قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

دلف ريان إلى مبنى المستشفى وهو فى عجلة من أمره..  فلديه اليوم عمليتان تجميليتان.. إحداهما لفنانة مشهورة...
لم يكن سر عجلته تلك العمليات ولكن شوقه إلى رؤية محبوبته أعجزه عن النوم وجعله يترك فراشه فى الصباح الباكر متجها إلى عمله..  بعد أن أيقن أنه لا سبيل للنوم وها هو يسرع فى خطواته كي يراها .. اتجه مباشرة إلى حجرتها ليقف مترددا وهو ينظر إلى ساعته التى تشير إلى السابعة صباحا..

يتساءل متوجسا عما إذا كانت مستيقظة أم نائمة وهل سيقلقها إن دلف الآن؟.. ثوان تمر وأفكاره تكاد تقتله من تصارعها.. يمرر يده فى رأسه بعصبية.. ليحسم قراره، سيرى ان كانت نائمة أم لا؟.. طرق الباب بهدوء ليسمع صوتها الرقيق يطلب من الطارق الدلوف.. فتح الباب فى لهفة وهو يطل عليها برأسه ليراها جالسة فى سريرها مستندة بظهرها إلى وسادتها.. ياالله .. كم اشتاق لملامحها الرقيقة.. إنها تبدو الآن وشعرها الحريرى منسدل حول وجهها كما لو كانت غزل بالضبط.. تأملها لثوان يشعر بأنه يتوه فى تلك الملامح أفاق على صوتها وهي تقول:
اتفضل ياريان.

دلف إلى الداخل وهو يتنحنح قائلا فى قلق:
احمم.. أنا صحيتك؟
هزت رأسها نفيا وهي تقول:
لأ .. انا منمتش أصلا.
قال بسرعة:
ولا أنا.

نظرت إليه بدهشة ليقول بارتباك:
احمم.. يعنى معرفتش أنام .. عشان يعنى خفت أكون ضايقتك بكلامى.
ابتسمت بهدوء قائلة:
بالعكس.. انت ريحتنى.. اكتشافى ان لسة فيه رجالة كويسة فى الدنيا دى ريح قلبى شوية.
جلس بجوارها وهو يبتسم فى هدوء قائلا:
مش للدرجة دى يعنى.. المهم سيبك من الكلام ده وقوليلى.. منمتيش ليه؟

أطرقت برأسها قائلة:
كنت بفكر.
ركز عينيه على ملامحها وهو يقول:
بتفكرى فى إيه؟
عادت بنظراتها إليه قائلة:
بفكر فى حياتى وحياتك.. وأد إيه قدرنا كان قاسى علينا بس احنا أهو..  لسة واقفين على رجلينا.

غرق فى عينيها يشعر بأنه يكاد يجن .. حبيبته أمامه وهو عاجز عن ضمها لأحضانه.. ليضم قبضته بقوة وهو ينهض متجها إلى النافذة يحاول بكل جهده أن يتمالك نفسه.. لتعقد تمارا حاجبيها وهي تلاحظ ملامحه المتألمة لتقول بصوت منخفض:
انت كويس يادكتور؟

التفت إليها قائلا بهدوء:
أنا كويس ياتمارا.. بس احنا قلنا إيه؟
نظرت إليه فى حيرة ليستطرد قائلا:
مش قلنا مفيش ألقاب ما بينا.. وان احنا بقينا أصحاب.

اومأت برأسها لينظر من خلال النافذة قائلا بهدوء:
بالنسبة لكلامك فصحيح قدرنا خد مننا حاجات بس إدانا حاجات أكتر ياتمارا.. خد منى غزل بس إدانى إيلين.. وخد منك حياتك اللى فاتت بس إداكى حياة جديدة تقدرى تحققى فيها كل اللى بتحلمى بيه.

قست عيناها الجميلتين وظهرت القسوة فى صوتها وهي تقول:
مش قبل ما أنتقم من كل اللى ظلمونى .
إلتفت إليها ليلاحظ تلك النظرة فى عينيها ويشعر بالحيرة.. ليقترب منها وهو يقول:
تقصدى إيه؟
نظرت إليه قائلة:
سيبك منى دلوقتى وكملى حكايتك .

تأمل ملامحها لثوان وكاد أن يطالبها بتفسير لكلماتها ولكنه تراجع وهو يدرك أنها لن تفصح الآن عن كل مكنون قلبها،ربما مع الوقت تخبره.. لذا جلس على الكرسي مجددا بجوارها وهو يقول بهدوء:
مفيش حاجة جديدة.. أنا تقريبا حكيتلك كل حكايتى.. فاضل بس النهاية..

ليهز كتفيه قائلا:
لما رجعت مصر خدت إيللى على بيتى اللى فى مرسى مطروح وهناك هي قاعدة .. ومحدش من أهل غزل يعرف عنها حاجة .. بروحلها كل ٣ أيام أقعد معاها يوم وآجى.. كان المفروض هروحلها انبارح بس...
صمت لتنظر إليه تمارا فى حيرة قائلة:
بس إيه ياريان؟

نظر إلى ملامحها الجميلة واحتار بماذا يخبرها؟ أيخبرها أنه لم يستطع البعد عنها، لم يستطع أن يظل يوما كاملا دون أن يراها، وأنه اشتاق إليها منذ اللحظة التى خرج منها من المستشفى البارحة.. أيخبرها أنه يشعر بالراحة فقط لوجوده بجوارها.. أنه يشعر بالاكتمال.. بالهدوء.. بالسعادة فقط وهو بجانبها؟.. ستخبره بالتأكيد أنه مجنون.. وأنها ليست بغزله.. وربما أخافها لتغادر المستشفى بأكمله فلا يراها بعد اليوم.. خاصة وهو لا يعلم عنها الكثير.. ربما هو حقا جن.. ويحتاج إلى مراجعة طبيبه.. نعم لابد وأن يهاتفه اليوم.. طال صمته وشعرت تمارا بالارتباك من شروده فى ملامحها..  لتقول مترددة:
ريان.. إنت.. إنت سرحت فى إيه؟

افاق ريان من أفكاره ليقول:
ها.. أبدا أنا هنا.. انتى كنتى بتقولى إيه؟

شعرت تمارا بالحيرة من شروده الدائم فى ملامحها لتضربها الحقيقة فجأة.. فملامحها ليست أبدا بملامح تمارا.. إنها ملامح غزل.. ياالله .. انه فى صراع دائم كلما يراها.. يريد أن يراها تمارا ولكن رغما عنه يراها غزل.. شعرت بالشفقة عليه.. وهي ترى مثل ذلك الطبيب الوسيم الناجح يعيش داخل ماضيه.. يؤلمه.. يعذبه.. ولكنه لا يستطيع التخلى عنه.. تماما مثلها.. لتفيق على صوته الذى قال بعتاب:
مين فينا بس اللى سرحان دلوقتى؟

نظرت إلى عينيه نظرة غير مفهومة.. أوصلت إليه مشاعر عديدة وهي تقول:
أبدا انا بس كنت بفتكر آخر كلام قلته.. أيوة كنت بتقول انك المفروض كنت تروح لإيللى إنبارح بس انت مروحتش.. مروحتش ليه؟

نظر إليها بإرتباك قائلا:
أيوة فعلا.. مروحتش عشان.. عشان عندى النهاردة عمليات مهمة مينفعش أأجلها.
إنه يكذب.. بالتأكيد يكذب.. كان من الممكن تأجيل عملياته ولو ليوم آخر ولكنها هي السبب.. لم يستطع الابتعاد عنها هي.. وهو يعلم تلك الحقيقة تماما.

ابتسمت قائلة:
ربنا يعينك.. طيب برده مقلتليش.. انتوا ليه مجبتوش ولاد تانية غير ايلين؟
أطرق ريان برأسه قائلا فى حزن:
غزل بعد ما خلفت إيلين حصلها نزيف خطير وكانت هتموت والدكاترة اضطروا يستأصلولها الرحم.

اتسعت عينيها بصدمة وهي تنظر إليه.. ياالله كم تعذبت تلك الغزل وهي تدرك أنها لن تصبح أما مجددا ولكن ياترى هل كان ريان يعلم بذلك قبل زواجهما؟أفاقت من أفكارها على رده عليها لتدرك أن نطقت بسؤالها وهو يجيبها قائلا:
أيوة كنت عارف.. صارحتنى بالكلام ده لما طلبت منها الجواز.
نظرت إليه تمارا فى حيرة قائلة:
وانت وافقت؟وكملت معاها؟

ابتسم فى مرارة قائلا:
كان عندنا إيلين.. وكان عندى هي.. طفلتى وحبيبتى وكل حياتى.. هيفرقوا فى ايه الأطفال .. هيفرق إيه وجودهم من عدمه لو كان بينى وبين مراتى حب حقيقى؟.. ياما ناس خلفت بس مكنش بينهم حب وياما ناس خلفت وأطفالهم كبروا وبقوا أكبر أنين فى حياتهم.. أنا اتعودت أرضى بقضاء ربنا وأتأكد ان كل شئ بيدهولى هو خير من عنده.. وبستغرب نفسى باللى عملته معاكى.. لإنى كدة اعترضت على مشيئته ودى حاجة كانت بعيدة عنى أوى.

قالت فى تعاطف:
معلش غصب عنك.. وربنا رءوف رحيم..  هيغفرلك.. وزي ما انت قلت أكيد فيه حكمة للى حصل..  بكرة هنعرفها.

نظر إليها بحيرة.. أشعرته كلماتها براحة شديدة.. لم يشعر بها منذ سنوات.. شعر أنه ينجذب إلى تلك الشخصية الهادئة والقوية.. التى تحملت آلاما هائلة تفوق الوصف ومازالت صامدة.. لينفض أفكاره بسرعة وهو يشعر بالاضطراب.. ليقف فجأة وسط دهشة تمارا وهو يقول:
أنا.. انا اتأخرت على أول عملية .. هسيبك دلوقتى ترتاحى وهجيلك بعدين.

أومأت برأسها فى حيرة.. ليغادر بسرعة ولكن صوتها الرقيق استوقفه وهي تنادى بإسمه ليلتفت إليها بهدوء فشعر بالارتباك على ملامحها وهي تقول:
ممكن من فضلك.. يعنى لو تشغلى التليفزيون قبل ما تمشى.. أنا الصراحة حاولت بس معرفتش.

قال بهدوء:
آه طبعا ثوانى.
ليذهب إلى جهاز التليفزيون ويشغله لها .. قبل أن يتجه إليها مانحا إياها جهاز التحكم وهو يقول:
اتفضلى.. حاجة تانية؟
تلامست أصابعهم لتضطرب تمارا على الفور بينما أبعد ريان يده عنها بسرعة .. قائلا:
انا آسف.

ابتلعت تمارا ريقها وهي تقول بهدوء:
محصلش حاجة.
تأملها للحظات.. ثم التفت مغادرا.. تتبعه عيناها لتقول فى أسى:
عارفة انك بتتعذب.. وبتمنى أريحك من عذابك وأقولك رجعلى ملامحى من تانى .. بس مع الأسف مش قادرة.. هحتاج ملامح حبيبتك عشان أعرف أنتقم من اللى ظلمونى .. هانت وهخرج من هنا.. وساعتها هترتاح منى خالص ياريان.

قالت سهام هامسة:
مالك بس يابنتى.. معقولة الحمل يعمل فيكى ده كله؟
قالت ميار بهمس مماثل:
مالى بس ياماما؟.. ما أنا زي الفل اهو.
قالت سهام:
فل إيه ياميار.. ده انتى وشك أصفر وخاسة وعينيكى دبلانة.. أنا هاخدك بكرة للدكتور يطمنا عليكى.

رنت ميار بعينيها..  تسترق النظر إلى زوجها بسرعة لتجده مازال يتحدث مع أباها فى أمور الشركة..  ومنغمسا كلية فى الحديث لتعود بنظراتها إلى والدتها قائلة:
دكتور إيه بس؟انا كويسة زي ما قلتلك.. الموضوع كله قلة نوم مش أكتر.. عشان خاطرى ياماما متجيبيش سيرة الدكتور أدام وليد.. وليد أصلا من ساعة ما عرف وهو مش سايبلى فرصة أتنفس .. متعمليش ده..  ومتشيليش ده واشربى ده وكلى ده.. لما اتخنقت.

نظرت إليها سهام فى حيرة قائلة:
طب ما هو كويس أهو وآخد باله منك.. تتخنقى ليه بقى ياميار.. حد يتخنق برده من الاهتمام؟

رمقت ميار وليد ليقول قلبها بسخرية...
اهتمام؟ .. عن أي اهتمام تتحدثين ياأمى؟ان كان يهتم بأحد فهو ذلك الطفل الذى ينتظره بفارغ الصبر.. والذى منذ ان علم بأنه فى الطريق وأصبح يعاملنى معاملة خاصة .. لقد كدت أن أطير من السعادة ظنا منى أنه اهتماما خاصا بى،لأسمعه يتحدث فى مرة مع والدته وأدرك أن كل ما يهمه هو هذا الطفل ولأذهب أنا إلى الجحيم..

ماذا أقول لكى ياأمى؟ أننى سمعته وهو يعاتب أمه على جعله يترك محبوبته التى لم ولن يسكن أحد سواها قلبه.. وأنها كان من الممكن أن يكون لديها الآن حفيد بالفعل لولا تخليه عنها.. أأخبرك أننى لم أعد أرى النوم إلا لماما.. ولم تعد عيناي قادرة على سكب الدموع بعد أن ذرفت فى تلك الليلة كل دموعها.. أأخبرك أننى فقدت الرغبة فى الحياة ولولا ذلك الطفل بداخلى ما عشت فى تلك الدنيا لحظة واحدة؟.. عن أي شئ ياأمى أخبرك؟..

أأعاتبكم لأنكم جعلتمونى بلا قيمة عند زوجى عندما أجبرتموه جميعا على الزواج بى كما اخبر والدته.. أم أعاتبكم على حياتى التى ضاعت منى؟ .. تلك الحياة التى تقيدنى وتزهق أنفاسي.. ومع الأسف مضطرة ان أعيشها لكي أربى ولدى بين أبويه.. لا.. لن اخبركى بأي شئ... فقط سأصمت وأخبئ أحزانى كما اعتدت مرارا وتكرارا.. سأعيش ياأمى من أجل طفلى وكفى.

أفاقت من أفكارها على صوت والدتها التى قالت بحيرة:
ميار .. روحتى فين؟
التفتت إليها ميار قائلة فى سخرية مريرة:
أنا هنا ياماما.. هروح فين يعنى؟

رن هاتف ريان ليبتسم وهو يرى رقم المنزل فى مرسى مطروح ويدرك أن محدثته هي إيلين ليجيب هاتفه قائلا:
حبيبة بابى .. وحشتينى.
قالت دادة حليمة فى قلق:
انا مش إيلين ياسعادة البيه.. أنا حليمة.

انتقل قلقها على الفور إلى ريان ليقول متوجسا:
خير يادادة حليمة.. إيلين فين؟
ابتلعت حليمة ريقها وهي تقول:
ايلين وقعت من على المرجيحة واتخبطت فى راسها واحنا دلوقتى فى المستشفى.

اعتصر ريان سماعة هاتفه وهو يقول فى خوف:
وهي عاملة إيه دلوقتى يادادة؟.. طمنينى عليها بسرعة.
قالت حليمة:
هي دلوقتى جوة مع الدكتور فى أوضة العمليات يابيه..

كان ريان قد أخذ مفاتيحه وهو يركض باتجاه سيارته عندما سمع كلمات حليمة ليتوقف قائلة بجزع:
عمليات.. حليمة.. قوليلى بأمانة.. حالتها إيه؟فيه خطر على حياتها؟
قالت حليمة:
لأ يابيه اطمن.. الدكتور بيقول بسيطة.. بس انت عارف انها لما هتخرج من العمليات وتفوق هتفضل تعيط وتطلبك.

كان ريان قد عاود الركض ليدلف إلى سيارته منطلقا بها وهو يقول:
مسافة السكة يادادة انا فى الطريق دلوقتى.. هاخد أول طيارة على مرسى مطروح.
قالت حليمة بارتياح:
مستنيينك ياسعادة البيه.. توصل بالسلامة.

اغلق ريان الهاتف والقاه بجواره وهو يسرع بسيارته باتجاه المطار وكل تفكيره فى إيلين.. يقاوم أفكاره السوداء عن امكانية فقدها تماما كما فقد أمها.. وهو بعيدا عنها.. ليلعن غباؤه الذى لم يجعله يسافر لها البارحة.. فربما لو كان معها ما حدث لها كل ذلك.. نعم انه وحده الملام ... ولا أحد غيره.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة