قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الحادي عشر

حمدلله على السلامة.
ايه يا شيخه وقعت قلبي في رجليّا.
، نظرت ريتاج بضعف الى مها محدثتها وابتسمت ابتسامة ضعيفة شاحبة وقالت بصوت خافت: الله يسلمك يا مها.
هو انا ايه اللي حصل لي؟
ابتسمت مها وقالت بمرح: اللي حصل وصل يا تاج، كل اللي حصل انك هووب وقعت من طولك دا انت خضّيتي الجدع حتة خضّة!
أوّل مرة اشوف واحد مخضوض الخضّة دي.
انا كان بيتهيألي انه هيحطك ع السريرمن هنا ويقع جنبك من هنا!

نظرت اليها ريتاج مندهشة ثم استوعبت انها في حجرة جدرانها بيضاء وانتبهت الى كلمتها ان هناك شخص ما حملها واضعا ايّاها فوق السرير ذو الملاءة البيضاء وانه كان من شدة القلق بحيث انه كاد ان يقع هو الآخر مغشيا عليه بجانبها!
ثم فتحت عيناها على وسعهما وشهقت دهشة عندما تذكرت ان آخر شخص قد رأته قبل ان تسقط مغشيا عليها هو أدهم!

التفتت الى مها الجالسة بجوارها وقالت سائلة اياها: انت قصدك تقولي ان أدهم هو اللي شالني وجابني لغاية هنا في عيادة النادي؟
أومأت مها برأسها ايجابا قائلة: ايوة حضرتك.
انا كنت مستنياكي لغاية ما تغيري هدومك زي ما اتفقنا اتفاجئت بأدهم ومعاه امن النادي وظابط شرطة وكم عسكري واقفين بره ومنعوا حد يدخل الاودة.

وشوية لاقيت الظابط مشي هو واللي معاه وبعدين اللي اسمها سالي دي وحبة بسيطة لاقيت ادهم خارج شايلك وعمّال يصرخ ويزعق ويقول عاوز دكتور حالا وهو شايلك لغاية ما جابك هنا وحاطك ع السرير وخرّجوه بالعافية كان عاوز يفضل جنبك!

لا تعلم ريتاج لما هذا الاحساس الذي دغدغ مشاعرها لوصف مها مدى قلق وخوف ادهم عليها ولكنها اعتبرت انه لو كان أي شخص مكانها كان أدهم ليفعل نفس الشئ فهو حسب كلام اخته يشعر بالمسؤوليه لاقصى درجه ورفضت همسات قلبها التي تخبرها ان سلوك أدهم لم يكن موجّه لأي شخص بل لها هي وحدها!..

دخل الطبيب الشاب مبتسما وامسك معصمها مستطلعا نبضها وقال بابتسامة: لا الحمد لله النبض مظبوط.
قالت ريتاج: انا اول مرة يغمى عليّا يا دكتور يا ترى ليه؟
قال الطبيب مبتسما: ابدا.
بس واضح انك أرهقت نفسك الفترة اللي فاتت دي شوية و حسب الموقف اللي حصلك من شوية ممكن نعتبر ان دا صدمة عصبية مؤقته والحمد لله راحت.
قالت بدهشة: صدمة عصبية؟! انا اول مرة تيجي لي الصدمة دي! عمري ما توقعت ابدا انى ممكن اتعرض لها!

قال الطبيب بتفهم: احيانا بتواجهنا بعض المواقف اعصابنا مهما بلغت شدة قوتها واحتمالها بيكون لها حد معين وانت واضح جدا ان الموقف اللي اتعرضتي له أثر على اعصابك وبقوة.
انما عاوز اقولك نصيحة.
ماتجيش على اعصابك وتضغطي عليها كتير.
انت بشر مش حديد.
لا يا دكتور هي حديد ومصفّح كمان! .
نظرت ريتاج الى الصوت لتفاجئ ب أدهم يدخل الغرفة مقتربا من فراشها وهو يرمقها بنظرات تجمع بين الغضب وشيئاً آخر احتارت في تفسيره!

نقلت مها نظراتها بين ريتاج وادهم مبتسمة في سرّها وهي ترى الشرارات المتصاعده من أعينهما، لم ينتبه الطبيب الى التوتر الذي يسود الغرفة وقال مبتسما مربتا على يدها بحنو: عموما حمدلله على سلامة بطلتنا بصراحه كنت اتمنى اشوفك بس في ظروف احسن من كدا.
انما اكيد هشوفك تاني، اهم حاجه تاخدي بالك من صحتك انّ لبدنك عليك حقاً.
انت صحتك مهمة اووي عندنا!

شعرت ريتاج باحساس عدم الراحه لكلام الطبيب ولكنها فسّرته على انه مجاملة لها بينما نظر ادهم الى الطبيب الشاب المبتسم لريتاج نظرة غضب خفي وتنهد بنفاذ صبر ملحوظ ونظره مثبت على يد الطبيب التي لاتزال ممسكة بيد ريتاج مربتة عليها و زفر ادهم بضيق ثم قال بحدة خفيفة نازعا يد الطبيب من يد ريتاج وكأنه يتناول يده ليصافحه وقال من بين اسنانه: عموما شكرا لتعبك معانا، وهزّ يده بقوة وهو يصافحه مما جعل الطبيب ينظر اليه مستغربا وقال ادهم متابعا: عموما مش عاوزين نعطّلك اكتر من كدا.

انا هروّحها دلوقتي وان شاء الله يومين راحه وهتكون كويسة.
ثم حثّ الطبيب على السير حتى باب الغرفة بينما وضعت مها يدها فوق فمها لتكتم ضحكتها التي سمعت ريتاج صوتها المكتوم فنظرت اليها بطرف عينها شزرا، وصل الطبيب الى باب الغرفة الذي فتحه أدهم له وقبل ان يخرج مال قليلا ليستطيع رؤية ريتاج وقال بابتسامة واسعه: نسيت آخد امضيتك في الاتوجراف، بس متعوضة هشوفك اكيد تاني هنا في النادي كتيير.

كاد ادهم ان يدفعه دفعا خارج الغرفة وما ان خرج حتى اغلق الباب وراؤه باحكام وهو يود لو يصفقه عاليا لينفّس عن بعض غضبه المكبوت، اغمض عينيه وتنفس عميقا ثم فتحهما وهو يعلم ان سبب غضبه القوي يرقد فوق الفراش مدعيا القوة بينما في داخلها هي كالعصفور الهش الذي كاد قلقه عليها ان يفتك به!

استدار ادهم وسار حتى وقف بجانب الفراش ونظر الى ريتاج مليا قبل ان يقول بغضب مستتر: عجبك اللي حصل دا؟ لولا ان ربنا هداني في آخر لحظة انى ابلغ البوليس واقوله على الرسايل اللي جاتلك والظابط جه في الوقت المناسب تقدري تقوليلي مصيرك كان هيبقى ايه دلوقتي؟ ثم قال بعصبية وحدّة: اقدر اعرف انت ليه دايما ماشيه بدماغك؟ ليه مش بيهمك الا انك تنفذي اللي في دماغك وبس بصرف النظر عن رأي اللي حواليكي؟ فكرتِ في مامتك لو كان جرالك حاجه كانت ممكن ايه اللي هيحصلها؟ لكن هقول ايه واضح انك واحده انانية ومابتفكرش غير في نفسها وبس وأهم حاجه عندها انها تفرض رأيها بصرف النظر بأه اذا كان صح ولا غلط ولاّ هيضر ناس تانيه!

نظرت اليه ريتاج متفاجئة من انفجاره القوي بها بينما قالت مها معترضة: أدهم بيه.
ارجوك!
نظر الى مها وقال بهدوء نسبي وهو يزفر ساخطا: ارجوك ايه بس يا آنسة مها.
انت معايا ان تصرفاتها غلط ولا لأ؟ مابتاخدش برأي كبير ولا أي رأي غير رأيها.
كمية عناد وغرور ما اتوصفتش.
انا عمري ما كنت اتوقع انك بالشكل دا!
ابتلعت ريتاج ريقها بصعوبة وقالت بصوت متحشرج محاولة التماسك امامه: شكل ايه؟

قال بقوة وهو يميل فوقها ناظرا في عينيها: الانانية دي كلها وقسوة القلب حتى على اقرب الناس ليكي.
أُمّك!
اعتدل ادهم واقفا وقال لها آمرا من دون انتظار ردها عليه: انا هستناكي برّه علشان اروّحك.
هتاخدي اليومين الجايين اجازة.
يكون ألمحك في المصنع ولا الشركة ساعتها بجد هتتمني انك ما كنتيش خالفت اوامري لأنك هتعرفي يعني ايه غضبي وحش وأووي كمان!

نظر الى مها وقال ببرود: لو سمحت آنسة مها ساعديها علشان تقوم انا مستنيكم برّه، وخرج من دون ان يلقي نظرة اخيرة عليها...

معلهش يا تاج.
انا متأكده انه كان بينفّس عن غضبه وبس.
انت ماشوفتيش وشّه كان مخضوض عليكي أد ايه.
معلهش ماتزعليش، علشان خاطري.
دا كله من خوفه عليكي وعلشان عاوز مصلحتك.
مها ساعديني علشان أقوم قالت ريتاج بصوت ضعيف يحمل رنة حزن غريب، ساعدتها مها لتقف وكادت تقع وهي تستند عليها فقالت مها برجاء: انادي ادهم يساعدنا؟
نظرت اليها ريتاج نظرة قوية مليئة بالغضب وقالت سريعا بحدة: لأ، ولو هخرج زحف.
ادهم.
لأ!

واستندت عليها ليخرجا الى حيث ينتظرهما من يروح ويجئ في المكان كالليث المحبوس وهو يلوم نفسه على الكلام الذي أسمعه لريتاج ولكنه كان في أقصى درجات القلق والسخط عليها وكان البديل لكلامه ان يمسك بها ويهزّها هزّا عنيفا حتى ترتج اسنانها، فكان لابد له ان ينفّس عن غضبه وهو يعلم تمام العلم انه كان قاسيا عليها في كلماته ولكن لابد لها من وقفة كى لا يتكرر ماحدث اليوم ثانية فهو لا يستطيع ان يتخيل ما كان سيحدث ان كان تأخر لدقائق قبل دخوله الغرفة وانقاذه لها من بين براثن منافستها!..

ادهم.
راندا قالت لى ان تاج كويسة وبخير صحيح؟ هي فين عاوز اشوفها؟ ، نظر ادهم بتساؤل الى محمود الواقف امامه وعيناه مليئة باللهفة للاطمئنان على ريتاج في حين يقف هو بانتظارها لتخرج ليذهب بها الى منزلها، قال بدهشة: غريبة.
وراندا عرفت منين؟
قال محمود وهو ينقل نظراته بلهفة هنا وهناك علّه يرى ريتاج: صاحبتهم اظن قالت اسمها مها كلمتها وطمنتها عليها واول ما عرفت جيت جري.
هي فين؟

سمع صوت فتح باب الغرفة المقابلة ثم شاهد فتاة سمراء تخرج تسند ريتاج اليها فسارع الى الوصول الى ريتاج قائلا بلهفة: تاج.
ألف حمدلله على سلامتك.
كدا كنت هتموتيني.
أ أقصد هتموتينا من القلق عليكي!

ابتسمت ريتاج ابتسامة ضعيفة وقالت لمحمود الذي كان نظره منصبا عليها فقط غير واع لنظرات تقع عليه من عيون مرافقة ريتاج وقد شعرت ان وجيب قلبها قد وصل عنان السماء واشتعل وجهها احمرارا: شكرا يا محمود، معلهش قلقتكم عليا، قال محمود بلهفة: ماتقوليش كدا يا تاج.
انت مش عارفة غلاوتك عندي.
اقصد عندنا أد ايه، ياللا علشان اوصلك.

كان الكيل قد طفح بأدهم فأولا ذلك الطبيب المعجب ثم شجاره مع ريتاج وامله انه سيتمكن من تصليح الامور اثناء ارجاعها لبيتها والآن اخاه الذي تكاد عيناه تخرجا من محجريهما قلقا ولهفة عليها فقال بنفاذ صبر: مالوش لزوم يا محمود تتعب نفسك انا هروّح ريتاج.
نظرت اليه ريتاج بقوة وقالت بما تمتلك من قوة وان كانت ضعيفة نظرا لحالتها الصحية: لا معلهش انت تعبت نفسك معايا كتير انهارده، انا هروّح مع محمود.

انت ممكن ترجع لبيتك وشغلك وتأكد اني مش هشيِّلك همي تاني خاالص، بلغ ادهم اقصى درجات التحمل فوقف امامها وقال بقوة من دون مراعاة لصديقتها او لأخاه الواقفين يتابعان ما يجري امامهما باندهاش: بصي بأه انا جبت أخري منك فعلا.

اذا ماكنتيش عاوزة نعمل منظر مش كويس في المستشفى تتفضلي تمشي قدامي من سكات ومن غير ولا كلمة والا هتكوني بجد جبتيه لنفسك يا ريتاج، علمت ريتاج ان ادهم قد وصل لآقصى درجات التحمل وانه بالفعل لن يتورع عن فعل أي تصرف يحرجها وسمعت محمود يقول ملطفا الجو: معلهش يا ادهم ممكن انا اروّح.
قاطعه ادهم بصوت قوي: محموود، انا مش عاوز كلام كتير.

قالت مها محاولة ايجاد حل يرضي جميع الاطراف بابتسامة خفيفة: خلاص هنروح وراكم انا ومحمود.
ايه رايكم؟
نظر اليها محمود معيرا اياها انتباهه لأول مرة منذ رؤيته لريتاج وقال بلهفة سعيدا باقتراحها: فكرة ممتازة يا، مها؟ انت مها؟
اومأت براسها ايجابا وابتسامة خجولة اعتلت شفتيها فتابع محمود بابتسامة: خلاص احنا هنروح وراكم بعربيتي.
قال ادهم بهدوء نسبي: خلاص.
ياللا بينا.

ثم وقف بجوار ريتاج ممسكا بذراعها ليساعدها على السير فقالت له بهمس من بين اسنانها: ابعد ايدك عني.
قال لها همسا بغضب خفي لم يلاحظه الاثنان الآخران لانشغالهما بالحديث سويا: بصي بأه انا على شعره منك امشي معايا وانت ساكته.
قالت له بسخط: ايه؟ وليه يعني ان شاء الله؟ هو انت، ثم شهقت عاليا بدهشة وهتفت: انت بتعمل ايه؟
قال ادهم وهو يرفعها حاملا اياها بين ذراعيه: بأنجز.
انت اصل مئاوحتك مالهاش آخر!

في حين نظر اليه محمود ومها بدهشة فقال وهو يسير امامهما: هتفضلوا باصين لي كدا كتير.
عادي يعني كنت اسيبها تقع من طولها مش قادرة تمشي يبقى نتصرف!
واسرع حاملا اياها حيث سيارته ليضعها فيها وذهب في أثره محمود ومها ليلحقا بهما...

ريتاج.
حبيبتي، حمدلله على سلامتك يا حبيبتي.

انا ماصدقتش نفسي ومها بتكلمنى بتقولي انك بخير وكويسة وانك لعبت الماتش وكسبت يا قلب ماما، ، دخلت ريتاج مستندة على ادهم فلم تكن لتعيد الكرّة مرة اخرى فقد هددها عندما عرض عليها ليساعدها في النزول من السيارة انها لو رفضت فسيحملها كما حملها سابقا فأذعنت له وتركته يساعدها وقد لحق بهما محمود ومها، الله يسلمك يا ماما ، تركت يد ادهم لتستند على امها فشعر ادهم بخلو يده منها رافقه احساس غريب اصابه بالتبلد وكأن ليس لأحد سواه الحق ان يكون سندا لريتاج حتى وان كانت، أمها!

جلسوا جميعا وتبادلوا الحديث وعرضت عليهم والدتها المكوث لتناول طعام الغذاء ولكن ادهم اعتذر قائلا ان لديه بعض الاعمال لا يستطيع تأخيرها كما ان ريتاج متعبة وتحتاج للراحه قاطعا على شقيقه الطريق في ان يوافق على المكوث لتناول الغذاء فقد استشعر من نظراته انه سيوافق!
استأذن ادهم في الانصراف مشددا على ريتاج التزام الراحه التامة وعدم الحضور للعمل الى ان تشفى تماما...

بصراحه كتر ألف خيره، مراد الله يرحمه احسن الاختيار فعلا.
هو دا اللي هيصونك ويصون فلوسك بجد ويخاف عليكِ!
نظرت ريتاج الى والدتها قائلة بسخرية خفيفة: جرى ايه يا ماما اللي يسمعك كدا يقول انه بابا مختار لي عريس مش وصي!
ابتسمت امها بخفة وقالت وهي تساوي الغطاء حولها ومها جالسة بجوارها على الفراش: طب يا ريت، ماشاء الله عليه وسامه ووجاهة وشخصية مش كدا بالذّمة يا مها؟

نظرت ريتاج ساخطة الى والدتها وقالت بنزق: ماما، لو سمحت انت عارفة ان الكلام في الموضوع دا بالذّات بينرفزني تقومي كمان قايلالي انك نفسك ادهم يكون العريس لالالا كتيير بجد؟
نظرت مها الى والدتها وقالت بضحكة مكتومة: بصراحه يا طنط لما بيكونوا موجودين مع بعض في حتة واحده بشم ريحة شياط! تمام كدا زي سلك الكهربا اما بيدخن! هما بيكونو ناقص الدخان يطلع من عينيهم وودانهم!

لكزت ريتاج مها بكوعها في خاصرتها مما جعل مها تتأوه ألما ونظرت اليها بلوم بينما قالت امها وهي تهم بمغادرة الغرفة: عموما كل شئ جايز همّا مش بيقولوا ما محبة الا بعد عداوة؟! هروح اجيب لكم الغدا تتغدوا هنا احسن علشان ترتاحي زي ما.
الدكتور ادهم بيقول!
قالتها والدتها بضحك وهي تخرج مما جعل ريتاج تنظر الى مها المنخرطة في الضحك وتقول بدهشة: حتى ماما بئيت تستفزني! اخلص ازاي من سيرته مش عارفة انا؟!..

مها انت بئالك اكتر من ساعه عمّاله تلفي وتدوري علشان ايه؟ اقول تاني اسمه محمود في اخر سنة تجارة انجليزي عنده 24 سنة وكان شاب من الشباب البايظين وربنا الحمد لله هداه دا اللي انا شايفاه ايه بأه اللي انت عاوزة تعرفيه تاني وليه؟
ارتبكت مها قليلا وقالت: ها.
لا ابدا بس اصلي لاقيته ملهوف عليكي اووي وخايف عليكي حاسيت انه قلبه طيب اووي!

نظرت اليها ريتاج بمكر وقالت وهي تغمزها: حاسيت انه قلبه طيب اووي! طيب يا ام قلب طيب.
ممكن تسيبيني علشان انام شوية وبعدين نبقى نحكي في قصة ابوزيد الهلالي سلامة بتاعك دا لما اصحى؟
وقفت مها وقالت معتذرة: انا متأسفة يا ريتاج معلهش قلبت دماغك سامحيني.

قالت ريتاج بمكر: ياللا معلهش عموما انت معذورة الواد حليوة ودمه خفيف شبه احمد رمزى تمام وبيني وبينك لولا انى ماليش في الحب والكلام الفاضي دا كان زماني وقعت في حبه من زمان لكن ياللا حلال عليكي.
قالت مها معترضة: اييه؟ اييه يعني قصدك ايه؟
قالت ريتاج بنصف عين: مها.
انا مش فايقالك.
سيبيني دلوقتي وانا هبقى اقولك بعدين قصدي ايه بالظبط.

مرّ اسبوع قبل ان تعود ريتاج الى العمل بالشركة، لم تر ادهم اطلاقا وتقصدت ان تبتعد عن طريقه تماما فهي لم تنس بعد رأيه فيها وفي سلوكها وهي لم توضح له اسبابها فهو لم يكلف نفسه ليسألها عن سبب اصرارها في لعب المباراة وسبب تشبثها برأيها فهي تعتقد يقينا ان والدها يشعر بها وهي تضع والدها نصب عينيها في أي قرار تتخذه فهى تعلم رأي والدها جيدا في أي شئ يعترضها وتعلم علم اليقين ان رأيها الذي تستقر عليه ما هو الا رأي والدها الذي كان ليقوله لها ان كان لايزال حيّا...

ريتاج، مدام بثينة اتكلمت.
انت مطلوبة فوق في الادارة.
قطبت ريتاج حاجبيها ثم تمتمت بالموافقة وقامت لتصعد الى طابق الادارة فقد علمت ان أوان المواجهة التي كانت تؤجلها قد حان مع، أدهم...

ادهم بيه الآنسة ريتاج هنا ، سمعت صوتا قويا يقول من خلال جهاز الاتصال الداخلي: دخليها يا مدام بثينة شكرا، دخلت ريتاج مغلقة الباب وراءها بهدوء بعد ان قررت ان تتصرف بمنتهى الهدوء والبرود وان تجعل علاقتهما مقتصرة في حدود العمل فقط من دون التطرق لأي احاديث جانبية شخصية...

اشار اليها ادهم بالجلوس على كرسي امام مكتبه، جلست من دون النظر اليه.
نظر اليها مليا قبل ان يسألها بصوته الرخيم: تشربي ايه؟
رفعت نظرها اليه رافضة بتهذيب قائلة: لأ. شكرا مش عاوزة.
هز كتفيه بلامبالاة ثم قال ببرود: أ. جميل بيقول انك بئيت ممتازة في شغلك.
وانك عندك ذاكرة قوية وقدرت انك تصنفي العملا بتوعنا بسرعه لما طلب منك تقرير بالعملا المتميزين.

قالت بهدوء: انا بحب لما اعمل حاجه اني اديها حقها، دا الفرق بين الانسان الناجح المتميز في عمله والانسان اللي بيشتغل وخلاص.
هز ادهم رأسه موافقا على كلامها ثم قال بهدوء: انا قررت انك تشتغلي في مكان تاني في الشركة.
انت دلوقتي عندك خبرة واسعه بالعملا بتوع الشركة.
لازم تبتدي تعرفي الادارة الصح وانت ماشاء الله عليكي ذكية وبتلقطي بسرعه، نظرت اليه وقالت بهدوء: اوكي مافيش مشكلة.
هروح أي قسم؟

رفع نظره اليها ناظرا اليها لبرهة قبل ان يقول ببطء: هنا، عندي.
في الادارة!
قالت بدهشة لم تستطع اخفاؤها: ايه؟ هنا؟
قال بسخرية خفيفة: ايه عندك مانع؟
قالت له وهي تحاول تمالك نفسها: لا.
بس انا خبرتي في الادارة ضعيفة كنت فاكرة انك هتخليني مثلا تحت اشراف حد من رؤساء الاقسام او حتى مدير الادارة المالية.
مش اكون معاك هنا؟!
قال بهدوء: من غير غرور.

مش هتلاقي افضل مني يعلمك الادارة الصح وبعدين دا في الاول والاخر مالِك انت.
يبقى لازم اعلمك بنفسي لاني الوصي عليكي وانا كمان لما بحب اعمل حاجه لازم اعملها على افضل ما يكون!
هزت كتفيها بلامبالاة وقالت: خلاص.
مافيش مشكلة.
هبتدي من امتى؟

قال لها وهو مندهش من تغيرها المفاجئ فهذه ليست ريتاج التي تجادله في كل كلمة او تصرف يفعله فمن تجلس امامه انسانة اخرى هادئة لدرجة البرود، صرف انتباهه عن افكاره وقال لها: من بكرة ان شاء الله.

وقفت قائلة: طيب بعد اذنك انا هخلص الشغل اللي في ايدي طالما هبتدي من بكرة علشان ما اسيبش شغل ورايا، و هزت رأسها مستأذنة وغادرت تاركة ادهم غارقا في حيرته من هذه ال ريتاج التي كلما ظن انه فهمها تفاجئه بوجه جديد لم يختبره قبلا...

غار يا تاج طلع بيغير بيغير بيغير ، قالت ريتاج بنزق محاولة تهدئة راندا التي كانت تقفز كالأطفال امامها جاعلة جميع انظار من بالنادي تنصب عليها: طب ممكن تستهدي بالله كدا فرّجت علينا النادي كله! وقالت مها ضاحكة: ممكن يا فرقع لوز هانم انت تقعدى كدا وتهدي وتحكي لنا حصل ايه بالتفصيل؟

جلست راندا وقالت ناظرة الى صديقتيها بلهفة: ابدا عملت بنصيحتك وسبحان الله هي جات من عند ربنا من غير ترتيب، كان واحد زميلنا غايب بئالو اسبوع وجه بيكلمنى بيسألنى على دفتر المحاضرات بتاعي علشان يصوّره.
عصام يبقى زميلي من اولى كلية ومعانا هنا في النادي فطبيعي نكون عارفين بعض كويس وبس اديته دفتر المحاضرات.

لاقيتلك نزار بالصدفة فايت من جنبنا وراح زغرلي زغرة انا قلت يمكن بيتهيألي وبعد محاضرته طلب مني انى افوت على مكتبه علشان المشروع بتاعي يناقشني فيه مع ان دي مسؤولية المعيد انما ما علينا انا حسيت انه عذر فروحت له المكتب ولاقيته عمال يلف ويدور في الكلام ويسألني عن عيلتي واخواتي وبعدين مرة واحده قال لي: وقفتك مع أي طالب مش كويس ليكي يا راندا، ممكن حد ياخد عنك فكرة غلط.

خصوصا لو واقفة تضحكى وتتكلمي زي ما شوفتك.
قالت راندا وهي تقلّده مضخمة صوتها مما جعل مها تنخرط في الضحك وابتسمت ريتاج ابتسامة واسعه وهي تحرك راسها يمينا ويسارا مندهشة بينما اكملت راندا بلهفة: وانا بأه طبعا ما اسكتش قولت له بجدية: معلهش اسمح لي حضرتك يا دكتور انا اخلاقي فوق مستوى الشبهات وبعدين مش معنى ان اى زميل وزميلة واقفين يتكلموا سوا انه دا معناه حاجه وحشة ولا ان دا غلط.

عصام انسان محترم وملتزم وانا مش بتكلم مع أي حد!
سألتها مها بلهفة لمعرفة باقي التفاصيل: ها وبعدين؟
قالت راندا باستمتاع: ابدا.
لاقيته يا اوختى عينيه احمرت وكان ناقص الدخان يطلع من ودانه وقال لي من بين سنانه – وقامت بالتحدث من بين اسنانها مقلّدة ايّاه -: انت شكلك تعرفي اللي اسمه عصام دا من زمان.
عموما زمان ولا قريب انا ارفض انك تقفي وتتكلمي مع أي زميل ليكي كدا!

وطبعا كنت لازم اسأله: معلهش اسمح لي حضرتك بأي صفة ترفض او تقبل؟ حضرتك الاستاذ بتاعى وانا بحترمك لكن في نفس الوقت اسمح لي دا ما يديكش الحق انك ترفض وتوافق!

ثم اكملت باندفاع: راح مرتبك واتردد شوية قبل ما يقولى: انت تهميني اوي يا راندا وعلشان كدا انا بنصحك لانك بالنسبة لي مش مجرد طالبة وبس انتِ، وراح الباشا سكت انا ما سكتش سألته وانا شوية شوية عاوزة اقوله ابوس ايدك انطق بس بردو مانطقش كل اللي قاله: انت غالية عندى يا راندا وانا بتمنى لك كل الخير!

قالت ريتاج بعد ان انتهت راندا من سرد تفاصيل لقاؤها باستاذها: وايه يعني؟ دا بردو مش دليل وبعدين سبأ وقولتلك انه حتى لو بيحبك هو رافضك علشان السن عقله رافض!
قالت مها: بس يا تاج احنا كنا عاوزين نتأكد واعتقد اننا اتأكدنا دلوقتي.
لو ماكانش بيكن لها أي شعور ما كانش اتضايق لما شافها بتكلم زميلها.
قالت راندا بقوة: بصي يا تاج.

مها كان عندها حق لما قالت لي لازم اتمسك بحبي وادافع عنه لان الحب الحقيقي مش بييجي غير مرة واحده بس وانا معنديش استعداد انى اضيّعه من ايدي علشان كلام الناس او علشان مخاوف عبيطة.
سألتها ريتاج مقطبة حاجبيها: طيب ناوية على ايه يا روني؟
برقت عينا راندا بعزم وهي تقول بقوة: هتعرفي وقريب اووي يا تاج انا مش بس ناوية على ايه لأ. وهعمل ايه كمان!

يا بنتي كفاية ضحك عمالة تضحكى من ساعة ما قفلت من صاحبتك لما كلمتك ورجعت تكملى اكل هتزوَري كدا!
حاولت راندا مغالبة ضحكها وقالت وهي تضع يدها على فمها: اصل يا ماما، ناول محمود راندا كوب ماء قريب وهو يقول: اشربي بس الاول واهدي كدا وضحكينا معاكي.
تناولت منه كوب الماء وشربت ثم وضعته وقد هدأت ضحكاتها ثم مسحت الدموع التي نزلت من عينيها لكثرة ضحكها وقالت: حاضر.
انا هديت اهو.

نظر اليها ادهم بحنان وقال: تمام يا راندا ممكن بالراحه كدا تحكي لنا اللي حصل؟
قالت بهدوء غير عالمة انها سوف تفجر قنبلة من العيار الثقيل بقولها: ابدا، عريس جالها.
غِلط غَلطة عمره، لو يعرف اللي ناويالو عليه هيجري بالمشوار!
سألتها والدتها باسمة: مين دي؟ صاحبتك؟
قالت ريتاج ببراءة: آه، هي طنط سعاد ماحكتلكيش؟
قالت كوثر مقطبة بينما توجس ادهم من سؤال راندا خيفة: لا طنط سعاد ما قالتش حاجه ليه؟

قالت راندا بابتسامة: لان العروسة تبقى، ريتاج!

اييييه! هبّ محمود واقفا فنظرت اليه راندا بدهشة بينما قال سائلا اياها بلهفة: انت بتقولي ايه يا راندا؟ تاج جالها عريس؟
هزت راندا رأسها موافقة وقالت: آه.
جالها عريس، وزمانه هو ومامته قاعدين معهم دلوقتي والمرة دي مامتها مصرّة انها ماتسمعش كلام تاج لو رفضت العريس وهي عارفة ازاي هتقدر تخليها توافق عليه!

سار محمود مسرعا مغادرا حجرة المائدة ولكن صوت اخيه الاكبر اوقفه قائلا بأمر: محمود، ارجع كمّل عشاك.
ولو شبعت تطلع على اودتك فوق، يكون تروح في أي حته.
اظن واضح؟!
نظر اليه اخيه من فوق كتفه وهز رأسه مذعنا ثم انطلق الى غرفته وعيناه مليئتان بألم حاد...

قالت كوثر: غريبة بس سعاد ماجابتليش سيرة بالموضوع دا؟
قالت راندا موضحة: طنط سعاد ما قالتش لريتاج نفسها عن الموضوع دا.
انا عرفت من مها علشان طنط سعاد طلبت منها تكون عندهم لما العريس ومامته ييجولهم علشان تهدي ريتاج خصوصا وان ريتاج فاكرة ان الضيووف اللي جايين ضيوف عاديين زي اللي كل شوية بيودوهم ويسألوا عليهم.
سأل ادهم محاولا التحكم في اعصابه: غريبة.
مش العريس يشوفها الأول قبل ما يجيب مامته ولا ايه؟

قالت راندا بتلقائية: لا ماهو شافها قبل كدا يا ابيه؟
قطب ادهم وقال: شافها قبل كدا؟ فين؟

قالت راندا وهي لا تعلم انها تصب الزيت الساخن فوق النار: ما هو العريس يبقى الدكتور بتاع النادي اللي كشف عليها يوم الماتش، تقريبا شكله كدا من ساعة ما شافها وهو مش قادر يخرّجها من دماغه، وضحكت غير واعية لمن يجلس قابضا يديه بقوة حتى ابيضت مفاصل اصابعه وقاالت: وعلشان كدا جاي انهارده مع والدته يتقدموا رسمي وطنط سعاد مرحبة جدا بيه وبتقول هتفضل وراها لغاية ما توافق...

وقف ادهم فجأة وقال لهما: معلهش انا افتكرت مشوار ضروري لازم اعمله نامو انتو ما تستنونيش، ثم غادرهما من دون ان ينتظر سماع أي رد منهما وهما ينظران الى بعضهما بدهشة فائقة...

ترى اين ذهب أدهم؟ هل ستوافق ريتاج على العريس المتقدم لها؟ هل سيصرح لها محمود اخيرا عن مشاعره؟ ما الخطة التي وضعتها راندا في سبيل الفوز بحبيبها نزار؟
تابعوني في القادم من، المتمردة،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة