قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

رواية انشق قلب القمر للكاتبة شاهندة الفصل التاسع

كان يجلس علي الأريكة يمسك ملفا يطالع وريقاته ربما للمرة الثالثة بعيون عجزت عن استيعاب كلمة واحدة، زفر بحنق وهو يلقي بالملف جانبا، أمسك برأسه التي تكاد تنفجر من الألم، كيف يمكن لوفاة والده أن تترك هكذا أثرا بنفسه، لم يكونا قط علي وفاق ولم يري منه سوي قسوة لا مبرر لها وها هي مرارة تغص حلقه وألم يعتصر قلبه كلما أدرك أن والده قد سكن بلحده وآخر مابينهما شجار وصفعة واعتذار باهت بارد.

هو نفسه لا يستسيغ حالته ولا يفهمها، حتى جيهان سخرت منه حين أخذ مجددا إجازة من العمل وقد عجز عن التركيز وجل مايجول بخاطره هو هاجس الموت والفراق الذي قد يحضر المرء في أي وقت فيبعد عنه أشخاص ظنهم في حياته من المخلدين.

طرقات علي الباب انتشلته من أفكاره فنهض ببطىء واتجه إليه ليفتحه، رآها تقف أمام الباب بتردد قد اتسعت مقلتيها قليلا تأثرا بمرآه علي هذا النحو، غائر العينين طويل اللحية. ظهرت علي ملامحها الشفقة تقول بارتباك: صباح الخير ياأستاذ كرم، أنا آسفة لو صحيتك بس الحقيقة انا كنت في رحلة مع صاحباتي ولما رجعت وفتحت النت شفت خبر موت والدك وقلت لازم آجي أعزيك. البقاء لله ربنا يرحمه ويصبرك. أكيد الخبر مكنش سهل عليك وانت في الغربة وبينك وبينه مسافات.

قطب جبينه للحظة بحيرة، لا يظن أنها صديقته علي الفيسبوك ولكن هذا لا يهم الآن، يكفيه اهتمامها بتقديم واجب العزاء له ومارآه في عينيها من تأثر لحاله شعر به يدلف لقلبه علي الفور فيربت عليه بيد حانية ويخفف ألمه قليلا، فكل ماوصله من تعازي كانت جمل باردة من أناس معه بالعمل لم يشعر لمرة واحدة بتعاطفهم معه، حتى زوجته لم تخفي ارتياحها لخبر وفاة والده الذي كان معترضا علي زواجه منها وعلي تساهل كرم معها وتركه لها الحبل علي الغارب كما اعتاد أن يقول، هذه هي المرة الأولي التي تصله فيها كلمات مست قلبه فجعلته يردد بامتنان شابه الحزن: الله يرحمه، ده قضاء الله وقدره وأنا راضي بيه.

هزت رأسها وبقيت تتطلع إليه بنظرة لم يفهمها امتزج فيها الحزن بالشفقة بشيء ما لم يستطع تفسيره قبل أن تتنحنح قائلة: طيب هسيبك بقي ترتاح. عن إذنك.

هز رأسه وتابعها تستدير وتتجه إلى شقتها قبل أن تتوقف وتستدير إليه مجددا قائلة بتردد: إيه رأيك لو يعني تغير هدومك وننزل نشرب قهوة في الكافيه اللي تحت؟ وجودك لوحدك وانت في الحالة دي هيضرك، قصدي يعني ذكرياتك مع والدك وحزنك عليه هيزيدوا مع الوحدة، لازم تشغل نفسك عشان متفكرش كتير.

طالعها للحظات لا يدري لم بدت له هذه الدعوة وكأنها طوق نجاة تاق له؟ أراد أن يشارك أحدا ما بداخله من صراع وأفكار تكاد تودي به إلى الجنون، ربما حقا يجب أن يقبل هذه الدعوة ويخرج مافي جوف قلبه لأحدهم، أو حتى يكتفي بالجلوس ومطالعة المارة بالشارع ليلتهي عن أفكاره السوداء.
لو مش حابب خلاص...
قاطعها قائلا بحزم: استنيني دقايق وهكون جاهز.

أغلق الباب بسرعة فلم يري وجهها الذي أضائته السعادة ولم يشعر بقلبها الذي يقفز فرحا، ستجلس معه هو من أحبت بصمت سيتحدثان فقط ولكن هذا جل ماتريده منه، أن يكون حدها تراه عن قرب وتخفف عنه الألم الذي سكن مقلتيه وتبعد عنه شبح الوحدة الذي تشعر به يرافقه دوما. فمع إنشغال زوجته الدائم وخروجها المستمر، كيف سيجد الرفيق؟ شعرت بخطأ ما تفعله، هو رجل متزوج ولا أمل لها معه، ستزيد عذابها بقربه وستجني هي الألم وحدها بعد أن تزداد تعلقا به، كادت ان تطرق الباب وتعتذر عن مرافقته بأي حجة لكنها تراجعت وهي تقنع عقلها أنه يحتاج إليها. لذا ستقترب فقط هذه المرة ثم تبتعد للأبد.

تأخرت عن موعد محاضرتها العملية، تدرك هذا الآن وهي تطالع ساعتها، تلعن أخاها الذي سبب لأمها حالة من البكاء المستمر لا تجد لها سببا وقد عجزت عن فهم شيء منها فجل ماتردده عملت فينا كدة ليه يارياض؟ عملت كدة ليه؟ لتجلس جوارها تربت علي يدها وتطلب منها أن تكف عن البكاء قبل أن يقتلها الحزن، حتى هدأت قليلا وأرادت الإستلقاء فدثرتها ثم أسرعت إلى الجامعة تبتهل إلى الله أن تلحق محاضرتها وألا تتعرض ثانية لمضايقات هذا المعيد حسام بعد أن لاحظت ولاحظ الجميع مضايقته لها باستمرار واستهانته بها حتى أنها كادت أن تشتكيه لدكتور صلاح ولكنها أحجمت عن ذلك حين أدركت أنه ابن أخته لذا فلن يفعل لها شيئا بل بالتأكيد سيكون لجانبه.

زفرت بحنق وقد لاحظت الباب المغلق، كادت أن تتراجع إلى كافيتريا الجامعة وتجلس بانتظار صديقتها فاتن ولكن هذه الدرجات التي تخصم منها لعدم الحضور جعلتها تجازف وتتجه إلى الباب تطرقه قبل أن تدلف، تعلقت العيون بها فتجاهلت الجميع تنظر إلى محاضرها الذي طالعها ببرود قائلة بتوتر: أنا آسفة إني إتأخرت. ممكن أدخل؟
لأ مش ممكن.

لهجته الساخرة الحازمة صدمتها فتطلعت إليه بدهشة ليردف قائلا: مش هسمح لحد يدخل القاعة بعدي ولا حتى انت يابرنسيسة.
تجهمت ملامحها قائلة: أستاذ حسام أنا مسمحلكش.
برة.

قاطعها بكلمته الصارمة فحانت منها نظرة إلى زملائها فلاحظت نظرات الشماتة في أعين بعض زملائها من الذكور الذين رفضت اعجابهم وبعض الإناث اللاتي رفضت مصادقتهن وبعض نظرات الشفقة من البعض الآخر، شعرت بغصة في حلقها فعادت بعينيها إليه تطالعه لأول مرة بقهر قبل أن تستدير مغادرة وتغلق الباب خلفها بألم.

قالاها في نفس واحد، فاتسعت عينا أكرم قبل ان يضحك بقوة بينما اكتفت مي بإبتسامة خجولة، كف عن الضحك وهو يقول: تصدقي من زمن مضحكتش بالشكل ده، فكرتيني بزمان وأيام زمان يامي فكرتيني بمصر وناسها ورجعتيلي أحلي ذكريات. ياما نفسي أرجع مصر. الغربة وحشة قوي.
تأملت ملامحه التي أشرقت بحنينه قائلة: وإيه اللي مانعك؟ طب انا اضطريت أتغرب بسبب الدراسة لكن انت ايه اللي غصبك تخرج برة حضنها؟

شرد للحظات. أيقول زوجته أم والده؟ وما حدث بينهما جعله يغادر مع زوجته ماان اقترحت عليه سفرهما للخارج والعمل لدي والدها. لا ليس والده والدليل هو وفاته ومع ذلك لم يجرؤ حتى علي التفكير في العودة للوطن، انها زوجته التي اعتادت الحياة في فرنسا طوال حياتها فكان وجودها بمصر طوق يخنقها ويكبت حريتها ويجعلها تفر منها دون تردد ما إن سنحت لها الفرصة.
أكرم.

أخرجه صوتها الرقيق من أفكاره فابتسم قائلا وهو ينظر إلى ساعته: الوقت إتأخر ولازم نقوم، انت وراك مذاكرة وأنا ورايا شغل.
أدركت أنه يتهرب من الإجابة ويغلق الباب أمام فضولها لتقول بارتباك: أنا آسفة لو عطلتك...
قاطعها قائلا وهو ينهض: مفيش داعي للأسف، انا بجد استمتعت بوقتي معاكي، خرجتيني من مودي الكئيب وادتيني حماس أكمل الشغل اللي سايبه بقالي كام يوم.

نهضت تبتسم بارتباك لمحاولته التخفيف من احراجها، أفسح لها المجال لتتقدمه بينما تبعها وهو يدرك أنه أحرجها ولكنه أدرك أن الوقت مر بسرعة معها وقرب موعد عودة زوجته فكان عليه سرعة المغادرة حتى لا تراهما زوجته الغيور وتتشاجر معه دون داع، فلم يفعل شيئا سوي الحديث مع هذه الفتاة اللطيفة التي ذكره كثيرا هذا الحنان بعينيها والاهتمام بوالدته، ليتساءل في هذه اللحظة عن أحوالها، و هل أضحت بخير؟

كانت تطالع كشكول محاضرتها بعيون عجزت عن الرؤية يظللهما غلالة من الدموع بعد ان شعرت بالإهانة اليوم علي يد هذا المعيد المغرور، وجدت يد تمنحها منديلا فرفعت عيناها لتري صاحبها، اتسعت عيناها باستنكار قبل أن تنهض وتكاد تغادر فاستوقفتها يده التي أمسكت بيدها، لتستدير إليه قائلة بغضب: أستاذ حسام من فضلك سيب...

قاطعها قائلا برجاء: من فضلك انت استني واسمعيني، أنا عارف اني ضايقتك النهاردة وأديني جاي لحد عندك أعتذرلك. بس والله كان ليا أسبابي اللي خليتني أعمل كدة.
عقدت حاجبيها تقول: أسبابك. أسباب إيه دي؟ أنا مش فاهمة حاجة.
ترك يدها قائلا: من فضلك أقعدي بس وأنا هشرحلك.

ترددت للحظة قبل أن تجلس فجلس بدوره قائلا: انت عارفة اني مبسمحش لحد يدخل بعدي المحاضرة ولو كنت سمحتلك تدخلي كان الكلام هيكتر حواليكي ومن واقع اللي عرفته عنك ده مكنش هيسعدك بالعكس، أنا بكدة قفلت بق أي حد هيقول ان بيني وبينك أي شيء.
وهو وجودك هنا قاعد معايا مش هيخليهم يتكلموا؟

الكافيتريا بعيدة ومحدش من طلاب الجامعة بيجيها وده تقريبا سر تفضيلك ليها ووجودك فيها مابين المحاضرات اللي بتبقي في أول اليوم وآخره. بتحبي تبقي لوحدك. مش كدة؟
يراقبها إذا حتى عرف عنها هذه المعلومة.
هز رأسه نفيا وهو يقول بإبتسامة: بريئ والله، صاحبتك فاتن اللي قالتلي لما سألتها عنك.
ستقتل فاتن اذا.

يجيبها مجددا وكأنه يقرأ أفكارها: من فضلك متزعليش منها هي كانت مجبرة علي الاعتراف بمكانك وأنا بقولها اني لازم أسلمك الاختبار بنفسي وأقيمك لإنك محضرتيش المحاضرة.
طيب وأسبابك التانية؟
قطب جبينه فأردفت: قلت ان عندك أسباب ومدتنيش غير سبب واحد لحد دلوقت.

ابتسم لفطنتها وقوة ملاحظتها وهو يقول: مع إنه سبب أكتر من كافي لكني فعلا عندي سبب تاني وهو ان المحاضرة مكنتش مهمة والأهم هو الموضوع اللي جايلك عشانه واللي حبيت أشد كامل انتباهك ليا قبل ماأفاتحك فيه.
قطبت جبينها قائلة: موضوع ايه ده؟

الحقيقة إدارة الجامعة طلبوا مننا دكاترة ومعيدين نرشح طالب أو طالبة يمثلوا الجامعة في المؤتمر اللي عاملاه جامعات مصر بكل محافظاتها واللي هيقام هنا في القاهرة، والحقيقة ملقتش أنا وخالي أحسن منك يمثلنا، وطلبت منه اني أكون أنا اللي بيبلغك بالخبر ده ويعدك لمؤتمر بالأهمية دي.

رغم سعادتها بخبر كهذا يضيف إلى رصيدها ويرشحها بقوة لتصبح معيدة بالجامعة بعد انتهائها من هذا العام، إلا انها قالت بحيرة: وطلبت منه كدة ليه؟
تراجع في مقعده يقول بغموض: لإني لأول مرة أشوف نفسي في حد. انت انسانة طموحة ومجتهدة ياآنسة غادة ولو ركزتي في دراستك أكتر هيكون ليكي شأن كبير في مجال الصحافة. ها قولتي إيه؟ معايا؟

لم تشفي إجابته غليلها ولم ترضيها، تشعر أن وراء غموضه هذا سرا ولكنها رغم ذلك هزت رأسها وهي تقول: معاك.
ارتسمت ابتسامة علي شفتيه اتسعت تدريجيا.

كان يجلس في الظلام قد نمت لحيته المبتلة بدموع القهر الساخنة تحرق وجنتاه، يشعر بالخيانة تقطع جسده بآلاف السكاكين، ضاعت الثقة بعد غدر أصاب القلب بطعنة قاتلة و أحرقته نيران الصدمة تلقي به في جحيم من العذاب، هل كان طيبا أكثر من الازم؟ لا بل كان غبيا فالطيبة في هذا الزمن غباء.

طرقات قوية علي الباب جعلته يفيق من أفكاره، يطالع الباب بتردد للحظات، هل يتظاهر بعدم وجوده أم يجمع شتات نفسه ويفتح للطارق؟ يعري نفسه أمامه فيكتشف ماعجز عن البوح به من ألم.
سمع صوت والدته تناديه بجزع: افتح ياابني الله يرضي عنك، البواب قاللي انك جوة، طمني عليك أبوس إيديك.

نهض يجر خطواته تجاه الباب يفتح لها فاتسعت عيناها بألم وهي تطالع هيئته، تركها وعاد يجلس علي الكرسي فأغلقت الباب خلفها ثم تقدمت منه قائلة: مالك. طمني عليك ياابني.

رفع عيونه إليها قائلا بسخرية مريرة: جاية تتطمني عليا بجد ولا جاية تتأكدي ان ابنك الحقير لسة حي مموتوش بايديا دول؟ ابنك الندل اللي ضربني في ضهري ولوث شرفي وأخد مني حياتي وأحلامي وأعز ماأملك ياأمي. عموما متخافيش عليه، حظه انه شاطر قوي في الهروب، طول عمره جبان وخسيس، يعمل العملة ويسيب غيره يتحمل نتايجها، لكن صدقيني المرة دي مش هيفلت زي كل مرة لإني هفضل وراه ومش هرتاح غير لما أشرب من دمه.

طالعته بعيون امتلأت بدموع القهر: بقي انا يامالك مش جاية أطمن عليك انت وخايفة علي أخوك اللي باعنا كلنا؟! عموما مش هعاتبك علي الكلام ده لإني حاسة باللي جواك...
نهض يصرخ مقاطعا إياها: محدش ممكن يحس باللي جوايا، محدش يقدر يفهم الوجع اللي أنا حاسس بيه.

ليضرب قلبه مردفا بقهر: أنا اندبحت علي ايد الشيطان اللي ربتيه وسطينا والحيوانة اللي اديتها اسمي وآمنتها علي شرفي وفي النهاية مقدرتش آخد حقي منهم ولا أنتقم علي اللي عملوه فيا، أنا انتهيت. بموت في كل لحظة بتعدي عليا ومحدش حاسس بيا. روحي ياأمي، روحي لاخواتي و ابعدوا عني كلكم، سيبوني في حالي، محدش يقرب مني لإن اللي هيقرب هيتحرق بالنار اللي جوايا.
قالت من وسط دموعها: مالك.

صرخ قائلا: قلتلك روحي. مش عايز أشوف حد. مش طايق أشوف حد، ابعدوا عني وسيبوني في حالي. سيبوني في حاااالي.
طالعت ثورته بقلة حيلة، تدرك كم يتألم وكم تخشي عليه من هذا الألم ولكنها تدرك أيضا أنها لن تستطيع الحديث معه وهو في هذه الحالة لتقرر أن تدعه يهدأ قليلا ثم تعود إليه. حتما ستعود وستحاول بكل قوتها أن تنتشله من غياهب الظلام الذي يحاصره الآن قبل أن يخسر نفسه وتخسره بدورها.

مش هينفع يارياض، مش هيرضوا يدولك أجازة تاني، ده انت لسة راجع.
اتصرف ياتوفيق، كلم خالك قوله لسة حزين علي أبوه ومفاقش من الصدمة.
وهو المصدوم يسهر ليلاتي في الكابريهات؟
قالها توفيق متهكما فرمقه رياض بصرامة فأسرع توفيق يردف قائلا: قصدي يعني لو حد شافك دلوقتي وانت سهران هنا في كابريه النجوم هيقول كدة يعني.

تابع رياض حركات جسد الراقصةالتي زادت من غنجها حين نظر إليها قائلا بعيون تلمع: ملكش دعوة أنا هتصرف، ويلا قوم فارقني بقي خليني أتفرج بمزاج.
طالعه توفيق بحنق قبل أن ينهض مجبرا يتجه لباب الخروج فاستوقفه نداء رياض بإسمه فاستدار يطالعه ليردف رياض بلهجة ذات مغزي: متنساش ياتوفيق مين خرجك من قضية الآداب وقطع المحضر. ها؟ ابقي سلملي علي خالك.

هز رأسه بهدوء قبل ان يستدير تتجهم ملامحه هامسا بحنق: الله يلعن اليوم اللي اتحوجت فيه لأشكالك، أنا عارف اني هفضل مذلول بخدمتك دي طول العمر.
غادر بخطوات غاضبة بينما أنهت الراقصة فقرتها واتجهت إليه تقول بترحاب: ياأهلا برياض باشا، إيه اللي فكرك بينا ياسيد الناس؟
تأملها بنظرات أرضت غرورها كأنثي وهو يقترب منها قائلا: وحشتيني يازوزو.

قالت بسعادة: يابختك يازوزو ياسعدك، رياض باشا بحاله يعني أجدع ظابط في الداخلية كلها بيقول إنك وحشتيه وجاي مخصوص عشان يشوفك، ده حلم ولا علم؟
اقترب أكثر منها يلمس بأنامله يدها صعودا لكتفها العاري فزادت خفقاتها وتسارعت تزامنا مع قوله: لأ علم يازوزو، تحبي أقرصك عشان تتأكدي.
ثقلت أنفاسها وهي تقول: ملوش لزوم. ماتقوم بينا نروح شقتك وهناك أتأكد بنفسي.
أبعد أنامله عن جسدها قائلا بابتسامة: مش هينفع نروح شقتي.

قطبت جبينها قائلة: اشمعني؟ اوعي تكون رجعت لطليقتك؟
ضحك ساخرا وهو يقول: حنان! أما هبلة صحيح، حنان صفحة قفلتها من زمان ومش ناوي أرجعلها تاني.
وعشان كدة واقفلها في الزور وكل مايجيلها عريس تهدده وتطفشه.
اعتدل يمسك يدها بقسوة يقول بصرامة: مين اللي قالك الكلام ده؟
شعرت بالألم في يدها من قسوة قبضته لتقول برجاء: سيب ايدي ياسي رياض. محدش قاللي.
زاد من قسوة احكام قبضة يده علي يدها قائلا: كدابة.

قالت بألم: والله ماحد قاللي، انت اللي كل ماتجيلي ونقضي مع بعض وقت حلو تسكر طينة وتفضل تقول حنان ليا ومستحيل تكون لغيري واللي هيقرب منها هموته.
ترك يدها فدلكتها بألم وهي تطالعه بعتاب فقال ببرود: متبصليش كدة، انت اللي جبتيه لنفسك، ابقي قصري في موضوع حنان يازوزو، لو حابة يعني أجيلك تاني.
تغلب الحب في قلبها علي قسوة تعامله معها وهي تقول بلهفة: حابة طبعا، ماانت عارف بحبك قد إيه؟

أمسك يدها يرفعها إلى شفتيه يقبل باطن كفها، قبلة أطاحت بعقلها وهو يقول بنعومة: طب ماتقومي بينا علي شقتك نكمل الليلة.
كالمغيبة هزت رأسها علي الفور، لاحظت أنه لم يبادلها لفظ التحبب ولكنها أملت أن يفعل ذات يوم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة