قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع عشر

خير يا دكتور طمنّا؟

، سأل ادهم الطبيب الذي احضره لمعاينة ريتاج بلهفة بينما تعلقت انظار الباقيين به ووقفت والدتها وعيناها متعلقتان بالطبيب تذرفان الدموع من خوفها وقلقها عليها، قال الطبيب بهدوء: الحمد لله ربنا ستر بس خلّوا بالكم لان الجرح فتح واضطريت اخيّط غرزتين تاني بس المشكلة دلوقتي انها ضعيفة اووي ونزفت دم تاني لازم لها تغذية كويسة واهم حاجه الليلة دي تاخدوا بالكم منها هي ممكن حرارتها ترتفع شوية دا عادي علشان الجرح انا عموما كتبت لها كورس مضاد حيوي حقن واقراص ومضادات للالتهاب وهتبقى كويسة ان شاء الله، هز ادهم راسه واشار لمحمود ليرافق الطبيب الى الخارج بعد ان اعطاه اجرته، دخل ادهم الغرفة ودخلت معه امها بعد ان فضّلت كوثر وراندا عدم الدخول لئلا تزدحم الغرفة ولكي تمكث والدتها معها براحتها.

مالت سعاد على وجنة ابنتها مقبلة ايّاها بينما ريتاج نائمة بفعل المخدّر الذي اعطاه لها الطبيب ليستطيع خياطة الجرح من دون ان تشعر، استقامت والدتها ناظرة الى ابنتها بحب وانتبهت الى ادهم الذي اتى لها بمقعد وضعه جانبها واشار عليها بالجلوس بدون صوت، جلست والدتها وامسكت يد ابنتها بين يديها مربتة عليها وقالت بصوت خافت ودموع تترقرق في عينيها: تاج.
حبيبتي، انا ماما يا تاج.

كدا يا تاج تموتيني من القلق عليكي؟ حبيبتي انا مقدرش اعيش من غيرك ثانية واحده يا قلب ماما، علشان خاطر ماما ماعدتيش تقلقيني عليكي كدا؟ اتفقنا؟
كانت تعلم انها نائمة ولكنها كانت تريد ان تزيح بعضا من قلقها وتُقنع نفسها انها لن تعيد هذه الكرة ثانية.

و قامت من مكانها واستدارت ليقع نظرها على ادهم المتعلِّقة أنظاره بريتاج وقد اعتلت وجهه نظرة ألم عميق، اقتربت سعاد منه وربتت على ساعده بينما عيناه لاتزال تنصب فوق ريتاج وقالت بشبح ابتسامة: ماتخافش يا ادهم هتبقى كويسة ان شاء الله، قال بألم: مش هقدر اسامح نفسي ابدا لان انا السبب! غضبي عماني خلاّني نسيت انها تعبانه وفضلت اهز فيها لغاية ما جرحها فتح تاني ونزف.

قالت سعاد مهونة عليه ألمه: الدكتور بيقول انها عرضت نفسها لمجهود بدني يعني الموتوسيكل اللي هي سائته السبب في الاساس ماتحملش نفسك فوق طاقتها يا ادهم يابني.
هز برأسه شاردا فتنهدت سعاد وقالت: انا هسيبك تقعد معاها براحتك وهرجع تاني انا هبات معاها الليلة دي.

عن اذنك يا ادهم، خرجت سعاد بينما اقترب ادهم بخطوات بطيئة من فراش ريتاج وقرّب الكرسي الذي كانت تجلس عليه سعاد وجلس مادا يده ليمسك بيدها وهو يقول: انا، انا، انا آسف يا، تاجي!
ابتسم ابتسامة ساخرة من نفسه وقال: الكل بيقولك تاج.
ماتتصوريش ضيقي وانا بسمع الكل بيقولك تاج.

مش علشان خاطر انى بقولك ريتاج لأ، انت المفروض تاجي أنا بس! بيني وبينك انت تاجي لكن قدام الناس انت ريتاج، ثم رفع يدها الى شفتيه مقبلا ظاهرها واضعا ايّاها فوق وجنته وقال بهمس: عارفة اول ما هتقومي هعمل ايه؟ مش هسيبك تبعدي عن عيني لحظة واحده.

انت كل ما تبعدي عن عيني يحصلك حاجه وانا ماعدتش مستحمل أي حاجه تحصلك تاني لا قدرالله، انت بس تفتحي عينيكِ وتقومي ان شالله حتى تتخانئي معايا وتعملي مابدالك بس ما تناميش كدا.
مش انت يا تاجي.
مش انت اللي تنامي النومة دي.
وضع يدها بجانبها ومسح على شعرها ثم مال عليها مقبلا جبهتها قبلة حانية واعتدل في جلسته ناظرا اليها لا تريد عينيه ان تتزحزح عنها قيد أنملة...

ادهم حبيبي قوم انت استريح في اودتك انا هفضل جنبها ، هز ادهم برأسه رافضا ونظر الى سعاد الواقفة بجواره وقال: لا معلهش اسمحيلي.
انا هفضل جنبها، واول ما تفوق هقول لحضرتك على طول.
قالت سعاد بحنو: خلاص انا هروح اعمل كوبايتين شاي ونسهر جنبها سوا احنا الاتنين ايه رايك؟
هز ادهم برأسه موافقا فابتسمت سعاد وذهبت لاحضار الشاي...

شربا ادهم وسعاد الشاي متناولين بعض الشطائر التي احضرتها بدور مع الشاي فهما لم يتناولا الطعام منذ ما حدث لريتاج، طفقت سعاد تحدث ادهم عن طفولة ريتاج ومشاغباتها وكيف انها عنيدة بطبعها ولكنها سرعان ما تعتذر ان اخطأت وقد اخذت معظم خصالها من والدها وكيف ان ريتاج كانت تحب والدها حبا كبيرا وسبحان من يُنزل السكينة على عبده فقد انزل الله عليها السكينة عند وفاة والدها بل انها هي من كانت تحث والدتها على الصبر وقراءة القرآن ووهب ثواب قراءته لوالدها، وكانت دائما تردد الصبر عند المصيبة الاولى وتردد الدعاء: اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها، وكانت تكثر من قراءة القرآن فكانت آياته تنزل بردا وسلاماً عليها...

كان ادهم ينظر بين الحين والاخر لريتاج النائمة وتتخلل شفتيه ابتسامة عند ذكر سعاد لنادرة من نوادر ابنتها في طفولتها وقد تيقن ان ريتاج فتاة ليست كالفتيات، فهي تستحق ان يحارب لأجل الفوز بها واوشك قلبه على الاعتراف بما كان يرفضه طوال ثلاثون عاما، ففي غفلة منه تسللت هذه المتمردة الصغيرة الى قلبه لتعبث به وتجعله يشعر بأحساس ظل ناكرا لوجوده وغير معترف به طوال حياته ولكنها ستتحمل تبعات ذلك فهي من تسلل في غفلة منه الى قلبه لتجعله يتشبث بها فدخلته بنفسها وهو اغلق قلبه وراءها فلن تستطيع الخروج منه ابدا وان ارادت هي فما لأدهم، يظل لأدهم،!

ماما سعاد، ماما سعاد ، تكلم ادهم بخفوت في حين انتبهت سعاد من غفوتها بفزع ريتاج ريتاج.
قال لها بسرعه: لالالا ماتقلقيش ريتاج نايمة انت بس اللي صعبانه عليا اتفضلي حضرتك ارتاحي في اودتك هي الحمدلله بخير ، نظرت سعاد الى ابنتها ثم الى ادهم وقالت: معلهش يا ادهم عيني غفلت غصب عني.
روح نام انت حبيبي.

قاطعها ادهم قائلا: لالا حضرتك اللي لازم ترتاحي في اودتك ولا عاوزة ريتاج لما تقوم بكرة ان شاء الله تشوفك تعبانه؟
حاولى تنامي علشان لما تفووء بكرة انا متأكد اول حد هتحب تشوفه هو انت.
ابتسمت سعاد وقامت قائلة له بهمس: حاضر يا ادهم، عارف انا هروح انام وانا مطمنه انك جنبها.
اوعدني يا أدهم.
اوعدني عمرك ما هتسيبها ابدا مهما هي قالت لك واتحايلت عليك اواتخانئت معاك كمان، اوعدني انك تفضل جنبها دايما يا ادهم.

نظر ادهم الى سعاد وقال بجدية: اوعدك، عمرى ما هسيبها ابدا مهما عملت.
ابتسمت سعاد وقالت براحه: ربنا يطمن قلبك زي ما طمنت قلبي.
انا هروح ارتاح شوية.

جلس ادهم بجوار فراش ريتاج بعد انصراف سعاد ونظر اليها مليا ممسكا يدها بين يديه مناجيا ايّاها بصمت...

افاق ادهم من غفوته على صوت انين فرفع رأسه قليلا مستغربا الصوت ثم مالبث ان وجده صادرا من ريتاج الراقدة امامه قطب حاجبيه قلقا ثم مال عليها قائلا: ريتاج.
ريتاج.
سامعاني؟
فتحت عينيها بضعف فظهرت الصورة مهزوزة امامها فقالت بصوت ضعيف مهزوز: ما، مايه.
عط.
عطشانه.
عاوزة اشرب.

قال ادهم في لهفة: حاضر حالا، ثم سكب بعض الماء في كوب ووضع ذراعه رافعا اياها لتتمكن من شرب الماء ووضع الكوب جانبا بعد ان انتهت ثم انزلها على الفراش ولاحظ احمرارا في وجهها فوضع يده على جبهتها ليفاجئ بها وهي تشتعل من الحرارة فأصابه القلق وقال: ريتاج.
ريتاج حبيبتي.
انت سامعاني.
ريتاج.

لم يجيبه سوى صوت أنينها فوقف لثوان وما لبث ان شمر اكمام قميصه الذي لم يخلعه منذ الصباح وامسك بطبق ثم اتجه الى الميني بار الموضوع بالغرفة واخرج زجاجة مياه باردة وضع بعضا منها في الطبق واخذ منشفة صغيرة ثم جلس بجوارها وقد اعطاها خافضا للحرارة كان الطبيب قد وصفه لها عند اللزوم ثم شرع بعمل الكمادات الباردة لها فكان يضع المنشفة في الماء البارد ثم يقوم بعصرها بخفة ويضعها فوق جبهتها فما ان تشعر ببرودة الماء حتى تنتفض فيهدهد عليها قارئا بضع آيات قرآنية ويعود ليكرر الكمادات لمدة ساعة متواصلة حتى لاحظ انتظام انفاسها وعودة اللون الطبيعي لوجهها واختفاء انينها، وضع يده فاطمأن لانخفاض حرارتها، ازاح الطبق والمنشفة جانبا ثم نظر اليها ومسح بظهر يده على شعرها وهو يقول: سلامتك يا تاجي.

ألف سلامة عليكي، انا وعدت مامتك يا تاجي اني مش هسيبك.
وانا عمري ما بخلف وعدي ابدا، اعتدل في جلسته ناظرا اليها وتذكر كلماتها التي كانت تهذي بها وهي تحت تأثير الحرارة فقد كانت تناجي والدها وتبثه شوقها اليه وقال في نفسه: للدرجة دي فراق والدك مأثر فيكي يا ريتاج؟ عارفة لو هتقولي عليا مجنون لكن انا فعلا بحسد والدك على حبك ليه، طيب اقولك على سر.

ثم مال عليها وهو يتابع بينه وبين نفسه: انا بغير منه! آه بغير منه.
لانه جواكي بالشكل دا، علاقتكم فريدة فعلا من نوعها يا تاجي، ثم برقت عيناه بعزم وهو يكمل: لكن صدقيني لما اقولك ان علاقتنا هتكون شكل تاني خالص، هتكون غريبة، العادي لما يكون مشاعرك كدا بالنسبة لوالدك لكن الغريب لو مشاعرك بئيت بنفس القوة ل، حبيبك! وانا اوعدك يا تاجي ان مشاعرك من ناحيتي هتبقى اقوى بكتير من أي مشاعر تانية!..

خلاص يا ماما والله شبعت ومش قادرة ، هزت ريتاج راسها رافضة الاكل اكثر مما أكلت فاعادت امها المعلقة في الطبق وقالت لها مبتسمة: طيب انت الحمد لله كويسة دلوقتي؟
ابتسمت وهزت برأسها قائلة: الحمدلله يا ماما.
بس علشان خاطري انا زهئت من رقدة السرير بئيت حاسة انى عامله زي الفرخة اللي راقده ومش هتقوم غير لما الكتاكيت تفقس!
ضحكت والدتها قائلة: عليكي تشبيهات يا تاج.
فرخة ايه وكتاكيت ايه بس؟!

تصدقي يا ماما سعاد عندها حق.

فعلا تشبيه بليغ فرخه وكتاكيت! ، قال ادهم وهو يدخل الى الغرفة ووقف امامها مبتسما فنظرت اليه بطرف عينها لا تعلم لما تشعر بالحرج منه فلابد لها ان تشعر بالغضب لانفجاره بها ولكلماته المؤلمة التي اغدقها على مسامعها ولكنها تشعر بالحرج ولا تدري لم فهي لا تتذكر سوى استيقاظها من نومها لتفاجئ بوالدتها جالسة بجانبها مخبرة اياها انه قد انتصف ظهر اليوم التالي وقد اخبرتها فيما بعد باصرار ادهم على ملازمتها اثناء مرضها وكان يهيئ اليها انها سمعت صوته وهو يهمس لها متمتما ببعض العبارات التي لاتستطيع تذكرها فأوزعت ذلك لخيالها فمن غير المعقول ان يتكلم معها بهذه اللهجة الحانية التي تعتقد انها سمعتها منه ولكنها أقنعت نفسها ان هذا ما هو الا خيالات وتهيؤات من فرط مرضها، قالت سعاد بابتسامة: تعالى يا ادهم احضرنا.

الهانم زهئت من قعدة السرير وعاوزة تنزل، ينفع كدا؟
اقترب ادهم من ريتاج ووقف قبالتها تماما وقال بابتسامة خفيفة: لو وعدتني انها مش هتتنقل من المكان اللي هتقعد فيه هسمح لها انها تخرج من الاودة انهارده وتقعد شوية في الجنينه.
ها ايه رايك يا تا، وسرعان ما تدارك نفسه قائلا: ريتاج؟!
لم تنتبه ريتاج لغلطته فقالت بسرور: بجد يا ادهم؟
هز رأسه مبتسما وقال: بجد.

بس بشرط وقت ما اقول ياللا يا ريتاج ارجعي اودتك ماتغلبّنيش.
موافقة؟
هزت برأسها بقوة موافقة فقال ادهم موجها كلامه لسعاد: ممكن حضرتك تساعديها انها تغير هدومها؟ عموما هانت كلها كم يوم ونفك السلك، الدكتور انهارده لما جه يغير لها على الجرح طمني ان الجرح نظيف مافيهوش حاجه.
قالت سعاد بصوت يعبر عن مدى عرفانها بالجميل: بجد يا ادهم دا كتير.

انك تخلي الدكتور ييجي كل يوم هو اللي يغير لها على الجرح واكيد بياخد كشف كل مرة كان كفاية الممرضة اللي كانت بتيجي تغير لتاج في الاول.
نظر ادهم الى ريتاج بنظرة جعلت قلبها يضرب بقوة في صدرها ومشاعر غريبة تغزو قلبها لم تعتد عليها ولم يروقها ان تشعر بها وقال بهدوء: أي حاجه فدا ريتاج، مش مهم أي حاجه.
المهم انها تقوم لنا بالسلامة.

اشاحت بنظرها بعيدا وهي تستغرب نفسها والخجل الذي باتت تشعر به كلما كان قريبا منها وأوزعت ذلك كله لمرضها فهو ما يشعرها بالضعف ولكنها ما ان تشفى حتى تعود الى ما كانت عليه سابقا.
نعم، ستعود ريتاج الاولى!

ساعدتها والدتها في اراتداء ثيابها وتسريح شعرها كالمعتاد في عقدة محكمة في نهاية رأسها.

ثم امسكت بيدها لتساعدها على النزول الى اسفل وما ان خرجا من الغرفة حتى فوجئا بوقوف ادهم امام الباب فقالت سعاد: مالوش لزوم وقفتك يا ادهم انا هسندها لغاية ما تنزل الجنينه تحت، اعتدل ادهم في وقفته واقترب منهما وقال وهو ينظر الى ريتاج بذات النظرة الغريبة التي تبعث الرجفة في اوصالها: معقولة هتقدر تنزل وتمشي لغاية الجنينة تحت؟ لالا ماينفعش المسافة طويله عليها؟

قالت ريتاج بشبح ابتسامة وصوت هادئ: والحل ايه في رأيك؟ أوقف تاكسي؟

نظرت اليها امها عاتبة وهي لاتزال تمسك بيدها في حين ضحك ادهم ضحكة كبيرة جعلت ريتاج تنظر اليه مشدوهة فقد تحولت قسمات وجهه وظهر اصغر من سنوات عمره الثلاثون ثم هدأت ضحكته وقال بلهجه حانية: انا كدا اطمنت واقدر اقولك مبروووك الشفا، طالما رجعت تضحكى وتتريئي زي الاول يبقى انت كدا خفّيتي الحمدلله، ثم اقترب منها ووقف امامها وقال لأمها ولكن نظره مثبتا على ريتاج: عن اذنك حضرتك، ثم تناول يدها و، حملها بين ذراعيه فشهقت من المفاجأة واضطرت الى لف ذراعيها حول رقبته لتوازن نفسها وقالت وهي تشيح بنظرها عنه معترضة: ماينفعش كدا يا ادهم.

ممكن تنزلني؟ رفض قائلا وهو يسير نازلا الدرج: لا طبعا مش ممكن، انزلك ازاي يعني، احنا اساسا وصلنا خلاص.
وسار بها الى الحديقة ترافقهما والدتها التي كانت تناظرهما بابتسامة حانية فقد علمت بقلب الأم ان ابنتها قد صادفت من هو على اتم الاستعداد لفعل المستحيل من اجلها...

اهلا اهلا نورت الجنينه يا وردة الجنينة ، قالت راندا وهي ترى ادهم يضع ريتاج على المقعد بينما تقف صافي ناظرة اليها وهي تتميز غيظا ومحاولة مداراة ضيقها وقالت بتصنّع: حمدلله على سلامتك يا ريتاج.
بس مالكيش حق، حد يعمل كدا في نفسه بردو؟ تسوقي الموتوسيكل المسافة دي وتخلي جرحك يفتح تاني؟
نهرها أدهم قائلا بحدة: صافي، مالوش لزوم الكلام دا دلوقتي.
المهم انها قامت لنا بالسلامة والحمدلله.

تفاجئت صافي من دفاع ادهم عن ريتاج وقالت بتلعثم طفيف: انا.
انا ماكانش قصدي انا كنت عاوزاها بس تاخد بالها من نفسها علشان اللي حصل مايتكررش تاني!
قالت راندا ساخرة: ياسلام قلبِك عليها مش كدا؟
قالت صافي ببرود: وانا اتمنى لها حاجه وحشة ليه يعني؟

قالت ريتاج بهدوء: شكرا لاهتمامك يا صافي بس زي ما تقولي كدا ان انا ريتاج مشاكل! مكان ما اكون موجوده لازم اغيّر موود اللي حواليّا مش معقوول يعني نفضل هاديين كدا زي المايه الراكده لازم نتحرك شوية علشان نحس اننا عايشين.
ياسلام يا سلام ما احلى الكلام! ، نظرت ريتاج الى المتحدث وقالت بابتسامة: اهلا.
ازيك يا محمود.
اقترب منها وقال مبتسما: ازيك انت يا تاج.
عامله ايه دلوقتي.

انا شايفك بسم الله ما شاء الله احسن بكتيير من الاول.
قالت موافقة على حديثه بينما سحب كرسيا ليجلس مقابلا لها: الحمدلله وقريب اووي هتلاقيني طابَّه فوق نفسك في المصنع، قال ادهم بهدوء ناظرا اليها: الكلام دا سابق لأوانه يا ريتاج، الاول تفكي السلك ونطمن من الدكتور ان كل شئ تمام وبعدين نشوف موضوع المصنع دا مع اني افضل انك ترجعي الشركة تاني.

قالت محاولة الهروب بنظراتها منه: لا ما هو مش هيبقى للشركة لزوم تاني.
قطب ادهم حاجبيه سائلا في حيرة: ليه؟ انت مش المفروض تدربي على الادارة؟
قالت له وهي تنظر اليه: بالنسبة للادارة الموضوع اتحل.
انا قدمت في الجامعه الامريكية علشان ادرس كورس ادارة اعمال، والمفروض الدراسة هتبتدي كمان شهر.
قال ادهم متجهما: غريبة، انت ماجبتيش سيرة الموضوع دا قبل كدا؟

قالت بهدوء: الموضوع لسه قريب قبل الحادثة بتاعتي وبعدين فكرت ان الكورس دا اكيد هيفيدنى اووي وفي نفس الوقت ارجع لشغلي اللي بحبه.
المصنع.
قبض ادهم يديه وزفر بضيق ثم تمالك نفسه وقال: يعني انت خلصت كل حاجه وسجلت فعلا ودفعت الفلوس كمان صح؟
نظرت اليه بهدوء وقالت: ايوة صح.

قال ساخرا: طيب مش المفروض ولو من باب العلم بالشئ انك كنت تقوليلي؟ على الاقل تناقشيني في الفكرة، قالت بهدوء: معلهش بس انا قلت اضرب عصفورين بحجر واحد منها دراستي هتفيدني بالنسبة للشركة وفي نفس الوقت ارجع المصنع تاني وعموما على ما الدراسة تخلص هكون خلاص قربت اكمل ال 25 فمش هحس بالوقت لان الدراسة مدتها سنتين.
قال ادهم بصوت يشوبه المرارة: ياااه.

ما كنتش اعرف انك بتعدي الايام لغاية ما تتمي ال 25 سنة بالطريقة دي!
عموما ربنا يوفقك.
ثم قام من كرسيه وقال بهدوء: معلهش أستأذنكم اعمل شوية تليفونات، عن اذنكم.
ذهب ادهم ومالبثت صافي ان قامت من مكانها وقالت: وانا كمان عن اذنكم هطلع ارتاح شوية في اودتي.
ثم لحقت بأدهم ونظرت راندا اليها وهي تبتعد ساخطة فهي تعلم انها ذهبت للحاق بأدهم...

جلست كوثر وسعاد يتجاذبان اطراف الحديث بينما جلست راندا بجوار ريتاج وقالت لها هامسة: ليه كدا يا ريتاج، ابيه ادهم اتضايق لما عرف، ليه ماشاورتيهوش من الاول؟ انا متأكده انه ماكانش هيمانع؟
قالت ريتاج بعناد: انا ماعملتش حاجه غلط، وهو ايه اللي يزعله اساسا؟ المفروض انه يفرح اني واخده الموضوع بجد وبفكر فيه باسلوب منطقي، قالت راندا ناظرة ليها: تاج.
يعني انت مش عارفة ليه ابيه ادهم اتضايق؟

هربت بنظراتها من عينيها وقالت ناكرة معرفتها السبب: لا معرفش.
ثم نظرت الى راندا بقوة وقاطعتها قبل ان تتكلم قائلة بقوة: ومش عاوزة اعرف.
قال محمود الجالس امامهما: هييييييه، هتفضلوا مدييني الطارشة كدا كتيير؟
قالت راندا بحنق: اييييه؟ الطارشة؟ ايه الالفاظ دي؟
قال بدهشة: ايه يا روني اول مرة تسمعيها يعني؟
قالت بنزق: لأ. مش اول مرة ولا حاجه يعني بس مش عاوزة اخويا يقول الكلام دا.

قالت ريتاج بلؤم: سيبيه، اذا كان هو ولا مها انا مش عارفة مترجمة لغات ازاي اذا كان كلامها عامل زي كلام ستي ستوتة؟
قال محمود بعد ان تنحنح قليلا: صحيح يا تاج هي مها ماجاتش تشوفك طول فترة مرضك ليه؟
قالت ريتاج بمكر: ومين اللي قالك انها ماجاتش؟
رفع رأسه بحدة ناظرا اليها مرددا بدهشة: ايه؟ يعني هي جاتلك؟
قالت له بلؤم: كل يوم، كانت بتفوت عليا الصبح قبل ما تروح الشغل وانت كنت بتبقى لسه خارج.
يا سبحان الله.

اللقا نصيب زي ما بيقولوا فعلا، نظر اليها محمود بنصف عين وقال: مش عارف ليه شامم ريحة تريئة في الموضوع، يعني هي دي عادتك ولا هتشتريها.
المهم دلوقتي النادي عامل حفلة وانا عازمكم عليها ها ايه رايكم بأه؟
قفزت راندا سعيدة وقالت: بجد يا محمود؟ وايه الكرم الحاتمي دا؟

فقال مبتسما بفخر: علشان تعرفي كرم اخوكي وبعدين داعلشان شفا تاج ما الحفلة هتكون بعد ما تاج تفك السلك ففرصة نحتفل بالمناسبة دي، ثم نظر الى ريتاج وقال باستخفاف: وابقي قولي لمها تيجي معانا!
نظرت اليه ريتاج وقالت بخبث: اللي عاوز يعزم حد يعزمه هو بنفسه!
ارتبك محمود قليلا وقال: قصدك اكلمها انا؟

قالت ريتاج بخبث: دا المفروض مش انت اللى عازمها؟ عموما خير البر عاجله ثوانى هتصلك بيها وكويس الموبايل في جيبي كمان أهو.

واخرجت المحمول وضغطت ارقام مها تحدثت معها قليلا ثم اخبرتها ان هناك من يريد محادثتها واعطت الهاتف لمحمود الذي اخذه من ريتاج ناظرا اليها بعتب فمع انه قد صاحب فتيات كثيرات ولكن مها بأدبها وهدوءها وبراءتها الشديدة تجعله يشعر بالخوف ان يفكر بمحادثتها فقد تظنه يحاول مغازلتها كباقي الشباب خاصة وانه لا يعلم ان كانت ريتاج قد اخبرتها عنه وانه كان من الشباب الذي يصادق الفتيات أم لا؟

تحدث بهدوء قائلا: اهلا ازيك يا مها.
اخجلته مها عندما اجابت قائلة: السلام عليكم، الحمدلله كويسة.
قال بهدوء: كنت عاوز اسألك لو ممكن تقبلي انك تيجي معانا تاج وراندا وانا في حفلة في النادي بعد اسبوع وانا كنت حابب اعزمكم بمناسبة ان ريتاج هتكون فكت الخياطة وقامت بالسلامة ان شاء الله ايه رايك؟
سكتت مها قليلا ثم تحدثت بصوت خافت وقالت: مش لازم انا.
مش عاوزة اكلف عليك.
قال محمود نافيا بقوة: لالالا ابدا.

انت عارفة القاعده مش بتكون حلوة غير لما بنكون لمة.
خلاص اعملي حسابك هنفوت عليك واحنا رايحين الحفلة.
سلام تاج معاكي اهي.
واعطى الهاتف الى ريتاج التي تحدثت معها قليلا ثم اغلقت الهاتف ونظرت الى محمود قائلة بابتسامة لؤم: ما انت حلو اهو، وبتعرف تتكلم!
نظر اليها مندهشا وقال: حلو اهو.
هو كان حد قالك اني وحش ولا ايه؟
قالت باغاظة: يعني بسمعهم يتكلموا.
لكن انا في حالي انا مالي انا.

سمعت والدتها تسألها ان كانت تريد الذهاب لحجرتها لتستريح قليلا فوافقت قائلة: ياريت يا ماما، قامت والدتها ومدت يدها لتساعدها فقام محمود من فوره وقال وهو يضع ذراع ريتاج حول رقبته محيطا خصرها بذراعه الاخر ليساعدها في السير: عنك انت يا طنط انا هسندها.
ارتبكت سعاد فقد اخبرها حدسها ان مساعدة محمود لريتاج ستغضب ادهم فقالت بابتسامة: مالوش لزوم يا محمود يا بني.

فقال وهو يبدأ السير مع ريتاج: مالوش لزوم ازاي يا طنط دي قاعده بئالها فترة طويلة في السرير واكيد رجليها مش قوية كفاية انها تشيلها، ثم شرع في السير معها وتبعتهم سعاد في حين خرج ادهم من باب غرفة المكتب الموصل على الحديقة ليفاجئ بمنظر محمود ساندا لريتاج مما جعله يقبض كفيه في غضب شديد وهو يقول: الموضوع كدا ماينفعش.
لازم يتوضع له حد، لازم الكل يعرف انك بئيتي تبع ادهم شمس الدين وفي اقرب فرصة.

ثم وضع يده في جيبه الداخلي مخرجا علبة من المخمل وضغط على زر صغير اسفلها لتُفتح العلبة كاشفة عن خاتم من الالماس على قاعدة من الذهب الابيض ذو فص من الالماس على شكل دمعة العين محاطا بفصوص من الالماس الملون العسلي لون عيني ريتاج يخلب الالباب، نظر اليه وهو يقول وبريق عينيه يزداد حدة: قريب وقريب اووي هتكون في مكانك المناسب،!

ترى ماذا سيحدث في حفلة النادي؟ هل سترتدي ريتاج خاتم مروّضها؟ كيف ستتحول العلاقة بين مها ومحمود؟ ماذا ستفعل صافي في الحفل لتعكير صفو العلاقة بين ادهم وريتاج؟ تابعوني في القادم من، المتمردة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة