قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

أسرعت غادة ترتمي في حضن أخيها ما إن رأته، فضمها يربت علي ظهرها بحنان يتركها تسكب مدامعها داخل صدره علها تخرج أحزانها وترتاح، ظلت هكذا بعض الوقت تبكي داخل حضنه بصمت حتى بدأت دموعها تقل تدريجيا، لتخرج من حضنه وهي تمسح دموعها بأناملها قائلة بمرح زائف: معلش بقي بهدلتلك هدومك. أختك الصغيرة كوارث يالوكا.
ابتسم بحنان قائلا: أختي الصغيرة تعمل اللي هي عايزاه وأخوها في ضهرها يحميها ويسندها طول العمر.

شاب ملامحها الحزن وهي تقول: مش هتزهق مني ولا هتمل أبدا.
هز رأسه نفيا قائلا: أبدا.
طالعته بعيون حانية وهي تقول: انت مفيش منك اتنين.
لأ فيه بس انت اللي مبتدوريش كويس. عايزين نفرح بيك يادودو.
تجهمت ملامحها قائلة: أنا عمري ماهتجوز.
قطب جبينه قائلا: ليه بس كدة؟

رفعت حاجبيها تقول بسخرية مريرة: انت بتسألني ليه؟ ماانت عشت معانا طول عمرك وشفت بابا بيعامل ماما ازاي، ورياض خان حنان ويمكن كان بيضربها ماهو طالع زيه هو كمان. الرجالة متتآمنش يامالك وأنا عمري ما هآمن لهم.
زي مافيه الوحش فيه الكويس ياغادة، أوعي تخلي بابا مثال قدامك، ولا رياض. فيه رجالة كتير بتحب وتخلص وتقدر الست وتحترمها وتراعيها لإنها أمانة في رقبتهم. زيي مثلا وزي كرم.

قلتلك انت مفيش منك اتنين أما كرم فشخشيخة في ايد مراته. لو قالتله خلينا في باريس وانسي أهلك هيعملها.
نهرها قائلا: غادة.
هي دي الحقيقة اللي مش قادرين تشوفوها أو يمكن شايفينها ومش قادرين تعترفوا بيها.
سيبك من كرم ومني ومن الرجالة كلهم وقوليلي بتعملي إيه هنا؟
قاعدة مع أختي يومين. بغير جو يامالك فيها حاجة دي؟

تطلع إليها بنظرة ثاقبة وهو يقول: لو حابة تغيري جو فالأحسن تيجي تقعدي معايا، في بيت أخوكي ياغادة مش في بيت ناس أغراب هيستغربوا وضعك.
عيلة وليد عقليتهم متحررة معتقدش يستغربوا وضعي زي مابتقول.

بنت بتسيب بيتها وبتبات عند نسايب أختها وهي مبقالهاش أسبوعين راجعة من شهر العسل. مهما كان العقل متحرر مش هيستوعب الفكرة وأكيد هيفكر ان فيه مشاكل بينها وبين أهلها ودي صورة معتقدش انك تحبي تديها لمدام ناهد عننا ولا إيه؟
أطرقت رأسها بإحباط تدرك منطقية كلماته، لترفع عيناها إليه حين أردف: لو حابة بجد تغيري جو البيت يبقي تيجي تقعدي عندي، في بيتي ياغادة وانا أحطك جوة عيوني. قلتي إيه؟

لو جيت معاك هتفضل تأنب فيا وتكلمني عن بر الوالدين وهحس بالذنب وهرجع وأنا مبقيتش طايقة أعيش بينهم يامالك، انت مش متصور الحياة هناك عاملة ازاي؟
أنا كنت عايش بينهم وعارف الحياة بينهم عاملة ازاي بس دول أهلنا اللي جابونا للدنيا وتعبوا ويانا لحد ماوصلنا للي احنا فيه. دول اللي وصانا عليهم ربنا وقال (وبالوالدين إحسانا) دول اللي طلب مننا منقلهمش أف ومننهرهمش ونقل لهما قولا كريما.
تاني يامالك.

تاني وتالت وعاشر. انت اختي اللي بحبها وعمري ماأرضي انها تقع في فخ العقوق وتخرج من رحمة ربنا. هكون دايما ضميرك اللي بينبهك عشان متغلطيش وترجعي تندمي ياقلب أخوك.

طالعته بتردد، يشعر بكلماته تتغلغل في أعماقها فتجعلها تقاوم شيطانها الذي يأخذها في طريقه دون أن تدري قبل أن يري الرضا علي وجهها فبدا وكأنها انتصرت ليبتسم قائلا: اول حاجة هنعملها دلوقتي اننا نسلم علي أختك وجوزها ونمشي، هتيجي معايا علي البيت وبكرة الصبح هنروح لماما وبابا وتعتذريلهم عن أي تصرف غلط صدر منك.
كادت أن تعترض ولكنه أسرع يقول مردفا: الآخرة خير وأبقي يادودو ولا إيه؟

هزت رأسها بهدوء ليمد يده ويمسك يدها متجهان للخارج. إلى حيث أختهما وزوجها.
كانا يتجهان إلى حيث تجلس العائلة حين توقف مالك فجأة وتوقفت أخته جواره يتناهي إلى مسامعهما صوت ناهد الساخر وهي تقول: يعني أختك سابت البيت وجاية تبات عندنا من غير سبب يا ميسون؟ أكيد متخانقة مع أهلك، بس حتى لو متخانقة معاهم عادي كدة تبات برة البيت؟ ولاد الأصول ميعملوش كدة أبدا.

نظر مالك إلى أخته غادة التي أطرقت برأسها أرضا في خجل، تدرك أنه كان محقا تماما فيما قاله لها وأنها أخطأت حين تصرفت دون تفكير خاصة وهي تدرك طبيعة حماة أختها المتكبرة، استمعا إلى ميسون تقول بارتباك: ياطنط حضرتك فاهمة غلط، غادة مش متخانقة في البيت ولا حاجة هي بس مضغوطة حبتين بسبب قرب الامتحانات وانت عارفة انها حابة تحافظ علي تقديرها وتبقي معيدة فحبت تاخد بريك.

بريك. قلتيلي. طيب وأخوك جه وراها بمناسبة إيه؟ وقاعد معاها دلوقتي بيعمل ايه؟ بيشاركها البريك؟

انا جيت لما ميسون طلبتني وقالتلي قد ايه غادة متوترة عشان الامتحانات قربت، بما اني خريج من نفس الجامعة وبشتغل في الصحافة بقالي فترة فميسون شافت اني الوحيد اللي هقدر أشجعها وأهديها وفعلا ده حصل فمبقاش فيه داعي انها تبقي برة البيت ولا فيه داعي تتوتر من الكتب والمراجع اللي محاوطينها في أوضتها. شاكرين حسن ضيافتكم لكن مضطرين نستأذن عشان ألحق أوصلها وارجع البيت لهيام انتوا عارفين ان الحمل تاعبها واني مبقدرش أسيبها لوحدها كتير.

قال مراد والد وليد بارتباك: آه طبعا اتفضلوا. ربنا يقومهالك بالسلامة يامالك.
شكرا ياأستاذ مراد، عن إذنكم.
قبل مالك جبهة أخته ميسون مودعا ثم غادر الاثنين بينما قالت ميسون: أنا كمان تعبانة ومحتاجة أنام. عن إذنكم.
غادرت علي الفور بينما قال وليد قبل ان يتبعها: تصبحوا علي خير.
تلاقي الخير ياابني.
ماإن غادر وليد حتى إلتفت مراد إلى ناهد قائلا: مكنش ليه لزوم الإحراج ده ياناهد.

وضعت ناهد قدما فوق الأخري وهي تقول: وأنا عملت إيه يعني؟ سؤال وسألته. محصلش حاجة.
لأ حصل. أحرجتيني وأحرجت ابنك وطلعتي شكلنا وحش قوي واحنا ساكتين وسايبينك تدخلي في اللي ملكيش فيه.
استقامت ناهد ناهضة، تقول بغضب: ايه هو ده اللي مليش فيه؟ بنت جاية تقعد تحت سقف بيتي، مش لازم أعرف عاملة مصيبة ايه وجاية تستخبي عندي ليه؟ ولا أسيب كدة كل من هب ودب يدخل بيتي من غير ماأعرف حكايته ايه.

نهض بدوره قائلا: أهو انت عرفتي. ارتحتي؟
انت مصدق بقي الكلمتين اللي أخو ميسون ده قالهم. الحكاية زي ماأنا قلت. اتخانقت في البيت فسابته وكانت جاية تقعد عندنا يومين، مالك فكر فيها لقاها بايخة جه أخدها وأقطع دراعي ان ماكانت مروحة معاه البيت ومش هتبات عند الست قمر وجوزها.
ملناش دعوة.

ملناش دعوة ازاي بس؟ انت هتجنني؟ مش دول نسايب الهنا اللي ابنك راح جابهم لنا؟ اتفرج ياسيدي علي عمايلهم. بكرة تشوف الفضايح اللي هتجيلنا من ناحيتهم وساعتها هتقول كان معاك حق ياناهد.

طالعها للحظات صامتا يدرك أنه لا فائدة من الحديث معها قبل أن يتجه لغرفة مكتبه بهدوء، تطالعه ناهد بحنق قبل أن تجلس مجددا تلعن هذا اليوم الذي جاءت فيه ميسون من هذا المكتب الهندسي الكبير الخاص بصديق مراد لتعيد تصميم ديكور الدور الثاني من الفيلا فوقع وليد في غرامها من النظرة الأولي وتزوجها بمساندة والده رغم اعتراض ناهد عليها، تدرك ان هذه الفتاة وعائلتها لا تناسب عائلة الريدي ولكن مابيدها حيلة ربما في الوقت الحالي، ولكن مستقبلا حين يمل منها وليد كما كان يمل صغيرا من ألعابه ستقصيها ناهد بعيدا ولن تجد منه اعتراضا.

دلف مالك من باب الشقة مناديا زوجته قائلا: هيام. يايويو.
خرجت هيام من الحجرة تطالع زوجها وأخته فقطب مالك جبينه وهو يراها ترتدي ملابس الخروج قائلا: انت لابسة كدة ليه؟
ابتسمت قائلة: مليت وانت برة فحبيت أجرب فساتيني، أشوفهم يعني ضاقوا ولا لأ. لقيتهم لسة مقاسي.

ابتسم بدوره يقترب منها، يقبل وجنتها قائلا: حبيبتي لسة مكملتش الشهر التالت، أكيد هيبقوا لسة مقاسك ياقلبي. معلش يايويو انا عارف ان نفسك تخرجي وانا اللي مانعك بسبب البيبي. هانت ياحبيبتي زي ما قلتلك وهاخدك فسحة طويلة للمكان اللي تشاوري عليه.

زالت حيرة غادة بعد أن أوضح مالك أنه يمنع هيام من الخروج بسبب طفلهما المنتظر، هذا السبب إذا في أنها أخفت عنه أنها كانت بالخارج وقد لمحتها غادة تدخل البناية بينما كان مالك يبحث عن مكان يركن فيه سيارته، لابد وأنها سأمت المكوث في المنزل بغيابه فقررت الخروج والترفيه عن نفسها قليلا وخشيت غضبه فأخفت عليه هذا. لا بأس. تدرك كم يكون الرجال ضيقي الأفق أحيانا فلا يدرون كم تحتاج المرأة للترويح عن نفسها في بعض الأحيان.

فقط بضع ساعات بعيدا عن المسئوليات والهموم. انه الوقت الذي تحاول فيه إرضاء نفسها بعد أن أرضت الجميع.
ياغادة روحتي فين ياحبيبتي؟
ابتسمت غادة لهيام التي تقف أمامها تماما وهي تقول بمرح: أبدا ياستي. أنا معاكم أهو بس مستنية مالك يخلص وصلة الحب بتاعته عشان أدخل بوصلة السلام بتاعتي.
احتضنتها هيام قائلة: والله وحشتني خفة دمك، قولي بقي انك هتقعدي معانا يومين.

خرجت غادة من حضنها قائلة: لأ هي ليلة واحدة بس ومن بكرة هرجع لقواعدي سليمة وإلا هسمعلي خطب ومواعظ ليل ونهار من مالك ومش بعيد يهدر دمي كمان.
رمقت هيام زوجها بنظرة ذات مغزي قائلة: انت هتقوليلي. بسمعهم ياقلبي ليل ونهار لدرجة اني بفكر بجد ألبس الحجاب عشان يرحمني.

قال مالك بنبرة عتاب: اتقوا الله. مش للدرجة دي يعني. عموما انا بحبكم وعايزكم معايا في الجنة. انتوا حرين بقي، مش عايزين تكونوا معايا خلاص. براحتكم. هروح أدور علي حد غيركم.
تعلقت هيام بذراع زوجها قائلة: حد تاني. لا يمكن. انا معاك علطول.
بينما تعلقت غادة بذراعه الأخري قائلة: وأنا كمان. هتروح مننا فين؟ ده انت حبيب الكل يامالك.

ابتسم قائلا: طب عشان الكلمتين الحلوين دول هقوم أعملكم أحلي عشا لأحلي يويو ودودو. ساعة بالكتير ويكون جاهز...
قاطعته غادة قائلة بمرح: لا وحياة الست الوالدة. شوفلنا أي حاجة كدة علي السريع. أنا جعانة قوي.
أضم صوتي لصوت غادة، انا وابنك جعانين لدرجة ان احنا ممكن ناكل أي حاجة.
ابتسم قائلا: ولو انكم الخسرانين بس تكرم عيونكم عشر دقايق وتاكلوا، أقعدوا ياهوانم علي السفرة والشيف مالك هيحصلكم حالا.

اتجهوا علي الفور إلى الطاولة بينما تابعهم بابتسامة حانية قبل أن يهز رأسه ويتجه إلى المطبخ.

خلاص بقي يا ميسون. قلتلك حقك عليا ياقلبي متزعليش.
مسحت ميسون دموعها التي تساقطت علي وجنتيها بأناملها قائلة: أنا بس نفسي أعرف، طنط ناهد مش طايقاني ولا طايقة عيلتي ليه. عملنالها إيه بس؟

جلس وليد علي السرير جوارها قائلا: انت بس اللي بتهيألك الكلام ده علي فكرة. ماما بتحبك زيي بالظبط. هي بس لسة مااكتشفتش ده، يمكن عشان كان نفسها تجوزني سوزي بنت طنط رجاء صاحبتها، غصب عنها ياقلبي. طول عمرنا وهم بيقولوا وليد لسوزي وسوزي لوليد.
طالعته بحنق قائلة: ومتجوزتهاش ليه ياسي وليد؟

مد يده يسحب يدها يقبلها بنعومة قائلا: عشان صحيت في يوم وخرجت من حمامي فشفت حورية جميلة واقفة توصف لأمي هتعمل إيه في الجناح، واول ماشافتني واقف نصي الفوقاني عريان وشها بقي زي الفراولاية وكان هيغمي عليها من الكسوف، بصتلي بعيونها اللي شبه عيون زبيدة ثروت دي فدق قلبي بشكل مش طبيعي وعرفت ان قلبي حب وكان لازم حبيبته تكون ملكه ياحبيبة قلبي.

ارتفعت درجة حرارة جسدها واحمر وجهها وهو يقترب من وجهها يلمس وجنتها بأنامله المحبة اثناء حديثه، ضاع صوتها تماما فحاولت التحدث بصعوبة وهي تقول بريق جاف: بقي أنا عيوني شبه زبيدة ثروت؟
لفحتها أنفاسه الساخنة وهو يقول: أحلي منها كمان، وشفايفك في لون الكرز بينادوني كل ماأقرب منهم عشان...
صمت فابتلعت ريقها قائلة بهمس: عشان إيه؟

ضم شفتيها بين شفتيه في قبلة عبر بها عن مشاعره الجياشة في هذه اللحظة فاستسلمت لإجتياحه وقد أنساها حبه حزنها وأزال عنها كل ضيق.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة