قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثالث والعشرون

استيقظ وليد على صوت رنين هاتفه.. عقد حاجبيه وهو يتأمل الفراش الخالى بجواره ثم مد يده يمسك هاتفه ليرى رقم عزت.. إزداد إنعقاد حاجبيه وهو يعتدل مجيبا إياه قائلا:
آلو.
قال عزت بسرعة:
وليد.. أناعايز مكان أستخبى فيه وبسرعة.
قال وليد بقلق:
تستخبى من إيه بس.. فيه إيه ياعزت؟
قال عزت بضيق:
قتلت صافى ياوليد.
قال وليد بدهشة:
قتلتها.
قال عزت بإرتباك:
أيوة.. أصلها.. يعنى.. خانتنى.
قال وليد فى صرامة:
يبقى تستاهل الموت.. إطلع ع الشقة إياها.. الشقة فى مكان متطرف وسكان العمارة أغلبهم مسافرين والباقى فى حالهم.. إستنانى هناك.. وأنا جايلك علطول.
قال عزت:
تمام.. هستناك.. متتأخرش ياوليد.
قال وليد بهدوء:
مش هتأخر..
ثم أغلق الهاتف وهو ينهض من سريره باحثا عن ميار فى الحمام...فلم يجد لها أثرا.

ناولت ميار الأوراق إلى تمارا قائلة:
الورق أهو ياغزل.
تناولت تمارا منها الورق وعيونها تلمع بالسعادة لتقول بإمتنان:
أنا مش عارفة أشكرك إزاي ياميار؟.. إنتى قدمتيلى خدمة العمر.
أطرقت ميار برأسها قائلة بإنكسار:
متشكرنيش ياغزل.. أنا كنت أنانية وجبانة وفكرت فى نفسى لما رفضت.. بس ربنا أراد يعاقبنى على وقوفى فى صف الظالم بسكوتى وخضوعى.. ولولا كدة مكنتيش هتلاقينى أدامك النهاردة.. الساكت عن الحق شيطان أخرس ياغزل.

تأملتها تمارا بحزن وقد أدركت فجأة مصابها.. لتنفض ذلك الحزن وهي ترى ريان يدلف إلى الحديقة.. مقتربا منهما.. ليبتسم لها تلقائيا فترد له إبتسامته العذبة بإبتسامة شبيهة لها.. قال بهدوء:
صباح الخير.
قالت تمارا:
صباح النور.
قال ريان:
منورانا يامدام ميار.
قالت ميار:
ميرسيه يادكتور ريان..
ثم نهضت قائلة:
أنا.. مضطرة أمشى.. عن إذنكم.
قالت تمارا بقلق:
تمشى تروحى فين؟
قالت ميار:
هرجع بيت أهلى .

قالت تمارا بسرعة:
مينفعش.. بعد ما يكتشف وليد إنك خدتى الورق من خزنته.. حياتك هتكون فى خطر..
قالت ميارفى هدوء وقد أدركت أنها فعلت الشئ الصحيح وهي على استعداد لكل شئ يحدث لها:
متقلقوش علية.. لو حاول يعمل حاجة معايا أهلى هيحمونى منه.
هزت تمارا رأسها قائلة:
محدش هيقدر يحميكى منه لغاية ما يتحط فى السجن ياميار.
عقدت ميار حاجبيها قائلة:
يعنى إيه؟

قالت تمارا:
يعنى انتى لازم تختفى لغاية ما ده يحصل.
عقدت ميار حاجبيها فى حيرة قائلة:
وهروح فين بس؟.. وليد عارف كل مكان ممكن أروحه.. حتى لو استخبيت هنا هيدور علية.. ويلاقينى.
قال ريان الذى كان يتابع حديثهما فى صمت:
بس مش هيدور عليكى فى المنصورة ولا هيتخيل إنك هناك أصلا.
نظرت إليه كل من تمارا وميار فى حيرة ليستطرد قائلا:
عامر ابن عمى ليه بيت فى المنصورة ولو وافقتى تقعدى هناك.. كدة بقيتى فى أمان.

كادت ميار ان تعترض ليقول بسرعة:
عامر بعتبره زيي بالظبط وأكتر.. ولو بتثقى فية يبقى صدقينى هتثقى فيه.
أحس ريان بترددها الذى دام لثوان قبل أن تحسم رأيها وهي تهز رأسها موافقة ليقول بإبتسامة:
كدة تمام.. أنا هروح أكلمه ييجى حالا.
غادر تتابعه عيون الفتيات.. قبل أن تقول تمارا لميار:
تعالى ياميار اقعدى جنبى.

ذهبت ميار وجلست بجوار تمارا بهدوء.. تمد يدها لترفع ياقة فستانها فى حركة لاحظتها تمارا على الفور لتدرك جيدا معناها وتتأكد شكوكها.. شعرت بقلبها يتمزق على تلك الجميلة.. لتقول لها بأسى:
أنا عايزاكى تكونى متأكدة إن أي حاجة مريتى بيها مع وليد.. هتتنسى مع الأيام.. صدقينى.. كل وجعك هيروح وهيفضل منه ذكرى.. هتيجى فى بالك من وقت للتانى.. هتإلمك.. بس مش زي بدايتها.. ومع الأيام برده هتلاقى ان كل اللى مريتى بيه قواكى.. خلاكى واحدة تانية مش أي حاجة تهزها أو تكسرها.. الجرح يبان فى وقته صعب.. صدقينى مع الأيام بيروح وعلامته بتسيب أثر بسيط بيفكرنا بس بيه ياميار.. مش عايزاكى تنسى كلامى ده.

نظرت إليها ميار بحيرة قائلة:
كلامك دايما بيأثر فية ياغزل.. بحسه زي البلسم بيطبطب على جرحى.. بيقوينى.. أنا معرفكيش من زمان بس حقيقى محدش حس بية وفهمنى وريح قلبى أدك انتى.
إبتسمت تمارا وهي تربت على يد ميار بحنان قائلة:
قلتلك قبل كدة الموجوع بيحس بالموجوع اللى زيه.. وهو الوحيد اللى بيقدر يخفف عنه.
عقدت ميار حاجبيها قائلة:
وإيه اللى وجعك ياغزل.
إستندت غزل بظهرها إلى مقعدها قائلة:
متستعجليش.. أكيد فى يوم من الأيام هحكيلك حكايتى.. وصدقينى حكايتى هتصدمك يا ميار.. وهتحسسك إن كل اللى مريتى بيه من وجع ميجيش حاجة فى بحر وجعى.

كان عامر جالسا فى بيته أمام التلفاز.. يتناول فنجال قهوته ليشرد فجأة فى ذكرى تلك العيون التى سرقت قلبه بنظرتها وحرمته النوم.. لينفض أفكاره بقوة وهو يركز فى مشاهدة ذلك البرنامج الذى يتابعه.. لتختفى مجددا صورة البرنامج ويظهر أمامه ذلك المشهد الذى ظل يتكرر ويتكرر مرارا.. مشهد سقوطه وسقوط تلك الجميلة الرقيقة فوقه ثم انفلاجة عينيها التى سحرت لبه.. ليزفر فى ضيق.. وهو يدرك أنه لا يعرف عنها شيئا..

كم تمنى لو سأل ريان عنها فمن الواضح انها كانت فى زيارة لتمارا.. ولكن شيئا ما لايدرى كنهه أوقفه فى اللحظة الأخيرة.. رن هاتفه ليمسكه ويرى إسم المتصل به.. لتنفرج أساريره وهو يرى رقم ريان.. أسرع بالرد قائلا:
متقولش إنى وحشتك.
قال ريان بإبتسامة ظهرت فى صوته:
لا ياخفيف.. هتوحشنى إزاي بس وأنا لسة شايفك إنبارح؟

قال عامر بمزاح:
كدة ياريان.. تكسرلى قلبى.. طب كنت إخدعنى وإكذب علية وقول إنى وحشتك.. آه ياخاين.. ياغدار.. ياقاسى.
تعالت ضحكات ريان لتتسع إبتسامة عامر وهو يسمع ضحكات ابن عمه ورفيق دربه التى لم يسمعها منذ سنوات.. تحديدا منذ وفاة غزل.. ليدرك أن وجود تمارا فى حياته مؤخرا كان له أثرا إيجابيا عليه.. توقف ريان عن الضحك وهو يقول:
كفاية بقى هزار.. عايزك عندى حالا.

اتسمت نبرات ريان بالجدية مما جعل عامر يعتدل بسرعة مدركا خطورة الأمر وهو يقول بحزم:
مسافة السكة.
ليغلق هاتفه وهو يتجه إلى حجرته يستعد للذهاب إلى منزل ريان... على الفور.

كان وليد متجها للخارج حين استوقفه صوت منيرة وهي تقول:
على فين ياوليد؟
إلتفت إليها وليد قائﻻ:
عندى مشوار مهم.
قالت منيرة:
مشوار إيه ده؟
قال وليد بحدة:
مشوار ياماما مشوار.. إيه هو انا لسة عيل صغير هقدملك تقرير بخطواتى.

تجاهلت منيرة نبراته الحادة وهي تقول بهدوء:
ومراتك فين؟
قال وليد بضيق:
معرفش.. انا صحيت ملقيتهاش فى الأوضة.
عقدت منيرة حاجبيها قائلة:
ومش موجودة فى البيت ولا الجنينة.. هتكون راحت فين ع الصبح كدة ومن غير إذن.
أطرق وليد برأسه قائلا:
غالبا راحت على بيت أهلها.
قالت منيرة بتوجس:
ليه ياوليد؟

رفع رأسه ليواجه عينيها قائلا فى برود:
مش اتصلتى بية وقلتيلى تعالى ربي مراتك ورجعلها عقلها لراسها.. أدينى ربيتها.
قالت منيرة بقلق:
عملت إيه ياوليد؟
قال وليد:
خدت حقى الشرعى منها ياماما... بالقوة.
اتسعت عينا منيرة قائلة فى صدمة:
انت إتجننت؟

قال وليد بحدة:
ايوة إتجننت.. إتجننت يوم ما سمعت كلامك واتخليت عن روان.. الإنسانة الوحيدة اللى حبيتنى وحبيتها.. وعشت طول السنين دى بتعذب.. واتجننت يوم ما سمعت كلامك وإتجوزت ميار وانا مبحبهاش.. ولو مش عايزة تشوفى جنانى على أصله ياماما.. سيبينى أمشى دلوقتى وأروح مشوارى عشان أنا على آخرى.
ليبتعد مغادرا تتبعه عينا منيرة فى صدمة.. لتضرب يدا على يد قائلة:
هو لسة فيه جنان أكتر من اللى بتعمله ياوليد؟ربنا يستر.

قال عامر:
والله ياسيدى فهمت.. هاخدها واطلع بيها على بيت المنصورة وهخلى بالى منها وأحطها فى عينى.. لغاية ما تطمنونا ان الزفت جوزها ده بقى فى السجن.. وهي بقت فى أمان.. ساعتها بس هنرجع هنا.. فيه حاجة تانية؟
ابتسم ريان قائلا:
لأ كدة تمام أوى.. انا مش عارف أشكرك إزاي ياعامر ع اللى بتعملوا معايا .
ربت عامر على كتفه قائلا:
برده بتشكرنى؟عيب عليك ياريان.. ده إحنا إخوات ياجدع.
ابتسم ريان وهو يقول:
ربنا يخلينا لبعض.
بادله عامر إبتسامته قائلا:
ياارب.

قال ريان:
طب تعالى بقى اما أعرفك بيها.. بس أوعى تنسى وتنده لتمارا بإسمها.. مدام ميار متعرفش لسة ان تمارا تبقى البنت اللى الكلاب دول...
لم يستطع إكمال عبارته وهو يشعر بقبضة تعصر قلبه ليتفهم عامر مشاعره وهو يربت على كتفه قائلا:
مفهوم.. متقلقش.

نظر إليه ريان بإمتنان ثم غادر يتبعه عامر إلى الحديقة حيث توجد تمارا وصديقتها...التى ما إن رآها حتى وقف متجمدا مكانه لتنهض هي ببطئ وقد إتسعت عيناها بدهشة بدورها.. لينقل ريان وتمارا بصريهما بين هذين الاثنين يدركان أنهما يعرفا بعضهما وأنها ليست المرة الأولى للقاءهما.

تأملت ميار تلك المساحات الخضراء من نافذة سيارة هذا المدعو عامر بشرود.. تفكر فى حكمة القدر الذى جعل بيت هذا الرجل من دون كل الرجال ملجأها.. إنها لم تكن المرة الأولى لها للقاءه ولم تكن الثانية كما يظن هو والجميع.. لقد رأته كثيرا فى أحلامها قبل أن تتزوج وليد.. صور غامضة له لطالما راودت أحلامها.. ظنته وقتها إحدى أبطال تلك القصص التى كانت تقرأها وتجسد فى أحلامها.. تعلقت به كثيرا.. كثيرا جدا.. بحثت عنه فى كل الوجوه حولها فلم تجده..

حتى كان إرتباطها بوليد.. حاولت ان تستبدل وجه ذلك الرجل الغامض فى أحلامها بوجه وليد فلم تستطع.. ظلت صورته تراود أحلامها.. حتى ظنت لفترة انها أصبحت مهووسة به.. لتتزوج وليد.. وتصلى كل ليلة تدعوا ربها فى صلاتها لكي يختفى هذا الفارس من أحلامها.. تستحرم وجوده فى تلك الأحلام وهي على ذمة رجل آخر.. وبالفعل إستجاب الله لدعائها فلم تعد تراه..

لاتنكر انها افتقدت وجوده ولكن كان ذلك أفضل من ان تشعر بانها خائنة حتى وان كان وجوده فقط فى أحلامها.. حتى البارحة.. عندما اصطدمت به.. وتجسد أمامها فجأة.. ظنت انها تحلم مجددا ولكن ملمس جسده الدافئ تحت جسدها دحض هذا الظن لتسرع بالهرب من امامه قبل ان تضعف وتلقى بنفسها بين ذراعيه تبحث بينهما عن امان شعرت به فقط.. معه.. فى أحلامها.. فإذا بها اليوم تلتقى به مجددا ليحميها هو من دون كل أناس الأرض.. فماذا ستفعل؟.. لقد كادت أن ترفض حمايته ولكن بم كانت ستفسر رفضها.. أنها رأته فى احلامها وتعلقت به وتخشى ان تضعف امامه..

كانوا سيظنونها مجنونة.. حسنا.. هي لم تعد تلك الميار التى كانتها لقد صارت أقوى كما قالت لها غزل.. وهي لن تخشى ضعفا ولا استسلاما.. ستتجنبه تماما حتى ينتهى الأمر.. نعم هذا ما سوف تفعله..
...كان عامر شاردا بدوره فى أفكاره حول جميلته التى لم تعد جميلته فهي ملكا لرجل آخر حتى وإن كان نذلا حقيرا.. نعم مشاعره تعلقت بها ولكنه سيوأد تلك المشاعر.. وفقط سيترك رغبته القوية فى حمايتها من أي أذى.. وأي شخص.. حتى لو كان حمايتها من نفسه.. سيفعل.. سيفعل ولو كان الثمن حياته.

أفاق من شروده على تنهيدة إنطلقت من أعماق صدرها.. لتحين منه نظرة إليها يلاحظ تعرق وجهها.. لابد وأنها تشعر بالحرارة الشديدة داخل السيارة ليسرع بفتح مكيف السيارة فى نفس اللحظة التى مدت هي يدها لتفتحه.. فتلامست أيديهما.. انتفضا سويا مبعدين أصابعهما المتلامسة عن بعضهما البعض وتلاقت عيناهما فى تلك اللحظة.. ليشعرا بالغرق.. حرفيا.. كان عامر اول من أفاق من مشاعره وهو يركز على الطريق ثم يعود إليها بعينيه قائلا بهمس:
آسف.

قالت برقة خلبت لبه:
ولا يهمك.
سألها قائلا:
افتحلك التكييف.
قالت بخجل:
ياريت.

مد يده ليفتح مكيف السيارة.. ثم فتح التسجيل ليستمع إلى أي شئ يلهيه عن افكاره التى تدور كلها حول تلك الكائنة الرقيقة بجواره.. ليتهادى إليه صوت كاظم الساهر فى أغنية الحب المستحيل والتى عبرت عن مشاعره بقوة وجعلته يتعمق أكثر فى أحاسيسه التى ستودى به بالتأكيد للغرق..

( أحبك جداً وأعرف أن الطريق الى المستحيل طويل
وأعرف أنك ست النساء.. ست النساء
ست النساء.. وليس لدي بديل
وأعرف أن زمان الحنين أنتهى ومات الكلام الجميل
لست النساء ماذا نقول
أحبك جداً أحبك جداً
أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى وأنت بمنفى.

وبيني وبينك ريح وغيم وبرق ورعد وثلج ونار
وأعرف أن الوصول لعينيك وهم
وأعرف أن الوصول إليك انتحار
ويسعدني ويسعدني
أن أمزق نفسي.. لأجلك.. أيتها الغالية
ولو خيروني..
لكررت حبك.. في المرة الثانية
يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر
أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر
أحبك جداً.. أحبك.. أحبك.

أحبك جداً وأعرف أن الطريق الى المستحيل طويل
أحبك جداً وأعرف أني أسافر في بحر عينيك دون يقين
وأترك عقلي ورائي وأركض
أركض.. أركض خلف جنوني
أيا امرأة.. أيا امرأة.. تمسك القلب بين يديها
سألتك بالله لا تتركيني.

فماذا أكون أنا.. أنا اذا لم تكوني
أحبك جداً وجداً وجداً
وأرفض من نار حبك أن أستقيلا
وهل يستطيع المتيم بالعشق.. أن يستقيلا
وما همني.. ان خرجت من الحب حيا
وما همني.. ان خرجت قتيلا)

قالت تمارا بحيرة وهي تقف امام الدولاب تختار فستانا لترتديه كي تقابل اهل غزل اليوم:
تفتكر يعرفوا بعض؟
قال ريان وهو يفك زرار قميصه الأول قائلا:
معتقدش.. بس أكيد شافوا بعض قبل كدة.. بس فين معرفش.. الغريبة ان محدش فيهم قال إنه يعرف التانى او شافه.
أومأت برأسها.. ثم نظرت إلى الدولاب للحظات قبل ان تزفر قائلة:
مش عارفة ألبس إيه.. بجد محتارة.

اقترب منها ليقف خلفها تماما ملقيا نظرة على محتوى دولابها.. بينما شعرت هي بالحرارة تغزو كيانها ورائحته تتسلل إلى أنفها تسلبها عقلها.. لتغمض عينيها تستمتع بذلك الشعور الذى يمنحها إياه قربه.. تمنت لو تراجعت خطوة واحدة للخلف بل اقل من خطوة لتستند على صدره فيضمها بيديه.. لتشعر برعشة سرت فى جسدها كله وهي تشعر به يميل عليها فأصبح ملاصقا لها تماما.. وهو يأخذ فستانا معلقا من دولابها قائلا:
ده هيبقى حلو أوى عليكى.

إلتفتت إليه فى نفس اللحظة التى إلتفت إليها فيها ليغرق كل منهما فى ملامح الآخر.. إنفرجت شفتيها بإرتعاشة مشاعر جعلت قلبها يدق بعنف.. بينما تعلقت نظراته بشفتيها لتغيم عينيه بالمشاعر ودون إرادة منه وجد نفسه يميل ليقبل تلك الشفاه برقة.. ما ان تلامست شفتيهما حتى ضربهما تيارا كهربيا ليترك ريان الفستان ليقع أرضا وهو يحيطها بيديه يضمها إليه فرفعت يديها بدورها تضمه دون إرادة منها.. تبادله قبلة تعلم الآن انها أرادتها وبكل قوة..

تغمرها أروع المشاعر وهي تشعر بأنفاسها تختلط بأنفاسه.. ليتعمق بقبلته ويديه تجوب على جسدها تثير مشاعرها الكامنة تجاهه لتنتفض فجأة وهي تشعر بيده على جسدها العارى.. وتبتعد كمن لدغتها عقربة.. تنظر إليه بخوف.. ليشعر ريان بالتيه للحظات.. قبل ان يستوعب ما فعله لتتسع عينيه بصدمة وهو يقترب منها لتتراجع خطوة.. فتوقف مكانه متجمدا يدرك بكل الم أنه قد أخافها.. ليقول بصوت تهدج من الندم:
آسف.. بجد سامحينى.. أنا.. أنا.. صدقينى مش عارف عملت كدة إزاي.. أرجوكى سامحينى.

ترقرقت الدموع بعيونها ليغمض عينيه وقد آلمته دموعها ثم يلتفت على الفور مغادرا الحجرة لتجلس تمارا على السرير فلم تعد قدماها قادرتان على حملها.. مدت يد مرتعشة تتلمس بها شفتيها لتنزل يديها ببطئ تضعهما فى حجرها قائلة بألم وقد بدأت دموعها بالهبوط:
أنا اللى آسفة ياريان.. كان نفسى أقابلك من زمان.. من قبل ما أبقى بالشكل ده.. انت الإنسان الوحيد اللى اتمنيت إنه يكون لية وأكون له بجد.. بس مع الأسف قلبك متعلق بغزل وأنا نفسيا مدمرة.. و أمنيتى جت بعد فوات الأوان.

تركت العنان لدموعها حتى أفرغت كل حزنها.. لتحين منها نظرة إلى ذلك الفستان الملقى على الأرض.. نهضت لتمسكه وتضمه إلى صدرها.. تغمض عينيها و تستنشق عبيره الذى مازال عالقا به.. قبل أن تتجه إلى الحمام لتأخذ دوشا.. إستعدادا للقاء ذوي غزل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة