قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل السابع والعشرون

ادهم بيه دا عدد انهارده من جرنال (، ) اللي انت طلبته ، تناول ادهم الجريدة من سكرتيرته وهو يحاول التحكم في نفسه فلا تظهر لهفته وصرفها، تطلع الى الصفحة الرئيسية فوجد التكذيب بنفس الخط وبجانبه خبر فصل الصحفي امين شرارة لنشره معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن المتهمة بجريمة قتل سامح عبد الشكور بعد ان توفرت لدى الجريدة الادلة القاطعه على كذب ما نشره الصحفي المذكور وان الجريدة لن تستطع نشر ما لديها من دلائل الاّ بعد موافقة ذوي الشأن وبعد انتهاء سير التحقيقات في القضية وانها بفصلها لهذا الصحفي الغير أمين والذي يعد وصمة عار في جبين الصحافة والصحفيين فإنها ترجو ممن تسبب هذا الصحفي في التشهير بهم بقبول اعتذار الصحيفة عمّا أصدرته في حقهم...

طوى أدهم الجريدة واعتدل في كرسيه واسند ظهره الى المقعد مغمضا عينيه وزافرا بعمق بينما ترتسم علامات الارهاق الشديد على وجهه فهو لم يذق طعم النوم منذ ما حدث، فهو شبه مقيم في مكتبه وقد طالت لحيته فهو لم يحلقها من يومها، ضغط زر الاتصال الداخلي طالبا كوبا كبيرا من القهوة لعله يفيق قليلا لكي يفكر ماهي خطوته التالية...

كان يشرب كوب القهوة السوداء عندما اخبرته السكرتيرة بحضور سعيد المحامي فأشار بدخوله اليه في الحال، جلس سعيد على المقعد امام ادهم الذي سأله بلهفة: ها يا متر طمنّي فيه جديد عن اللي اسمه سامح دا؟
قال سعيد وهو حزين عما يحدث لريتاج تلك الفتاة التي عاصر جميع مراحل حياتها: للاسف يا ادهم بيه سامح في غيبوبة والدكاترة مش عارفين هيفوق منها امتى.

ندعي ربنا يقصر المدة، قال ادهم وهو يتنفس بعمق: يا رب يا متر، ثم قال: طيب دلوقتي ايه اللي هيحصل بعد كدا؟

قال سعيد: المباحث دلوقتي بتعمل تحرياتها عن اللي اسمه سامح دا وبعد تقرير الطب الشرعي اللي بيبين ان ريتاج اتعرضت لاعتداء بدني عليها يبقى سهل جدا اننا نوضح ان محاولتها لقتله كانت دفاع عن النفس، ثم نظر الى ادهم الذي كوّر قبضتيه بغضب عنيف وقال: بصراحه ريتاج اتعرضت لكدمات كتيرة في جسمها وواضح انه كان بينتقم منها بس ماقدرش عليها يا ادهم بيه.

رفع رأسه ناظرا اليه بقوة فكرر المحامي قوله: ايوة يا ادهم بيه ودا يمكن سبب الكدمات الكتيرة اللي في جسمها لأنها كانت بتقاوم بعنف بتخليه هو يرد بعنف أشد.
اغمض عينيه وتمتم بقسوة: هو بس يفوووء يا متر يفووء وصدقني هخلي الموت بالنسبة له رفاهية مش هيطولها!
وبرقت عيناه بعزم شديد.
هاي يا طنط ازيكم عاملين ايه؟ ، سلّمت كوثر على صافي وقالت بهدوء: الحمدلله يا بنتي.
حمدلله على سلامتك.

كدا تقعدي عند صاحبتك الوقت دا كله؟
قالت صافي بغنج: اعمل ايه يا طنط ماسكة فيا ومش راضيه تسيبني الا فين الباقيين صحيح؟
قالت كوثر: محمود برّه وراندا فوق في اودتها وادهم في الشغل، قالت صافي بمكر: و.
ريتاج؟ فين ريتاج يا طنط؟
قالت كوثر بتلعثم بسيط: عند.
عند مها اصلها تعبانه شوية وطلبت من تاج انها تقعد معاها يومين اصلهم روحهم في بعض.
قالت صافي بابتسامة خبيثة: آآآه قولتيلي.
طيب كويس.

عن اذنك انا هطلع اغير هدومي، وانصرفت صاعدة الى غرفتها وهي تتوعد ريتاج في سرّها قائلة: بأه بتداري عليكي يا ريتاج هانم متعرفش اني كشفتها من اول ما اتلجلجت في الكلام وعرفت انها عارفة بس بتخبي بس على مين امّا خليّت فضيحتك بجلاجل يا ريتاج مابئاش انا صافي مهران!

مرّت الاربعة أيام التي تم حبسها لريتاج على ذمة التحقيق ولاتزال التحريات سارية ولايزال سامح في غيبوبته التي لا يعلم سوى الله متى نهايتها وإن كان سيفيق منها أم لآ، ولاتزال الافعى المسماة صافي تزحف باتجاه ادهم مدعية البراءة وصارحته انها قد قرأت الخبر في الجريدة ولكنها قرأت التكذيب ايضا وهي بالطبع لم تصدق الخبر الذي نُشر أول مرة ولكنها في داخلها كانت تتميز غيظا فقد اخبرها امين بما فعله أدهم وكيف انه كان السبب في فصله من وظيفته بالجريدة ووعدته صافي أنها ستعمل على الحاقه بجريدة من الجرائد المشهورة على ألاّ ينبس بكلمة عن اتفاقه معها، ولم يشك أدهم في نواياها واصبحت تلازمه كظلّه وتستمع اليه وهو يبثها حزنه وغضبه لما جرى لريتاج مطصنعة التعاطف معه ولكنها في ذات الوقت كانت ترمي بعض الاسئلة والاستفسارات التي تثير الشك والريبة في نفس ادهم تجاه ريتاج من نوعية: بس غريبة لما واحد كان متقدم لها يهددها انها تسيبك ليه هددها؟ مش معقولة كل واحده يتقدم لها واحد وترفضه ولما تيجي تتخطب يجي اللي رفضته ويهددها انها تسيب خطيبها الاّ اذا كان ماسك عليها حاجه جامده تخليه يطلب طلب غريب زي دا أو انه يكون.

مجنون؟
ثم ضحكت وقالت بخبث مستتر: مجنون ريتاج!
سكت ادهم واجما وأخذ عقله يفكر فيما قالته صافي، لم هددها؟ ما الذي لديه يجعله يُطلق هذا التهديد الأرعن الاّ اذا كان هناك شيئا قويا تحت يده ضدها او أنه كما تقول صافي، مجنون ريتاج!

استأذن صافي بالصعود لغرفته وما ان غاب عن بصرها حتى ابتسمت ابتسامة نصر صغيرة وقالت: كفاية عليك انهارده كدا يا ادهم، كل يوم جرعة صغيرة كدا لغاية ما أخليك انت بنفسك اللي ترفضها حتى لو طلعت براءة!..

دخل ادهم غرفته صافقا الباب خلفه بقوة وهو يزفر، ثم مرر يده في شعره شادّا ايّاه وهو يقول بحنق: انا هتجنن.
كُتر التفكير هيشلِّني، ليه يا ريتاج ليه، سامح دا يبئى مين يا ريتاج بالظبط ميييييين؟
وانهار جالسا فوق فراشه دافنا رأسه بين يديه والحيرة والشك يتآكلانه وكلام صافي يرن في أُذنيه...

انت بتقول ايه يا متر؟
يعني ايه حبسها اتجدد 15 يوم؟ ، قال ادهم بعصبية شديدة بينما حاول سعيد تهدئته قائلا: ادهم بيه دي جناية قتل ودا اجراء طبيعي هي معترفة على نفسها والمجني عليه في غيبوبة الله اعلم هيفوق منها امتى ولغاية ما نتيجة التحريات تظهر ماقدمناش حاجه نعملها، نظر اليه ادهم بقوة قائلا: إعملي إذن زيارة يا متر.
لازم اشوف ريتاج!

كانت ريتاج جالسة على سريرها الحديدي مرتدية الجلباب الابيض وهي تضع طرحة بيضاء على شعرها ممسكة بالمصحف الشريف الذي طلبته من سعيد المحامي في احدى المرات التي حضر لزيارتها وكانت تتلو بصوت رخيم آيات الله بينما عباراتها تنسكب مغرقة وجهها بصمت، كانت لا تترك كتاب الله سوى عند قيامها بما تطلبه منها السجّانه او لدى أداءها للصلاة، وكان دعاؤها دائما هو دعاء سيدنا يونس عندما كان في بطن الحوت ( لا إلاه إلاّ أنت سبحانك إنِّي كنت من الظَّالمين )، جلست بجانبها احدى السجينات كانت ملامحها بريئة توحي بأن عمرها لا يتعدى الخامسة عشر وهي في حقيقة الأمر 24 عاما ولكن بنيتها الضئيلة وعينيها المذعورتين دوما هما ما يولدان عند من يراها انه امام طفلة على اعتاب المراهقة، قالت بخفوت لريتاج التي ختمت تلاوتها بصدق الله العظيم مقبلة كتاب الله: انت اسمك ايه؟

قالت ريتاج بهدوء: ريتاج.
قالت الأخرى بتردد: وانا سحر، ثم قالت بارتباك نوعا ما: انت ِ تُهمتك ايه؟
قالت ريتاج بهدوء: كلب كان عاوز يقتلني قتلته قبل ما يموتني بس يا خسارة لسّه فيه الروح!
قالت بدهشة: قتل؟ وكان عاوز يموتك ليه؟

نظرت ريتاج اليها بطرف عينها وقالت: زي ما أي كلب بيقع على فريسته بس علشان بخته الاسود انا مش أي فريسة ولو كانت حصلت كنت موّت نفسي قبل ما يلمس شعرة واحده منِّي، ترقرقت عينا سحر بالدموع وقالت: اومال اللي سلمت نفسها بكل سهولة تقولي عليها ايه؟
استغربت ريتاج منها وقالت: ايه؟ سلمت نفسها؟
هزت برأسها موافقة وقالت: أيوة.
انا، بس هتندهشي اكتر لما تعرفي انه كان بموافقة أهلي!

فغرت ريتاج فاها بدهشة قائلة: ايه؟ موافقة اهلك؟

قالت سحر بابتسامة حزن مريرة: كنت بشتغل في مصنع باليومية ومع ان أجرتي كانت ملاليم لكن كنت بروّح فرحانه ومبسوطة بيها أووي وانا بديها لأبويا واقوله خد يا بابا انا بشتغل وبساعد زي الولد اللي كان نفسك فيه وخذلك وسرق حتتين الدهب بتوع أمي علشان يسافر على مركب لبلاد برّه من غير ما يقول زيّ كتير من صحابه ما عملوا، احنا 4 بنات وولد امي كان نفسها في الولد اووي علشان يقف جنب ابوه وكان بكريها ولد وكل مرة تحمل تقول علشان أخاوي سمير لكن للاسف كل مرة تطلع بنت لغاية ما الدكتور قالها انه قلبها ما عادش يستحمل حمل وولادة وتاني وبعد ما سمير عمل اللي عمله قالت تسيب نفسها مرة كمان بس، وسكتت فقالت ريتاج تحثُّها على المتابعه وهي تربت على يدها: بس ايه يا سحر، قالت سحر بصوت باك: ماتت هي واللي في بطنها ضغطها علي عليها فجأة وحصلها نزيف رحمها انفجر والدكاترة ماقدروش لا ينقذوها ولا ينقذوا الجنين كانت في السادس والعيّل لازم له حضّانه واقل حضّانه بألف جنيه في الليلة واحنا غلابة ابويا نجار في ورشة وانا اخدت الدبلوم واشتغلت علشان اساعده مع اني كنت شاطرة اووي في المدرسة وباقية اخواتي في العلام.

هنجيب منين 1000 جنيه في الليلة ماتت راحت للي أحن عليها من ابوها وأمها، وزي حدوتة سندريلا ابويا اتجوز مقدرش يراعي 4 بنات وخد جارته الست اللي كانت حنيّنه على بناته لغاية ما ضمنت وحطت رجلها عندنا وظهرت على حقيقتها، كانت أي مليم ييجي تاخده هي حتى اللي من شغلي وفضلت ورا ابويا علشان يطلع اخواتى سميرة وسمر من المدرسة بس انا وقفت لها، ابتسمت ريتاج وقالت محاولة التخفيف عنها: انتو كلكم سين سمير وسحر وسمر وسميرة؟

قالت سحر بابتسامة خفيفة: أصل ابويا كان بيحب أمي الله يرحمها أووي هي كان اسمها سيّدة فسمَّانا على اول حرف من اسمها.

المهم ما اطولش عليكي حصل زي الافلام العربي بالظبط الراجل العجوز اللي عنده فوق ال60 سنة وعاوز يجدد شبابه على ايدين بنت لسه ماجابتش ال 20 سنة وطبعا رفضت وعيطت اول مرة كنت اشوف نظرة الانكسار في عينين أبويا ومراته بتتهمني قدامه انى مش عاوزة اساعده انه يربي اخواتي كويس وانه في اخ او أخت ليّا جايين في السكة أتاري الست حامل، واتجوزته، عُرفي طبعا البيه غنى ومقتدر وولاده كبار وهيبهدلوه لو عرفوا وصرخت وقلت دا حرام دا زنا جابولى شيخ ما اعرف منين بيحلل له قلت له يا شيخنا الجواز اصله الاشهار ودا في السر دا لو جواز على ايد مأذون وفي السر بردو حرام قالوا لي انتِ هتفتي في الدين! وابويا موافق وقالوا لي ما هو وليّك أهو موافق وهو اللي هيجوزك واتجوزته ومن اول ليله الليلة اللي كل بنت بتحلم بيها طلعت كابوس واتعاملت زي الدبيحه وكرهت نفسي كان انسان مريض ضرب وبهدلة واهانة ومعايرة بأصلي وبأهلي ومرة صرخت قلت له ما تعايرنيش بأهلي ضربني لما ماعادش في جسمي حتة سليمة وطردني ورمالي ورقتي بعد ما قطعها في وشي وقالي اني مش وش نعمه، روحت لأبويا قابلتني مراته ومن ع الباب قالت لي مالكيش مكان عندنا انا ولدت والحِمل على ابوكي زاد اخواتى سميرة وسمر طلعوا يجروا ورايا يعيطوا علشان ما اسيبهومش زي سمير وماما قلت لهم يخلوا بالهم من نفسهم وأول ما اعرف هروح فين هآجي أخدهم ونمشي من هنا، سألتها ريتاج: وباباكي؟

ابتسمت ساخرة: مقدرش يقول كلمة واحده زي ما تكون ساحراله حتى واحده جارتنا لما حضرت اللي حصل ما الجيران سمعت وشافت قالت لي ان الست دي لها في العملات بس انا امي الله يرحمها كانت مربيانا ان ربنا وحده ارادته اللي بتحصل، نهايته خرجت للشارع والشارع مليان ديابه وقابلت ست شريفه اللي مالهاش دعوه بالشرف خالص ومثلت عليا انى صعبانه عليها لغاية ما عرفت ان عندها شقة مفروشة وبئيت زي حتة الخرقة اللي بتتنقل من ايد لإيد لغاية ما كبس بوليس الآداب علينا في يوم بس يومها ربنا ستر ما كانش معايا زبون كنت بخدّم بس يعني مش تلبس زي ما بيقولوا علشان كدا اخدت حكم مخفف وهطلع كمان كم شهر، قالت ريتاج: وليه رضيتي بكدا كان أشرف لك انك تخدمي في البيوت ولا انك توصلي للي وصلتيله دا؟

قالت لها بمرارة: كنت مرعوبة على اخواتي لا تبيعهم زي ما باعتني قبلهم وبعدين اذا كنت رخِصت عند أهلي مين هيغلّيني؟
قالت ريتاج: وهم عرفوا باللي حصل لك؟

قالت سحر وهي تمسح دموعها: اه، سمير اخويا رجع زي ما راح زي ما جه رجع مترحل علشان مهاجر هجرة غير شرعيه زي ما بيقولوا وطبعا لما عرف كان هاين عليه يقتلني بس اللي هدّاه انه عرف اني كنت بخدم في البيت دا بس خدامه يعني وبصراحه البنات اللي كانوا معايا كلهم غطُّوُا عليا وقالوا اني بخدم بس بنضف واشيل واحط ماليش في حاجه تانية، ثم نظرت الى ريتاج قائلة بارتباك: تفتكري اللي زيي لو صلِّت ربنا هيقبل صلاتها؟ انا من يوم اللي حصل وانا خايفه اقف قدام ربنا مابركعهاش خجلانه اقف قدام ربنا وانا عاصياه يا ترى ربنا ممكن يسامحني؟

تلت عليها ريتاج الاية القرآنية – مامعناه-: قل يا عبادي اللذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا انّه هو الغفور الرحيم صدق الله العظيم، صلي يا سحر واقري قرآن واوعي الشيطان يلعب بعقلك ويقولك ازاي تصلي وتقفى قدام ربنا وانت عاصياه لأ. اهم شئ انك تتوبي يعني تعاهدي ربك انك ماترجعيش للي كنت فيه ابدا.

ربنا بيحبك يا سحر كان ممكن البوليس يهجم ع الشقة وانت في حالة تلبس بس ربنا عايز يسترك ومايفضحكيش فإوعي انت تفضحي نفسك.
الكلام اللي انت قولتيهولي دا اوعي تقوليه لحد تاني ابدا انت طيبة وغلبانه يا سحر وربنا مش هيسيبك بس انت خلّيكي مع ربنا وانت هتحسي بقوة كبيرة اوووي قولي دايما يا رب لا يا فلان ولا علان حتى لو كان فلان دا اخوكي ولا ابوكي ولا جوزك دول بشروا بيتغيروا لكن ربك سبحانه يُغيِّر ولا يَتغيَّر.

قالت سحر وقد شعرت بالسكينة والهدوء يغمراها: ونعم بالله، طيب انا هقوم اتوضى وأصلي ركعتين ممكن تديني المصحف اقرا فيه شوية؟
مدت لها ريتاج يدها بالمصحف وهي تبتسم قائلة: اتفضلي يا سحر وربنا يهديكي ويهدينا يارب.
قاطعهما صوت السجانه وهي تنادي عاليا: ريتاج مراد.
زيارة.

دخلت ريتاج تمسكها السجانه الضخمة الى مكتب مأمور السجن ورفعت عينيها عند سماعها للمأمور يقول لشخص امامه: اتفضل حضرتك انا هطلع واسيبكم براحتكم، نظرت امامها لتجد ادهم واقفا وهو يتمتم بالشكر للمأمور وما ان اغلق الباب وراءه حتى نظر اليها قليلا ثم قال بصوت مخنوق: ازيك يا ريتاج؟

قالت له بهدوء: الحمدلله، اخذ ينظر اليها ينهل من تقاسيم وجهها ثم فتح ذراعيه وهو يقول: وحشتيني، ركضت اليه وارتمت بين ذراعيه واضعه رأسها على صدره تستمع لدقات قلبه بينما ذراعاه تعتصرانها بشدة أما هي فقد ارتسمت ابتسامة سعيدة على وجهها فقد شعرت بأنها لم تفقد أمانها بعد وهذا ما يهمها، ابتعدت عنه قليلا ونظرت اليه تنهل من تقاسيم وجهه مرَّت بأناملها على لحيته النابتة وقالت بمرح خفيف: من امتى ادهم بيه مش بيحلق دقنه؟

قال لها مبتسما ابتسامة صغيرة: من يوم تاجه ما غابت عن عينيه وحلف انه مش هيحلقها غير لما ترجع تنور دنيته تاني.
أرادت الاطمئنان عن والدتها فسألته والقلق يكسو عينيها الجميلتين: صحيح يا ادهم ماما عاملة ايه؟

قال بهدوء: الحمد لله كويسة انا قلت لها انك عندك مها يومين علشان هيا تعبانه وكل ما تطلب تكلمك اطلع لها بحجة شكل بس ان شاء الله تطلعي لها قريب اووي قبل ما تبتدي تقلق ولوانها مستغربة من انك مش بتكلميها بس انا بقولها انك بتتصلي تطمنني عليها وبتكون هيا نايمة ولما بتطلب مني اتصلها بيكي بتحجج ان موبايلك مقفول أي حاجه وربنا يعدي الفترة دي على خير، قالت ريتاج بهدوء: اللهم آمين، نظر اليها ادهم قليلا فقالت ريتاج مبتسمة: شكل فيه كلام كتير على وشَّك ومش عارف تقوله ازاي.

خير يا ادهم انا سامعاك؟
قال ادهم وهو يشير اليها بالجلوس على الاريكة: طيب ممكن نقعد الاول؟
بعد جلوسهما قال ادهم بتردد بسيط: ريتاج ممكن أسألك سؤال بس ياريت ما تتضايقيش لأنه حقي اسأل؟
ارتابت ريتاج من بداية الحديث ولكنها قالت: اسأل.
قال ادهم بعد ان ابتلع ريقه: سامح كان ماسك عليكي ايه بيهددك بيه؟
لوهلة نظرت اليه مندهشة مما قاله ثم قامت واقفة من مكانها وهي تهتف باستغراب: ايه؟ انت بتقول ايه؟

وقف امامها زافرا بعمق: بقول مش أي واحد اتقدم لواحده ورفضته يروح لها يهددها انها تفسخ خطوبتها من غيره إلاَ إذا كان ماسك عليها حاجه فعلا او مجنون!
نظرت اليه بإستغراب وكأنها تراه لأول مرة وقالت بدهشة: انت واعي لنفسك بتقول ايه؟ حاجه ايه اللي ماسكها عليا بيهددني بيها؟
امسكها من كتفيها ناظرا اليها بقوة وهو يقول: أنا اللي بسأل يا ريتاج ما هو يا كدا يا مجنون؟!
حررت نفسها منه بقوة وهي تقول بحدة: يبقى مجنون!

قال ساخرا: في الحالة دي يبقى مجنون ريتاج!
شهقت ريتاج بقوة بينما تابع ادهم بقوة: وايه اللي خلاّه مجنون ريتاج كدا؟ على كلامك انت ماشوفتيهوش من ايام الكلية غير في حفلة النادي يعني مالحقش في يومين انه يتجنن بيكي؟!
قالت له هاتفة بغضب وحيرة: انت عاوز توصل لإيه يا ادهم بالظبط؟
قال لها ناظرا بقوة الى عينيها: عاوز الحقيقة يا ريتاج.

قالت له بحدة: الحقيقة انه انسان ندل وخسيس وواطي وحب ينتقم مني علشان الكلام اللي قولتهوله في حفلة النادي وقبلها رفضي له.
كون انه مجنون او مش مجنون دي مش مشكلتي.
صرخ ادهم قابضا على ذراعيها: اومال مشكلة مين؟ لآخر مرة بقولك يا ريتاج قوليلي الحقيقة كلها.
انى اعرفها منك احسن من انى اعرفها من برَّه.
الحاجات دي مش بتستخبى.
قالت له في هدوء: وايه هي الحقيقة في نظرك؟

تركها وهو يستدير حول نفسه قائلا: الحقيقة انه كان بينكم صور او جوابات او يمكن مكالمات كمان هددك بيها ويمكن علشان تردي له الألم علشان اتراهن عليكي عشِّمتيه لغاية ما يقع فعلا في حبك وبعدين تفاجئيه بارتباطك بيّا علشان كدا اتجنن.
ثم اقترب منها ناظرا اليها بقوة متابعا: هي دي الحقيقة يا ريتاج هي دي.
ريحيني انا مابنامش!

كانت كلمات صافي ترن في أذنيه وهو يرددها على مسمع ريتاج فكل هذه الكلمات كانت تصبها في أذنيه وهو عاشق حتى النخاع يغير وبقوة على محبوبته يريد ان يفهم علّ عقله وقلبه يستريحان، نظرت اليه ريتاج نظرة من فقدت أملها فيمن هو سندها وقالت بهدوء: دي مشكلتك انت يا ادهم انا قلت لك الصدق لكن شكلك عملت زي الناس اللي قولتلي عليهم فاكر؟ ساعة ما طلبت مني ان الطب الشرعي يكشف عليَّا ساعتها قولتلي الناس مش بتصدق غير الوحش وبترفض تصدق الصراحه ولو واضحة قدامهم ولو مالاقيتش حاجه بتزود هيا حاجات علشان تصدق الوحش وللأسف دا اللي انت عملته.

انا كنت صريحه معاك من الأول ويشهد ربِّي عليَّا اني ما كذبتش في حرف واحد لكن انت حر تصدقني تكدبني انت اللي عامل كدا في نفسك.
انت اللي معذِّب نفسك مش أنا يا أدهم! ثم نظرت اه قليلا بخيبة أمل قبل ان تتابع بصوت حزين: عن اذنك يا ادهم الزيارة انتهت!

وسارت لتخرج من الغرفة وعند الباب التفتت اليه قائلة ببرود من فوق كتفها: ماتبئاش تتعب نفسك تاني في الزيارة لأني هرفض اقابلك وحاجه تانيه انا متأكده ان ربنا مش هيسيبني لأني انا المجني عليها ومتأكده ان المحنه دي هتعدي بسلام وانا راضية باللي ربنا كاتبهولي ومتأكده انه دا ابتلاء منه سبحانه بيشوفني هعمل ايه وانا راضيه الحمد لله بس يا ترى يا ادهم انت راضي؟ ثم ابتسمت ابتسامة مريرة وقالت: اشوفك على خير يا ادهم بس افتكر كويس اووي اني هطلع كسبانه من المحنه دي وانت الخسران.

انا كسبت معرفة ناس بانوا لي على حقيقتهم عمري ما كنت اتوقع انهم هيشكوا فيا ولو للحظة وانت خسرت ناس رفضت تشوف حقيقتهم الواضحة وصدقت كذبة اترسمت لك علشان تغطي الحقيقة اللي مسيرك في يوم هتشوفها بس يا خسارة يا ادهم بعد ما يفوت الاوان!

وطرقت الباب ليفتحه العسكري فتمسكها السجانه معيدة ايَّاها الى محبسها بينما ادهم في حالة من الذهول وهو يستعيد كلماتها الاخيرة شاعرا بها تودعه وقد انقبض قلبه كأنه قد خسر أثمن ما لديه!

ادهم بيه خبر بمليون جنيه ، نظر ادهم لسعيد الذي دخل مندفعا بقوة تخالف سنواته الستون وقال ببرود فهو لم يعد يفرحه شيئ منذ زيارته لريتاج من اسبوع واحساسه العارم بخسارته الفادحة مما حرمه طعم النوم والراحه: خير يا متر ماعادشي فيه حاجه تفرَّح؟
قال سعيد وهو يميل على مكتبه ناظرا اليه بفرح: حتى لو قولتلك ان، سامح فاق؟!

قفز ادهم واقفا واستدار حول مكتبه واقفا امام سعيد وهو يسأله بإلحاح قائلا: انت بتقول ايه يا متر؟
اعاد سعيد جملته ثانية بفرح حقيقي: سامح فاق ووكيل النيابة راح علشان يسمع أقواله، الخبر لسه واصلني طازة من المستشفى دلوقتي ما انا ليَّا مصادري الخاصة جوا المستشفى!
نظر ادهم امامه وردد بابتسامة: فااق.

ثم برقت عيناه بريق مخيف وهو يقول: تخلص النيابة من استجوابها وبعدين يبدأ التحقيق بتاعي انا بأه والحكم صدر عندي خلاص، مش مستني لا اقوال ولا شهود، حكم نهائي مستنِّي التنفيذ!

ترى ما هو الحكم الذي اصدره ادهم بحق سامح؟ ماهي اقوال سامح وهل ستكون في مصلحة ريتاج ام انه سيكمل انتقامه الى النهاية؟ ما هو رد فعل ريتاج ناحية ادهم بعد مواجهتهما الاخيرة؟ هل سيذعن أدهم لمتمردته الصغيرة سامحا لها بالرحيل عن حياته أم أنه سيحارب بكل السبل في سبيل عدم رحيلها عنه فكل شئ مُباح في الحُب و الحرب؟
تابعوني في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة