قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السادس

صباح الخير عليكم كلكم ، ألقى محمود تحية الصباح على ادهم وهو يزيح كرسي المائدة ليجلس ويشرع في تناول طعام الافطار باقبال جعل ادهم وامه وراندا ينظرون اليه باستغراب وقالت راندا بدهشة: ايه دا مش ممكن؟ محمود صاحي الصبح لوحده وجاي بنفسه يفطر معانا من غير محايلة من ماما ولا خناء معايا؟! انا مش مصدقة عينيا بصراحه!
نظر اليها محمود بطرف عين وقال بسخرية: احسن.
خليكي مش مصدقة عينيكي كدا على طول!

في حين ابتسمت امه وقالت بحنان امومي: ماتضايقيش اخوكي يا راندا.
صباح الورد يا حبيبي.
ماتتصورش انا فرحانه أد ايه انك بتفطر معانا وشايفاك سعيد كدا ونشيط.
قاطعها ادهم ببرود قائلا: دا طبيعي يا امي انا امبارح قولتله انه يعمل حسابه 7 يكون صاحي علشان ورانا شغل.
نظر اليه محمود قائلا بمكر: دا لو انا صحيت 7 فعلا.

لكن انا صاحي من اول الشمس ما شئشئت، ونزلت اتمشيت شوية في الجنينة وبعدين لاقيت الجو جميل وماية البسين شكلها جميل خدت لي شوطين في البسين وطلعت خدت شاور وجيت افطر معكم تصدق يا ادهم انك عندك حق! فعلا الصحيان بدري دا شئ جميل انا كنت بستغرب لما الاقيك بتصحى مع الفجر وتنزل البسين وتطلع تفطر كنت بقول بتجيب النشاط دا كلو منين لكن بجد صحيانك بدري بيخليك نشيط فعلا.

قالت امه وهي سعيدة ومندهشة في ذات الوقت مما طرأ على ابنها من تغيير: يا حبيبي ربنا يكملك بعقلك على طول، ثم التفتت الى ادهم قائلة بسعادة: مش قولتلك يا ادهم محمود كويس وهيفوق لنفسه اكيد مش مهم انه اتاخر شوية المهم انه فاق لنفسه.
قالت راندا بسخرية وهي تتابع تناول افطارها: يارب دايما.
مايكونش يومين وخلاص وبعد كدا ترجع ريما لعادتها القديمة!

نظرت امها اليها عاتبة في حين قال محمود بهدوء: لا اطمني دايما ان شاء الله.
قال ادهم منهيا الحوار: عموما كويس انك التزمت من اول يوم.
ودلوقتي ياللا بينا علشان منتأخرش.
قام ادهم وقام الجميع من بعده وذهب لاحضار حقيبة الاوراق الخاصة بالعمل فلحقه محمود وركبا السيارة مع السائق الخاص بهم – حمزة – للذهاب الى العمل وسط دعوات امهما لهما بالتوفيق...

تردد محمود اكثر من مرة في سؤال ادهم عن قراره بخصوص طلبه في العمل في مصنع مراد والد ريتاج ولكنه حسم الصراع في نفسه بين سؤاله من عدمه وقال بارتباك بعض الشئ وترقب: قررت ايه يا ادهم بخصوص الطلب اللي طلبته منك امبارح؟

رفع ادهم نظره من فوق الاوراق التي كان يراجعها ونظر اليه ببرود ثم اعاد نظره مرة اخرى الى الاوراق التي في يده وقال بهدوء: مستعجل تعرف الرد؟ مش تستنى لما تروح تقدم نفسك عندى في الشركة الاول وبعدين تشوف نفسك هتشتغل في أي فرع؟
ثم ابتسم ابتسامة جانبية عند رؤيته للوجوم الذي اصاب محمود وقال متصنعا البرود: عموما.
انا خلاص قررت.

بس لو ما أثبتش جدارة صدقني ساعتها مالكش عندي غير قسم الحسابات للشركة وهخليهم يطلعوا عينيك تمام!
قال محمود مستفهما: مافهمتش بردو.
اثبت جدارة فين؟
نظر اليه ادهم بسخرية فقال محمود بريبة متلعثما: انت.
انت وافقت انى اشتغل مع.
ريتاج!
نهره ادهم زاجرا اياه قائلا: اسمها في مصنع مراد بيه الله يرحمه مش مع ريتاج، وانا بديك انذاري الاول والاخير بالنسبة للشغل.

حذاري تيجي لي شكوى منك سواء من ريتاج او غيرها وانت هتشوف الوش التاني مني.
اظن انت عارف لما بقلب ببقى عامل ازاي؟!
قال محمود بلهفة: لالالالا ربنا يبعد عننا وشك التاني انت هتقولي، ربنا يدينا رضاك بس، نظر اليه ادهم مبتسما بسخرية واعاد انتباهه الى الاوراق التي بين يديه في حين شرد محمود وقد ارتسمت ابتسامة نصر صغيرة فوق شفتيه لو كان لاحظها ادهم لكان تدارك الكثير مما سيحدث لاحقاً...

أ. ريتاج في اتنين اساتذة مستنيين حضرتك في مكتب مراد بيه الله يرحمه و أ. خيري معاهم ، رفعت ريتاج رأسها من فوق الماكينة التي تقوم بتصليحها ونظرت الى محدثها وقالت مقطبة حاجبيها وهي تمسح يديها في فوطة صفراء لازالة ما علق في يديها من شحم: اتنين؟ اتنين مين دول؟

احنا! ، التفت ريتاج بحدة ناظرة خلفها فوقع بصرها على عينين رماديتين تتفحصانها من اعلى رأسها وحتى أسفل قدميها وقد اعتلت نظرة غريبة عينيه فسّرتها ريتاج انها سخرية منها واستهزاء لارتدائها زي عمال المصنع فهى معتادة على ارتداء هذا الزي اذا ما عملت على تصليح احدى الماكينات حفاظا على ملابسها، نظرت اليه بقوة وتحد ان يعلّق على ملابسها بينما نظرت عينين بنيتين اليها باعجاب كبير فهذه أول مرة يرى فيها فتاة في زي عامل تصليح ( عفريتة ) وقد مرّ بباله ان هذا الزي بالرغم من بشاعته فانه يسبغ عليها جمالا او ربما هي من يسبغ عليه من أنوثتها التي تتعمد اخفاؤها؟!

اقتربا منها بينما هي منهمكة في تنظيف يديها وقف محمود امامها وقال لها مادا يده للسلام عليها: اظن فاكراني.
محمود شمس اخو ادهم.
نظرت الى يده قليلا قبل ان تبتسم بخبث بينها وبين نفسها فهي وان كانت لا تهتم بنظرات الاعجاب اوبالصنف الخشن عموما ولكن هذا لايمنع ان حاستها كأنثى تستطيع ان تلاحظ نظرات الاعجاب سواء كانت بريئة ام، غير بريئة!

مدت يدها مسلّمة عليه فابتسم محمود ابتسامة واسعه فمن القليل الذي خبره منها ظنّ انها سترفض السلام عليه ولكن ها هي تثبت خطأ تصوره.
فعلا الانثى تظل انثى مهما تنكرت لانوثتها، نظر ادهم شزرا الى ريتاج واكتفى بهز رأسه للترحيب بها وقال بهدوء: كنت عاوز اشوف الشغل هنا اخباره ايه.

يعني آخد فكرة عامة فلو عندك وقت ممكن تديني المعلومات اللي انا عاوزها انا مش جاي اقعد على مكتب واتمريس علشان كدا فضلت انى اجيلك بنفسي وما اعطلكيش عن شغلك، وبالمناسبة محمود كمان هيكون معانا هنا.
في المصنع.
مش كدا يا محمود؟
لم يجبه محمود فناده مرة واثنتان الى ان اضطر الى رفع صوته مناديا بحدة: محموود!

والأخير شاردا في غزال بريّ يقف امامه غير عابئ له او لنظراته، افاق محمود من شروده والتفت الى اخيه وقال بتلعثم قليلا: ها، ايوة يا ادهم!
قال ادهم مكررا كلامه بدهشة وسخط نوعا ما: هو ايه اللي ها ايوة يا ادهم؟ انت هتشتغل هنا في المصنع اوكي؟
قال بلهفة: آه آه طبعا انا، ثم ما لبث ان قطع عبارته عندما هاجمت انفه رائحة غير مستحبة بالمرة كان شاردا عنها بالنظر الى ريتاج وقطب قائلا: ايه دا؟ ايه الريحة دي؟

ثم مالبث ان نظر الى يديه بريبة ورفعها الى انفه يتشممها وما لبث ان سعل بشدة قائلا باشمئزاز وهلع: ايه دا؟ ايه الريحة اللي في ايدي دي؟
نظرت اليه ريتاج وقالت في برود: ابدا دي اكيد ريحة الجاز!
رفع رأسه بحدة ناظرا اليها وقال مرددا بدهشة: ايه؟ جاز؟
ومن فين الجاز دا ان شاء الله؟

نظرت اليه قائلة ببرود: اومال هتشتغل في المصنع ازاي؟ ماتعرفش ان الجاز هو اللي بيشيل الشحم من الايدين؟ الفوطة اللي انا كنت بمسح بيها ايديا اسمها فوطة زفرة!
نظر اليها قائلا بدهشة بينما تابع ادهم الحوار بتسلية ظهرت في نظرات عينيه مما أغاظ ريتاج التي قالت بسخرية خفيفة من محمود: فوطة زفرة! اسمها كدا علشان بتكون فيها جاز هو اللي بيشيل الشحم من الايدين.

انت طبعا مش هتشتغل بايديك في المصنع على حد علمى انت تجارة انجليزي يعني حسابات بس بردو المفروض دي معلومات عامة لازم الواحد يكون لامم بكل حاجه تتعلق بالمكان اللي يشتغل بيه علشان يكون ناجح مش بيشتغل وخلاص! ودا الفرق بين واحد ناجح فعلا في شغله وواحد بيأدي شغله تأدية واجب وخلاص!
نظر محمود اليها بدهشة وهو يقول: ايه دا؟ هو انت كنت اتكلمتى مع ادهم قبل كدا ولا حاجه في الموضوع دا؟

قطبت مستفهمة قائلة: اتكلمت؟ موضوع؟ موضوع ايه؟ انا ما اتكلمتش مع أي حد في أي حاجه!
قطب محمود حانقا من ردّها عليه وتذكر انها قد ترددت لجزء من الثانية قبل السلام عليه فتأكد انها قصدت السلام عليه لتنتقل رائحة الجاز ليده فتضايقه، ابتسم ابتسامة خبث ثم رفع يده الى انفه وشم ّ راحة يده ثم زفر عميقا وقال بصوت هامس: بس تصدقي الريحة مش وحشة خاالص؟

نظرت اليه مندهشة في حين اكمل هو بابتسامة ماكرة: عارفة ليه؟ لان ريحتها مش جاز بس لأ. ريحتها فيها من ايدك.
فبئيت جاز بس بالياسمين!
قطبت ريتاج وقالت بدهشه: نعم؟ بال ايه؟ مال ناحيتها قليلا قائلا بغمزة من عينيه: بالياسمين.
الياسمين!

ارتبكت قليلا ثم تداركت نفسها وقطبت حانقة من ردّه عليها بينما زفر ادهم عميقا فلم يعجبه طريقة أخاه بالكلام مع ريتاج و التودد اليها و قال بحدة: اظن اننا ضيّعنا وقت كتير اووى ممكن بأه تيجي معايا وتوريني الشغل ماشي ازاي ولومش فاضية ممكن أ. خيري يقوم بالمهمة دي؟!

نظرت اليه بسخط قليلا ثم قالت: لا.
انا خلاص فضيت ياللا، ولم تكد تكمل عبارتها حتى تفاجئت بأدهم يسبقهما وهو يقول: طيب ياللا كفاية تضييع وقت لغاية كدا!
وسار امامهما فما كان منها الا ان نادته بصوت عال وهرولت للحاق به وهي تقول بحنق: ايه ايه.
هو انت عارف هتروح فين ولا تكون انت اللي هتفرجني على المصنع؟

قطب ادهم وقال بسخط: مش فاهم يعني ايه؟ قالت وهي تشير له بأصبعها كي يأتي وراءها وهي تقول بمنتهى البرود: ورايا!
نظر اليها بدهشة وقال بحدة بينما تمالك محمود نفسه بصعوبة كي لا ينفجر بالضحك: نعم؟ ورا ايه؟ ورا مين؟

قالت ببرود وهي تسير امامه: ورايا انا! انا اللي المفروض افرجكم المصنع وبعدين على الاقل من باب الاتيكيت هما مش بيقولوا ( ليدز فيرست )ما قالوش العكس ولا انت ايه رأيك؟ وسارت امامهما وسط حنق أدهم واحمرار وجه محمود لصعوبة تمالكه نفسه من الضحك! ثم بدأت جولة واسعه شاهدوا فيها جميع اقسام المصنع وتعرفوا على العمال والموظفين اللذين يعملون فيه...

دخلوا الى غرفة مكتبها بعد جولة واسعه في انحاء المصنع، اشارت اليهم بالجلوس وجلست على الاريكة الجلدية الموضوعه في زاوية الغرفة وجلس امامها ادهم ومحمود على المقعديْن الجلديين المحيطين بالاريكة، بدأ ادهم الحديث قائلا: من اللي انا شايفه كدا انك فاهمه شغل المصنع كويس بس انا حابب اشوف دفاتر الحسابات والميزانية بتوع اخر 5 سنين علشان اقدر احدد بالظبط المصنع بيكسب كويس ولا لأ؟ دا غير شوية افكار جات في دماغي وانا بتفرج دلوقتى على المصنع وفيه بعض الاقسام عاوزة تطوير وممكن العمال بتوعنا نعملهم زي دورات تدريبية كل شوية بحيث نكون دايما مع تطور التكنولوجيا انتِ عارفة احنا في عصر التكنولوجيا واللي مش هيطوّر نفسه هيكون في آخر الطابور ومايلومش غير نفسه ساعتها!

استأذنته ريتاج قليلا قبل ان تقوم من مكانها حيث سارت الى باب الغرفة وفتحت باب مكتبها حيث رأت الساعي المسؤول عن الطابق الذي يوجد فيه مكتبها وطلبت منه 3 اكواب من القهوة، ثم عادت لتجلس مكانها وهي تقول: معلهش كنت المفروض اقدم لكم القهوة من زمان، ها كنت بتقول ان فيه بعض اقسام في المصنع عاوزة تطوير.
اوكي انا معاك.
كلام جميل.
بس انا مش هقولك انه شرط لأ. دا طلب.

نظر اليها متسائلا فأكملت قائلة: انه مافيش أي تغيير او أي حاجه تحصل في المصنع غير لما ترجع لي الاول.
ممكن؟ معلهش يمكن انت عندك خبرة اكتر مني في الادارة بس انا متربية في المصنع دا واعرف كل طوبة فيه اتحطت امتى ومين اللي حاطّها! طبعا انتو مستغربين من كلامي اكيد بتقولوا ليه هوعندي كم سنة يعني علشان اقول كدا؟ بس دي الحقيقة، انا بابا ربّاني هنا في المصنع.

الاسطوات اللي انتو شايفينهم دوول يبقوا اكتر من اهلى هما اللي ليهم الفضل بعد ربنا في الخبرة اللي انا اكتسبتها دى، بابا كان بيحب يقعد يتكلم معايا على المصنع وعلى كل حاجه فيه.
نقل لي حبه الشديد له، الشركة كانت بعدين بعد المصنع ما كِبر بابا عمل الشركة لبيع جميع انواع قطع غيار العربيّات، بس الاساس هو المصنع.
انا دارسة اقتصاد يعني مش هاوية.

لما تحط دراستى مع خبرتي في المصنع دا وعليهم خبرتك في الادارة انا متأكده ان المصنع هيكون اكبر مصنع في الشرق الاوسط لتصنيع قطع الغيار وحد عارف يمكن شوية شوية نصنع عربيّات كمان.
اهم حاجه نبتدي صح.

نظر اليها ادهم ولم يستطع ان يمنع نفسه من الاعجاب بمنطقها وتفكيرها، ثم سمعوا صوت طرقات على الباب فأذنت للطارق بالدخول فدخل الساعي واضعا صينية القهوة على الطاولة وتمتم معتذرا ثم انصرف بينما قدمت ريتاج القهوة لهما وتناولت قدحها وارتشفت منه قليلا وهي تتلذذ بطعم القهوة فهى معشوقتها، نظرت الى محمود وادهم وابتسمت قليلا وقالت: ايه.
اول مرة تشوفوا حد بيشرب قهوة؟

قال محمود بمرح: لا وانت الصادقة اول مرة نشوف حد بيحب في كوباية القهوة مش بيشربها!
ضحكت ريتاج ضحكة قصيرة ولكنها كانت كافية لمحمود ليبتهج ولأدهم ليعلم ان القابعه امامه ليست كالجماد فهى تضحك كباقي البشر!
قال ادهم بهدوء: بصراحه انت فاجئتيني يا ريتاج! انا كنت فاكر انى اول ما هقول انى ناوي اغيّر حاجات في المصنع انك هتعترضي!

لا تعلم لما شعرت باختلاجة في قلبها ورفرفة خفيفة لدى سماعها لنطقه اسمها مجردا ولكنها حاولت ان تصرف ذهنها عن هذا الشعور وصبّت تركيزها في العمل ثم العمل والعمل! وضعت قدحها جانبا وابتسمت قائلة: لا.

يبقى انت متعرفنيش، انا أي حاجه في مصلحة شغلي لازم بفكر مرة واتنين وتلاته قبل ما اقول آه او لأ. وبردو لو لاقيت فكرة كويسة بصرف النظر مين اللي مقترحها مافيش عندى مشكلة خالص انى اوافق عليها طالما في مصلحة الشغل مش معقول ارفض اقتراح كويس هينفعني في شغلي لمجرد ان اللي مقترحه مش نازلِّي من زور مثلا؟

انا كدا اكون عملت زي المثل اللي بيقول قطع أنفه نكاية في وجهه، نظر اليها ادهم قليلا وقبل ان يهم بالكلام رن محمول محمود فاستأذن للرد عليه وقام من مكانه مبتعدا قليلا بينما مال ادهم ناحيتها قليلا وقال بشبح ابتسامة: ويا ترى انا بأه مش نازلّك من زور؟
تفاجئت ريتاج من السؤال ولكن انتبهت ان محمود قد انهى مكالمته فقال ادهم قبل ان يعتدل في جلسته: هعرف اجابة السؤال دا اكيد بس مش دلوقتي بعدين!..

اتفق ادهم ان يستلم محمود عمله في المصنع ابتداءا من الغد في قسم الحسابات كما رتّب مع أ. خيري نائب مراد والد ريتاج ان يسلّمه كافة الاوراق المطلوبة لمراجعتها وكان قد فوجئ عندما علم ان ريتاج ليست هي نائب رئيس الشركة او المدير العام فهي مسؤولة فقط عن عمل دراسة الجدوى للاسواق المحلية والعالمية لفتح اسواق اخرى لهم لتسويق بضاعتهم وانها تعمل في قسم صيانه الآت ومحركات المصنع كمشرف صيانه لما لها من خبرة كافية لشغل هذه الوظيفة...

استأذن ادهم وانصرف هو ومحمود الذي لم يكن يود الانصراف ولكنه لم يشأ معارضة اخيه امام ريتاج من ناحية ومن ناحية اخرى لا يريد لأدهم ان يفطن لخطته باستمالة ريتاج فلايزال تحذيره له بالابتعاد عنها يرن في اذنيه...

بدأ محمود العمل في المصنع، ولم يكن يستطيع رؤية ريتاج كما يحلو له كما كان يظن! فقد كان وقته كله يقضيه مع المسؤول عن تدريبه ولم يكن يأخذ وقتا للراحه سوى ساعة الغذاء فقط وحتى هذا الوقت لم يكن يراها فيه فاستغرب هل هي لا تشعر بالجوع ولا تأكل كباقي البشر؟

حتى علم سبب عدم رؤيته لها في ساعة الغذاء في كافيتريا المصنع فهي لم تكن تتناول غذاؤها مع الموظفين فالموظفين ورؤساء الاقسام ومدير المصنع ونائب رئيس المصنع جميعهم يتناولون الطعام في وقت واحد ومكان واحد ولكن ريتاج تتناول طعامها مع، عمّال المصنع!

سلام عليكم ممكن اشارككم الغدا؟

كانت ريتاج تضحك وعند سماعها لسؤال محمود سرعان ما خبت ضحكتها ونظرت اليه بتساؤل في حين سارع العمال الموجودون باخلاء مكان له بجانب ريتاج فهم يعلمون انه اخو ادهم رئيس مجلس الادارة والوصي على ريتاج، جلس محمود فنظرت اليه ريتاج باستغراب قليلا ثم قالت له بهدوء عندما وجدته ممسكا بحقيبة بلاستيكية من الواضح ان بها طعام له: احنا هنا كلنا بناكل مع بعض، عاوز تاكل اكلك ماتجيش تقعد في وسطينا لو قرفان تاكل من اكلنا.

ابسط قواعد الزووء انك انت اللي عازم نفسك علينا يبقى تاكل من أكلنا.
، نظر اليها قليلا ثم تبسم قائلا: اولا انا اسف انى عملت حاجه زي دي بس لاني عزمت نفسي عليكم ماحبتش اعمل بلبلة لاني معرفش هو بوفيه هنا زي الصالة التانية ولا ايه بالظبط؟ يعني انت كدا ظلمتيني يبقى ليّا عندك اعتذار.
نظرت اليه رافعة حاجبها باستغراب لكلامه معترفة في سرها بمنطق جوابه وقالت له ببرود: وثانيا؟

نظر اليها متسائلا فقالت له: انت قلت اولا يبقى اكيد فيه ثانيا!
قال لها بابتسامة: آه.
صح عندك حق.

ثانيا بأه، ناوليني من الاكل اللي قدامك دا علشان يبقى عيش وملح بيننا كلنا، تفاجئ محمود من بشاشة العمال في استقبالهم له ومدى ترحيبهم به فعلم انهم ما فعلوا ذلك الا حبا لريتاج لانهم يعلموا تمام العلم انه اخ ادهم وصي ريتاج، انقضت ساعه الغذاء سريعا ولأول مرة لايشعر محمود بالملل ولأول مرة يجد ان مذاق الفلافل و الفول ألذ من افخم الاكلات فيكفي ان الجو المحيط به مريح يملؤه الحب والود وسرعان ما علم لما كانت ريتاج مصرّة على ادهم ألاّ يقوم بأي تغيير في المصنع من دون استشارتها.

كما تيقن من سبب وجود ريتاج بالمصنع اكثر من الشركة.

صعد الاثنان الى طابقهما فكانا يشغلان نفس الطابق ولكن احدهما غرفة مكتبه في اول الممر والثاني وهي ريتاج في آخر الممر، أصر محمود على السير مع ريتاج حتى مكتبها وسط اعتراض منها ولكنه لم يأبه لاعتراضها، وقف معها امام مكتبها وقال لها بابتسامة حانية: ريتاج انا عاوز اعتذرلك!

نظرت اليه بتساؤل بينما تابع قائلا: انا عارف انى كوّنت عندك صورة مش كويسة ليّا، عارف ان رأيك فيا اني شاب مستهتر وبتاع بنات وكل اللي اعرفه في دنيتي ازاي اصرف الفلوس وبس.
وانى كنت بعمل المستحيل علشان ألفت نظرك ليا.
انا عارف كل دا.
وانت صح.
بس اعتذاري يا ريتاج انك مش زي البنات! انت بنت غير كل البنات يا ريتاج، وانا فعلا غلطت اني معرفتش كدا من الاول، ممكن تقبلي اعتذاري؟

تنهدت ريتاج وقالت له بهدوء وشبح ابتسامة صغير على وجهها: بص يا محمود انا طول عمري اقول مش عيب اننا نغلط لكن العيب اننا نتمادى في الغلط والاكتر لو غلط فينا حد وجه يعتذر ومانقبلش اعتذاره طالما هو بيعتذر باخلاص علشان كدا انا قابله اعتذارك بس ياريت توعدنى انك تلتفت لمستقبلك وتفرّح مامتك بيك وبنجاحك ماتتصورش هي قلقانه عليك أد ايه يا محمود مالهاش كلام مع ماما غير عنك انت وعن قلقها عليك.
ممكن توعدني؟

ابتسم قائلا: ممكن طبعا بس بشرط؟
قطبت فسارع لمتابعة كلامه خوفا من ان تفسر كلامه على محمل خاطئ حيث قال: لالالا ماتفهمنيش غلط.
شرطي اننا نكون اصحاب.
يعني اعتبريني صديق تلجئيلو وقت ما تحتاجي.
تفضفضى معاه.
كدا يعني.
ممكن؟
نظرت اليه ريتاج بصمت طويلا جعله يتملل في وقفته ثم قالت بهدوء: لا طبعا.
انا مش بعترف بالصداقة بين ولد وبنت لان بيحصل منها تعقيدات مالهاش لازمة.

زفر محمود حانقا ونظر الى الارض بحزن فسمعها تكمل قائلة: انما احنا ممكن نكون اخوات نفتح قلوبنا لبعض يعني انت تكون اخويا اللي كان نفسي فيه انه يكون لي أخ من زمان وانا اكون اختك تمام زي راندا كدا.
ها ايه رايك؟
ارتسمت ابتسامة واسعه على وجه محمود وهتف بسعادة قائلا: رأيي انى هطير من الفرحة، طبعا موافق دي حاجه عاوزة سؤال.

انا اللي عاوز أسأل هنا، انت سايب مكتبك وواقف هنا بتعمل ايه بالظبط انت وهي يا محمود؟ ، استدارت ريتاج سريعا لتفاجئ بعينين رماديتين تنظران اليها بغضب بينما نظر اليه محمود بدهشة فائقة هاتفا: أدهم!..

ترى هل سيظل محمود على وعده لريتاج ان يكون أخ لها أم انها خطة لاستمالتها؟ ترى ما موقف ادهم من تقارب ريتاج ومحمود وماذا لو عرف ان مشاعر محمود لريتاج لم تعد اخوية او للتسلية واللهو بل هي، مشاعر حقيقية؟!

تابعونى في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة