قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الخامس والعشرون

لو بجد خايفة علي نفسك وعلي أخوك وأمك وكل الناس اللي بيحبوكي يبقي تقفلي ملف أبو الدهب وكفاية عليكي كدة، أما لو هتكملي يبقي انت الجانية علي نفسك وعليهم ونقرا الفاتحة علي روحكم من دلوقتي.

جرت عيون ممدوح علي سطور الرسالة للمرة الثالثة قبل أن يترك الهاتف ويتطلع إلى مالك وغادة الجالسان أمامه قائلا: الرقم اللي اتبعت منه الرسالة سري وبكل اتصالاتنا وعلاقاتنا مقدرناش نوصل لصاحبه وده معناه انه صاحب الرسالة حابب يوصلنا معلومة مهمة عنه.
قالت غادة بحنق: انه طبعا مهم و فوق القانون.
قال مالك بحزم: محدش فوق القانون.

ده اللي نفسنا فيه لكن مش هينفع ننكر يامالك ان فيه ناس بتقدر تتحايل علي القانون وبتهرب من العقاب كمان.
قالت غادة بحزم: وعقاب ربنا فين؟ ان فلتوا من القانون فربنا ليهم بالمرصاد. واحنا كمان مش هنسيبهم وهنعمل كل اللي نقدر عليه عشان نقدمهم للعدالة، مش هنخاف ولا هنطاطي. العمر واحد والرب واحد ولا إيه؟

قال ممدوح وهو يطالعها بنظرة عجز فيها عن اخفاء اعجابه بها: ونعم بالله ياآنسة غادة. ده اللي هنعمله فعلا، هنبتدي ندور وراهم من اللحظة دي ومتقلقوش علي الست الوالدة انا هخلي اتنين من رجالتنا يحرسوا البيت ليل ونهار، أهم حاجة دلوقت أمانك انت ومالك، ياريت تفضلوا دايما مع بعض ومحدش فيكم يبعد عن التاني أبدا الفترة الجاية دي وأنا كمان هعين حراسة عليكم لحد مانخلص من المهمة دي وتكونوا بأمان.

هز مالك رأسه وهو يمسك بيد غادة قائلا: مش هسيبها أبدا وبإذن الله هنعدي المحنة دي وهنكون بخير.

ابتسمت وهي تومئ برأسها تطالع أخاها بحب فابتسم ممدوح وهو يطالع ملامحها الرقيقة التي تزداد جمالا كلما دنا منها أكثر، يدرك أنه وقع بحبها فهي تمتلك شخصية جذابة تسحره بما تملك من رقة وقوة وقلب مفعم بالخير والحب، قلب لا يخشي شيئا في سبيل الحق، ربما تكون مندفعة قليلا ولكنها حماسة الشباب التي يعدل ميزانها قليلا من الحب والإهتمام، شعر بالذنب لتطلعه في وجهها بتلك المشاعر التي ينبض بها قلبه بينما مالك صديقه غافلا عن مشاعره ليقرر البوح بها دون تأخير، خرج من أفكاره حين نهض مالك ومعه غادة يقول الأول: طيب هنسيبك احنا ياممدوح ونروح دلوقت علي شغلنا عشان اتأخرنا وأي جديد في القضية من ناحيتك أو ناحيتنا هنكون علي اتصال.

نهض ممدوح قائلا: تمام بس ياريت تستني شوية يامالك، عايزك علي انفراد.
شعرت غادة بالغيظ يحرق كيانها، انه ينحيها عن اجتماعهم بأدب، من ملامحه تستطيع أن تستشف أنه يريد أن يخبر أخاها أمرا هاما يخص القضية علي الأغلب ويريدها أن تبقي في الظل، ربما سيتفق مع أخاها علي أن تتنحي عن القضية وتتركها لمالك خشية عليها من الأذي، حسنا ستذهب الآن ولكنها لن تظل في هذه المنطقة الآمنة التي يريدان وضعها فيها، أبدا.

لتقول ببرود: هستناك في العربية يامالك.
لم تنتظر ردا وهي تغادر الحجرة بخطوات سريعة غاضبة ليقول ممدوح: هي زعلت ولا إيه؟ أنا مقصدتش أحرجها بس الموضوع اللي عايزك فيه مينفعش أكلمك فيه وهي موجودة.
متقلقش هراضيها، غادة صحيح عصبية بس قلبها أبيض وبكلمة بتتراضي. أنا كمان كنت عايزك في موضوع مهم ومكنتش حابب أتكلم فيه قدامها بس قول انت الأول، خير. فيه حاجة تخص القضية عرفتها، خطر معين بيهددها بشكل خاص مثلا؟

هز ممدوح رأسه قائلا: الموضوع الحقيقي شخصي ومكنتش حابب أتكلم فيه قبل ماالقضية تنتهي ونرتاح كلنا بس احساسي بالذنب لاني مخبي عليك مش مخليني مرتاح فقررت اني لازم أصارحك.
قال مالك بقلق: خير ياممدوح قلقتني.
طالعه ممدوح للحظة بارتباك قبل أن يأخذ نفسا عميقا وهو يقول بحزم: أنا بحب أختك غادة وعايز أتجوزها.
لتتسع عينا مالك في دهشة.
انت غلطانة ياميسون، مكنش ينفع تخرجي من البيت بالشكل ده.

قالت ميسون باستنكار: يعني كنت عايزاني أقعد وأقبل بخيانته ليا ياماما؟
أنا مقلتش كدة بس كان لازم تستني جوزك وتواجهيه وتسمعي كلامه.
قالت ميسون بسخرية: كان هينكر طبعا، هو فيه راجل هيعترف انه بيخون مراته؟
لأ بس الست بتحس لما جوزها بيخونها ومعتقدش انك حسيتي ان وليد بيخونك وأكيد كمان كنت هتحسي لو كدب عليكي.
قالت ميسون باضطراب: مش جايز بيعرف يداري أموره كويس؟

بقي وليد اللي حبتيه ممكن يكون بالخبث ده ياحبيبتي؟ أنا حاسة ان فيه حاجة غلط.
طالعتها ميسون بنظرات زائغة لا تدري كيف تفكر وبم تجيب والدتها وهي تعاني مرارة الجرح وألم الخيانة اللذان شوشا تفكيرها بالكامل لتردف قمر قائلة: يابنتي قومي صلي ركعتين واستغفري ربنا وبعدين روحي بيتك واسأليه عن كل اللي شاغل بالك وواجع قلبك وبإذن الله تلاقي في اجابته اللي يريح قلبك ويطمنه.

كادت أن تفعل ولكن عادت الصور للظهور في مخيلتها فعاد الجرح ينزف بقوة لتقول بألم: مش هينفع ياماما، صدقيني مش هينفع انت لو كنت شفتي الصور كنت هتعذريني، لأ وكلام مامته دي كمان. عموما مفيش مبرر في الدنيا يبرر لمسته لواحدة غيري وحضنه ليها بالشكل ده. آسفة أنا مش هرجعله. حياتنا انتهت لحد كدة وهو اللي اختار النهاية دي. مش أنا.

نهضت تحمل ابنتها وتتجه لحجرتها بعيون امتلأت بالعبرات بينما نظرت والدتها في إثرها بحزن وهي تردد: يارب اهديها وقر قلبها وزيح همها، ياكريم يارب ملناش غيرك سند وحامي ووكيل.
يعني ايه مشت وسابت البيت؟

تظاهرت ناهد بالحزن قائلة: زي ماقلتلك كدة ياوليد، سمعت هانيا بتعيط دخلت أشوفها مالها ماخلت لي. زعقتلي وقالتلي متدخليش في تربية البنت وقالتلي كمان ان هي طهقت من العيشة معاك وسمعتني كلام كتير جرحني قوي ياابني وبعدين أخدت هانيا وسابت البيت بعد ما قالتلي بكل وقاحة. أنا هسيبلك ابنك عشان ترتاحي. يرضيك كدة ياوليد؟ مامتك تتهان من واحدة زي دي؟

كاد صوابه أن يطير بعد سماعه لكلمات أمه، حتى كاد أن يلقي اليمين غاضبا ولكن وجهها البريئ الذي يعشق قسماته أطل أمامه فجأة ليوقفه عن تسرعه ويقرر أن لا يكرر خطأه معها مجددا لن يظلمها سيستمع لها أولا ثم يقرر مصير علاقتهما. هذا ما سيفعله تماما.
وليد.
أخرجته من أفكاره فطالعها متسائلا لتردف باستكانة: أكيد هتطلقها مش كدة ياحبيبي؟ أكيد مش هتخليها علي ذمتك ثانية واحدة بعد ماهانت أمك بالشكل ده.

لم يجبها وهو يسرع متجها للخارج فنادته دون جدوي لتذهب عن ملامحها الوداعة ويشملها حنق شديد وهي تقول بغضب: البت دي عملتله عمل ولا إيه؟ شكله رايحلها، هتعملي ايه ياناهد؟ لأ أكيد هو رايح يديلها كلمتين جامدين ويطلقها، ماهو مستحيل يرضي انها تهيني او تقلل مني، طيب افرضي قالتله علي الكلام اللي انت قلتيهولها؟

هزت كتفيها قائلة: وفيها ايه يعني؟ هقوله فهمت غلط وأكيد هيصدقني، ده حبيب أمه اللي مستحيل يكدبني أو ينصر الجربوعة دي عليا، ولا إيه يابنت حورية؟ لأول مرة تكوني مش متأكدة من حاجة تخص وليد، كله من العقربة اللي اسمها ميسون دي. عموما هانت وتخلصي منها ويرجع ابنك لحضنك.

وضعت الصغيرة علي الفراش بعد أن نامت، تأملت هاتفها للحظات تتساءل عن سر صمته، هل مازال وليد في العمل؟ ألم يكتشف غيابها بعد؟ استقامت تؤنب نفسها. هل اشتاقت إلى غادرها بهذه السرعة؟ أنكرت الحقيقة حتى علي نفسها وهي تردد بصمت لم أشتاق إليه وإنما أبغي مخرجا لغضبي ربما عن طريق كلمات أصفعها في وجهه من خلال مكالمة يجريها معي، نعم هذا ماأريده فقط.

أمسكت هاتفها فوجدته مغلق قد نفذ شحنه، فجالت بعينيها في المكان تبحث عن الشاحن فتذكرت أنها لم تخرجه من حقيبتها، نهضت و اتجهت إلى الخزانة تخرج الحقيبة و تفتحها فإذا بيدها تتجمد كخفقات قلبها قبل أن تتسارع بحرقة وصورة زوجها مع هذه الفتاة تظهر أمامها، لابد وأنها وضعتها في الحقيبة دون أن تدري، أخرجتها تطالعها بقلب بإن ألما تصرخ روحها بصمت.
أيها الخائن لعهودنا. ملعون قلبي إن ظل يعشق في خشوع.

وواهم أنت ان ظننت أنى سأجثو راكعة أطالبك بالرجوع
قد أفقت من غفلتي، وسأصرخ بها عاليا وسط الجموع
لن أهين كرامتي. لن أرتضي الخيانة. لن أتوسل. لا خنوع
سأثأر لقلبي بنسيانك وسأقتلع عشقك من بين الضلوع
قد أن قلبي بقربك، وقد أنهكه الذل و الخضوع
لم ترفق بى وقد منحتك حياتى فإنتهيت بقلب مصدوع
لكن كفاك قسوة فقد اهترئت أركاني. وجف الينبوع
سأرحل غير نادمة ودموعي التي تراها أمامك تهدد بالوقوع.

اقسم لك أنها ستكون منذ الآن، أول وآخر الدموع.
تساقطت دموعها تباعا علي وجنتيها لتمسحهم بسرعة حين سمعت طرقات علي باب حجرتها، سمحت لأمها بالدخول فأطلت بوجهها الحنون وهي تقول: وليد جه وقاعد برة...
قاطعتها قائلة بغضب: جاي ليه. ها؟
تقدمت منها والدتها قائلة بعتاب: وده اسمه كلام يابنتي؟ جاي لمراته لما عرف انها سابت البيت، استعيذي بالله من الشيطان الرجيم واخرجي اسمعيه، يابنتي متخربيش علي نفسك.

مش عايزة أسمع حاجة، البيه مش زعلني وجاي يصالحني ياأمي، البيه خاني. عارفة يعني ايه خاني؟ ومهما قال مش هصدق كلامه ولاهسامحه.
خيانة ايه اللي بتتكلمي عنها دي ياميسون؟

قال وليد عبارته بعد أن دلف من الباب المفتوح، للحظة شعرت ميسون بضعف قلبها وتوقها له، تريد أن تنسي كل مارأته وترتمي بين ذراعيه ولا تبالي ولكن هذه الصورة بيدها تحيي ذكري جرح غائر لا سبيل لنسيانه أو التغاضي عنه. لتقول بحرقة وهي تتجه نحوه: يابجاحتك ياأخي، مش عارف خيانة ايه؟ اتفضل اتفرج بنفسك عشان تعرف.
أمسك الصورة بيده يعقد حاجبيه قائلا: وفيها ايه الصورة دي؟

قالت ميسون باستنكار: فيها إيه؟ حاضن خطيبتك وتقول فيها ايه؟
خطيبتي!
خطيبتك السابقة ياسيدي زي ما مامتك قالتلي، دي حاجة بالنسبة لك عادية؟ شفتي ياماما اللي كنتي بتدافعي عنه، انه يحضن واحدة ويبوسها بالنسبة له شيء عادي، آه ماهو من مجتمع متحرر لا فيه قيم ولا دين ولا أخلاق بس أنا الغلطانة، مكنش ينفع أتجوز واحد زيك...
قاطعتها والدتها تنهرها قائلة: ميسون ملوش لزوم الغلط.
سيبيها ياطنط، سيبيها تغلط.

ليرمق ميسون بغضب مردفا: انت قلتيها مكنش ينفع واحدة متربية زيك بتهين جوزها وحماتها تتجوز واحد متحرر زيي، غلطة. بس في ايدينا نصلحها، ميسون انت...

قاطعته قمر وهي تصرخ قائلة: لا ياابني متقولهاش، متسمعش كلامها لإنه مش كلامها، ده كلام قلبها المجروح، قلبي بيقولي انك مش ممكن تعمل كدة وان اللي بينكم سوء تفاهم كبير ومش هينفع يتحل دلوقتي وانتوا الاتنين متعصبين بالشكل ده، امشي دلوقتي ياابني، امشي عشان خاطر بنتك.
قالت ميسون وقد بدأت الدموع تخونها وتتساقط علي وجنتيها: سيبيه ياماما. سيبيه ينط...

قاطعتها قائلة بغضب: اخرسي خالص ياميسون، روح ياابني قلتلك. لو ليا معزة في قلبك روح دلوقتي لحد ماتهدوا وبعدين نبقي نتكلم.

نقل بصره بين قمر التي تتوسل إليه بنظراتها وبين زوجته التي لاحظ ارتعاشة جسدها تزامنا مع ارتعاشة ثغرها ودموعها التي انهمرت علي وجهها، أدرك أنها علي حافة الانهيار، أراد ضمها والتخفيف عنها، أن يقول لها لا تخافي ولا تحزني ولا تخشي تقلب القلوب فقلبي علي عهد حبك لن يحيد ولن يتوب، ولكن كرامته المجروحة حالت دونه ودون رغبات قلبه فأشاح بناظريه عنها يطالع ابنته النائمة بقلب منفطر قبل أن ينكث رأسه ويستدير علي عقبيه مغادرا المكان بينما ارتفع صوت بكاء ميسون حتى أصبح نشيجا يمزق نياط القلب فاقتربت منها والدتها تربت علي ذراعها بحنان لتندفع ميسون إلى حضنها تفرغ أحزانها داخل صدر أمها.

فين أهلك ياكرم، ليه مجوش معاك؟
الحقيقة ياعمي أنا حبيت آخد موافقتكم المبدئية علي جوازي من مي وبعدين نحدد ميعاد تتقابلوا فيه عشان تتعرفوا علي بعض، أنا كلمت ماما عن مي وعنكم كتير وهي مشتاقة تشوفكم.

طالع العم مي فوجدها تطالعه مترقبة قراره بلهفة ليبتسم قائلا: مبقاش فيه حاجة تمنع جوازكم دلوقتي ياابني ومادام جوازكم هيكون في النور يبقي أكيد انا موافق. إحنا ملناش في الدنيا غير مي وكل أمانينا انها تكون سعيدة والظاهر ان سعادتها معاك انت ياكرم. مش كدة ياحبيبتي؟

اقتربت منه مي بسرعة تلقي بنفسها بين ذراعيه بسعادة فضمها بحنان بينما تقدم زوجة العم أحر التهاني لكرم الذي علت ملامحه سعادة رجل نال لتوه أغلي أمانيه.

كانت تقف أمام الباب تطالع زائرها بصدمة بينما قال هو بسخرية: هقف علي الباب كتير ياماما؟ هو مش مسموح لي أدخل بيت بابا ولا الأستاذ مالك حرمه عليا؟
مالك مش هنا.
دلف قائلا: عارف.
انت جاي عايز ايه يارياض؟
استدار يطالعها قائلا: عايز حقي.
انت مش خدت حقك لما وزعنا الميراث؟

أنا مش عايز فلوس، أنا عايز أمي اللي حرمتيني منها باسم الشرف والعيب وكلام الناس، لومتيني علي غلطة غلطها ونصبتيلي محكمة وحكمتي عليا ونفذتي حكمك، أنا بقي جاي النهاردة آخد حقي وأحاكمك زي ماحاكمتيني.
عقدت حاجبيها قائلة: انت بتقول ايه؟ أنا مش فاهمة حاجة.

قال رياض بغضب: بقول اللي لازم كنت أقوله من ساعة ماعرفت ياست قمر، الست اللي بسرعة نسيت جوزها وافتكرت نفسها صغيرة وقاعدة تحب وتتحب من جارها وسيرتها بقت علي كل لسان لازم تتحاكم من ولادها ويتحجر عليها كمان، مش كدة ياطاهرة؟
اخرس ياولد وإلا...

قاطعها وهو يمسك يدها التي أرادت أن تصفعه بها يقول بصوت كالفحيح: راح الزمن اللي كنت فيه ممكن تديني بالقلم لو غلط عشان تأدبيني وراح الزمن اللي ممكن تلوي فيه دراعي وتهدديني، زي ماذلتيني وخلتيني في يوم أقف قدامك مطاطي راسي هذلك وبقولك أهو هرفع عليكي قضية حجر لان الست الخاينة اللي سيرتها بقت لبانة في بق الناس واللي بتفاضل بين ولادها وتنصر واحد فيهم علي التاني متستهلش غير تتذل وتتمرمط في المحاكم وتنكسر نفسها عشان تعرف ان البادي أظلم وان اللي بيته من ازاز ميحدفش الناس بالطوب.

أنهي كلماته دافعا إياها فكادت أن تسقط ولكن في اللحظة الأخيرة تلقفها مالك الذي جاء للتو بين ذراعيه يطالع أخاه بنظرة غاضبة قاتلة وكأن شياطين الدنيا تقافزت في مقلتيه حتى أن رياض شعر للحظة بالخوف فتراجع خطوة قبل أن يتذكر أنه في مركز قوة ليطالع أخاه بنظرة باغضة وهو يقول بسخرية: أهلا بننوس عين أمه. انت شرفت.

ترك مالك أمه وهو يتقدم من رياض قائلا بحدة: انك تكون قليل الأصل وخاين وجبان وتغلط معايا حاجة وانك تمد ايدك علي الست اللي لولاها كنت دفنتك من زمان حاجة تانية خالص، الست اللي ربتك وسهرت تمرضك وخليتك البني آدم اللي بيضربوله تعظيم سلام ده متستهلش تقف قدامها بكل وقاحة عشان تحاسبها، انت جيت لقدرك يارياض والظاهر ان موتك مكتوب يكون علي ايدي.

ختم جملته وهو يلكم رياض في وجهه فاختل توازنه للحظة قبل ان يتمالك الأخير نفسه ويوجه له لكمة تفاداها مالك ثم ضربه في بطنه فانحني رياض بألم ليجذبه مالك من تلابيبه ويجعله يستقيم قائلأ بغضب: نفسي أعرف جايب البجاحة دي منين، جاي برجليك لحد هنا بعد اللي عملته لأ وبتمد ايدك علي أمك. انت ايه ياأخي؟ شيطان.

خرجت ميسون من حجرتها علي إثر الشجار تتبعها غادة التي كانت تواسيها، لتتسع عينا الأخيرة بصدمة بينما وضعت ميسون يدها علي فاهها تكتم شهقة و رياض يحاول الفكاك من قبضتي مالك قائلا بحقد: ويعني هي ملاك؟ ماهي ماشية مع مصطفي جارنا ومقضياها...

أخرسه بضربة في فكه جرحت فمه فنز منه الدماء وهو يمسك ذراعه ويطويه خلفه ليصبح ظهر رياض ملاصقا لصدره وهو يقول بغضب هادر: هي مين دي اللي بتتكلم عنها بالقذارة دي؟ أمك؟ انت أكيد اتجننت أو جرا لعقلك حاجة ولا فكرت كل الناس شبهك؟

ضربه رياض بكوعه في بطنه بقوة فتأوه مالك يضطر للتراجع فدار الاول علي عقبيه يواجه أخاه قائلا بغل: قول زي ماالكل بيقول، ولاد الست قمر متربيين كلهم ماعدا رياض، كلهم ملايكة وهو الشيطان اللي بينهم، أنا ياسيدي شيطان بس انتوا مش ملايكة، انتوا أسوأ بكتير مني وبكرة تبانوا علي حقيقتكم، بكرة هفكركوا.
لأ ده انت عايز تتربي بقي.

كاد أن يهجم عليه مجددا ولكنه توقف حين أمسكت والدته بذراعه تمنعه قائلة: سيبه ياابني، ده خسارة تضيع عمرك عشانه، سيبه لربنا هيجازيه، امشي يارياض. اطلع برة بيتي. قلبي وربي غضبانين عليك ليوم الدين.

نقل رياض بصره بينهم بحقد قبل أن تستقر نظراته علي مالك ووالدته للحظات اتجه بعدها للخارج بخطوات مسرعة غاضبة تنظر قمر في إثره بألم قبل أن تدع دموعها تنساب من مقلتيها بقهر تتعالي شهقاتها ليضمها مالك قائلا بحنان: ميستاهلش ياأمي. ميستاهلش دمعة واحدة من دموعك الغالية.

بينما أسرعت الفتاتين تنضمان إليهما تبكيان بحرقة مع والدتهما فأحاطهم مالك بذراعيه يغلق أهدابه بألم علي دمعة أبت السقوط لإنها ان فعلت فستفتح سيلا لا ينضب من عبراته ستضعفه أمامهن وعائلته الآن تحتاجه قويا لا أثر للضعف في كيانه.

كان يجلس متصفحا الجريدة حين سمع طرقات عنيفة علي الباب، اتجه إليه بسرعة في حين خرجت فيروز من حجرة طفليها تتطلع إلى والدها بخوف، أشار لها بالدلوف إلى الحجرة فأطاعته علي الفور وأغلقت باب الحجرة خلفها بينما فتح مصطفي الباب ليري أمامه رجلا في أوائل الثلاثينات من عمره علي حد أقصي تبدو علي ملامحه إمارات الشر، قطب جبينه قائلا: أفندم. ممكن أعرف بتخبط علي بابي بالشكل ده ليه؟

دلف إلى الشقة قائلا بسخرية: انت بقي مصطفي؟
انت ازاي تدخل بيتي من غير إذن يابني آدم انت وكمان بتكلمني بالشكل ده؟
مال فمه بابتسامة ساخرة وهو يقول: أنا الرائد رياض السكري.
اقترب مصطفي منه يقول بحدة: وإيه يعني؟ ده ميديلكش الحق تدخل بيتي من...
صمت تزداد تقطيبة جبينه وهو يردف: انت رياض. رياض ابن الست قمر؟
قست ملامح رياض وهو يقول: قصدك ابن الست اللي ماشي معاها وفضحتنا بعمايلها السودة.

أمسكه من تلابيبه يقول بغضب: اخرس. انت ازاي تتكلم علي والدتك بالشكل ده؟ قمر دي أشرف ست في الدنيا.
نفض رياض يده قائلا: ده البيه واقع لشوشته بقي وبيدافع عنها كمان. طب أحب أقولك ان نجوم السما أقربلك منها وأنا بحذرك أهو. ان قربت منها تاني هقتلك ومتفتكرش اني بهددك وبس. أنا الرائد رياض السكري ابن اللوا عزيز السكري وإسأل لو لسة مسمعتش عني.

اطلع برة ياسيادة الرائد قبل ما أجيب آخري وأوريك انا ممكن أعمل فيك إيه؟ أنا مش قليل وليا علاقاتي ولحد دلوقت عامل حساب للست الطيبة اللي انت مش عاملها حساب. وإلا كان بقالي معاك تصرف تاني خالص.
اشتعلت عينا رياض وهو يقول بحقد: وأنا بقولك من دلوقت مش هتقدر تعمل معايا حاجة ولا هتقدر تمس شعرة مني بس أنا أقدر لإني هضرب تحت الحزام وضربتي هتوجع قوي.
اطلع برررررة.

خرجت فيروز في هذه اللحظة تنظر إلى أباها وهذا الرجل الغريب بقلق، فشملها رياض بنظرة اقشعر لها بدنها قبل أن يوجه حديثه لأباها قائلا بسخرية: لو مش خايف علي نفسك خاف علي بنتك طيب، بنتك مش كدة؟
لتتسع ابتسامته الساخرة حين شعر بالخوف يسكن مقلتي هذا الرجل العجوز ليردف قائلا: أنا همشي دلوقت بس راجع لإني من النهاردة مش هيكون ورايا غيرك يادرش انت والمحروسة بنتك. سلام.

ألقي رياض نظرة أخيرة عليها قبل أن يغادر المكان بينما طرق مصطفي الباب خلفه بغضب لتسرع فيروز إليه تقول بخوف: مين ده يابابا؟
ابتلاء يابنتي. ايه اللي خرجك بس من الأوضة، انا مش قلتلك متخرجيش؟
سمعتك بتزعق خفت تكون بتتخانق مع ماجد.
هما الاتنين ميفرقوش عن بعض. شياطين عايشة مابينا. عايزين يإذونا بس ربنا مش هيسيبهم. يمهل ولا يهمل ولكل شيطان نهاية.
برضه مقولتليش. الشيطان ده يبقي مين؟ وليه اتخانقت معاه؟

هقولك يابنتي. هقولك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة