قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل العاشر

نظر ريان إلى عيون تمارا المترقبة والتى ظهر فيهم الفضول لسماع ما لديه.. ليقول بعد لحظة:
لما جيتى بعد الحادثة كان وشك مشوه من الإزاز اللى دخل فيه وملامحك تقريبا مش باينة.. مقدرش أنكر إنى كان ممكن أحاول أكتر وأقدر اوصل لشكلك الأصلى بس ده كان هياخد وقت كبير وخصوصا ان مفيش حد من أهلك معاكى عشان يدينا أي صورة ليكى تساعدنا.. ومعكيش بطاقة شخصية ولا أي حاجة تدل على هويتك.. تأخيرنا فى البحث عن ملامحك كان فيه خطر على حياتك.. ده غير إنى...

ليصمت وهو يبتلع ريقه قائلا:
يعنى .. أول ما شوفتك مش عارف ليه بالظبط فكرتينى بغزل.
عقدت حاجبيها لتبدو تماما كمعشوقته.. ليطرق برأسه للحظة يبتعد عن تأثيرها عليه ثم يعاود النظر إليها قائلا:
غزل دى تبقى البنت اللى حولت ملامحك لملامحها.. كانت مراتى.

ازداد انعقاد حاجبيها قائلة:
كانت؟
ابتلع ريقه بصعوبة يقاوم غصة فى قلبه وهو يقول:
غزل ماتت من سنتين..
ظهر الأسى فى عينيها وهي تقول:
الله يرحمها.
تأملها للحظة قبل أن يقول:
يارب.

تنهد مستطردا:
اول ما شفتك لقيتك بتفكرينى بيها.. نفس الجسم والشعر وبنية الوش والعينين.. غصب عنى لقيتنى بشوفك هي.. كانت فى نفس مكانك آخر مرة شوفتها بس هي كانت...
ابتلع ريقه وشحب وجهه وهو يتذكر تلك الليلة التى فقدها فيها ليقول فى مرارة:
ميتة.

لينهض ويتجه إلى النافذة ينظر من خلالها إلى الخارج تتابعه عيناها .. يدق قلبها بقوة وهي تشعر بذلك الألم الذى يعانيه.. والذى ظهر فى نبرة صوته وكلماته .. إلى جانب تعرقه وشحوب وجهه وارتعاشة يده.. كل كيانه متأثر بألمه ليصل لها هذا الألم على الفور وتشعر رغما عنها بالتعاطف معه.. خاصة وهو يستطرد قائلا:
تعرفى..  لما سمعت قصتك.. حسيتها كمان قريبة من قصتها مع بعض الإختلافات طبعا...

وصمت لتحترم تمارا صمته والذى تشعر أنه يحاول من خلاله تمالك نفسه.. وعندما طال صمته قالت بصوت خفيض تستحثه على الكلام:
كمل.

حانت منه إلتفاتة إليها لتتوقف أنفاسها وهي ترى إلتماع عيونه والذى ينبأها بتأثره بذكرياته التى يبدوا انها تغمره الآن.. لتتعجب من وجود رجل فى هذا الزمان مازال يحب ويعشق ويتأثر بذكرياته مع محبوبته كما يبدوا على هذا الطبيب.. لينتبه ريان إلى نظراتها ويشيح بوجهه مجددا وهو يعود بعينيه إلى النافذة ينظر من خلالها إلى البعيد قائلا:

اول مرة شفتها كانت من خمس سنين.. كنت آخد أجازة وبقضيها فى إسكندرية مخصوص عشان أحضر فرح مريضة عندى.. كانت كبيرة فى السن ومتجوزتش أبدا لإن أهلها بعدوها عن حبيبها .. فضلت مستنياه عمر بحاله ولما لقيوا بعض.. قرروا ان العمر مش مهم وانهم لازم يحققوا حلمهم بالجواز.. كنت معجب بقصتهم اوى واللى خلت عندى أمل بإن الحب الحقيقى موجود.. وفى الفرح شفتها ..

أول ما عينى جت فى عينها حسيت إنى وقعت فى الحب.. وده كان إحساس جديد وغريب علية.. خصوصا انى بعد وفاة بابا بسبب ماما كنت أقسمت إنى محبش أبدا ولا أسلم قلبى لواحدة بس هي شدتنى بخفة دمها وروحها الجميلة.. اتعرفت عليها..  وواحدة واحدة عرفت عنها كل حاجة.. عرفت إنها أرملة وعندها بنت صغيرة من جوزها الأولانى واللى مقعدتش معاه غير سنة واحدة ومات بعدها فى حادثة وإنها قاعدة مع عيلة عمها عشان ملهاش غيرهم.. مهمنيش إنها كانت متجوزة وان معاها طفلة بالعكس ..

وقعت فى حب الطفلة دى من اول مرة شفتها فيها زي ما وقعت فى حب مامتها بالظبط.. ولقيتنى بطلب من غزل الجواز.. على أد ما فرحت بطلبى على أد ما خافت من رفض عيلتها واللى مقدرتش أفهم ساعتها ليه ممكن يرفضوا إن غزل يكون لها فرصة جديدة فى الحياة.. بس بعد كدة فهمت.. عشان ميراثها من أبوها واللى كانت المفروض هتاخده بعد ما تكمل سن الواحد وعشرين واللى كانت هتكملهم فى السنة اللى عرفتها وحبيتها فيها..

كانوا عايزين الفلوس طبعا وعشان كدة كانوا بيحاولوا يجوزوها لجلال إبن عمها بس هي كانت بترفض ﻹنها محستش إنه ممكن يكون أكتر من إبن عم ليها.. إتقدمتلهم وزي ما توقعت رفضوا.. حاولنا اكتر من مرة نقنعهم بس مكنش فيه فايدة.. وفى يوم وصلى رسالة إنى لازم أحضر نفسى عشان مطلوب فى انتداب لمدة سنة فى مستشفى كبيرة فى باريس..

حاولت أرفض رغم انها كانت فرصة كبيرة بالنسبة لى .. مش عشان الفلوس انا من عيلة ميسورة جدا والحمد لله.. بس هناك كنت هتعلم أكتر وهتمكن أكتر من مهنتى.. مع الأسف لقيتنى مضطر أسافر.. شفتها فى اليوم ده وقلتلها إنى مسافر.. قالتلى خدنى معاك.. بصراحة مكنتش موافق على فكرة الهروب بس مجرد إحساسى إنها ممكن تضيع منى خلانى وافقت.. هربت من البيت هي وإيلين بنتها .. واتجوزنا علطول وفى وقت قليل كنت محضر أوراقنا وفعلا سافرنا .. قضينا أجمل أيام حياتنا فى باريس.. والسنة بقت اتنين وتلاتة.. لغاية..

وصمت يغمض عينيه لينفض تلك الصور التى تراءت له.. نظرت إليه تمارا فى أسى تدرك أن القادم سيكون مأساة.. وبالفعل فتح ريان عيونه ليقول فى ألم:
فى يوم عيد جوازنا اضطريت أتأخر فى شغلى ومكنتش أعرف إن غزل خلت إيللى تنام مع بنت صاحبتها تيسير.. الصاحبة الوحيدة لغزل فى غربتنا.. كانت محضرة احتفال صغير على أدنا.. وفى اليوم ده اقتحم حرامى الشقة و...

ابتلع غصة فى حلقه وهو يقول فى مرارة:
واغتصبها.. بس هي حظها كان أسوأ منك.. لإنه بعد ما إغتصبها... قتلها.

كتمت تمارا شهقة انطلقت منها ليلتفت إليها ريان وترى تمارا ذلك الألم محفورا على ملامحه .. تصرخ نظراته بالذكرى المريرة ليغمض عينيه ثم يفتحهما وقد تهدلت كتفاه .. يقترب بخطواته من سريرها ومع كل خطوة له تشعر هي بقلبها تكاد تتوقف دقاته وهي تراه بتلك الحالة لتؤمن أنه مايزال هناك رجالا فى هذا الزمان.. نعم.. رجالا.. جلس على ذلك الكرسي بجوار السرير وكأن الذكرى هدته وجعلته لا يقوى على الوقوف.. رفع رأسه ينظر إليها قائلا فى حزن:

رجعت اليوم ده لقيتها غرقانة فى دمها والشقة تضرب تقلب.. جريت عليها .. حاولت ألحقها بس هي كانت ماتت خلاص.. ماتت وسابتنى.. قعدت جنبها مش قادر أصدق عينية ولا قادر اصدق إنها خلاص ماتت ومبقتش أشوفها تانى.. ولما بدأت أفوق من صدمتى.. بلغت البوليس واللى حاولوا بكل الطرق يوصلوا للجانى.. بس مع الأسف موصلوش.. دفنتها هناك ودفنت معاها روحى.. مكنش ينفع أجيبها معايا مصر ومكنش ينفع أقعد فى البلد اللى خدتها منى.. ولو كنت جبتها معايا كانوا أهلها هيعرفوا وهياخدوا منى إيلين وانا مش مستعد ابدا اخسر إيللى زي ما خسرت مامتها ده غير وصية غزل لية على بنتها واللى هحققها ولو كان فيها موتى.

صمت ريان وهو يضع يديه على وجهه يمسحه بضعف ليقول بعد لحظة:
لما شفتك ياتمارا لقيت نفسى برسم وشها على ملامحك.. كان نفسى اشوفها حية ولو للحظة واحدة.. عارف إنى غلط وغلطتى كبيرة.. بس صدقينى كان غصب عنى ومش بإرادتى.. إنتى متعرفيش انا بتعذب أد إيه وانا شايفها أدامى فيكى بس عارف إنك مش هي .. وعارف كمان ان مكنش من حقى اغيرلك ملامحك.. وعشان كدة انا مستعد لأي عقاب حابة تعاقبينى بيه حتى لو بلغتى عنى.

ترقب إجابتها على كلماته .. لتنظر إليه قائلة:
إنت ليه مخلفتش من غزل؟
اتسعت عينيه فى صدمة فلم تكن كلماتها تلك أبدا ما توقع سماعه منها.. ليقول بارتباك:
أفندم؟

نظرت إليه تمارا وقد احمر وجهها خجلا من إرتباكه لسؤالها غير المتوقع.. ولكنها وجدت نفسها رغما عنها تسأله.. ففضولها تجاهه هو وغزل غمرها.. فبعد ان رأت أشباه الرجال صعب عليها تقبل وجود رجل مثله.. لتقول متلعثمة:
انت .. يعنى.. مجبتش سيرة اطفال تانيين غير إيلين.. فاستغربت .. لو سؤالى ضايقك .. بلاش تجاوب عليه.

نظر إلى عمق عينيها الجميلتين قائلا بهدوء:
بالعكس سؤالك مضايقنيش بس مستغربه .. الحقيقة كنت متوقع رد فعل تانى منك ..
نظرت إليه قائلة فى حيرة:
زي..

مط شفتيه قائلا:
تصرخى فى وشى.. تهزقينى.. تزعقيلى.. أي حاجة إلا إنك تتقبلى الأمر بهدوء وكمان تسألينى عن حياتى.. أنا عارف إنك فى حالتك دى أكيد بتكرهي كل الرجالة..  ما بالك بقى بواحد غير ملامحك كمان.

أطرقت برأسها قائلة فى حزن:
ومين قالك إنى مبكرهش كل الرجالة.. انا فعلا كرهتهم كلهم.. لغاية ما جيت المستشفى كنت فاكرة ان كل الرجالة زي ماجد وإسماعيل والحيوانات اللى غدروا بية.. بس لما سمعتك عرفت إن لسة فيه رجالة كويسة فى الدنيا دى.. رجالة بتحب وبتحزن على اللى بتحبه.. رجالة ممكن تضحى بحاجات كتير عشان طفل مش طفلها.. على فكرة كمان أنا أعرفك من قبل ما أشوفك.

عقد حاجبيه فى حيرة لترفع عينيها تسترق النظر إليه قائلة:
لما فقت حسيت إن نبرات صوتك مألوفة لية.. حسيت بالراحة ودى حاجة بالنسبة لى كانت غريبة لإنى مميزتش ملامحك.. بس لما حكيت قصتك.. حسيت إنها كمان مألوفة بالنسبة لية..  وابتديت أفتكر أنا أعرف صوتك منين؟

نظر إليها بحيرة لتبتلع ريقها قائلة:
أنا كنت بسمعك وانت بتكلمنى على إنها هي.. كنت حاسة بيك.

اتسعت عينيه فى دهشة لتستطرد قائلة بسرعة:
مش فاكرة طبعا كل الكلام.. بس اللى فاكراه منه .. خلانى غصب عنى أحترمك وأقدر ظروفك وسبب اللى انت عملته معايا.. خلانى كمان مآمنة إن أي حاجة بتحصلنا بتكون لسبب.. ومش ضرورى يكون السبب ده وحش.. يعنى لولا الحادثة اللى حصلتلى انا كنت انتحرت ومت قانطة من رحمة ربنا.. كنت هدخل النار.. فأقل حاجة اعملها دلوقتى إنى أشكرك.

نظر إلى عينيها بحيرة وهو يهمس قائلا:
تشكرينى؟

اومأت برأسها قائلة:
انت أنقذت حياتى.. واديتنى فرصة تانية عشان أعيش.. أما بالنسبة لشكلى فدى حاجة بسيطة أوى .. ومتقلقش مش زعلانة.. شكلى مش مهم كتير.. المهم روحى اللى جوة .. وانا من جوة لسة تمارا.. صحيح تمارا المكسورة والمجروحة بس أنا قادرة ألملم جراحى وارجع قوية من جديد.. ما هو ربنا ما يدنيش فرصة تانية عشان أعيش وأنا أضيعها.. لأ.. هتمسك بيها وأحمده عليها كل يوم وكل لحظة مع كل نفس بتنفسه.

رغما عنه ظهرت لمحة إعجاب فى عينيه.. ليبتسم قائلا وهو يمسك يدها:
برافو ياغزل.. برافو ياحبيبتى.. بجد فرحتينى بكلامك.

دق قلبها وارتعشت أطرافها مع لمسته.. ليتعرق جبينها على الفور من جراء اقترابه منها وكلماته.. ليلاحظ ذلك ويبتعد على الفور.. قائلا فى ندم:
انا آسف .. غصب عنى ناديتك بإسمها.. وآسف لو لمست إيديكى.. أوعدك مكررهاش تانى.

قالت تمارا فى هدوء:
محصلش حاجة يادكتور ريان.. أنا عارفة إنه غصب عنك.
نظر ريان إلى هدوءها الذى يثير إعجابه قائلا:
أنا مش قادر أعبرلك عن شكرى واعجابى برجاحة عقلك ياتمارا.. بس ياريت تنادينى ريان زي ما بناديكى تمارا.. احنا مش بقينا أصحاب.

نظرت إليه للحظات فى تردد قبل أن تحسم رأيها وهي ترى نظرات عيونه الحانية والتى كانت تحتاجها بشدة لتشعر بأن هناك فى تلك الدنيا من يقف بجوارها .. لتومئ برأسها فى هدوء.. شعر ريان بالارتياح على الفور ثم نظر إلى ساعته لينهض قائلا:
للأسف الوقت إتأخر.. و مضطر أمشى عشان اتأخرت على إيللى..

ليبتسم لها قائلا:
متعرفيش الكلام معاكى ريحنى أد إيه.. هأشوفك بكرة.
وابتعد مغادرا ليستوقفه صوتها الرقيق وهي تقول:
دكتور ريان !
إلتفت إليها وفى عينيه ظهر عتابا لتقول متلعثمة:
آسفة.. ريان.

إبتسم لتستطرد قائلا:
مقلتليش ليه ما جبتش أطفال تانى من غزل.. ومكملتش الحكاية.
ظهرت لمحة من الألم مرت سريعا بعينيه قبل ان تعود عيونه صافية وهو يقول بهدوء:
هكملك بكرة.. سلام.

ثم التفت مغادرا ومغلقا الباب خلفه بهدوء لتستند تمارا برأسها على الوسادة تراجع كل ما مر فى حياتها.. لتغمض عينيها حزنا وهي تحاول أن تنفض أفكارها التى تؤلمها بشدة.. لتمر عبر عينيها صورة ريان وهو متأثرا بقصته وحبيبته غزل.. غزل التى تعرضت لما تعرضت إليه تمارا ولكنها فقدت حياتها أثناء ذلك.. لتحمد ربها على أنها حية.. كي تستطيع أن تنتقم ممن كانوا سببا فى عذابها.. ستصل لهم فردا فردا وستنتقم.. نعم فهي لن تدعهم ينعمون بحياتهم بينما هي تعانى.. سيرون كيف تتحول المرأة من كائن رقيق إلى وحش كاسر عندما تفقد كل شئ.

دلفت ريم بخطوات رقيقة إلى ذلك الكافيه.. لتجول بنظراتها بين جنباته .. وجدت ماجد جالسا على إحدى الطاولات.. يشير إليها بيده.. إتجهت إليه على الفور وقد إرتسمت على شفتيها إبتسامة بادلها إياها ماجد الذى نهض لإستقبالها.. مدت يدها إلى يده الممدودة إليها للسلام.. ضغط على يدها وهو ينظر إلى عينيها الجميلتين.. كيف لم يراها جميلة من قبل.. ترى ألأنها كانت تعامله بجفاء فعاملها بالمثل ام لأنه كان سيتزوج أختها؟انه حقا لا يعلم.. أبعدت ريم يدها عن يده بارتباك وهي تلاحظ نظرته إليها لتجلس بهدوء ويجلس بعدها قائلا:
وحشتينى.

نظرت إليه ريم بدهشة قائلة:
مش معقول كلامك ده ياماجد.. معقول أكون قدرت ابقى جواك بالسرعة دى؟
ابتسم قائلا:
ومش معقول ليه.. مش يمكن كنتى جوايا من زمان وانا اللى مكنتش حاسس.

نظرت إليه ريم بلهفة قائلة:
بجد ياماجد.. بجد كنت جواك؟
عقد حاجبيه فى حيرة وهو يقول:
يهمك اوى ياريم تعرفى؟
أومأت برأسها قائلة بسرعة:
يهمنى طبعا انت متعرفش أنا بح...

صمتت وقد كادت أن تعبر له عن مشاعرها.. ليشعر بها ماجد .. ويقرر ان يخرج مكنون قلبها .. لذا مد يده إلى يدها الموضوعة على المائدة وأمسكها بيده قائلا بهمس:
انتى إيه ياريم؟

أطرقت ريم برأسها ودقات قلبها يعلو صخيبها قائلة:
لأ .. قول إنت الأول.
مد يده الأخرى يرفع ذقنها لتتواجه عينيه مع عينيها وهو يقول:
هقول يا ريم .. هقول كل حاجة بس محتاج أطمن.. طمنينى ياحبيبتى.

نظراته .. لمساته.. كلماته.. لاتدرى ماذا أثر فيها منهم لتندفع وتخبره بكل ما خبأته عنه قائلة:
أنا بحبك ياماجد ومن زمان.. من أول ما خطبت تمارا وانا شايفاك كتير عليها.. كنت شايفاك لية انا.. خطيبى انا.. مكنتش عارفة انت شايف فيها إيه.. دى واحدة على نياتها وتقريبا ساذجة ومكملتش تعليمها ومش نافعة فى حاجة.. كتمت مشاعرى جوايا وبعدت عنكم .. لإنى كنت كل ما أشوفكم بتجنن.. بتقيد نار فى قلبى.. لغاية ما سبتها وعرفت إنك أخيرا فقت وشفت إنها مش ممكن تنفعك ولا تناسبك.. بدأت أكلمك وانا بدعى إنك تحس بية .. تدينى فرصة.ودلوقتى أنا خايفة.. مرعوبة بعد ما سمعتنى تصدنى وملاقيش جواك نص اللى جوايا ليك.

ابتسم وهو يرفع يدها يقبلها بحنان لتبعد يدها بارتباك .. اتسعت ابتسامته وهو يرى خجلها ليقول:
انا جوايا مشاعر ليكى زي اللى جواكى وأكتر.

اتسعت عينيها بدهشة ليقول هو بابتسامة خلبت لبها:
أنا عشت مع تمارا أد ما عشت.. مكنتش مكالمة منها بتخلينى طاير من الفرحة زي مكالمتك.. ولا كانت لمسة ايديها او نظرة عينيها بتقيد فية النار بالشكل ده.

أطرقت ريم برأسها فى خجل ليمد يده مجددا يرفع ذقنها لتتواجه عينيهما.. ويقول ماجد بحب:
انا بحبك ياريم وعايز أرتبط بيكى.
ظهر الارتباك على وجهها لتبتعد بوجهها عن يده وهي تقول:
دلوقتى.. مستحيل.

عقد حاجبيه لتقول هي بإضطراب:
قصدى يعنى.. تمارا مختفية.. صحيح فيه ناس شافوها وهي بتعمل حادثة والكل بيقولوا انها ماتت بس لسة ملقيناش جثتها.. ده غير ان بابا مبيحبكش أصلا.. وهنلاقى صعوبة فى إقناعه.. أنا فى رأيى نصبر حبة لحد...

وصمتت لتستطرد بعد لحظة قائلة:
لحد يعنى .. ما يفوت شوية على موت تمارا.. ونقدر نقنع بابا.
تراجع ماجد يستند إلى كرسيه بإرتياح قائلا:
رغم انى اقدر أقنع والدك بسهولة.. ورغم انى مش مقتنع بإننا لازم نستنى.. بس عشان خاطر عيونك ياريم.. هستنى.. بس موعدكيش أستنى كتير.

ابتسمت ريم قائلة:
انا كمان بوعدك يا ماجد اننا نتجوز بأسرع وقت.

بادلها ابتسامتها غافلين عن عيون اتقدت شرارة الحقد فيهم.. يشتعل قلب صاحبتهما بغضب ستتركه ليحرق الأخضر واليابس.. فبعد ما رأته لم يعد أمامها سوى الانتقام.. الانتقام ممن خدعها بإسم الحب.. ثم ألقاها كما يلقى شراب مهترئ فى سلة قمامته.. وستنتقم من تلك الحرباء الصغيرة والتى تظهر نفسها أمام ماجد بمظهر هي بعيدة كل البعد عنه.. فوحدها هي من تعرف حقيقة ريم.. هي وفتاة أخرى لم تعد على قيد الحياة.. فتاة تدعى...تمارا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة