قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والثلاثون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والثلاثون

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثاني والثلاثون

لم يتكلم ادهم معها طوال الفترة التي مرت منذ لحظة مغادرتهما جناحهما في المنتجع في شارم الشيخ وحتى لحظة وصولهما الى مطار القاهرة الخاص بالرحلات الداخلية وكأنه آثر الابتعاد عنها وكلما نظرت اليه تجده اما منشغلا في حاسوبه الشخصي او مغمضا عينيه مدعيًّا النوم فهي تشك كثيرا ان يكون نائما بحق!
وصلا القاهرة ووجدا عم حمزة في انتظارهما فركبا معه لايصالهما الى المنزل الكبير...

فتحت لهما بدور الباب وصدحت بالزغاريد نظر اليها ادهم مبتسما ابتسامة صغيرة متجاهلا النظر الى ريتاج التي كانت حانقة ومندهشة في ذات الوقت لطريقة تصرفه معها فهي قد اشترطت عليه منذ البدء وهو وافق وهي من يحق لها الغضب لقراره بمخالفة اتفاقهما وليس العكس ولكن صبرا فلتنتهي اولا من مشكلة راندا وبعد ذلك لكل حادث حديث سيِّد ادهم!

بعد ان سلما على كوثر وسعاد سألتهما عن راندا فقالت كوثر متنهدة: انا مش عارفة البنت دي مالها بعد ما اتخطبت وكان باين انها طايرة بعريسها وعريسها اهله بصراحه ناس طيبين مش عارفة بئالها كم يوم متغيرة وتعبانه ومش بتروح الكلية ومش عاوزة تقولي مالها فيها ايه.
انما انتو مش جيتو بدري شوية مش المفروض لسه يومين في اجازتكم؟

قال ادهم وهو يجلس بأريحية على االاريكة بجوار ريتاج: بصراحه يا ماما عندي شغل اضطريت انى اقطع الاجازة علشانه وبعدين دول يومين مش حكاية يعني، لم يصرح لها بمكالمة راندا لكي لا تقلق على ابنتها فهو متأكد من طريقة والدته في التعجب من حال راندا انه ليس لديها أي معلومات عن أي شيء يزعجها! قالت كوثر بضحك: لازم تعوضهم لريتاج العروسة ولو قطعت الاجازة بدري ساعه واحده بردو بتكون متضايقه!

نظر ادهم الى ريتاج ثم وضع ذراعه حول كتفيها وقال بغموض: دا العروسة!
قطبت ريتاج بدهشة وقالت: نعم؟
فكرر كلامه: انا بقول دا العروسة انما انت ست العرايس كمان، ابتسمت سعاد وقالت: ربنا يسعدكم كمان وكمان ومايحرمكوش من بعض ابدا، حاولت ريتاج تغيير الموضوع فسألت كوثر: طيب وراندا فين دلوقتي يا ماما كوثر؟

قالت متنهدة: هتلاقيها نايمة في اودتها فوق لا نوم ولا اكل زي الناس ولا حتى بتروح الكلية ومش راضيه تقولي مالها دا حاجه غُلب!
قامت ريتاج مستأذنة بالانصراف قائلة: طيب عن اذنكم انا هطلع لها...

طرقت ريتاج الباب فلم تسمع صوتا ففتحته ودخلت لتجد الغرفة غارقة في الظلام، ذهبت الى الستائر لازاحتها حيث سطعت الشمس حيث كان الوقت الصباح الباكر فهما لم يناما منذ ان حادثتها راندا حيث جمعا اشيائهما واتجها الى المطار ومكثا فيه قليلا حيث وجدا رحلة داخلية الى القاهرة في ال 6 صباحا حيث استقلّاها في طريق العودة...

بعد ان انار ضوء الشمس الغرفة اتجهت ريتاج الى الفراش حيث راندا المكومة في منتصفه وهزت كتفها لتوقظها، تململت راندا ثم رفعت الغطاء الى وجهها وهي تقول: ايه بأه يا دادة بدور انا نايمة بعد الشمس ما طلعت، سيبيني انام يا دادة، قالت ريتاج مقلدة صوتها: لا حبيبتي، مش تجيبينا على ملا وشِّنا من شارم لهنا علشان تسيبيني وتنامي!
فتحت راندا عينيها على اتساعهما ثم اعتدلت جالسة في الفراش وهي تصيح: تاج.

و ثم ارتمت في حضنها حيث مسدت ريتاج على شعرها وقالت: ايوة يا ست راندا هانم تاج، قبل ما اسالك او اعرف حاجه قومي ادخلي الحمام خديلك شاور كدا وبعدين نتفاهم، اذعنت راندا لريتاج وقامت متجهة الى الحمام بينما اتصلت ريتاج بدادة بدور طالبة منها احضار فطور لها ولراندا الى غرفة راندا...

خرجت راندا بعد ان اغتسلت وكان شعرها يقطر ماءا ووجهها شاحب، جلست على اريكة عريضة موضوعه في غرفتها، جلست بجوارها ريتاج وكانت بدور قد احضرت طعام الافطار سكبت ريتاج لراندا بعض الشاهي واضعه عليه بعض الحليب وناولتها قدحها فتناولته بهدوء مرتشفة بضع قطرات منه ثم اعدت لها شطيرة من الجبن وناولتها اياه فازاحتها بيدها قائلة باعتراض: مش قادرة يا تاج انا هشرب الشاي بلبن بس لكن بجد مش قادرة احط حاجه في بؤي، تركت الشطيرة من يدها وقالت بهدوء: من غير انفعال ولا عياط ممكن تحكيلي ايه اللي حصل بالظبط؟

رفعت اليها عينين دامعتين وقالت بصوت مختنق تحارب الدموع التي تحاول الانهمار بشدة: نزار يا تاج.
الراجل اللي حبيته بكل مشاعري اللي كنت محوشاها جوايا.
الفارس اللى كنت بحلم بيه دايما بيجيلي على حصانه الابيض.
نزار اللي لاغيت فرق السن من حساباتي واول ما اتقدم لي واشترط كتب كتاب اقنعت ابيه ادهم انه يوافق، تخيلي بعد دا كله يقولي انا انى متربية تربية فري بزيادة وانى بتكلم مع كل من هب ودب ومش صاينه اسمه؟ انا.

انا يا تاج؟
حاولت تهدئتها قائلة: غريبة.
طيب وقال كدا ليه؟

قالت راندا وهي تمسح دمعة خائنة تساقطت بالرغم عنها: علشان شافني واقفة اتكلم مع زميل ليَّا كان بيسألني عن حاجه فاتته في محاضرة واتجنن لما شافني بديلو كراس المحاضرات بتاعي، بيقولي اصلي واحده معرفش حدودي، ثم انفعلت قائلة: انا يا تاج انا؟ انا مش عارفة حدودي، ثم قالت مشيحة بيديها: ولما سألته وقلت له وايه اللي خلاك تتقدم لي لا وتصمم انه كتب كتاب مش خطوبة ما انا قدامك من اول ما ابتديت تدرسني لو كنت شايف بجد انى فري مع زمايلي اتقدمت لي ليه؟

ثم قالت ببكاء حار: تتخيلي يرد عليا يقولي ايه؟
نظرت اليها ريتاج باستفهام فيما تابعت راندا: يقولي علشان اربيكي من اول وجديد بعد ما شوفتك كذا مرة سايبه مع محمود وانا معرفش انه اخوك مع انه حتى انه اخوكي مايصحش انك تضحكي معاه بالاسلوب دا وتتمايصي كدا علشان كدا قال ايه هيربيني من اول وجديد انا مش عاوزاه مش عاوزاه يا تاج خلاص!

واذ بالباب يُفتح بعنف ويندفع ادهم الى الداخل وهو يصرخ بغضب مما جعلها تنكمش وتختبأ خلف ريتاج وهو يقول: يعني ايه مش عاوزاه ها؟ هو كلمة الطلاق دي بئيت سهلة اووي عندكم كدا ليه؟

ثم قال مهددا وهو يلوح بإصبعه في وجهها: شوفي يا راندا انا لما اتقدم لك سألتك وقلت لك تحفظاتي على موضوع السن دا وانت وافقت ولما قال كتب كتاب من غير خطوبة قولتيلي انه استاذك من زمان وانت عارفاه كويس ومتأكده من اخلاقه وكنت موافقة يبقى طالما الراجل معملش حاجه جامده تخليكي ماينفعش انك تستمري معاه يبقى انسي خالص كلمة الطلاق دي وعموما انا هتكلم معاه واشوف ايه الحكاية بس انا بقولك اهو لو طلع موضوع تافه من مواضيعك انا اللي هقف لك يا راندا مفهوم؟

وصرخ عاليا: مفهوم ولا لأ؟
هزت برأسها بخوف بينما قامت ريتاج وقالت بهدوء: طيب ممكن انت تهدي نفسك بس وبعدين ممكن ماتكلموش ولا حاجه سيبلي الموضوع انا هتفاهم مع راندا انا متأكده انه سوء تفاهم ولو لاقيت الموضوع لازم انك تدَّخل فيه صدقني هقولك.
نظر اليها ساخرا ثم مال عليها وقال هامساً: باب النجار مخلع! كنت حلِّيتي مشكلتك انت الأول قبل ما تحلِّي مشكلة غيرك!

نظرت اليه ببرود وقالت بخفوت: هتتحل ماتخافش انت مستعجل على ايه؟ بس المهم مش هتتحل امتى لأ، المهم هتتحل ازاي؟
قطب وقال مستفهما: قصدك ايه؟
قالت له وهي تشير بعينيها الى راندا: الكلام دلوقت ماينفعش بعدين سيبني دلوقتي اتفاهم معاها لوحدنا، زفر بضيق وقال: ماشي يا ريتاج اما اشوف آخرتها، ونظر بغضب الى راندا وانصرف صافقا الباب خلفه بعنفه مما جعل راندا تنخرط في بكاء حار...

جلست ريتاج بجانبها محيطة ايَّاها بذراعها محاولة تهدئتها وقالت: ممكن تبطلي عياط ونتكلم شوية بهدوء؟
هزت برأسها ايجابا فناولتها ريتاج منديلا لتمسح دموعها وقالت: بصي يا ستي اولا هو سؤال.
انتو مكتوب كتابكم يعني المفروض ان علاقتكم تكون اوبن شوية عن المخطوبين، ماقالكيش ولا مرة انه بيحبك؟ ماحاولش معلهش يعني انه يحضنك او يبوسك خالص؟
ابتسمت راندا بمرارة وقالت: يقولي بيحبني؟ انت بتهزري.

انا الاول كنت فاكراه انه لسه ما اخدش عليَّا علشان كدا وافقت على كتب الكتاب علشان يكون بحريته ولاني بحبه فعلا ومش ممكن اتصور نفسي زوجة لحد تاني غيره لكن الايام مرت وهو زي ما هو، وتقوليلي بوسة وحضن؟ يا بنتي دا بيسلم على مامته بحنيَّة عنّي! انا بجد دلوقتي مش عارفة هو اتجوزني ليه طالما مش طايقني كدا؟
نظرت اليها ريتاج قليلا ثم قالت بهدوء: عاوزة تعرفي ليه؟
أومأت بالايجاب وقالت بلهفة: ياريت يا تاج.

عندك تفسير للي قولتهولك دا؟
قالت ريتاج بهدوء: بصي هنحلل واحده واحده مع بعض.

اولا حكاية انه اتجوزك علشان يربيكي دي مش داخله دماغي خالص ليه؟ لانه لو انت بالنسبة له تلميذة عادية كان اكتفى بتوجيهك لاقاكي مصرة على اللي انت بتعمليه كان رماكي من دماغه خالص لكن هو بالعكس في الكم مرة اللي شافك فيهم مع محمود كان برج من عقله بيطير وبيتعامل معاكي بعنف يبقى امرك يهمه واووي كمان، ماسألتيش نفسك هو ليه ساب خطيبته؟ وهي على كلامك مناسبة له من ناحية السن ونفس المستوى الثقافي وعيلتها كويسة وشكلها حلوة يبقى سابها ليه؟ اكيد ماحاسش بيها.

ودا يخلينا نرجع نقول انه عنده قلب وبيحس ومارضاش يظلمها معاه، وهو خاطب لما شافك مع محمود يوم النادي كان متنرفز عليكي وهاين عليه يضربك انت ومحمود ولا لأ؟ هزت راندا براسها بالايجاب فيما تابعت ريتاج قائلة: يبقى هو اولا ساب خطيبته علشان ماحبهاش وثانيا خطبك مش علشان يربيكي أد ما هو خاف تروحي من ايده، وانه غضبه من محمود كان غيرة اكتر منها غضب.

نيجي بأه ليه ماصارحكيش بحبه ليكي ولغاية دلوقتي مامسكشي ايدك حتى؟

اعتدلت راندا ناظرة اليها بلهفة وهي تقول: عارفة يمكن تضحكي عليا لما اقولك رأيي لكن انا حاسة انه هيطلع صح، انا شايفه انه كل دا علشان بيحبك اووي وخايف عليكي اووي وواضح كدا انه مشكلة فرق السن اللي بينكم عملاله هو مشكلة، حاسس انك لما تكونى في عز شبابك هو هيكون ابتدى مرحلة الخريف خلاص يعني لما تكونى 35 أده هو دلوقتي هو هيكون 50! شوفتي الفرق يخض ازاي؟ هو بين نارين لا هو قادر يبعد عنك ويطلعك من دماغه ولا قادر يقتنع انك بتحبيه فعلا وعمر السن ما كان مشكلة بالنسبة لك، وحكاية انه جامد معاكي انت قولتيلي انه كان اب واخ كبير لاخواته البنات بعد باباه الله يرحمه هو اللي كان بيدرس وبيشتغل لغاية ما اخواته خلصوا تعليمهم وجوِّزهم كمان يعني ابتدى الشقا بدري بدري المفروض دورك انت بأه انه تخليه يحس انه خلاص دا وقته انه يشم نفسه بأه ويحب ويتحب انت اللي تحسيسيه بحبك وساعتها صدقيني هتلاقي طوفان حب مش هتقدري تقفي قدامه، الست الشاطرة تبقى عارفة تدخل لجوزها منين، انت المفروض عرفتيه وعرفتي بيحب ايه وبيتضايق من ايه مفاتيحه كلها معاكي، يبقى انت اللي في ايدك حل مشكلتك لكن مش تسيبيه! كل القلق اللي عمله لما شاف زميلك بيكلمك غيرة يا زكيه هانم! هو حاسس انك هتيجي في يوم وتزهئي من فرق السن اللي بينكم وتسيبيه وحضرتك فرحانه اقولك قوليله من الاول ان محمود اخوك تقوليلي لا لما ارد جزء من جمايلو عليا اتفضلي اهي جات فوق دماغك اهي!

زمجرت راندا وقالت بتأفف: اللاه بأه يا تاج ليه قلبت عليا ما كنت حلوة؟
وبعدين يعني عاوزانى اعمل ايه اروح انا اللي اصارحه بحبي؟

قالت لها ريتاج بحنق: اللهم طولك ياروح، هو انت يا بنتي يا تتقلي يا تدلقي زي الجردل؟ مافيش وسط عندك خالص؟ انا بقولك ربَّيه مش تسيبيه! هو اللي محتاج يثق في حبه ليكي وفيكي، الكلام اللي قالهولك ماتفوتيهوش بس بذكاء كدا وبمنتهى الهدوء هتحسيسيه بغلطه في حقك بس من غير ما تغلطي فيه بكلمة واحده.
فهمت ولا اقول كمان يا أزكى اخواتك؟

قفزت واضعة ذراعيها حول رقبة ريتاج وهي تقول بفرح: فهمت فهمت ربنا يخليكي ليا يا احلى تاج.
يا احلى مرات اخ في الدنيا...

انقضت فترة الصباح وريتاج وراندا يضعان الخطط كيف تتصرف راندا مع نزار بينما ادهم قد غادر الى الشركة لمتابعة بعض الاعمال معطيا خبر لوالدته وارسل لريتاج رسالة على محمولها بذلك مما جعلها تبتسم ساخرة وتقول في نفسها: مسيج؟ شكل مشكلتنا مطولة بس هلاقي حل.
اكيد بإذن الله هلاقي حل...

اجتمعت العائلة على مائدة الغذاء وقد استغربت كوثر لوجود راندا معهم ومدى مرحها وقالت لريتاج: سرك باتع يا تاج، انت عملتي لها ايه خليتيها تفرفش كدا؟ انا غلبت معاها انا ومحمود حتى سعاد ومها مافيش فايده ابدا!
غمزت ريتاج قائلة: سر المهنه بأه يا ماما، قاطعها ادهم بسخرية لم يشعر بها سواها: اصلكو مش عارفين مراتي دي حلالة العُقَد! قال محمود بمرح: هي تاج فيه منها، عارفة يا تاج ايه اكتر حاجه شدتني لمها؟

اجابته بمرح قائلة: اوعى تقول علشان شبهي؟
قال لها بحماس: بالظبط!
نظر اليه الموجودون بدهشة وعلى رأسهم ادهم الذي بدأت شرارت الغضب تنطلق من عينيه بينما تابع محمود: لا مش قصدي شبهك في الشكل.
لا انا قصدي في التصرفاات بس فيه فرق بسيط دا بصراحه وماتزعليش مني ولا انت كمان يا بوس اللي مخلِّي مها في رأيي بالنسبة لي تسبقك بخطوة.

انها محسساني انها محتاجاني لكن انت ماشاء الله عليكي عقلك يوزن بلد والواحد يعتمد عليكي وهو مطمن بس اكيد يا بوس معاك انت ريتاج بتبقى حاجه تانية خالص؟!

قال ادهم ساخرا: آه فعلا بتبقى حاجه تانية وتالته كمان، الحمدلله انا شبعت انا طالع ارتاح شوية عن اذنكم، قالت كوثر بحنان الأم: ما كملتش اكلك يا حبيبي؟ قال لها مبتسما ابتسامة لم تصل الى عينيه: أكلت يا ماما الحمدلله، وغادر المائدة صاعدا الى شقته العلوية هو وريتاج بينما اشارت سعاد لابنتها لتقوم لتلحق بزوجها قائلة: قومي حبيبتي شوفي جوزك وارتاحي انت كمان اكيد مانمتوش كويس من امبارح، ولما تصحوا كلمينا نبعت لكم الاكل مع بدور، لم تستطع ريتاج ان تتجاهل كلام والدتها واستأذنت للذهاب الى شقتهما وهي تدعو الله ان يكون ادهم قد هدأت اعصابه عن الصباح...

دخلت الشقة وسارت حتى غرفة النوم لتفاجئ به واقفا امام باب الخزانة المفتوح يخرج ثيابا له، التفت اليها وقال: ايه اللي جابك ما كملتيش اكلك ليه؟
قالت له بينما ابتعد عن الخزانه وبدأ في فك اساور قميصه: ابدا عادي انا كمان شبعت، تحب اعملك حاجه تشربها؟
جلس على طرف الاريكة خالعا حذاؤه ثم وقف وخلع قميص وهو يقول بنزق: لا.
هاخد دش وانام.

وتناول ثيابه ثم وقف امام باب الغرفة والتفت اليها قائلا بقوة: تقدري ترتاحي انا هنام في الاودة التانية بس للاسف مش هعرف انقل هدومى هناك علشان الشغالين لما ييجوا ينضفوا الشقة مانكونش حدوتهم اللي هيحكوها لبعض واطمني خالص هتكملي مدتك زي ما انت عايزة، خلاص ماعدتيش فارقة معايا!

وانصرف صافقا الباب خلفه بينما جلست على طرف الفراش مذهولة مما سمعته ثم انسابت عبراتها على وجنتيها ولم تستطع ايقافهم ولكنها حاولت تمالك نفسها وهي تقول: بتعيَّطي ليه مش دا اللي انت عاوزاه؟
ثم مسحت وجهها وقالت متوعده: ماشي يا ادهم انا ماعدتش فارقة معاك طيب يا ادهم اما نشوف مين فينا اللي هيضحك في الآخر؟!..

في المساء اتت مها لزيارة ريتاج وجلسن الصديقات الثلاثة ليتبادلن الاحاديث وبالطبع كانت ريتاج حديث الساعه وكلا من مها وراندا اخذن بتبادل النكات عليها يوم فرحها حتى قامت راندا وتناولت هاتفها وقد ادارت تسجيلا لفيديو ووضعته امام ريتاج قائلة بمكر: يا ترى مين اللي بترقص فشر الكاريوكا هنا دي؟

شهقت ريتاج وهي تحاول التقاط الهاتف من يد راندا التي ابتعدت به عن متناولها وقالت بنزق: راندا يا جبانه صورتيها ازاي؟ بقولك ايه هاتيها؟
وراندا تضحك وتركض بعيدا عنها لكي لا تعطيها اياه وفتحت الباب لتركض هاربة وهي تضحك واذ بها تصطدم بحائط بشري فرفعت عينيها لتقول بدهشة: ابيه!
قال ادهم بهدوء: ايوة ابيه، صوتكم واصل لغاية تحت، اهدي شوية يا راندا خطيبك تحت عاوز يشوفك وصوتك واصله.

اقدر اعرف ايه اللي مخليكي مش على بعضك كدا؟
نظر الى داخل الغرفة ليشاهد مها حيث حيّاها ثم ريتاج التي شحب وجهها وقالت وهي تحاول انتزاع الهاتف من يد راندا التي تشبثت به بكل قواها: ابدا بس اختك اخدت مني حاجه من غير ما تقولي وحقي انها ترجعهالي تاني!
سأل ادهم مستفهما: صحيح يا راندا؟ حاجه ايه اللي اخدتيها من تاج من غير ما تعرف دي؟

نظرت اليه راندا قائلة ببراءة مصطنعه: والله ابدا يا ابيه دا انا كنت عاوزة اعملك مفاجأة جميلة حتى شوف انت واحكم بنفسك!

واعطته المحمول وقد شغلت الفيديو الخاص برقص ريتاج في ليلة حنتها وركضت خارجة لتذهب الى نزار بينما شهقت ريتاج بقوة وقد تخضب وجهها بالوان الطيف السبعه فاستأذنت مها للنزول لرؤية كوثر وحاولت ريتاج ان تمنعها عن تركها ولكن مها رفضت خجلة من تواجدها معهما بمفردها بينما ادهم قد تاه في هذه الفاتنة التي تتمايل امامه على الشاشة وكأنها كاريوكا في أجمل حالاتها، حالما انتهى مقطع الفيديو رفع نظره اليها لينظر اليها نظرة جعلت فرائصها ترتبك ثم تقدم منها وقال وهو يقف امامها بخفوت: بصراحه ليكي حق انك تاخدي الموبايل منها.

عموما ماتخافيش انا هحللك المشكلة، ضغط على بعض الازرار، لتسمع صوت صفارة قدوم رسالة ثم عاد وضغط على بعض الازرار ورفع عينيه اليها قائلا: خلاص، مسحت الفيديو، بس نقلته عندي ع الموبايل علشان دي ذكريات حلوة بتكون مرة واحده بس، ولما تتفرجي عليها بعدين هتضحكي منها!

سكتت قليلا ثم قالت وهي تنوي الهروب من امامه: انا هنزل اشوف مها قاعده لوحدها و، امسكها من يدها قبل ان تبتعد ثم اقترب منها قائلا بخفوت: مها مع محمود وراندا مع نزار يبقى المفروض انت معايا ولا ايه؟
قالت له ببلادة: ها؟
ضحك قليلا ثم قبلها قبلة خفيفة على شفتيها وقال: روحي لصاحبتك يا ريتاج، انا هنزل المكتب تحت اشوف راندا ونزار اخرتها معهم ايه هما كمان...

مكث نزار بعض الوقت ثم انصرف مسرعا وقد شعر بالضيق ولا يدري لم؟ ف راندا تعامله بهدوء ولم تخطئ في حقه ووضحت له سوء الفهم الذي تولد لديه من رؤيته لها وهي تتحدث مع زميلها مع انه في قرارة نفسه متأكد انه كان حديث بريء ولكنها الغيرة العمياء ولكن ما سبب له الضيق انه افتقد مرحها وطفولتها التي سحرته بها، يشعر وكأنها تريد ان تظهر امامه في سن يفوق سنوات سنها ال20 بسنوات كثيرة ألا تعلم ان سنها الصغير وعفويتها وبراءتها ومرحها البريء هي الاسباب التي جذبته ناحيتها وبشدة حتى تحول هذا الانجذاب الى حب جارف بات يخشى عليها منه حتى انه امتنع عن السلام عليها حتى يصبحان في بيت واحد فهو يتحرق شوقا اليها وسيفاتح اخيها ادهم في تقديم موعد الزفاف فهو لن يشعر بالراحة الّا عند رؤيته لها في منزله.

أمامه وبين يديه!

تقلبت ريتاج كثيرا في فراشها وقد رفض النعاس ان يطرق جفونها، قررت ان تسخن بعض الحليب عسى ان يساعدها في التغلب على ارقها الذي لا تعلم له سبباً فهي لم تنم منذ ان آخر يوم لهما في رحلتهما الا سويعات قليلة واعتقدت انها لدى ملامسة رأسها للوسادة ستغط في احلام عميقة ولكن هيهات فلايزال حديث ادهم الذي اخبرها فيه انها لم تعد تشكل أي فارقا بالنسبة اليه يحز في نفسها...

لبست خفها المنزلي وخرجت من غرفتها متجهة الى المطبخ الذي هو على الطراز الامريكي واثناء مرورها بالردهة لاحظت شعاع نور يخرج من فتحة صغيرة في باب غرفة ادهم فقررت سؤاله ان كان يريد بعض الحليب هو الاخر.
طرقت الباب فلم يجب.

نادته بهدوء فلم يجبها فأيقنت انه لابد انه نائم فقررت الدخول لاطفاء الضوء ليتمكن من النوم جيدا، دخلت ووقفت بجانب الفراش ومالت على الاباجورة الموضوعه بجانب الفراش لتطفئها عندما سمعت صوت انين خافت، نظرت الى ادهم لترى بعض قطرات من العرق متجمعه فوق جبهته، قطبت ثم نادته فلم يجبها مدت يدها متردده لتهزه قليلا لتفاجئ بحرارة منبعثة منه فأزاحت يدها مسرعه ثم وضعتها على جبينه لتفاجئ بأن جبينه متقدا من الحرارة شهقت مرتعبة وحاولت ايقاظه ولكن لم يصدر عنه الاَّ انين خافت زفرت وقالت بلهفة: اعمل ايه انا دلوقتي ياربي؟ اصحيهم؟

ثم قررت ان تقوم بعمل كمادات ثلجية قبل اقلاقهم، توجهت ناحية البرَّاد مخرجة بعض قوالب من الثلج وضعتهم في طبق ثم تناولت منشفة نظيفة وجلست بجواره تضع بعض قوالب الثلج في المنشفة وتضعها فوق جبهته وما ان لمس الماء البارد جبهته حتى ارتعش فسارعت للتربيت عليه وبصوت حان حدثته قائلة: معلهش يا ادهم معلهش يا حبيبي استحمل علشان الحرارة تنزل.

وثابرت كانت تبدل المنشفة كل حين ثم عصرت منشفة اخرى واضطرت الى فتح ازرار بيجامته لتمرير المنشفة الباردة على جسده للتقليل من درجة حرارته وبعد ان اطمأنت لبدء انخفاض الحرارة تركته وذهبت لتصنع له بعضا من عصير البرتقال فهو مفيد لحالته للغاية وتناولت قرصين من خافض للحرارة ثم عادت اليه، ساعدته على تناول الدواء ثم تابعت عمل الكمادات حتى انخفضت حرارته وعادت لدرجتها الطبيعية، مسدت ظهرها وقالت في نفسها: اهو عصير البرتقال هنا علشان لما يصحى يشرب منه شوية كويس انه نام وانا كمان خلاص مش قادرة افتح عينيا بئالي قرب الساعتين قاعده القاعده دي بس اسيبه ازاي واروح انام في اودتي؟

نظرت حولها فلم تجد سوى كرسيًّا عريضا لم ترق لها فكرة النوم عليه بينما الفراش واسع يتسع لكليهما بكل راحه، فكرت ثم قالت في نفسها: انا هنام على الطرف اغمض عيني بس اريحها شوية ولما اطمن عليه ابقى اروح اودتي وعموما انا لابسه بيجامه عادية يعني مافيهاش أي حاجه.

ونظرت الى ثيابها فهي بيجامة قطنية مكونة من سروال قصير الى الركبة وبلوزة باكمام قصيرة للغاية بفتحت واسعه عند الرقبة باللون الوردي وعليها بعض الكتابات باللغة الاجنبيه، رقدت على الجانب الاخر من الفراش بعد ان احكمت الغطاء حوله، تقلبت اكثر من مرة حتى نامت على جانبها المقابل لوجهه ونظرت الى وجهه المحبب الى قلبها وهي تحدث نفسها قائلة: لو تعرف أنا أد ايه بحبك.
وعلشان بحبك اووي اتجرحت منك اووي اوووي.

والله ما بإيدي يا ادهم، بس مش قادرة، يمكن مع الوقت اقدر انسى واسامح لكن دلوقتي لأ، بس بردو بحبك وبخاف عليك، ونامت والابتسامة على وجهها ووجهه آخر شيء طالعته قبل ان تغوص في سبات عميق...

انتبهت ريتاج من نومها لتفاجئ بشيء ثقيل محيط بخصرها فالتفتت لتفاجئ بأدهم وهو نائم بجوارها محيطا وسطها بذراعه القوي غارقا في سبات عميق، حاولت ازاحة ذراعه ببطء فلم تستطع، ثم اذ به يفتح عينيه لينظر اليها نظرة غريبة كأنه لا يعرفها فقالت بتلعثم وهي تبتلع ريقها بصعوبة: حمد، حمد لله على السلامة يا ادهم، الحمد لله شكلك احسن، انا هروح اودتي، قاطعها مستفهما وهو يميل فوقها: هو ايه اللي حصل بالظبط؟

شرحت له وهي تتحاشى النظر اليه: ابدا كنت تعبان وحرارتك عاليا عملتلك كمادات.
شكلك اخدت برد من كتر الدش السائع اللي بتاخده!
قال لها بهمس: وانت بأه كنت خايفة عليَّا ولا احساس بالذنب انك انت السبب في كمية الدش السائع اللي كنت باخده كل ليلة؟
قطبت ورفعت نظرها اليه بتلقائية قائلة باندهاش: وانا مالي انا ومالك؟ هو انا اللي كنت بقولك تستحمى بمايه سائعه كل ليلة؟ انا كنت دايما بحذرك انك هتتعب واهو اللي قلته حصل!

مال عليها هامسا امام شفتيها: تصدقي انا فعلا اللي غلطان انى ما سمعتش كلامك من الاول!
قالت له: شوفت انى عندي حق و، لم تستطع اكمال جملتها حيث تناول شفتيها في قبلة غيبتها عن العالم من حولها وانتقلا الى عالم لا يحكمه سوى الحب والاحاسيس الجميلة، لتصبح متمردته زوجته التي طالما تمناها منذ ان وقعت عيناه عليها وتصبح هي مروضة لقلب ادهم المتنمِّر دائما...

ترى هل انتهت قصتنا؟ هل سلمت المتمردة لمروضها؟ كيف ستصبح العلاقة بينهما بعد ذلك؟ كيف ستجعل راندا نزار يصرح عن حبه لها؟ واخيرا هل لايزال القدر يحمل للعاشقين مفاجآت اخرى ام ان الحال استقر بهما؟ وان كان لايزال هناك مفاجآة ترى هل هي سارة أم،؟! تابعوني في القادم من المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة