قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي والعشرون

ايه يا راندا سحباني كدا ومودياني على فين ، جذبتها راندا من يدها حتى وصلا الى الحشد المتجمع لسماع المطرب الشاب ثم وقفت وأوقفتها بجوارها قائلة بسخط: ايه دا.
انت جايه علشان تتفرجي وتقضي وقت حلو ولا علشان تقعدي زيك زي الكرسي اللي انت قاعده عليه دا؟
قالت ريتاج بهدوء: انت عارفة انى ماليش في الحفلات والجو دا ولولا اني حسيت انكم نفسكم تيجوا الحفلة ولو كنت رفضت كنت هتكنسلوا ما كنتش جيت.

قالت راندا بحنق رافعة صوتها لتسمعها حيث كان صوت الموسيقى والاغاني يعلو فوق صوتها: يا سلام، طيب ادهم علشان طول عمره حياته في الشغل وفعلا عمري ما سمعته حتى وانا صغيرة سهر مع اصحابه ولا حاجه فمش في دماغه الحفلة ولو اني مستغربة ايه اللي جابه طيب انت ايه ان شاء الله؟ بنت جميلة زيك وصغيرة ما تستمتعش بوقتها ليه؟ ما قولتش كل الوقت فرفشة لكن شوية جد وشوية فرفشة.
قالت ريتاج بابتسامة: ماشي يا عم الفيلسوف.

قالت راندا وهي تغمز بعينها: انما صحيح تعالي قوليلي هنا.
أنا ملاحظة ان ابيه ادهم من ساعة ما جيتوا وهو جنبك ما تحركش خطوة واحده من مكانه، لا وجه الحفلة وهو في العادة مش بييجي النادي الا نادر النادر دا في الطبيعي يقوم ييجي يحضر حفلة؟ ثم همست في اذنها ضاحكة: شكل سرك باتع يا باشمهندس!
وكزتها ريتاج بكوعها في خاصرتها فشهقت متألمة ثم سرعان ما هتفت وهي تشير الى شخص آت من بعيد: بصِّي بصِّي.

دا تامر نبيل، ثم قفزت في مكانها وهي تصفق بيديها بينما ريتاج تطالعها باستغراب وقالت: مين تامر نبيل دا؟
نظرت راندا اليها بدهشة وكأنها تشاهد كائن فضائي غير مألوف وقالت: انت بتتكلمي بجد؟ معقولة ماتعرفيش مين تامر نبيل؟
قالت ريتاج باستخفاف: لا معرفش الكابتن تامر نبيل.
يطلع مين الاستاذ يعني؟

قالت راندا وهي تشير بيدها نافية: لالالا انت متأخره عننا جيل بحاله، حد في مصر ولا العالم العربي كله ما يعرفش تامر نبيل؟ ماسمعتيش الاغنية بتاعته اللي كسرت الدنيا.
الاّ انتِ؟
هزت ريتاج برأسها نافية فقالت راندا وهي تضع يدها على رأسها: آخ يا النافوخ بتاع الأنا يا ربي، فين مها تيجي تشوف صاحبتها.
ثم شهقت قائلة: لا احسن تكون زيك كدا موديل الستينات ماتعرفش مين تامر نبيل!

قالت ريتاج ساخرة: انا اعرف انك تستغربي لو طلعت معرفش احمد زويل، يوسف ادريس، عبد الحليم حافظ، هاني شاكر، لكن ايه تامر نبيل دا، ما اعرفوش، وما ينقصش مني حاجه انى معرفوش.
عادي يعني.
ابتدأت الموسيقى فقالت راندا بحنق وهي تدفع مرفقها بيدها: خلاص هش هش.

اسمعي يا مدام هيلين كلير، اسمعي، صدحت صوت الموسيقى وابتدأ المطرب يغني بصوته الرخيم فانسابت كلماته في حناياها ولم تستطع الانكار انه يستحق عن جدارة لقب مطرب الشباب، نقلت نظاراتها بين الحاضرين لتستقرعلى أدهم الذي كان يحمل علبتي عصير كان قد ذهب لابتياعهما عندما جاءت راندا وأتت بها الى هنا، لاحظت انه يفتش بعينيه بين الحاضرين حتى تلاقت عيناهما وكأن هناك مغناطيس يجذب احدهما للآخر، حيث تقدم ادهم اليها في حين تسمرت في مكانها حتى وصل اليها ونظر اليها في عمق ولم تنتبه راندا لقدومه لشرودها في الاغنية وقال بهمس: شوفتي.

لو في مكان فيه ألف.
بردو هعرفك!
اضطربت ريتاج وزاغت بنظراتها عنه فقدم لها علبة العصير قائلا: اتفضلي، تناولتها منه متمتمة بالشكر ونظرت امامها وهي لا تعي من كلمات الاغنية شيئا فكل تركيزها منصب على هذا الذي يقف بجوارها محاصرا ايَّاها بنظراته، انتبهت راندا الى ادهم بعد انتهاء الاغنية فقالت ضاحكة: ابيه، انت هنا من امتى معلهش ما اخدتش بالي خالص؟

قال ادهم ساخرا: وانت هتاخدي بالك ازاي وانت هايمة في الاستاذ اللي بيغني دا، انما محمود فين صحيح؟
قالت بابتسامة: محمود كان هنا بس خد مها يتمشوا شوية على ما تامر ييجي اكيد هتلاقيهم واقفين هنا ولا هنا ضروري يكونو هنا علشان يسمعوه، ابتسم ادهم وقال ساخرا: يعني هيسمعوا حليم ولا فريد يا خيْ!
قالت راندا حانقة: ابيه لو سمحت تامر واخد لقب مطرب الشباب وصوته بيجنن مش كدا يا تاج؟

قالت ريتاج بابتسامة: كدا يا روني، وقفوا يستمعون الى مطرب الشباب الذي كلما أنتهى من غناء اغنية طالبه الحاضرون بأغنية اخرى، وبعد قليل اذ بمها تقبل عليهم وبرفقتها محمود وكانا يتحدثان والابتسامة تعلو وجهيْهما فلفتت انتباه ريتاج التي فرحت من أجلهما وانضما اليهم...

عيني يا عيني، ايه الضحك والانشكاح دا كلو يا ست مها؟ ، همست ريتاج لمها الواقفة بجوارها فقالت الاخيرة مبتسمة: ايه يا تاج احنا مش في حفلة عادي يعني.
قالت لها ريتاج ناظرة اليها بريبة: مش عارفة شامّة ريحة مش مريحاني.
ثم قالت بصيغة اتهام: انت بتخبي عليّا، صح؟ محمود شكله قايلك ما تقوليليش حاجه مظبوط يا مها؟
قالت مها بضحك: محمود مظلوم صدقيني.

يا بنتي ولا حاجه احنا اتمشينا شوية في النادي واتكلمنا وخلاص ما اتكلمناش في أي حاجه من اللي في دماغك دي لكن قالي مثلا على احساسه ايام وفاة والده وازاي ادهم لما حس انه خلاص بينه وبين البوظان الكامل شعره وقف له وقسى عليه و، بصراحه بيقولي ان السبب الاساسي انه يرجع عن اللي كان فيه بعد ربنا وادهم اخوه.
انت يا تاج!

نظرت اليها ريتاج وقالت مبتسمة: بصي يا مها انا لسه عند رأيي وبقول كل انسان جواه بذرة خير وبذرة شر مافيش حد لا خير 100% ولا شر 100% لكن احنا بأه اللي بنختار نكبر أي بذرة بدليل فيه مجرمين اووي اووي وتلاقيه لو ابنه تعب ممكن يقعد يعيَّط جنبه، محمود اساسه كويس وهو كان كل اللي بيعملوا سهر مع اصحابه وانه يكلم بنات بس مجرد كلام ودي انا متأكده منها لانه لسه جواه العيبة والحرام وانه بيسرف ببذخ فكان سهل لما اتكلمت معاه واتقربت منه انه يقتنع انه غلط ودا شئ في صفه على فكرة انه بيقتنع برأي غيره المهم انك تعرفي ازاي وامتى تتكلمى معاه.

قالت مها مبتسمة: بجد.
انا بحسد نفسي على اخت زيك يا تاج.
يا بختي بيكي ويا بخت ادهم بيكي!
كانت ريتاج مبتسمة وما ان سمعت الشق الاخير لعبارة مها حتى قطبت ونظرت اليها بنصف عيْن وشوحت بسبابتها في وجهها مهددة قائلة: مها، بقولك ايه.
قفلي ع الموضوع دا.
مش ام ريتاج في البيت وانت هنا لأ. وراندا كمان.
الا بالحق راندا فين؟..

انا مش فاهم غزل البنات ايه اللي انت عاوزاه بأه مخلياني اسيب الحفلة علشان اجيب لك غزل البنات؟ قالت راندا بدلالها المحبب: والله ان ما كنتش انت اخويا حبيبي تجيب لي اللي انا عاوزاه مين اللي يجيب؟ وبعدين بأه انت زعلان علشان خليتك سيبت الحفلة بردو ولا.
علشان مها!

نظر اليها زاغرا وقال: تصدقي انا اللي استاهل انى سمعت كلامك، قالت له بينما يناولها البائع عصا غزل البنات الوردي اللون فشرعت تقطمه كالآطفال ثم قالت بأسف: لالالا علشان خاطري ما تزعلش يا محمود بس قولي بجد، انت بجد حاسس حاجه من ناحية مها؟ وازاي في الفترة الصغيرة دي قدرت تنسى مشاعرك من ناحية تاج؟

وقفا جنبا الى جنب هي تتناول غزل البنات وهو ينظر الى البعيد ويقول متنهدا: تصدقيني لو اقولك ان انا نفسي مستغرب! من ساعه ما كانت عندنا بتزور تاج وتاج صممت انى اوصلها واتكلمنا من بعض في مواضيع عادية معرفش ليه هدوءها وخجلها شدوني.
مها غير تاج.
تاج قوية تقدر تعتمد على نفسها وتاخد قراراتها بقوة وبالعكس بتتشبث برأيها لأبعد مدى لكن مها نسمة رقيقة تحسس الواحد انها انثى وانها مسؤولة من راجل.

بتحسسني اني مسؤول عنها وفي حمايتي ومحتاجاني جنبها.
ودا اللي كنت مفتقده طول عمري!
قالت راندا بدهشة: ازاي يعني يا محمود؟
قال وهو ينظر اليها بابتسامة طفيفة: طول عمري وانا حاسس ان ادهم هو السند والضهر والحماية لينا كلنا.
ولما كبرت اعتقدت انى هشيل معاه المسؤولية شوية لكن لاقيت ماما بتعاملنى انى لسه مودي في نظرها لغاية وقت قريب اووي لما اتخانئت معاها انها تبطل حكاية مودي دي انا بئيت راجل.

وادهم زي ما يكون مشفق عليا من انى اتحمل المسؤولية.
كنت عاوز اثبت لكم انى موجود بأي طريقة ولما معرفتش لاني مهما عملت ادهم هو السابق دايما، لو ذاكرت ونجحت ادهم سبقني وبهركم، لو عملت أي شئ، لاقيت ان انا لو عملت العكس هقدر الفت نظركم ليا وعلشان كدا اتماديت في اللي كنت بعمله بس كان جوايا طول الوقت خط احمر حاطه لنفسي ما بتعدهوش.

ابتسمت راندا واقتربت منه قائلة: انت بجد اخ جميل يا محمود يا رب مها تطلع الانسانه اللي انت بتتمناها لانك فعلا تستاهل كل خير وهي كمان طيبة اووي وتستاهل كل خير، قال محمود ضاحكا: طيب مافيش حتة غزل البنات بأه كدا ولا ايه؟
قالت بنزق: جايبهولي وعينه فيه!
ثم قطعت قطعه من غزل البنات وقالت له وهي تمد يدها اليه: اتفضل.

اشار برأسه نفيا ثم فتح فمه مقربا اياه منها قائلا: لالا حطيها انت انت ايدك لزقت واللي كان كان مش هلزق ايدي انا!
قالت ساخره: ياعيني ع التناكة، ثم وضعت القطعه في فمه وتصنع محمود انه سيقضم اصابعها فسارعت بازاحتها بعيدا وسط ضحكاته وسُبابها له ولكن لم يمر هذا الفعل مرور الكرام على من تابع هذا المشهد من أوله وكان يرغي ويزبد ويتوعد في ضميره لهذه الفتاة التي اقلقت راحته منذ زمن!

ادهم، انت فين قلبت عليكو النادي والموبايلات مش بتردوا! ، قال ادهم بهدوء لصافي: اكيد ما سمعناش الموبايلات من الصوت العالي بس انت ايه اللي اخرك كدا، الحفلة قربت تخلص؟

قالت له وهي تعبث بشعرها يمينا ويسارا بينما كانت ترتدي فستانا قصيرا الى الركبة بدون اكمام محكم التفصيل على جسمها مع حذاء مفتوح بكعب رفيع عال لايقل عن 10 سم ورائحة عطرها النفاذة تكاد تزكم الانوف: اعمل ايه يا ادهم على ما خلصت اصل انت ماتعرفش الكوافير اللي عمل لي شعري زحمة مووت.
ثم نظرت الى ريتاج الجالسة بجوار ادهم ومها قائلة: وانتو بأه روحتوا الكوافير ولا.
بيتي؟

قالت ريتاج بينما نظرت اليها مها بضيق: لا وانت الصادقة.
مكواة رِجْل!
كاد ادهم ان ينفجر ضاحكا لولا انه تماسك بينما قالت صافي التي ابتدأ لون بشرتها يزحف اليه اللون الاحمر غيظاً وكمداً: مكواة رجل؟ بتتريئي؟ عموما حتى لو مش تريئة انتو فعلا آخركم مكواة رِجْل!

كادت ريتاج ان تهجم عليها لولا ان امسكت مها يدها ونظرت اليها فقالت ريتاج ساخرة: خالينالك انت المكواة الكهربا، عن اذنك، وسحبت مها من يدها ليقوما فأمسكها ادهم من يدها ناظرا اليها بقوة سائلا ايّاها: على فين؟

نظرت اليه ساخرة ثم جذبت يدها منه قائلة وهي تهم بالذهاب: لا ابدا هنقوم نتمشى شوية علشان نشم شوية هوا اصل الجو هنا خانقه أوووي، ونظرت اليهم ساخرة وغادرت الطاولة برفقة مها بينما نظرت اليها صافي وهي تسير مغادرة بقهر شديد ثم أولت ادهم انتباهها وهي تقول في نفسها: غبية، سيبتيه بمنتهى السهولة.
ومش صافي اللي تضيع فرصة من ايدها!

ثم انبرت تتحدث وتتكلم مع ادهم الذي كان يجيبها ولكن عقله مشغول بتلك المتمردة الصغيرة التي سلبت عقله و، قلبه!

سارت راندا لتعود الى طاولتهم بعد ان ذهبت الى الحمام لتغسل يديها وقد سبقها محمود، وفجأة امتدت يد جذبتها من بين الاشجار فشهقت واذ بيد تسارع لكتم صوتها جاذبا اياها بين الاشجار لكي لا يرهما احد، تركها وسرعان ما استدارت لتفاجئ بعينين تنظران اليها بحنق وغضب بينما شهقت عاليا وقد وضعت يدها على فمها وقالت من دون ان تشعر: نزار!
قال لها وهو يقترب بوجهه منها: ايوة.
نزار!

ابتلعت ريقها بصعوبة وقالت: آسفة قصدي د.
نزار.
انا بس اتخضيت.
ثم سرعان ما افاقت من دهشتها وقالت بحدة: انما.
انت ازاي تعمل كدا؟
قال نزار وهو يمسك بذراعها بعنف: انا اللي ازاي اعمل كدا اومال انت بأه المشهد اللي انا شوفته من شويه وضحك ومرئعه اقول عليه ايه؟
جذبت مرفقها من قبضته بقوة آلمتها ولكنها لم تبالي بها وقالت بغضب: لآخر مرة بقولك مالكش دعوه بيا، انا مش فاهمه والله انت بأي حق تدخل في حياتي.

كنت اخويا ولا ابويا؟
رد عليها بقوة ناظرا اليها بعمق: لأ، جوزك!
شهقت عاليا بينما قرب وجهه منها ناظرا بعمق الى عينيها وقال بتصميم شديد: انا جاي بكرة ان شاء الله ازوركم واتقدم لأخوك رسمي.
ياريت تبلغيه.
ومن هنا لبكرة يكون اشوفك مع الواد دا تاني.
اظن واضح؟

قالت له بحدة: بس انا ما وافقتش دي نمرة واحد نمرة اتنين انت بردو طول ما انت مافيش حاجة رسمي تربطنا ببعض مالاكش كلام عليا اخويا بس اللي له كلام معايا اظن واضح، عن اذنك يا دكتور، نزار!
وغادرته تاركة اياها وهو يتوعدها في سره انه هو من سيعيد تربيتها من جديد...

سارا ريتاج ومها بين الحدائق المنتشرة في النادي يتبادلان الاحاديث وفجأة وقفت ريتاج في مكانها كالتمثال فاستغربت مها التي نادتها بقلق قائلة: تاج.
تاج حبيبتي فيه حاجه؟
قالت لها بصوت مخنوق: مش ممكن.
انا مش مصدقة عينيا!
قطبت مها قائلة في قلق: ريتاج فيه ايه ما تقلقنيش.

قالت لها وهي تشير امامها الى نقطة معينه: بصي كدا، نظرت مها الى المكان الذي تشير اليه ثم شهقت عاليا وأكدت ظنّ ريتاج قائلة بدهشة: سااامح!..

مها ياللا بينا قبل ما ياخد باله ، استدارت مبتعدة وقالت مها بدهشة: انما انت ليه شكلك اتغير كدا؟
قالت بقوة: عمري ما كرهت أد البني آدم دا، بيخلي جسمي كله يقشعر من القرف انه في يوم فكرت في انسان ندل وخسيس زي دا وانا عمري ما بنسى اللي أذاني.
سمعا صوتا قادما من ورائهما تصنمت له ريتاج يقول: مش معقول، ريتاج!

وقفت حتى اقترب الصوت ثم تنفست بعمق واستدارت ناظرة اليه بعنفوان واباء قليلا ثم قالت له ببرود: آسفة، معلهش.
مش واخده بالي، احنا اتقابلنا قبل كدا؟
ابتسم قائلا بلهفة: معقول نسيتيني؟ انا سامح يا ريتاج، مش فاكراني؟
نظرت اليه بقوة وقالت بجدية بالغة: لأ، مش فاكراك.
قال لها بريبة: ما اعتقدش اللي بيننا يتنسى بسهولة كدا؟

قالت له ببرود: انا مش فاكراك فبالتالي معرفش انت بتتكلم عن ايه، عن اذنك، ثم جذبت يد مها وسارت مبتعده فأوقفها صوته وهو يقول بقوة: مهما عملت عمرك ما هتقنعيني انك نسيتيني يا، ريتاج قلبي!

ذاكرا للقب الذي كان دوما يطلقه عليها فهي ريتاج محكم لقلبه لم ولن يدخله سواها كما كان يقول لها، تنفست ريتاج بعمق ثم استدارت اليه قائلة من فوق كتفها: يمكن كنا اتقابلنا في يوم لكن انا مش فاكراك زيك زي أي واحد بقابله صدفة ع الرصيف في الطريق وانا ماشيه وعيني مابتقفش عليه علشان حتى تشوف شكله ايه، عن اذنك!

ابتعدت هي ومها الفخورة بقوة وصلابة صديقتها بينما نفخ سامح في ضيق وقال وهو يضرب قبضته اليمنى براحته اليسرى: بأه كدا يا ريتاج؟ طيب ماشي، انا بأه هعرف افكرك بنفسي ازاي.

انا كنت نسيت الاهانه اللي انت كلمتيني بيها لما جيت اخطبك وراعيت ساعتها شعورك وقلت علشان مجروحة ودورت عليكي كتير علشان اثبت لك انى فعلا حبيتك وعاوز ارتبط بيكي لكن بعد كلامك دا هدفعك تمن اللي فات واللي قولتيه انهارده غالي اووي يا ريتاج وما اكونش سامح عبدالشّكور لو سيبتك تفلتي مني المرة دي!

وغادر مسرعا غير واعيا لعيني أفعى سمعت ورأت المشهد منذ البداية وقد ابتسمت ابتسامة صفراء وهي تقول: شكلك طلعت مش سهل ابدا يا، ريتاج، وما اكونش صافي لو معرفتش مين سامح دا وحكايته ايه بالظبط، نهايتك قربت يا ريتاج وعلى ايدي علشان تعرفي ان مش صافي اللي تسمح لواحده بنت امبارح زيك انها تاخد منها اللي قعدت عمرها كله تخطط ازاي تتجوزه.
الايام بيننا يا ريتاج!..

طيب بس فهميني.
هتروحي ازاي لوحدك يا تاج؟ قالت مها لريتاج المتجهة الى بوابة النادي للخروج فقالت ريتاج وهي تهم بالسير: هاخد تاكسي.
مالوش لزوم اقل فرحتهم واخليهم يروحوا بدري انا مش صغيرة، صممت مها على مرافقتها وهي تشعر بانقباض في قلبها وتدعو الله أن يسلم امور صديقتها.

بردو مش لاقيها يا محمود.
لا ومش بترد على الموبايل بتاعها.
راندا معايا بس موبايلها فاصل شحن كنا كلمنا على موبايل مها، ايه.
معاك موبايل مها.

طيب اتصل وطمنا، قالت راندا محاولة تهدئة ادهم: معلهش يا ابيه ما تقلقش خير ان شاء الله، قال لها بحدة: انا هتجنن قامت قالت هتتمشى شوية مع مها بئالها فوق الساعه دلوقتي ولا حس ولا خبر ومابتردش على موبايلها ليه انا مش فاهم، لم يكد محموله يرن حتى سارع بفتح الخط واستمع قليلا ثم شد على اسنانه بقوة وقال بغضب شديد: يعني هما روحوا البيت دلوقتي والهانم سايبانا هنا نرن.

ماشي يا محمود انا هسبقك انا وراندا وصافي وانت حصلنا، ثم سارع بالذهاب بينما ركضت راندا وراؤه في حين سارت صافي وابتسامة شريرة تتلاعب على شفتيها فرحة بغضب ادهم ومما سيحدث عندما تنكشف علاقة سامح وريتاج متوعدة في سرها انها هي من ستكشف النقاب عن هذه العلاقة!..

الله الله، بأه انت هنا يا هانم من غير ما تعبرينا!
ثم نظر الى مها قائلا: ما كلمتيناش ليه يا مها ولاّ ريتاج هانم قالت لك بلاش مش لازم سيبيهم يرنوا.

مايستهلوش اننا نطمنهم، قالت مها محاولة تهدئته: معلهش يا أ. ادهم ريتاج تعبت فجأة واضطرينا نمشي ومارضيتش انها تخليكم تسيبوا النادي حتى ما كانتش عاوزانى اجي معاها انا اللي صممت، قال موجها نظراته الى ريتاج التي لم تنطق بكلمة منذ لحظة مواجهته لها: وهي مالهاش لسان تتكلم بيه، ثم اقترب منها قائلا: منتهى البرود والغرور حتى كلمة آسفة مستكبرة تقوليها، واضح ان عمي مراد الله يرحمه دلعك زيادة عن اللزوم.

بس انا بأه اللي هعلمك الصح فين يا ريتاج!
قالت له بحدة: اولا دي آخر مرة اسمح لك تجيب سيرة بابا على لسانك واظن انى نبهتك قبل كدا.
تاني حاجه بأه انا كدا.
شخصيتي كدا.
ومش هتغير.
وانت اساسا مالكش انك تقبل حاجه فيا او ترفض لانه مافيش حاجه تربطنا ببعض وتخليك تتحكم فيا بالشكل دا، قال لها وغضبه يزداد حتى قارب الانفجار: ريتاج، انا لغاية دلوقتي ماسك نفسي لكن مش هفضل ماسك نفسي كدا كتير.

ولو ع الارتباط انت ناسية انك في حكم خطيبتي؟ يعني مسؤولة منّي.
شحب وجه صافي المتابعه للحوار الدائم بصمت وقالت في نفسها: لازم تتحركي وبسرعه يا صافي.
اوعي تسيبي بنت امبارح دي تاخده منك.
لازم تعرفي ايه حكاية سامح دا ولو حكايته طلعت أي كلام اعمليها انت بذكائك حكاية ورواية كمان.
مش بيقولوا ان كيدهن عظيم!

ثم استدارت مغادرة الى غرفتها من دون ان يلتفت اليها احد، وقابلت على الدرج والدتا ريتاج وادهم اللتان سمعتا صوتيهما ونزلتا مسرعتين ليقفا على اسباب الشجار، وما ان وصلتا اليهما حتى رأت سعاد ابنتها وهي تخلع خاتم ادهم وتقول له بحدة وهي ترميه في وجهه: اتفضل.
دا خاتمك.
كدا انت مالكش حكم عليا.
وجوابي نهائي مش هتجوزك يا ادهم ولو انت آخر رجل على وجه الارض.
ايه رايك بأه؟

تقدمت سعاد من ابنتها وقالت بترجي: ارجوك يا تاج يا بنتي.
ماتتسرعيش.
ايه بس اللي حصل.
استهدي بالله وكل شئ يتحل، قالت لامها بحدة: هو ايه اللي يتحل؟ كل شوية مش عجباه ويسمعنى كلمتين مالهومش صنف اللازمة ان بابا دلعني و و و خلاص ماشي انا واحده مدلعه يا سيدي روح شوفلك واحده متربية احسن مني اتجوزها مُصرّ عليا ليه انا مش فاهمه؟

قالت كوثر وهي تنظر الى ادهم الواقف بثبات ونظرة غامضة تعتلي عينيه: لا يا حبيبتي ماحدش يقدر يقول حاجه على تربيتك، انت ماشاء الله عليكي البنات اللي زيك نادرين اووي اليومين دوول، قال ادهم بثبات: انا هعتبر نفسي ما سمعتش حاجه، ونظر الى الخاتم الذي تناولته راندا بتلقائية من الارض وقال: راندا اديها الخاتم، قالت له ريتاج بحدة رافضة تناول الخاتم من راندا: وانا قلت لا والف لأ كمان ايه رأيك بأه؟

قالت سعاد وهي تلهث: أر.
أرجو.
أرجوكِ يا تاج.
ما.
ماتتسرعيييييش، وفجأة اذ بها تسقط مغشيا عليها فركض ادهم اليها وسط صرخة قوية من ريتاج قائلة: مامااااااااا...

ترى ماذا اصاب والدة ريتاج؟ هل ستتيتم للمرة الثانية؟ ماذا تنتوي صافي فعله لفسخ العلاقة بين ريتاج وادهم؟ وهل ستوافق راندا على خطبة نزار لها؟ تابعوني في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة