قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والعشرون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والعشرون

أدهم بيه في استاذ طالب مقابلة حضرتك؟ ، نظر ادهم الى جيهان السكرتيرة وقطب وهو يسأل مين يا جيهان؟ رفعت الاوراق التي قام بإمضائها ولملمت اوراقها قائلة: معرفش بصراحه حضرتك هو قال اسمه د.
نزار.
، قال بهدوء: خليه يدخل، دخل نزار وتقدم باتجاه ادهم الذي وقف مرحبا به وبعد ان صافحه اشار له بالجلوس جلس نزار قائلا: اعتقد حضرتك متفاجئ من حضوري المفاجئ خصوصا وان دي اول مرة اتشرف بمقابلتك؟

قال ادهم بابتسامة خفيفة: بصراحه ما انكرش انى متسائل اكتر من اني مندهش يا ترى ايه سبب الزيارة؟
قال نزار وهو يجلس بكُليَّته مقابلا له: بص حضرتك انا دايما مؤمن ان الخط المستقيم هو اقصر طريق بين نقطتين.
هز ادهم برأسه موافقا وقال: تمام.
فاستطرد نزار قائلا: انا د.
نزار الكيلاني، استاذ دكتور في كلية الفنون الجميلة قسم ديكور وجاي اتقدم لكريمتكم، راندا!..

الا صحيح يا روني اخبار الكلية ايه؟ ، نظرت راندا الى ادهم واجابت باستغراب بينما ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه أخفاها متناولا طعامه: الحمدلله يا أبيه.
نظرت بتساؤل الى ريتاج التي ردت على تساؤلها الصامت بهزة من كتفيها تخبرها انها لا علم لها بمقصده بينما تابع وهو متلذذ بحيرة شقيقته الصغرى التي كبرت وجاءها الخطّاب يطلبونها للزواج: طيب كويس.
صحيح.
اخبار د.
نزار ايه؟

غصت راندا بطعامها وسعلت سعالا شديدا جعلت الجميع ينظرون اليها بتساؤل ودهشة وقلق بينما تناولت كوب الماء وشربت منه وقالت: اسفة شرئت.
عادت نظرات ادهم لهدوءها بعد ان غشيتها نظرة القلق وقال بلؤم: ماقولتيش يعني ايه رايك في د.
نزار؟
تطلعت راندا الى ريتاج في قلق بينما اشتمت كوثر برائحة الام ان هناك شيئا في الأفق فقالت بشبح ابتسامة: ايه يا ادهم خير ان شاء الله ايش معنى الدكتور دا بالذات اللي انت بتسألها عليه؟

نظر اليها بطرف عين بينما قال محمود ساخرا: ايه عملت ايه خليتي الاستاذ بتاعتك يشتكيكي وطالبين ولي امرك؟
وكزته ريتاج في خاصرته فتأوّه بألم ونظر اليها بنصف عين ثم الى ادهم الذي لاحظ حركتها فاحمرت أذناه غضبا ولكنه أرجأ حسابه معها على انفراد، قالت راندا بتلعثم: ولو اني مش فاهمه قصدك يا ابيه لكن د.
نزار انسان محترم والكل بيشهد له، قال ادهم بجدية بعد ان فارقته روح المرح: يعني لو اتقدم لك توافقي؟

فغرت راندا فاها دهشة بينما تحدثت كوثر بسعادة: بجد يا ادهم؟ قصدك تقول ان راندا اتقدم لها عريس؟
قال ادهم وابتسامة هادئة ترتسم على شفتيه: تمام كدا.
اخر العنقود كبرت وبيجيلها خطاب.
لا وايه داخل حامي اووي مش عاوز خطوبة لانه مش مؤمن بيها طالما وافقنا عليه عايز كتب كتاب على طول والفرح الوقت اللي يناسب العروسة رأيك ايه يا عروسة؟

نظرت راندا بدهشة وظلت ساكنه بلا حراك حتى هزتها ريتاج قائلة: هيييي راندا، نحن هنا.
من اولها وسرحانه!
نظرت اليها راندا بنصف عين مغتاظة وقالت: لا مخضوضة وانت الصادقة، ثم نظرت الى اخيها قائلة بارتباك: وانت.
رأيك ايه يا ابيه؟

نظر اليها قائلا: هو بصراحه اتقدم لك من 3 ايام وانا مارضيتش افاتحك الا لما أسأل عليه كويس الاول والمعلومات اللي جاتلي كلها مبشرة بس انا ليا تحفظ صغير على سنه! هو اكبر منك ب 15 سنة ودا فرق مش بسيط ما انكرش انه انسان محترم واللي عرفته عنه يخليني مطمن له لكن فرق السن اللي مخوفني بس بردو الرأي الأول والأخير ليكي انت، قالت كوثر بحنان: تصلي استخارة وان شاء الله خير وانا كمان هصلي استخارة وربنا يقدم لك اللي فيه الخير يا حبيبتي وفرق السن مش مشكلة يا ادهم انا الفرق كان بيني وبين شمس الله يرحمه 12 سنة وكان في مصلحتى لأنه كان محتويني ومحسسني اني بنته مش مراته، ثم غامت عينا كوثر بالذكرى وما لبثت ان أن قالت شاردة: الله يرحمه، انتبهت لآبنتها وقالت بابتسامة: فكري حبيبتي وصلي استخارة واللي فيه الخير ربنا يعمله، قال محمود بمرح: يعني خلاص يا روني فيه حد تاني هو اللي هيستحمل دلعك عليه وعفرتك؟ احمدك يارب، قالت ريتاج بمرح: مين دا؟ حد يطول واحده زي روني في خفة دمها وشقاوتها، وبعدين المفروض تتكسف من نفسك انت هتبقى العزبنجي اللي في العيلة دلوقتي يعني لوحدك لو مني منك شد حيلك كدا انت كمان واعملها اصله كاس وداير هتروح منه فين قبلك حاول يبعد عن قضاه لكن اللي مكتوب ع الجبين لازم تشوفه العين ودا قضاء وقدر واحنا مؤمنين هنعترض؟ اللهم لا اعتراض!

نظر اليها محمود بدهشة وانفجر ضاحكا وهو يقول: الله يبشّرك بالخير يا تاج.
انت كدا على اساس انك بتشجعيني مثلا؟
ثم نظر الى ادهم قائلا بخبث غامزا له: جرى ايه يا بوس عامل ايه في تاجنا؟ دي شكلها جايبه آخر؟

نظر ادهم اليه بطرف عين قبل ان يقوم من مكانه وهو يقول ببرود: اهي قدامك اهي اسألها، ثم نظر الى راندا قائلا: انا قلت له يسيب لنا مهلة اسبوع عشر ايام بالكتير وهنرد عليه ياريت تفكري كويس وتردي عليا، ثم نظر الى والدته قائلا: انا هروح اطمن على ماما سعاد ياريت يا ماما تبعتي لي الشاي في المكتب عندي شوية شغل، ولم يوجه لريتاج أي كلمة ولكنه نظر اليها نظرة قوية جعلتها تقطب متسائلة عن سبب غضبه التي استشعرته من كلماته ورأته في نظراته...

تاج حبيبتي انا هروح اقعد مع سعاد شوية في الجنينة الدكتور قال الهوا ليها حلو وانت خدي الشاي لأدهم، قالت ريتاج مبتسمة: حاضر يا طنط، قالت كوثر مبتسمة: مش هتفرحي قلبي بأه وتقوليلي ماما؟
ابتسمت ريتاج وقالت: ياسلام انا اكون مبسوطة جدا لاني بجد بحس حضرتك زي ماما بالظبط يا ماما...

ادخل ، كان يراجع ما امامه من اوراق ولكنه في الحقيقة كان ينظر اليها ولكن عقله في مكان آخر مع متمردة صغير أوشك على فقدان عقله بسببها!..

التقط أنفه رائحة ورود خفيفة برائحة الياسمين وشعر بوجيب قلبه يعلو بينما سمع صوتا يقول يشبه الكروان في نغمته: الشاي.
نظر اليها بطرف عين وقال ببرود وهو ينظر في الاوراق امامه ثانية متجاهلا اياها: شكرا.

قطبت ناظرة اليه ولكنها هزت كتفيها فهي لم تفعل ما يزعجه وان كان هناك شئ قد ضايقه منها فليقله ولا داعي لهذه المعاملة الباردة ولذلك قررت تجاهله الى ان يصرّح لها بسبب انزعاجه منها فهي تعلم تمام العلم ان أدهمها ليس بقادر على اخفاء سبب ضيقه منها ان هي تمادت في تجاهله فسرعان ماسيصرح لها عما بداخله وقد كان!

استقامت في وقفتها بعد ان وضعت قدح الشاي امامه وسألته بهدوء: عاوز حاجه تانية يا ادهم؟
نظر اليها واشار برأسه نفيا قائلا بصوت كالصقيع في برودته: لا.
شكرا، نظرت اليه ريتاج بطرف عين وقالت في نفسها: بأه كدا يا ادهم ماشي انت اللي ابتديت لو انت تلاجة انا فريزر دي لعبتي، ثم ابتسمت ببراءة مصطنعه وقالت: اوك.

اسيبك لشغلك شكلك مشغول اووي وانا مش عاوزة اعطّلك، لم يرف له جفن مما جعلها تزم شفتيها غيظا ثم سارت لتخرج ووضعت يدها على مقبض الباب ثم التفتت اليه قائلة ببراءة مصطنعه راغبة في التأكد من سبب ضيقه الذي يراودها: عموما انا احتمال اخرج مع راندا نروح النادي وممكن نفوت على مها كمان، لم تحصل منه سوى على هزة رأس خفيفة فتابعت بلؤم: آه على فكرة محمود هييجي معانا، والتفتت تريد الخروج ولكنها سمعة صرخة باسمها: ريتااااااج!

ابتسمت بينها وبين نفسها فقد نجحت في شرخ الواجهة الزجاجية التي احاط نفسه بها وتأكد ظنّها ان سبب ضيقه يكمن في محمود ولكن لما؟
اقترب منها سريعا ودفع الباب بيده مغلقا ايّاه وقال بغضب: انت رايحه فين؟
التفتت اليه ونظرت في عينيه بهدوء قائلة: انا قلت لك رايحه النادي مع راندا و، أكمل من بين اسنانه بحدة: محمود! مش كدا؟
نظرت اليه بتساؤل وقالت بجدية: اه ومحمود.
فيها حاجه دي؟

امسكها من ذراعها بقوة ومال عليها ناظرا اليها بقوة وهو يقول: انت بتستعبطي؟ يعني مش عارفة فيها ايه؟
نظرت اليه بدهشة ثم قالت بحدة وهي تحاول جذب ذراعها من قبضته القوية بدون نجاح: آخ.
ايه يا ادهم.
سيب دراعي.
انت جرالك ايه؟
قال لها وهو يهزها: انت متجوزة راجل ولا رِجل كنبة؟
نظرت اليه بدهشة وقالت في برود شديد: لا طبعا راجل.

بس لو انت شايف نفسك رِجل كنبة دي حاجه ترجع لك انت دا رأيك انت حر! كاد الدخان ان يخرج من انفه وأذنيه على حد سواء وهو يمسك بذراعها الاخرى ويقول بغيظ: انت قاصده تجنينيني؟ اقدر اعرف ايه كمية الضحك والتهريج اللي بينك وبين محمود دي؟ دا انا جوزك مابتهرجيش معايا كدا؟ ازاي اساسا تسمحي لنفسك انك تتكلمي معاه بالأسلوب دا؟ لا وايه كمان تزغديه بكوعك! انت واعيه لنفسك؟

حاولت الفكاك منه بقوة فلم تفلح فما كان منها الا ان تحدثت بقوة وغضب شديد غير واعية لاحمرار وجهها بسبب الغضب الذي زادها فتنة وبهاء وزادها غضبها جمالا فوق جمالها لم تعيه فقد كانت مستشيطة غضبا وغيظا من هذا الواقف امامها يكيل لها الاتهامات بمنتهى الصلف والغرور: ايه ايه، حيلك حيلك.

اللي يسمعك يقول اني كنت انا وهو لوحدنا احنا كنا في وسطكم يا استاذ وانا مقدرش اتعامل مع محمود رسمي لسبب بسيط اووي انه ليه معزة خاصة عندي، زاد من ضغطه على ذراعيها فتابعت غير مبالية: محمود معزته في معزة اخويا بالظبط.

اخويا اللي طول عمري نفسي يكون لي اخ زيه قلبه عليا واتكلم معاه براحتى واحس فيه بحنان الاخ وحرصه عليّا انا محترمة كويس اووي يا ادهم وانت اكتر واحد عارف انى مش بتكلم بالاسلوب دا مع أي حد ودي آخر مرة اسمح لك تتكلم معايا بالاسلوب دا، اسلوب الاتهام دا انا ارفضه، انا شامه ريحة تلميح في كلامك مقبلوش انا ريتاج مراد يا ادهم ماتنساش!

جذبها بشدة ناحيته وقال وهو لا يزال يضغط بقوة على ذراعيها ولكنها كتمت ألمها بقوة فلن تستعطفه ابدا: وانا ادهم شمس الدين جوزك، ومش ادهم اللي مراته تقوله اسمح وما اسمحش، انت تبعي انا.
ليّا انا.
واي كلام مع أي حد بالطريقة بتاعتك دى مرفوضة حتى لو كان اخويا وخلي بالك انا غضبي وحش اووي يا ريتاج!

نجحت اخيرا في نزع ذراعيها بقوة من بين يديه وهي متأكدة ان قبضته سببت لها كدمات في ذراعيها لن تختفي آثارها بسهولة ووقفت امامه بكل شموخ قائلة: وانا مش جارية وانت السيّد تؤمر وانا اطيع.
لا.
انا حُرَّة، وهفضل حرة، واذا كان مش عجبك خلاص، وعموما احنا لسه في الاول ع البر زي ما بيقولوا!
اقترب منها بوجهه قائلا بصوت يشبه الفحيح: دا في الحلم يا ريتاج، انا جوزك.
وانت مراتي وطول ما فيا نفس عمري ما هسيبك ابدا.

وحطي في بالك كويس اووي ادهم عمره ما بيسيب حاجه له!

صرخت بغضب مشيحة بيديها: انت عاوزايه مني بالظبط يا ادهم؟ ليه كل دا؟ انا عملت ايه علشان دا كله؟ علشان ضحكت مع اخوك؟ مش اول مرة يا ادهم ولا هتكون آخر مرة، ولو انا عاوزة محمود كان قدامي انا، وسكتت بغتة لم ترد اكمال عبارتها التي قالتها في لحظة غضب وتهور فلو علم ان محمود قد صارحها بمشاعره الوهمية - والتي تأكد بعد ذلك انه لا يكن لها سوى احترام الاخ لأخته بينما اتجهت مشاعره بكل قوتها ناحية مها وهو من أكد لها ظنونها – لن يصدقها ادهم مهما اقسمت له انه لا يوجد أي نوع من انواع المشاعر بينهما فهو قد غضب لمجرد كلمات مرح بريئة تبادلاها فماذا سيفعل ان علم بأن اخاه كان يكن لها مشاعر معينة حتى وان ثبت انها مجرد اعجاب لا أكثر او اقل؟!

ضيق ادهم حدقتيه وقال ببطء: لو كنت عاوزة محمود كان قدامك؟ ليه هو حصل واتكلم معاكي في حاجه قبل كدا؟
اشاحت بنظرها بعيدا وقالت بحدة: مش دا موضوعنا أنا، قاطعها صارخا: ردِّي عليَّا، محمود صارحك بحاجه؟ قالك حاجه؟
تنفست بعمق ثم نظرت اليه طويلا قبل ان تقول: ايوة بس، امسكها بقوة جاذبا اياها ناحيته وقال: وماقولتليش ليه؟ ماعرفتنيش ليه لما خطبتك؟ وايه حنِّيتي دلوقتي ليه؟ قالك ايه بالظبط انطقي!

نظرت اليه بثبات غريب وقالت ببرود: قالي انه بيحب مها وعاوز يتقدم لها بس طلب مني اني اجس نبضها الاول قبل ما يتقدم رسمي علشان مايحصلش احراج خصوصا انها صاحبتي انا وراندا ومش عاوز راندا تضايق او يسبب أي احراج لمها، عرفت محمود بيحب مين بالظبط؟
لم تكن تكذب فيما قالت فمحمود بالفعل قد كلفها بجس نبض مها لرغبته بالارتباط بها رسميًّا، انزل يديه ببطء وتركها وقال بدهشة وحيرة: وليه ما قولتليش من الأول؟

نظرت اليه نظرة حزن عميقة وقالت له وهي تغالب دموعها كي لا تسقط امامه: لو اعرف انك هتشك فيا انا واخوك صدقني كنت قولت لك من الاول.
وكنت خليتك انت اللي تكلم مها كمان!

سكت ادهم وهو يلوم نفسه بشدة لطبعه الناري الذي انفجر ما ان شاهد ريتاج ومحمود يتبادلان الكلمات المرحة البريئة ولكن شيطانه لم يتركه الا وجميع الصور تتقافز في مخيلته، نظر اليها فرآها تسير ببطء حتى وصلت الى الباب فناداها بهدوء يحمل رجاءا بين طياته: ريتاج.

نظرت اليه من فوق كتفها وقد خانتها دمعة وحيدة سالت على وجنتها المرمرية سرعان ما مسحتها وقالت بكل صلابة: الكلام اللي قلته يا ادهم تأكد انى عمري ما هنساه.
وعلشان مرض امي انا هكمل التمثيلية للآخر.
لكن تأكد ان فرحنا مش اتأجل لأ، اتلغى، ارتباطنا مجرد وقت لغاية ما ماما تسترد صحتها تاني والدكتور يطمني عليها وبعدها انسى اسم ريتاج خالص ولغاية ما دا يحصل ياريت ما ألمحكش ولو صدفة في طريقي حتى!

لحقها ادهم ووقف وراءها ثم مال الى اذنها هامسا بجدية شديدة: الحاجه الوحيدة اللي هتخليني اوافقك على الجنون دا هي.
الموت! موتي بس هو اللي هيخليكي تخلصي مني.
غير كدا انسي اني اسيبك وفرحنا هيتم في معاده!
التفتت ناظرة اليه وقالت بصوت متحشرج يقطر حزنا لم تنجح في اخفاؤه: ياااه.
للدرجة دي انا اتغشيت فيك! انا قلت ربنا عوضني بحنان بابا اللي فقدته بيك انت.
تطلع سجَّاني! ليه يا ادهم انا عملت لك ايه؟

امسك بيدها واضعا اياها على صدره لتستعر دقات قلبه التي تطرق بقوة كالمطرقة: حاسة بيه؟ انت اللي بتخلي دا يدق بالشكل دا.
انت اللي خلتيه يصحى بعد ما كان ميَّت وصدقيني معنديش أي استعداد انه يموت تاني.
انا عارف انى غلطت بس، بس اتجننت لما لاقيتك بتضحكي وتهزري مع محمود.
انا عارف انه جنون بس مش بإيدي.
عندي رعب انك تسيبيني.

ثم تقدم منها ناظرا الى عينيها بنظرة جعلت قلبها يقفز بشدة: اتجننت لما سمعته بيقول تاجنا، انت تاجي انا بس، مراتي انا، حبيبتي انا!
هربت بنظراتها واحمرت وجنتيها خجلا فقال برجاء: بصِّي لي يا تاجي، طمنيني، كلمة بحبك اللي قولتيهالي في المستشفى وانا شبه اجبرتك انك تقوليها تاني كانت كلمة من فرحتك بسلامة مامتك بس ولا انت فعلا كنت قصداها؟

هربت بنظراتها بعيدا وهي تقول بتلعثم غريب عنها: انا عمري ما قلت كلمة علشان مكسوفة ولا مجاملة ولا علشان مش عاوزة احرج اللي قدامي.
قال لها ممسكا اياها من كتفيها ونبرته تحمل لهفة وشوقا: يعني، انت فعلا كنت قصداها يا تاجي؟
نظرت اليه بطرف عين وقالت بإغاظة: ما انت شكلك كدا هتخليني اعيد تفكيري تاني.

احتضنها بقوة بين ذراعيه وهو يتنفس بعمق بينما الدهشة ألجمتها: عمرك ما هتقدري تغيري تفكيرك ولا انا عمري ما هقدر اشيلك لا من دماغي ولا قلبي.
احنا الاتنين مصيرنا مرتبط ببعضه، انا قدرك وانت قدري، وماحدش يقدر يهرب من قدره!
ابتسمت ابتسامة خفيفة لم يرها ولكنه سمعها في صوتها وهي تقول باستفزاز: ما انا قلت دا قضاء وقدر وانا انسانة مؤمنه لا يمكن اقدر اعترض!

رفعها بين يديه ودار بها وهو يضحك بقوة ثم انزلها على قدميها ونظر اليها بحب وقال: اوعي تخليني أغِير تاني.
غيرتي نار ربنا يكفيكي شرها.
وانت بالذات خط احمر بالنسبة لي، ابتسمت قليلا فقال لها: ها.
سامحتيني؟
نظرت اليه قليلا كانت تريد التلاعب باعصابه ولكن قلبها لم يطاوعها فقالت وهي تهز رأسها موافقة: عفا الله عما سلف.
بس اوعى تتكررتاني لأن لو انت غيرتك نار انا غضبي وعنادي تور هايج ربنا يبعدهم عنك.

قال بضحك: آميين.
ثم احتضنها بقوة ينعم بدفء قربها منه وتنعم بالأمان بين ذراعيه...

انت عاوز ايه بالظبط؟ ، قالت ريتاج بقوة لمحدثها بالهاتف واستمعت قليلا لتقول بغضب: اعلى ما في خيلك اركبه، مقابلة مش هقابلك ومافيش كلام بيننا وبين بعض ومالكش دعوه باللي بيني وبين أدهم ويكون أشوفك ولو صدفة يا سامح تبقى انت الجاني على نفسك ، واغلقت الهاتف بحدة جعلت مها تطالعها بدهشة وتساؤل فنظرت اليها وقالت: تخيلي سامح بيه بيكلمني يحاول يقنعني انى اسيب ادهم واني اديه فرصة تانية احسن لي؟ قالت مها بقلق وكانا جالستين في غرفة مها بمنزل الاخيرة: تاج.

اللي اسمه سامح دا مجنون وتوقعي منه أي حاجه انا رأيي انك لازم تصارحي أدهم.
قالت ريتاج: أدهم.
اذا كان غار من، وبترت جملتها التي استرعت انتباه مها التي سألتها: غار؟ غار من مين يا تاج؟

انتبهت من شرودها وقالت اول عذر طرأ على بالها فهى لم تكن ابدا لتصرِّح لمها بغيرة ادهم من محمود خاصة وان سبب قدومها لمها هو مفاتحتها في رغبة محمود في الارتباط بها فقالت متحاشية النظر اليها: غار من عم دسوقي تصدقي؟ الراجل اللي اتربيت على دراعه في المصنع ليه وليه لما روحت معاه المصنع من يومين اسلم عليه واضحك معاه واتكلم ماخلصتش، ابتسمت مها قائلة: بيحبك يا تاج، واللي بيحب مابيفرقش كبير صغير هو بيحس ان حبيبه دا ملكية خاصة بيه هو وبس!

نظرت اليها ريتاج بخبث وقالت بابتسامة ماكرة: الله الله ع الحب يعني اقدر افهم ان حضرتك واقعه لشوشتك على كدا وإلَّا ماكنتيش قدرت توضحي لي الصورة اووي كدا؟
هربت مها بنظراتها قائلة: احنا فيَّا ولا فيكي دلوقتي؟
نظرت اليها ريتاج قائلة بجدية: من الاخر محمود عاوز يتقدم لك موافقة ولا لأ؟
نظرت اليها بخجل وقالت: محمود انسان مايتعايبش، ابتسمت ريتاج واحتضنتها قائلة: مبرووك يا موهة.

ايه رايك نعمل فرحنا احنا التلاته انا وانت وراندا.
نظرت اليها باستغراب قائلة: راندا؟
ضحكت ريتاج قائلة: مش ابو الهول نطق؟ وانزار ادّاها انزار انه عاوز كتب كتاب على طول مش خطوبة، ضحكت مها وقالت: شكلنا احنا التلاته وقعنا بس اكيد امهاتنا سمُّوا علينا.
انطلقت ضحكات الصديقتين عاليا.

على الجانب الآخر من الهاتف بعد ان اغلقت ريتاج الهاتف بقوة في وجه سامح اتصل بصافي قائلا بقوة: خلاص يا صافي انا حاولت معاها بهدوء بس هي لسه مصرة على اللي في دماغها لو كانت طاوعتني ما كنتش اضطريت للي هعمله لكن هي اللي اختارت.
قالت صافي بخبث: مش قلت لك اديك ضيّعت وقت وخلاص، قال بقوة: مافيش حاجه ضاعت وانت مش هترجعي الفيلا؟

قالت له بلؤم: لا انا عاوزة اكون بعيد بس ما تقلقش اخبارهم عندي أول بأول ومش بس كدا لحظة التنفيذ عرفني وليك عندي مفاجأة من اللي هيا.
سكتت قليلا ثم قالت: لا وتبقى مفاجأة ازاي لو قلتهالك؟
اقفلت الهاتف وقالت وعيناها تلمعان بخبث ودهاء: خلاص يا ريتاج.
وقتك قرب يخلص وقريب اووي ادهم هيرميكي وباختياره هو...

ريتاج مراد؟ ، استغربت ريتاج من الصوت الغريب الذي يحادثها وقالت بريبة: ايوة.
مين معايا؟

قال الصوت: معاك مستشفى، فيه واحد جالنا دلوقتي وهو اللي ادانا نمرتك علشان نكلمك، سألت ريتاج: واحد؟ واحد مين دا؟ ومستشفى ايه؟ قال الصوت: ادهم شمس الدين، يؤسفني أبلغك انه عمل حادثة واتنقل هنا المستشفى وهو اللي طلب مننا اننا نبلغك قبل ما يدخل العمليات ياريت حضرتك تيجي وبناء على رغبته ما تبلغيش حد لانه فيه شك ان الحادثة تكون مدبّرة!
صرخت بهلع قائلة: ايه.
متدبرة؟

أكّد الصوت قائلا: ايوة، والسرية مطلوبة هو مش عاوز أي قلق هو كويس بس فيه كسور وكدمات بس المشكلة انه نزف كتير اووي، قالت بلهفة: عنوان المستشفى بسرعه، املاها العنوان، اقفلت الهاتف وتناولت حقيبتها وخرجت مسرعه من غرفتها اصطدمت في طريقها براندا ولم تلتفت اليها ثم انطلقت الى سيارتها حيث ركبتها وقادت بسرعه متجهة الى المستشفى الشهير في احد الاماكن المتطرفة وهي تدعو الله ان يحفظه لها وحمدت الله انها لم تقابل كوثر كي لا يُفتضح امرها فقلقها وخوفها الشديد بل رعبها مرسوم على وجهها...

ما ان خرجت الى الطريق الواسع السريع الشبه صحراوي حتى تفاجئت بسيارة تتبعها حاولت الافلات منها وفجأة اعترضت طريقها واقفة امامها حتى كادت ان تصطدم بها، خرجت ريتاج من سيارتها بسرعه متجهة الى قائد السيارة بعصبية بالغة لتتشاجر معه وقالت: ايه انت مش شايف.
اقدر اعرف انت بتعترض طريقي ليه؟

سمعت صوتا هادئا يقول من خلفها: انا هقول لحضرتك، التفتت بنزق لتفاجئ برذاذ يتطاير في وجهها سرعان ما شعرت بدوار ثم تلقفتها ذراعين قويتين وكممت انفها بمنديل آخر ذو رائحة نفاذة وآخر شئ سمعته قبل ان تغيب عن الوعي: الاوامر تخديرها بس، خُد بالك.
ولم تعي شيئا مما حولها بعد ذلك.

استفاقت من غيبوبتها وادارت راسها لتنظرالى ما حولها واضعه يدها على رأسها وما لبثت ان تذكرت المكالمة وادهم والسيارة التي اعترضتها، نظرت حولها لتفاجئ بنفسها في غرفة نوم تنضح بالفخامة والرقي، قامت راكضة باتجاه الباب تحاول فتحه ففوجئت به مغلق بالمفتاح، أخذت تطرق عليه بكلتا يديها ثم سمعت صوت المفتاح يدور في قفل الباب فابتعدت قليلا لتفاجئ بمن يدخل الغرفة مغلقا الباب وراءه مبتسما ابتسامة ماكرة فقد كان، سامح!

سامح! ، شهقت بإسمه بدهشة بينما اقترب منها بخبث قائلا: ايوة سامح.
مفاجأة مش كدا؟
نظرت اليه وحاولت جمع شتات نفسها وقالت بقوة حاولت اظهارها: اقدر افهم ايه اللي بيحصل بالظبط؟
قال ببرود فاتحا يديه: ابدا، بس اخترت لك المكان الصح.
انت مكانك هنا معايا مش مع الشاطر ادهم بتاعك يا، أميرة! قالت له بقوة: اوعى تجيب سيرة ادهم على لسانك.

اقل ضافر عند ادهم برقبتك ورقبة ألف من عينتك، غضب من كلامها واقترب منها قائلا بقوة: أدهم بتاعك دا لما أنتهي منك هو أوّل واحد هيرميكي في الشارع وساعتها غصب عنك مش هتلاقي قدامك غيري أنا!

نظرت اليه بكراهية شديدة وقالت: ابدا، عمري ما ابص لإنسان حقير وواطي وندل زيَّك، صفعها بقوة رمتها فوق الفراش فوضعت يدها على وجنتها متحسسة مكان الصفعه بينما توجه ناحيتها وهو يفك حزام البنطال قائلا: واضح انك مش هتيجي غير بالعنف، ثم رمى بنفسه فوقها مثبتا اياها فوق الفراش بجسده ومثبتا يديها فوق رأسها بقبضة شديدة محاولا تقبيلها بقوة هزت رأسها يمينا ويسارا بقوة محاولة تفادي قبلته ثم اخذت بالرفس بقدميها هي حاصلة على الحزام الاسود في الجودو ولكنه اقوى منها كما ان الرغبة في الانتقام منها هي ما تحركه وبشدة، اصابته قدمها في اسفل بطنه فتركها مُرغما فقفزت متجهة الى الباب ولكنه تمالك نفسه ولحقها ممسكًا إيَّاها من قميصها من الخلف بقوة حيث تمزق في يده وادارها ناحيته ثم احتضنها بقوة محاولا تقبيلها عنوة وقد مزق مقدمة قميصها فاستعملت قبضتها الحرة موجهة اياها الى وجهه فنزفت أنفه بشدة، وضع يده على وجهه ماسحا الدم وقال: حسابك تقّل اووي.

ومابئاش سامح اما خليتك تسديديه كله والليلة يا، ريتاج قلبي، قفز فوقها راميا اياها فوق الاريكة العريضة بينما كانت تصرخ وهو يضحك ساخرا: اصرخي من هنا لبكرة ولا حد هيسمعك احنا لوحدنا هنا يا قطة.
وماحدش هيخليكي تفلتي من ايدي.
انت عروستي انا.
وبعد الليلة دي صدقيني انت اللي هتبوسي جزمتي علشان أتجوزك يا، شريفة!

نظرت اليه نظرة مليئة بالكراهية ثم بصقت بقوة في وجهه قائلة: ولا انت ولا عشرة من عينتك الواطية تقدروا عليا انا ريتاج مراد وقبل ما تعمل حاجه هكون مموتة نفسي الموت اشرف لي من ان كلب زيك يمس شعره واحده منّي!
قال بغضب عنيف: انا بأه هخليكي تلحسي تراب جزمتي يا، ريتاج!

حاولت كثيرا الافلات منه ولكن غضبه كان قد أعمى عينيه وكان محركه القوي وفي حين بدأت قواها تفتر كانت قواه هو تقوى وتشتد بفعل غضبه الشديد ورغبته في اسكات هذا الفم الذي أكال اليه الاهانات والشتائم، قالت له بحدة ودموعها تجري بالرغم منها: هقتلك يا سامح هقتلك!

قال لها وقد نجح اخيرا في التغلب على مقاومتها بابتسامة صفراء خبيثة: هتكون احلى موتة لما اموت بين ايديكي، وفجأة اذ بذكرى والدها تمر ببالها وهو يخبرها انها سند والدتها من بعده، وتراءى لها وجه والدتها المتعب وماذا سيحدث لها ان نفذ هذا الكلب غايته ووجه أدهم الضاحك وهو يخبرها اليوم صباحا انه يعد الأيام حتى يجتمعان في منزل واحد وكأنها شحذت كل طاقتها حيث حررت يدها اليمنى المحتجزة بين جسمها وجسمه بقوة وتناولت مزهرية الورد فوق الطاولة الصغيرة وراءها وضربته بها على رأسه بشدة فرفع رأسه ناظرا اليها بدهشة ثم ارتمى من فوقها على الارض مضرجا بدماؤه بينما هي انتقلت بجانبه ناظرة اليه بدهشة افقدتها النطق لوهلة ثم اخذت تنادي عليه بخفوت: سامح، سامح.

لم يجبها، انتبهت انها لا تزال ممسكة ببقية المزهرية المحطمة فرمتها بعيدا وامسكت برأسه رافعة اياه منادية عليه ولكن لا حياة لمن تنادي فوضعت يدها الملوثة بدماؤه على فمها وهي تشهق بشدة قائلة بهلع: قتلته، مات!

ترى ما مصير ر يتاج؟ ماذا سيكون رد فعل ادهم؟ ما الدور الذي ستلعبه صافي في حياة ادهم لتضمن نجاح خطتها؟ هل ستعلم سعاد بما فعلته ابنتها؟ هل ستحاكم ريتاج بتهمة قتل سامح مع العلم ان بصماتها على أداة الجريمة ولا تملك دليلا على انها كانت تحاول الدفاع عن نفسها سوى كلمتها فقط؟ تابعوني في القادم من، المتمردة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة