قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن والعشرون

أ. سامح ممكن تحكي لنا بالتفصيل ايه اللي حصل يوم الحادثة بالظبط؟ ، نظر سامح الى المحقق وبدأت الذكريات تنهال عليه وبدأ يسرد ما حدث بصوت ضعيف واهٍ بادئاً روايته منذ أن شاهد ريتاج لأول مرة وكيف بدأت علاقته بها وتطورت!

يعني انت عاوز تقول انكو كنتو بتحبوا بعض وعلشان باباها رفضك افترقتم لغاية ما شوفتها في النادي وابتدت علاقتكم تاني؟ ، شرد سامح قليلا وهو يتخيل وجه ريتاج آخر مرة يوم ان حاول الاعتداء عليها وكيف بصقت في وجهه ناعتة إيَّاه بأبشع النعوت والصفات ثم انتبه من شروده على صوت المحقق فنظر اليه وبرقت عيناه وهو يقول بصوت خرج بالرغم منه متقطعاً: أنا، هحكي لحضرتك.
كل حاجه من الأول!

يعني ايه يا متر ماينفعش؟ ، قال ادهم بعصبية شديدة موجها حديثه الى سعيد الذي حاول تهدئته قائلاً: يا ادهم بيه ماتنساش انه دا مجني عليه في جناية قتل والمتهم خطيبتك فبالطبيعي الزيارة ليك تكون صعبه دا مش مريض عادي، قال ادهم محاولاً التحكم في اعصابه: حاول يا متر انا عاوز اشوفه بأي طريقة، هز سعيد رأسه باستسلام قائلا: حاضر يا ادهم بيه هحاول، قال ادهم بقوة: لا مش هتحاول يا متر انت هتعمل المستحيل علشان اقابله، واضح؟

هز سعيد رأسه بالموافقة وبرقت عينا ادهم بالعزم والقوة...

نادت السجانه على ريتاج فقامت من مكانها وتوجهت اليها متسائلة فقالت لها بخشونتها المعتادة مع نزيلات هذا السجن: قدامي سيادة المأمور عاوزك.
سارت معها ريتاج وهي لاتدري لما حتى وصلا الى مكتب المأمور وادخلتها وخرجت مغلقة الباب وراءها، اشار المأمور لريتاج بالجلوس أمامه فجلست وقالت مستفسرة بهدوء: خير يا فندم؟ يا ترى فيه حاجه جدّت في القضية؟

نظر اليها المأمور ثم قال بهدوء وشبح ابتسامة ترتسم على وجهه: خير يا ريتاج ان شاءالله.
المجني عليه سامح عبد الشكور، فاق وأدلى بأقواله للنيابة.
نظرت اليه منتظرة سماع الآتي فهي تعلم جيدا مدى كره وغضب سامح منها ورغبته في الانتقام فتابع المأمور قائلا: انت هتترحلي ع النيابة من بكرة يا ريتاج لأن فيه حاجات جديدة جدّت في القضية بعد اقوال المجني عليه هتخلي موقفك يتغيّر في القضيَّة!

نظرت اليه في دهشة وقالت: حاجات؟ حاجات زي ايه حضرتك؟
قال المأمور: حاجات في مصلحتك يا ريتاج واضح ان المجني عليه ضميره صحي واعترف بحاجات هتخلي موقفك قوووي جدا في القضية وانا حبيت أبلغك بنفسي لأني من يوم ما جيتي هنا وانا متأكد انه فيه حلقة مفقودة في القضية.
انت مش وش سجون يا بنتي.
ونصيحة من أب أو أخ أكبر.
عمرك ما تخلي انفعالاتك او عصبيتك هي اللي تتحكم فيكي.
لازم تحكمي عقلك في الأول.

انا عارف انك كنت في حالة دفاع شرعي عن النفس بس كنت ممكن جدا تتجنبي دا كله لو كنت استشرت حد او حكيتي لحد عن تهديداته او اضعف الايمان المكالمة إلى جاتلك ان خطيبك عمل حادثة قبل ما تتصرفي منك لنفسك، دا درس جاامد اووي انا عارف بس الواحد مابيتعلمش بلاش.
ربنا يوفقك...

عادت ريتاج الى زنزانتها وهي واجمة شاردة في حديث المأمور.
هل معنى ذلك ان سامح قد اعترف على نفسه باختطافها وشروعه في اغتصابها لولا ان الله أنجاها من بين براثنه؟

افاقت من شرودها على صوت سحر وهي تجلس بجوارها ناظرة اليها بقلق تسألها عما كان يريده منها المأمور فأخبرتها بإبتسامة ان هناك مستجدات في قضيتها وانها في صالح موقفها وانها بمشيئة الله تشعر انها سيفرج عنها قريبا، احتضنتها سحر مهنئة ايّاها وقالت من بين دموعها: مبروك يا ريتاج ألف مبروك ماتتصوريش انا فرحانالك ازاي مع انك هتقطعي بيّا أووي يا ريتاج، قالت ريتاج وهي تمسح بيديها دموع سحر: يا بنتي كلها كم شهر وتخرجي بالسلامة انا هسيبلك نمرة تليفوني وعنواني ولازم أشوفك اول ما تطلعي من هنا.

اتفقنا؟
اشارت لها سحر برأسها بالإيجاب وابتسامة صغيرة ترتسم على شفتيها...

يعني ايه يا متر سامح طالب يشوف ريتاج؟ والنيابة سمحت له؟
هز سعيد رأسه بالايجاب وقال: واضح ان حالته مش مستقرة وعاوز يتكلم معاها والنيابة راعت ظروفه الصحية وأمرت بالمواجهة بين الاتنين.
زفر ادهم بضيق وقال: وامتى المواجهة دي ان شاء الله؟

قال سعيد: بكرة الساعه 9 الصبح في المستشفى ان شاء الله ما هي النيابة اصدرت أمر بتحويل ريتاج للنيابة وقطع مدة ال 15 يوم الحبس الاحتياطي اللي خدتهم علشان اقوال سامح غيرت كتير من موقفها في القضية، قال ادهم بحنق: وطبعا مش مسموح لي اني احضر مع مراتي المواجهة دي؟

قال سعيد بتردد بسيط: لا حضرتك بس بما اني المحامي بتاعها فأنا ممكن الحضور معاها، اغمض ادهم عينيه متنفساً بعمق ثم فتحهما ناظرا الى سعيد وقال بحزم: بكرة هكون معاك في المستشفى عارف انى مش هحضر بس مش هسيبها لوحدها.
ثم حدّث نفسه قائلاً: كفاية الكلام اللي قولته لها آخر مرة انا عارف انها مش هتنساه بسهولة مش هخليها تنسى ولو للحظة انى جوزها وواقف جنبها ومش هيأس لغاية ما أقنعها...

دخلت ريتاج الى غرفة سامح مع المحقق الذي قام باستجوابهما من جديد وسردت ريتاج بعينين جامدتين وصوت ثابت ما حدث بعبارات مقتضبة بينما يستمع سامح والشحوب يعتلي وجهه وسارع بمقاطعتها رافعا يده وهو يقول في رجاء: ارجوكِ خلاص.
ثم نظر الى المحقق قائلا بشبه توسل: حضرتك انا متأكد من كلامها ومش بشكك فيها و، وانا معترف اني خططت لخطفها و، اغتصابها.

شحب وجهها وكتمت شهقة ألم بينما تابع سامح والحزن والندم يقطعان نياط قلبه: العِند بيولِّد الكفر يا فندم، وانا.
حبيتها.
حبِّيتها بجد، ونظر اليها برجاء حار متابعاً: انا حبيتك يا تاج، والله العظيم حبيتك.

عارفة لو كنت سيبتي أدهم ماكانش ولا حاجه من دي هتحصل لكن انت ركبت دماغك وانا الشيطان لعب بدماغي كنت هتجنن ازاي تكوني لغيري فعملت اللي عملته دا، سأله المحقق قائلا: بس مش غريبة انك بعد السنين دي ترجع ندمان وبتحبها بالطريقة دي علشان شوفتها صدفة في النادي؟ عاوز تقنعني ان خبر ارتباطها بواحد تاني صحَّى حبها في قلبك فجأة؟
نظر اليه سامح ثم قال بهدوء: لا يا فندم.

انا ماكنتش نسيتها أساساً علشان افتكرها بس لما عرفت ان ريتاج اللي انا حبيتها اتغيرت وبئيت واحده طمعها هو اللي بيحركها سمحت لنفسي اني اقول يعني ايش معنى انا اللي عملت عليّا خضرة الشريفة وهي مستعدة تبيع نفسها بإسم الجواز علشان تضمن الميراث!
صرخت ريتاج في دهشة شديدة: انت بتقول ايه؟ انت اتجننت؟
نظر اليها سامح زافراً بقلة صبر وقال: لا يا ريتاج ما اتجننتش بس بقول اللي ناس كلها عارفاه!

صرخت قائلة: عارفة ايه؟
أمرها المحقق بالسكوت ثم توجه الى سامح بالكلام قائلا: وضّح قصدك يا سامح.

قال سامح: الناس عارفة ان ادهم شمس الدين دا يبقى الوصي على اسهم ريتاج والمفروض لما تتم ال 25 سنة تستلمهم لكن لو ادهم شاف انها مش قادرة على ادراة الثروة فالأسهم هتفضل معاه وهي هيبقى لها نصيب من الارباح السنوية بس وعلشان تضمن انها تستلم ميراثها بالكامل عملت اللعبة دي على ادهم وخلِّته يسيب خطيبته علشان يتجوزها هيَّا وبكدا تضمن ميراثها من ابوها!

صاحت ريتاج بحدة: خطيبة مين ولعبة ايه وميراث ايه انت الخبطة اللي على نافوخك أثرت عليك ولا ايه؟
قال المحقق بصوت عال: ريتاج.
ماتقاطعيهوش.
سيبيه يكمل كلامه لو سمحت، مش عاوز أي انفعالات.
قالت بصوت متهدج: حضرتك الكلام اللي بيقوله دا من ورا العقل انا متأكده ان الخبطة أثرت على عقله.
ابسط حاجه أدهم ماكانش خاطب!
نظر سامح اليها ببرود قائلا: ليه.
وصافي دي تبقى ايه مش خطيبته؟

شهقت ريتاج عالياً بينما قطب المحقق وقال: صافي؟
فقال سامح باندفاع: ايوة يا فندم صافي خطيبة ادهم وهي اللي قالت لي بلسانها حكاية الميراث وازاي ريتاج وقَّعت بينها وبين ادهم علشان تخليه يخطبها وتضمن الميراث!
هزت ريتاج رأسها يميناً ويساراً غير مصدقة لما يقوله، هل بلغ الكذب والجرأة والوقاحه بهذه الافعى ان تحيك ضدها الأكاذيب بل وتكون سبباً في ما كان سيحدث لها؟!

قال المحقق: لازم نستدعي ادهم للشهادة، قالت ريتاج مقاطعة ايَّاه:
بعد اذن حضرتك ادهم والمحامي برَه المحامي بتاعي كان عاوز يحضر معايا التحقيق بس انا ماوافقتش وادهم برَّه معاه، هز المحقق رأسه باستحسان وقال مخاطبا العسكري الواقف بجانبه: كويس.
انده لأدهم شمس الدين يا عسكري...

كان ادهم يستند بكتفه على الحائط المواجه لباب غرفة سامح وهو يتذكر النظرة التي رمته بها ريتاج لدى رؤيتها له كانت نظرة مليئة بالجمود والقسوة ولم تنتظر عندما ناداها بل هي من جذبت العسكري الذي كان يرافقها والقيود الحديدية في معصميها ليدخلا الغرفة غير عابئة به ورفضت ان يحضر معها سعيد التحقيق، سمع العسكري وهو ينادي عليه فاستغرب وتقدم منه قائلا: انا ادهم شمس الدين، خير فيه حاجه؟

نظر اليه العسكري وقال في هدوء: سعادة الوكيل عاوزك، ودخل تاركا ادهم يلحق به وهو بين مندهش لاستدعاؤه من ناحية ومن ناحية اخرى فرح لانه سيرى هذا ال سامح ليشفي غليله منه...

دخل ادهم وأشار اليه المحقق بالجلوس ثم بدأ باستجوابه بالاسئلة الاعتيادية عن اسمه كاملا وسنه وعمله ومحل اقامته ثم قال: أ. ادهم انت كنت خاطب قبل ريتاج؟
استغرب ادهم من سؤال المحقق وقال: لا.
انا ما سبأش وارتبطت بأي شكل من الأشكال بحد قبل ريتاج!
هتف سامح مقاطعا بدهشة: انت بتقول ايه؟ اومال صافي دي تبقى ايه؟
التفت ادهم اليه دهشاً وقال بحدة: وانت تعرف صافي منين؟

قال المحقق مقاطعا سامح الذي هم بالكلام: سامح بيقول انك كنت خاطب واحده اسمها صافي قبل ريتاج وان ريتاج السبب انك سيبتها!
هتف ادهم: كلام ايه دا يا سيادة الوكيل.
دا اكيد بيكدب انا لا خطبت صافي ولا ريتاج وقعت بيني وبين حد بالعكس ارتباطي بريتاج كان بإلحاح شديد منِّي أنا، دا مجنون أكيد مجنون!
سمع صوتاً يقول بمرارة: لا يا ادهم بيه، هو مش مجنون.

هو بيقول الكلام اللي اتحكالو وصدقه، لعبة واترسمت كويس اووي وانا اللي دفعت التمن فيها، قطب ادهم مستفهما ونظر الى ريتاج وقال: لعبة؟ لعبة ايه؟
قالت ببرود: إسأل، صافي!
قال المحقق بهدوء: أ. أدهم واضح انه فيه حاجه غلط.
ممكن تعيد تاني كلامك يا سامح؟

كرر سامح ما سبق وقاله ومع كل كلمة كانت دهشة ادهم تكبر وغضبه يتعاظم حتى وصل الى نهاية سرد روايته، احنى ادهم راسه وهز رأسه يمينا ويسارا غير مصدق لما يسمعه ثم رفع رأسه وقال ناظرا الى المحقق: ودلوقتي ايه اللي هيحصل يا سيادة الوكيل؟

قال المحقق: كلام سامح بينفي تهمة الشروع في القتل مع سبق الاصرار وبيقلب القضية لصالح ريتاج هي كانت في حالة دفاع شرعي عن النفس و ان شاء الله ماتوصلش للمحكمة لكن سامح هو اللي هيتقدم بكذا تهمة.
أولا تهمة التهديد ليها وتهمة الاختطاف وتهمة محاولة اغتصاب انثى.
قالت ريتاج بهدوء: الحمدلله انا كنت واثقة ان ربنا مش هيسيبني ابدا.

امر المحقق كاتب التحقيقات بغلق المحضر في ساعته وتاريخه وترحيل ريتاج للنيابة لاستكمال باقي الاجراءات، تقدم العسكري ممسكاً بمرفق ريتاج فأوقفه صوت سامح يقول برجاء: معلهش يا سيادة الوكيل ممكن كلمة اخيرة لريتاج؟
نظر اليه ادهم مستفزاً بينما اشار اليه المحقق بالحديث فنظر اليها طويلا قبل ان يقول برجاء وقد غشيت عينيه الدموع: انت حاجه كبيرة اووي اووي ياريتاج.
وانا ما استاهلكيش.

ياريت تسامحيني انا عارف ان غلطي في حقك كبير اووي بس عذري ان حبي ليكي كان حب مجنون وماكنتش باللي عملته فاكر اني بأذيكي على أد ما كنت متصور اني بحقق امنيتي اللي اتمنيتها من ايام الكلية انك تكوني ليَّا!
ثم نظر الى ادهم قائلا: خلّي بالك منها كويس اووي واوعى تضيع من ايديك لأنها لو ضاعت من ايدك صدقني مش هيبقى فيه طعم لحياتك خالص بعد كدا.

نظر اليه ادهم بهدوء ثم اقترب قليلا من فراشه ونظر اليه ثم ابتسم ببرود قبل ان تنطلق قبضته كالقذيفة في وجه سامح لتطرحه على جنبه فوق الفراش وقد صرخ عالياً من شدة الألم فركض المحقق لامساك ادهم صارخا به: انت اتجننت؟!

بينما نظر ادهم ببرود الى سامح الذي يمسح الدماء التي انطلقت من أنفه وقال: دا أقل واجب للي انت عملته لريتاج واوعى تجيب سيرتها تاني ولو بينك وبين نفسك حتى ساعتها بجد هتكون جاني على روحك وانا هتأكد المرة دي انها هتكون القاضية!

قال المحقق بصرامة: انت بتقول ايه؟ انت عارف ان دا يعتبر تهديد وقدامي يعني ممكن دلوقتي يقدم فيك بلاغ وآخد عليك تعهد بعدم التعرض ليه؟! لكن انا هراعي ظروفك وحالتك دلوقتي اتفضل، وخرجوا بينما ريتاج لم يهتز لها جفن وكأن الذي يحدث يخص انسانة اخرى غيرها!

تم ترحيل ريتاج الى النيابة ولحقها ادهم وسعيد الذي حاول مرارا ان يفهم من ادهم سبب جموده فهو لم يصرح له سوى بأن سامح قد اعترف على نفسه بأنه قام باختطاف ريتاج ومحاولة اغتصابها ولم يذكر صافي في الموضوع ككل ولكن سعيد استغرب من وجومه فالمفروض ان يقفز فرحا لقرب انتهاء محنة ريتاج فلِم هذا الوجوم الذي يرتسم على وجهه؟

تم اخلاء سبيل ريتاج من سرايا النيابة وخرجت مع سعيد لتجد ادهم واقفا مستندا على الحائط في الممر، اعتدل ما ان شاهدهما قادمان ناحيته، قال سعيد مربتاً على كتفه بابتسامة: مبروك ظهور براءة ريتاج.

سيادة الوكيل امر بالافراج عنها من سرايا النيابة بعد ماثبت انها بريئة من تهمة الشروع في القتل مع سبق الاصرار والترصد وانها كانت في حالة دفاع شرعي عن النفس وسامح بإعترافه ساعد كتير في خروجها بالسهولة دي، مبروك مرة تانية، اقترب ادهم من ريتاج حتى وقف امامها وقال بصوت متحشرج وابتسامة خفيفة بدأت بالظهور على وجهه: مبروك.
مبروك يا ريتاج.

لم تنظر اليه ولم يستطع ان يقاوم أكثر من ذلك فامتدت يداه تمسكان بكتفيها وجذبها الى احضانه يعتصرها بذراعيه بقوة غير مصدِّق انها بين ذراعيه مجدداً!
حاولت الابتعاد عنه وهي تُغالب شوقها إليه فقد كان حضنه هو واحة الأمان بالنسبة لها ولكنها الآن فقدت هذا الاحساس واصبح احساسها به خاوياً!

ركب ادهم بجوار ريتاج في الخلف بينما ركب سعيد بجوار حمزة السائق، قاموا بإيصال سعيد أولًا ثم توجهوا الى الفيلا ولم يتبادلا كلمة طوال الطريق حيث كانت ريتاج منشغلة بالاطمئنان على صحة والدتها لتساعدها في القرار الذي اتخذته بالنسبة لحياتها ومصممة على تنفيذه بينما كان ادهم منشغل البال بصافي وكيف توصل هذا الصحفي امين شرارة لعنوان سامح وكيف استطاع كتابة الخبر مرفقة بصور ريتاج في مكان الحادث، وتوعدها في سره ان كانت هي ايضا وراء هذا الصحفي!

وصلوا الى المنزل واسرعت ريتاج بالترجل من السيارة ولم تنتظر ان يفتح لها السائق الباب، اسرعت بدق الجرس ففتحت لها بدور التي ما ان شاهدتها حتى سارعت بالترحيب بها فهي تعلم انها كانت لدى مها ولا احد يعلم الحقيقة سوى كوثر ومها.

دخلت متجهة الى غرفة والدتها لتشاهد كوثر بجوار والدتها حيث اشرقت اساريرها لدى رؤيتها واحتضنتها هامسة في أّذنها: ألف ألف حمدلله على السلامة يا حبيبتي كنت متأكده انك هتطلعي من المحنة دي على خير، نظرت اليها ريتاج متسائلة فابتسمت بهزة خفيفة من رأسها ثم اتجهت بأنظارها الى امها التي همت بالوقوف من فراشها فسارعت اليها لترتمي في حضنها فجلست والدتها محتضنة صغيرتها التي وكأن حضن والدتها كان هو المفتاح الذي فتح الباب امام فيضان دموعها التي انهمرت تغطي وجهها وهي تشدد من احتضانها لأمها التي احتضنتها بدورها وهي دهشة من ترحيب ابنتها الحار بها وقالت بابتسامة: تاج حبيبتي.

انت اللي كنت بعيدة مش انا.
اللي يشوفك يقول انى كنت مسافرة سنين.
ليه الدموع دي كلها.
طيب طاوعتي مها وقعدتي معاها الوقت دا كله ليه؟ دا انت حتى مافيش ولو تليفون ليَّا تطمنيني عليكي كل ما أسأل ادهم يقول لي كلمتك وانت نايمة؟

ابتعدت ريتاج قليلا وابتسمت فقد تذكرت ان ادهم اخبرها انه قال لوالدتها انها تقيم لدى مها لمرض الاخيرة، قالت ريتاج: معلهش يا ماما اصلك وحشتيني اووي اووي ماتزعليش مني ماكنتش بعرف اكلمك وانت بتبقي نايمة مش برضى اقولهم يصحّوكي، هزت امها براسها وقالت وهي تحتوي وجه ابنتها بين راحتيها: المهم اني شوفتك بخير، ثم قطبت قائلة وهي تدير وجهها بين يديها: انما ايه دا؟ البت مها ما كانتش بتأكلك ولا ايه؟ انت خسيتي اووي يا تاج!

قال صوت قوي: ماتخافيش يا ماما سعاد هنزغطها هنا لغاية ما ترجع احسن من الاول ولو انها في كل الاحوال زي القمر في عينيّا، قالت سعاد بابتسامة غامزة لكوثر: شوفتي يا كوثر.
ادهم بيثبت بنتي ازاي!

ضحكت كوثر قائلة: ربنا يهنيهم ببعض يارب، وقفت ريتاج سائلة عن راندا فأجابتها انها على وشك الوصول من الكلية وان محمود في غرفته وانه سيفرح لدى مشاهدتها فالجميع قد افتقدها في المنزل وافتقد لوجودها المرح وضحكتها المشرقة...

دادة بدور.
دادة بدور، يا دادة.
كانت صافي تنادي بقوة على بدور فسمعها كلا من ريتاج وادهم وقالت ريتاج مقطبة: دي صافي مش كدا؟ قالت كوثر بابتسامة: ايوة يا حبيبتي.
ماراحتش الشغل انهرده مش عارفة ليه وكل شوية تسأل على ادهم زي ما يكون قلبها حاسس يا ادهم انك هترجع لنا معاك ريتاج!
استدار ادهم لينصرف وقال بغموض: عن اذنكم معلهش عاوز صافي في كلمتين.

اتجهت ريتاج اليه وقالت بجدية: عاوزة اكون معاك، قال لها بقوة وعينيه تبرقان ببريق مخيف: لا، سيبيهالي، لما اخلص منها ابقي اعملي ما بدالك!
وخرج متجها الى صافي المنتظرة في البهو طالبا منها التوجه الى غرفة المكتب في شأن هام...

اغلق باب المكتب بإحكام خلفهما ووضع المفتاح في جيبه، نظرت اليه صافي وقالت مبتسمة بدهشة: ايه يا ادهم انت بتقفل الباب بالمفتاح ليه؟
اقترب منها قليلا وقال بهدوء: مش ريتاج رجعت بالسلامة!
شهقت بدهشة ثم قالت بتلعثم: و، والله؟ بجد؟ طيب كويس.
انما ايه اللي حصل صحيح؟
اقترب ادهم اكثر حتى وقف قبالتها تماما ثم قال بهدوء: أظن انت اكتر واحده عارفة باللي حصل لريتاج؟

قالت بارتباك فضحها: وانا، انا اعرف منيين و، واذ بصفعة مدوية تهبط على وجنتها لترميها ارضا صرخت على أثرها من هول المفاجأة، قامت تستند على يدها بينما يدها الأخرى فوق وجنتها وهي تقول بدهشة وغضب: انت اتجننت؟ انت ازاي تعمل كدا؟
اقترب منها ممسكا اياها من ذراعيها بشدة وقال بغضب عنيف: واعمل اكتر من كدا كمان انت لسه ماشوفتيش حاجه دي حاجه بسيطة كدا ع الماشي!

صرخت قائلة: ومين اللي هيسيبك تعملها تاني ان شاء الله؟ انت هتدفع تمن الألم دا يا ادهم غالي وغالي اووي كمان!
جذبها بقوة ناحيته وضغط على ذراعيها حتى افلتت منها صرخة ألم وقال بعنف: انا اللي هخليكي تشوفي الويل بعينيكي دوول! انت تتفقي مع الندل إلى اسمه سامح انه يعمل كدا في مراتي! انت اللي اتجننت!

شحب وجهها وقالت بتلعثم: ندل مين دا انا معرفش انت بتتكلم عن، فجاءها بصفعة أخرى مدوية على وجهها ثم جذبها بقوة من شعرها فشاهد بضعة قطرات من الدماء على شفتيها من جرَّأء الصفعة، قال لها وهو يشدها بقوة من مقدمة شعرها: عملت كدا ليه يا صافي؟ عملت ايه تاني يا صافي؟ انت اللي اتفقت مع الصحفي الخسيس دا انه يكون موجود ساعتها بس كنت فاكره انه هيصور الواطي وهو بيعتدي عليها علشان كدا قدر يصور ريتاج في لحظتها وانا ما اخدتش بالي غير بعدين.

مش كدا يا صافي، - صرخ عاليا – مش كدا؟ انت اللي اتفقت معاه.
انت السبب في كل اللي حصل دا مش كدا؟
دفعته بيديها الاثنتين بكل قوتها وصرخت بغضب قوي: ايوة انا.
انا اللي عملت كل دا، واعمل اكتر من كدا كمان، مش صافي اللي تسمح لحتة واحده زي دي انها تاخدك مني.
وعلى استعداد اني اموّتها يا ادهم عارف اموِّتها ولا أنها تبعدك عني سنتي واحد!

اقترب منها بخطوات سريعه وامسك فكها فجأة بقبضة قوية وقال معتصرا ايّاه بشدة بغضب عنيف: طيب اسمعي مني بأه.
انا علشان ابوك وامك مايموتوش بحسرتك وعلشان امي اللي هي في مقام خالتك مش هعمل حاجه فيكي وهسيبك تطلعي من هنا على اهلك في لبنان على طوول وانسي خالص مصر واللي في مصر والاّ هخليكي تندمي فعلا على اليوم اللي اتولدت فيه وصدقيني لو فكرت تقربي لريتاج تاني انا اللي هموتك، أظن واضح.

ولغاية ما تسافري من مصر انا ليا ترتيب تاني!
ثم تركها دافعا اياها بقوة واتجه الى الباب ليفتحه ونظر بعينيه ثم فوجئت به يدخل بصحبة رجلين ضخام الجثة مغلقا الباب خلفهما وقال لهما ببرود: صافي هانم في ضيافتكم في المكان اللي انتو عارفينه لغاية ما انا اقول ومايحتاجش اوصيكم الدبان الازرق مايعرفش طريقها فين.

قال احدهما بصوت قوي أجش جعل الخوف يسري في مفاصلها: تحت امر جنابك يا فندم، اشارة واحده من حضرتك واحنا نخلّص على طول، قالت صافي بتلعثم وصوتها بدأ بالاهتزاز وهي تراهما متجهان اليها: تخلّصوا ايه، ثم صرخت عند اقترابهما منها يمسكانها من ذراعيها وقالت بهستيرية: ادهم.
انت هتعمل فيَّا ايه يا ادهم.

موَدينِّي على فين دوول، نظر اليهما بعينيه فهزا برأسيهما ايجابا وقام احدهما بتكميمها ورفعها فأخذت ترفس بقدميها محاولة الصراخ ولكن صوتها ظل محتبسا وهي تنظر باستجداء الى ادهم الذي ادار نظره بعيدا عنها بينما قام الرجلان بإخراجها من الباب الخلفي للمكتب بعيدا عن الأعين...
زفر ادهم بضيق فهو ابدا لا يحب استعمال القوة ولكن هناك بعض الاشخاص والظروف التي تفرض عليك استخدامها خاصة ان كانت لازمة لحماية من تحب!

خرج من المكتب متجها الى غرفة الجلوس ليفاجئ بريتاج جالسة مع راندا التي كانت تتحدث وتضحك، تقدم مبتسما وهو يهم بالجلوس على الاريكة بجوار ريتاج: ماتضحكونا معكم، نظرت اليه ريتاج بتساؤل ثم قالت بهمس: عملت ايه معاها؟ مانادتنيش ليه؟ قال بهدوء: ماتشغليش بالك عملت الواجب وزيادة شويتين!

قطبت فهي كانت تريد ان تشفي غليلها منها بينما قال ادهم وهو يمد ذراعه على ظهر الاريكة وراءها: ماقولتليش يا راندا كنت فطسانه على نفسك من الضحك ليه؟
سعلت ريتاج قليلا لتُجلي حنجرتها ثم قامت قائلة ببرود: طيب احكي انت لأخوكي يا راندا كنت بتضحكي ليه وانا عن اذنكم هطلع اريح شوية، ما ان همت بالسير امامه حتى امسكها بمعصمها ونظر اليها قاطبا: قومت ليه؟ خليكي قاعده معانا.

قالت له برود وهي تسحب معصمها من قبضته: معلهش اصلي تعبانه شوية ومحتاجة انام.
خدوا راحتكم.
عن اذنكم!

وانصرفت الى غرفتها تلحقها نظرات ادهم وقد استوعب انه لايزال الطريق امامه طويلا ومعقدا لنيل ثقتها مجددا!

مر اسبوع على عودة ريتاج مجددا الى حياتهم وكان ادهم قد صارح أمه بأن صافي كانت وراء ما حدث لريتاج وأنه لا يريد من أي شخص أن يأتي على ذكرها في هذا المنزل فهي في عداد الأموات بالنسبة لهم وليست وحدها بل أهلها جميعا كي لا يكون هناك أي ذريعه او احتمال ولو ضئيل لرؤيتها ولو صدفة عن طريق أهلها فوافقته امه على كلامه.

كانت ريتاج جالسة مع مها وراندا في غرفة الاخيرة تتبادلن الاحاديث والمزاح وقالت ريتاج: يعني خلاص.
وافقت على انزار؟
قطبت راندا وقالت حانقة: لو سمحت يا تاج اسمه نزار مش انزار!
ضحكت ريتاج قائلة: يابنتي هو انزار.
طريقته معاكي كلها انزارات.
انزار انك ماتعمليش انزار انك ماتسويش حتى خطوبتك انزار انها مش خطوبة لأ كتب كتاب!
ضحكن كثيرا ثم قالت ريتاج: صحيح لسه مايعرفش ان محمود يبقى اخوكِ؟

هزت براسها نافية وقالت وعينيها تتراقصان بشقاوة محببة: لا.
لسه.
لما ييجي يتقدم لي رسمي هو ومامته ويمكن كمان اخترع حجة ان محمود مايشوفوش الا يوم كتب الكتاب!

قالت مها: حرام عليكي ليه كدا؟
قالت مبتسمة: خلّيه.
علشان يدووق طعم الغيرة.
أرد جزء من جمايله عليا لما عرفت انه خطب دا انا ما كنتش بنام الليل يا شيخه! قالت مها بحنق: يا سلام ولما يدعي على محمود اخوكِ دلوقتي دا كويس؟
ضحكت ريتاج قائلة بخبث: ايوة.
جينا لمربط الفرس.
محمود اخوها!
تلعثمت مها وقالت وهي تهرب بنظراتها: مش فاهمه قصدك ايه يعني؟

قالت ريتاج غامزة بخبث: يعني كل واحد خايف على اللي تبعه؟ وبالمناسبة بأه ايه رايكم تعملوا خطوبتكم في ليلة واحده ومحمود ومها كمان كتب كتاب ياللا انا سمعت ان ماما وماما كوثر هيروحو بكرة مع محمود علشان يتكلموا في التفاصيل صح يا مها؟

هزت مها برأسها ايجابا وقد احمر وجهها من الخجل بينما قالت راندا ضاحكة بصوت عال: وليه احنا الاتنين ما احنا التلاته احنا كتب كتاب وانت وابيه ادهم جواز انتو مش كنتو متفقين على كدا قبل كدا؟
لأ،! ، خرجت قوية وسريعة من ريتاج لدرجة ادهشت راندا ومها اللتان تبادلتا النظرات بينما تبدل مزاج ريتاج وقالت بهدوء: مالكوش دعوه بينا.

المهم نفرح بيكم انتو الاول، ثم قامت مستئذنة بالانصراف لرغبتها في الذهاب الى والدتها والجلوس معها قليلا، كانت قد تحدثت مع طبيب والدتها المعالج وصرح لها ان حالتها الصحية فوق الممتازة وانها قد اجتازت مرحلة الخطر منذ زمن حتى انه سمح لها بالحركة والتنقل والقيام بكافة شؤون حياتها بطريقة طبيعية ولكنه حرّص على تجنيبها الانفعال زيادة في الاطمئنان...

كانت متجهة الى الدرج لتنزل متجهة الى غرفة والدتها عندما جذبتها يد فجأة وسرعان ما كممت فمها لئلا تصرخ وسمعت صوت يقول بهمس: انا.
انا يا ريتاج.
انا ادهم، وانزل يده ببطء فالتفتت اليه بدهشة بينما جذبها من ذراعها بسرعه الى غرفته مغلقا الباب وراؤه، نظرت اليه مقطبة وقالت: اقدر اعرف اسمه ايه دا؟
قال لها وهو يستند الى الباب وراؤه: اسمه اني تعبت.
مش عارف اتكلم معاكي.

كل ما اجي اتكلم معاكي الاقيكي بتهربي مني.
عاملة زي الزيبق، خلاص زهئت!
اقتربت منه قليلا مشيرة الى الباب وقالت ببرود: طيب ممكن تبعد علشان عاوزة اخرج؟
اقترب منها قليلا و قال: انا مش ممكن ابعد عنك ابدا.
وانت مكانك هنا، واشار الى قلبه متابعا: مش هتخرجي منه ابدا، ابتسمت ساخرة وقالت: شكلك بتتفرج على افلام رومانسية كتير.
لو سمحت يا ادهم عاوزة اخرج!

قال لها بنزق: انا ما اسمحلكيش تسخري من مشاعري ناحيتك بالشكل دا!
ضحكت ضحكة صغيرة تقطر مرارة وقالت: ماتسمحليش اسخر من مشاعرك.
اممم!
ثم نظرت اليه بقوة وقالت: لكن سمحت لنفسك تشكك في اخلاقي وتصدق السم اللي كانت واحده مريضة بتبخه في ودانك صح؟

هم بالحديث عندما تابعت بصوت يقطر حزنا وألما: عارف يعني ايه لما الانسان الوحيد اللي مايهمنيش أي حد غيره يشك فيّا؟ الاقيه واقف مع الناس وبيهاجمني؟ دا انت وانت المفروض خطيبي وعارفني كويس وعملت كدا اومال الاغراب تعمل ايه؟
ثم غامت عينيها بدموع لم تهطل واكملت قائلة: عارف يعني ايه تبقي اماني وسندي الاقيك انت اللي بتدنِّي وتهاجمني؟
هتف بقوة وحزن: انا معذور يا تاج انا كنت بتقطع.

انت عارفة انا بحبك أد ايه؟ الاسئلة كانت هتجنني.
منين خطبك من زمان ورفضتيه ومنين رجع بيهددك؟ وبيهددك ليه و بإيه؟ وليه ماصارحتنيش؟ مهما كنت خايفه عليا أزعل او أغير لكن كنت لازم تقوليلي.
ما كناش هنوصل لدا كله يا ريتاج، وماتنكريش اني في وسط دا كله ماسبتكيش ووقفت جنبك وخرست أي لسان جاب سيرتك بحاجه وحشة لكن سألتك كنت لازم أسألك علشان افهم ماينفعش تلغي حقي اني أسألك، لازم أسألك.

دا ابسط حق من حقوقي مش كزوج لأ. كحبيب!
همس بكلمته الاخيرة فنظرت اليه مبتسمة بمرارة وقالت: يا خسارة يا ادهم كنت بقول ادهم غيير، ادهم مش راجل عادي.
ادهم بيفهمني من نظرة.
ادهم ثقته فيّا مالهاش حدود ومش ممكن حد يقدر يغيره عليّا.
لكن للاسف يا ادهم.
بس تصدق انا اللي غلطانه فعلا.
انا اللي آسفة.
قطب قائلا وهو يتقدم حيث وقف قبالتها تماما: آسفة؟ اسفة علشان ايه؟ وغلطت في ايه؟

ضحكت بسخرية قائلة وهي تنظر اليه بعينين غشيتهما غلالة من الدموع: آسفة انى ظلمتك.
وظلمتك لما غلطت وعملت حواليك هالة كبيرة وخليتك فوق البشر.
وانت في الاساس بشر يا ادهم، بس انا اللي خيالية وكان نفسي الانسان اللى ارتبط بيه يكون من الخيال تقريبا لكن اتضح لي انه بشر، انا اللي حطيتك في الصورة دي.
ودي صورة، يعني سهل اووي تنكسر ودا اللي حصل.
الصورة اتقطعت والبرواز اتكسر يا ادهم وخلاص!

امتدت يديه تمسكانها من كتفيها وهو ينظر في عينيها بقوة ووجيب قلبه يعلو يشعر ان الآتي لن يستطيع احتمال سماعه وقد كان!
قال لها بتساؤل: مش فاهم قصدك يا ريتاج، يعني ايه الصورة اتكسرت؟
ازاحت يديه جانبا ونظرت اليه قليلا قبل ان تخونها دمعة نزلت من عينيها فأسرعت بمسحها وهي تقول بابتسامة حزينة: يعني خلاص يا ادهم.

احنا كنا حكاية جميلة لكن مش شرط الحكاية تنتهي بإن البطل والبطلة اتجوزوا بعض وعاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات!
ابتلع ريقه بصعوبة وقال وهو يقبض يديه: انت، انت قصدك، قاطعته ناظرة اليه بثبات: الطلاق يا ادهم، طلقني!
ترى هل سيطلق ادهم متمردته الحسناء؟ هل ستنتهي سطور حكايتنا بفراقهما؟ هل سترضخ ريتاج لمروّضها ام ستعلن العصيان عليه وترحل رغماً عنه وعن قلبها الذي سبق له وأعلن العصيان عليها؟

تابعوني في القادم من، المتمردة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة