قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس عشر

نزار يا بني يا حبيبي، مالك.
فيك ايه؟ انا امك يا حبيبي لو مش هتحكيلي انا هتحكي لمين؟ ، نظر نزار الى عليّة أمه الجالسة على الاريكة الجلدية بجواره في غرفة المعيشة ورسم شبح ابتسامة على شفتيه وقال: مافيش حاجه يا أمي اطمني.
شوية ضيق بس وهيروحو لحالهم دلوقتي.
قالت له وهي تضع يدها مربتة على يده: طيب ارمى ضيقتك عليا يا حبيبي، الفضفضة بردو بتريح.

ولا علشان انا تعليمي بسيط يدوب الابتدائية يبقى مانفعش تحكيلي؟ اعمل ايه لاهلى طلعوني من المدرسة مع اني كنت شاطرة ومخي نضيف وجوزونى وانا لسه بنت 14 سنة بس ابوك الله يرحمه كان ايه قيمة وسيمة ووظيفة ميري كان مدرس أد الدنيا.

وجبتك انت وبعدك ب6 سنين جبت هدى وهبة والحمد لله انا يا بني يمكن تعليمي على أدي بس اللي شوفته من الدنيا علمني احسن من المدارس والكليات، وانت ربنا يخليك ليا طول عمرك سندي وضهري ولما ابوك اتوفى وانت لسه اول سنه كليه صممت تشيل المسؤوليه واشتغلت وانت بتدرس وكملت دراستك لغاية ما بئيت دكتور اد الدنيا وجوزت اخواتك البنات وطول عمرك وانت ابوهم واخوهم ربنا ما يحرمهم منك.
بس انت مش جبل يا حبيبي.

انت استحملت اللي مايستحملوش جبل.
ارمى همك عليا يا بني، احكيلي.
مالك فيك ايه؟
امسك نزار بيد والدته المغضنة لكبر السن مقبلا اياها وقال بحنان: ربنا يخليكي لينا يا ست الكل، انت نوارتنا.
تعليم ايه.
انت عندي احسن من احسن دكتورة جامعه.
انت عندك قيم ومبادئ ربيتينا عليهم للاسف كتير معندهومش مع ان اهلهم في اعلى درجات التعليم بس العلم حاجه والادب حاجه مع انهم المفروض بيكملوا بعض!

ابتسمت وقالت له بحنان الام: طيب احكيلي مالك يا ننّ عيني؟
قال متنهدا بعمق ساندا رأسه الى ظهر الاريكة: مش عارف يا امي.
محتار والحيرة مجنناني!
ثم نظر اليها قائلا: لو عقلك بيقولك حاجه وقلبك بيقولك حاجه تانية خالص تسمعي كلام مين العقل ولا القلب؟ مين اللي كلامه هو الصح؟ تمشي ورا قلبك ولا ورا عقلك؟
ابتسمت والدته قائلة: هو الموضوع فيه قلب وعقل؟ اممم، عموما انا هقولك رأيي يا بني.

انت ما تقدرش تمشي ورا قلبك بس ولا ورا عقلك بس.
لازم الاتنين يتفقوا.
يوصلوا لحل في النص، لو مشيت ورا قلبك ولاغيت عقلك هتلاقي نفسك اتسرعت وماحسبتهاش صح والمثل بيقول اللي يحسب الحسابات في الهنا يبات.
ولو مشيت ورا عقلك ولاغيت قلبك قلبك هيفضل تعبان وتعبك معاه وربنا رب قلوب، والمثل بيقول حبيبك اللي تحبه ولو كان عبد نوحي، لازم الاتنين يتفقوا سوا العقل والقلب.

قطب قائلا باستفهام: طيب لو الاتنين ماينفعش يتفقوا.
الحل ايه؟
قالت امه بحنان امومي زائد: بص يا حبيبي العقل مش بيرفض رفض كامل الا لو كان فيه حاجه 100% غلط.
لكن لو فيه حاجه ممكن اننا نطنشها او نمشِّي نفسنا معاها ساعتها ممكن يحصل تفاهم بين العقل والقلب اهم حاجه يكون الاساس صح.
لو الاساس صح أي شئ تاني مقدور عليه.
نظر اليها مكررا جملتها الاخيرة بهمس: كل شئ مقدور عليه!

نظر اليها مليًّا وقال بهدوء: اللي فيه الخير يقدمه ربنا.
قالت له والدته وهي تنظر اليه بخبث: طيب ممكن اعرف هي مين بأه؟
ارتبك نزار قليلا وقال: هي؟ هي مين يعني؟ قصدك ايه يا امي؟
نظرت اليه نظرة ماكرة وقالت: اييييي، على ماما.

يا حبيبي انت لو داريت اللي في قلبك عن الدنيا كلها انا امك اكتر واحده تفهمك وتحس بيك حتى من غير ما تتكلم، انا عارفة حبيبي انك مع خطيبتك مش هقول مش مبسوط لأ. البنت بنت ناس وكويسة ومقدرش اقول حاجه عليها.
لكن ربنا رب قلوب وماحدش يقدر يجبر نفسه على حب حد بالعافية حتى لو كان العقل يقول انه احسن انسان في الدنيا، انا حاسة بيك يا ضنايا وعاوز اقولك كلمة اسمعها مني، دلوقتي احسن من بعدين.

انت لو تممت موضوعك مع سهام وانت من ناحيتها بالطريقة دي يبقى بتضرها وهي بنت ناس وماتستاهلش انك تضرها.
الواحده من دول بتكون عاوزة تحس انها في عيون اللي اختارته اميرة، وانها بالنسبة له حاجه كبيرة اووي.
فكر في كلامي كويس يا نزار يا بني وانت عقلك كبير وهتعرف توزن الامور صح.

ثم قامت قائلة: انا هروح اعملك كوباية عصير لمون تهدي نفسك كدا وانت قوم اتوضى وصلي ركعتين استخارة استخير ربنا في اللي شاغلك مافيش احسن من ربنا سبحانه وتعالى هو اللي يهديك ويدلّك الطريق الصح منين.

ذهبت امه تاركة اياه وهو يفكر في كلامها ثم قام ليتوضأ ويصلي داعيا ربه ان يلهمه الصواب فهو لا يريد ان يظلم أحد، يخشى ان يستمر في ارتباطه بسهام فيظلمها بارتباطه بها وهو مشغول بسواها ويخشى تركها فيظلمها لعدم قدرته على الاحساس بها كحبيبة فهي لم تفعل له ما يسئ فهو في حيرة كبيرة من امره واخذ يدعو الله ان يلهمه الصواب...

تاج انت مش هتفطري، بترت امها عبارتها وهي ترى ابنتها وقد عادت لارتداء بنطال الجينز وقميص رجالي ابيض اللون فضفاضا من القطن وكانت تربط رباط الحذاء الرياضي ذو الماركة المعروفة عندما دخلت والدتها التي قالت مندهشة: ايه دا يا تاج؟ انت لبست تاني كدا ليه؟ انت مش قولتي ان شغلك في الشركة عاوز لبس معيّن؟

انتهت ريتاج من ربط حذائها وقامت متجهة ناحية المرآه لترتب نفسها وهي تقول بهدوء: خلاص يا ماما انا ماعدتش رايحه الشركة تاني!
قالت امها مستهجنة بينما تخرج ريتاج من غرفتها وامها في اعقابها: ايييه؟ ماعدتيش رايحه الشركة؟ ليه؟
نظرت اليها ريتاج قليلا قبل ان تقول: من غير ليه! كدا! انا مش مرتاحه في الشركة ومش برتاح غير في المصنع، قالت امها لها: طيب وادهم وافق على كدا؟

قالت ريتاج وهي تهز كتفيها بلامبلاة: ماتفرقش معايا اذا كان يوافق ولا يرفض! اللي انا عاوزاه هنفذه وخلاص.
هو مالوش علاقة بقراراتي هو بس وصي على الاسهم بتاعتي واول ما اتم ال 25 سنة هاخدهم يعني تقدري تقولي انه زي امين المخازن كدا.
اول ما وقت التسليم ييجي يسلمها وشكرا.
انما اكتر من كدا مالوش انه يتدخل.
انا اللي اقرر واقول اشتغل فين ومع مين مش هو!

غلط، اكبر غلط يا، ريتاج هانم! ، التفتت ريتاج شاهقة من الدهشة بعد رؤيتها له وقالت وهي تنظر اليه وعينيها مفتوحتان على اتساعيهما: ايه دا؟ انت جيت امتى ودخلت هنا ازاي؟
قاطعها صوت والدتها لائما بعتب: تاج! عييب، في حد يقول كدا لضيف جاي لغاية بيته.
ثم ابتسمت لأدهم قائلة: اهلا اهلا اتفضل يا بني، حماتك بتحبك احنا لسه هنفطر اتفضل.
نظر الى ريتاج مليا وقال: طالما حماتي بتحبني يبقى اكيد بنتها هي كمان بتحبني!

قالت ريتاج ساخرة: مابتتئالش كدا.
بتتئال حماتي بتحبني علشان بحب بنتها.
مش علشان بنتها بتحبني، مغرور حتى في دي!

تاج، بنت.

انت جرالك ايه انهارده؟! ، ثم نظرت سعاد الى ادهم الذي كان ينظر الى ريتاج متفكِّها بينما احمر وجهها غضبا مما اسبغ عليها منظرا أنثويا بخديْها الحمراوين لم تنتبه اليه، قالت امها مشيرة لادهم ليتقدمهما الى طاولة الفطور: اتفضل يا ادهم تعالى، لازم تفطر معانا، حاول ادهم الرفض قائلا انه مالبث ان تناول طعام الافطار فقالت له: اشرب فنجان شاي على الاقل، تعالى، ثم جلسوا حول المائدة، اندمج ادهم بالحديث مع سعاد التي كانت تنظر الى ابنتها من حين لآخر نظرة حازمة تدعوها لاشتراك في الحديث ولكنها لم تهتم لنظرات والدتها وكل ما يشغل بالها هو قول أدهم انها مخطئة في ظنها انه لدى اتمامها 25 سنة ستستلم باقي ميراثها، التفتت اليه فجأه وقالت: ممكن تقولي كان قصدك ايه بالكلام اللي قولته من شوية دا؟

نظر اليها قائلا بجدية: انت ماقريتيش الوصية كويس ولا أ. سعيد المحامي ماقالش على الوصية كاملة؟
قالت له قاطبة: يعني ايه؟ هي الوصية فيها حاجه انا معرفهاش؟
قال لها ناظرا اليها بتحد: الوصية بتقول انك تستلمي باقي ميراثك لما تتمي 25 سنة بشرط انك تكونى قادرة على استلام الادارة بشكل ممتاز وانه القرار دا في ايدي انا! لأني انا اللي المفروض ادربك على الادارة.

وانا فاكر ان أ. سعيد قالك الموضوع دا بس شكلك نسيتي وانت بتحاولى تثبتي انى ماليش كلمة عليكي وفي رأيك كدا انا ليه كنت حريص انك تتنقلي الشركة وتتدربي على ادارتها؟ انا بنفذ وصية والدك الله يرحمه، يعني استلام ميراثك في ايدي انا، ولو رفضت و ماكنتيش أد المسؤوليه يبقى لما تتمى ال 25 سنة يبقى انا بردو اللي هدير الشركة وانت هتاخدي الارباح بس انت ووالدتك!
ها.

ايه رأيك؟ لسه مصرة انك ما تكمليش تدريب في الشركة ولا هتكملي وتنفذي الرغبة الاخيرة لوالدك ان بنته هي اللي تدير املاكه من بعده؟!
نظرت اليه بشدة وقد اغرورقت عيناها بدموع محبوسة لم تذرفها وقالت بصوت يحمل رنة التحدي: لا، هكمل.
وهستلم الشركة زي ما كان بابا عاوز، بس الأول عاوزة اقولك رأيي في اللي انت قولته.
انت بتتكلم بمنتهى البرود وكأنك بتناقش حالة الطقس.
مش بتقولي حاجات شقلبت افكاري كلها.

وطبعا دا الطبيعي عندك انك ماتحسش باللي قدامك وانت بتحدف كلامك، انا مش بكذبك انا بتكلم ع الاسلوب والطريقة نفسها.
انت بتتكلم زي ما تكون جاي تتشفى.
انا هرجع الشركة.
وهنفذ رغبة بابا بس ياريت، ووقفت وهي تكمل قائلة: علاقتنا تكون محصورة في الشغل وبس بمعنى مالكش دعوه البس ايه ولا اعمل ايه.
كل اللي يهمك شغلي وبس مش أي حاجه تانية.
عن اذنك!

وانصرفت مغادرة المائدة بينما قامت امها منادية اياها فمنعها ادهم الذي وقف وقال لها بصوت هادئ نسبياً: معلهش.
سيبيها براحتها.

انا مقدر ان اللي سمعته كان مفاجأة جامده عليها، انا هستأذن دلوقتي و، بتر عبارته لدى رؤيته لريتاج وهي تدخل حيث غرفة المائدة ونظرت اليه بسخرية قبل ان تنقل نظراتها الى امها وقالت ببرود: انا هخرج شوية يا ماما، ثم نظرت اليه قائلة: تقدر تعتبرني في الشركة من بكره ولو عاوز تخصم لي انهارده مش فارقة معايا، براحتك!
استدارت لتذهب فنادتها امها زاجرة اياها وقالت: تاج!

ثم اقتربت منها وقالت لها بحدة لم تعتدها منها: انت ازاي تتعاملى مع ضيفك بالشكل دا؟ ها؟ دي التربية اللي انا ربيتهالك؟ انا مذهولة، معقولة دي ريتاج بنتي؟ ولو انت بتعملي كدا قدامي اومال من ورايا بتتصرفي ازاي؟
قال ادهم مقتربا منها محاولا تهدئتها: خلاص محصلش حاجه حضرتك.
انا مقدر ظروف ريتاج وصدمتها من اللي سمعته.

هي حست ان باباها حاططها في امتحان ولازم تثبت انها قادرة انها تجتاز الامتحان دا وبنجاح زي ما هو اتعود منها على كدا دايما!
نظرت والدتها اليها قائلة بألم: شوفتي؟ شوفتي ادهم فهم ابوكي الله يرحمه كان قاصده ايه والتمس لك العذر ازاي؟ بس عدم الاحترام لضيف عندك في بيتك دا مالوش عذر عندي.

واضح جدا ان قاعدتك مع العمال والصنايعيه خليتك تنسي انك بنت وتتعاملي بعنف زيهم مع اني متأكده ان اصغر واحد فيهم لو جالو ضيف عمره ما هيكلمه بطريقتك دي عارفة ليه؟ لاني فشلت في تربيتك!
شهقت ريتاج متألمة وقالت وهي تقترب من امها واقفة امامها تماما: ماما.
انت بتقولي ايه؟ انا يا ماما؟ انا مش متربية انا؟

قال اهم محاولا التهدئة: معلهش يا ريتاج والدتك مش قصدها كل الحكاية انها، قاطعته بحدة ناظرة اليه بقوة: ممكن ماتدخلش بيني وبين مامتى.
انت السبب وجاي دلوقتي تهدي بعد ما شعللتها!

نظرت اليها امها بقوة وقالت صارخة: انت كمان مش عاملة اعتبار لوجودي وبتردي تاني قدامي، طاااااااخ، آآآآه، ماما! نظرت ريتاج الى امها بدهشة وقد وضعت يدها على خدها الذي صفعتها عليه والدتها بقوة فاحمر في الحال ونظرت الى والدتها التي امسكت يدها التي صفعتها بها ذاهلة مما فعلته ولكنها تحاول تمالك نفسها وقالت ريتاج بدهشة ممزوجة بألم: آخر حاجه كنت اتوقعها يا ماما انك تمدي ايدك عليا في يوم!

نظر ادهم اليها راغبا في التخفيف عليها ولكنه مدرك انه لدى أقل بادرة منه سيزيد غضبها في حين قالت امها بصوت خرج مضطربا بالرغم من هدوؤه الظاهري: لما احس ان بنتي بتقلل من احترام ضيف عندي ومن احترامها ليا ومش عامله لوجودى اى حساب ساعتها اتصرف كدا واكتر من كدا كمان!
رجعت ريتاج الى الوراء وهي تقول بصوت مخنوق: ماشي يا ماما.

واضح كدا انى مابئيتش اعجب ولا حد فيكو، وكل حاجه بعملها غلط، وبما انى انسانه مليانه عيوب وهاتجيب لك الكلام فأنا هريحك من وجودى خالص!
وانطلقت خارجة من باب المنزل في حين نادتها امها بلوعه: ريتااااااج!
نظرت الى ادهم الذي كان يركض ليلحق بريتاج ولحقت به وهي تناديه: ادهم.
ادهم، التفت اليها قبل ان يخرج وقال بلهفة: نعم.

قالت له وهي تنظر اليه بعد ان لحقته امام الباب: علشان خاطري رجعهالي يا ادهم، مش عاوزة اخسرها، هموت لو خسرتها هي كمان يا ادهم!
نظر اليها بابتسامة مضطربة وقال بغيّة تطمينها: ولا يهمك.
مش هرجع غير وهي معايا.
وانطلق خارجا ليلحق بريتاج...

مرّ اكثر من 6 ساعات ولم يهتد ادهم اليها، جاب كل الطرقات القريبة من منزلها، وسأل عنها صديقتها مها القاطنه في الطابق العلوي فأخبرته انها لم ترها اليوم ثم اعطته جميع ارقام صديقاتها وأكد الجميع انهم لا يعلمون عنها أي شئ في حين كان الندم يتآكل والدتها لما فعلته بابنتها.
كيف تضربها وهي لم تفعلها عندما كانت فتاة صغيرة؟ هي لا تدري كيف طاوعها قلبها وصفعتها.

هي تعلم كيف ان ريتاج عنيدة وتخشى ماتخشاه ان تبتعد عنها لفترة طويلة وتنقطع عنها اخبارها فهي لا تستطيع العيْش بدونها...

منزل مراد شاكر؟ ، وقف ادهم الذي اجاب على الهاتف في منزل ريتاج واجاب بريبة بينما تعلقت به انظار سعاد ومها: ايوة حضرتك.!
قال الصوت: فيه واحده اسمها ريتاج مراد اتعرضت لحادثة وهي دلوقتي في مستشفى (، ) احنا جيبنا نمرة التليفون من الموبايل بتاعها.
ياريت لو حد من اهلها ييجي لنا المستشفى بسرعه.
عموما احنا بلغنا البوليس وهو هيقوم باللازم!

سقطت يد ادهم بجانبه الممسكة بالهاتف في حين سألته سعاد بلهفة: ايه يا ادهم مين اللي طالب؟
نظر اليها وقال بصوت تائه متحشرج: ها!
ثم ابتلع ريقه بصعوبة واضعا سماعه الهاتف مكانها وقال: لالا مافيش دا حد غلطان في النمرة!
نظرت اليه والدتها بدهشة: غلطان في النمرة؟ انا افتكرته عارف حاجه عن ريتاج علشان كدا انت طوِّلت معاه!
قال لها وهو يجاهد لئلا يظهر أي شئ في صوته: وانا كمان اتهيألي كدا.

ثم قال معتذرا فهو يريد الذهاب الى المشفى للاطمئنان على ريتاج: معلهش انا هستأذنك ساعه بالكتير وراجع ان شاء الله وماتخافيش انا مش ساكت وريتاج هترجع.
ثم برقت عيناه بنظرة تصميم وهويقول: اكيد هترجع ان شاء الله...

ريتاج مراد غرفة 603 الدور التالت ، لم ينتظر ادهم المصعد وصعد الدرج سريعا حتى وصل الى الطابق المنشود ثم سار في ممر طويل ينظر بلهفة الى الارقام المثبتة على الغرف حتى وصل الى الرقم الذي قالته الممرضة فدفع الباب ودخل.

نظر حوله فوجد غرفة بيضاء وفي منتصفها يوجد سرير تقبع عليه ريتاج، تقدم ببطء منها ومال عليها ناظرا اليها حيث كان هناك محاليل موصلة الى يديها وكانت نائمة بينما وجنتيها غائرتين وهالات سوداء تحيط بعينيها ولاحظ آثار اصابع والدتها على وجنتها اليمنى دليلا لصفعتها لها، ومن دون ان يشعر مال عليها مقبلا مكان الصفعه ثم جذب كرسيًّا وضعه بجانبها ومد يده ممسكا بيدها وهو يسند مرفقيه بجانبها على السرير ويقول بهمس وصوت ملئ بالحزن الواضح: كدا يا ريتاج؟ بتعملي في نفسك كدا ليه وفينا كمان؟ انت فاكرة ان مامتك بس اللي هتزعل عليكي؟ مافكرتيش في مها صاحبتك ولا راندا ولا محمود ولا، أنا!

آه انا يا ريتاج، بس انا متأكد ان انا آخر واحد ممكن تفكري فيه! ثم مد يدها ماسحا على شعرها بأصابعه وهويقول لها: واضح فعلا انك المفروض ماتتسابيش لوحدك، مش هآمن تاني انك تمشي لوحدك في أي حتة.
علشان كدا انت تقومي بالسلامة الأول وبعدين حاجات كتير اووي صدقيني هتتغير!..

دخل الطبيب المعالج وسرعان ما اعتدل ادهم قائما من مكانه وقد ترك يدها على مضض مفسحا للطبيب ليقوم بعمله، بعد ان فحصها الطبيب نظر الى ادهم قائلا: قريبتك؟
هز ادهم برأسه ايجابا وقال له: ايوة يا دكتور.
معلهش كنت عاوز اعرف ايه الحادثة اللي اتعرضت لها بالظبط وهي عندها ايه بالظبط؟
اشار اليه الطبيب ليخرجا من الغرفة، وقفا في الممر امام الغرفة وقال الطبيب: هي جات لنا شبه مغمى عليها.

تقريبا كانت ماشيه سرحانه وحاول حد انه يسرق شنطتها بس هيّا قاومته ولأنه ماعرفش يسرقها ضربها بمطواة بس الحمدلله الجرح كان سطحى في كتفها لانه في نفس التوقيت كان وقت صلاة المغرب وكان فيه جامع قريب الناس سمعت صوتها وهي بتتخانئ اتلموا وقدروا انهم يمسكوه بس الظابط كان هنا من شوية ومشي لما لاقاها نايمة وهييجي بكرة الصبح ان شاء الله علشان يقفّل المحضر لانى قولتله انها هتفضل نايمة طول اليوم تقريبا بسبب المخدر اللي خدته، ثم قال سائلا ادهم المصدوم مما حدث لريتاج: لكن معلهش.

ازاي بنت في سنها وتروح المكان دا لوحدها؟
نظر اليه ادهم مستفهما: مكان؟ مكان ايه؟
نظر اليه الطبيب قاطبا وقال بتساؤل: انت ماتعرفش ولا ايه؟ قريبتك كانت عند المدافن لما حصل اللي حصل!
قال ادهم هاتفا بقوة: اييه؟ مدااافن!
هز الطبيب برأسه واستأذنه بالانصراف بعد ان نصحه بالذهاب والعودة في الصباح عندما تستيقظ من نومها، ولكنه رفض.

دخل ادهم وجلس على نفس الكرسي وامسك يدها مقبلا اياها وقال بهمس وهو ينظر الى قسمات وجهها: المدافن يا ريتاج؟ المدافن؟ لييه يا ريتاج؟ ليي، وبتر عبارته فقد اشرق الفهم عليه فجأة.
فهي ذهبت الى زيارة والدها في المدافن فمما يعلمه عنها انها كانت شديدة التعلق بوالدها.

تنهد بعمق وقال لها بهمس: شكلك هتتعبيني اووي يا ريتاج.
على فكرة انا كلمت مامتك وطمنتها قولت لها انك معايا وانى لاقيتك نازلة في اوتيل وانك هتقعدي يومين تريحي اعصابك قبل ما ترجعي البيت ولما طلبت تكلمك قولتلها انى لوحدى وانك خدت قرص مهدئ ونمت مارضيتش اخضها عليكي، لكن اللي عاوزك تعرفيه انك هتكونى تحت عينيا من هنا ورايح.

انا مش هقبل انى اتحط في موقف تاني زي اللي مريت بيه انهارده دا، ومال فوقها اكثر هامسا بقوة: فاهمه؟!
ثم مال عليها مقبلا جبينها ناظرا اليها بعمق وقال: انت هتتعبيني بس انا صبري طوييييل.
وهنشوف مين فينا نفسه اطول من التاني؟

ترى ما الذي سيفعله ادهم ليضمن ان ريتاج لن تبعد عن عينيه؟ هل ستعلم ريتاج بطلب محمود يدها؟ ما القرار الذي سيتوصل اليه نزار لحل مشكلته؟ تابعوني في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة