا عشان لما بشوفكم بتخنق بتثيروا اشمئزازي، صرخت بألم وهي تجد صفعته التي هوت على وجنتها بظهر يده شوهتها ثم قبضته التي جذبت شعرها بعنف جعلتها تصرخ أكثر وعِبراتها تتساقط بألم..
إبتسم بتشفي وهو يُدحجها بنظرات مُميته وأعين مدمية اخافتها و جعلتها ترتجف، ليقول وهو ينظر إلى عبراتها بأسف: ايه ده؟ مش هي مسهوكة بتعيط كل ما حد يلمسها؟ مالك بتعيطي ليه؟ أنا لمستك برده زي ما أمي لمستها في ايه؟، بكت أكثر وهي تحاول إبعاد يده عن شعرها لكنه شده بقوة هازاً رأسها بين يديه جعلها تصرخ وهو يقول بتحذير مشدداً على كل حرف يخرج من بين شفتيه ناظراً بعينها مباشرة: أخر مرة هحذرك يا مها تجنبيني وتجنبي غضبي واحترمي نفسك وفوقي كده و إتظبطي عشان إنتِ اللي مثيرة للإشمئزاز، وحاولي على قد ما تقدري انك متكونيش في المكان اللي أنا فيه عشان هدمرك لو شوفتك تاني إنتِ فاهمة؟، ثم صرخ بها جعلها تنتفض: فاهمة؟، أومأت بهستيريا وهي تبكِ فدفعها عنه أسقطها أرضاً قائلاً بسخط: غوري من وشي، وتركها وغادر..
شهقت وهي ترتجف باكية بألم و وضعت أناملها على وجنتها التي تحرقها وكأن أحدهم وضع عليها جمراً الآن شاهقة أكثر وجسدها يهتز بعنف أثر البكاء، دفنت رأسها بين قدميها وهي تتقوس على نفسها تبكِ وحدها لبعض الوقت ثم وقفت كي تذهب لكنها ترنحت وفقدت وعيها بعد أن سقطت على العشب خلفها..
هتف نادر بتعجب عندما أبصرها من على بعد أثناء سيره مع جود: ايه ده؟ مش دي مها؟!.
وصلت إلى المكان الذي طلبها به بعد أن راسلها وظلت تتلفت حولها باحثة عنه حتى وجدته يقف بعيداً عنها ببعض السنتيمترات فقط فركضت وعانقته بقوة وهي تبتسم بحنان وقالت بشوق: وحشتني أوي..
حاوطها بحنان وهو يبتسم ثم أبعد خصلاتها خلف أذنها مُراقباً ملامحها المشرقة وبريق عينها البندقيه التي تنم على سعادتها في حياتها الزوجيه..
سألها بحنان وهو يداعب وجنتها: إنتِ عاملة ايه؟!
قالت بنعومة وهي تربت على صدره بحنان: الحمد الله يا حبيبي الحمدلله، إنت كويس؟، أومأ لها وقبل جبهتها مُطولاً ثم سألها ويصعب عليه حزنها حقاً: على قلك ولا لسه؟
قطبت حاجبيها ونظرت له بعدم فهم: حاجة زي ايه؟ على مقلش حاجة!
تنهد وهو يمسد جبهته بضيق فهو ظن أن على أخبرها ولن يواجهها بخبرٍ مثل هذا ماذا سيفعل الآن؟!
إنقبض قلبها ومسكت يده وسألته بقلق: في ايه يا فؤاد؟
هتف بألم: ماما، ضمت قبضتها على يده أكثر وسألته بلهفة: هي عامله ايه؟ هتفضل تتعالج لحد إمتي أنا كل ما أكلمها بترد إنت وتقولي إنها نايمه وتعبانه ريح قلبي يا فؤاد وقُلي إنك جبتها معاك المرا، أوقفها قوله بإنفعال وصوت مرتفع متألم من تلك الحقيقة: ماتت يا سارة ماتت..
جحظت عيناها وهي تنظر له ثم هزت رأسها بنفي وتساقطت عبراتها فقامت بمحيهم بعنف وهي تنفي: لأ، لأ، مماتتش لأ، إنت بتكذب بتكذب أنا ملحقتش اشبع منها ملحقتش، وانفجرت باكية بحرقة وهي تضع يدها على وجهها فعانقها بقوة وهو يربت على ظهرها وقال ما زاد الطيب بله: بقالها أكتر من سنه يا سارة من قبل ما سجى تسبني وترجع هنا..
توقف جسدها عن الإهتزاز ثم دفعته بقوة وضربت صدره بعنف وهي تصرخ به بثوران وصوت مبحوح: إنت إزاي متقوليش إزاي؟ مش من حقك تخبي عليا هي متخصكش لوحدك، ثم سقطت أرضاً تبكِ بضعف وحدها فانحني يعانقها لكنها زجرته بحده: متقربش مني إنت فاهم؟ إنت مُت معاها بالنسبالي خلاص..
قال بتوسل وملامح متألمة: ساره اسمعيني، انا الفترة دي كُنت تعبان ومكنتش عايز اتعبك معايا وإنتِ كُنتي حامل!.
هزت رأسها برفض وقالت بفتور: برده كان لازم تقولي دي أمي عارف يعني ايه أمي عمري ما هسامحك يا فؤاد عمري..
خرج يبحث عنها بقلق فهي اختفت عن أنظاره فجأة من الداخل! ظل يبحث حتى أبصرها ساقطة تبكِ بزاوية تحت أحد الأشجار بعيداً عن الأنظار فركض لها بقلق ولم ينتظر أن يسألها بل انحني وعانقها بقوة وهو يربت على ظهرها بقلق: في ايه مالك؟
لم ترد مُستمرة في البُكاء بحرقة فنظر إلى فؤاد باستفهام ليهز رأسه له بألم فعلم أنها علمت ماحدث وأن والدتها فارقت الحياة...
تركها فؤاد غير قادراً على تحمل بكائها أكثر فهو أخبر على كي يُخفف عنه ذلك الحمل الثقيل لكنه لم يُخبرها وتركه هو يُعاني وهو يخبرها بذلك..
فهي لطالما كانت هشه وكان يخاف عليها من الهواء رُبما في البداية عاملها بقسوة لكن حُبه لها لم ينقص ولو مثقال ذرة فهي شقيقته وحبيبته التي كان يراقبها كيف تكبر أمامه وأصبحت طبيبة جميلة يفتخر بها..
قال بأسف وهو يربت على ظهرها: أنا عارف إن محدش هيقدر يعوضك عن حنانها بس كلنا جنبك ومعاكِ وبنحبك، بكت أكثر وهي تتشبث به لكنها وقفت وابتعدت عنه وسألته بلوم: إنت كنت عارف ومقولتش!
كوب وجهها بين يديه وقال مُبرراً: أنا عرفت إمبارح بس مش قبل كده؟
هزت رأسها تومئ له وقالت ساخرة بتحشرج وهي تبلع غصتها بمرارة: طبعاً لازم متقولش عشان مكنش همك غير مزاجك وبس..
تبدلت ملامحه إلى الحزن وقال بهدوء لكن بلوم: لأ مش مزاجي يا سارة، ده مش خبر اقولهولك بعد ماغبت عنك كل الفترة دي! وأنا ما أجبرتكيش على حاجة، وتركها وذهب بحزن فوقفت ولحقت به ثم عانقته من الخلف وأسندت رأسها على ظهره وهي تنتحب قائلة بأسف: أنا آسفة مكنش قصدي والله، استدار وطوقها بحنان وهو يُقبل جبهتها: مش زعلان عارف إن صعب عليكِ تصدقي بس ده عمرها يا سارة هي دلوقتي أكيد في مكان أحسن وشيفانا، أومأت وهي تدفن رأسها بصدره محاولة كتم بكائها لكنها لم تستطع فهتف بوعدٍ صادق: هاخدك وهنروح نزورها في أقرب وقت صدقيني، ثم حملها عندما وجد يديها ترتجف مُتجها بها إلى سيارتة التي صفها داخل المنزل ولا يعلم لما فراس صف خاصته في الخارج؟!
وضعها في المقعد برقة وربت على وجنتها قائلاً بحنان: هجيب مها وجي، هزت رأسها موافقة وهي تحدق أمامها بصمت وعبراتها شقت طريقها إلى وجنتها..
دلف إلى الغرفة يسير بتباطؤ يُقدم قدم ويأخر الأخرى مُتأسفاً لها من كل قلبه وهو يراها تقف أمام النافذة توليه ظهرها وجسدها يهتز أثر بكائها المكتوم..
إنتفض جسدها فجأة عندما عانقها من الخلف هامساً لها بنبرة حملت بطياتها كُل الألم: أنا آسف والله، آسف حقك عليا أنا، حقك عليا متزعليش، هربت شهقاتها وهي تستدير ثم دفنت رأسها بصدره تنتحب بألم وهي تطوقة بقوة جعلته يضمها له بقوة أكبر مُتأسفاً بألمٍ أكثر وهو يكوب وجهها بين يديه: آسف والله مش هسيبك لوحدك تانى مش هسيبك...
شهقت وهي تتحدث بحرقة وهستيريا: أنا مش زعلانه منها أنا زعلانه عليها هي أكيد مش قادرة تصدق وأنا لو مكانها مش هصدق برضه هي معذوره معذوره قضت معاه عُمرها كله أكيد مش هتصدق و أنا مكنش ينفع اقولها، بس والله هي اللي حلفتني بحياة إيان عشان كده قولتلها انا مكنتش هقول مكنتش هقول..
دفن رأسها بصدره وهو يهدأها بأسي: هششششش، خلاص إهدي إهدي، لكنها لم تهدأ بل رفعت رأسها وسألته بحرقة وهي تتشبث بقميصة: أنا دمرت حياتك واذيتك يا فراس؟ نور أحسن مني؟ أنا خربت عيلتك؟ هز رأسه بنفي وهو يراقب حالتها بقلب مُدمي ولا يصدق أن والدته من فعلت بها هذا فهى تستطيع أن تدمرك ببعض الكلمات القليلة فقط دون جهد هذه هي طريقتها حتى مع والده كانت تجعله يظل يلتف حول نفسه..
كوب وجهها بخفه وهو يربت على وجهها المُشوهه من صفعة والدته بحزن: مش صحيح، مش صحيح انا اللي دمرت حياتك واذيتك مش إنتِ مش إنتِ صدقيني هي متقصدش هي متعصبه بس ومعذوره زي ماقُلتي هي بتحبك ولله بتحبك، ثم سألها بلهفة: نمشي! نمشي عايزانا نرجع؟!
هزت رأسها بنفي وهي تمحي عبراتها وقالت ببحة أثر البكاء: مش هينفع لازم تبقي معاهم..
هز رأسه وهو يسند جبينه على جبينها: مش مهم هبقي أجلهم أهم حاجة راحتك إنتِ..
مررت يدها على ذقنه بنعومة وابتسمت قائلة بدفء: راحتي جنبك في المكان إللي إنت فيه، قبل وجنتها التي صُفعت عليها بنعومة تعويضاً عن تلك الصفعة وهذا كان أكثر من كافي بالنسبةِ لها كي تنسي أنها صُفعت من الأساس..
سألته وهي تغمض عيناها مُستمتعة بإقترابه: مش هتنزل؟! هز رأسه نفياً وهمس لها: تؤ، هفضل معاكِ هنا عشان ترتاحي، فتحت عيناها ونظرت له ثم قالت بحنان وهي تمسك يده وأخذته خلفها: إنت اللي محتاج راحة تعالي، توقفت أمام الفراش و جعلته يستلقي بجانب إيان وخلعت حذائه ثم سترته بينما هو كان يحدق بإيان النائم فمن الجيد كونه صغيراً ولا يعرف شيء فكل ما أدركة طوال تلك الفترة أن الجهل ببعض الأشياء حتى وإن كان يجهلها جميعها هو الأفضل بالتأكيد، شعر بانخفاض الفراش وجلوس ألين بجانبه فاستدار وحاوطها دافناً رأسه بخصرها ولم تمانع بل ظلت تربت على رأسه وتداعب خصلات شعره حتى غفي..
أبعدت نوران المنشفة عن جبهة مها وهي تتنهد ثم نظرت إلى جود وسألته بقلق: حصلها إيه؟!
هز رأسه نفياً وهو ينظر لها، بينما نادر تلفت حوله باحثاً عن لارا بعينه حتى وجدها تجلس وحدها بزاوية تُلاعب جنات بسعادة فابتسم وتسلل إليها..
دلف على بهذا الوقت باحثاً عن مها ليتوقف بخوف عندما رأها مُسطحة على الأريكة فركض إليها وسأل جود بخوف: حصلها إيه مالها؟!
قال جود بهدوء: مش عارف لقيتها في الجينينه أنا ونادر كانت كده..
قال على بغضب: فارس، شوفته كان ماشي وراها فاااارس، وظل يبحث عنه بأرجاء المنزل بغضب عدي غُرفته ظناً أنه في الخارج بينما هو كان يستلقي على فراشة بالحذاء يتوسد مرفقة ضارباً الكرة الصغيرة في الحائط لتعود وترد له من جديد وهو يفكر غافلاً عن الضجة التي أحدثها في الأسفل..
حملها بين يديه بغضب وهو يتوعده متجهاً بها إلى الخارج: لما أشوفك يا فارس ماشي..
فتح عينيه و رفع رأسه ناظراً حوله بوجهه تحول إلى قطعة فراولة من كثرة النوم ثم إبتسم عندما رأي فراس المُستغرق في النوم بجانبه فضحك وتحرك حابياً تجاهه حتى صعد على جسده وظل يسير حتى توقف على صدره والقى برأسه عليه براحة وتابع غفوته..
بينما ألين لم تكن معهم بالمرة بل كانت تقف أمام الخزانة تقيس ملابس فراس كي تُبدل ثيابها بشيء مريح لكن ملابسه كبيرة عليها وتبتلعها عدي تلك الكنزه المريحة التي وصلت إلى فخذيها بنصف أكمام متسعة ولونها رمادي فاتح نقش عليها من الأمام أحدي الكلمات الإنجليزية باللون الأسود، وقفت أمام المرآة تنظر لهيئتها ببعض الضيق لكن حسناً لا يهم هذا أفضل من لا شيء فهي لا تعلم لما لم تجلب لها ملابس مع إيان تعرف أنها ستمكث هُنا لكن لما تأتي بملابس وملابس فراس هُنا!
هزت كتفيها وهي تبتسم لتسقط عينها عليهم في المرآه وهما غافيان فاتسعت ابتسامتها وهي تلتفت ثم تقدمت منهم وراقبتهم بحنان و تتمنى فقط أن يدوموا بحياتها فهم عالمها الآن لا تستطيع أن تحيي من دونهم..
حسناً هم بحاجة إلى إلتقاط صورة الآن ولا تملك هاتفاً تقدمت وبحثت في سترة فراس لكنها لم تجده فاقتربت ومدت يدها بجيب بنطاله بخفه كي لا يستيقظ وأخرجته وهي تبتسم ثم هزت رأسها بسخرية وهي تقلبه بيدها فمنذ مدة طويلة لم تمسك هاتف بين يديها بالتأكيد هاتفها بالمنزل بمكانٍ ما..
رفعت حاجبيها وهي تحدق بفراس عندما لم يفتح الهاتف بتاريخ ميلادها ألم يخبرها قبلاً أنه تاريخ ميلادها! إذاً ما الرقم الأهم لديه من يوم مولدها كي يُغيرة؟ جربت تاريخ ميلاده لكنه لم يفتح ثم تاريخ ميلاد إيان لم يفتح أيضاً إذاً ماذا؟ أعادت تجربة الكثير من الأرقام التي ربما يضعها لكن كله خاطئ خاطئ خاطئ، توقفت وهي تتنفس بعصبيه تنظر له بشك وهو نائماً بتلك البرائه هل يُعقل أن يكون ذلك التاريخ؟
نقرت على الأزرار بتلك الأربع أحرف بقلب يخفق لتجده فتح! نظرت له بحب وهي تبتسم وعشقها له يتضاعف أكثر إنه يذكره إنه يوم زواجهم نظرت إلى التاريخ لتتوسع عينها بتفاجئ لقد بقي على عيد زواجهم الثالث بعض الأيام القليلة فقط! حسناً هي لم تحتفل به من قبل ولم يكن بيدها شيء تفعله فعيد زواجهما الأول كان بداية مشكلاتهم وأثناء فقدان فراس لذاكرته ولم تذكره من الأساس! وعيد زواجهما الثاني كان في أواخر أيام مرضها وكانت فاقده الوقت في تلك الفترة وهاهو العام الثالث قضته في حزنها على موته لكنه بخير وهاهو معها لم تضيع تلك الفرصة..
أخرجها من شرودها صوت إيان المنزعج فاقتربت بقلق تتفحصه فوجدته مازال نائماً يبدو أنه يحلم،
إلتقطت لهما الكثير من الصور بتلك الوضعيه ثم وضعت الهاتف على الكومود..
دلفت إلى دورة المياه ليفتح إيان عينه وهو يتثائب وقد أكتفي من النوم لهذا اليوم فضرب صدر فراس بيده هاتفاً بكلماته الغير مفهومة لكنه لم يكن هُنا هو مستغرق في النوم من التعب، قوس إيان شفتيه بحزن وصفع وجهه لكنه لم يستيقظ فبكي بحزن وهو ينظر له ظناً أنه سيستيقظ لكنه لم يفعل فضربه مجدداً وهو يصرخ لكنه لم يستيقظ فعاد يبكِ وهو يسند رأسه على صدره حتى صمت و حبي من جديد ثم توقف أمام شفتي فراس مُحركاً شفتيه هو مستعداً كي يعضه فإن لم يستيقظ الآن فليودع شفتيه..
خرجت ألين من دورة المياه بعد إن أخذت حماماً وعادت لإرتداء كنزه فراس من جديد ثم جففت شعرها دون أن تنتبه إلى إيان..
قاطعها صوت طرق الباب فاتجهت إليه كي تري من بابتسامة اختفت عندما وجدته يقف أمامها ارتبكت وعادت إلى الخلف بخوف تريد أن ترتدي شيءً لكنه لم يعطها فرصة..
سألها جود بحزن: ألين كويسة؟!
ربتت على كتفه وقالت كي لا تحزنه: كانت مش كويسة، بس دلوقتي مع فراس أكيد بقت أحسن، أومأ لها ثم سألها: فين أوضتها؟
أشرت على الغرفة في الأعلى وحذرته: دي بتاعتها اللي قصادها دي بتاع طنط بترتاح شويه عشان تعبانه اوعي تدخل غلط، أومأ وهو يلوي شدقيه ثم لاحظ كيف يقفون فزجرها بحده مصطنعة: إنتِ واقفه كده ليه إحنا مش في عزا؟، ابتعدت عنه وهي تنظر حولها بريبة فجذبها من خصرها بعبث قائلاً بابتسامة: مفيش حد خلاص مشيوا، أومأت وهي تبتسم مُربته على صدره بحنان فقال بهدوء وهو يبعد خصلاتها خلف أذنها: هطمن عليها تكوني جهزتي نفسك عشان هنمشي، أومأت له بابتسامة وظلت واقفة تُراقب صعوده ثم التفتت تبحث عن لارا من أجل جنات لتبتسم بحنان عندما وجدت نادر إنضم إليها في مُهمه لإضحاك طفلتها..
توقف جود على بداية الدرج عندما رآها تقف مع فارس هي بداخل الغرفة وهو خارجها يريد استراق السمع لكنه لم يستطع أن يستمع إلى شيء، تركها وغادر فدلفت وأغلقت الباب لكن قدم جود منعت إغلاق الباب فاستدارت بتعجب لتتوسع عينها بسعادة عندما أبصرته ثم عانقه بقوة جعلته يترنح إلى الخلف فابتسم بحنان وهو يربت على ظهرها فهي بخير..
فصلت العناق وقالت له بأسف: متزعلش مني أنا أسفه كُنت غبيه سامحني..
إبتسم وقرص وجنتها بخفة: كل ده؟، أومأت وهي تحني رأسها بندم فرفع رأسها وقال بحنان: أنا عمري ما أزعل منك أبداً إنتِ بنتي، إبتسمت وعانقته بدفء فهي إشتاقت له ولم يتثني لها فرصه التحدث معه أمس عندما عادت...
سألها بعدم رضي بعد إن فصل العناق: فارس كان بيقولك ايه؟