قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

قال علاء بابتسامة ناعمة:
يانوجا ياحبيبتى افهمينى.. ماما مش عايزة تشوفك قبل ما أخطبك عشان تشوف هتعجبيها ولا لأ.. كفاية أوى انك عاجبة ابنها وابنها هيموت عليكى.

ابتسمت نجوى وعلت وجهها حمرة الخجل ولكنها ما لبثت أن قالت فى حيرة:
ولما أنا عاجباك ياعلاء.. مامتك عايزة تشوفنى ليه قبل ما تكلموا أخويا وتيجوا تتقدمولى.
تراجع علاء بظهره فى مقعده وهو يقول:
انتى عارفة ظروفى يانجوى.. وماما حابة انها تتأكد إذا كنتى موافقة عليها وراضية قبل ما نتقدم بشكل رسمى.

أسرعت نجوى تقول:
أنا موافقة.. موافقة ياعلاء.. ومقدرة ظروفك.. أنا آكلها معاك بدقة بس أهم حاجة نكون مع بعض.
ابتسم علاء قائلا:
أد كدة بتحبينى يانوجا؟
نظرت إليه فى خجل قائلة:
وأكتر والله.. أنا بحبك أوى ياعلاء.
أمسك بيدها قائلا:
وأنا كمان بحبك أوى ياحبيبتى وبستنى اليوم اللى هيجمعنى أنا وانتى فيه بيتنا الصغير بفارغ الصبر.

أطرقت برأسها فى خجل ليبتسم علاء ابتسامة ساخرة اختفت على الفور عندما رفعت إليه عينيها قائلة:
خلاص ياعلاء أنا موافقة أقابل مامتك.. حدد الميعاد وأنا هاجى علطول.
ابتسم علاء فى داخله ابتسامة منتصر وهو يقول:
بكرة علطول يانوجا.. خير البر عاجله.
أومأت برأسها قائلة:
ماشى ياعلاء.. هقوم بقى أمشى عشان اتأخرت.. خلى بالك من نفسك ياحبيبى.

قال علاء بابتسامة:
وانتى كمان ياحبيبتى.. خلى بالك من نفسك.. هتوحشينى لحد بكرة.
ابتسمت فى خجل وهي تنهض مبتعدة عنه بهدوء.. يتابعها بعيونه متأملا جسدها بوقاحة قبل أن يقول فى سخرية:
بكرة كل الملبن ده هيكون بين إيدية..  هتكونى لية يانوجا.. آل جواز آل.. هو أنا بتاع الكلام الفاضى ده؟

تأمل ريان جميلته الصغيرة والقابعة فى أحضانه.. قلبه يشتعل من القلق عليها رغم كلمات الطبيب الخاص بحالتها والتى طمأنته عليها، ورغم رؤيته لها بنفسه.. ولكن يظل هاجسه الدائم بأنه سيفقدها كما فقد والدتها مسيطرا عليه.. ابتسم وهو يتذكر عندما فتحت عينيها ووجدته بجوارها متجهما وهو يشعر بالخوف عليها يسيطر على أركان قلبه.. وكيف ذكرته بوالدتها حين رفعت يدها بابتسامة ورسمت دائرة وشفاه مبتسمة.. تخبره بتلك الحركة أن يمحى تلك الملامح المتجهمة ويرسم على وجهه ابتسامة جميلة للحياة فهي أقصر من أن نعيشها فى كمد كما كانت تقول له حبيبته غزل.. ليجد ابتسامة حانية تشق طريقها إلى وجهه...

لقد أدرك أنه لن يستطيع أن يتركها فى مرسى مطروح بعد ذلك الحادث وأنه سيحضرها معه لتكون قريبة منه فى كل لحظة بعد شعوره القاتل بأنه كان على وشك فقدانها للأبد.. لذا ها هي ذى معه على متن تلك الطائرة الخاصة والتى أجرها خصيصا لانتقالهما للمدينة.. مجازفا بتعرف أهل زوجته على مكانهما والوصول إليه بعد أن علم من مصدر موثوق منه أنهم اكتشفوا وجودهما بالقاهرة..

إنها مجازفة كبيرة ومعضلة أكبر يجب أن يجد لها حلا.. وسيجده باذن الله ولكن عليه الآن الإكتفاء بقربها حتى وان كان فى ذلك خطرا على كليهما.. بل خطرا على ثلاثتهما.. فهو أيضا لن يستطيع البعد عن غزله.. تمارا.. أيا كان الإسم.. حتى وان أدرك أن وجوده إلى جوارها هو خطر كبير أيضا على قلبه.. فيبدو أن قدره أن يعيش فى جوف الخطر.. فمرحبا به ان كان معناه أن يشعر بكل تلك السعادة فقط لكون غزل.. تمارا.. إيلين.. فى حياته.

دلف كمال إلى المنزل بملامح حزينة.. لتشعر علياء بالتوجس وهي تتبادل مع نجوى نظرة سريعة ثم تنهض لتستقبل زوجها قائلة فى قلق:
كمال.. خير.. مالك؟
نظر إلى علياء ونجوى قائلا فى حزن:
خالتكم عايدة.. ماتت النهاردة.

كتمت علياء شهقة انطلقت منها.. بينما ظهر الحزن على ملامح شقيقته.. قالت علياء بأسى:
ربنا يرحمك ياخالتى.. ويصبر نبيلة على فراقك.. ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة ويدخلك فسيح جناته يارب.
قال كمال بحزن:
آمين يارب.

ليصمت لثانية قبل أن يستطرد قائلا:
حضروا شنطكم عشان هنسافر الفيوم حالا.. انتوا عارفين ان نبيلة ملهاش حد غيرنا.. هندفن خالتكم ونحضر العزا ولو حبت نبيلة تيجى معانا القاهرة هنجيبها..

قالت علياء بسرعة:
آه طبعا ياأخويا.. واجب ولازم نعمله..
لتلتفت إلى نجوى التى ظلت صامتة وظهر على ملامحها الإحباط قائلة:
مش كدة يانجوى؟
خرجت نجوى من شرودها وهي تقول:
ها.. آه طبعا واجب.

تفحص كمال ملامحها قائلا:
مالك يانجوى؟فيكى إيه؟
أسرعت نجوى تقول متلعثمة:
مفييش حاجة ياأخويا.. أنا بس زعلانة على خالتك.. كان نفسى بس أشوفها قبل ما تموت.

تنهد كمال قائلا:
وأنا كمان.. يلا قدر ربنا ونفذ.. قوموا بسرعة حضروا الشنط على ما آخد حمام وأتصل بالعربية اللى هتاخدنا على هناك.

أومأوا برءوسهما وهما يتجهان إلى حجراتهما.. بينما قال كمال فى حزن:
ربنا يرحمك ياخالتى.. ويصبرنا على فراقك يارب.

قالت صافى فى ملل:
يوووه بقى ياعزت.. أنا مليت على فكرة.. مش عايزنى أخرج لوحدى ومش عايز تخرج معايا وأنا متعودتش على الخنقة دى.. أنا قربت أطق.. دى عيشة تقصر العمر.

قال عزت باستنكار:
دلوقتى العيشة معايا بقت تقصر العمر.. اتغيرتى أوى ياصافى.. ومبقتش أعجبك زي الأول.

رمقته صافى بضجر قائلة:
مش أنا اللى اتغيرت ياعزت.. انت اللى اتغيرت ومبقتش لطيف وحبوب زي الأول.. وأنا بجد مليت.. ولو فضلت بالشكل ده.. يبقى نتطلق أحسن.

اقترب منها عزت وهو يمسك ذراعها بقوة قائلا فى غضب:
بتقولى إيه ياماما؟.. سمعينى كدة تانى.. طلاق إيه اللى بتتكلمى عنه.. انتى نسيتى نفسك ولا إيه.. ده انتى أكبر منى ب ١٥ سنة.. عارفة يعنى ايه ١٥ سنة؟ولا انتى مش حاسة بالفرق؟

قالت صافى بألم:
سيب إيدى.. انت نسيت نفسك ولا إيه؟طب اتجوزتنى ليه وانت عارف فرق السن اللى بينا.. مش عشان كل حاجة بتمن ياعزت..  وأنا دفعت تمنك كويس أوى.. حولتك من عزت..  حتة الويتر الغلبان واللى بيشتغل فى فندق خمس نجوم..  لعزت بيه اللى بيتعمله دلوقتى ألف حساب.. دخلتك وسط عمرك ما كنت تحلم تدخله.

زاد عزت من ضغط يده على ذراعها ليظهر الألم على ملامحها بينما تنافرت عروق عزت وهو يقول:
وسط (******).. وكل اللى فيه (******).. ياريتنى ما دخلته ولا عرفته ولا عرفتك انتى كمان.. انتى حولتينى من راجل تتمناه أي واحدة لجوز الست.. وكل ده عشان إيه.. الفلوس؟ملعون أبو الفلوس اللى حوجتنى لأمثالك ياصافى.

قالت صافى فى حدة ممزوجة بألم ذراعها:
احنا فيها.. نطلق ياعزت.
قال عزت بحدة:
مش بمزاجك ياصافى.. بمزاجى أنا ووقت ما أحب أنا هرميكى.. مفهوم؟
ليلقيها على السرير بعنف قبل أن يغادر الحجرة مغلقا بابها بالمفتاح لتجرى صافى وتطرق الباب بقوة قائلة برجاء:
افتح ياعزت.. افتح الباب متبقاش مجنون.

لم تسمع لصدى كلماتها أي صوت لتنظر إلى محيطها بغضب أشعل كيانها.. ذهبت بخطوات سريعة إلى حقيبتها الموضوعة على التسريحة تخرج هاتفها لتجده فارغا.. ليشتعل الغضب فى قلبها أكثر.. وتلقيه على الأرض بعنف ليتحطم إلى أشلاء.. أزاحت كل شئ على التسريحة بقوة ليتحطم كل شئ تطاله يدها ففى تلك اللحظة تشعر لأول مرة بالندم لزواجها من ذلك المدعو.. عزت.

اطمأن ريان على صغيرته التى تنام كالملائكة فى تلك الحجرة التى أعدها لها فى مستشفاه.. دثرها بحنان طابعا قبلة على جبهتها ثم غادر الحجرة مغلقها خلفه بهدوء.. نظر إلى تلك الحجرة بجوار حجرة صغيرته يقاوم رغبة هائلة فى زيارة صاحبتها التى إشتاق إليها كثيرا.. لقد مر يومان على فراقهما.. فلما يشعر بأنهما أكثر من ذلك؟.. ولما يجتاحه الشوق لرؤيتها..

ذلك الشوق الذى يعصف بكيانه ويقلق راحته وكأن رؤيتها أصبحت بالنسبة إليه واحة للراحة.. وكأنها أصبحت كأنفاسه تماما.. لايمكن الإستغناء عنها أبدا.. تردد للحظات فالوقت متأخر جدا.. ولابد أنها نائمة الآن.. لم يستطع أن يمنع نفسه من الاقتراب من باب حجرتها.. سيطل عليها فقط.. سيراها من بعيد.. اقترب من باب الحجرة وأمسك مقبضها يفتحه ببطئ شديد.. دلف إلى الحجرة ليفاجئ بها جالسة فى سريرها تستند كعادتها إلى وسادتها ويبدو أنها تتابع التلفاز.. ما إن رأته حتى شعت الفرحة فى ملامحها وهي تنطق إسمه بلهفة قائلة:
دكتور ريان.

لا يدرى لما ازدادت دقات قلبه حتى أنه كاد يقسم أنه يسمعها بوضوح.. هل هي نظرتها أم نبرتها الملهوفة والناطقة بإسمه.. أم هي رؤيتها بشكل عام؟.. خاصة وهو يشعر بالشوق يهز جنبات قلبه، للمرة المائة يلوم نفسه على تغيير ملامحها لغزله.. فها هو يسقط بسرعة فى بحر متلاطم الأمواج.. عميق لا قرار له.. تملؤه دوامات عديدة، لا يدرك إلى أين سيصل به.. يعلم أنه سينتهى به الأمر غريقا ولكنه لا يريد المقاومة.. فقط يريد الغرق وليحدث ما يحدث.. فلا يهمه أي شئ الآن سوى وجوده إلى جوارها.

اقترب منها بهدوء يتأمل ملامحها الجميلة قائلا:
انتى لسة صاحية لحد دلوقتى؟
سؤالها التالى هزه من الأعماق وهي تقول فى لهفة:
كنت فين المدة اللى فاتت دى كلها؟
نظر إلى ملامحها فى حيرة.. يتساءل فى نفسه.. هل افتقدته مثلما افتقدها.. هل تلك اللهفة فى كلماتها حقيقية أم أنه فقط يتوهم ذلك؟

أفاق على صوتها وهي تقول فى حيرة:
دكتور ريان.
جلس بجوارها قائلا بابتسامة هادئة:
ريان بس.
تأملت ملامحه الشاحبة بقلق وهي تقول:
انت كويس؟
أومأ برأسه دون كلمة لتستطرد قائلة:
طب كنت فين.. زهقت منى؟

مد يده يربت على يدها مطمئنا وهو يقول:
إيه الكلام العبيط ده بس؟
توترت من لمسته وانتفضت ليشعر هو بتوترها ويبعد يده على الفور.. وهو يقول بسرعة:
أنا كنت عند إيللى.
ابتلعت ريقها بصعوبة ثم قالت فى عتاب:
ومقلتليش ليه قبل ما تسافر؟.. انا افتكرت إنك مبقتش حابب تشوفنى وإنك اتخليت عنى.. قصدى عن حالتى.

أدرك من تعلقها بنظراته وكلماتها ونبراتها أنها وجدت فيه ملجأ.. أمان افتقدته فى حياتها.. ليبتسم بهدوء قائلا:
أنا مش ممكن أتخلى عنك أبدا.

نظرت إلى عينيه بنظرة نفذت إلى أعماقه.. امتزج فيها الامتنان برقة متناهية والأدهى أن تلك النظرة قبعت فى عيون محبوبته..  ليشعر مجددا بالغرق.. أشاح بوجهه عن عينيها وهو يقول:
هما بس إتصلوا بية وقالولى إن إيللى حصلها حادثة بسيطة فطبعا اضطريت أسافر بسرعة ومبلغتش حد..

قالت تمارا فى لهفة و قلق:
وهي عاملة إيه دلوقتى وإزاي تسيبها هناك وتيجى المستشفى؟
رفع عيونه إليها وهو يلاحظ نبرة القلق والعتاب فى صوتها.. ويدرك كم هو رقيق ذلك القلب النابض فى صدرها ليبتسم قائلا:
أنا مسبتهاش.. جبتها معايا وقاعدة فى الأوضة اللى جنبك.

شعر ريان بالإرتياح يظهر على ملامحها ثم الضيق ليقول بحيرة:
مالك يا تمارا.. فيكى إيه؟
نظرت إليه فى حزن قائلة:
كان نفسى أشوفها بس خايفة تشوف ملامحى وتفتكرنى مامتها..

أومأ ريان برأسه فى تفهم ثم نهض قائلا:
فى يوم تانى هخليكى تشوفيها وهي نايمة.. او تبصى عليها من بعيد.. دلوقتى إرتاحى ونامى عشان الوقت اتأخر.. تصبحى على خير.
ابتسمت قائلة:
تلاقى الخير.

أمسك ريان جهاز التحكم وأغلق التلفاز.. وهو يراها تتمدد فى سريرها وتغلق عينيها لتذهب فى سبات عميق على الفور.. وكأنها كانت تنتظر رؤيته فقط لتنام قريرة العين.. ابتسم بحنان وأمسك الغطاء يدثرها به جيدا قبل أن يغادر الحجرة ولكنه مالبث أن توقف وهو يلقى نظرة أخيرة عليها.. ليبتسم مجددا.. ثم يخرج مغلقا الباب خلفه فى هدوء.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة