قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث

تقدمت ريتاج الى داخل الغرفة بينما والدتها تقوم بمهمة التعارف بينها وبين الضيف، لم تستطع ان تصدّق عينيها انه هو دوناً عن سائر الناس وصيّها! كيف ستتعامل مع هذا المغرور المتكبّر؟
رفعت رأسها وقد برقت عيناها بنظرة عميقة تدل على العزم والتصميم وسارت بثبات اليه مدت يدها مسلمة عليه بقوة وهي تقول: تشرفنا يا.
ادهم بيه!

لمحت نظرة دهشة في عينيه قبل ان يخفيها بنجاح ولكن هذه النظرة اشعرتها بالسعادة فمن الواضح انها لديها القدرة على التأثير في ثباته الظاهر.
اشارت امها لهما بالجلوس فجلسوا وما هي سوى لحظات ودخلت ابتسام بصينيه القهوة وقدمتها لهم ثم انصرفت من فورها...

تناول رشفة من قهوته ثم قال بهدوء وقد تمالك نفسه بعد مفاجئته برؤيته لمن هي تحت وصايته: البقاء لله يا سعاد هانم، ربنا يجعلها آخر الاحزان ان شاء الله.

ردت بهدوء: شكر الله سعيكم يا أ. ادهم، ابتسم قليلا وقال: على حد علمي انا بابا الله يرحمه وعمى مراد كانوا اكتر من الاخوات ووالدتى قالت لي اد ايه هي وحضرتك كنتو قريبين من بعض يبقى اظن ماينفعش تقوليلي ادهم بيه انا ادهم وبس، ثم التفت الى ريتاج ناظرا اليها وبسمة هادئة على وجهه وقال: ويا ترى ريتاج بتدرس في كلية ايه؟

نظرت اليه ريتاج ببرود بينما قالت امها بابتسامة خفيفة: لا ريتاج خلصت كليتها من سنة تقريبا اقتصاد وعلوم سياسية و، قاطعتها ريتاج قائلة وهي تنظر الى ادهم ببرود: اظن يا ماما مافيش داعي انك توجعي دماغ أدهم بيه بحاجات مالهاش لازمة، ثم التفتت واكملت بنبرة ماكرة: ولا بلاش ادهم بيه واقول ابيه ادهم؟
نظر اليها ادهم ببرود قائلا: بما ان عمرك تقريبا 22 سنة يبقى انا اكبر منك ب 8 سنين يبقى تقولي ابيه افضل!

استاءت ريتاج من حديثه فهو يلمّح الى صغر سنّها وكأنها طفلة، استغربت من سرعه نجاحه في اغضابها وهي التي لا تغضب بسهولة ولكنها ارجعت ذلك الى الاحداث المتلاحقة التي مرت بها هي وامها ومفاجأة الوصاية التي عهد بها والدها الى ذلك الشخص الجالس امامها ببرود كبير وبمنتهى الصلفة والغرور...

قالت الام: اكيد انت زي اخوها الكبير تمام وريتاج بنتي تعرف الاصول كويس، المهم طمّني على كوثر ومحمود اخوك وراندا الصغيرة اخبارهم ايه عاملين ايه؟

استمر ادهم ووالدتها يتحدثان ويتبادلان الاخبار العائلية بينما اكتفت هي بدور المستمع حتى وجه اليها ادهم سؤاله حيث قال: وانت بتشتغلي يا ريتاج بعد ما خلصت الكلية ولا، واكمل بسخرية لم يلتفت اليها سوى ريتاج التي برقت عيناها غضبا بينما يقول: اخدت اجازة بعد الكلية زي كل اللي في سنّك ما بيعملوا وقلت تشمي نفسك شوية ويمكن موضوع الشغل دا مش على بالك خالص؟

قاطعته والدتها قائلة باندفاع وهي تضحك: مين اللي ياخد اجازة؟ ريتاج؟ كلمة اجازة دي مش في قاموسها خاالص، وبعدين هي اللي ماسكة الشغل بعد مراد الله يرحمه طبعا مع باقي الموظفين والمديرين بيساعدوها بجد ناس كويسين جدا.
دهش ادهم ونظر اليها مضيّقا عينيه وقال: انت بتروحى الشركة والمصنع؟ يعني فاهمه في الشغل؟ قالت امها بينما ريتاج لا تزال صامته: ريتاج بتروح الشغل مع باباها يمكن من قبل ماتروح المدرسة كمان َ! َ.

هز برأسه وسأل: اذا كان كدا يبقى عندها خبرة كويسة المفروض يعني مش محتاجه وصي عليها يبقى عمى مراد الله يرحمه ليه اداني الوصاية؟

قالت الام بهدوء: مراد الله يرحمه كان عاوز حد يأتمنه على ورثنا وعلى بنتنا قبل كل شئ وانه مش هيحاول يسرقها او يدخلها في صفقات خسرانة وطبعا ماكانش هيلاقي احسن منك انت وباباك الله يرحمه، علشان تقف جنبها وتكتسب معاك خبرة اكتر من اللي عندها وانا متأكده انك هتكون عند حسن ظنه باذن الله، التفت ادهم الى ريتاج وضيّق عينيه وقال: انت بتشتغلي ايه بالظبط في المصنع و الشركة؟ يعني ماسكة ايه؟ طبعا مش الادارة لان سنك لسه صغير؟

قالت له باستياء: بلعب!
هتفت امها موبّخة: ريتاج!
بينما قال ادهم باستفهام: نعم؟ افندم؟ بت، ايه؟
فنظرت اليه ساخطة وقالت: بلعب! انت شكلك منتظر انى اقولك كدا! عموما اطمن بابا كان عامل نائب ليه في الشركة والمصنع وبصراحه الاتنين عندهم ولاء كبير لبابا وبيتعاملوا بمنتهى الاخلاص ودا مش رأي أنا لأ. دا رأي بابا كمان علشان كدا هو اختارهم.
ها اظن اطمنت انك مش هتلاقيني بوّظت الشغل الفترة اللي فاتت دي؟!

ريتاج! دا مش اسلوب تكلمي بيه ادهم، هو ماغلطش بيستفسر عادي، ايه اللي مضايقك؟
نظرت اليه بطرف عينها بينما قال: ولا يهمك يا مدام سعاد حصل خير ريتاج مش قصدها هي بس فهمت انى بقلل من شغلها وانا مش قصدي كدا خاالص.
نظرت اليها والدتها مؤنبة منتظرة ردها فانبرت قائلة والغيظ يتآكلها: معلهش لو، لو كنت ان.
انفعلت شوية.
انا، وعضت على شفتيها وهي تكمل.
انا آس، آسفة يا، أبيه ادهم!

وشددت على كلمة أبيه وهي تنطقها، ابتسم ادهم ابتسامة خفيفة سرعان ما اخفاها لا يعلم لم يشعر بلذة استفزاز هذه الطفلة التي امامه وهو من ظن انها من الفتيات التي لا هم لهم سوى الخروج والنزهات وصرف النقود عندما رآها وهي تقود الدراجه النارية.
ومالبث ان قطب عندما تذكر امر الدراجه النارية فقال بتساؤل: انت بتركبي الموتوسيكل دا دايما بالشكل اللي شوفتك بيه انهارده؟

قلقت امها ونظرت اليها قائلة: بالشكل دا؟ أي شكل يا ريتاج؟

زفرت ريتاج بضيق وأخذت تنظر اليه بلوم فها هو قد اصاب والدتها بالقلق الذي هي في غنى عنه فقالت لها وهي تنظر اليه شزرا نظرة تحذير ان ينكر ما ستقوله لها، وضعت ذراعها على كتف والدتها وتحدثت اليها بصوت رقيق قائلة: مافيش حاجه يا ماما كل الموضوع ان ابيه ادهم اول مرة اظاهر يشوف بنت بتسوق موتوسيكل شافني بالصدفة انهارده وانا راجعه من المصنع عادي عربية كسرت عليه راح كاسر عليا وخلاص ماحصلش حاجه.

نظرت اليها نظرة شك ثم نظرت الى ادهم الذي قال بهدوء: هو فعلا كدا يا مدام سعاد، انا بس ضد الموتوسيكل عموما سواء اللي راكبه بنت او ولد لاني شايف ان خطورته كبيرة اووي، ثم نظر الى ريتاج قائلا بهدوء: الموتوسيكل دا بعد اذن سعاد هانم مش هيتركب تاني!

صرخت ريتاج باستنكار قائلة: نعم؟ مش ايه؟ هو ايه دا اللي مش هيتركب تاني؟ قال ادهم بمنتهى البرود: الموتوسيكل، ثم نظر الى والدتها قائلا: ولا انت مش معايا انه خطر يا مدام سعاد؟
قالت له بقوة: اكيد معاك حق.

انا لما مراد الله يرحمه جابهولها وهي مخلصة ثانوية عامة كنت هتجنن وكنت رافضة انها تركبه لولا انه وقف جنبها واصر انها تقدر تتحمل مسؤولية نفسها وانها مش طايشة وهي اللي كانت بتزن عليه انه يشتريهولها لغاية ما سمع كلامها.
بجد عندك اكبر حق انا بكون مرعوبة وهي سايقاه!

نظرت ريتاج الى والدتها وقالت بحنق: بأه كدا يا ماما، انت عارفة انا مش طايشة ومش بسوق بطيش وانا اقدر اخد بالي من نفسي كويس اووي، وبابا كان متأكد من كدا والا ماكانش وافق وجابهولي.
ثم نظرت الى ادهم قائلة بقوة: ادهم بيه اظن ان وصايتك على تلت الاسهم في المصنع والشركة مش عليّا انا شخصيّا؟!

ثم وقفت في مكانها ونظرت اليه بقوة قائلة: انا في انتظارك في أي وقت سواء في الشركة او المصنع علشان تشوف الشغل ماشي ازاي، اعذرني معلهش انا مصدّعه وعاوزة انام، عن اذنك.
ثم سارت خارجه من الغرفة بدون انتظار رده على حديثها...

قالت سعاد وهي خجلى من تصرف ابنتها: معلهش يا ادهم بس ريتاج كانت متعلقة اوووى اووي بوالدها الله يرحمه ومش بترضى حد ينتقدها، مراد زرع فيها كمية ثقة في النفس بخاف منها علشان كدا هو في الاخر خد باله واختارك وصي عليها لانه عارف ان الثقة الزايده في النفس دي ممكن عواقبها تبقى مش كويسة، .
قال ادهم بهدوء يناقض ما بداخله من غضب شديد: حصل خير يا مدام سعاد.
لسه صغيرة وحضرتك قولتيها طيش شباب!

اثناء عودة ادهم الى منزله استعاد في ذاكرته مقابلته لريتاج ووالدتها، من الواضح ان ريتاج من النوع العنيد ولكنه ليس ممن يسلموا بسهولة وسيستطع ترويضها فهي امانه لديه وهو لم يكن ابدا ممن يفرّط في امانه لديه...

ترى ما الذي تخطط له ريتاج لتثبت ل وصيّها انها انسانه ذات اراده وشخصية؟ وكيف سيتعاملان كرئيس و مرؤوس؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة