قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

بعد مرور عام
رايح فين يارياض في الوقت المتأخر ده وسايبني؟
استدار رياض يواجهها قائلا بملامح باردة: خمسين مرة أقولك متسألنيش السؤال السخيف ده لان اجابته عندي هتفضل واحدة. أنا حر. أخرج أدخل أسافر مسافرش. ياستي أنا حر. أغنيهالك؟
تركت هيام الرضاعة التي كانت تحضرها لطفلها تتقدم تجاهه قائلة بحنق: هو فيه إيه يا رياض؟ ماتفوق بقي وتعرف ان ليك زوجة وابن ليهم حقوق عليك، آاااه.

قاطعها رياض بأن لوي ذراعها ضاما ظهرها إليه قائلا بصوت كالفحيح جوار أذنها: انت اللي نسيتي إني إتجوزتك غصب وإن لولا أمك قدرت تجيبلي فيديو تلوي بيه دراعي وتخليني أقبل انك تشيلي اسمي مكنتش عملتها بعقلي، ماهو مفيش حد عاقل يتجوز واحدة خانت جوزها ومع مين. أخوه. ولا إيه؟

طفرت الدموع من عينا هيام وهي تقول بحسرة: غلطت يعني لما حبيتك وسلمتلك نفسي، دلوقتي جاي تلوم عليا؟ بقيت أنا المذنبة وبس مش كدة؟ طب وانت ياحضرة الظابط يامحترم عملت ايه؟ مش فهمتني انك كنت بتحبني وأخوك أخدني منك، مش خنته معايا ولا انت بريئ ومخلص وأنا الشيطانة اللي جرجرتك لطريقها ووقعتك في الخطيئة؟

ضمها أكثر يلوي ذراعها فتألمت وهو يقول بغضب: كلكم ربائب إبليس حتى أمكم حوا خرجت آدم من الجنة هنستني ايه بس من حفيداتها؟ بصي يابنت الناس عايزة تعيشي معايا وتكملي يبقي تكملي وانتي ست عندك 3 صفات أساسيين. خرسا طرشا عامية. ياإما قولي علي نفسك يارحمن يارحيم.

انتفضت تبعد نفسها عنه وهي تستدير لمواجهته قائلة: لا يارياض. متفتكرش ان حبي ليك هيخليني ضعيفة قدامك. خد بالك مني كويس وراعيني وراعي ابنك أو أنا بنفسي اللي هسلم الفيديو اللي فيه بتاخد رشوة للبوليس وعليا وعلي أعدائي بقي.

طالعها للحظات بعيون اتقدت شرا، تصارعت في طياتها شياطين الجحيم حتى أنها أصابتها بقشعريرة خوف علي طول عمودها الفقري إلا أنها تظاهرت بالثبات أمامه حتى اندثرت الشياطين داخل مقلتيه وظهر صقيع أخافها بدوره ربما أكثر من غضبه، ثم لانت نظراته وهو يقترب منها فتراجعت خطوة ابتسم علي اثرها مقتربا أكثر وهو يلمس يدها يمرر أنامله علي طول ذراعها حتى وصل إلى كتفها يستكين كفه عليه مداعبا بإبهامه جيدها بأصابع خبيرة جعلتها تتخلي عن جمود جسدها الذي لان تحت أنامله واستجاب لمداعباته تغمض عيناها استمتاعا بقربه الذي اشتاقته، يخونها الجسد قبل القلب وقد صارا له عبدين، مال يهمس جوار أذنها قائلا: هعديلك تهديدك ليا ده مش عشان خايف منه. لأ. عشان عارف انك مش ممكن تعمليها لإنك بتحبيني ياهيام. مش كدة؟

هزت رأسها دون وعي منها، فهمس مجددا وهو يميل مقبلا جيدها مابين الكلمة والأخري: قولي. انك. بتحبيني.
بحبك يارياض والله العظيم بحب...

قاطع كلماتها بقبلة اجتاح بها شفاهها التائقة إليه تبادله إياها بجموح فحملها دون أن تفترق الشفاه متجها إلى حجرتهما فتناست هيام مع اجتياحه طفلها الجائع أمام جوع جسدها لحبيبها، بينما جل ما أراده رياض أن يمنع تفاقم جنونها الذي يدركه جيدا، يتوعد لها في سريرته بعقاب تستحقه ما إن يعرف أين خبأت أمها الدليل علي فساده وقد اقترب من ذلك. فلن ينسي لها كيف بغبائها فضحت سرهما فظهر أمام عائلته كأبشع مايمكن للمرء الظهور به، حتى أنهم قاطعوه من أجل فعلته رغم ذهابه إليهم بعد سفر مالك والتوسل إليهم مسامحته. لا يهتم ان منحوه الغفران حقا ولكنه كان يخشي أن ينتاب أحد محيطيهم الفضول ليعرف سر قطيعته مع عائلته فيكتشف السبب ووقتها سيخسر عمله وأصدقائه أيضا. لذا صبرا قليلا وسيحصل علي ماخسره بسببها. لا محالة.

أنا مش مصدقة نفسي اقرصني ياحسام.
كاد حسام أن يفعل ولكن نظرتها الزاجرة جعلته يتراجع رافعا يديه قائلا ببراءة مصطنعة: انت اللي كنت عايزاني أقرصك مع اني مكنتش بتمني ألمسك خالص.
ابتسمت تهز رأسها ثم قالت تتجاهل عبارته الأخيرة: بجد أنا النهاردة الفرحة مش سايعاني أخيرا حققت حلمي واشتغلت في أهم جريدة في البلد.

ابتسم حسام قائلا: تستاهليها ياغادة، انت معيدة في الجامعة دلوقتي ده غير مقالاتك اللي نزلت علي مدار السنة اللي فاتت في الجريدة وحققت شهرة واسعة، يعني بقالك اسم من قبل ماتشتغلي بصورة رسمية، أنا شايف المكسب ده ليهم قبل مايكون ليكي.
طالعته بإمتنان قائلة: لولا تشجيعك ليا مكنتش هقوم بالخطوة دي دلوقتي، أنا مش عارفة أشكرك ازاي؟
تتجوزيني.

توقفت عن السير مرة واحدة وهي تطالعه بصدمة فابتسم قائلا: ايه وقفتي كدة ليه؟ وليه الصدمة اللي باينة علي وشك دي. عنيكي يابنتي هتخرج من مكانها.
بحاول أتأكد انك مبتهزرش.
مال بوجهه عليها يرفع حواجبه صعودا وهبوطا قائلا: وهي الحاجات دي فيها هزار برضه؟
يعني انت بتتكلم جد؟
هز رأسه إيجابا فقطبت جبينها قائلة: انت عايز تتجوزني؟
ابتسم قائلا بمرح: وربنا بتكلم جد. ايه الغريب في طلبي بس ومخليكي مش مصدقاني بالشكل ده؟

قالت بتوتر: أبدا بس انت أصلا عمرك ما لمحتلي عن مشاعرك أو حسيت انك بتعتبرني أكتر من صديقة، يمكن عشان كدة مستغربة حبتين.
ده لإني عرفتك كويس فقدرت أستوعب انك مش ممكن هتفكري في عرضي قبل ماتستقري عمليا واهو انت خلاص مستقرة وزي الفل ولا إيه؟ كنت عايزة تبقي معيدة وبقيتي وكنت بتحلمي تشتغلي صحفية واشتغلتي. أظن كدة ممكن تفكري في بيت وعيلة وزوج يساعدك و يكمل معاكي. صح ولا أنا غلطان؟

بدا كلامه منطقيا بطريقة راقت لها كلية حتى أنها لم تعارض قطعيا طلبه الزواج منها كما اعتادت أن تفعل مع سابقيه لتدرك أنه عرفها حقا بما يكفي ليحسن التصرف معها ولكن هل يمنحه هذا فرصة في جعلها تعدل عن قرار عدم الزواج مطلقا و الذي اتخذته سابقا؟ هذا ما لم تستطع تقريره في هذه اللحظة. أفاقت علي صوته وهو يقول بنبرة امتزج فيها الاحباط بالمرح: روحتي فين؟ برضه بتفكري وأنا اللي قلت انك هتطيري من الفرحة عشان زينة شباب عيلة الريالي وأوسمهم واللي قريب هيبقي دكتور جامعة عايز يبقي نصك الحلو.

ابتسمت قائلة: مغرور.
رفع ياقة قميصه قائلا: بس حليوة ومسمسم وعاجبك وهتديله فرصة وفي الآخر هتوافقي عليه. مش كدة؟
اتسعت ابتسامتها قائلة: الظاهر كدة.
اتسعت عيناه فرحا وكاد أن يمسك يدها فأبعدتها بسرعة قائلة بمرح يراه من جانبها لأول مرة: لا ياخفيف. لما أوافق الأول.
اتسعت ابتسامته وهو يقول: موافقة مضمونة بإذن الله.

لأ مش معقول كدة. أنا جبت آخري ومبقتش قادرة أتحمل، طول شهور الحمل مبخرجش ولا اروح في حتة وكله بأوامر مامتك ومتكلمتش ولا فتحت بقي، لما خلفت صممت هي اللي تسمي بنوتي وبرضه سكت، اتحكمت في سبوعها وعملته في باخرة علي النيل مع اني كنت عايزاه هنا في الجنينة وحطيت في بقي جزمة وبرضه متكلمتش لكن تجيب لبنتي مربية عشان شايفة اني مش هقدر أربيها زي ماهي عايزة. لأ لحد هنا وكفاية. هانيا دي بنتي وأنا اللي أربيها بطريقتي اللي اتربيت بيها وان كنت مش عاجبة مامتك وشايفة اني مش من مستواها واني مش هقدر أربي حفيدتها كويس فهي حرة في رأيها ومتفرضهوش عليا ولا عليك. ياإما هاخد بنتي وأخرج بيها من البيت ده وأرتاح بقي من القرف اللي أنا عايشاه جواه من يوم مااتجوزت.

اكفهرت ملامح وليد وهو يقول بحدة: قرف ايه ده اللي عايشاه من يوم مااتجوزتي ياميسون؟
اضطربت ميسون وفي غضبها قد انزلق لسانها فعبر عن مكنون قلبها دون وعي منها لتقول بارتباك: مش قصدي حياتي معاك طبعا لكن قصدي تحكمات والدتك في حياتي.
قال وليد ببرود: والله دي أمي وليها حق التدخل في حياتنا لو شافت ان ده في مصلحتنا، الأمهات كلها كدة ولو مامتك مبتتدخلش وباعدة نفسها عن حياتنا فده الشيء الغريب فعلا.

اندفعت تدافع عن أمها قائلة: لأ مش غريب، بالعكس. هو ده الصح. أمي طول عمرها بتنصحنا وتسيبنا ناخد قرارتنا في الآخر ونتحمل نتايجها، عمرها ماأجبرتنا علي أي شيء ولا حرمتنا من حاجة والنتيجة ان كل واحد فينا قدر يكون شخصية مستقلة قادرة تتواجد في أي مكان وتكمل لوحدها وتنجح كمان.
قال متهكما: لأ واضح الصراحة.
قالت بحنق: قصدك ايه؟ متخلنيش أندم ياوليد اني حكيتلك عن مشاكل عيلتي واعتبرتك بير أسراري.

ضم وليد بأنامله مابين حاجبيه مغمضا عيناه وهو يقول بإرهاق حازم: بقولك ايه ياميسون انا راسي بجد وجعتني من خناقات كل يوم وقربت أزهق.

ليفتح عيناه وهو يبعد يده عن وجهه قائلا: بصي يابنت الناس، أمي دي أغلي واحدة في الدنيا عندي ومش ممكن أزعلها مني أبدا، رضاها عندي أهم شيء في حياتي، لو بتحبيني بجد هتساعديني أرضيها حتى لو علي حساب نفسك زي ماأنا برضيكي علي حساب نفسي وراحتي، أنا همشي دلوقت لإني إتأخرت علي شغلي ولما أرجع حابب ألاقيكي متفقة معايا في كلامي وياريت مسمعش كل يوم والتاني الاسطوانة المشروخة بتاعة مامتك عملت ومامتك قالت. سلام.

تركها وغادر دون أن يتيح لها قول تعقيب علي كلماته، لتلقي بهاتفها أرضا بغيظ وقد أدركت أنه لافائدة من الجدال معه وأنها ستظل طوال العمر تحت رحمة حماتها، قبل أن ينتابها الغضب وقد أدركت أن هاتفها قد كسر بسبب فعلتها الحمقاء تلك، لتجلس علي السرير وتزفر بقوة تفكر كيف ستطلب منه هاتفا آخر بعد هذا الجدال المشتعل بينهما وقد أهداها هذا الهاتف غالي الثمن عند ولادة طفلتها أي منذ قرابة أربعة أشهر مضت.

لسة مكلماني النهاردة وبتقول انها مش عارفة ممكن تنزل امتي؟
انت مش قلت انها كسبت القضية ضد عم أولادها؟
أيوة بس محتاجة وقت تظبط أمورها في المستشفي اللي شغالة فيها دلوقت، وأول ماتقدر هترجع مصر علطول.
ربنا يرجعهالك بالسلامة.
يارب.
صمتت قمر وبدت شاردة يعتلي ملامحها الحزن مجددا فبادرها قائلا باهتمام: بتفكري في ايه مزعلك بالشكل ده ياقمر؟
ها. لأ. مفيش.

أظن ان احنا بقينا نعرف بعض كويس لدرجة اننا صعب نخبي مشاعرنا عن بعض ونداريها.
أنا مبخبيش لكن مش حابة اتكلم في موضوع انت عارف بيوجعني قد إيه.
مالك مش كدة؟

هزت رأسها قائلة: هو كمان متغرب وغربته ملهاش آخر ولا ليها ميعاد رجوع أستناه فيه وأنا فاتحة دراعاتي من شوقي ليه. مالك ده مش ابني الكبير واول ماشافت عيني وبس، لأ. ده شريكي في الحزن والفرح. كان مقاسمني كل حاجة في حياتي ومصبرني عليها، كان الولد الحنين اللي واخد باله مني، مالك ده حتة من قلبي ضايعة مني ومتوهاني. ولحد مايرجع لحضني هحس اني تايهة ومش علي بعضي ولا قادرة أحس بحزن ولا بفرح، زي فرحتي بحفيدتي كانت مبتورة لإنه مش جنبي بيشاركني فيها.

بكرة يرجع ياقمر، مفيش حد بيفضل الغربة علي حضن أمه وخصوصا لو أمه عندها القلب الكبير اللي عندك.

قالت بمرارة: مفتكرش. مالك وجعه كبير، وللأسف متعودش يواجه الوجع كان دايما بيهرب منه بس المرة دي ورغم انه هرب بالغربة في بلد تانية بس فضل شايل الوجع، بقي واحد تاني، الخيانة غيرته، أنا شفته في آخر مكالمة كلمهالي. غلط وجبت سيرة الماضي. حسيت بحاجة مختلفة جوة عنيه وكأن الحنية اتشالت منهم واتزرعت جواهم قسوة خلته يقعد 3 شهور بحالهم ميكلمنيش.
طب ماتكلميه انت.

مش قادرة، خايفة أغلط وأجيب سيرة عن الماضي من تاني قدامه وأقلب في اللي فات من غير ماآخد بالي وأجرحه أكتر. ووقتها ممكن بجد مشوفوش تاني.
همك كبير ياقمر بس الأمل في رحمة ربنا أكبر وبكرة ربنا يراضيكي ويجمع ولادك من تاني حواليكي.

مفتكرش. ولادي خلاص اتفرقوا واللي كان قادر يجمعهم سافر ومش راجع تاني أما رحمة ربنا فبالنسبة لي انت، ربنا بعتك ليا في الوقت المناسب عشان تكون ايد تطبطب علي جرحي وتساعدني أكمل، انت الأخ والصديق اللي ربنا بعتهولي في الوقت المناسب عشان ينقذني يامصطفي.

أخفي مصطفي احباطه لنعتها إياه بالأخ بعد أن كاد يطير من السعادة عندما أخبرته أنه هبة الله إليها ليدرك أنها مازالت تضعه في خانة الأخ بينما تطورت مكانتها لديه من الرفيقة إلى الحبيبة، حسنا لا بأس. سيكتفي بهذا الآن علي أمل أن تتطور مكانته ليصبح في المستقبل كما هي لديه. أقرب من حبل الوريد.
ليقول بابتسامة: أظن كفاية كدة مشي النهاردة وتعالي نقعد في الكافيتريا نشرب فنجانين قهوة ونكمل كلامنا.

ابتسمت وهي تهز رأسها موافقة بهدوء.

كان يسير مع صديقه بعد أن ودعا صديقهما بالمطار حين توقف صديقه ينوي شراء هدية لحبيبته فأخبره أنه سيسبقه إلى السيارة فلا طاقة له لانتقاء هدية لإمرأة خائنة تطالعه دوما بنظراتها الراغبة فيصدها بنفوره من جنس النساء جمعاء ولكنها لا ترتدع بل تتمادي حتى أنها قطعت طريقه يوما تتفنن بإبراز مفاتنها أمامه فهددها بإخبار صديقه عنها وهذا ما أبعدها عنه مؤقتا، ولكنه يدرك أنها ستعود وتضايقه بألاعيبها ووقتها لن يتردد في الإفصاح عن أخلاقها الشائنة لصديقه، ما أوقفه حتى الآن عن فعل هذا هو حب صديقه الشديد لها، ولكنه يقسم أن يفعل ان لم ترتدع رغم أنه سيكسر قلبه كما كسر قلبه من قبل ولكن جرح قريب أفضل ألف مرة من جرح لا يبرأ.

توقف فجأة وهو يلمح شالا رائعا رآه مناسب لوالدته وكأنه صنع خصيصا لها، كاد أن يشتريه ولكن أنامله توقفت عن فتح المحفظة وإخراج بطاقة الإئتمان، فحتي ان إشتراه كيف سيبعثه لها دون أن ينكأ جراح قلبها التي يراها بمقلتيها كلما تحدث إليها عبر الفيديو، حنين إليه يجتاحها فيقابل حنين قلبه ويأس من اللقاء ونسيان الماضي، حتى أنه توقف عن الاتصال بها كي يكفيهما عذاب القلب فزاد أنينه مع شدة الاشتياق والفراق، وجد من تجذب الشال وتتطلع إليه بإعجاب ثم تمنح البائع بطاقتها الإئتمانية بينما تتحدث عبر الهاتف، القدر قال كلمته إذا، حتى ان أراده الآن لم يكن ليحصل عليه وقد آل لغيره، ابتسم لطفلها الذي جاورها فبادله ابتسامته بأدب متحفظ، كاد أن يمشي حين استمع إليها تقول باللغة العامية المصرية: أنا في البيت، شوية كدة وهنام. طيب متتأخرش سلام ياحبيبي. لا إله إلا الله.

قطب جبينه بقسوة، مخادعة أخري تكذب علي زوجها، تخبره أنها بالبيت بينما هو مسافر علي مايبدو، بالتأكيد تنتوي شرا، كم تمتلكن بنات حواء مكر ودهاء وخديعة أمهن، بات يخشاهن كالوباء ويشمئز منهن كاشمئزازه من القوارض، ترك المكان بسرعة مغادرا وما ان ابتعد حتى اصطدم بطفلة رائعة الجمال تبكي، رغما عنه لم يستطع الابتعاد فمازالت طفلة بريئة لم تأخذ درب الشيطان بعد، جلس علي ركبتيه ليواجهها قائلا بالإنجليزية: مابك صغيرتي؟ لماذا تبكين؟

قالت الطفلة من خلال دموعها: أنا تائهة. كانت أمي هنا منذ قليل ثم فجأة اختفت.
هل تعرفين اسمك؟
نعم. اسمي كرملة حسن الموصلي.
قال باللغة المصرية: انت عربية؟
هزت الطفلة رأسها تمسح دموعها برقة وتطالعه ببراءة خلبت لبه قائلة: مصرية وكنت مع ماما وأخويا وقفت أتفرج علي قطة كانت واقفة هنا.
وأشارت بيدها الصغيرة لمكان قريب وهي تردف: وفجأة ملقتهمش.

قطب جبينه وهو ينهض ببطىء. هل من المعقول ان تكون هذه الفتاة الرقيقة ابنة هذه الحية؟ لا يود تصديق هذا ولكن هذه الخائنة قد تكون هذه الأم المهملة التي أضاعت ابنتها دون أن تنتبه حتى لضياعها والأدهي أنها وقفت أيضا تكذب علي زوجها بكل برود، مد يده إلى الطفلة قائلا: تعالي معايا هوديكي لماما.
بس ماما قالتلي أنا وأخويا منكلمش حد غريب ولا نروح معاه في أي مكان.

قالتها ببراءة خلبت لبه ليشعر بالغيظ من هذه السيدة أكثر، تأبه لهما فتمنحهما التعليمات والنصائح ولكنها تغفل عن تطبيقها بنفسها وتحافظ عليهم من كل سوء، ولكن ماذنب الطفلة في وجود أم لها لا تعرف شيئا عن الأمومة؟ لذا قال بهدوء: عشان تطمني أنا هنده للظابط اللي هناك ده عشان يكون معانا. اتفقنا.

هزت رأسها وهي تمسك يده بينما نادي هو علي ضابط الأمن وشرح له الأمر بإختصار ثم اصطحبه إلى حيث رأي والدتها آخر مرة فوجدها هناك تبدو شاحبة جزعة تبحث عن شيء ما أو علي الأحري شخص ما فاقتربوا منها وماان رأت طفلتها حتى أسرعت إليها تجثو علي ركبتيها محتضنة إياها بلهفة تبكي بدموع التماسيح كما يراها من وجهة نظره، بينما ابتعد ضابط الأمن عائدا لمكانه وقد اطمأن أن الفتاة عادت لحضن أمها وأنها بخير، وماإن تمالكت السيدة نفسها حتى وقفت تعدل من وضع حجابها وهي تقول بامتنان: كرملة قالتلي انك وعدتها تلاقي مامتها وانك وفيت بالوعد، أنا مش عارفة أشكرك ازاي علي اللي عملته معاها.

قال بسخرية وهو يتأمل ملامحها الملائكية المخادعة: لو أخدتي بالك منهم كويس وبطلتي تتكلمي في التليفونات كتير مش هتحتاجي تشكري حد، ودلوقتي عن إذنك لإني ضيعت وقتي كفاية.

قطبت فيروز حاجبيها بقوة وهي تتابعه مغادرا بخطوات سريعة دون أن يلتفت وراءه، تتساءل بحنق عن سلامة قواه العقلية فأني له أن يعرف شيئا عنها ليقابل امتنانها بإساءة شخصية لأمومتها؟ نفضت حنقها وهي تتمسك بيدي طفليها والنداء الأخير علي الطائرة المغادرة إلى القاهرة يدوي في الأجواء، لتسير معهما بسرعة تجاه البوابة المذكورة ولكن ليس قبل أن تنظر إلى الوراء وتلقي نظرة أخيرة علي هذا المجنون ولكنه كان قد اختفي عن ناظريها فهزت رأسها بحنق قبل ان تسرع الخطا وتطلب من صغيريها أن يفعلا مثلها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة