قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع والعشرون

لا تعلم ريتاج كيف طاوعها لسانها ونطق هذه الكلمة المخيفة؟! فقد كان يهيء لها أن لسانها أبدا لن يطاوعها، الطلاق، الانفصال نهائيا عن نصفها الآخر!
ولكن كما سبق واخبرته ليس بالضرورة ان تنتهي قصة الحب نهاية سعيدة فكم من قصص خلّدها التاريخ وكان الفراق نهايتها، فليس أشهر من روميو وجولييت وقيس وليلى وعطيل وديدمونة وجميل بثينة وكثير عزة...

جلست امام مرآتها تتذكر تعابير وجه ادهم التي تراوحت بين الصدمة الشديدة في البداية ثم غضب عاصف يكاد يعصف بمن أمامه وصوته الذي انطلق مكبوتا وهو يقول: آخر مرة اسمح لك انك تفكري مجرد تفكير فيها بينك وبين نفسك، أي شيء تاني ممكن اقبله.

تأجلي الجواز، تخاصميني، ما تكلمنيش، لكن طلاق، انسي، ولغاية ما عقلك يرجع لك في راسك هعتبر نفسي ما سمعتش كلام الجنان اللي قولتيه دا، تذكرت نظرتها اليه التي تراوحت بين الدهشة والغضب وكيف انصرفت بدون ان تقول له كلمة واحده ومنذ محادثتهما الأخيرة سويّا وهو يتعمد تجاهلها وكأنه يعاقبها على قرارها الأرعن كما وصفه لها، ولكنها لن تستطيع الاستمرار بهذا الشكل وعقدت العزم على فتح الموضوع ثانية معه ولكن بعد حفل عقد قرآن مها ومحمود وراندا ونزار كي لا تنغص عليهم فرحتهم!

يا بنتي ارسي لك على بر رجليا وجعتني مش ممكن كدا يا روني اسبوع كامل علشان تختاري فستان كتب الكتاب اومال فستان الفرح هتجيبيه في أد ايه على كدا ان شاءالله؟
قالت راندا بضحك: يا حبيبتي انا عروسة يعني المفروض اكون اشيك واحده واهبله بجمالي!

ضحكت تاج ساخرة وقالت: انت من ناحية هتهبليه فإنت فعلا هتهبليه، بس ايش معنى مها اشترت فستانها في يوم واحد روحنا المول اتفرجنا عجبها كذا حاجه دخلت قاست واختارت وخلاص خلصنا لا وكل اكسسوارات الفستان كمان، قالت راندا بغرور مصطنع: والله كل شيخ ولو طريقة، وانا عاوزة عريسي يكون يومها مش على بعضه ومش مصدق عينيه، قالت تاج بمرح وهي تغمزبمكر: صحيح ماحاصلش أي كلام بينكم وبين بعض؟ ماصارحتهوش بحبك ليه؟ حبك امتى ولا حس بيكي امتى ماقالكيش؟

ضحكت مها وقالت: مين دا اللي يقول ايه؟ انت سبق وقولتيها دا ابوالهول يا حبيبتي بركة انه نطق وطلب ايدها.
بس مش عارفة ليه حاسة انه جايلك يربيكي ويرجع تاني؟!
وكزت راندا مها في جانبها وقالت بتأفف: أف منك يا مها انت يا بنتي ليه بتنسي انه خطيبي يعني في مقام جوزي يعني ما احبش حد يجيب سيرته بطريقة مش كويسة حتى لو تهريج؟

قالت ريتاج ملطفة الجو: صحيح يا راندا انت لسه ماقولتلوش ان محمود يبقى اخوك؟ أومال خطوبتكم ازاي كلكم في ليلة واحده؟
تنهدت راندا قائلة: اقولك يا ستي.

سي الافندي بتاعي بعد ما اخد الموافقة من ادهم اتفق معاه انه مش هيكلمني خالص في الكلية الا بعد ما نرتبط رسمي، وبالتالي الاول ايام ما كانش فيه أي شيء بيننا كان على الاقل ازيك عامله ايه كدا لكن من بعد الموضوع دا لو صادف وعيني جات في عينه يهز لي براسه كدا ويمشي وطبعا معملناش لا قراية فاتحه ولا أي حاجه علشان الظروف اللي مها كانت فيها لما تعبت وانت قعدت معاها ولو اني مش بالعه الموضوع دا وحاسة والله اعلم انه غيابك كان وراه حكاية وحكاية كبيرة اووي كمان لكن براحتك وقت ما تحسي انك محتاجه تفضفضيلي انا تحت امرك.

ابتسمت ريتاج وتبادلت النظرات مع مها ثم قالت موجهة حديثها الى راندا: تسلميلي يا راندا ربنا يخليكي ليا حبيبتي، ثم قالت بابتسامة: يعني انزار لسه معرفش ان محمود اخوك طيب على كدا مقريتوش الفاتحه؟

هزت راندا كتفيها قائلة: اللي عرفتو من ابيه ادهم انه لما نزار راح له المكتب بعد ما حاول يتصل بيه كم مرة وماكانش بيلاقيه علشان يعرف الرد وبعد ما ابيه قالوا اننا موافقين بس فيه ظروف في البيت تمنع اننا نعمل أي حاجة رسمي دلوقتي استئذنه انه يقرا معاه الفاتحه هما الاتنين وبعدين نبقى نقراها تاني لما يجيب مامته واخواته البنات، قالت ريتاج: هتكوني احلى عروسة انا متأكده انت وموهة ماتزعليش يا قمر انت اختي يا مها...

مرت الايام واقترب موعد عقد القرآن ولاتزال العلاقة بين ادهم وريتاج في غاية التوتر فلم يكونا يتواجدان في مكان واحد حتى تجد شرارات العناد والغضب تندلع بينهما وبدأ المحاطين بهم في الانتباه لهذا ولكن أحدا لم يكن ليتدخل فهم يعلمون تمام العام ان ادهم وريتاج اثنان ذات طابع خاص وانهما يستطيعا تدبر امورهما بمفردهما دونما أي تدخل من أي كان حتى كان يوم.

ماما حبيبتي ايه رايك بعد كتب كتاب مها وراندا نسافر نغير جو شوية؟ انا سألت الدكتور على فكرة قال انها فكرة ممتازة بشرط انك تريحي قبل السفر وبعد السفر علشان المجهود.

نظرت اليها امها مليا ثم ربتت على الكرسي بجانبها بينما هما تجلسان في غرفة سعاد، ابتسمت ريتاج وتقدمت جالسة بجوارها فقالت الام وهي تنظر الى عيني ابنتها بهدوء: فيه ايه يا تاج؟ انا ملاحظة من مدة ان انت وادهم مش على طبيعتكم بس مش راضية أتدخل سايباكم انتم تحلوا مشاكلكم براحتكم لان مهما كان انا كلمتي تقيلة.
بس طالما انك عاوزة تسافري وتبعدي يبقى الموضوع كبير وماتتحجيجيش بصحتي انا الحمد لله بئيت كويسة.

ممكن بأه حبيبة ماما تقولي ايه اللي مضايقها بالظبط؟
تنهدت ريتاج وابتسمت في هدوء وقالت: يعني انت يا ام تاج ماينفعش حد يخبي عليكي حاجه.
عموما يا ستي هقولك.
انا.

انا لما وافقت ارتبط بأدهم بعد تعبك كنت من ناحية عاوزاكي تكوني مطمنة عليا ومن ناحية تانية انا عارفة ومتأكده انك مش ممكن هتصممي على ارتباطي بأدهم الا إذا كنت فعلا مقتنعه بيه وانه انسان مناسب ليا فعلا مش زوج وخلاص علشان تطمني عليا واهو ضل راجل ولا ضل حيطة زي ما بيقولوا، انا منكرش انى اتشددت له بس، انا يا ماما مقدرش اعيش مع واحد لمجرد اني مرتحالو وخلاص لازم يكون بيني وبينه الشرارة اللي كانت بينك انت وبين بابا الله يرحمه.

قالت سعاد وبدأ القلق يغزوها مما أحسته من حديث ابنتها: وانت يا تاج مافيش الشرارة دي؟
نار وانت الصادقة يا ماما! ، التفتا الاثنتان الى مصدر الصوت لتفاجئ بأدهم واقفا على باب الغرفة وينظر بابتسامة مدروسة اليهما بينما تحمل نظراته الى ريتاج طابع التهديد والوعيد وهو يكرر عبارته قائلا: مش شرارة دي نار يا ماما سعاد! ولم تنتبه سعاد الى غضبه الموجه لريتاج في نظراته، قالت سعاد بلهفة: ادهم، اهلا حبيبي.

اتفضل، دخل بخطوات ثابته بعد ان قام بإغلاق الباب وراؤه وتقدم ليجلس على يد الكرسي العريضة الذي تجلس عليه ريتاج وقال بهدوء: معلهش يا ماما الباب كان مش مقفول وكنت فايت عليكي علشان اسلم على حضرتك، ابتسمت سعاد قليلا بينما تجاهلته ريتاج وقالت سعاد: تسلم لي حبيبي ربنا ما يحرمني من سؤالك عليّا.

مد ادهم ذراعه ليحاوط به كتفي ريتاج التي تصلبت بفعل المفاجأة ونظرت اليه شزرا فرد على نظرتها بنظرة استفزاز وقال ببراءة مصطنعه: انت كنت بتشتكي لماما مني كدا يا تاج؟ هتخليها تقلق مني كدا من أولها، ثم ابتسم وقال لسعاد: معلهش يا ماما ريتاج زعلانه منِّي بتقول اني بغير عليها زيادة شوية بس حقي انى أغير عليها مش مراتي وبحبها!

نظرت اليه ريتاج بقوة وحاولت تحريك كتفها لابعاد ذراعه ولكنه تمسك بها بقوة ناظرا اليها بتحد فقالت من بين اسنانها: اولا انا مش مراتك.
ثانيا، قاطعها بكل برود وهو يقول: تؤ تؤ تؤ، انا مش هسمع ثانيا معلهش اذا كان اولا غلط.
انت مراتي.
شرعا وقانونا مراتي.

الفرح اشهار لكن لو حبيت اخدك دلوقتي من غير فرح عادي الدنيا كلها عارفة اننا مكتوب كتابنا وديِّتها زغرودتين من دادة بدور وصباح الدنيا كلها تعرف اننا اتجوزنا، ثم مال عليها مكملا بخبث: ايه رأيك مش فكرة؟ تيجي نجرب؟

نظرت اليهما سعاد وابتسمت ابتسامة صغيرة وهي تقول: يعني انتو مش متضايقين من حاجه؟ تاج حبيبتي انا اصراري على ارتباطك بأدهم اني عارفة هو أد ايه راجل يُعتمد عليه وبيحبك، نظر ادهم الى ريتاج التي تجاهلت نظراته واشاحت بنظراتها بعيدا وقال بصوت اجش: بحبها، وربنا يشهد بحبها أد إيه وبخاف عليها أد ايه.

ابتلعت ريتاج ريقها بصعوبة واحمر وجهها بينما ارتسمت ابتسامة عريضة على وجه سعاد وقالت: ربنا يخليكو لبعض ويبعد عنكم العين يارب، معلهش ما هو الخناق دا هو الملح والفلفل اللي بتخلي الاتنين يتعلقوا ببعض اكتر وبعد ما يتصالحوا يعرفوا قيمة بعض اكتر، ابتسم ادهم ابتسامة مصطنعه وقال بينما يمسك بيد ريتاج بقوة كي لا تفلتها: معلهش تسمحي لي يا ماما سعاد آخد ريتاج منك شوية؟

اشارت سعاد برأسها وقالت بفرحة لتأكدها من تمسك ادهم بإبنتها وحبه الشديد لها: اتفضل يا حبيبي انا كمان هطلع اقعد في الجنينة مع كوثر شوية...

قاما وخرجا من غرفة سعاد وهو ممسك لمعصم ريتاج يأبى تركها وكان يسير مسرعا وهي تركض جاهدة لملاحقته حتى دخلا الى غرفة مكتبه حيث ادخلها بقوة واغلق الباب وراؤه وترك معصمها ووقف مكتفا ذراعيه مستندا على الباب وراؤه وقال بغضب مكبوت من بين اسنانه بينما كانت تمسد معصمها بيدها الأخرى: اقدر اعرف انت كنت ناوية تقولي لمامتك ايه بالظبط؟ انا مش سبأ وحزرتك ان الموضوع دا ما تفكريش فيه ولو حتى بينك وبين نفسك؟ انا سايبك براحتك بئالي فترة طويلة وبقول بكرة تهدا معلهش لسه زعلانه لكن للاسف شكلك كدا فهمت صبري عليكي ضعف، قلت ولا ماقولتش يا ريتاج؟ قلت ما تجيبيش سيرة الموضوع دا تاني ولا لأ؟

تجاهلت الرد عليه فصرخ بها بغضب: ردي عليا قلت ولا ما قولتش؟
نظرت اليه وقالت بحنق: قلت.
بس انا كمان مش لازم علشان السيد العظيم المبجل ادهم شمس الدين أمر بحاجه انفذها من غير ما افتح بؤي.

ثم اكملت بمنتهى الهدوء والبرود: ادهم قراري ما كانش تهديد ولا انا بتقل عليك ولا قرصة ودن ولا حتى زعل وعاوزة اتدلع عليك شوية علشان تصالحني واعرف غلاوتي عندك، لأ يا أدهم، القرار دا انا اخدته وانا مقتنعه بيه 100% ولا كنت تحت تأثير زعل ولا حاجه ابدا، احنا فعلا ماننفعش لبعض يا ادهم، وانا سبأ وقولتهالك وانت مافهمتهاش وهقولها تاني انا مقدرش اعيش مع صورة مكسورة، مقدرش اعيش وبيننا شرخ جامد وكسر ومهما الكسر اتصلح بيكون له أثر، ولا احنا اول اللى اتخطبوا وسابوا بعض ولا آخرهم، بيكونوا متجوزين وبينهم بدل العيل اتنين وتلاته وبيسيبوا بعض لانهم انسانيًّا مش قادرين يعيشوا سوا.

سكوتي الفترة اللي فاتت مش معناه انى لاغيت الموضوع من تفكيري لأ. انا أجلته لبعد كتب كتاب مها وراندا علشان ما اكسرش فرحتهم.
لكن دا قراري الاخير يا ادهم وانا مش هرجع فيه.
اقترب منها بخطوات سريعه ووقف امامها وقال بحنق: قرارك انت وانا ايه ان شاء الله انفذ من سُكات وخلاص؟ طلق يا ادهم ادهم ي، ي، يطلَّ، ق، انت متصورة الكلمة تقيلة ازااي؟ انت فاكرة انى بسهولة كدا هستسلم و أسلِّم؟

كانت موجهة نظراتها بعيدا عنه فأمسك بذقنها مديرا راسها اليه ونظر الى عينيها وقال بقوة: بصي لي كويس وحطي كلامي دا في دماغك كويس اووي لأني مش هتكلم في الموضوع دا تاني واحسن لك ماتختبريش صبري عليكي اكتر من كدا، انا غلطت وبعترف اني غلطت في حقك وليا عذري انا واحد بيحب وبجنون وانا مش ملاك لأ. انا بشر يعني ممكن جدا اغلط بس مش معقولة لو حد غلط فيّا يكون جزاؤه الموت!

نظرت اليه بدهشة فقال بصوت متهدج: ايوة الموت يا ريتاج.
فراقك بالنسبة لي هو الموت، انت معتقدة لما قسيت عليك ولا جرحتك بكلامي انه دا كان عادي بالنسبة لي؟ لا يا ريتاج، انا كمان كنت مخنووء لاني ضايقتك لانك حتَّة منِّي يا ريتاج، ثم تابع بصوت قوي: انا هديكي مهلة يا ريتاج لغاية ما حفلة راندا ومحمود تخلص علشان تحطي عقلك في راسك من هنا ليوم الحفلة عاوز اسمع منك يوم فرحنا امتى.

انت اللي هتقوليلي، ولو استمريتي على عنادك.
يبقى انا اللي هحدد المعاد اللي يناسبني انا، ثم نظر اليها قليلا قبل ان يميل باتجهها ليخطف شفتيها في قبلة حمّلها شوقه وحبه وغضبه ولم تستطع صدّه أو مقاومته واستسلم قلبها الخائن لهمساته الحانية، بعد برهة رفع رأسه ناظرا اليها وقال وعينيه تلمعان: مستني ردك.

ما تتأخريش عليَّا، نظرت اليه بارتباك قبل ان تندفع من امامه مغادرة الغرفة سريعا بينما تلاحقها نظراته ببريق من يشعر انه قاب قوسين او ادنى من الفوز بالجائزة الكبرى!

تاج.
تاج.
، صاحت راندا في ريتاج لتسمعها فأفاقت هذه الاخيرة من شرودها ونظرت الى راندا الجالسة بجوارها عند مصفف الشعر وكانت مها هي الاخرى معهم استعدادا لحفلة عقد القرآن، قالت تاج مهمهمة: همممم، نعم يا روني، قالت راندا بدهشة: همممم؟ ايه يا تاج الوووو.
انت فيكي ايه يا بنتي مش مظبوطة انهارده خالص؟

شردت ريتاج في ادهم الذي صادفته عند خروجها مع راندا ومها للذهاب الى مزين الشعر حيث اوقفها قبل ركوب السيارة التي ستقلِّهم وكان حمزة السائق في انتظارهم، ابتعد بها قليلا وهمس لها في أذنها: فكرت ولا لسه؟
نظرت اليه قليلا قبل ان تقول بهدوء نسبي: انسى يا ادهم، انسى زي ما انا نسيت!
قال ادهم بجدية ظاهرة: مش هنسى يا ريتاج، مش هنسى!

وتركها مغادرا بكل ثقة بينما ضربت بقدميها في الارض بغضب قبل ان تتجه الى السيارة لتركبها للذهاب الى مصفف الشعر...

قالت ريتاج بابتسامة خفيفة: ولا حاجه يا روني ماتشغليش بالك انا بس ماما شغلاني شوية، قالت راندا بابتسامة: الحمدلله طنط سعاد احسن من الاول بكتير ربنا يكمل شفاها على خير يارب، تقدمت مزينة الشعر من ريتاج وقالت: حضرتك فيه تسريحة معينة في دماغك؟ ثم برقت عيناها قائلة بحماس: عارفة لو عاوزة رأيي انا في قصَّة جديدة هتليئ على وشّك اووي ايه رأيك؟

قالت راندا مقاطعه بحدة مشيرة بيدها: لالالالالا انسي، انا متوصية المقص مايقربش لشعرها حتى دا من كتر ما ابيه وصاني حسيت انه كان ناقص يمضيني على تعهد ولا يكتبني شيك على بياض!
ضحكت المزينة بينما قالت ريتاج ببرود: بس انا الوحيدة اللي اقرر اسيبه ولا اقصه، ثم التفتت الى المزينة وقالت: ممكن توريني القصَّة اللي بتقولي عليها؟

احضرت المزينه كاتالوج لأحدث القصَّات والتسريحات واشارت لها على قصَّة معينة لن تنال من شعرها الكثير هي فقط ستقوم بتقصيره عند الغُرَّة والجوانب بشكل مدرَّج ثم من الخلف ستقوم قصه قليلا كقطعه واحده، برقت عينا ريتاج وقالت لها: عجبتني القصَّة.

اعمليهالي، قالت راندا برجاء: تاج بلاش طيب مش لازم علشان ابيه علشان مامتك انت ناسية ان هي اللي موصياكي انك ما تقوصيش شعرك؟ ابتسمت ريتاج وقالت بهدوء: ماما انهارده قالت لي لو عاوزة اقص شعري او اعمل فيه تسريحه معينه انا حرة انا دلوقتي بئيت واحده مخطوبة ومن احقي اعمل اللي انا عاوزاه.
سكتت راندا متبرمة بينما مها لم تحضر هذا الحوار فقد كانت جالسة بعيدا عنهما حيث تقوم مزينة اخرى بتجهيزها...

اهلا يا د.
نزار.

اتفضل ، دخل نزار بصحبة والدته وشقيقاته هدى وهبة وازواجهما واولادهما بينما انطلقت زغرودة من بدور وصباح، جلسوا جميعا في غرفة الجلوس التي كانت مزدانه بالورود ووُضع مكانين للعرسان بجوار بعضهما البعض، حيت سعاد وكوثر عائلة نزار الذي نظر في ساعة يده ووجه كلامه الى ادهم قائلا: اعتقد يدوب دلوقتي نروح نجيبهم من الكوافير انا اتفقت مع المأذون انه ييجي على 8 ودلوقتي 7 والمعازيم كلهم هييجوا على 8 زي ما قلنالهم، قام ادهم واتجه ليركب سيارته وركب نزار سيارة مخصوص قام بتأجيرها مزينة بورود وزينة للعروسين وطلب ادهم من حمزة السائق ان يقود سيارة العروسان، اتصل ادهم بمحمود ليرى سبب تأخيره فأجابه محمود ضاحكا: تأخير ايه انا اخدتها فعلا وجايين في السكة وحمايا وحماتي ورايا بعربيتهم احنا مابنضيعش وقت يا بوووس، ثم قال بصوت هامس بخبث: بس بقولك ايه.

خلِّي بالك من نفسك من الصاروخ أرض جو اللي هناك، عارف انا لو مش بمووت في مها كنت خطفته انا، سمع ادهم صوت تأوه محمود وهو يقول ضاحكا: احنا فينا من مد ايدين يا مها؟ طيب انت اللي جبتيه لنفسك استلقي وعدك بأه.
المأذون يكتب الكتاب من هنا وهتشوفي مد الايدين على اصوله بالظبط!

قال ادهم ضاحكا: دبحت لك القطة يا سبع الرجالة! انت يا بني مش هتهدى ابدا؟ عموما ياللا انا اقل من عشر دقايق وهكون عند الكوافير نزار ورايا بعربيتهم.
ياللا سلام.
واقفل الهاتف واتجه بسيارته والابتسامة ترتسم على محياه من مرح اخيه وسؤال يشغل باله: ترى ما هو هذا الصاروخ أرض جو؟..

راندا ياللا حبيبتي عريسك وصل ، نظرت ريتاج الى راندا التي تهادت كالملاك في فستانها ولم تستطع طبقات الماكياج الكامل ان تخفي شحوبها الذي اعتلى ملامحها فجأة وكتفت يديها المعرقتين وقالت راندا بتلعثم: بقولك ايه يا تاج.
انا.
انا عيلة ومش لاعبة!

ضحكت ريتاج وتقدمت منها ترفل في فستانها الملكي وقالت بمرح: بأه انت راندا اللي كنت بتستحلفيلو؟ ايه يا بنتي جمدي قلبك العمر واحد والرب واحد هي موتة ولا اكتر؟ وبعدين حبيبتي دا لسه كتب كتاب اومال في الفرح هتعملي ايه؟
نظرت اليها راندا بغيظ وقالت بنزق: الله يبشرك بالخير يا تاج.
دا على اساس انك كدا بتطمنيني مثلا يعني؟

أتت فتاة من العاملات في صالون التجميل تستعجلهما لحضور العريس فتناولت راندا نفسا عميقا وأخرجته ببطء ثم قالت بهدوء: استعنَا ع الشَّقا بالله، اشهد ان لا الاه الا الله واشهد ان محمدا رسول الله.

ثم قرأت الاذكار والمعوذتين وخواتيم سورة البقرة في سرها كما أوصتها والدتها، خرجت وفي اعقابها ريتاج التي كانت تسوِّي لها فستانها من الخلف وانتبهت على شهقة خفيفة من راندا فمالت على اذنها وقالت بهمس: راندا مش وقت تسبيل دلوقتي، اتحركي مالك اتخشبت كدا ليه؟
ثم نظرت امامها فرأت نزار واقف متسمرا في مكانه فقالت هامسة: هو ايه أصله دا؟ انتو اللي الاتنين اتمسمرتوا في الارض كدا ليه؟

انتبه نزار من شروده في هذا الجمال الملائكي الواقف امامه واتجه اليها ورفع يدها مقبلا اصابعها ثم اشار الى السيارة لتركب همت بمناداة ريتاج عندما قال نزار بهدوء وهو يمسك بيد راندا جيدا: ريتاج ليها عربية مخصوص جايلها!
استغربت ريتاج وما ان همت بالاستفهام حتى رأت السيارة التي وقفت وقائدها يهبط منها واغلق بابها ثم استدار ليفاجئ بحورية من حوريات الجنة والتي قد سلبت عقله وقلبه تقف امامه.

سار حتى وقف امامها ونظر بعمق الى عينيها وقال بهمس: اتفضلي يا اميرة.
ثم رفع لها يده لتتأبط ذراعه وسارا معا حيث كانت غائمة معه في سحر اللحظة وكأنهما بداخل تعويذة سحر أحاطت بهما طوال رحلتهما حتى وصلا القصر...

مرت احداث الليلة وكأنها حلم جميل بين عقد القرآن واصوات الموسيقى والتهاني واجمل الامنيات ولن تنسى راندا ابدا شكل وجه نزار لدى دخولها المنزل بصحبته وكيف اندفع محمود لاحتضانها وتقبيلها وهو يقول بفرح حقيقي: مبرووك مبروك يا روني، كاد نزار ان يهشّم أنف محمود بقبضته لولا ان تداركت مها الموقف ووقفت بجوار محمود وسلمت عليه قائلة: اهلا د.

نزار، اضطربت نظرات نزار قليلا وهو ينقل نظراته بين راندا التي تعض على شفيتها مانعه نفسها من الضحك وبين وجه محمود المبتسم ووجه مها الهادئ، رد عليها السلام وهو ينظر اليها وكأنها الاخرى عروسة واجابت مها بهدوء: ألف مبروك يا دكتور انا مها.
خطيبة محمود أخو راندا!
التفت نزار سريعا الى راندا ليفاجئ بوجهها وقد احمر وهي تكتم ضحكتها بصعوبة فهمس لها بخبث قائلا: اخوكي ها! وكاتمة ضحكتك ليه يا حبيبتي.

عموما حسابك مش دلوقتى بعدين، على انفراد يا، حبّي...

كانت نظرات ادهم تلاحق ريتاج أينما ذهبت وقد لازمها طوال الحفل مقدما اياها انها خطيبته ومحيطا خصرها الرشيق بذراعه القوي دوما...

شهقت ريتاج بقوة وهي تشعر به يسحبها الى مكان في الحديقة شبه خال ثم دفع بها الى جذع شجرة رفعت نظرها اليه وقالت بحدة: ايه يا ادهم خضتني، انت مش المفروض فيه ضيوف ماتسيبهومش لوحدهم؟
نظر اليها عميقا ثم قال بهدوء: الضيوف بيتعشوا دلوقتي والعرسان مشغولين ببعض وهو سؤال وعاوز اجابه عليه.
لغاية امتى هتفضلي تعانديني وتتحديني؟

قطبت ناظرة اليه وقالت باستفهام: قصدك ايه مش فاهمه؟ قال من بين اسنانه: قصيتي شعرك ليه يا ريتاج؟ انا مش قايلك مافيش مقص يقرب من شعرك خالص؟!
التفتت معطية اياه ظهرها وقالت ببرود: مش وقته دلوقتي، شهقت عندما ادارها بقوة لينظر اليها وقال بغضب: هو ايه اللي مش وقته دلوقتي؟ انا من ساعه ما شوفته وانا عاوز امسكك أشوف آخرتها معاكي ايه؟
نظرت اليه وهي تهز كتفيها ببرود وقالت: شعري وانا حرة فيه أقصه.
احلقه خالص.

اطوله.
براحتي ماحدش شريكي!
نظر اليها بنصف عين وقال: لا يا حبيبتي.
انا جوزك.
انت المفروض تاخدي إذني في كل حاجه، قالت ببرود: عموما حكاية جوزك دي مسألة وقت وخلاص الموضوع طوِّل ورخَّم ولازم يتوضع له حد!
نظر اليها بثبات مرددا وراءها: فعلا عندك حق.

الموضوع طول اووي ولازم يتحط له حد، ثم امسك بيدها ساحبا اياه وراؤه وعند وصولهما حيث الضيوف مجتمعه ترك يدها وقال بصوت عال استرعى انتباه الموجودين: يا جماعه معلهش معايا شوية، انا بس حابب اعزمكم كلكم على فرحي انا وريتاج اول الشهر اللي جاي يعني 3 اسابيع من انهارده وطبعا كروت الدعوه هتوصلكم لغاية عندكم، هتف الضيوف مهنئين واحتضنتها كلا من راندا ومها مهنئتين لها وبعدهما سعاد وكوثر وهي غارقة في دهشتها وما ان همت بالكلام حتى احست بذراع تطوق خصرها ويهمس في اذنها مشيرا الى امها التي كان وجهها ينطق بالفرحة الشديدة: موِّتي فرحتها بأه، نظرت اليه ثم الى والدتها وهزت رأسها بألم وقالت من بين اسنانها: بيتهيألك انك بكدا مشيت كلمتك عليا، ماشي يا ادهم بس الشاطر هو اللي يضحك في الاخر.

وتركته منصرفة الى والدتها...

تاج حبيبتي من يوم كتب كتاب راندا ومها من 4 ايام وانت متغيرة مالك حبيبتي فيكي ايه؟ يمكن متاخده علشان فرحك قرب؟
جلست ريتاج على ركبتيها بجوار والدتها الجالسة على الاريكة بغرفتها وقالت وعيناها تدمعان: ماما ممكن اطلب منك طلب وياريت تنفذيه؟
قالت سعاد وهي تمرر يدا حانية على وجه ابنتها: طبعا حبيبتي طالما اقدر هنفذه، قالت بلهفة: خلينا نسافر يومين اتنين بس أي حتة.

عاوزة اريح اعصابي شوية ارجوكى يا ماما ارجوكي!
نظرت اليها والدتها مليا هي على يقين ان ابنتها هناك صراع يدور بين قلبها وعقلها وتعلم ان عقلها وقلبها سيتفقان سويا ولكن حالة التشتت والضياع التي تشعر بأن ابنتها تمر بها أحزنتها كثيرا فابتسمت وقالت: ماشي يا تاج نسافر يومين في أي حتة بس مش هنتأخر علشان ورانا التزامات انت عارفة طبعا!

كادت ابتسامتها ان تغيب ثم تداركت نفسها فيكفي ان والدتها وافقت على مبدأ السفر وبعد ذلك لكل حادث حديث.

سعاد هانم فيه حد جاب الظرف دا لحضرتك وأكد عليا تستلميه بنفسك!
تناولت سعاد الجالسة في الحديقة ظرفا ضخما بني اللون من صباح وهي تقول مقطبة: ماقالش هو مين؟

هزت راسها نفيا وقالت: لا حضرتك هو ساب الظرف ومشي، تناولت الظرف شاكرة صباح التي انصرفت بينما فتحت سعاد الظرف لتطالعها قصاصات من جريدة ما وصفحة كاملة تتصدرها صورة ابنتها والخبر العريض فوقها: القبض على خطيبة رجل اعمل مشهور بتهمة قتل عشيقها في منزله خوفا من افتضاح امرها لدى خطيبها المليونير.

واسفل الخبر كانت التفاصيل التي زوّرها وكذب بها امين شرارة بإيعاز من صافي، شهقت سعاد عاليا واندفعت الدموع تغرق وجهها وهي تصرخ صرخة مكتومة وتقول: لا، تاج مش ممكن، تااااااااااج!
ووقعت على الارض مغشيًّا عليها بينما في بلد آخر يبعد آلاف الاميال اغلقت الهاتف وامسكته وهي تقول بنبرة تشف حاقد: وبكدا نبقى خالصين يا ادهم يا شمس الدين.

رديت لك جزء من جمايلك عليَّا وصافي هيا اللي لازم يبقى لها الكلمة الاخيرة يا، دودي! وارتفعت ضحكتها تدوي في المكان عاليا...

ماما فين يا صباح مش في الجنينه ، قالت صباح بدهشة: والله يا ست ريتاج في الجنينة حتى بالأمارة انا اديتها الظرف اللي جالها وهي قالت لي امشي انت دلوقتي يا صباح.
قطبت ريتاج مستفهمة وقالت: ظرف؟ ظرف ايه دا؟
قالت صباح: وأنيش عارافني يا ست ريتاج.

اهو جدع افندي كدا جابو ومشي تعالي تعالي لما نبص عليها سوا، خرجا الى الحديقة واشارت صباح الى المكان الذي كانت تجلس به سعاد، اقتربا منه وريتاج تنظر يمينا ويسارا ولا ترى شيئا ثم فجأة سمعت صرخة صباح وهي تقول: الحقي يا ست ريتاج، الست سعاد مغمى عليها، نظرت حيث اشارت صباح تحت المائدة لتفاجئ بوالدتها مغشيا عليها فشهقت عاليا وارتمت عليها تحاول رفعها ومناداتها ولكن لا مجيب فأمرت صباح قائلة ودموعها تنهمر: بسرعه يا صباح روحي اندهي ادهم بيه ولا محمود بيه بسرعه، وانطلقت صباح ركضا بينما ريتاج تحتضن امها مقبلة اياها ثم استرعى انتباها ظرفا مرميا بجوارها وحوله بعض قصاصات الاوراق فتناولت بيدها الحرة قصاصة منهم لتفاجئ بصورتها والخبر فوقها، ارتعشت ريتاج وصرخت عاليا: مامااااا.

لا يا ماما بريئة والله يا ماما، واحتضنتها بقوة وهي تقول برجاء ودموعها تتساقط فوق وجه امها: ماما لأ. انا تاج بنتك انت اللي مربياني كويس وعارفاني مش بنتك اللي تعمل كدا يا ماما.

ماما فوئي يا ماما فووئي واسمعيني، قدم ادهم يركض و وراؤه محمود ثم امسك بريتاج ناظرا اليها بقلق وهو يقول: سيبهالي يا تاج هشيلها اوديها اودتها انا قلت لماما تطلب الدكتور وزمانه جاي، رفضت افلات والدتها وكانت تنظر اليه بنظرات غريبة ولا يوجد على لسانها سوى كلمة واحده: ليه، ليه، ليه، قطب ادهم ثم لفت نظره الورقة في يدها فتناولها ليصعق مما فيها فكوَّرها في يده بعنف بينما ريتاج لا تزال على حالها فقال لها بهدوء: ماتخافيش يا ريتاج مامتك ان شاء الله هتبقى كويسة واقسم بالله يا ريتاج لو حاجه حصلت لمامتك لآخد بتارك وتارها وهخليهم يشوفوا الموت بعينيهم، قالت ريتاج وهي تشهق بالبكاء: ماما.

ماما.
ماما.
وصرخت عاليا: ماماااااااااا!
ترى هل ماتت سعاد؟ ما مصير ريتاج؟ هل سينتقم ادهم؟ ماذا سيحدث لريتاج بعد انكشاف المستور؟ تابعوني في القادم من المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة