قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع

أغلق أدهم باب غرفة المكتب بعد دخول ريتاج وهو ينظر اليها شاعرا بما يعتمل بداخلها من غضب وحنق لطريقة كلامه معها وزجرها هي و أخيه لوقوفهما بمفردهما والتحدث بهمس مما يجعلها عرضة للاقاويل، وقد نهر محمود و أمره بالذهاب الى مكتبه وانه سوف يتحدث معه بخصوص ما شاهده في وقت لاحق ولكنه تكلم مع ريتاج بصيغة الأمر انه يريد التحدث معها الآن.

وعندما حاول محمود التدخل كان نصيبه نظرة زاجرة وصوت عميق يأمره بكل هدوء وبرود ان يذهب الى مكتبه فنظر الى ريتاج رافعا كتفيه علامة أن لا حول له ولا قوة فعندما يأمر أخاه بشئ لابد له من التنفيذ بدون نقاش...

وقفت ريتاج امام مكتبها مكتفة ذراعيها ونظرت اليه بتحد فلم يعجبها طريقته باملاء الاوامر على محمود وأمره لها انه يريد محادثتها على انفراد ضايقها بشدة وجعلها تعقد العزم ألّا تكون هيّنة في حديثها معه خاصة ان فاتحها في موضوع وقوفها مع محمود امام مكتبها والتحدث معه، بادرته قائلة وهي ترفع حاجبها الايمن بتحد سافر: أفندم؟ يا ترى ايه الموضوع المهم اللي خلاّك تتنازل وتيجي لغاية هنا؟ ومش بس كدا لأ، انت شبه طردت محمود علشان تكلمني لوحدى.

اقدر اعرف هو ايه الموضوع دا؟
نظر اليها ادهم بنصف عين ولم يعجبه طريقتها في الحديث معه فنظر اليها بقوة وقال بصوت هادئ ينم عن اقتراب عاصفة من الغضب العنيف لم تفطن ريتاج لها ولكن من يعرف ادهم تمام المعرفة يعلم ان هدوءه هو الهدوء الذي يسبق العاصفة: اظن تقعدي الاول علشان نعرف نتكلم؟
هزت رأسها رافضة وقالت ببرود: انا مرتاحه كدا.
اتفضل قول اللي عاوزه علشان عندى شغل مش فاضية!

هز ادهم رأسه مبتسما بسخرية وقال: قصدك تقولي مش فاضيالك مش كدا؟
هزت كتفيها علامة اللامبالاة فصرخ ادهم فيها بقوة قائلا: انا لما اقول اقعدي يبقى تقعدي! ونزلي ايديكي مافيش حد يقف يكلم الاكبر منه وهو مكتف ايديه بالشكل دا قدامه!
نظرت اليه ريتاج بغضب وقالت بحدة: وانا مش عاوزة اقعد دا اولا.
ثانيا انت اللي اقتحمت عليا مكان شغلي من غير معاد سابق!
نظر اليها مندهشا فأكملت ببرود: آه.
من غير معاد سابق.

مستغرب ليه؟ مش معنى انك رئيس مجلس الادارة المؤقت (وشددت على كلمة المؤقت)يبقى معنى كدا انك وقت ما تحب تشوفني تشوفنى او عاوز تتكلم معايا يكون المطلوب مني اني اسيب اللي في ايدي واطلع اجري مش مصدقة نفسي من الفرح ان البوس الكبيير عاوز يتكلم معايا!
اغمض ادهم عينيه وعدّ في سره من 1 – 10 فهو يريد لعصبيته ان تهدأ فلا ينفجر فيها ثم زفر بقوة وفتح عينيه ناظرا اليها بقوة وقال بهدوء خطر: اممم.

يعني انت مصممة تجادلي حتى في أتفه شئ انك تقعدي علشان نعرف نتكلم زي البني آدمين.
وبما اني معنديش وقت فاضي كفاية علشان نقعد نتناقش في موضوع قعادك من عدمه، وهو كذلك!
ابتسمت ريتاج ابتسامة نصر صغيرة لم تلبث ان ترتسم على شفاها حتى تحولت في لمح البصر الى شهقة عالية من الدهشة وهي تراه يرفعها من خصرها ويلقي بها على الاريكة وراؤها ويسحب الكرسي جالسا امامها حابسا اياها بينه وبين الاريكة في اقل من الثانية!

نظرت اليه قائلة في دهشة شديدة: انت ايه اللي عملته دا؟ انت واعي للي انت عملته؟
قال لها بهدوء: انا مش بحب المهاترات وتضييع الوقت، هما كلمتين احب اقولهم لك علشان مش فاضي لخناء العيال دا!
نظرت اليه حانقة بنصف عين في حين تابع ببرود: اولا وقوفك بالشكل دا مع محمود او أياً كان مرفوض شكلا وموضوعا.
محمود اخويا لكن انت بنت وكل خطواتك محسوبة عليكي.

فياريت تاخدي بالك بعد كدا من تصرفاتك انت مش واحد زميله واقف معاه عند مكتبه بالساعه ونازلين ضحك لأ. انت بنت ووقوفك بالشكل دا يعرّضك للكلام!
ضحكت ضحكة سخرية صغيرة وقالت باستنكار: بنت مين وولد مين؟ انا طول عمري بتصرف عادي ولا عمر حد قالي الكلام دا ولا اتقال عليا اى حاجه.
انت بتفكر ازاي؟ مواليد أي قرن انت؟ ال14؟
زفر ادهم بحنق وقال بقوة: افهمي.
انت بنت.

ممكن يكون اللي حواليكي مُحرجين يفاتحوكى في موضوع زي دا.
االمفروض مامتك هي اللي تكلمك لكن بما انها مش بتشوفك انت في شغلك عامله ازاي يبقى هتعرف توجهك منين؟
قالت له بغضب من بين اسنانها: انا طول عمري كدا وبابا عمره ما لمّح مجرد تلميح انى المفروض اغيّر طريقتي و أظن ماحدش هيخاف عليّا اكتر من بابا وماما حتى انت.
مش ممكن تكون خايف عليا!

قال لها بهدوء: والدك الله يرحمه ربّاكي زي الولد تمام فبالطبيعي مايلاحظش ان دي حاجه غلط عليكي كبنت انك تتباسطي في الكلام مع زمايلك دا اولا وثانيا ماتنسيش انى الوصي عليكي يعني لازم اوجّهك للصح ولو غصب عنك!
قالت باندفاع: اولا انا عندي المقدرة ان اللي يتجاوز حدّه معايا انى اوقف عند حدّه.
ثانيا انت وصي على اموالي مش عليا انا شخصيا اظن فيه فرق.

ثالثا بأه ودا الأهم انا ارفض أي تدخل منك في خصوصياتي مهما كان.
اظن واضح؟
قام من مكانه محتدا وهو يقول: لآآآ انت الكلام معاكي زي قلّته، ايه دا بكلم راجل دماغه زي الطوبة؟ انا عمري ما شوفت بنت دماغها ناشفة زيّك كدا؟
تصدقي انت خسارة الكلام معاكي!

وضرب الكرسي موقعا اياه على الارض واتجه الى باب الغرفة ليخرج وسط دهشتها من عصبيته وغضبه الشديد، فتح باب الغرفة ثم مالبث ان نظر اليها من فوق كتفه قائلا بحدة بعض الشئ: اعملي حسابك انك هتبتدي معايا شغل في الشركة من بكره.
دا سبب زيارتي ليكي انهارده، بكرة الساعه 9 الصبح على مكتبك في الشركة، وما ان هم بالخروج حتى نادته قائلة بتساؤل: شركة؟ شركة ايه؟

نظر اليها من فوق كتفه قائلا بسخرية: شركتك يا، أستاذ ريتاج!
وخرج صافقا الباب وراؤه بينما انتبهت ريتاج لكلمته أستاذ!
فتحت عيناها على وسعهما وشهقت دهشة مرددة: هاااااااااا، أستاذ!
ثم ضيّقت عينيها قليلا وقبضت بيدها عاضّة على اسنانها بحنق شديد...

استيقظت ريتاج في ساعه مبكرة في الصباح بعد ليلة مليئة بالأرق وقلة النوم مما أدى الى ظهور هالات سوداء حول عينيها، فهي لم تعتد على من يتعامل معها بلهجة السيد المطاع! هي ريتاج االتي ربّاها ابوها على الكرامة والثقة بالنفس وانها ليست بأقل من أي ذكر يأتي من يذكرها انها فتاة ويضع لها الروابط والقوانين وكأنها متحررة من هكذا قيود!
لا يعلم انها هي من وضع قوانين صارمة تتعلق بمجملها بالجنس الخشن.

فهي رافضة أي تقارب بينها وبين هذا الجنس من أي نوع، محمود لم يخرق هذه القوانين ولكنها علمت بحاستها انه في مفترق الطرق وان معدنه طيّب وهي اكثر من قادرة على صده ان تجاوز حدوده معها مع انها تعلم علم اليقين انه بالفعل قد بدأت شخصيته بالتغيّر فهى تلاحظه في المصنع وكيفية تصرفه مع زميلاته من الجنس اللطيف ففي البداية كان يحاول تبادل النكات والقفشات معهن ولكن رويدا رويدا بدأ وقوفه وحديثه معهن يقل حتى صار شبه منعدم مقتصرا فقط على رمي السلام وان كان فعل هذا ليثبت لها انه تغير فهي لابد لها من ان تشجعه ولكن هذا ال، أدهم، لم يستطع احد ان يرغمها على فعل شئ ترفضه.

كلّما مر بخاطرها كيف حملها كانها ريشة ورماها على الاريكة كي تجلس بالقوة تجعل هذه الذكرى دمها يغلي ويفور بقوة، برقت عيناها بعزم وتصميم فسوف تجعله يعلم تمام العلم من هي، ريتاج مراد!

صباح الخير يا ادهم بيه.

البوستة؟ نظر ادهم الى سكرتيرة المرحوم مراد فهو لم يغيّر طاقم الموظفين بالشركة واصرّ على الاحتفاظ بهم بعد اطّلاعه في الايام السابقة على سير العمل وكيف انهم يعملون بجد واخلاص، وضعت امامه البريد الذي سبق لها واطلعت عليه لتقوم بعرض الرسائل المستعجلة عليه والبريد الخاص وتتولى هي امر باقي الرسائل، كان يضع توقيعه على كل ورقة بعد ان تعطيه موجزا عن محتواها ناظرا بعينه سريعا على فحوى الرسالة عندما تكلم بهدوء قائلا: مدام بثينة، الآنسة ريتاج المفروض اول يوم ليها انهارده في الشركة ياريت توريها مكتبها وتقوليلها هتمسك ايه بالظبط اول ماتيجي بس احب الاول انها تيجي لي المكتب.

قالت له وهي تقلّب الاوراق امامه: آنسة ريتاج هنا من بدري و استلمت فعلا شغلها!
رفع رأسه بقوة ناظرا اليها مرددا بدهشة: اييه؟
ريتاج هنا؟
تلعثمت بثينة قليلا وهي تقول: آ.
آ، آه، ايوة هنا يا ادهم بيه من 8 ونص تقريبا واستلمت فعلا شغلها، قال لها مقطبا حاجبيه: غريبة، ماقولتليش ليه يا مدام بثينة؟ مش لازم اعرف اذا كانت جات في معادها واستلمت شغلها ولا لأ؟
اضطربت بثينة وقالت: انا.

آسفة يا ادهم بيه بس أ. ريتاج قالت لي مالوش لزوم انى اعطلك عن شغلك وانه حضرتك عارف انها موجودة.
زفر ادهم بحنق مغلقا الاوراق التي امامه وقال: معلهش يا مدام بثينة خدي باقية البوستة دي دلوقتي وانا هشوفها بعدين وياريت تبعتيلي ريتاج دلوقتي، حالاً! وبرقت عيناه بعزم وتصميم بينما هزت بثينة رأسها مراراً وقالت بتلعثم: حاضر.
حالا يافندم...

سمع صوت طرقات قوية على الباب وكان واقفا امام نافذة مكتبه المطلة على منطقة خالية مليئة بالاشجار الباسقة فكانت الشركة في احدى المناطق الجديدة، وكان قد اختار غرفة مكتبه اخرى بدلا من غرفة المرحوم مراد فهو لايريد ان يثير مشاعر ريتاج لدى رؤيتها له جالسا في مكتب والدها مما اثار دهشته من نفسه لتفكيره في مراعاة مشاعرها ولكنه صرف نظره سريعا عن هذه الامور فهناك اشياء كثيرة تشغل باله اولها هذا الفتى الذي يطرق بابه بقوة رجل مما جعله يهز رأسه استياءا وزفر بحنق قائلا: ادخل!

دخلت ريتاج مغلقة البالب خلفها بهدوء وجالت بنظرها في الغرفة حتى رأته واقفا امام النافذة الطويلة موليا اياها ظهره، تقدمت منه قليلا ثم قالت بهدوء: صباح الخير.
حضرتك طلبتني؟!

قطب قليلا ثم استدار ليراها مستغربا لهجتها فقد كان يظن انها ستأتي اليه بثورة غضب بعد طريقتها معه بالامس وأمره لها بأن تنتقل للعمل معه في الشركة، قاال لها بهدوء: صباح النور، ثم سار الى مكتبه مشيرا الى الكرسي المقابل لمكتبه لتجلس، سارت اليه وجلست وجلس هو مكانه ثم قال: تشربي ايه؟ شاي ولا عصير؟

نظرت اليه قليلا وهي تعض على لسانها لاتريد ان يفلت غضبها من عقاله فهي الى الآن تبلي بلاءاً حسنا كما رسمت لنفسها ألّا تظهر له شيئا مما يعتمل داخلها من حنق وغيظ وغضب تجاهه ولكنه يستفزها بأي طريقة.
شاهي ام عصير؟ أيحسبها لاتزال على مقاعد الدراسة؟ اذن ستفاجئه!
قالت ببرود: لا شكرا.
لسه شاربة قهوتي دلوقتي.
قطب قليلا ثم قال: قهوة؟ آه.
قصدك قهوة امريكي.
نسكافيه!

كتمت غيظها وقالت مبتسمة ابتسامة صفراء: لا، قهوة تركي.
واظن حضرتك مش جايبني هنا علشان تناقش أي نوع قهوة بحب اشربه!
نظر اليها بقوة زافرا بحنق وقال: انت دايما ردّك حاضر كدا على طول؟ انت مابتديش فرصة لنفسك انك تفكري حتى في الرد قبل ما تقوليه.
انا ماشوفتش كدا!
ثم نظر اليها قائلا: عموما.
انا باعتلك دلوقتي لاني استغربت انك جيتي من غير ما تفوتي عليا ولا حاجه!

نظرت اليه بسخرية قليلا وقالت: انت اديت اوامرك امبارح انى من انهارده اداوم في الشركة.
وواضح انك كنت مرتب كل حاجه مع مدام بثينه.
انا وصلت بدري عن معادي شوية فضلت قاعده في الاستقبال لغاية ماجات وكان حظي حلو انها جات بدري انهارده علشان عندك اجتماع مع رؤساء الاقسام فبتجهز له.
وهي اللي عرفتني مكان شغلي وهعمل ايه.
نظر اليها قليلا وقال وهوممسكا بقلم من النوع الثمين يلهو به بين اصابعه: ها.

وايه رايك؟ مرتاحه في الشغل؟

امسكت ريتاج نفسها بصعوبة عن التصريح من استياؤها من طبيعه عملها فهي لا تكره اكثر من الجلوس لمكتب والعمل عليه معظم الوقت بينما تفضل المصنع لان عملها يعتمد على مهارتها كمراقب صيانه بين العنابر والماكينات وليس بين الاوراق والفايلات، قالت بهدوء تُحسد عليه وهي تحاول توخي الصدق في كلامها فهي لاتريد نفاقه او الكذب عليه فأكثر ما تكره الكذب والنفاق: عاوز رأيي بصراحه مش كدا؟ نظر اليها بينما تابعت غير منتظرة لاجابته عن سؤالها قائلة: بصراحه في الاول اتغظت اووي وقلت انت اكيد بتعاقبني لما اخترت لي الشغل دا.

كون اني ادخل بيانات كل عملاء الشركة والمصنع على الكمبيوتر بكل الشغل اللي كان بينهم وبيننا خلاّني في الاول اتضايق.
لكن وبما اني مش من النوع اللي بيسلم بسهولة ابتديت ادخل البيانات قلت على الاقل لغاية ما انت تيجي واجيلك ابلغك انى مش عاوزة افضل في المكان دا وانك تشوف لي مكان غيره اشتغل فيه.

لكن واحده واحده ومع كل اسم كنت بدخله ببياناته لاقيتني ابتدت حصيلة معلوماتى عن طبيعه شغل الشركة والعملا بتوعها تزيد.
مش بس كدا لأ. انا الحمد لله اقدر احدد لغاية الاسامي اللي انا دخلتها طبعا انا لسه مادخلتش ربعهم حتى.
اقدر احدد مين العميل فيهم النشيط ومين النص نص ومين اللي قلِّته أحسن!

اطلق ادهم ضحكة قوية جعلتها تنظر اليه بدهشة وقد ارتسمت ابتسامة دهشة صغيرة على شفتيها فلقد تغير وجه ادهم المتجهم لوجه ضاحك مما أنقص من عمره 10 سنوات بينما تكشيرته الدائمة تزيد من عمره 10 سنوات!

قال ادهم بعد ان هدأت ضحكته: انت كدا على طول يا ريتاج؟ يعني اللي عندك بتقوليه على طول من غير تزويق في الكلام؟
يعني مثلا كان يكفي انك تقولي انك لاقيتي الشغل ممتع.

لكن انت قلت انك كرهتيه في الاول وكنت مستنياني علشان تقريبا تؤمريني انى اغيّر لك طبيعه شغلك هنا في الشركة، انت طبعا عارفة انى هتضايق من الكلمتين دوول، السؤال بأه ليه ماقولتليش ان طبيعه الشغل عاجبتك وخلاص لانه فعلا انت بعد كدا وبكلامك عجبك الشغل؟
نظرت اليه وهزت كتفيها علامة اللامبالاة وقالت: لاني لازم انقل لك رأيي بأمانه، مش اقول النص الحلو واسيب النص الحادق.
لأ، لازم اديكي النصين حضرتك!

نظر اليها وقد ضحك عاليا ثانية مما جعلها تقطب جبينها وبعد هدووء ضحكته قالت له: مش عارفة الاول كنت فاكراك بتضحك عادي لكن دلوقتي انت ضحكت كلاكيت تاني مرة معرفش ليه عندى احساس انه ضحكك دا سخرية مني؟!

نظر اليها قائلا بهدوء: اولا انا مش ممكن اسخر من صدقك معايا.
انا بضحك من تلقائيتك الشديدة في الكلام ودي صفة ياريت تفضل فيكي ماتتغيرش ولو انها محتاجة تتظبط شوية.
تاني حاجه انا عمري ماضحكت بالشكل دا، بس بجد انا بحييكي على صراحتك، قالت له ببرود: شكرا.
وهو من ناحية انك عمرك ماضحكت بالشكل دا فأنا اصدقك فعلا.
انا كل ما اشوفك الاقيك مكشر ايه.
خايف تضحك لا وشّك يشقق؟!

نظر اليها مبتسما وقال: لا ماتخافيش انا مش بخاف اضحك ولا حاجه واظن اني اثبت لك انى بعرف اضحك أهو؟
قالت له متمتمة: ان جيت للحق مش انت اللي بتخاف من الضحك، الضحك اللي بيخاف يقربلك!
رفع رأسه ناظرا اليها بدهشة قائلا: اييه انت قولتي ايه؟
قالت له وهي تقف: انا لا قولت ايه ولا بيه.

عن اذنك علشان عندى شغل كتير، وخرجت غير واعية بالنظرات الرمادية التي تابعتها من ظهرها حتى اختفاؤها وراء الباب وقد اغلقته بهدوء ليطلق الجالس على كرسيه تنهيدة عميقة بينما اعتلت عيناه نظرة عميقة غامضة.

ايه يا حمزة.
العربية مالها؟ ، قال السائق رادا على سؤال ادهم وهو يحاول أدارة المحرك مرارا: انا عارف يا ادهم بيه؟ مش عاوزة تشتغل مع انى لسه مغير الزيت ومشيّك عليها قريب.

ثواني هشوف حاجه عن اذن حضرتك، خرج من السيارة فاتحا مقدمتها ونظراليها مليا ناداه ادهم فلم يسمعه، تأفف ادهم وخرج ليقف بجواره وقال: والعمل يا اسطى حمزة؟ المشكلة ان الموظفين كلهم روّحوا تقريبا ومافيش ميكانيكي قريب احنا في منطقة سكنية جديدة يبقى الحل ايه؟ شكلها مافيش غير اني اكلّم ال كاب-كار (تاكسي العاصمة)!

في حاجه، عاوزين مساعده؟ التفت ادهم بقوة لينظر الى ريتاج قائلا بدهشة: ايه دا انت لسه ماروّحتيش؟ قالت له وهي تنظر الى السيارة خلفه: لا، الشغل خدني عموما انا متعودة على كدا.
ثم اقتربت من مقدمة السيارة المفتوحة وسألت باهتمام: فيه حاجه؟
كاد ادهم ان يقول لها ألّا تشغل بالها عندما اجابها حمزة السائق بلهفة: اه.
العربية كل ما بدوّرها مابتدورش!

قالت له وهي تنظر الى محرك السيارة باهتمام قاطبة جبينها: طيب ممكن يا، وسكتت فقال لها السائق بابتسامة: حمزة.
اسمي حمزة.
ابتسمت قليلا وتابعت: ممكن يا عم حمزة تدخل العربية وتحاول تدوّرها؟
نفّذ حمزة ماطلبته منه بينما شرعت في العمل على محرك السيارة وسط دهشة ادهم الذي قال مستفهما: انت بتعملي ايه؟
نظرت اليه ببرود وقالت: بلعب!
ثم طلبت من حمزة ابطال المحرك.

رفعت راسها ناظرة الى ادهم وهي تمسح يدها بمنديل كان بجيبها: البطارية هي السبب.
نظر اليها مستفهما: نعم؟ البطارية؟
زفرت بحنق وقالت: اه البطارية.
مالك مستغرب ليه، انا بقول بطارية العربية ولا عربيتك بتشتغل بالكهربا من غير بطارية؟
زفر بغيظ وقال من بين اسنانه: من غير تريئة لو سمحت، انا مستغرب علشان عم حمزة لسّه مشيّك على العربية من يومين!
قال حمزة بلهفة: ايوة تمام.

شيّكت عليها في التوكيل الصيانة الدورية بتاعتها وماكانش فيها حاجه.
هزّت كتفيها بعدم اكتراث قائلة: يبقى البطارية فضلت شغالة مدة طويلة علشان كدا سرّبت شحن!
سكت ادهم قليلا بينما تكلم حمزة قائلا بأسف متذكرا: ايوة صحيح افتكرت!
ثم نظر الى أدهم معتذرا: أنا آسف يا ادهم بيه.

بس اظاهر كدا انى لما ركنت العربية بعد ما جبت حضرتك انهارده 8 الصبح وكنت منور الفلاشر وانا بركن انى نسيت الفلاشر شغال علشان كدا البطارية نامت.
قالت ريتاج بهدوء: اكيد 10 ساعات تقريبا كفيلة انها تخلي البطارية تنام وتشخّر كمان!
اعتذر حمزة مرارا ل أدهم على سهوته ولكن ادهم قال له: خلاص يا عم حمزة مافيش حاجه حصلت بس السؤال دلوقتى هنعمل ايه؟
ثم نظر الى ريتاج قائلا بسخرية: هنعمل ايه يا باشمهندس؟

نظرت اليه ريتاج ساخطة ثم قالت ببرود: ولا قبلين نشوف عربية نوصل بطاريتها بالبطارية عندك علشان نشحنها فترضى تشتغل.
قال لها باستهزاء: لا بجد حلّتيها ما انا عارف.
نجيب العربية دي منين؟

نظرت اليه طويلا ثم سارت مبتعدة عنه واقفة بحيث تستطيع السيارات المارة رؤيتها وبعد قليل شاهدت سيارة قادمة من بعيد فأشارت اليها فوقفت مالت على نافذة السائق شارحة اليه سريعا ماذا تريد فما كان من الرجل الا ان خرج من سيارته وذهب الى ادهم عارضا مساعدته فقبلها ادهم ممتناً ولكن المشكلة تكمن في ان أيّاً منهما لايملك شاحن، قالت ريتاج: ممكن تفتح الكابوت حضرتك؟

نفّذ لها الرجل طلبها وقد اوقف السيارة بمحاذاة سيارة ادهم وقامت ريتاج بتوصيل البطاريتين عن طريق.
شاحن كان بحوزتها.
نظر اليها ادهم قائلا بدهشة: انت جيبتي الشاحن دا منين؟ معاكي؟
نظرت اليه بسخرية وقالت: اكيد، الصانيعي الشاطر بيمشي بعدته.

تمام زي الدكتور عمرك شوفت دكتور ماعهوش شنطة للطوارئ في عربيته؟ وبعدين انت طبعا مش ممكن تقف في الشارع تشاور للعربيات انها تقف لك مش كدا؟ مش ممكن طبعا بالبدلة والهيلمان اللي حواليك، احمد ربك انى كنت موجودة!
انتهت من شحن البطارية التي دارت بسهولة ما ان أدارها حمزة وشكر ادهم الرجل الغريب وشكرته ريتاج.

التفت الرجل الى ريتاج قائلا قبل ان يركب سيارته: انا عندى ورشة عربيات كبيرة اوى لو فكرت تشتغلي انا هكون اكتر من سعيد انك تشتغلي معايا شكلك مهندسة ميكانيكا شاطرة، ثم اعطاها بطاقة تعارف مدون عليها اسمه وارقام هواتفه وهز رأسه بتحيتهما قبل ان يصعد الى سيارته وينطلق بها...

نظر ادهم اليها وقال بسخرية وهو يراها لا تزال حاملة البطاقة بيدها: ايه.
بتفكري في العرض بتاعه يا اسطى؟
نظرت اليه ريتاج مليا ثم وضعت البطاقة بجيب الجاكيت الازرق الجينز الذي ترتديه فوق بنطلون من الجينز الازرق وقميص قطنى ابيض وكالعاده قد عكصت شعرها في عقدة محكمة كي لا تفلت اى من خصلاته وقالت ببرود دون ان تهتم باجابته: عن اذنك اتأخرت على ماما.
وذهبت قبل ان يتثنى له ان يرد عليها.

مجنونة يا ترى هتروّح ازاي دلوقتي.
طارت من قدامي ماعرفتش الحقها ونمرة الموبايل بتاعها مش معايا، قال السائق وهو ينظر في المرآة الخلفية: اللاه.
هي مش دي بردو أ. ريتاج؟
قطب ادهم ونظر من النافذة الخلفية ليفاجئ ب ريتاج وهي تندفع كالصاروخ من خلفه حتى تجاوزت سيارته فوق دراجتها النارية مما جعله يشد على اسنانه آمرا حمزة بحدة: وراها يا حمزة، اياك تزوغ عن عينك لحظة واحده!

انت اتجننتِ.
انا مش قلت ايَاك تركبي الموتوسيكل دا تاني؟ انت مابتسمعيش الكلام ليه؟
قال ادهم بغضب شديد وقد امسكها من ذراعها بقوة قبل ان تُدخِل المفتاح في باب المنزل، حاولت جذب ذراعها من قبضته بدون طائل وعندما أعيتها السُّبل قالت بحدة: وانا قلت لك قبل كدا انا ماحدش يملي عليا تصرفاتي.
وابعد عن حياتي خاالص.

نظر اليها قليلا قبل ان يميل باتجهها ناظرا بقوة في عينيها: وانا لما اقول الموتوسيكل دا مش هيتركب تاني يبقى مش هيتركب تاني!
وترك ذراعها بقوة ثم جذب سلسلة المفاتيح من يدها ورفعها امام عينيه وسط ذهولها ومحاولاتها المستميته لجذب السلسلة من بين يديه بينما هو يدفعها بعيدا عنه حتى استطاع تخليص مفتاح من السلسلة وقذف لها السلسلة قائلا: اتفضلي، مرة تانية اعرفي اني مابتعاندش!

ثم ذهب الى دراجتها النارية الموضوعه امام المنزل حيث ادارها راكبا فوقها وقال بصوت عال لحمزة السائق المتابع بدهشة وصمت: حصّلني ع البيت يا حمزة، وقاد الدراجة بأقصى سرعه وسط ذهولها الكبييير...

هل ستدع ريتاج ادهم ينتصر عليها؟ هل سترضخ له؟ كيف سيستطيع محمود الوصول اليها وسط تشديد ادهم على عدم حدوث ذلك؟ تابعونى في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة