قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الرابع عشر

وقفت امام المرآة تنظر الى نفسها وقد ارتسمت ابتسامة راضية على شفتيها الملونتين بلون زهري ناعم، ابعدت خصلات غرّتها عن عينيها المكحلتين بكحل اسود خفيف اعطى سحرا لعينيها فقط ولم تحتج لوضع شيئا فوق رموشها فرموشها غزيرة وطويلة وكأنها مزيّنة بطلاء الرموش ولكنها صنعة رب العالمين سبحانه فيما خلق وصور، واختتمت زينتها ببعض من احمر الخدود بلون فاتح ليظهر لون وجنتيها وردي طبيعي ثم بضع من قطرات عطر برائحة الزهور الطبيعية خفيف للغاية فهي لا تحب العطور الثقيلة، دارت حول نفسها وقد افتر ثغرها عن ابتسامة سارة ثم تناولت حقيبتها الجلدية السوداء المناسبة لبدلتها التي تتكون من بنطلون قماش اسود اللون وسترة تصل الى منتصف الفخذين سوداء تحتها قميص ابيض حريري بأساور واسعه مزركشة على الطراز الاسباني تظهر اسوارها من تحت اسورة السترة وقد ارتدت ساعه جلدية سوداء بفصوص من الالماس المزيف ووضعت قرطا من اللؤلؤ صغيرا في اذنها وخاتم من نفس نوع القرط في اصبع يدها اليمنى البنصر وارتدت حذاء اسود جلدي لامع مرتفع 3 سم فقط، وخرجت من غرفتها لتتناول الافطار مع والدتها قبل ذهابها الى الشركة...

صباح الخير يا احلى ام ، قالت ريتاج مبتسمة وجلست بجانب والدتها حول مائدة الطعام.
نظرت اليها والدتها بدهشة وقالت مبتسمة: صباح النور يا تاج، غريبة اول مرة اشوفك لابسة كدا يعني؟ انت عمرك ما لبست كدا لا وانت رايحه الشغل ولا حتى خارجة مع اصحابك اللهم الا في عزومة مثلا ولّا فرح.
ايه الموضوع؟

قالت ريتاج بتلقائية وهي تتناول قطعه من طبق الجبن امامها واضعه ايّاها في طبقها حيث قامت بتقطيعها قطعه صغيرة بالشوكة والسكين ورفعتها بطرف الشوكة لتضعها في فمها: ابدا، أوامر عُليا!

بلعت لقمتها وانتبهت ان والدتها مازلت في انتظار تفسير اكثر لذلك فقالت موضحة: كل الموضوع ان انهارده في وفد فرنسي جاي يتناقش مع شركتنا علشان صفقة مهمة وادهم بيه مش عاجبه لبسي وقالي ياريت ألبس حاجه مناسبة علشان دا عنوان الشركة عندنا، قالت امها بهدوء: بصراحه عنده حق!
ثم تابعت: آه ماتبصليش كدا.

كم مرة اقولك يا تاج انتِ بنت مش ولد؟ يا تاج ماينفعش كل هدومك جينزات وقمصان واسعه رجالي؟ اكيد لازم تاخدي بالك من لبسك خصوصا وانك هتكونى سيدة اعمال عندك شركة ومصنع ولو اني كنت افضل انك تقلعي البنطلون دا خالص وتلبسيلك جيبة او فستان.
لكن بردو كدا احسن من الاول، ثم نظرت اليها مليّا وقالت قاطبة حاجبيها: لكن.
انت مش فاردة شعرك ليه لمّاه بردو لفوق؟

قالت ريتاج وهي تنظرالى والدتها باستنكار: شعر ايه اللي أفرده؟ اولا الجو حرّ جداا، ثانيا انتِ عارفة اني نفسي من زمان أقصه بس مش برضى علشان ماتزعليش، ثالثا ودا الاهم انا رايحه شغلي مش خارجه اتفسح وبعدين حلو اووي انى نزلت خصلتين من القُصَّة وخصلتين حوالين وشِّي اظن كدا كفاية اوووي؟

تنهدت امها بعمق وقالت وهي تحرك راسها يمنة ويسرى يأسا من ابنتها: هقول ايه؟ مهما حاولت اخليكي تغيري طريقتك وتبقي بنوتة شوية مش هعرف.
ثم نظرت اليها بشبح ابتسامة وقالت: لكن مين عارف يمكن غيري يعرف؟
قطبت ريتاج ناظرة الى امها باستهجان وقالت: غيرك؟ مين غيرك دا؟
فقالت امها بمكر: اللي قدر يخليكي تقلعي الجينز وتلبسي كدا وتهتمى بنفسك شوية.

قالت ريتاج بحزم وهي تقوم من مكانها متأهبة للذهاب: انا عملت كدا علشان الشغل مش علشان حد، عن اذنك يا ماما علشان ما اتأخرش على شغلي...

ادهم بيه وفد الشركة الفرنسية وصل يا فندم ، قال ادهم من خلال جهاز الاتصال الداخلى الموضوع على مكتبه: دخليهم يا مدام بثينة وابعتي لريتاج تيجي هي عندك مش كدا؟ انا ماشوفتهاش انهارده خالص؟
قالت بثينة: ايوة يا فندم هي هنا.
جات في معادها تمام.
قال ادهم معقبا: آه.
معلهش يا مدام بثينة.
ابعتي لمديرة العلاقات العامة تيجي علشان الاجتماع...

دخل الوفد الفرنسي قام ادهم بمصافحته ثم دعاهم للجلوس حول طاولة الاجتماعات الملحقة بغرفة المكتب، سمع صوت طرقات على باب المكتب فدعا الطارق للدخول، دخل الطارق مغلقا الباب بهدوء وراؤه، كان ادهم موليا ظهره الى الباب وسمع صوت خطوات هادئة تقترب وكانوا لا يزالوا واقفين في اماكنهم لم يجلسوا بعد، استدار ادهم وهو مبتسم ليرى من الطارق لتصطدم عيناه بعينين في لون العسل المصفى ويقف مبهوتا وقد فترت ابتسامته حتى تلاشت تماما وهو ينظر الى ريتاج من اعلى رأسها وحتى أسفل قدميها، تململت ريتاج في وقفتها وسعلت لتجذب انتباهه فالوفد بدأ يلاحظ صمته الغريب، افاق ادهم من شروده ثم سرعان ما رسم ابتسامة خفيفة وهو يقول مشيرا الى طاولة الاجتماعات متحدثا باللغة الفرنسية والتي يجيدها بطلاقة: اتفضلوا حضراتكم...

جلس الجميع حول طاولة الاجتماعات وجلست ريتاج على يمين ادهم بينما جلس اثنان من مديرين الشركة على الجانب الآخر ثم الوفد الفرنسي وقبل ان يبدأوا النقاش سمع صوت طرقات سريعه على الباب فأذن للطارق بالدخول ليدخل الطارق وقد سمعت ريتاج صوتا به بحتة لم تخطؤها أذنها فرفعت نظرها ناظرة الى من تقف امامها بدهشة وهي تعتذر لتأخيرها حيث اشار اليها لتأخذ مكانها سريعا حول طاولة الاجتماعات حيث جلست امام ادهم مباشرة.

بدأ ادهم الحديث عن الصفقة التي من المزمع التعامل بها مع الشركة الفرنسية وكانت ريتاج تتابعه بدقة وفجأة وقع نظرها على صافي التي كان نظرها مسلَّطاً على أدهم لم تبعد نظرها عنه بتاتاً، وتنقلت نظرات ريتاج على بدلة صافي المكونة من تنورة بلون البُني الى الركبة وفوقها بلوزة بلون التايجر قصيرة الاكمام للغاية وحزام ذهبي عريض وقد افلتت شعرها بلون الشوكولاته به بعض الخصل الفاتحه ووضعت ماكياج كامل وعطرا ذو رائحة فوّاحه فأصبحت كاحدى عارضات الازياء الخارجة من كاتالوج للازياء، وقالت في نفسها وهي تنقل ببصرها بين الموجودين: اذا كنت انا يا بنت شكلها عجبني وريحتها عجبتني اومال دول بأه يعملوا ايه؟

ثم انتبهت من شرودها على صوت ادهم وهو يميل عليها هامسا بغلظة من بين اسنانه: ممكن تخليكي معانا شوية وبلاش سرحان وتسجلي كل الكلام اللي قولناه؟
نظرت اليه متفاجئة ثم ادارت له الورق الذي تسجل فيه من دون كلام فنظر اليه وفوجئ بانها كتبت الى حيث وقف في كلامه فنظر اليه دهشا فقالت هامسة: انا في شغلي بركز كويس جدا حتى لو حاجه شغلتني لكن حاجتين مابيفصلوش فيا ايدي و ودني!

اشاح بنظره عنها ثم انخرط في النقاش الدائر حوله واعطت هي انتباهها كله لما يُقال لتسجله حرفيا...

انتهى الاجتماع ودعا ادهم الوفد لتناول طعام الغذاء خارجا، جمعت ريتاج اوراق الاجتماع في حافظة الاوراق وسارت لتخرج من غرفة الاجتماعات فإذ بأدهم يناديها فوقفت مكانها حتى وصل اليها وقال لها بثبات: ودّي الاوراق لمدام بثينه تنسخهم وجهزي نفسك علشان الغدا بتاع الوفد، نظرت اليه بدهشة وقالت: ليه هوّ انا هآجي معكم؟

هز برأسه ايجابا وقال: طبعا، انت دلوقتي في فترة التدريب على الادارة ولازم تعرفي الشغل بيمشي ازاي والمجاملات دي مهمة جدا في الشغل، قالت ريتاج: اه ما انا عارفة بابا كان بيعمل كدا بس مش كتير بس انا ما كنتش بحب الاجتماعات دي كنت طول الوقت تقريبا وانا في المصنع ماكنتش بآجي الشركة الاّ نادر اووي، قال ادهم وهو يهم بالانصراف: ماشي جهزى نفسك، واستدار لينصرف ثم استدار ناحيتها مرة اخرى قائلا: آه.
بالمناسبة.

نظرت اليه منتظرة كلامه فقال بهدوء: لبسك حلو ولايق عليكي بس، قطبت فيما اقترب منها وهمس لها ناظرا اليها بعمق: بلاش ماسكارا تاني مرة مش لازم تلفتي النظر لرموشك يعني!
قالت له بدهشة: ماسكارا؟! ومين اللي قال اني حاطّه ماسكارا؟ فقال مندهشا: يعني ايه؟ قصدك تقولي انك مش حاطه ماسكارا؟ مش ممكن؟!
قالت له وهي مكتفه يديها امامها بابتسامة ساخرة نوعا ما: هو ايه دا اللي مش ممكن؟ رموشي هيّا كدا، ربَّاني.

ايه اقصُّهم يعني علشان ترتاح؟
اطبق شفتيه ثم قال بهدوء نسبي: لا مالوش لزوم، خلي عنك.
اللي عاوز يتقص فعلا مش رموشك، ومال عليها قائلا بجدية: لسااانك!
ثم استدار منصرفا بينما انزلت يديها وضربت بقدميها الارض بحنق قبل ان تنصرف لمكتبها.

ادهم مين دي يا ادهم؟ انا شوفتها في مكتبك المرة اللي فاتت بس ماعرفتنيش عليها يعني؟ ، قال لها بهدوء بينما نظره معلّقا على ريتاج التي كانت تتكلم مع الشخص بجوارها بفرنسية اذهلته فهي لم تخبره انها تتقن الفرنسية الّا عندما لاحظها في الاجتماع وهي تسجّل نقاط الاجتماع متابعة للنقاش الدائر باهتمام يدل على فهمها لما يدور حولها، قال لها: دي تبقى ريتاج!

فقالت له: آآآه، قولتلي دي ريتاج اللي انت وصي على فلوسها؟
فأومأ موافقا بينما قالت صافي بسخرية طفيفة: اممم، كويس.
بس شكلها كدا، فالتفت اليها قاطبا وقال بتساؤل: مالها؟
هزت كتفيها وقالت وهي تسترق النظر الى ريتاج المندمجه في حديث جانبي مع الشاب الجالس بجوارها: يعني.
شكلها صغير اووي انها تعرف تدير شركة زي دي، همم.

ونظرت اليه قائلة بغنج: عموما انا مش عارفة اشكرك ازاي انك وافقت انى اشتغل معاك في الشركة وامسك العلاقات العامة انا مش متعودة على القاعده في البيت والاجازة بتاعتي طويلة.

قال لها وهو يولي طعامه اهتمامه: لا عادي يا صافي هي المشكلة ان عندي مدير علاقات عامة كفؤ في شركتي علشان كدا اختارت انك تكونى معايا في الشركة هنا وبعدين قسم العلاقات العامة هنا المدير بتاعه مقدم على اجازة طويلة علشان تعب فجأة واحتمال يعمل عملية قلب مفتوح وطبعا الشغل خطر عليه في الاول فبدل ما نعين واحد تاني غيره انت حلِّيتي مشكلة كبيرة ليا وله لو كان اضطر انه يسيب الشغل.

ابتسمت وقالت وهي تناول شوكتها لتتابع تناول طعامها: وانا ماكنتش احب اشتغل بعيد عنك انت عارف اني بحب، وسكتت قليلا ثم تابعت بمكر: بحب أشتغل معاك.
لم يجيبها وانصرف لتناول طعامه مسترقا النظر بين لحظة واخرى لريتاج المنخرطة في الحديث الهامس بينها وبين احد اعضاء الوفد وهو شاب يظهر أنه في اواسط العشرينيات وله وسامة ملحوظة...

كانت ريتاج منخرطة بالحديث مع جارها الشاب ولكنها كانت على وعي بهمسات ادهم وصافي واستغربت اهتمامها بمعرفة مدى العلاقة التي تربط بينهما ولكنها سرعان ما صرفت انتباهها الى ما يقوله جارها وانخرطت في الحديث معه بالفرنسية التي تجيدها نظرا لتعليمها في مدارس لغات خاصة.

ريتاج ياريت تروحي ع الشركة على طول من غير تأخير علشان عاوزك في موضوع مهم! قال ادهم لريتاج ناظرا الى الشاب الذي لا يزال يسير بجوارها محدقا فيه بقوة بينما كانت ريتاج تهم بفتح باب سيارتها التي صممت ان تأتي بها ورفضت طلب ادهم ان تركب معه هو وصافي، نظرت اليه قائلة: اكيد هروح ع الشركة على طول.

اساسا لسّه معاد الدوام احنا لسه الساعه 3 والدوام بيخلص على 5 تقريبا، هز ادهم برأسه ثم مد يده مصافحا الشاب الملازم لها وهو يقول بهدوء: فرصة سعيدة وان شاء الله تقضوا وقت حلو في مصر.
قال الشاب بحماس وعربية ركيكة: اكيد، انا اتمنى كدا، ثم نظر الى ريتاج وقال: كنت أود.
تقبل دعوتي على عشاء.
ممكن؟

قطب ادهم وما لبث ان فهم ما يعنيه وما ان هم بالرد عليه حتى سمع ريتاج تقول بلباقة وابتسامة على شفتيها لم يسبق وان رآها تبتسمها قبل ذلك: ان شاء الله بس زي ما انت شايف الوقت ضيق وانا عندي شغل.
انما فرصة سعيدة.
وان شاء الله تتبسط عندنا هنا.
أوما الشاب برأسه وقال بابتسامة: طيب ممكن توصلني الى فندق؟
نظرت اليه ريتاج ثم نقلت نظرها الى ادهم ففوجئت بنظرة سوداء تعتلي ملامحه بينما سارعت وقالت: اكيد.

عموما الفندق في طريقي اتفضل، فتحت سيارتها بريموت المفتاح فدخل زميلها وما ان همّت بالدخول حتى جذبها ادهم من ذراعها فرفعت انظارها اليه بدهشة بينما قال من بين اسنانه: انا همشي وراكي.
توصليه واوعي تنزلي من العربية لو عرض عليكي دا.
وانا متأكد انه هيعرض والا ماكانش عزم نفسه على توصيلة وهو جاي مع الوفد في عربية ليموزين بسواق!

جذبت يدها منه لئلا تفلت انتباه المارة ودخلت سيارتها بدون ان تجيبه بينما سار هو ليركب سيارته والتي كانت تركب بجواره صافي التي قالت له بدلال: ادهم.
اتأخرت.
كل دا بتسلم على الوفد؟ حتى الوفد مشي من شوية كنت واقف كل دا مع ريتاج والشاب اللي معاها دا ليه؟
نظر اليها ادهم ولم يجبها بينما سارع للحاق بريتاج...

اوصلت ريتاج الشاب الى الفندق وبالفعل عرض عليها احتساء كوب من القهوة في مقهى الفندق ولكنها رفضت عرضه بلباقة واكملت سيرها الى الشركة وهي تشاهد ادهم يتبعها بسيارته في مرآه سيارتها الامامية...

ما ان وصلت الشركة حتى سارعت بالنزول من سيارتها بعد ان صفتها على الرصيف الموازي للبوابه الرئيسية وسارعت لركوب المصعد الذي اقفل ابوابه قبل ان يدخل ادهم اليه بثوان فضرب قبضته بغضب بينما صافي بجواره تنظر اليه مندهشا وهو يقف منتظرا المصعد وينفث بغضب، ما ان وصل المصعد حت سارع بفتح بابه وكاد ان ينسى ان يشير لصافي بالدخول قبله ولكنه تدارك خطؤه سريعا.

لم يلتفت اليها ولم يتحدث معها وما ان وصل المصعد الى طابقه الخاص حتى تمتم معتذرا منها بينما توجه من فوره الى مكتبه بعد ان القى بأوامره لبثينة ان تطلب من ريتاج القدوم الى مكتبه وان تمنع عنه المكالمات والمقابلات الى ان يأذن هو وكانت صافي قد استأذنته للذهاب الى مكتبها لاجراء بعض المكالمات الهاتفية...

سمع صوت طرقات على الباب فأذن للطارق بالدخول وكان واقفا بجوار النافذة الطويلة التي تكشف المنظر الجميل الذي تطل عليه بناية الشركة، التفت فور سماعه لخطواتها تدخل بهدوء وقد أغلقت الباب وراؤها بهدوء وتقدمت حيث وقفت في منتصف الغرفة وقالت له بهدوء: أفندم.
انت طلبتني.

تقدم منها بهدوء ثم وقف على بعد خطوات منها ونظر اليها مليا قبل ان يقول بهدوء نسبي: عاوز اوضح لك جزئية فاتت عليكِ او يمكن فات عليا انى اوضحهالك!
نظرت اليه قاطبة وقالت: جزئية؟ جزئية ايه دي؟
اشار اليها لتجلس فاشارت برأسها رافضة مفضلة الوقوف فتغاضى عن رفضها بهزة من رأسه ثم قال: ما علينا مش هضيع وقت في مهاترات مالهاش لازمة.

المهم اكبر غلط انك تتعاملى مع عميل عندك بألفة جامده زي اللي انت اتعاملتي بيها انهارده دي، ماينفعش.
لازم يكون فيه حدود في المعاملة.
وماينفعش اهتم بشخص معين من اللي قاعدين وأهمل الباقي دا ممكن يثير تساؤلات مالهاش صنف اللازمة.
قطبت وقالت: يعني ايه؟ مش فاهمه؟
ثم ضحكت ضحكة قصيرة ساخرة وقالت: وهو مين دا اللي انا اديتو اهتمام ولاغيت الباقيين؟ وبعدين الاساس في المقابلة دي انت مش انا.

انا كنت مجرد سكرتيرة بسجل ملاحظات ماحدش هياخد عليا أي شئ.
انت، انت بتتكلم بأي منطق؟ انا بجد مش فاهم، وبترت عبارتها بعد ان تبين لها مقصده فقالت بدهشة: انت قصدك خالد؟!
نظر اليها قاطبا حاجبيه وقال: هو الشاب اللي كان وراكي منين ماتروحي دا اسمه خالد؟
هزت برأسها موافقة وقالت: ايوة، اسمه خالد زي الشاب خالد كدا!

ثم قالت بسخرية طفيفة: علشان تكون عارف خالد يبقى المترجم اللي كان جاي مع الوفد ودا طبيعي في الشغل مع الشركات الاجنبية لازم بيكون موجود مترجم معهم ومن الطرفين كمان.
لكن انت سهلت عليهم الموضوع لما عرفوا انك تعرف فرنسي كويس اووي وبالتالي خالد ما تدخلش في المناقشات ونفس الشئ بالنسبة لي.

اللي عاوزة اعرفه عرفته هنا في الاجتماع لكن في الغدا كان الكلام عبارة عن مجاملات اجتماعية ومن باب المجاملة بردو ولان خالد يعتبر من الوفد وضيف هنا اتكلمت معاه علشان مايحسش بالزهق عادي.
دا كل الموضوع وخصوصا ان فرنسيتي كويسة وهو العربي بتاعه مكسر بس بيفهم عربي كويس اووي لكن لسانه تقيل في النطق شوية لانه من اصل مغربي بس بئالو فترة طويلة في فرنسا، قال لها وهو يقترب منها ببطء: اللاه.

دا قالك تاريخ حياته كله على كدا؟
قالت له مشيحه ببصرها: لو سمحت من غير تريئة المعلومات اللي قالهالي معلومات عادية جدا أي اتنين بيتعرفوا على بعض لازم بيقولوها عن نفسهم، سألها قائلا: وكان عاوز يعزمك على العشا علشان يوطد معرفته بيكي مش كدا؟
نظرت اليه بقوة قائلة: هو انت شوفتني قبلت؟ وبعدين الامور دي عندهم شئ طبيعي جدا في الغرب، بيشوف واحده يُعجب بيها يعزمها على قهوة او غدا او عشا عادي يعني.

المهم اني ماقبلتش دعوته لاني عارفة حدودي كويس اووي، المهم غيري هو اللي يعرف حدوده!
نظر اليها قائلا بريبة: غيرك؟ مين غيرك دا اللي انت تقصديه ومش عارف حدوده؟ أنا؟
قالت له ببرود: والله اللي على راسه بطحة بيحسس عليها.
انا تعبت.
بجد تعبت.
كل شوية غلط ومايصحِّش حتى لبسي اتدخلت فيه، انا عمري ما حد اتعامل معايا بالأسلوب دا، قال لها بغضب يعصف بجوانحه: هو مين دا اللي على راسه بطحة تقدري تفهميني؟

ثم مد يده جاذبا اياها من مرفقها بشدة مقربا اياها منه وقد شهقت بالرغم منها من شدة قبضته ولكنه لم يبال بألمها وقال: واضح انك محتاجه تتربي من اول وجديد.
وواضح كمان ان عمي مراد الله يرحمه كان مدلّعك على الآخر ووالدتك فيه حاجات كتير انا متأكد انها ماتعرفهاش عنك ولو عرفتها هتتصدم فيكي.
وابسط الحاجات دي ان بنتها ماتعرفش يعني ايه احترام.

لكن هتعرفيه منين؟ المحترم هو اللي بيحترم غيره علشان غيره يحترمه، لكن اللي مش محترم ( وشدد على لفظة مش محترم ) هوّ دا اللي مش بيحترم حد ولا حد بيحترمه!
جذبت ذراعها من قبضته بقوة ووقفت امامه قائلة بصدمة: انت قصدك انى مش محترمة؟
فقال لها ساخرا معيدا على مسمعها نفس عبارتها: والله اللي على راسه بطحة بيحسس عليها!

سكتت ناظرة اليه لوهلة ثم تحدثت بهدوء أثار حيرته واستغرابه فقد توقع منها الغضب والصراخ وليس التحدّث بمثل هذا الهدوء العجيب ولكنه استطاع اخفاء دهشته جيدا بينما قالت هى: طالما دا رأيك فيّا.
يبقى انا شايفه انه كفاية عليّا أووي اللي انا اتعلمته لغاية كدا!
نظر اليها قاطبا وقال: يعني ايه؟

وضعت عيناها في عينيه ناظرة اليه بقوة وقالت: يعني انا من بكرة هرجع المصنع تاني علشان اريحّك من التعامل مع شخصية مش محترمة، عن اذنك، واستدارت لتغادر الغرفة حيث سارت بهدوء محاولة التماسك حتى تصل الى منزلها ثم تنفجر كيفما يحلو لها بعد ذلك ولكن ليس امامه، ناداها بصوت عال ولكنها لم تلتفت اليه فسارع باللحاق بها حيث مد ذراعه من وراءها مغلقا الباب الذي فتحته مانعا اياها من المغادرة وقال بحدة: اظن لازم نتفاهم الاول ماينفعش تاخدي قرار زي دا منك لنفسك؟ نظرت اليه من فوق كتفها وقالت له ببرود شيد يخفي غضب دفين يعتمل بداخلها: ممكن تسيبني امشي؟ القرار اللي انا اخدته دا يخصني انا لوحدي.

انا اللي اقرر امتى اروح فين، الوصية كانت على الاسهم لغاية ما اتم 25 سنة مافيهاش بند انك هتعملي امتحان الاول ولازم اجيب نسبة معينه علشان استلم ميراثي كامل.
يعني من الآخر لو اخدت ميراثي وانا ماعرفش حاجه في أي حاجه بردو انا حرة، انا خلصت كلامي وماعنديش أي استعداد اني اسمع أي كلام تاني، ارجوك ابعد ايدك عاوزة امشي!

زفر حانقا وقد ابعد يده وقال بحنق: طيب اسمعيني الاول أنا، فوجئت ريتاج بالباب يفتح امامها ليطالعها وجه صافي المبتسم والذي غابت ابتسامته ما ان رأتها وقالت: يا ترى قاطعت حاجه مهمة؟
لم ترحب ريتاج بقدوم صافي كما رحبت به الآن حيث قالت نافية بشدة: لالالا ولا حاجه انت جيتي في وقتك تمام، لم تلتفت الى ادهم الذي ناداها معترضا على كلامها ونظرت اليه قبل ان تغادر قائلة: مع السلامة يا.

ادهم بيه وشكرا على المعلومات المفيدة اللي اتعلمتها منك وآسفة اني ضيّعت لك وقتك، عن اذنكم.
وانصرفت تاركة صافي تنظر في اثرها مندهشة ومالبثت ان نظرت الى ادهم الواقف امامها وقد ظهرت ملامح الغضب على وجهه وقالت بريبة: ادهم؟
زفر بضيق قائلا: ارجوكى يا صافي مش عاوز أي اسئلة من أي نوع، وياللا بينا علشان نمشي.
وانصرفا مغادرين الشركة وقد تعلقت عيناه بسيارة ريتاج الواقفة امام باب الشركة اثناء ركوبه سيارته...

راندا، لو سمحت ممكن تفوتي عليا في المكتب انهارده بعد محاضراتك؟ ، سمعت راندا صوت نزار والذي ظلت تتجاهله لمدة 3 ايام ولا تحضر محاضراته بل تنقلها من زميلاتها حتى شاهدها في كافيتريا الكلية بمفردها منتظرة زميلتها لتوافيها فتقدم منها طالبا منها هذا الطلب برجاء لم تتمكن من رفضه بعد ان نظرت اليه وقد وقعت عيناها أسيرة نظراته.

دكتور نزار حضرتك بئالك ربع ساعه عمّال تلف وتدور علشان ايه؟ ، قال لها نزار بجدية: انا لا بلف ولا بدور انا عاوز اعرف ليه غبت الفترة اللي فاتت دي كلها وليه مابئيتيش تحضري محاضراتي؟
هزت كتفيها بلامبالاة وقالت وهي واقفة امامه بعد ان رفضت عرضه بالجلوس: ابدا.
ظروف، هو حضرتك أي حد يغيب من الكلية او مايحضرش محاضراتك بتسأله ليه؟

تقدم منها نزار حتى وقف على بعد خطوات قليلة منها وقال بثبات: لا طبعا، انت مش أي حد يا راندا.
وانت عارفة كدا كويس.
قالت له بدهشة: عارفة؟ عارفة ايه؟
قال لها بجدية: انك بالنسبة لي مش طالبة عادية عندي.
قالت له بهمس يائس: ارجوك.
بلاش الكلام بالاسلوب دا، ماتنساش انك خاطب!
تقدم منها حتى وقف امامها تماما وقال: هي دي الحاجه الوحيدة اللي مش ممكن انساها ولازم اتعامل معاها.

قطبت جبينها قائلة باستفهام: يعني ايه مش فاهمه؟
قال لها: يعني انا عارف انى خاطب وبحترم الانسانه اللي ارتبطت بيها بس في نفس الوقت مش عارف اتصرف على اساس انك طالبه عندي وبس ولازم الاقي حل.
وفي اقرب فرصة.

ادهم حبيبي ممكن اتكلم معاك شوية؟ ، ابتسم ادهم لأمه التي دخلت غرفته قبل ان يخلد للنوم مما جعله يشعر بالدهشة ولكنه قال: اتفضلي يا امي.
دخلت والدته واغلقت الباب وجلست على الاريكة العريضة بينما جلس هو على الكرسي المقابل لها وقالت امه والابتسامة تملأ وجهها: بقولك يا ادهم.
حالة محمود اخوك مش عاجباني.

بئالو فترة مش بياكل كويس وخارج ساكت داخل ساكت مع انى ملاحظة انه بطل سهر بره ومواظب في شغله ومذاكرته، قطب وقال ادهم: طيب ما سألتهوش ليه يا امي؟
قالت امه بابتسامة: انا عارفة سبب اللي هو فيه دا ايه؟
قال ادهم مستفهما: ايه يا امي؟
فقالت وهي تضع يدها على فمها كأنها تفشي سرا: اخوك بيحب!
دهش وقال مرددا وقد بدأ يزحف اليه شعور بعدم الارتياح من هذا الحديث وسأل امه قائلا: بيحب؟ مين؟

فقالت له ضاحكة: انا قلبي بيقولي انها ريتاج.
ايه رأيك انا عاوزة أخطب له ريتاج!
وقف أدهم في مكانه فجأة مرددا بدهشة واستنكار: ايييييه؟ تخطبي له ميين؟ ريتاج؟ فهزت امه رأسها موافقة بقوة، بينما اغمض عينيه ممررا يده في شعره شادا اياه بقوة وقد عض على اسنانه من شدة القهر والغضب...

ترى ماذا سيكون رأي ادهم فيما قالته والدته؟ هل ستنتقل ريتاج الى المصنع فعلا؟ ماذا سيفعل نزار لحل تلك المعادلة الصعبة؟
تابعوني في القادم من، المتمرّدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة