قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل العشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل العشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل العشرون

تقدري تقوليلي انت ليه مش بتدي ادهم ريق حلو؟ يا بنتي لو حد تاني غيره كان زمانه طفش! مش معقول يا تاج طريقتك الناشفة معاه دي! قالت مها التي جاءت لزيارة ريتاج بعد ان فكّت الخياطة وكانت طوال الفترة السابقة تتحاشى الانفراد بأدهم الذي تركها على راحتها الى ان تشفى تماما مما هي فيه وبعد ذلك لكل حادث حديث كما قال لها!

قالت ريتاج بهدوء وهي تجلس امام مها في حديقة المنزل: بصي يا مها انا كدا ودي طبيعتي، وادهم هو اللي خلاّني اتعامل بالطريقة دي معاه، انا ماباجيش بالأوامر، يقنعني اوكِ لكن تعملي كدا علشان كدا يبقى لأ و ألف لأ كمان، انا ليا عقل بفكر بيه وعقلي دا مش ممكن أديه لحد أبداً.

نظرت اليها مها بنصف عيْن وقالت ساخرة: بجد؟ طب عقلك دا يا ام العرِّيف ما قالكيش ان ادهم بيكنّ لك مشاعر معينة؟ وان رجل اعمال زيه عقله يوزن بلد وجامد في تعاملاته بشهادة الكل ومنهم أخته انه مش بيظهر مشاعره مع انه بيكون قلبه على اللي قدامه لكن مش بيظهر كدا الانسان دا لما يظهرلك خوفه عليكي ومش بس خوف لأ. دا هلع.
ادهم يعتبر ساب شغله وقعد الفترة اللي انت كنت تعبانه فيها دي جنبك.

علشان في أي وقت احتاجتيه تلاقيه جنبك دا مايقولش لعقلك الحجر دا حاجه يا أم عقل؟
زفرت ريتاج في ضيق وقالت: انا مش فاهمه لازمته ايه الكلام دا دلوقتي؟ عاوزة توصلي لإيه يا مها بالظبط؟
نظرت اليها مها نظرة مليئة بالقوة وقالت: عاوزة اقولك ان ادهم مش، سامح يا تاج!
شحب وجه ريتاج لدى سماعها اسم سامح واعتدلت في جلستها وقالت بحنق وغضب شديدين: انت ايه اللي خلاّكي جبت اسم الندل دا دلوقتي؟

قالت مها بهدوء: انت قولتيها ندل، علشان مش عاوزة واحد ندل زي دا يخسرك انسان قلبه عليكي وبيكن لك شعور جميل وراجل في نفس الوقت يُعتمد عليه زي ادهم.
قالت ريتاج بحدة: بقولك ايه يا مها انا موضوع الارتباط دا شيلته من دماغي من زمان.
انا كدا، ومسيره ادهم يزهق مني ويشوف واحده تانية.

لا تعلم لما شعرت بألم لدى تخيّلها ارتباط ادهم بغيرها وكأن شئ قويًّا قد آلم قلبها وبعمق، قالت مها وهي تحاول اقناع ريتاج: تاج حبيبتي، انت دلوقتي مقربة على 23 سنة ايام سامح كنت لسه في اولى جامعه يعني 18 سنة يعني فرق تقريبا 5 سنين كان سهل انه يضحك عليكي ويستغل سنك الصغير.

بس الحمدلله انك عرفتيه على حقيقته بسرعه وقدرت تقفي على رجليكي تاني بس انا مش عاوزاه ينجح انه يخليكي شخصية خايفة وشكاكة شخصية من الاخر كدا وماتزعليش مني.
جبانه!
نظرت ريتاج الى مها بدهشة فسارعت مها بالمتابعه: تاج انت عارفة انى معنديش اخوات، انت اغلى من اختي.
مش ممكن اسيبك تضيَّعي احلى سنين عمرك واقف اتفرج عليكي.
انت ربنا بيحبك انه كشف لك سامح دا على حقيقته وبسرعه والمرة دي دا تعويض من ربنا ليكي.

ادهم بجد انسان خسارة انك تفرّطي فيه!
قالت ريتاج بصوت يحمل شيئا من المرارة: علشان كدا لازم يبعد عني يا مها انا ما انفعلوش.
ثم نظرت اليها بنظرة يشوبها الحزن قائلة: مها انا خلاص، بجد ماعدتش اقدر ارتبط تاني.
الحب عندي بأه ضعف.
وانا ما صدقت اقف على رجليَّا من جديد.
الحب اللي يضعفني مش عاوزاه.

انا اكبر ب 5 سنين من المرة اللي فاتت صح بس عارفة المرة دي لو اتخدعت في ادهم هتكون القاضية بالنسبة لي لانه مش هيكون افتتان مراهقة ولا انجذاب بنت طول عمرها اللي حواليها بيعاملوها انها ولد وخبرتها صفر على الشماال فأول ما قابلت اللي يحسسها انها بنت وحلوة ويقولها كلمتين قلبها مال له على طول لدرجه انها اتغيرت 180 درجة وبئيت تلبس علشان تبقى حلوة في عينيه علشان يسمعها كلمتين حلوين ومش بس كدا لأ ضغطت على باباها انه يقبل بيه لما ييجي يخطبها وباباها كان عارف ان الموضوع مش هيمشي بس وافقها علشان يسيبها تخوض التجربة للآخر لانه مهما كان قال عمرها ما كانت هتصدق لغاية ما بنفسها سمعته بيتكلم مع صاحبه انه كسب الرهان وان البنت اللي شافوها اول يوم لها في الكلية وهو كان في البكالوريوس وحاول يكلمها وعاملته جامد البنت دي بئيت زي العجينة في ايده وانه كسب الرّهان، مش بس كدا لأ. دي وريثة باباها الوحيدة يعني مافيش مشكلة انه يتجوزها علشان فلوسها ويعيش حياته بردو هي هتلاقي حد يعبرها فين وهي ناشفة زي الولاد كدا؟

ثم ضحكت ضحكة مليئة بالمرارة وتابعت: عارفة الرهان كان ايه؟ عشوة! الرهان انهم يعشُّوه على حسابهم، وقدرت اقف على رجلي ومشيت في الدور لغاية ما جه يتقدم لي ساعتها رديت له القلم ووقفت كلمته بمنتهى السخرية وقولت له انت فاكر اني هقبل بيك انا ريتاج مراد شاكر اقبل بيك انت!
ساعتها خليته يكره نفسه وعاملته زي الافلام بمنتهى التكبر والبرود والغرور خلِّيته مايسواش مليم في نظر نفسه.

والغريبة انه بعد كدا بابا زعل مني لكن انا فهمته انا عملت كدا ليه مش ريتاج اللي تاخد الألم وتفضل ساكته مابئاش بنت مراد شاكر لو مارديتش الألم في ساعتها وبمنتهى القوة، وتعبت بعدها وقعدت فترة تعبانه بس اللي عملته خلاني احس انى رديت جزء من كرامتي لكن دلوقتي لو حصل أي حاجه وقعتي هتبقى جامده اووي عارفة ليه يا مها؟ و نظرت اليها مها بتساؤل فأكملت: لان ارتباطي بيه مش هيكون ارتباط مراهقة او انجذاب لأ. هيكون ارتباط من جوايا بجد ساعتها ريتاج عمرها ما هتقدر ترجع زي الاول ابدا، صدقيني، انا بكنّ لأدهم كل احترام.

وانا فعلا عاوزاه يختار اللي تناسبه بجد.
انا هعترف لك انا.
جبانه! انا جبانه يا مها مش عاوزة أخوض التجربة تاني، ماعمركيش سمعت عن اللي كان هيغرق مرة فجالو فوبيا من المايه؟ انا كدا تقدري تقولي انه عندي فوبيا من، الحب!
تنهدت مها بصمت وقالت: انا مش هتكلم معاكي دلوقتي بس صدقيني لما اقولك.
تاج اللي انا عارفاها مش جبانه، ومش هتسمح لتجربة بسيطة وواحد خيبان وندل وجبان انه يخليها تبقى خوّافة، انا حاسة بيكي.

وعلشان انت تهميني.
بقولك ماتضيعيش ادهم منك.
ماتخليش واحده زي صافي عامله زي الحداية تنتهز الفرصة وتحاول تخطفه منك.
مع اني متأكده انه مش ادهم اللي أي واحده تأثر عليه!

نظرت اليها ريتاج وهزت رأسها فهي تعلم ان صافي لا تداري مدى رغبتها في الارتباط بأدهم سواء بتلميحات او تصريحات كما دأبت في الآونة الأخيرة كلما صادفتها ان ترمي بكلمات مفادها انها وادهم معروف في العائلة انهما لبعضهما البعض فهى من نفس عمره ولن تتنازل عنه لغيرها ابدا وقد اعتدات ريتاج عند سماع كلماتها ان تقابلها ببسمة ساخرة قائلة: ربنا يهنّي سعيد بسعيدة!

انا عاوزة اعرف الحفلة بعد يومين وانت لغاية دلوقتي ما جهزتيش نفسك ليه؟ ، اجابت ريتاج راندا التي دخلت عليها غرفتها وكانت جالسة على كمبيوترها الشخصي فرفعت نظرها عن حاسوبها الشخصي ونظرت الى راندا وقالت بابتسامة: مش المهم انك انت جهزت نفسك خلاص، قالت راندا وهي تقترب منها وتغلق الحاسوب وتشدها لتقف: لا ماخالصش! انت كمان لازم تشوفي هتلبسي ايه؟

قالت ريتاج قاطبة حاجبيها: يا بنتي دي حفلة في النادي الساعه 4 العصر يعني مش معقول هروح بسواريه! انا هلبس حاجه خفيفة طبعا.
قالت راندا: آه.
قولتيلي.
حاجه خفيفة يبقى الجينز اياه طبعا صح؟
قالت ريتاج بابتسامة: برافو عليكي شاطرة.
قالت راندا وهي تغمض عينيها: ارحمي أمي العيّانه.
قالت ريتاج فاتحة عينيها بدهشة شديدة: راندا! انت ازاي بتقولي كدا! ثم ضحكت قائلة: انا مش مصدقة وداني.

انت راندا اللي لو قولت لها ماشي تقولي ايه ماشي دي تقولي الكلام دا؟!
قالت راندا بتأفف: اعمل لك ايه ما انت تخرجي الواحد عن شعوره والله ببرودك دا.
بصي من الآخر احنا هننزل نشوف حاجه نلبسها وانا مش باخد رأيك لأ. انا بديكي خبر!
ضحكت ريتاج قائلة: الله الله الله.
انا شايفه في تغيير كبير.
ثم اضافت بخبث: خصوصا بعد ما عرفت ِ ان انزار ساب خطيبته!

قطبت راندا قائلة بحنق: ممكن ماتجيبيليش سيرة الموضوع دا تاني تصدقي هو فعلا انذار على رأيك!؟
قالت ريتاج بخبث: يا شيخه عيني في عينك كدا؟ مين اللي جالي من كم يوم بيقولي الحقيني يا تاج سابها يا تاج سابها؟
قالت راندا بنزق: أنا.
بس وايه اللي حصل؟ لسه ابو الهول زي ما هو، ولا نطق ولا لمّح ولا شكله هينطق حتى، تصدقي شكلي كدا اخدت فيه مقلب.

انا ماكنتش بيتهيألي انه هيبقى خوّاف كدا انا قلت انه من النوع اللي لما يحب هيعمل المستحيل علشان حبيبه.
مش هيحسبها 100 مرة، ثم اضافت بمكر: انا كنت فاكراه زي ابيه ادهم كدا.
بس للاسف ماطلعش زيه خاالص.
بجد يابختك يا تاج.
قالت ريتاج بحنق: انا عاوزة اعرف احنا بنتكلم في ايه ولا ايه دلوقتي احنا؟
ثم زفرت قائلة: عموما لو عاوزاني اروح معاكي هروح بس مش هشتري حاجه انا قلت لك من اولها اهو.

قالت راندا: المهم انك تروحي معايا.
ياللا اجهزي علشان نلحق وقتنا وبالمرة هكلم مها اشوفها لو تحب تيجي معانا نعملها خروجة بنات بس...

خرج ثلاثتهم بعد ان استأذنا من كوثر وسعاد ومرا على مها في طريقهما وكانت راندا هي التي تقود العربة، وقد تصاعدت احاديثهم وضحكاتهم في السيارة واخبرت راندا امها ان تبلغ ادهم بخروجهما حيث أنه كان في الشركة ترافقه صافي كالمعتاد.

ابتاعت راندا ومها لوازمهما وذهبا الى تناول الغذاء في مطعم من المطاعم المنتشرة في ذلك المول الكبير بعد ان رفضت ريتاج شراء أي ثياب جديدة لحضور الحفلة فهي لديها ماتحتاج اليه...

اللاه مش دا ادهم اخوكي يا راندا؟ ، نظرت راندا حيث اشارت مها قاطبة حتى تبينت انه ادهم حيث كان يسير وبجواره صافي التي كانت تتكلم معه ثم وقعت انظاره عليهن فشاهدنه يتمتم ببضعة كلمات لصافي قبل ان يسير متجها نحوهن ولحقته صافي التي ظهر تأففها الواضح من طريقة سيرها...

اهلا يا ابيه.
ايه المفاجأة الحلوة دي؟ ، قال ادهم ناظرا الى ريتاج: ابدا كان عندي مقابلة مع عميل للشركة وبما ان صافي مديرة العلاقات العامة فكانت معايا.
يعني تقدري تقولي غذاء عمل.
انتو بأه جايين هنا فسحة ولا علشان حاجه معينة؟
قالت راندا: لا احنا كنا بنشتري شوية حاجات علشان حفلة النادي.

اشار ادهم االى النادل الذي احضر كرسيين وضعهما الى الطاولة فجلس ادهم امام ريتاج بعد ان سحب الكرسي لصافي لتجلس بجواره وقالت راندا باستفهام: هي ماما ماقالتلكش ولا ايه؟ انا قولتلها تقولك.
قال ادهم: لا يمكن تكون اتصلت وانا عامله سايلنت علشان الاجتماع، ثم نظر اليهن وقال: ها اظن انتو اتغديتوا يبقى تشربوا حاجه بأه.
تشربوا ايه؟

قالت راندا: ايوة كدا، نشرب ونحلي كمان طالما على حسابك يا ابيه، ضحك ادهم ثم اشار للنادل الذي اتى لتسجيل طلباتهم ثم انصرف ونظر ادهم الى ريتاج ثم قال: ها واشتريتوا اللي انتو عاوزينه؟
قالت راندا بحماس: اه، استنى لما تشوف اللي احنا اشتريناه يا ابيه هيعجبك اووي، قال ادهم موجها كلامه الى ريتاج: وانت يا ريتاج، لاقيتي اللي انت عاوزاه؟
نظرت اليه ريتاج واجابت في هدوء: لا انا ما اشتريتش.
قطب قائلا: ليه؟

بادرته راندا مجيبة: قال ايه مالوش لزوم عندها كتير.
قالت ريتاج بحنق: راندا، فقال ادهم مستدركا الوضع: اكيد عندك كتير بس االبنات ما بتصدق تخرج علشان تشتري حاجه جديدة دا الشرا دا اكتر حاجه بيعرفوا يعملوها.
قالت ريتاج وهي تنظر اليه: البنات الفاضية اللي مافيش في دماغها غير الشرا وبس.
قالت صافي ساخرة: وانت ايه بنات مليانه؟

نظر اليها ادهم بحدة وقبل ان يتكلم تكلمت ريتاج ببرود واغاظة: اه انا بنات عقلي مليان مش تافهه مافيش في عقلها غير المودة والماكياج وبس!

زفرت صافي بضيق وسارع ادهم لتدارك الموقف قائلا: كلام جميل بس دا ما يمنعش انك تشتري حاجه جديدة علشان الحفلة، نظرت ريتاج اليه بقوة وقالت: انا مش عاوزة اشتري ثم.
مافيش حاجه عجبتني!

نظرت راندا اليها بدهشة بينما كانت مها تتابع بصمت ما يدور امامها على الطاولة وهي تمسك نفسها بصعوبة لئلا تنفجر بالضحك من منظر صافي المحمّر غيظا وكمدا من ريتاج وقالت راندا: بأه مافيش حاجه عجبتك؟ والفستان اللي احنا شوفناه في بيللادونا واتحايلنا عليكي علشان تقيسيه وطلع كأنه معمول علشانك تمام لدرجة ان البنت في المحل كانت هتبوس ايدك علشان تاخديه دا يبقى ايه؟ دا البنت قالت لك بعضمة لسانها هياكل منك حتة!

نظرت ريتاج اليها وقالت بحنق: ياكل حتة.
يشرب بؤ، انا مش مقتنعه بيه!
هنا لم تستطع مها الصمود اكثر من ذلك وانفجرت ضاحكة بينما نظر ادهم مشدوها الى ريتاج قائلا: انت بتجيبي التشبيهات البليغه دي منين؟ انت مافيش حاجه الَّا ولها رد عندك؟!
هزت ريتاج كتفيها باستخفاف قائلة: دي كوميديا الموقف حضرتك.
بتطلع في ساعتها، موهبة بأه من عند ربنا، عندك اعتراض؟
رفع يديه قائلا: اللهم لا اعتراض!

ضحكت راندا في حين غمز لريتاج بمكر قائلا: مش بس انت اللي بتعرفي تردي ها، احمر وجه ريتاج غيظا وسكتت على مضض في حين اتى النادل بطلباتهم فتناولت طبق الآيس كريم التي طلبته وشرعت في تناوله بسرعه وغيظ لتبرّد قليلا من نار غضبها!

انتو جيتوا بعربيتك يا روني؟ سأل ادهم وكانوا قد وصلوا الى موقف السيارات الملحق بالمول ليتوجهوا الى سياراتهم للمغادرة فهزت راندا رأسها علامة الموافقة وكان عقلها مشغولا بفكرة معينة تريد تنفيذها ولكنها حائرة في كيفية التنفيذ حتى طرأت على بالها فجأة فكرة مجنونة فسارعت لتنفيذها حيث امسكت بذراع صافي تسحبها الى الناحية الاخرى وهي تقول: ماتيجي معانا يا صافي لسه عاوزين نروح نتفق مع الكوافيرة علشان شعرنا وانت طبعا استاذة في كدا؟

ترددت صافي في البداية ولكن حبها وولعها بالمظاهر علاوة انها بذهابها معهم لتصفيف شعرها معنى ذلك انها لن تدفع بل ادهم هو من سيقوم بذلك كما انها تستطيع ان تشير عليهم بالذهاب الى اكبر مصففين الشعر ولن يعترضن.
اجابت بحماس: اوك.
ثم قالت ساخرة: ولو ان بيتهيألي ان.
تاج بردو مش هترضى تعمل حاجه.
قالت راندا وهي تحثها على السير: سيبك من تاج دلوقتي احنا هنروح انا وانت ومها بعربيتي وتاج هترجع مع ابيه!

تفاجئت صافي ولكن لم تدع لها راندا المجال للاعتراض واخبرتها ان المصفف الذي ستختاره سيذهبن اليه بدون نقاش وهي تنوي في داخلها ألّا تذهب الى من تختاره صافي ولكنها اتخذت هذا السبب ذريعة تستطيع به ان تترك ريتاج وادهم سويا من دون وجود صافي بينهما!

في حين اندهشت ريتاج من فعل راندا ونظرت الى ادهم الواقف بجانبها يتابع شقيقته وهي شبه ساحبة لصافي بابتسامة على شفتيه وقالت ريتاج حانقة: يعني دلوقتي انا اللي بئيت دقة قديمة وماليش في الحاجات دي وراندا ترميني زي شوال البطاطا وتاخد البرنسيسة صافي علشان هي هيفاء وهبي اللي هتقولها تعمل ايه وانا ايه بأه ان شاء الله؟ كيس جوافه؟

انفجر ادهم ضاحكا بصوت جعل قلب ريتاج يخبط في صدرها وقطبت قلقة من تزايد هذا الاحساس الذي تشعر به كلما تواجدت بجوار ادهم فهي ترفض هذا الشعور وليس لديها مقدرة على خوض تجربة تحتمل الصواب والخطأ لأن الخطأ في هذه الحالة سيتسبب في نهايتها الحتميَّة هي شخصيا!..

قال ادهم ناظرا اليها بمرح: لو جوافه يبقى جوافه بناتي!
ثم امسك بمرفقها حاثّا ايّاها على السير وقال بهدوء بعد ان هدأت ضحكته: انت عارفة راندا بتحبك ازاي وعارفة انها ماتقصدش اللي انت فهمتيه، هيا عاوزة صافي تكون معهم هما من الاخر، فهمت؟

كانا قد وصلا الى السيارة ففتح لها الباب المجاور للسائق فركبت واغلق الباب خلفها ثم استدار راكبا في مكان السائق مغلقا الباب خلفه وادار المحرك فنظرت اليه ريتاج قبل ان يقود السيارة قائلة بتقطيبة خفيفة: وعاوزة صافي تكون معهم ليه؟
نظر اليها قليلا ليقول بهدوء: علشان عارفة انى عاوز اقعد معاكي انت.

اندهشت ريتاج وصمتت في حين قاد ادهم السيارة خارجا من المول، بعد فترة فوجئت به وقد ركن السيارة في مكان شبه خال وقال لها بعد ان أبطل المحرّك من دون ان يلتفت اليها: انا سايبك الفترة اللي فاتت دي كلها لغاية ما شفاكي تم على خير وقلت كمان فرصة تفكري كويس في عرضي، يا ترى وصلت لجواب؟
قطبت قليلا ثم فطنت انه يقصد عرضه بالتقدم اليها استرقت اليه النظر ثم نظرت امامها وقالت وهي تعبث بأصابعها: انت عارف ردي ايه.

انا سبأ وقولتهولك قبل كدا.
نظر اليها مليّا ثم قال بوضوح: وانا بردو سبأ ورفضته، وطلبت منك تفكري كويس اووي، هزت ريتاج كتفيها وقالت هاربة من نظراته المنصبة عليها: وانا فكرت وقلت لك رأيي.
انا مش بفكر في موضوع الارتباط دا دلوقتي خالص.

انا كل اللي شاغلني دلوقتي مستقبل المصنع والشركة ومستقبلي على المستوى العملي وبس! ما بفكرش في أي حاجة تانية، يمكن بعدين خاالص لكن مش دلوقتي أبداً، قال ادهم بهدوء: يعني انت تقصدي ان الموضوع مش في بالك دلوقتي صح؟
هزت ريتاج رأسها موافقة وتقطيبة خفيفة تعلو حاجبيها لا تدري لم تشعر بالريبة من تقبله السهل والسريع لجوابها فهى كانت تعتقد انه سيرفض جوابها ويصر عليها ان تفكر ثانية وثالثا، قالت: اه، تمام كدا.

قال لها: كويس، يبقى لسه موضوع ارتباطي بيكي قائم، وعندك الوقت اللي انت عاوزاه لغاية ما تكوني مستعده للارتباط.
انا مش مستعجل على حاجه.
براحتك.
ثم استدار ناظرا اليها بقوة وقال: بس ما تسمحيش لحد انه يتجاوز حدوده معاكي.
اتصرفي انك شبه مرتبطة، انا متقدم لك رسمي ولغاية ما تقولي رأيك في موضوع الارتباط ماينفعش حد يتقدم لك او تفكري في حد تاني.
لأن ساعتها انا ما اضمنش ممكن اعمل ايه، وزيادة في الاحتراس.

ثم وضع يده في جيبه مخرجا العلبة المخملية وضغط على زر في اسفلها فظهر الخاتم الماسي فرفعه من علبته في حين كانت تنظر ريتاج الى الخاتم وقد كتمت انفاسها لشدة جماله وتناول ادهم يدها اليمنى واضعا الخاتم في البنصر وقال بحزم: الخاتم دا هيفضل في ايدك علشان يمنع أي حد مهما كان انه يفكر فيكي، لغاية ما تقوليلي رأيك النهائي واللي انا متأكد منه!

قال بلهجة حانية استغربت لها ريتاج: ودلوقتي اسمحيلي.
ثم رفع يدها اليمنى مقبلا ايّاها وانزلها ناظرا الى عينيها وقال في حين كانت ريتاج كالمغيَّبة: مبروك مؤقتا.

وقريب اوووي هتبقى مبرووك بجد، و اعتدل في جلسته وادار المحرك ليكمل طريقه في حين امسكت ريتاج يدها اليمنى بيدها اليسرى متحسسة الخاتم وقلبها يرجف في صدرها محاولا الخلاص من الأسوار التي فرضتها وبقوة حوله وما اخافها انها تشعر ان قلبها يوشك ان يُعلن العصيان عليها ويهدم اسواره!..

وووووو صفّر محمود عاليا لدى رؤيته لراندا وقد ارتدت فستانها الجديد وقال: ايه دا ايه دا ايه الجمال دا كله؟
ضحكت راندا قائلة بغرور: اومال يا بني دي أقل حاجه عندي، ضحك قائلا: ماشي يا عم المغرور، نظرت اليه راندا بامتعاض في حين ضحك وقال: بقولك ايه يا راندا فكّيها انهارده مش لازم اتكلم انهارده بالشوكة والسكينة يعني سيبيني براحتي، قالت راندا: اوك.
بس انهارده بس.

من بكرة ان شاء الله ما اسمعش الألفاظ دي علشان خاطري، أومأ محمود موافقا ثم قال: تاج لبست ولا لسه؟
ضحكت راندا وقالت بخبث: تاج الود ودها تخنوئني انهارده!
قطب محمود متسائلا في حيرة: أيش معنى يعني؟
قالت راندا هامسة وهي تتلفت حولها بتصنع كأنها ستخبره بسر عظيم: اصل انا فتنت عليها عند ابيه ادهم وصمم انه يجيبهولها.
قطب قائلا: يجيب؟ يجب ايه؟

ضحكت راندا: الفستان بتاع تاج، قولت له عليه وامبارح راح معايا المحل واشتريناه من غير ما نقولها وانهارده حطيتها قدام الامر الواقع والطقم اللي كانت مجهزاه اخدته من دولابها من غير ما تاخد بالها علشان تلبس الفستان.
ابيه ادهم مايعرفش انى اخدت الطقم كل اللي قاله انى ابقى جدعه لو اقنعتها وبما اني عارفة انها ترباس وقفل مصوجر وان الكلام مامنوش فايده معاها اتصرفت.

وهي دلوقتي بتلف حوالين نفسها ولولا كسوفها من مها كانت رجعت في كلامها وما رضيتش انها تروح معانا الحفلة لان مها رايحه علشانها هي لانها صاحبتها في الاساس والخروجة كلها على شرف الاميرة تاج.
قطب محمود قائلا: يعني لو ما كانتش تاج جايه ماكانتش مها هتيجي؟
نظرت اليه راندا بدهشة قائلة: هو دا اللي همّك في الموضوع كله؟ مها؟
اضطرب محمود قليلا وقال مدافعا: لا انا بتكلم عادي يعني.

قالت راندا بخبث: بس انا ملاحظة انك مهتم شويتين تلاته اربعه بمها مش كدا ولا ايه؟
قال لها وهو يتقدم منها ناظرا اليها بنصف عيْن: طيب قفّلي بأه ع الموضوع دا واتفضلي استعجلي تاج علشان منتأخرش، قاطعته راندا وهي تستعد للركض: ما نتأخرش على مها، مش كدا؟
ركضت راندا ضاحكة في حين لحقها محمود مهددا متوعدا.

طرقت راندا الباب على ريتاج وقالت بابتسامة: تاج حبيبتي احنا مستنيينك تحت شهّلي شوية يا قمررر ، ومشت تاركة ريتاج وهي تطالع نفسها في المرآة بدهشة فائقة، فالتى تراها امامها وكأنها حورية من حوريات البحر بشعرها الذي يصل الى نهاية خصرها وتركته منفلتا فاعطاها جمالا يفوق جمالها وقد حددت عينيها بكحل عربي اسود ووضعت احمر الخدود وحمرة شفاه بلون الوردي الغامق وقد ارتدت حلقا فضيا دائري وانتعلت حذاءا فضيا بارتفاع 5 سم ذو كعب عريض ليسهل عليها الحركة اما فستانها فحدّث ولا حرج!

كان فستانا صيفيّا مشجراً ينفع لحفلات منتصف النهار جعلها ترى نفسها ولأول مرة أنثى مكتملة الانوثة بخصرها الضيق ويتسع الفستان الى اسفل حتى يصل الى بعد الركبة بقليل...

وقد ارتدت الخاتم الذي اعطاها اياه ادهم وتذكرت الحديث الذي دار بينها بين والدتها فقد صارحتها بشأن اعطاء ادهم الخاتم لها وكيف انها اندهشت لدى رؤيتها والدتها وهي تقنعها بارتداء الخاتم بعد ان نوت ان تعيده اليه ولكن والدتها تحايلت عليها كثيرا لئلا تعيده اليه وقالت لها بشبه رجاء حار: علشان خاطري يا تاج.
مش هتخسري حاجه يا حبيبتي لو خلِّتيه معاكي.

انت كدا كدا بتقولي انه مافيش في دماغك حد معين ومش بتفكري في موضوع الارتباط دا يبقى ايه المانع انك تخلي الخاتم في ايدك زي ما ادهم طلب منك؟ انت مش هتخسري حاجه؟ لو لسه رافضه زي ما انت هترجعيله الخاتم ويا دار ما دخلك شر ولو وافقت يبقى خير وبركة لكن افرضي غيرت رأيك بعد ما رجعتيله الخاتم؟ يبقى ساعتها خسرت راجل حقيقي مش هتعرفي تعوضيه تاني!

افاقت من شرودها على صوت راندا وهي تستعجلها فتناولت حقيبتها الجلدية الصغيرة بعد ان رشت بضع قطرات من عطرها المفضل برائحة الزهور وهو خفيف للغاية.
وتحركت مغادرة غرفتها...

نزلت الى الطابق الاسفل ودخلت غرفة الجلوس لتشاهد كوثر وسعاد اللتان كانتا تتحدثان وما ان وقع بصرهما عليها حتى توقفا بغتة عن الكلام وقاما من مكانهما وسرعان ما سميا عليها واتجهت اليها سعاد محتضنة اياها وهي تقول والدموع تتألق في عينيها: بسم الله ماشاء الله.
عروس البحور يا اخواتي!
قالت ريتاج متأففة بخجل: عروس البحور ايه بس يا ماما؟ انا حاسة زي ما اكون رايحه حفلة تنكرية لابسة لبس مش ليّا!

قالت كوثر وقد تقدمت منهما: لا بجد ربنا يبعد عنك العين حبيبتي، قمر ماشاء الله تبارك الله، قالت ريتاج: شكرا يا طنط، ثم قالت: اومال راندا ومحمود فين صحيح؟
قالت سعاد: سبأوكو حبيبتي، قالوا هيفوتوا على مها الاول.
قالت ريتاج: هي صافي معهم؟

قالت كوثر: لا حبيبتي صافي هتروح لوحدها لغاية دلوقتي لسه عند الكوافير وهما اتأخروا فكلموها قالولها انهم هيسبقوها، قطبت ريتاج قائلة: طيب انا هستناهم هيرجعولي تاني ولا اروح بتاكسي ولا آخد عربيتي اخيرا؟ انا الحمد لله بئيت كويسة واقدر اسوق مافيش مشكلة، قالت كوثر مشيحة بيدها نافية: لالا يا تاج يا حبيبتي تاكسي ايه وعربيتك ايه؟
قالت ريتاج مستفهمة: اومال انا هروح ازاي؟

معايا! ، سمعت صوتا قويا يأتيها من وراءها فسكتت قليلا قبل ان تستدير ببطء لتشاهد ادهم وقد ارتدى بنطالا من الكتان الاسود اللون وقميصا رماديا وقد شمّر ساعديه السمراوين وارتدى ساعة جلدية سوداء، نظرت اليه مشدوهة من وسامته فأول مرة تراه من دون بدلة رسمية كاملة حتى عندما كان يذهب معها الى الطبيب او في مشاوير عادية كان يرتدي طقما بدون ربطة عنق، ولم تفطن لتحديقه اليها وقد كاد ان يطلب منها ان تذهب لاستبدال ملابسها مع ان ملابسها محتشمة ولكنها تظهر انوثتها التي تفاجئ بها وأيقن انه لن يلح عليها ثانية في اظهار انوثتها بل انه سيوافقها في ارتداؤها للجينز والقمصان الرجالية الفضفاضة بعد ذلك!

قال ادهم بهدوء يعارض ما يشعر به من اضطراب داخلي: احنا هنمشي يا امي.
بردو مصرين ماتجوش؟
قالت كوثر بحنان: نيجي فين حبيبي الحفلات دي مش لينا.
المهم تتبسطوا انتو وتفرحوا، استأذن منهما واشار لريتاج لتتقدمه...

اغلق باب السايرة وراءها واستدار ليجلس امام المقود.
قالت ريتاج - بعد ان استطاعت ان تجد صوتها بصعوبة ولكن لابد لها من ان تفهم - قبل ان يدير المحرك: غريبة، اومال راندا ماقالتليش يعني انك هتحضر الحفلة؟ هي كمان قالت لي انك مالاكش في الحفلات دي؟
نظر اليها جيدا قبل ان يدير المحرك قائلا بهدوء: راندا ما كانتش تعرف.
هي اتفاجئت وانا بقولها هي ومحمود يسبقونا.

اما بالنسبة انه ماكانش ليا في الحفلات دي فدا علشان ماكانش فيه سبب يخليني اروح علشانه، ثم نظر اليها متابعا بقوة: لكن دلوقتي فيه سبب وسبب قوي كمان، والحمدلله اني هروح معاكي لأني متأكد انك هتتسببي في ازمات قلبية لناس كتير اووي، كان يوشك على ادارة المحرك قبل ان ينظر اليها متابعا بهدوء: آه، وحاجه تانية، ياريت شعرك ترفعيه بعد كدا ماتسيبهوش مفروود تاني، لاني مش مستعد اتخانئ مع كل حد يبص لك وهيبصولك اكيد لأنه مش بايديهم.!

وانطلق بالسيارة تاركة اياها غير قادرة على النطق بكلمة واحده وقد ألجمت الدهشة لسانها!

ماذا سيحدث في الحفل؟ من ستفاجئ به ريتاج وماذا ستفعل صافي عندئذ؟ ماذا ستفعل راندا ردًّا على غضب نزار الغيْر مبرَّر منها؟ الى أي مدى ستتطور العلاقة بين محمود ومها؟ تابعوني في القادم من المتمرّدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة