قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثامن عشر

مين اللي خطب مين؟ ، قاالت ريتاج وهي مصدومة فزفر ادهم واعاد حديثه قائلا: انا خطبتك من مامتك ومامتك وافقت!
قالت ريتاج ناظرة اليه بدهشة: والله؟
ثم هزت برأسها قليلا ونظرت امامها قبل ان تلتفت اليه وتقول: يعني انت خطبتني من ماما وماما وافقت، امممم، طيب مش ناوي تعرفني الفرح امتى ان شاء الله أهو من باب العلم بالشئ بردو؟
نظر اليها بنصف عين قائلا بجدية: شايفك واخده الموضوع زي ما يكون نكتة؟

قالت له بضحكة ساخرة وهي تنظر اليه: هو بجد نكتة بس للاسف نكتة بايخه ودمها تقيل كمان!
اغمض عينيه قابضا يديه ثم زفر بعمق ونظر اليها بحدة قائلا: هو ايه دا اللي نكتة؟ ارتباطك بيّا نكتة؟
قالت له ساخرة: لا وانت الصادق ارتباطك انت بيّا اللي نكتة!
ثم اعتدلت في جلستها لتواجهه ونظرت اليه بقوة وتابعت قائلة: هو انا فرخه رايح تشتريها من الفرارجي مالهاش أي رأي ولا ايه؟ لا معلهش انا انسانه يعني ليّا رأي.

يعني قبل ما حضرتك تخطبني من ماما تسألني رأيي ايه أو ماما تسألني قبل ما تقولك انها موافقة لكن انتو اتصرفتوا معايا على اساس اني انا فرخه ولا كنبة حتى.
جه اللي يشتريها ياللا يشيل و من غير ما تاخدوا رأيها.

ثم اعتدلت ثانية في مكانها ناظرة امامها وقد كتفت يديها امامها ناظرة امامها زافرة بحنق فقال لها بعد ان تنهد بعمق: انا طلبتك من مامتك وهي قالت لي انها هتفاتحك في الموضوع وكأم قالت رأيها في العريس اللي متقدم لبنتها يعني لا متجهلاكي ولا بتتعامل معاكي على اساس انك فرخه ولا كنبة ولا حتى قلم رصاص.

هي باركت ارتباطي بيكي وقالت لي انها هتفاتحك بس انت اللي استفزتيني بطريقتك في الكلام عن هاني وكدا كدا كنت هتعرفي انى اتقدمت لك أنا ماعملتش حاجه غلط، نظرت اليه بنصف عين ثم قالت ببرود: يعني ماما كانت هتقولي وتاخد رأيي وبعدين تقولهولك مش كدا؟

هز برأسه ايجابا وقال ناظرا اليها بريبة لبرودها المفاجئ: تمام كدا، قالت له وهي تشيح بنظرها بعيدا عنه: اوكي تمام كدا، وانا ممكن اوفر عليك الوقت واقولك رأيي على طول دلوقتي، ثم نظرت اليه مبتسمة ببرود: جوابي هو.
لأ. مش موافقة!
نظر اليها بحدة قائلا: مش موافقة؟!
وأنا كمان مش موافق!
ابتسمت قائلة: جميل احنا الاتنين مش موافقين يبقى ايه المشكلة؟ في ماما؟ ولا يهمك هخليها هي كمان ماتوافقش.

أظن احنا كلنا كدا هنبقى مش موافقين يبقى مافيش مشكلة! ممكن تتفضل توصلني البيت علشان تعبت وعاوزة ارتاح شوية؟
قال لها بسخط: انت ايه البرود اللي فيكي دا؟ اولا انا مش قصدي انى مش موافق يعني مش موافق عليكي.
لأ! انا مش موافق يعني رافض عدم موافقتك عليّا، ثانيا بأه.
انا لسه مخلصتش كلامي علشان تؤمريني اني اروّحك بالطريقة دي، ثالثا ودا الأهم انا مش هسكت لغاية ما توافقي وخلّي بالك انا نفسي طوييل وصبور جداااا.

هزت كتفيها بلامبالاة جعلته يقبض كفيه غيظا وقالت: والله دي مشكلتك مش مشكلتي.
كونك بأه موافق او رافض جوابي دا شئ راجع لك انت انا اللي عليا انى قولت لك رأيي انت بأه تاخد بيه او لأ دي حاجه بتاعتك انت!
زفر بحنق وصرخ فيها بغضب قائلا: انت معمولة من ايه بالظبط؟ لوح تلج!
نظرت اليه قائلة بهدوء: انت عارف معنى ريتاج ايه؟
قال لها بقوة: يعني قفل يعني ترباس كمان!

قالت له وهي ترفع حاجبها بمكر: يعني قفل مصوجر وترباس مستحيل انك تفتحه ولما يبقى الترباس دا مصدِّي من سابع المستحيلات انه يتفتح فريّح روحك رأيي مش هغيره ابدا.
نظر اليها قائلا بتحد: الترباس المعصلج بيزيتوه! وصدقيني لما اقولك ان القفل المصوجر دا مفتاحه عندي انا والايام بيننا يا.
ريتاج!
ثم ادار المحرك عائدا الى الطريق الرئيسي مواصلا سيره في طريقهما للمنزل.

كنت هتقوليلي امتى يا ماما لما تحددي معاه معاد الفرح؟ ، قالت ريتاج لأمها التي لحقتها الى غرفتها للاطمئنان عليها وقد بلغ غضبها عنان السماء وحاولت على قدر استطاعتها التحكم في انفعالاتها فهي لا تريد ان تُغضب والدتها منها ثانية، قالت امها وهي تتقدم باتجاهها وصوتها يحمل رجاء كي تتفهمها: يا تاج يا حبيبتي افهميني.
ادهم لما اتكلم معايا انا فرحت جدا لأنه بصراحه راجل يُعتمد عليه.

انت ماكنتيش شايفاه عامل ازاي واحنا بندور عليكي كان هيتجنن ولما لاقاكى ماسابكيش لحظة واحده، حسيت انه قلبه عليكي وانه هو دا الراجل اللي يقدر يصونك ويحافظ عليكي وانا متأكده لو مراد الله يرحمه كان عايش كان هيوافق عليه على طول ويمكن علشان كدا اختاره واصي عليكي لانه كان عاوز يطمن عليكي مع حد يصونك ويخاف عليكي وانا كمان نفسي اطمن عليكي قبل ما ربنا ياخد أمانته.

شهقت ريتاج واضعة يدها على فم أمها قائلة بلهفة: ألف ألف بعد الشر عليكي يا ماما.
اوعي تقولي كدا تاني ربنا يخليكي ليا وما يحرمني منك ابدا يارب.
ازاحت والدتها يدها وقالت بابتسامة راجية: يعني موافقة؟
قالت ريتاج برجاء: ماما ارجوكي تفهميني انا فعلا مش مستعدة للارتباط دلوقتي سواء أدهم او هاني او أي حد، قالت امها: بس ادهم مش أي حد يا تاج؟

زفرت ريتاج بتعب واغمضت عينيها ثم فتحتهما ناظرة الى امها قليلا قبل ان تقول: علشان خاطري يا ماما انا مش عاوزة ازعلك بس علشان خاطري بلاش تضغطي عليّا، قالت امها مربتة على كتفها: حاضر يا حبيبتي بس اوعديني انك هتفكري في الموضوع دا تاني وتالت وعلشان اكون صريحه معاكي انت لما رفضت هاني ما زعلتش اووي وقلت نصيب لكن لو رفضت ادهم انا مش بس هزعل لأ، هنئِهر من جوايا كمان!

هزت ريتاج برأسها بينما خرجت امها من الغرفة تاركة ريتاج وقد جلست فوق فراشها واضعه رأسها بين يديها تفكر كيف لها ان تقنع امها بجوابها من دون ان تغضب منها؟!..

سهام فيه موضوع عاوز اكلّمك فيه بس ياريت تفهميني صح ، قالت سهام لنزار الجالس امامها على الكرسي في الكازينو المطل على النيل وهي تبتسم بحزن: انا عارفة من غير ما تتكلم يا نزار!
قطب نزار حاجبيه في حيرة قائلا: عارفة؟ عارفة ايه؟
قالت له بابتسامة حزن: انت عاوز تفك ارتباطنا صح؟
نظر اليها في دهشة قائلا: ايه؟
اعادت عليه كلامها وتابعت قائلة: ماتستغربش اووي كدا يا نزار الموضوع مش عاوز ذكاء يعني ولا حاجه.

احنا من ساعة ما ارتبطنا وكل واحد مننا في واد.
احنا يمكن ارتباطنا كان ارتباط عقل بس للاسف قلبك ماحسش بيّا عكس قلبي انا!
نظر اليها وقد عقدت الدهشة لسانه في حين أكملت هي: ايوة يا نزار يمكن دي اول مرة اقولهالك.
انا فعلا حبيتك، قلبي دق لك، انا آه لما اتقدمت لي بصيت لمميزاتك بس بعد الخطوبة لاقيت المميزات دي بتتحول عندي وخليتني ابص لك انك رجلي انا، حبيبي انا.
قلبي بدا يبقى له حسابات خاصة بيه هو.

لما كنا بنتقابل كان قلبي بيسجل كل لفتة منك وكل همسة ولما لاحظت برودك معايا قلت معلهش هو راجل يعني ممكن يكون تقيل شوية بس لو ماكانش مقتنع بيا ماكانش اتقدم لي وشوية شوية هتتعود عليا وقلبك يبتدي يدق زي قلبي بس للاسف دا ماحصلش! كنت بشوفك وانت بتتعامل معايا بمنتهى الزووء والادب والاحترام بس المعاملة دي تتعامل معاها مع سهام زميلتك في الشغل مش سهام حبيبتك! كانت معاملتك رسمية اووي.

انا في الاول والآخر ست يا نزار عاوزة احس انى في عينين الانسان اللي هرتبط بيه حاجه كبيرة اووي.
عاوزة يقولي كلام حلو.
مش غلط ولا عيب ولا حرام، انا عمري ما عملت حاجه غلط حتى في مراهقتي كنت مقدرة ثقة بابا وماما فيا كويس اووي وماكانش ممكن انى اعمل أي حاجه غلط من وراهم تهد ثقتهم فيا.

كنت مستنية الانسان اللي هرتبط بيه علشان يبقى ارتباطنا في النور وساعتها اعيش معاه مراهقتي اللي ماعشتهاش واحس انى سهام بنت 17 سنة، انا بقولك يا نزار انا مقدرة موقفك لان الحب مش بايدينا.
الحب مش زرار هندوس عليه نحب ولا حتى نحب اللي بيحبنا مع اننا احنا فعلا مش بنحبه! الحب مش رد جميل يا نزار انت بتحبني فدا جميل منك مش هقدر انساه فأقوم بالتالي حبّاك! لأ، قال نزار وعيناه مليئتان بالآسف والاعتذار: سهام.

انت بجد انسانه جميلة اووي وانا متأكد انك هدية كبيرة وانا ما استاهلهاش ومتأكد كمان انك اكيد هتلاقي اللي يقدرك ويستاهلك.
ابتسمت ابتسامة خفيفة وقالت: انا كمان متأكده.
احنا مش لبعض يا نزار وانا متأكده ان نصيب كل واحد فينا هيجيلو في الوقت المناسب وانا عارفة ان الانسان اللي هرتبط بيه هيكون يستاهلني فعلا وهيقدر حبي ليه ويستحقني بجد وانا كمان هستحقه.

سكت نزار ثم لعب بدبلته في يده اليمنى فسارعت بامسك يده فرفع نظره اليها مذهولا فسارعت بسحب يدها بخجل ونظرت اليه قائلة: سيبني انا اقوم بالخطوة دي يا نزار لان على أد ما انا بفكر بعقلي وبحاول احلل كل حاجه انا بردو لسه بنت صعب عليها اووي ان خطيبها هو اللي يرمي لها دبلتها علشان كدا، وسحبت خاتمه من اصبعها واضعه اياه امامه على الطاولة وقالت بصوت حاولت ان يخرج بصورة طبيعية: انا.

انا اتمنى لك كل خير يا نزار، عن.
عن اذنك.
وحملت حقيبتها وغادرت الطاولة سريعا تاركة ايّاه ينظر في أثرها شاعرا بالذنب الذي لا يد له فيه لما اقترفه في حق هذه الانسانه الرائعه التي لم يوليها حق قدرها!..
يعني انت قصدك انك اتقدمت لريتاج يا ادهم؟ سألت كوثر ابنها البكر وهما جالسان في غرفتها بعد ان طلب منها محادثتها في امر هام، اجابها ادهم بهدوء قائلا: ايوة يا ماما.

بعد ما حضرتك فاتحتيني انك بتفكري تخطبي ريتاج لمحمود ولما سألتك اذا كان محمود هو اللي طلب منك دا قولتيلي لا دي فكرتك انت لان قلبك حاسس انه مايل لها انا سألته وبصورة مباشرة أكّد لي انه يمكن في الاول كان بيتهيأله انه بيحبها لكنه اتأكد انه احساسه كان غلط وانه كان مجرد اعجاب بشخصيتها علشان كدا اول ما سنحت لي الفرصة اتقدمت لمامتها، قالت كوثر بلهفة الام: ها يا حبيبي ووافقت طبعا؟ انا كنت مستخسرة ريتاج بصراحه بس انا عارفاك كنت رافض الجواز وقلت يبقى محمود خصوصا لما شوفت التغيير اللي حصل له.

بس مش مهم المهم الفرح امتى؟
ضحك ادهم قائلا: فرح مرة واحده يا ام ادهم؟ مش لما العروسة توافق على الخطوبة الأول؟
نظرت اليه بدهشة قائلة: ايييه؟ هي ريتاج مش موافقة على الخطوبة ولا ايه؟
قال ادهم بعد ان هدأت ضحكته: ريتاج مش موافقة على الجواز من اصله يا امي!

قالت بحدة: ايه؟ مش موافقة على الجواز؟ ليه يعني؟ هتلاقي زيك فين ان شاء الله؟ انا آه بحبها وغلاوتها من غلاوة راندا بنتي لكن بردو ترفضك ليه يعني فيك ايه يتعايب؟
قال لها بهدوء محاولا تهدئتها: يا امي ما تتسرعيش في حكمك عليها الموضوع مش في شخصي انا، لأ. ريتاج رافضة الجواز من اصله!
قالت له بدهشة: فيه بنت ترفض انها تتجوز، ثم زفرت قائلة: انما هقول ايه.

الله يرحمه ابوها ربّاها على اساس انها ولد لما خلاّاها فعلا ولد حتى احساس البنت لما يجيلها عريس مابتعرفش تحس بيه.
ثم سألته: وانت ناوي على ايه يا ادهم؟
قال لها بعزم وعينيه تغشاهما نظرة مليئة بالغموض: انا مش بسلم بسهولة يا امي وتأكدي ان ريتاج هتبقى مراتي وبأسرع مما هي نفسها تتصور!

يا بني افهم، انا تعبت، انت مشيت ازاي في كليتك دي؟ ازاي عديت اساسا من اول سنة، محمود انا ماموتّش من الحادثة انما شكلي كدا هموت على ايديك بدري بدري.

، ضحكت راندا الواقفة خلف كرسي ريتاج في الحديقة ولم تكن قد لاحظتها ريتاج التي التفتت اليها وهي تتنهد قائلة: اخوكي مش ممكن، ايه دا، اومال حسابات ايه اللي انت ماسكها في المصنع؟ مش معقول يكونو مقعدينك تعد في العربيات الطالعه والداخله من المصنع لان دا كبيرك بصراحه؟!
نظر اليها بطرف عين وقال: تاج بقولك ايه مش لازمالها تريئة.

كل داعلشان جزئية مش فاهمها وانت خبيرة الاقتصاد بتفهمهالي اييه المشكلة؟ تصدقي الغلطة غلطتي انا، ومش هعملها تاني.
ضحكت ريتاج قائلة: على رأي ام كلثوم، ثم لحّنتها قائلة.
وأهي غلطة ومش هتعود ولو ان الشوق موجود وحنيني اليك وأهي غلطة!

سمعت صوت تصفيق حاد وراندا تقول بسرور: الله، صوتك جميل اووي يا تاج، بينما قال محمود بصوت عال: عظمة على عظمة يا ست، ضحكت ريتاج قائلة: شكرا شكرا أخجلتم تواضعنا، سمعوا صوتا يقول: لو قلت اني حسيت كأني بسمع أم كلثوم هتقولي عليا ببالغ!

التفتت وراؤها بحده لتشاهد ادهم واقفا وراؤها ناظرا اليها بنظرات غريبة اثارت شيئا في داخلها وامتقع وجهها بالرغم عنها خجلا بينما نظرت راندا بخبث قائلة بمكر وهي تنقل نظراتها بين ادهم وريتاج: يا سلام يا ابيه أوّل مرة اعرف انك شاعر.
نظر محمود الى ادهم بغرابة بينما قال ادهم بهدوء: انا بقول الحقيقة ماجاملتش في حاجه، بعدين اذا ماكنتش انا اقدر قيمة اللي انا اتقدمت لها مين اللي يقدرها؟

نظرت راندا بدهشة الى ادهم بينما صُعق محمود ونقل نظراته بينهما وقال بصوت مختنق: انت، انت بجد اتقدمت لريتاج؟
قال ادهم من دون ان يزيح نظره عن ريتاج: ايوة.
اتقدمت لها ومش هرضى برأي غير الموافقة!
قالت راندا بفرح وهي تميل على ريتاج مقبلة اياها على وجنتيها: مبرووك يا تاج ألف مبرووك يا حبيبتي كدا ضمنت انك هتفضلي معانا فهمي نظمي رسمي، قالت ريتاج ما ان ابتعدت راندا: فهمي نظمي ورسمي كمان الله يرحمهم كلهم!

قالت راندا سائلة بدهشة: يعني ايه؟
قامت ريتاج من مكانها وقالت ناظرة الى ادهم بقوة: يعني اخوكي اتقدم لي زي أي عريس ما بيتقدم لعروسة وانا رفضت بردو زي أي واحده ما بترفض عريس بيتقدم لها!
شهقت راندا في حين قام محمود ناظرا اليهما بدهشة وقالت راندا باعتراض: رفضت ابيه ادهم؟

ابتسم ادهم قائلا بصوت يشوبه المرارة: ايوة رفضت يا راندا، ثم برقت عيناه بعزم واصرار وهو يتابع قائلا: لكن انا متأكد ان الرفض دا مش نهائي ومش هرضى غير بالموافقة!
هزت كتفيها بلامبلاة قائلة: وانا سبأ وقولتلك ان دي مشكلتك تقبل او ترفض.
انا عن نفسي رأيي وقولته ومش هرجع فيه تاني.
هو ايه دا اللي مش هترجعي فيه تاني؟

قالت صافي بغنج فنظر محمود اليها ببرود ثم استأذن منصرفا في حين نظرت اليها ريتاج ثم اشاحت بنظرها ولم تجيبها راندا بينما قال ادهم بهدوء: اهلا يا صافي، ابدا دا موضوع بيني وبين ريتاج بس انا متأكد اني هقدر اقنعها برأيي.
قالت ريتاج بغيظ: وانا مش هقتنع غير برأيي انا.
قالت صافي بضحكة: طيب ممكن اعرف الموضوع يمكن انا اقتنع يا ادهم برأيك وأحل لك المشكلة!
نظرت اليها ريتاج قائلة بسخرية: تصدقي فكرة بردو!

ثم نظرت الى ادهم قائلة بمكر: ما تقولها يا ادهم وانا متأكده انها ما هتصدق وهتوافق على طول وتحل لك مشكلتك اللي انا لغاية دلوقتي معرفش هيّا ايه وايش معنى انا بالذات اللي اختارتها علشان تنول الرضا السامي دا!
اقترب ادهم منها ناظرا في عينيها بعمق وقال من بين اسنانه: ريتاج انا لغاية دلوقتي ماسك نفسي بالعافية بس ما تختبريش صبري للآخر لان صدقيني لو صبري نفد ماتلوميش حد الا نفسك.

وصدقيني لما اقولك انك قريب وقريب اووي كمان هتسمَّعيني الرد اللي انا عاوزه.
قالت له بصوت محتد: وانا مابتهددش ورأيي واحد عندك بنت خالتك اعرض عليها العرض بتاعك وانا متأكده انها هتكون اكتر من مرحِّبة بيه.
قالت صافي وهي تنظر اليها وهما يتهامسان بصوت خفيض: الله يا جماعه في ايه بالظبط؟
قالت راندا التي قصدت اغاظتها بمكر: معلهش يا صافي عريس وعروسته بأه.
انت عارفة النقار بتاع الحبيبة بيكون حلو ازاي؟

قالت ريتاج معترضة: راندا!
بينما ابتسم ادهم بمكر ولف ذراعه حول خصر ريتاج مقربا اياها منه وقد اخرستها دهشتها من فعلته وقال ناظرا الى ريتاج: فعلا يا صافي، انا اتقدمت لريتاج رسمي، ودا مجرد خلاف في وجهات النظر مش اكتر لكن انا متأكد انها هتقتنع برأيي وقريب اووي كمان!
نظرت اليه ريتاج شزرا وازاحت يده بقوة الممسكة بخصرها وقالت ببرود: فعلا يا صافي.
هو كان عرض وانا رفضته.
ثم نظرت اليه وقالت: عن اذنك.

وانصرفت وراندا وراءها بينما انظار ادهم ظلت تلاحقها الى ان غابت عن ناظريه واقتربت منه صافي قائلة بصدمة: الكلام دا صح يا ادهم؟ انت فعلا اتقدمت للي اسمها ريتاج دي؟
التفت ادهم اليها وقال ببسمة خفيفة: صح يا صافي.
انا اتقدمت لريتاج، فقالت صافي وهي تجاهد دموعها لئلا تسقط امامه: بس، بس انت ماتعرفهاش غير من مدة بسيطة اووي؟

قال لها وهو ينظر الى المكان الذي اختفت فيه ريتاج: احيانا بتشوفي انسان بتحسي انك عارفاه وانك عشتي معاه عمرك كله!

كتمت صافي شهقة دهشة بصعوبة وهي ترى ادهم القوي الغامض الذي لم يسبق لأحد ان سبر غوره والذي يحكِّم عقله في جميع تعاملاته وقراراته يتكلم بمثل هذه اللهجة الحانية ومالبث ان استأذن منها منصرفا تاركا أيّاها وهي تتوعّد ريتاج في داخلها انها لن تدعها تهنأ بأدهم وإن أدى ذلك بها الى الذهاب لأبعد مدى لتبعدها عنه فأدهم لها هي وحدها وهي على اتم الاستعداد لفعل أي شئ كي تزيحها عن طريقها!..

ايوة يا مها، بقولك ادهم اتقدم لي، انا اعرف يا مها، اييه؟ بيحب وبيخبي؟ انت فايقة ورايقة.
لا حبيبتي انا فاهماه هو ماقدرش عليا وانا تحت وصايته قال يتجوزني علشان يجيب مناخيري الارض لكن كان غيره اشطر، آه طبعا رفضته، زفرت بضيق وقالت: بقولك ايه يا مها اقفلي دلوقتي انت ونصايحك اللي مالهاش لازمة دي.
عاملة زي نصايح ستِّي كدا، قال جدع ابن حلال وبيحبك قال.
انت مترجمة انت.

انا غُلبت فيكم مش عارفة دخلتوا كلياتكم ازاي انت ومحمود.
واحد لو مسك ميزانية مقلة لب هيخلي صاحبها يسرح بعربية لب ع الكورنيش والتانية مترجمة لغات ميتة مش حيّة!
انصتت قليلا ثم قالت بابتسامة: خلاص خلاص ماتزوئيش في الكلام طيب ما انا اتريئت عليكي كمان ايش معنى ماوجعكيش غير تريئتي على بسلامته؟!

ثم انهت كلامها ضاحكة: عموما ولا يهمك نهايتكو على ايدي انا، بس ساعتها ماحدش ينطق فيكو ويقولي انتِ السبب انا بقول أهو، ماشي حبيبتي.
تصبحي على خير يا قمر.
سلام، واغلقت الهاتف ثم ما لبثت ان غابت ابتسامتها وزفرت بضيق من هذا الذي يسكن الغرفة المجاورة لها غير عابئ بما سببه لها من ضيق وأرق!

انت عاوزة ادهم يموّتني؟ قال محمود وهو يجذب ريتاج بعيدا عن جراج السيارات الملحق بمنزلهم وقد اكتشفته ريتاج بالصدفة اثناء تنزهها صباحا في الحديقة بعد مرور 4 ايام على مكوثها في منزل ادهم وكانت قد اتفقت مع ممرضة المركز الطبي الذي ذهبت اليه مع ادهم أول مرة بالمرور عليها يوميا لتقوم بالغيار على جرحها كما كانت تتعمد الابتعاد عن طريق ادهم فلم تكن تتقابل معه الا على مائدة الطعام لتتحاشى الحديث في نفس الموضوع وهو رغبته في الارتباط بها، قالت ريتاج برجاء: ويموِّتك ليه بس يا محمود؟ هو هيعرف منين بس؟ انت لو ماكنتش شوفتني بالصدفة دلوقتي وانت جاي تركب عربيتك رايح شغلك ماكنتش هتعرف انا هعمل ايه؟

قال محمود بعناد: بس انا دلوقتي شوفتك وعرفت المصيبة اللي انتِ ناوية عليها، انت مش هتهمدي يا تاج غير لما فعلاً تجربي غضب ادهم!
نظرت اليه ريتاج قائلة بغضب: اييه؟ أهمد؟ وبعدين غضب ادهم ايه دا اللي انت بتخوفني بيه؟ طيب ايه رأيك يا محمود لا اكون واخده الموتوسيكل بتاعي وطالعه بيه وابقى امنعني بأه.

الموتوسيكل دا بتاعي انا واخوك اخده عافية من غير موافقتي وانا دلوقتي باخد حاجتي اللي خدها مني غصب عني هيّا مش بتاعته علشان استأذنه في الأول.!
قال محمود بسخرية: وهتسوقيه ازاي يا فالحه؟
اخرجت ميدالية من جيبها وامسكت مفتاحا فيها وقالت بسخرية: بالمفتاح يا خفيف! اخوك لما خد مفتاحي ناسي انى عندي كمان نسخة من المفتاح وعلشان اطمنك عملت كذا نسخة على المفتاح دا لأني كنت متأكده اني هعرف ارجعه ازاي.

عاوز تروح تقوله روح قوله انا مابيهمنيش ومابخافش غير من اللي خالقني.
عن اذنك!

وسرعان ما ركبت ريتاج دراجتها النارية وادارت محركها منطلقة بها بقوة وقد فتح لها الحارس البوابة الحديدية من دون ان ينتبه الى محمود الراكض وراءها يصرخ بها لتعود ادراجها ولكنها لم تكن لتستمع اليه فقد كانت كمن وجد حبيبه بعد طول غياب حيث عانقت يداها مقود الدراجة النارية منطلقة بسرعه كالسهم وقد لفح الهواء وجهها وقد استشعرت بعض الالم في كتفها ولكنها لم تعره بالاً فقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة فرح ولمعت عيناها بسعادة منقطعة النَّظير...

ادهم، عاوز، عاوزك شوية ، نظر ادهم الى محمود الذي كان يلهث بعنف ويحمل صوته لهفة كبيرة فاستغرب منظره وكان ادهم يتحدث مع صافي الجالسة بجواره على مائة الافطار فنظر اليه ادهم قائلا بتساؤل: غريبة.
انت مش قلت انك مش هتفطر علشان عندك شغل ومحاضرات.
لسه مامشيتش ليه؟
قال محمود وهو يلهث: مع، معلهش يا ادهم، بس فيه.
حاجه.
لازم.
تع تعرفها، قام من مكانه وقال قاطبا: طيب اهدى الاول.

قالت كوثر قلقة: خد نفسك الاول يا حبيبي.
في حين قالت سعاد: خير اللهم اجعله خير يارب، قال ادهم وقد اتجه الى محمود قاطبا حاجبيه: خير يا محمود فيه ايه؟ نظر اليه محمود وسرعان ما اشاح بنظراته عنه وهو يقول بتلعثم: انا.
انا حاولت امنعها بس ماقدرتش عليها!
شهقت سعاد فقد استشعرت بحاسة الام انه يقصد ابنتها بينما قال ادهم بحدة قليلا: قصدك مين يا محمود؟

فقال محمود ناظرا اليه والهلع مرسوما على وجهه: تاج يا ادهم تاج!
امسكه ادهم بذراعيه وقال بحدة: مالها ريتاج يا محمود انطق!
فقال وهو يهرب بنظراته من اخيه: تاج خدت الموتوسيكل بتاعها ومالحئتش امنعها!
تركه ادهم بقوة هاتفا: ايييييه؟ ريتاج ركبت الموتوسيكل؟ راحت فين؟

نظر اليه محمود قائلا بلهفة: معرفش خدته وطارت بيه المشكلة يا ادهم انها كانت بتطير بيه مالحئتهاش اول مرة اشوفها بتسوق بالسرعه الجنونية دي زي ما تكون خايفة حد يلحقها وياخده منها!
هقت سعاد عاليا: تاج.
بنتي.
ثم نظرت الى ادهم قائلة بصوت يملؤه البكاء: ادهم.
بنتي يا ادهم بنتي.
ارجوك زي ما رجعتهالي المرة إلى فاتت رجعهالي المرة دي يا ادهم.

الحق تاج يا ادهم الحقها، نظر الى سعاد وبرقت عيناه بتصميم وهو يقول: ماتخافيش يا أمي، ريتاج هترجع، ثم قال بتصميم محدثا نفسه: مش ممكن أضيّعها بعد ماصدقت الاقيها!..

مرَ اكثر من 3 ساعات ولا احد يعلم أين ذهبت وكلما اتصل ادهم على محمولها تجيبه الرسالة الالكترونية لتعلمه ان الهاتف مغلق، حتى انه كاد في مرة من المرات ان يهّشم هاتفه لشدة غيظه وقد ارتسمت آيات القلق على وجوه الجميع ماعدا صافي التي كانت تبتسم بينها وبين نفسها شامتة في ريتاج وهي تقول: حلو اووي انها جات من عندك يا ريتاج، كملي جميلك بأه وياريت ماتوريناش وشّك دا تاني!

وفجأة اذ بجلبة لدى الباب وقد تعالى صوت بدور تتحمد لشخص على السلامة ثم فُتح باب غرفة الجلوس حيث كانوا مجتمعين ففوجئوا بدخول ريتاج عليهم وهي مبتسمة ثم ما لبثت ان قطبت حائرة وهي تنقل نظراتها بينهم قائلة: خيير؟ مالكم؟ فيه ايه؟
ثم انتبهت لعدم وجود والدتها بينهم فاتجهت الى كوثر الجالسة تنظر اليها في وجوم: ماما فين يا طنط؟ مش قاعده معكم ليه؟

سرعان ما امتدت يدين ترفعانها من ذراعيها وتديرانها لتفاجئ بنظرات ناريّة تقذفها بلهيبها الحار وصوت يصرخ بها: يهمك اووي تعرفي مامتك جرالها ايه؟ يهمك اووي لو أي حد جراله حاجه من تحت راسك؟ انت ايه كمية الانانية اللي فيكي دي؟
وقفت كوثر متقدمة اليه تحاول تهدئته ليدعها تذهب قائلة: معلهش يا ادهم تاج ما تقصدش، نظر الى ريتاج ونيران الغضب تتقافز في عينيه: لا تقصد.
وتقصد كويس اووي كمان.

هي عارفة مامتها بتترعب عليها ازاي مش بتقلق بس.
وعارفة القلق اللي هنحس بيه لما نعرف انها خدت الموتوسيكل بتاعها ومشيت من غير ما تعبر أي حد فينا، ثم دفعها بقوة كادت تسقط على الارض ولكن سرعان ما احاطتها كوثر بذراعيها وهو يتابع بعصبية وغضب كبيرين: بس انا وراكي يا ريتاج لغاية ما اخليكي تراعي الناس اللي انت عايشة بينهم، انت ماحصَّلتيش الاطفال حتى.

قالت كوثر بعتاب خفيف لريتاج المذهولة من انفجار ادهم بها وقد رنَّت في اذنيها عبارة محمود انها لن ترتدع حتى تجرّب غضب ادهم وافاقت من شرودها على سؤال كوثر لما اغلقت هاتفها فأجابت بخفوت وهي تشعر بجرحها يؤلمها بشدة فقد كان يؤلمها سابقا ولكن ألمه كان محتملا ولكن بعد امساك ادهم لها بهذه الطريقة شعرت بالجرح يؤلمها بقسوة حتى انها اضطرت للعضّ على شفتيها منعا من اطلاق صيحة ألم فلن تكون ريتاج ان اشعرته بألمها: موبايلي فصل شحن.

وانا ماحسيتش بالوقت، قالت كوثر بخفوت بينما حدجها ادهم بنظرة غاضبة: روحتي فين يا حبيبتي؟
قالت بهمس وقد ابتدأت تشعر بالتعب يشتد عليها: روحت البيت، كان وحشني اووي واطمنت على ابتسام وبعدين عيني غفلت نمت واول ما قمت جيت على طول!
ارتسم الذهول على وجوههم فالمكان الوحيد الذي لم يخطر ببالهم وجودها فيه هو منزلها، ابتسمت كوثر قائلة: معلهش حبيبتي احنا كنا مرعوبين من القلق عليكي.

سعاد بخير ماتخافيش هي بس قلقت عليكي وادهم اتحايل عليها انها تطلع ترتاح في اودتها هي لسه طالعه من شوية صغيرين.
هي بخير اطمني.
قالت ريتاج بخفوت وقد ابتدت تستسلم الى الدوامة التي داهمتها لتأخذها في غياهب الظلام: الحمد لله.
الحمد، لله.

وسقطت مغشيا عليها وسط صرخة كوثر منادية ايّاها باسمها والتي لفتت انتباه ادهم ليفاجئ بمتمرّدته وقد سقطت على الارض مغشيا عليها فسارع لحملها ولكنه شعر بشئ لزج على يديه بينما سمع صرخة راندا وهي تقول بجزع: الحق يا ابيه ريتاج بتنزف!

ترى ماذا سيحدث لريتاج؟ كيف ستتصرف مع ادهم بعدما قاله لها؟ كيف ستكون ردة فعل راندا لدى علمها بفسخ نزار ارتباطه بسهام؟ هل ستستسلم صافي وتترك ادهم لريتاج ام انها ستحارب من اجله بكل ما اوتيت بقوة لإزاحة ريتاج عن طريقها؟
تابعوني في القادم من، المتمرّدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة