قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني

سمع ادهم صوت طرقات على باب مكتبه فأذن للطارق بالدخول بصوته القوي الرخيم، دخلت سكرتيرته جيهان فرفع نظره اليها وهي تقول: ادهم بيه معاد أ. فوزى المحامي ومعاه أ. سعيد المحامي، اشار اليها ادهم بادخالهم فخرجت مشيرة اليهما بالدخول الى ادهم الجالس في كرسيه الجلدي يراجع بعض الاوراق الهامة...

رفع راسه من فوق الاوراق واشار الى محاميه والمحام الاخر بالجلوس بعد تبادل التحيات ثم نظر الى سعيد وقال بابتسامة مدروسة: أ. سعيد حضرتك طلبت من أ. فوزى االمحامي بتاعي انه يحددلك معاد معايا.
خير ان شاء الله.

تنحنح سعيد قليلا ثم نظر اليه قائلا في هدوء: حضرتك طبعا عارف انى موكلي يبقى مراد بيه شاكر صاحب شركة ومصنع ريتاج لقطع غيار السيارات، وشمس بيه الله يرحمه كان شريكه في المصنع والشركة بنسبة التلت وحضرتك بعد وفاة الوالد رفضت انك تغير حاجه من اللي كانت سايره من ايام الوالد الله يرحمه وسيبت مراد بيه هو اللي يدير الشغل من دون تدخل منك هو فعلا معاه حق الادارة بس حضرتك ماكنتش بتدخل ولو بصورة ودية في سير العمل، مراد بيه كان بيعتبر والدك الله يرحمه اكتر من اخ ومشاغل الدنيا بس اللي بعدت بينهم وعلشان كدا كتب وصيّة صمم ان والدك هو اللي يكون وصي على اسهم بنته في الشركة لغاية ما يكون سنها 25 سنة وتقدر تمسك هي الشغل لوحدها، قطب ادهم قليلا وقال: بس انت عارف يا أ. سعيد ان والدي الله يرحمه اتوفى من 5 سنين يبقى ازاي هيكون وصي على بنته؟

قال المحامي بهدوء: مراد بيه عرف كدا قبل ما يتوفى بفترة بسيطة وغيّر الوصي بئيت انت يا ادهم بيه!
دهش ادهم وقال ايه؟ انا؟
هز محاميه برأسه قائلا: ايوة يا ادهم بيه حضرتك دلوقتى الوصي على تلت اسهم ريتاج مراد شاكر يعني حضرتك تملك التلتين وهي التلت وبالتالي حق الادارة ليك انت لغاية ما تبلغ ال 25 سنة وتكون قدرت تدير الشغل بكفاءة تامة هتستلم وقتها باقي اسهمها!

زفر ادهم بضيق وفكّر انه لايعلم كيف يتصرف في هذه المسؤولية الجديدة الملقاة على عاتقه؟ نظر الى سعيد المحامي وقال بجدية: طيب هو حرم مراد بيه الله يرحمه وبنته مالهومش قرايب؟

قال المحامى: لا يا ادهم بيه للاسف مراد بيه الله يرحمه وسعاد هانم مقطوعين من شجرة وماعندهومش غير بنت واحده ريتاج ومراد بيه علشان كدا اختار والدك الله يرحمه انه يكون الوصي ولما عرف بوفاته اختارك انت كان عاوز واحد محل ثقة ياخد باله من بنته ويحافظ على ميراثها لغاية ما تستلم هي باقي الميراث، قطب ادهم قائلا باستياء: ازاي دا؟ انت عاوز تقول انهم عايشين لوحدهم خالص؟ ارملة مراد بيه وبنته عايشين لوحدهم؟ هز المحامي راسه بالايجاب وهو مندهش من استياء ادهم الذي تابع: الوضع دا لازم يتصلح وفورا، والدي الله يرحمه لو كان عايش ماكانش هيرضى يسيبهم عايشين لوحدهم كفاية مسؤوليه ارملة مراد بيه وهي لوحدها ومعاها بنت مسؤولة منها!

قطب سعيدا وقال بارتباك طفيف: لا حضرتك تقصد العكس بمعنى ان الام هي اللي مسؤولية البنت؟!

نظر اليه ادهم مستفهما وقال: نعم؟ الام مسؤولية بنت صغيرة ازاي يعني؟ و، قاطعه صوت جهاز الاتصال الداخلى الذي انبعث منه صوت السكرتيرة معلنا بوصول مندوب شركة تجارية كبيرة للاجتماع به فنظر ادهم الى سعيد وقال له وهو يقف ليسلم عليه: معلهش يا أ. سعيد زي ما انت شايف مشغول بس ممكن تقعد مع أ. فوزى وتشوف ايه المطلوب اوراق قانونية والمطلوب منى بالظبط علشان ابتدي اباشر سير العمل في الشركة والمصنع بتوع ورثة مراد بيه وياريت بالمرة تقول ل أ. فوزى على اسم مدرسة بنت مراد بيه علشان اشوف هعرف احولها ولا لأ. وياريت تبلغهم انى هفوت عليهم على الساعه 7 بالليل كدا ان شاء الله علشان نتفاهم في الموضوع، اراد سعيد ان يوضح سوء التفاهم الذي حدث فابنة مراد بيه قد غادرت مقاعد الدراسة منذ فترة كبيرة ولكنه ما ان همّ بالكلام حتى سمع صوت السكرتيرة معلنة دخول الزائر الذي ينتظره ادهم فسلم عليه وانصرف وهويقول في نفسه ان ادهم بيه لابد وان يعلم مدى خطأ تصوره ان آجلا او عاجلا...

ركنت ريتاج دراجتها النارية بداخل الساحة الواسعه للمصنع بجانب البوابة الداخلية وحيّت الحارس بهزة من راسها، دخلت حيث غرفة مكتبها والتي لم تتركها وتنتقل الى غرفة مكتب والدها خاصة بعدا ما علمت بشأن الوصية كما انها نادرا ما تجلس في مكتبها فهى تعشق الذهاب الى المصنع عن الشركة حيث تزاول هوايتها في العمل على الماكينات بيديها!

معلهش يا استاذة ريتاج اسطى توفيق ماجاش انهارده وماكينة 6 عطلانه مش عارفين نتصرف معاها ، ذهبت ريتاج حيث اخبرها العامل ثم طلبت بعض الاشياء اللازمة لتصليحها وفي اقل من نصف ساعه سمع العمال صوت الماكينة وهي تدور للعمل من جديد فهنّؤها على مهارتها فابتسمت وقالت: الفضل لربنا ثم لعم توفيق هو استاذي وانتو كلكم انا اتعلمت منكم كتير!

ابتسم العمال وفرحوا لمديحها لهم فقلّما تجد صاحب عمل يُنسب الفضل لاحد ممن يعمل لديه ولهذا كانت ريتاج محبوبة لقلبها الصافي ونفسها المتواضعه كما كان والدها رحمه الله...

كان ادهم يقود السيارة مسرعا بعد ان صرف السائق لتعب الاخير المفاجئ فأصر ادهم عليه بضرورة مغادرته الى منزله باكرا والتزام الراحه التامة، شرد في المسؤولية الجديدة التي ألقيت على عاتقه وهو يدعو الله ان يكون على قدر هذه المسؤولية فمهما يكن هذه الاموال اموال يتيم وهو يدعو الله ان يعينه على حسن التصرف حتى تكبر هذه الطفلة وتستلم ميراثها كاملا ولكن كم عمرها؟ لقد نسي ان يسأل سعيدا المحامي عليها كما انه مستغرب ان مراد بيه يكاد يماثل اباه في العمر فكيف به ينجب صبية صغيرة ترى هل تزوج متأخرا؟ ولكنه سرعان ما هز كتفيه فهو سيعلم اجابات هذه الاسئلة واكثر ان آجلا او عاجلا...

كان يسير مسرعا في طريق سريع لرغبته باللحاق بموعده مع ارملة مراد بيه وابنته فهو يريد قبلا الذهاب الى منزله ثم الذهاب الى موعده وفجأة أبصر دراجة نارية تندفع من جانبه يقودها سائقها بسرعه رهيبة مما جعله يشعر بالاستياء فلابد ان سائق الدراجة النارية شاب مدلل قد افسده الدلال الزائد كأخيه محمود تماما!

فوجئ ادهم بسيارة نقل كبيرة تسير عكس الاتجاه في وجهه تماما فاضطر للعرج بالسيارة ناحية اليمين ليبتعد عن السيارة الاتية في الطريق المعاكس ولم ينتبه للدراجة النارية التي كانت تمر بجانبه في ذات اللحظة!

لدى ملاحظته للدراجه النارية اسرع بالضغط على مكابح السيارة حيث اصدرت صوتا عاليا ثم اوقفها جانبا وخرج منها صافقا الباب وراؤه وذهب ليرى سائق الدراجة النارية التي مالت على جانب الطريق بينما رأى سائقها جالسا على الارض بجابنها ولا يزال مرتديا خوذة الامان وبدلة جلدية سوداء اتجه اليه وقال بصوت حاول ان يتحكم في هدوءه بينما هو لا يريد اكثر من ان يمسك بهذا الشاب ويهزه الى ان تصطك اسنانه بعضها ببعض وقف بجانب السائق وقال بنزق: انت اتجننت؟ حد يسوق بالسرعه المجنونة بتاعتك دي؟ مهما كان الطريق واسع وبيجري اهو حصل موقف مفاجئ كويس انك ماجرالكش حاجه!

رفع السائق رأسه ونظر اليه من وراء فتحة العينين في الخوذة وتحدث بصوت مكتوم قائلا: وانت ماشوفتش نفسك كنت سايق ازاي؟ دا اسمه سواقة ولا انت كنت فاكر نفسك بتطير في السما؟

قال ادهم بنزق ضاغطا على اسنانه: بص واضح كدا انك عيل صغير بتاع 15-16 سنة كدا والمفروض يبقى فيه رقيب عليك لكن واضح كدا ان باباك ولا مامتك راميين طوبتك علشان كدا جابولك الشئ دا اللي ممكن تموت بيه حد مالوش ذنب غير انه حظه وقعه انه يمشي في نفس السكة اللي انت ماشي فيها! صرخ السائق قائلا: انا ما اسمحلكش تكلمنى بالطريقة دي.

اولا بأه الغلطة غلطة سواق النقل لانه ماشي عكس الطريق وتاني حاجه غلطة اللي راكب عربية باكتر من ربع مليون جنيه ودايس بيها ان شالله يدوس بيها حتى على رقاب الناس مش فارقة معاه!
بُهت ادهم وقال بصوت مخنوق بعد ان سمع صوت السائق واضحا جليا مرتفعا بنبرات الغضب: بنت!
ضحكت ساخره وقالت وهي تنزع الخوذه من فوق راسها: فيه مانع؟

نظرت اليه نظرة ملؤها التحدي وما ان التقت نظراتهما حتى شعرا بوجود ذبذبة كهربائية في المحيط من حولهما وقد ثبت ادهم نظره عليها وأسرت عيناه عيناها في نظرة مليئة بالتحد ولكنها فكَت اسر عينيها مشيحه بوجهها بينما اكمل هوبغضب عنيف: انت ازاي باباكي يسيبك تركبي الشئ دا وتمشي بالسرعه الفظيعه دي؟ انا دلوقتي اتأكدت ان لا باباكي ولا مامتك عنده الوعي الكافي اللي يخليهم يمنعوكى من ركوب موتوسيكل بالشكل دا!

غضبت الفتاة ما ان اتى على ذكر والدها ووالدتها وصرخت قائلة وهي تشيح باصبعها السبابة في وجهه: انت مالكش دعوه ببابا ولا ماما مالكش دعوه.
ما اسمحلكش تجيب سيرتهم خالص اظن واضح؟
ثم سارت بدون ان تنتظر أي رد منه وركبت دراجتها وقد ارتدت خوذتها الواقية ثانيه ثم انطلقت بدراجتها النارية من امامه في غمضة عين!

اهلا اهلا اتفضل يا أ. ادهم ، دخل ادهم مسلّما على سعاد ارملة صديق والده وكان قد اخبر والدته بماحدث اثناء تناول الغذاء وقالت له انه كانت هي وسعاد صديقات فيما مضى بل انهما كانا كالأخوات تماما ولم تفترق بهما السبل الا عندما انشغل كلا من مراد وشمس باعمالهما ثم ألقت بهما الدنيا في الدائرة التي تدور بدون توقف...

جلس ادهم في غرفة الجلوس وبعد تبادل التحيّة اخبرته سعاد بسعادتها لرؤيتها له من جديد وسألته عن حال كوثر وقالت بهدوء وابتسامة صغيرة: يمكن انت ما تفتكرنيش علشان انت سافرت تكمل دراستك بره من بعد ما اخدت ثانوية عامة وماكنتش بتيجي الا خطف.
وازي محمود و راندا وحشونى اووى؟

هز براسه قائلا بابتسامة خفيفة: الحمد لله بخير انما فين، وسكت فقد نسي اسم الصبية الصغيرة فقالت سعاد بابتسامة: ريتاج؟ الحمد لله بخير ثوانى وهتيجي تسلم عليك.

ومالبثت ان سمعت صوت ابنتها تستعجل ابتسام بعمل القهوة للضيف ما جعل ملامح ادهم تجمد لدى سماعه للصوت ثم وقف ببطء حتى اعتدل في وقفته في نفس اللحظة التي اندفعت فيها ريتاج الى الغرفة بابتسامة خفيفة سرعان ما خبت وتحولت الى شهقة مكتومة لدى رؤيتها لنفس النظرات التي اسرتها منذ سويعات بينما لم تشعر الام بأي من الذبذبات المنتشرة حولها وقالت معرّفة اياهما ببعضهما البعض: حبيبتي دا ادهم بيه.

ادهم شمس الدين سالم و دي بنتي يا ادهم بيه.
ريتاج مراد شاكر! لم يستطع ادهم تصديق عينيه فمهما تصور شكل ابنة مراد بيه لم يكن ليتصور انها هي من دون الفتيات الاخريات هي نفس الفتاة الذي وُضع وصيّا عليها فهى ليست صبية او فتاة صغيرة بل هي فتاة شابة في ريعان شبابها!
ترى كيف سيتعامل ادهم و ريتاج سوية؟ هل سترضخ ريتاج لشروط وصيّها؟ تابعونى في القادم من، المتمردة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة