قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الخامس عشر

طرق ريان الباب بهدوء ثم دلف إلى الحجرة ليقف متجمدا يرى حبيبته غزل تنام فى السرير محتضنة صغيرته إيلين.. إنها هي.. هي بنفسها.. نفس الطريقة التى تنام بها غزل محتضنة ابنتهما عندما كانت على قيد الحياة.. تصنع من يدها وسادة لرأس إيلين وهي تضم إليها ظهر صغيرته تحتويها.. بينما تتخلل بيدها الأخرى أصابع يد إيلين وتضم يدهما سويا الى صدرها فى حنان.. ابتلع ريقه بصعوبة.. قبل ان يتراجع بظهره حتى خرج من الغرفة تماما مغلقا الباب خلفه بهدوء ومستندا برأسه عليه يغمض عينيه بألم.. لا يدرى بأي مصيبة أوقع نفسه فيها.. أفاق من أفكاره على صوت رنين هاتفه ليخرجه من جيبه وينظر إلى شاشته ليجده ذلك الرقم الدولي الخاص بعامر.. أجابه على الفور وهو يتجه إلى الغرفة الخاصة به والذى هجرها منذ دلوف تمارا إلى المستشفى تتبعها إيلين.

قال وليد بحدة:
مش تاخدى بالك ياميار.. كنت هتقعى من على السلم.
لهجته.. أو هي حدة نظراته.. وربما هو شعورها بأنه لايهتم بها بل يهتم بذلك الطفل بداخلها.. كل هؤلاء جعلوها تقول بحدة:
وهتفرق إيه يعنى لما أقع؟

أمسك ذراعها بعنف يقربها منه ثم يميل على وجهها بوجهه تلفحها أنفاسه الغاضبة وهو يقول بصوت حاد النبرات:
لأ.. تفرق كتير ياميار..  وانتى عارفة.
اغروقت عيناها بالدموع وهي تقول بضعف:
عشان البيبى مش كدة؟خايف عليه مش علية..  صح؟خليك شجاع لمرة واحدة وقوللى إن كلامى كله صح..  

ترك ذراعها وهو يقول ببرود:
لو دى الحقيقة هقولها ومش هيهمنى حد وإنتى عارفة.. انا مبخافش من حد.
أمسكت هي ذراعه قائلة بنبرات تحمل أملا:
يعنى انت خايف علية أنا ياوليد؟

رفع يده يمسك يدها الرابضة على ذراعه ليبعدها عنه قائلا بصوت بارد كالثلج:
لأ.. خايف على اللى فى بطنك ولو فى يوم حصله حاجة بسببك او بسبب طيشك وإهمالك.. مش هيكفينى عمرك ياميار.. مفهوم؟

ثم تركها متجها إلى حجرتهما.. لتقف متجمدة فى مكانها تتبعه بعينيها فى صدمة..  لقد اعترف لتوه أنها لا تهمه مطلقا.. اعترف أن كل ما يهمه هو طفله القابع فى رحمها.. وأنها فى حياته مجرد رحم للإيجار.. آداة لإنجاب وريث له.. لتنزل دموعها فى صمت.. تنعى قلب تحطم فى التو...إلى أشلاء.
قال عامر بحدة:
انت بتقول إيه ياريان؟انت أكيد اتجننت.. إزاي تعمل كدة؟
زفر ريان قائلا:
اللى حصل ياعامر.. وأبوس إيدك كفاية اللى أنا فيه.. متزودهاش علية؟

شعر عامر بنبرات صديقه المعذبة ليزفر بدوره قائلا:
طيب خلاص..  مش هعاتبك دلوقتى.. بس لينا كلام بعدين لما أنزل مصر .
قال ريان بيأس:
وانت هتنزل امتى.. انا محتاجلك ياعامر.

قال عامر بهدوء:
متقلقش أنا نازل مصر قريب.. يومين بالكتير وهتلاقينى جنبك ياصاحبى.
أومأ ريان برأسه قائﻻ بإرتياح:
كويس أوى ياعامر.. هستناك.
قال عامر:
مقلتليش ياريان..  رد فعل تمارا إيه على اللى إنت عملته؟

مرر ريان يده فى رأسه بحيرة قائلا:
بصراحة البنت دى شخصيتها محيرانى، قوية وفى نفس الوقت ضعيفة، هادية وتحسها شايلة حاجات كتير.. بس كاتمة جواها، استحملت كتير وآخرهم تحويلى ملامحها لملامح واحدة تانية بنفس راضية ومؤمنة..  حقيقى بنت غريبة.

وصمت ليقول عامر:
طب هي ناوية تعمل إيه؟وانت كمان ناوى على إيه؟
تنهد ريان قائلا:
هقولك ياعامر.. يمكن ألاقيلى حل عندك...هحكيلك على كل حاجة لإنى محتاج أتكلم بجد.

كان ريان متجها إلى حجرة صغيرته ليجد تمارا خارجة منها.. وهى تغلق بابها بحذر.. التفتت لتجد ريان قادما بإتجاهها لتشير إليه بالصمت ثم الدلوف للحجرة المجاورة والتى اعتادت أن تكون لها.. أومأ برأسه وهو يتبعها بعد أن دلفت إلى حجرتها لتقول له فور دخوله الحجرة:
اقفل الباب وراك.

عقد حاجبيه ولكنه نفذ طلبها..  لتقول هي على الفور بصوت منخفض:
هنعمل إيه فى المصيبة دى ياريان؟.. هنفهم إيللى إزاي إنى مش مامتها وإنى واحدة تانية شبه مامتها؟
عقد ريان حاجبيه قائلا:
مش هينفع طبعا.. انتى رديتى عليها على إنك مامتها.. وأنا ما أعترضتش.. وأي إنكار للحقيقة دى مش هيفيد دلوقتى.. لإنها مش هتصدق ولا هتقدر تتقبل فكرة انك واحدة شبه مامتها.. وممكن تنتكس أو يحصلها صدمة عصبية.

اتسعت عينا تمارا فى جزع قائلة:
يعنى إيه الكلام ده؟أنا مفهمتش حاجة.
زفر ريان قائلا:
يعنى لازم تفضلى تلعبى دور مامتها لفترة وبعدين نخترعلك أي سفرية وتخرجى من حياتها تانى زي ما دخلتيها.
اتسعت عيناها بصدمة قائلة:
انت بتقول إيه.. انت عارف كلامك ده معناه إيه؟

أطرق ريان برأسه قائلا:
عارف..  بس هنعمل إيه؟ مضطرين نكمل فى التمثيلية دى للآخر عشان خاطر إيللى.
نظرت إليه تمارا وكأنه مخلوق فضائي.. وهي تقول:
انت بتهزر ياريان صح؟
هز رأسه نفيا قائلا:
لأ.. مبهزرش ياتمارا.

قالت بغضب:
.. انت عايزنى أوافق أمثل إنى مراتك.. واقعد فى بيتك..  فى أوضتك.. وأبقى أم لإيللى؟...ده مستحيل طبعا.. أنا صحيح خسرت كتير بس لايمكن أخسر أكتر من كدة.

تأملها ريان للحظة.. تتنازعه المشاعر.. يدرك انه مقدم على مخاطرة كبيرة للغاية ولكن لابد له من أن يقوم بها.. لا ينكر أن دافعه الأول هي إيلين ولكنه لا يستطيع إنكار أن جزء داخلي منه هو أناني للغاية.. يريدها بجواره بأي شكل.. حتى وإن كانت طيفا من روح محبوبته.. حسم رأيه وهو يقول:
ممكن تهدى شوية وتقعدى وتسمعينى..

نظرت إليه وهي تعقد حاجبيها ليقول بنبرة هادئة:
من فضلك.. إهدى وإسمعينى.
ربما هي نبرته التى لطالما حملت إلى روحها هدوءا وسلاما.. أو هي نظرته التى بثت فى روحها الطمأنينة.. لا تدرى أيهما جعلها تنصاع لأمره لتجلس على السرير قائلة:
اتفضل اتكلم.. أنا سامعاك.

أخذ نفسا عميقا قبل ان يقول وهو يتجه إليها بخطوات ثابتة:
مينفعش ننكر ان احنا الإتنين محتاجين بعض.. أنا محتاجك معايا عشان خاطر إيللى.. وانتى محتاجانى معاكى فى انتقامك.. ومتقدريش تنكرى برده إنى ممكن أساعدك واكون ليكى سند فى مشوارك عشان تخرجى منه بأقل الخساير.. وعشان كدة لازم تقبلى بعرضى.

رمقته بهدوء ودون أن تنطق بكلمة مما أثار حيرته وإرتباكه.. قال يستحثها على الكلام:
ها.. قلتى إيه ياتمارا؟
قالت ببرود:
قلت إيه فى إيه ياريان؟انت عايزنى فى مقابل إنك تساعدنى فى إنتقامى.. أقدملك روحى واللى فاضل من سمعتى تمرمغهم فى التراب؟ياخسارة ياريان.. أنا كنت فاكراك غيرهم.

لتنهض متجهة إلى الخارج بعصبية مارة بجواره لتتوقف فجأة ويده تمتد توقفها وهو يمسك بذراعها.. لتنظر إلى يده الممسكة بذراعها ثم تنظر إليه بجمود قائلة:
سيب إيدى ياريان.
رغم جمود ملامحها إلا أنه شعر بها ترتجف بشدة تحت يديه.. ليترك ذراعها على الفور قائلا بهدوء:
انتى مسمعتنيش للآخر على فكرة.

قالت تمارا بحدة:
لسة هسمع إيه تانى.. ها؟أظن كفاية اوى اللى سمعته منك.
نظر ريان إلى عمق عينيها وهو يقول:
لو كنتى صحيح عرفتينى زي ماقلتيلى قبل كدة.. كنتى هتعرفى إنى مش ممكن كنت هخليكى فى بيتى وفى أوضة نومى من غير رباط رسمى يحكم علاقتنا.

عقدت حاجبيها قائلة:
قصدك إيه؟
قال ريان بحزم:
يعنى أنا هتجوزك ياتمارا.
اتسعت عينا تمارا فى صدمة وهي تردد:
تتجوزنى؟
أومأ برأسه قائلا:
قبل ما تقبلى أو ترفضى لازم تسمعينى كويس.. وتعرفى آخر حاجة انا عرفتها من شوية..

صمت ليأخذ نفسا عميقا قبل أن يستطرد قائلا:
أهل غزل قدروا يوصلولى.. وده معناه إنهم فى أقرب وقت هييجوا البيت عندى وهيسألوا عن غزل ولو قلتلهم مسافرة هيصمموا يتصلوا بيها ويشوفوها وساعتها هيعرفوا الحقيقة وتضيع منى إيلين.. وده مستحيل هيحصل ولو على جثتى.. لو وافقتى؟ هتقابليهم على إنك هي.. وبكدة هقدر أحتفظ بإيللى.. وهتبقى قدمتى لية خدمة العمر.. لكن لو رفضتى هضطر آخد إيللى وأسافر تانى..

يعنى كل شغلى هنا والنجاح اللى حققته هيضيع.. ده غير احتمال انى معرفش أسافر بيها ويكونوا مبلغين عنى أصلا.. وبرده كدة هتضيع منى إيلين.. أنا بطلب منك تكونى زوجتى أدام الناس..  أدام أهل غزل.. أدام إيلين.. لكن بينى وبينك هنكون اخوات وده وعد منى.. وفى المقابل هنتقم معاكى من اللى ظلموكى وغدروا بيكى.. هساعدك بفلوسى وبمجهودى وبمعارفى ووقتى وكل حاجة هتحتاجيها هوفرهالك.. ده غير إن لما مهمتنا تخلص.. هيكون معاكى ورقة طلاق عشان لو حبيتى...

ليشعر بغصة شديدة فى قلبه وهو يستطرد كلماته التالية قائلا:
يعنى مثلا.. لو حبيبتى تبدأى حياتك من جديد مع حد تانى .

أطرقت تمارا برأسها تفكر فى كلماته.. تشعر بالخوف على إيلين ومستقبلها ان وقعت بين أيدى أهل غزل..  إلى جانب خوفها أن يؤثر ذلك على ريان تأثيرا قاتلا.. كما تخشى أيضا الوقوف أمام كل من غدر بها بمفردها فيتكاتلون عليها مجددا..  ولكن بمساعدة ريان فسيغدوا الأمر يسيرا.. اما بالنسبة لورقة طلاقها فبالتأكيد ستفيدها فى حياتها القادمة.. حتى وان كانت لا تفكر فى الزواج مرة ثانية.. مطلقا.

لترفع وجهها إليه تومئ برأسها قائلة:
أنا موافقة.
ليزفر ريان بارتياح ولكنه عاد ليعقد حاجبيه من جديد وهي تقول:
بس بشرط.

نظر إليها متسائلا لتقول بهدوء:
أنا هكون معاك لغاية ما تطمن على إيلين وتبعد عنها أهل غزل.. وده طبعا معناه انك هتعرفنى كل كبيرة وصغيرة عنها عشان يفتكروا إنى هي.. أما بالنسبة لإنتقامى فحتى لو ابتديته معايا مش هتكمله للنهاية.. ده تارى أنا وأنا اللى هاخده.. قلت إيه؟

نظر إليها للحظات ثم أومأ برأسه وقلبه يمتلئ إعجابا بجسارتها.. يدرك الآن وبكل قوة اختلافها عن محبوبته غزل فغزل كانت رقيقة ضعيفة لا تقوى على مواجهة كل ما مرت به تمارا.. ولم تكن لتواجهه ببسالة مثلها..  لم تكن لتفعل ذلك أبدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة