قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث عشر

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل الثالث عشر

نزار مش ملاحظ اننا مش بنقعد مع بعض كفاية ودا شئ غريب بالنسبة لاتنين مخطوبين المفروض ان هما يحاولوا يقضوا اطول فترة ممكنة سوا.

أومال هياخدوا على بعض ازاي؟ سألت سهام خطيبها وهما جالسان في النادي بينما كان ينقل نظراته بين هذا وذاك متفاديا نظراتها، اجابها وهو ينظر اليها بطرف عينه وبهدوء شديد: سهام احنا مش مراهقين علشان نطلع نجري ورا بعض في الجناين ولاّ نقعد نتكلم وراسنا في راس بعض والناس تتفرج علينا وتعرف ان دول اتنين حبِّيبة! وبعدين احنا زمايل في كلية واحده مش هنتجدد على بعض وارتباطنا ارتباط شخصين ناضجين عارفين يعني ايه ارتباط وايه المطلوب من كل واحد فينا فبلاش ارجوكِ حكاية اننا نقرب من بعض دي وارجعي زي ما كنت في الأول سهام العاقلة الرزينه اللي عقلها ورزانتها خلَوني أتشدّلها، نظرت اليه بمرارة قائلة بشبح ابتسامة ساخرة: اولا زمالتنا في الكلية مش معناها اننا نعرف بعض كويس.

لأ! احنا عاوزين نعرف بعض كويس ونتقرب لبعض على المستوى الانساني والشخصي لكن الواحد في شغله بيكون غير حياته الخاصة خاالص.
وبعدين مين اللي قال ان المشاعر والعلاقات الانسانية دي محكومة بسن معيّن ولا بزمان او مكان معينيين؟
ثم نظرت اليه مكملة بجدية: نزار، اي ست مهما بلغ عمرها او حتى بئيت في اكبر المناصب محتاجه تسمع كلمة حلوة من شريك حياتها.

الحياة من غير المشاعر الجميلة دي بتكون عامله زي الصحرا فيها جفاف رهيييييب، نظر اليها نزار وقال بفتور: ان شاء الله يا سهام ربنا يسهّل انت ما تستعجيليش بس.
واحده واحده هنوصل لدرجة التفاهم اللي انت عاوزاه اهم شئ ان فيه تكافئ بالنسبة للسن والمركز الاجتماعي دا كافي انه جوازنا ينجح بإذن الله، أومأت سهام برأسها وتنهدت بقلة حيلة فهي تعلم ان نزار شخصية عنيدة.

هي لا تنكر انها انجذبت اليه والى لباقته في الحديث ومدى ثقافته وحسن حديثه علاوة على وسامته الملحوظة ولكنها كأي امرأة تحب سماع العبارات التي تدغدغ المشاعر ممن اختارته شريكا لحياتها فليس معنى انها أستاذة في الجامعه ان تنفي رغبتها ولهفتها لسماع كلمة حب او كلمة اعجاب تشعرها بأنه سعيد بارتباطه بها فهي أولا وأخيرا انثى تشتاق لهذه الاشياء ولكنها لا تجد منه سوى البرود والهدوء الذي يكاد يودي بعقلها، فأبدا لم يشعرها بالغيرة عليها او بأنه يكن لها شعورا خاصا، هي لا تنكر انه يتعامل معها بمنتهى الاحترام وأنه كريم لأقصى درجات الكرم ولكنه أبدا لا يسمح للسانه بأن يخطأ ولو مرة واحده ويثني على اختيارها لثيابها او لعطرها وهي من تتجمل لأجله بالطبع أليس هو زوجها المرتقب؟..

راندا هي تاج هتتأخر؟
انت مش قولتيلي انها هتقابلك هنا في النادي هي ومها صاحبتها؟ ، نظرت راندا بطرف عين الى اخيها محمود وقالت بلؤم: وانت ملهوف اووي كدا على تاج ليه؟
عاوز منها ايه؟
ارتبك محمود قليلا ثم قال متصنعا الحزم: بقولك ايه انا بسأل سؤال تردي على أد السؤال، ممكن ولا لأ؟

أشارت برأسها موافقة وفجأة رن جرس هاتفها المحمول فأجابت على المتصل ببضع كلمات ثم اغلقت الخط ونظرت الى اخيها المتململ في جلسته بخبث قائلة وابتسامة ماكرة ترتسم على شفتيها: على فكرة تاج مستنية عند ملاعب التنس هي ومها.
نظر اليها بسرعه ثم قفز واقفا قائلا بلهفة: طيب مستنيّه ايه ياللا بينا، وجذبها من يدها سريعا وركض مسرعا ممسكا يدها في يده وهي تقول ضاحكة: بالراحه يا محمود هتكعبل فوق بعضي كدا!

وركضا سوية وهما يضحكان بصوت عال لفت انظار زوجين من الاعين احدهما لانثى تنظر اليهما والحسرة تملأ قلبها وابتسامة حزينة على شفتيها تغبطهما على حبهما الواضح للعيان والذي يحرمها منه خطيبها العاقل فوق اللازم! والزوج الآخر من الأعين كاد ان يخرج من محجريهما وهو يرى طالبته الهادئة تركض مع شاب في غاية الوسامة والجاذبية وهي تضحك بكل سعادة وشعر بالغضب يتدفق في شرايينه فقام من مكانه مسرعا وقال لرفيقته بينما يتابع بعينيه راندا ومحمود وهما يسيران ركضا جاذبين انظار النادي لضحكهما وجمال طلّتهما: بقولك ايه يا سهام انا هروح امشي في التراك شوية.

قفزت واقفة وقالت بابتسامة: فكرة هايلة وانا جاية معاك.
قال لها وهو يهم بالسير: اوكي ياللا بينا.
سار في نفس الطريق الذي سلكته راندا ووراؤه سهام تقول له ان المسار المحدد للسير ليس من هذه الناحية ولكنه قال لها: ادينا بنتمشى واحنا ورانا حاجه؟
واسرع بخطواته بينما وقفت قاطبة بريبة ثم ما لبثت ان انتبهت الى انه قد سبقها كثيرا فنادت عليه وسارعت للحاق به...

ازيك يا تاج، وحشااني ، سلمت راندا على مها وريتاج بحب بينما حيّاهما محمود برأسه ونظره معلّق بريتاج لم ينزل من عليها ولاحظت مها نظراته الى ريتاج فابتسمت داخلها بحزن ولكن صديقتها لم تكن ليخفى عليها ما يعتمل في نفس مها فقررت بينها وبين نفسها ان توقف محمود لكيلا يتمادى في مشاعره اكثر من ذلك وتعمل على جعله ينتبه الى مها...

: ممكن نتكلم لوحدنا شوية يا تاج؟
نظرت اليه تاج بقوة ثم ما لبثت ان نقلت نظرها الى مها التي كانت تهرب بنظراتها يمينا ويسارا لئلا تفضحها عيناها، ابتسمت بهدوء قائلة: مافيش مانع بس ممكن الاول نقعد نشرب حاجه لحسن انا هموت من العطش.
ابتسم محمود وقال بلهفة: اكيد طبعا طبعا.

جلسوا على طاولة وطلب محمود لهم عصير طازج من النادل، رن محموله فاستأذن منهن وقام لتلقي الاتصال، قامت راندا وراؤه فقد سمعته وهو يذكر اسم صافي في المحادثة فذهبت وراؤه لتستطلع ماذا تريد هذه ال، صافي!

كانت عاوزة ايه ست صافي دي؟ ، تفاجئ محمود من وجودها وراؤه واستدار قائلا بغيظ: انت مش هتبطلي عادتك دي ابدا.
جايه تتسحبي كدا ليه؟ كُحّي اعمليلك أي منظر ايه دا؟
قالت له مشيحة بيدها: معلهش حقك عليا بس اصلي سمعت اسم صافي هانم قلت اشوف ايه الموضوع.
ايه اللي فكّرها بينا دلوقتي هيا مش كانت مسكت فرع شركة كبيرة في لبنان كمديرة علاقات عامة لهم هناك؟

هز محمود كتفيه علامة الجهل وقال: الله اعلم بس اللي انا حاسه يا اختي الفاضلة ان صافي جايه وناويه نيّه لأدهم اخوكي، تقريبا شكلها كدا مش هتمشي من هنا غير وهيَ مراته!
قطبت قائلة: ايش معنى وايه اللي خلاّك تقول كدا؟ انت عارف ان العيلة كلها بتتكلم على جوازهم بس ابيه ادهم سبق وقال لماما ان صافي بالنسبة له بنت خاله وبس حتى مامتها مش اخت ماما دي بنت خالتها كمان.

وماما تفهمت حاجه زي كدا يبقى ايه اللي يخليك متأكد انها جاية وناوية لأدهم على كدا؟
ابتسم قائلا: لانه اللي ماتعرفهوش يا حلوة ان ماما دلوقتي مكلماني علشان منتأخرش على العشا علشان بنت خالتكم اللي جايه من السفر تتعشوا معاها خصوصا، خدي التقيلة دي، انها هتقعد معانا المرة دي مدة طوييلة، ايه رايك بجاااااااااه؟

ضحكت راندا لتقليد اخوها اللكنه الصعيدية وقالت: هي بجاااه دي، المهم مش رأيي انا المهم رأي ابيه أدهم بجااااااه!

وانفجرا ضاحكين بصوت عال فلم يستطع ذلك الرجل الذي كان يرمقهما بنظرات نارية من آن لآخر السكوت اكثر من ذلك واستأذن من مرافقته ومشى من دون ان يقول لها الى اين يذهب متجاهلا نداؤها عليه وسار متتبعا راندا التي افترقت عن محمود قائلة له ان يسبقها لانها ستذهب الى حمام السيدات لتصلح هندامها وزينة وجهها.

اوووه ، شهقت راندا فزعه عندما امتدت يدا قوية سمراء لتجذبها من بين اشجار النادي وادارها صاحب اليد امامه لتجد نفسها غارقة في عينين سوداوين تنظران اليها بغضب مستعر وصاحبها يقول من بين اسنانه: اظن مافيش واحده محترمة تعمل اللي انت عملتيه دا؟ ضحك ومرئعه.
مين الواد اللي انت رايحه جايه معاه دا؟ ها، جاوبي؟

شردت راندا في بداية كلامه في غضبه المستعر ومسكته لذراعها ولكنها افاقت من شرودها على اتهامه لها بالعبث مع محمود وهو لا يعلم أنه اخاها ولكن المبدأ في حد ذاته مرفوض.

فهي ترفض أن يشكك بها وبأخلاقها فسرعان ما جذبت ذراعها من قبضته بقوة آلمتها ولكنها تجاهلت ألمها ووقفت امامه تواجهه بحدة قائلة: انا ارفض طريقة الكلام دي والتلميح دا، انت استاذي صحيح على عيني وراسي لكن مالكش أي حق انك تنتقد سلوكي خصوصا ان اخلاقي فوق مستوى الشبهات ومش محل جدال او نقاش!

تنهدت بعمق ونظرت اليه بغضب مشوب بحزن وقالت بحدة: آخر شئ كنت أتوقعه انه انت بالذات تشكك في اخلاقي وتنتقدني بالشكل دا، انا آسفة ماعنديش استعداد اسمع اهانات اكتر من كدا!
وسارت من امامه مبتعده عنه وهي تغالب عبراتها، وفجأة اذ بيد تمتد الى يدها تمسكها بقوة لتوقفها وتديرها ناحيته بعنف وصوت قوي يهتف بها: استني عندك.
انت فاكرة نفسك رايحه فين؟

نظرت اليه وقد بدأت عبراتها تسيل: انت عاوز مني ايه بالظبط؟ ولو انا زي ما انت فاكر كدا.
مالكش دعوه بيّا.
امسكها جيدا من كتفيها ناظرا في عينيها بقوة وقال بغضب حانق: اوعي اسمعك تقولي كدا تاني، سؤال وهسألك وحساب وهحاسبك.
انت عايشة في وسط ناس مش صحرا وكل تصرف منك محسوب عليكي.
نظرت اليه ودموعها تغرق وجهها وقالت شاهقة من بين عبراتها: انت آخر انسان كنت اتوقع منه انه يظن فيا الظن دا.

لكن عارف؟ كويس بردو انك عملت كدا.
عارف ليه؟
نظر اليها بريبة وقال بصوت محتد: ليه يعني؟
قالت له وهي تبعد يدها عن يده ببطء وتبتعد عنه ناظرة في عينيه نظرة ألم وحزن أصابت قلبه وجعلته يبتلع ريقه بصعوبة في انتظار سماع باقي حديثها: علشان أفوق من الهبل اللي كنت فيه! علشان اعرف انك زيك زي غيرك وقلبي يصدق انك عمرك ما حسيت ولا هتحس بيه!
فغر فاهه دهشة وقال لها بتلعثم: راندا انت بتقولي ايه؟

قالت له ضاحكة بألم من بين دموعها: بقول ان قلبي الغبي مش شايف قدامه الا انت! قلبي الغبي حبك حب عمري ما كنت اتصور اني اقدر احبه لانسان! لكن اهنيك انت قدرت في دقايق انك تمحي حب خبر خطوبتك نفسه ماقدرش يوقفه بالعكس زاد اكترر.
أوعدك اني هبعد عنك تاني.
عن، عن اذنك.!

وسارت مبتعده عنه تمسح عباراتها تاركة ايّاه غارقا في دهشته من كلامها وما ان افاق حتى فوجئ باختفائها من امامه، مرر يده بشعره الحالك السواد الذي تخلل فوديه بعض خصلات شعر ابيض ثم شدّ شعره بقوة وهو يقول في نفسه لائما لها: انت عملت ايه يا نزار عملت ايه بس؟..

أهي روني جات هناك أهي.
ايه يا بنتي كل دا في الحمام بتظبطي ماكياجك؟ ، نظرت راندا الى ريتاج من وراء زجاج النظارة الشمسية التي حمدت الله على وجودها معها فسارعت بوضع فوق عينيها لتخفي احمرارهما فتتجنب السؤال لم ولماذا وكيف؟
قالت راندا محاولة الهدوء: معلهش اصل الحمام كان زحمة.
قال محمود: طيب انا عاوز تاج في موضوع أستأذنكم شوية بس.

قام محمود هو وريتاج تاركا راندا وقد شردت بعيدا عنهما محاولة منع نفسها من سكب الدموع ثانية بينما تنظر مها في اعقابهما وترتسم ابتسامة حزينة على شفاهها...

صدقني يا محمود.
انت بالنسبة لي اخ.
و أخ غالي عليا وعزيز عليا اووي كمان، بس حكاية الحب والارتباط دي انا فعلا مش بفكر فيها دلوقتي.
موضوع هاني ماما هي اللي ضاغطة عليا فيه وانا فعلا اخدت قراري بس هيا اللي كل ما اجي ابلغه رفضي تعيط وتقولي علشان خاطرى فكري تاني بس انا خلاص قررت انى ابلغه ومش لازم تعرف انى قولتله هقولها انه زهئ من طول المدة وصرف نظر.

وصدقني انت مش بتحبني انت بتحب فيا اني لون جديد من البنات انت مش متعود عليه.
لكن انا متأكده انك هتقابل نصّك التاني قريب وقريب اووي كمان.
انت بس بص حواليك كويس وانت تلاقيه!
نظر اليها بابتسامة حزينة وقال: انت مصرة انى معجب بيكي وانا متأكد اني بحبك يا تاج.

انت ماتتصوريش انت غيّرت جوايا حاجات كتير أد ايه؟ انا كأني اتولدت من جديد، مش ممكن يكون دا مجرد اعجاب او علشان انت نوع جديد من البنات مع اني معاكي انك بنت غير كل البنات!
نظرت اليه ريتاج باسمة وهي تقول: طيب ايه رأيك، بعد شهر من دلوقتي انا متأكده ان مشاعرك هتتغير؟ وانك هتلاقي حبك الحقيقي اللي بجد.
بس المهم خليك لمّاح وفتح عينيك كويس يمكن يكون قريب منك وانت اللي مش واخد بالك منه خالص!

قطب محمود جبينه في حيرة قائلا: ايه؟ قريب مني؟ مين دي؟
هزت ريتاج كتفيها ناظرة اليه بمكر وقالت ببسمة لؤم: فكّر شوية وشغّل الفهّامة وانت توصل!

انا مش فاهمه انتِ من يوم النادي وانت متغيرة يا راندا، فين ضحكتك وكلامك.
حتى الكلية مامتك انهارده بتقولي انك بئالك 4 ايام ماروحتيش.
ليه؟

جلست راندا في وسط فراشها مرتدية بيجامة منزلية عليها احد رسوم الكارتون الشهيرة وقد رفعت شعرها الى فوق بغير ترتيب وتطايرت بعض خصلاته بينما ظهرت هالات سوداء حول عينيها وشحوب في وجهها يدل على قلة النوم والغذاء، وضعت يديها على ركبتيها المرفوعتين فوق الفراش وقالت بتعب: مالي بس يا تاج.
شوية برد وهيروحو لحالهم.
اشارت ريتاج نافية برأسها بقوة وقالت ناظرة اليها بريبة: لا، أبدا.

مش ممكن اصدق انه شوية برد يعملوا فيكي كدا، دا انت مشوار الكلية دا كان حاجه من المقدسات كدا.
مش ممكن تفوتي يوم ماتروحيش وخصوصا علشان د.
إنذار بتاعك دا!
ابتسمت راندا ابتسامة حزينة ورددت: إنذار!
تصدقي هو ينفع انذار فعلا!
اصرت ريتاج عليها ان تحكي لها عمّا بها فأخبرتها راندا بما حدث في النادي وسالت دموعها بالرغم منها، غضبت ريتاج وقالت بحدة: اتجنن دا! يشكك في اخلاقك!

قالت راندا بضعف: هو بيقول انه خايف عليا من كلام الناس وانه، قاطعتها ريتاج بقوة: انت لسه بتدوريله على أعذار! مش من حقه حتى لو ظنه صح انه يتكلم معاكي بالاسلوب دا ويوجهلك الاهانات دي! وانت من ساعتها ماروحتيش الكلية صح؟
هزت برأسها موافقة فقالت ريتاج بقوة: جبانه!
نظرت اليها راندا معترضة فواصلت ريتاج قائلة بقوة: ماتبصليش كدا اه غلطانه.
ثم زفرت حانقه وقالت: عموما اللي حصل دا في مصلحتك!

قالت لها بتساؤل: ايه؟ في مصلحتي؟ مش فاهمه؟ ازاي يعني في مصلحتي؟
قالت ريتاج متأففة: اومال فالحه بس تخططي ازاي تعرفي واخد باله منك ولا لأ. ولما تيجي من عند ربنا ولا الهوا، يعني واضح جدا انه اتضايق لما شاف محمود معاكي وضحككم سوا.
ولوانت مش مهمه عنده ماكانتش فرقت معاه.
فهمتيني يا، جولييت!

بهتت راندا وفغرت فاها دهشة قليلا ثم قالت: انا فعلا كنت فاكره كدا الاول لكن لما زود في الكلام ودخل في حتة الاخلاق دي قلت يبقى هو مش واثق فيا ولا في اخلاقي علشان كدا بيتكلم معايا بالطريقة دي!
قالت ريتاج بقوة: بصي بأه من بكرة هتنزلي الكلية وتتصرفي عادي جدا ولا أكن حاجه حصلت مفهوم؟

هزت راندا رأسها موافقة بصمت على كلام ريتاج، قالت ريتاج وهي تضع يدها على مقبض الباب لتخرج بينما تنظر الى راندا: علشان تبقي تصدقيني لما اقولك انه إنذار!

ثم فتحت الباب مندفعة الى الخارج لتضرب فجأة في شئ قوي امتدت ذراعاه تلقائية ممسكة بها فارتفعت عيناها محدقة بهذا الشئ لتفاجئ بعينين رماديتين تنظران اليها بنظرة غامضة لم يلبث صاحبها ان كسر حاجز الصمت مبعدا يديه عنها وهو يقول ببرود: ابقي بصي قدامك كويس وانت ماشية بعد كدا.

قطبت حاجبيها وقالت بحنق: هو انا قاعده معاك ال 24 ساعه ولا حاجه؟ مافيش حتى السلام عليكم؟ ثم نظرت الى راندا التي تكتم ضحكتها بصعوبة وقالت بنزق: ايه اخوكي دا؟ انا متأكده ان مافيش ضيوف بيدخلوا بيتكم كتير علشان مقابلته اللي، تسد النفس!
كوّر قبضتا يديه بجانبه واغمض عينيه وتنفس بعمق قائلا: اللهم طوّلك يا روح.

ثم فتح عينيه ناظرا اليها بغضب وقال: انا عاوز اعرف هو انت لو ماردتيش الكلمة بعشرة ماينفعش؟ تتعبي؟ انت ماتعرفيش انه فيه حاجه اسمها احترام الكبير؟ ماوردتش الكلمة دي في قاموسك؟ احترام، كلمة من 6 حروف شكلها ماعاديتش عليكي خالص دي؟
كتفت يديها ناظرة اليه بنصف عين وقالت: اولا انا برد على الكلام اللي مايعجبنيش ويكون كلام او تصرفات موجهة ليا شخصيا.
يعني من حقي انى أرد وأقبل الكلام او ارفضه.

ثانيا بأه، انت اكبر مني ب 8 سنين، شئ انت مالكش يد فيه، 8 سنين مايعملوكش ابويا ولا عمي مثلا.

وبعدين اسمح لي مش علشان اكبر مني تتعامل معايا وتتكلم معايا باستبداد وتحكّم وطريقة أنا رافضاها، انا ماعملتش حاجه غلط ولا عيب، وبعدين معلهش انت اللي مش بيعجبك حاجه خالص وعلى طول مطلّعني غلط وبتعاملني اني لسه صغيرة معرفش حاجه مع ان الخبرة مش بتتحسب بالسّن، ولا بالأيّام اللي الواحد عاشها، بتتحسب بالتجارب اللي مرّ بيها سواء هو شخصيا او حد من اللي حواليه لأننا طول ما احنا عايشين بنقابل ناس تعلِّم فينا ونعلِّم احنا كمان فيهم، ونعلم يعني نسيب علامة مش نعلم يعني ندي دروس ومواعظ؟ يا ترى قدرت اوصل وجهة نظري؟

تقدم منها حتى وقف امامها ونظر جيدا في عينيها ثم قال بجدية: الكبير يعني عاش اكتر ومر بتجارب اكتر وعنده خبرة اكترر.
مش كون انِّي بوجهِّك كتير يعني مافيش حاجه بتعمليها عاجباني، لأ! لكن بكون عاوزك احسن.
انت امانة عندي وانا لازم اصون الامانه، ثم استدار ناظرا الى راندا وقال: انا كنت جاي اطمن عليكي ماما قالت لى انك تعبانه ومش بتروحى الكلية بئالك كم يوم.
عامله ايه دلوقتي؟

هزت راسها مبتسمة وقالت: الحمدلله يا أبيه احسن كتير طالما شوفت تاج يبقى خفِّيت على طول.
نظر ثوان الى ريتاج ثم قال بخفوت: بجد؟
طيب كويس.
طالما ريتاج بتخفف العيَّان بأه نبقى نجيبها لو حد تاني تِعِب.

نظرت اليه ريتاج بنصف عين فقد استشعرت لمحة سخرية في حديثه، سار ليخرج من الغرفة ثم وقف ماسكا مقبض الباب وقال من فوق كتفه موجها كلامه الى ريتاج: بكرة فيه اجتماع مع مندوب الشركة الفرنسية ياريت لو تلبسي حاجه غير البنطلون.

انا سبأ ولفت نظرك لكن انت زي ما انت طبعا تعرفي اكتر من أي حد، المقابلة دي مهمة جدا علشان الشركة والمظهر عليه عامل كبير جدا ولو مش عارفة تختاري لِبس يناسب وظيفتك دلوقتي انا متأكد ان راندا هتكون مبسوطة جدا وهي بتساعدك في اختيار اللبس، عن اذنك.
وخرج مغلقا الباب وراؤه بينما انفجرت راندا بالضحك ونظرت اليها ريتاج مشيحة بيديها قائلة بغضب: عجبك اللي اخوكي قالو دا؟ انا.
انا مابعرفش اختار لبسي انا؟

قالت راندا بابتسامة خبث ومكر: لو انا منك أبيّن له غلطه وأورِّيه ازاي بعرف ألبس!
ضيّقت ريتاج عيناها وقالت في عزم وتصميم: طيب يا أدهم بكره تشوف ريتاج دي اللي انت بتتريئ عليها هتبقى ازاي؟

ترى ماذا ستفعل ريتاج لترد لأدهم الصاع صاعين؟ ما رد فعل نزار عندما تتجاهله راندا وهل سيستمر بارتباطه مع سهام؟ هل سينتبه محمود الى مشاعر مها أم لا يزال اعجابه وانجذابه الى ريتاج طاغي على كل ما حوله؟ تابعوني في القادم من، المتمرّدة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة