قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

رواية المتمردة (نساء متمردات ج1) للكاتبة منى لطفي الفصل التاسع

اهلا اهلا شرفتونا اتفضلوا اتفضلوا ، رحبت سعاد بضيفتيها كوثر وابنتها راندا وأجلستهما في غرفة الصالون وقالت لهما مبتسمة: ريتاج في مشوار قريب دقايق وتكون هنا، سمعت صوت غلق باب المنزل فقالت مبتسمة وهي تشير بيدها: أهي جات أهي.
ثوانى اناديلها.

خرجت سعاد ونظرت الى ابنتها التي كانت تعطي الاشياء التي اشترتها الى ابتسام وهي تقول باستعجال: تاج تاج، الضيوف وصلوا طنط كوثر وراندا بنتها تعالى علشان تسلمي عليهم، اقتربت ريتاج من امها وقالت بصوت منهك من التعب: معلهش يا ماما اتأخرت شوية على ما خلصت شرا الطلبات والحاجات اللي كنت موصيه عليها علشان الضيوف والسكة كانت زحمة اووي اتأخرت غصب عني، ربتت امها على كتفها وهي تشير اليها لتدخل، دخلت ريتاج فقامت ضيفتيها للسلام عليها، سلّمت عليها كوثر بترحاب زائد أدهشها ولكنها تجاهلت هذا الشعور لعلمها بمدى حب واحترام هذه السيدة لوالدتها، ثم سلّمت على راندا والتي شعرت تجاهها بالمودة والألفة منذ الوهلة الاولى، بعد السلام جلسن يتجاذبن اطراف الحديث وجاءت ابتسام بالمشروبات ثم استأذنت ريتاج وانصرفت هي وراندا للجلوس في غرفتها بعد ان اتصلت بمها لتنزل اليها لتتعرف براندا وقد رحبت مها بذلك فهى تحب ان تتعرف باصدقاء ريتاج...

عارفة يا ريتاج انا دلوقتي بس عرفت ليه محمود منبهر بيكي ومش بيبطل كلام عنك!
نظرت اليها ريتاج قاطبه جبينها باستفهام وقالت مبتسمة ابتسامة خفيفة: محمود؟ ّ!
أومأت برأسها ايجابا بقوة وهي تقول: اه محمود.
لدرجة انى حسيت بالغيرة منك.

مع ان علاقتي بمحمود عادية ويمكن تكون اقل من العادية كمان بس كان كل شوية يجيب سيرتك وريتاج عملت وريتاج قالت لدرجة ان ابيه ادهم مرة سمعه بالصدفة وهو بيتكلم عنك مع ماما وانا كنت موجودة وقتها راح بهدله وهزّؤه وقاله طالما ان شخصيتها عاجباك اووي كدا ياريت تكون واحد على الالف منها انما فعلا فيه بنت ب 100 راجل.
وحذّره انه ماعادش يضايقك تاني ولا يروح لك الشغل ويعطلك.

انما سيبك من دا انا فعلا عرفت دلوقتى ان محمود كان عنده حق وانك فعلا زي مابيقول عنك هو، حد كان يصدق ان محمود يتغير بالشكل دا؟ بعد ما كان مافيش في دماغه غير البنات واللف والدوران يتهدي ويواظب على الشغل والمذاكرة ولما سألته قال لي انه لما اتقرب منك اكتر اتكسف من نفسه اووي ازاي انه ماحصّلش بنت زي ريتاج وانه قرر بينه وبين نفسه انه لازم يتغير علشان، وغمزت بعينها ل ريتاج التي قالت مستفهمة: علشان ايه؟

فقالت بمرح: علشان يعجب البنت اللي اخيرا لاقاها!
اندهشت ريتاج وقالت وهي تحاول ان تنكر مافهمته من كلام راندا: ربنا يهديه ويوفقه.

محمود اخوك معدنه كويس بس هو يمكن وفاة والدك وهو لسه في سن صغير 19 سنة ودلع والدتك المبالغ فيه في نفس الوقت اللي كان اخوه الكبير مشغول انه ياخد باله من الشركة علشان ماتتأثرش بوفاة والدك الله يرحمه والفلوس الزيادة والدلع الزايد كل دا كان السبب في حياة اللامبالاة اللي عاشها اخوكى وللاسف مامتك لما خدت بالها كان الوقت متأخر واخوكى الكبير ماحاولش انه يتقرب منه ويصاحبه لأ، اعتمد انه اخوه الكبير واول ما يؤمره لازم ينفّذ الاوامر من غير نقاش لدرجة انه احرجه في مرة قدام صحابه في عيد ميلاد واحد صاحبه لما اتأخر من غير ما يقول وراح له لغاية عيد الميلاد وشده من وسط صحابه لدرجة انه بأه تريئة الشلة بعدها بفترة طويلة وعلشان كدا صمم انه يخرج من عباية اخوه الكبير وسبب انه ما اتصلش يقول انه هيتأخر في عيد الميلاد ان صحابه كلهم قعدوا يستفزوه انه مايقدرش يتأخر وانه لازم ياخد الاذن وللاسف اخوكى الكبير ماراعاش حاجه زي دي، بصي يا راندا، محمود انسان بطبعه كويس يمكن يظهر انه مستهتر لكن هو من جواه انسان كويس اووي ولعلمك محمود بيحب ادهم جدا وبيحترمه ونفسه يلفت انتباهه بأي طريقة بس للاسف اخوكى الكبير مش واعي لحاجه زي كدا علشان كدا محمود اضطر انه يلفت انتباهه ليه بأي طريقة حتى لو كانت الاستهتار!

فغرت راندا فاها وقالت متعجبة: معقول؟! ممكن محمود يكون بيفكر بالشكل دا؟!
ثم نظرت الى ريتاج وقالت متعجبة: انما انت ازاي قدرت في وقت صغير كدا انك تفهمي محمود اووي كدا؟ دا انا اللي اسمي اخته مافهمتوش كدا!
ابتسمت ريتاج قائلة: لانك ما ادتيش نفسك فرصة انك تفهميه حكمت على الكتاب من عنوانه زي ما بيقولوا.

لكن انا بابا علّمني انى لازم اشغل دماغي كويس اووي واحاول افهم نفسية اللي قدامي قبل ما احكم عليه ودا ادّاني نوع من الفراسة وخلاّني اقدر احس اذا كان اللي قدامي دا ممكن ييجي منه ولا لأ، ودا اللي عملته مع محمود! حسيت انه ممكن ييجي منه فقلت ليه ما احاولش اكسب الأخ اللي طول عمري كنت بتمناه.

قالت راندا وهي تبتسم: لا انت عارفة الاخ بجد اللي زي ادهم، ادهم مع كل حدته وعصبيته وجديته الشديدة لكن حنون جدا تحسي انه قلبه عليكي وبيخاف عليكي بجد مع انه بيحاول يداري دا كله ورا الأوامر والحدة الزايدة لكن من جواه قلب طفل صغير بجد، هزت ريتاج كتفيها بلامبالاة فهى من داخلها غير مقتنعه بتحليل راندا ولكنها اولا واخيرا شقيقته ولن تبخس قدر اخيها الكبير امامها، سمعت صوت طرقات على باب الغرفة بنغمة معينة فابتسمت وقالت: افتح يا سمسم!

فُتح الباب وشاهدت راندا فتاة سمراء ذات وجه متبسّم ضاحك تدخل بمرحها وضحكتها المعدية الى الغرفة وهي تقول: مرجانه.
وحشتيني يا مرجانه!
واندفعت معانقة صديقتها التي قالت بضحك: يا بكّاشة انت لسه كنت معايا امبارح لحقت اوحشك؟!
انت عارفة شكل جوزك كدا هيغير مني ويحطني في البلاك ليست ولا يعمل عليا بلوك!
ضحكت راندا بينما وضعت مها يديها في وسطها وهي تقول: يا سلام.

مين دا ان شاء الله اللي يقدر يبلكك دا؟ دا اللي يبلكك انا اعمله ديليت على طوول وخلصت يا تاج!
ابتسمت راندا باستغراب وقالت: تاج!
تنهدت ريتاج وقالت: آه يا ستى.
لما بابا صمم انه يسميني ريتاج وماما كانت عاوزة اسم تاني اسهل وأرق شوية بابا صمم على ريتاج فهى قررت انها تناديني تاج.

ومن يومها كل صحابي مش بيقولولي غير تاج بس بابا اللي ماكانش بيحب انه يناديني بأي اسم دلع هو ريتاج ولما مرة ماما سألته ليه مش بتقول تاج قال لها بابتسامة: ريتاج دا ابني وبنتي وانا عمري ما كنت هدلع ابني واقوله حمادة مثلا علشان كدا ريتاج هي ريتاج بس تاج بسلوكها واخلاقها!
ثم دمعت عيناها فقط ولم تنزل دمعه واحده وقالت بهمس: الله يرحمه.

وسرعان ما بدلت الحديث وانخرطوا في حديث آخر كل منهن تتحدث عن نفسها ودراستها وعلمت راندا ان مها صديقة الطفولة لريتاج وانها حاصلة على ليسانس كلية الآداب قسم لغة انجليزية وانها تعمل مترجمة في احد مكاتب الترجمة الفورية وتبلغ من العمر 22 عاما تكبرها ريتاج بشهرين اثنين كما اخبرتهن راندا انها تدرس في كلية الفنون الجميلة قسم ديكور وفي الفرقة الرابعه.

ومرّ الوقت سريعا وقد سُرَّت الفتيات بمعرفتهن لبعضهن البعض وكانت والدة راندا تريد الانصراف مبكرا ولكن ريتاج أصرّت عليها في البقاء لتناول العشاء معهن وتناولت مها العشاء معهن ايضا...

كنت فين يا ماما كل دا انا رجعت البيت الساعه 6 مالاقيتكيش وسألت الشغّالين قالوا لي انك روحت مشوار مع راندا حتى ادهم مش موجود قلقت.
وموبايل مش بتردي.

اقدر اعرف كنتو فين لغاية دلوقتي؟ ، سألهم محمود بقلق بالغ فلأول مرة تغيب والدته عن المنزل ولا يعلم أين ذهبت ولم يجد شقيقه ليسأله فعلم انه مدعوُ الى عشاء عمل، قالت كوثر وهي تجلس مبتسمة بينما راندا تنظر الى محمود وكأنها تراه لأول مرة وكلام ريتاج يرن في اذنيها فهي بالفعل بعيدة عن شقيقها ولم تعط له الفرصة ليتقرّب منها وسمعت امها وهي تقول: مالك يا محمود بس ياحبيبي.
ما انا قايله لأدهم احنا روحنا فين!

قال لها ممتعضا: يا سلام وطالما انت قولت لأدهم انا خلاص مش لازم اعرف مش كدا؟ كفاية ادهم عارف!

فطنت راندا لصدق ملاحظة ريتاج ان محمود يشعر انه مهمل في هذا المنزل وأن أدهم هو الأساس وانه حتى والدته لا تعامله انه رجل في المنزل بل ادهم هو من تسأله وتستشيره ومحمود لازالت تتعامل معه على أنه مدللها الصغير، لاتدري راندا لم شعرت فجأة بإحساس أخيها محمود وارادت ان تبين له ان له مكانه في هذا المنزل هو الآخر فقالت بقوة: لا يا محمود الموضوع مش كدا.

كل الحكاية ان ماما اتفقت مع طنط سعاد وانت كنت عارف انى بئالي فترة بزن عليها ان احنا نروح لهم وخدت المعاد وعرّفت أبيه ادهم انهارده بس انت كنت طول اليوم برّه في النادي فعلشان كدا ماقالتلكش، نظر اليها محمود مستغربا طريقة شقيقته في التهوين عليه ثم فطن لكلامها فقال مقطبا: هو انتو كنتو فين ولا عند مين بالظبط ومين طنط سعاد دي؟
قالت كوثر متنهدة بتعب: جرى ايه يا محمود كنا عند طنط سعاد.

مامة ريتاج و، قاطعها محمود قافزا بجانبها بلهفة فاجئتها وهو يقول متلهفا: بجد؟ كنتو عند ريتاج بجد؟
قالت كوثر مستغربة لسرور ابنها الواضح ودهشته: آه بجد، كنا بنزور ريتاج ومامتها راندا كان نفسها من زمان تتعرف على ريتاج.
نظر محمود الى راندا سائلا اياها بلهفة: واتعرفت بيها يا راندا؟ ايه رأيك فيها بأه؟ قالت له بخبث: يعني.
مش بطّالة!

قال باستنكار واضح: اييييه! مش بطالة! ريتاج مش بطاله!
انت تلاقيكي غيرانه منها بس يا اما ماعودتيش عارفة تصاحبي قال مش بطالة قال؟
ابتسمت راندا بمرح قائلة له وهي تربت على كتفه بعد أن تأكدت ان اخاها يحمل مشاعر معينه لريتاج وقالت: طيب ولا تزعل نفسك، بجد البنت ممتازة وانا حبيتها اووي واتفقنا نبقى اصحاب ونتقابل على طوول وخدت رقمها وادتها رقمي.
بجد حسّيت ان بأه عندي اختين دلوقتي!

قطب محمود وقال مستفهما: أختين؟ هي ريتاج مش وحيدة؟
قالت راندا ضاحكة: لا هي وحيدة فعلا بس عندها صاحبة زي السكر اصحاب عُمر اسمها مها بصراحه ماتتخيرش عن ريتاج.
قال محمود شاردا: مافيش حد زي ريتاج، ومش ممكن هيكون فيه زيّها!
حمدلله على السلامة يا امي جيتو امتى؟ سأل ادهم والدته وهو يميل عليها مقبلا وجنتها فقالت مبتسمة: الله يسلمك يا حبيبي لسّه يدوب داخلين من شوية انت اللي جيت بدري!

هز كتفيه وهو يقول لها بينما يجلس بجوارها على الاريكة ساندا ظهره على مسند الاريكة في حين جلس شقيقاه راندا ومحمود على الاريكة الاخرى المقابلة: يعني كان مجرّد عشا لشركة كبيرة في السوق بتحتفل بنجاحها في مشروع جديد ليها وطبعا عازمين كل رجال الاعمال تقريبا اصحاب الشركات الكبيرة.
ثم نظر الى راندا مبتسما وقال بحنو: ها يا راندا، اتبسطت؟
هزّت راندا برأسها ايجابا وهي تقول بتأكيد: ايوة يا أبيه، اتبسطت اووي.

ريتاج دي بنت فعلا مافيش زيّها على رأي محمود!
قطب ادهم متسائلا وقد غابت ابتسامته ونظر مستفهما الى اخيه مكررا لكلامها: محمود؟!
قالت ضاحكة بمكر وهي تغمز اخيها: آه يا ابيه.
ماتستغربش.
شكل كازانوفا بتاع عيلتنا وقع المرة دي بجد!

اعتدل ادهم في جلسته قليلا ونقل نظره بين راندا ومحمود مستفهما: قصدك ايه يا راندا بجد انا مش فاهم؟ قال محمود بارتباك قليلا وهو ينظر الى اخته محذرا بينما تضحك هي في خبث: ابدا يا بوس انت عارف راندا عاوزة تعمل افلام وخلاص!
مالت راندا ناحيته هامسة في أذنه: انا بردو اللي عاوزة اعمل افلام وخلاص؟ اومال فيلم رُدّ قلبي بتاع علي وانجي دا اللي كان شغّال من شوية اسمه ايه؟ انت كان ناقص تقولها على بلاطة كدا.

بحبها يا ماما آآآآآآه، تفاجئ محمود من حديث اخته معه فهى لأول مرة تتكلم معه بمرح وتفاجئ اكثر ان شخصيتها مرحة وعلم ان كثيرا قد فاته من عزلته لنفسه بعيدا عن اخته وعن عائلته ككل واقسم بينه وبين نفسه انه سيتدارك هذا الخطأ منذ هذه اللحظة، مال عليها هامسا: راندا، روني.
بقولك ايه روّئي كدا، ولا انت مايروئكيش غير قصايد نزار قباني؟

رافعا حاجبه بمكر بينما تلعثمت راندا وقالت مستفهمة بارتباك: وفيها ايه يعني لما اقرا شعر لنزار قباني؟ الدنيا كلها بتحبه جات عليا انا؟
قال لها رافعا حاجبه بمكر: وانت ارتبكت ليه؟
قالت مشيحة بنظرها بعيدا عنه: ابدا.
بس اصلك بتقولها زي ما تكون ماسك عليّا حاجه أو عامله عاملة؟
نظر اليها قائلا بخبث: لا وانت الصادقة انت اللي عاملة زي اللي على راسه باطحة!
قالت مندهشة: اييه؟

قال لها بحنو غريب اندهشت له: راندا حبيبتي انا اخوكِ يعني اكتر واحد يهمّه مصلحتك وصدقيني وقت ماتحبّي تتكلمي معايا هتلاقيني بسمعك بقلبي قبل عقلي، التفت لأمه وهي تحدث ادهم ضاحكة عن سهرتهما وقالت: تصدق يا ادهم ان سعاد من كُتر ما كان نفسها تسمي بنتها اسم ناعم ورقيق وجوزها صمم على ريتاج عملت ايه؟
ابتسم ادهم سائلا: عملت ايه يا أمي؟

قالت ضاحكة وهي تنظر الى راندا التي كانت شارده تفكر في كلام اخيها محمود ولكنها أفاقت على مناداة والدتها لها وهي تستشهد بها قائلة: انت مش عرفت اسم ريتاج اللي مامتها باتناديها بيه يا راندا؟
قالت راندا: ها؟ آه.
آه، بتناديها، قاطعها محمود قائلا بثقة: تاج!
نظر اليه 3 أزواج من الأعين باندهاش كبير وقالت راندا باستفهام: غريبة، وانت عرفت منين؟

قال لها دافعا ايّاها بيده على جبهتها بمرح: هو ايه دا اللي عرفت منين؟ يا بنتي انا اعرف ريتاج من يوم ما اتولدت لدلوقتي تقوليلي عرفت منين؟
نظر اليه ادهم مستهجنا بينما قالت والدته مندهشة: وانت عرفتها من يوم ما اتولدت ازاي يا محمود؟

ضحك وقال: جرى ايه يا جماعه فيه ايه انتو ناسيين اننا كنّا زمايل في المصنع قبل البيج بوس مايدي اوامره انها تروح الشركة؟ ومش معنى انها سابت المصنع انه خلاص لا أكلمها ولا اعرف اخبارها.
لا انا بكلمها وبعرف اخبارها وبشوفها كمان!
اعتدل ادهم ناظرا اليه بقوة وقال بحدة: أفندم؟ بتكلمها وتعرف اخبارها وتشوفها؟

قال محمود بتلقائية: وانت ايه اللي يدهشك يا بوس، ريتاج بنت غير كل البنات واي حد يعرفها بيحب انه يكون قريب منها دا غير ان اهلنا اصدقاء من زمان، وهي اللي حكيت لي تقريبا كل حاجه عنها لدرجة انها قالت لى على موضوع تاج وان مامتها واصحابها الانتيم والناس الغاليين عليها مش بيقولولها غير تاج.
قالت راندا بخبث: يا سلام.
اممم.
وعلى كدا بأه انت بتقولها ايه؟

قال محمود بثقة ناظرا اليها: تاج طبعا، نقل ادهم نظره بين افراد عائلته ثم وقف وقال وهو مقطبا جبينه موجها حديثه الى والدته: معلهش انا هقوم انام يا امي عندي شغل الصبح بدري.
قالت له: تصبح على خير يا حبيبي.

القى عليهم تحية المساء وذهب الى غرفته يصعد درجات السلم بسرعه ثم دخل الى غرفته مغلقا الباب وراؤه باحكام ووقف في منتصف الغرفة بعد أن أشعل النور وزفر واضعا يديه في وسطه وقال محدّثا نفسه: وانت ايه اللي مضايقك دلوقتى؟ انها صاحبت راندا ومحمود؟ ولا انها حكيت لمحمود تاريخ حياتها تقريبا؟ ولا لإن محمود قريب منها لدرجة انه مش بيقولها غير تاج؟
ثم قطب جبينه مرددا بصوت منخفض: تاج! تاج!

لا ريتاج احلى طبعا، ثم ذهب ليجهز نفسه للنوم رغبة منه في الفكاك من سيرة تاج التي من الواضح انها تتوغل ليس داخل عائلته فقط بل داخله هو نفسه من حيث لايدري...

مرت الايام وزادت اواصر الصداقة بين ريتاج وراندا ومها وذات يوم حدّثت راندا ريتاج في المحمول قائلة بصوت يكاد يختنق: تاج.
ممكن أشوفك لو سمحت؟
قالت ريتاج مندهشة من اتصال راندا بها في مقر عملها وهي تعلم ان هذه الاخيرة لديها محاضرات بالجامعه: بس انت عارفة انى في شغلي دلوقتى يا راندا.
وبعدين مش المفروض انه عندك محاضرات انهارده لغاية 4 العصر؟ الساعه دلوقتى لسه 1 الضهر.
حصل حاجه؟

سمعت صوت راندا وهو محمل بنبرة بكاء مكتوم: ارجوك يا تاج علشان خاطرى انا تعبانه اووي ومافيش حد هقدر اقوله غيرك، حاولى تيجيني انا هستناكي في الكافيتريا اللي قدام الكلية.
قالت ريتاج بعد ان اتخذت قرارها بالذهاب اليها: اوكي يا راندا مسافة السكة حبيبتي واكون عندك.

اغلقت محمولها ثم ذهبت ل أ. جميل المسؤول عنها وقدمت اذن بانصرافها مبكرا وانها ستحاول العودة ثانيه لاكمال عملها وان لم تستطع ستكمله غدا فوافق لها على اذن الا نصراف.

ركبت ريتاج سيارتها التي اصبحت تركبها بدلا من دراجتها النارية التي أخذها ادهم ولم يعيدها اليها ثانية وانطلقت الى حيث راندا تنتظرها وبينما هي تقود مسرعة كعادتها اذ بها تمر على سيارة سوداء لم تنتبه لراكبها الذي كان ينزل من الباب الخلفي وقد شاهدها ونظر اليها بدهشة وغضب في ذات الوقت! دهشة من انصرافها المبكر على غير عادتها وغضب من قيادتها المتهوّرة ولكنه لا يستطيع ان يمنع عنها سيارتها هي الاخرى ولكنه يستطيع تعليمها كيفية القياده السليمة فمن الواضح انها تقود سيارتها وكأنها تقود طائرة تطير في الجو وليس سيارة تسير على الارض!..

طيب ممكن تهدي كدا وتفهميني بالراحه ايه اللي حصل؟ ، قالت لها ريتاج وهي تربت على يدها الموضوعه امامها على الطاولة في الكافيتريا التي وصفتها لها وقالت راندا بين شهقاتها: خلاص يا ريتاج خلاص، كل شئ راح!
قطبت ريتاج قائلة: طيب ماتفهميني هو ايه اللي خلاص وايه هو اللي راح؟
قالت لها ناظرة اليها والدموع تنساب على خديها الشاحبين: راح هو راح، خطبها يا تاج.
خطب يا تاج خطب!

قالت ريتاج بتساؤل: هو مين بأه اللي خطب؟
قالت راندا والدموع تغسل وجهها: نزار يا تاج، نزار خطب يا تاج!
قالت تاج هاتفة: نزار! نزار مين دا؟
ثم نظرت اليها قائلة بحدة: راندا انا ماسيبتش شغلي وجيت على مالاوشّي علشان تقعدي تعيطي قدامى.
دلوقتى حالا لازم تفهميني فيه ايه؟
قالت راندا وهي تمسح عينيها وانفها بالمنديل: حا.
حاضر يا تاج.
بس علشان خاطري ماتسيبينيش.

زفرت ريتاج وقالت بهدوء حان: ماتخافيش حبيبتي مش هسيبك بس ممكن اعرف مين نزار دا؟ وايه اللي مخليكي عامله في نفسك كد؟
هزت راندا برأسها ايجابا واجابتها على اسئلتها بصوت متهدج قائلة: نزار يبقى الدكتور بتاعى، بيدرسنى في الكلية السنة دي والسنة الجاية كمان.
ماقدرش اوصف لك اول ما شوفته ايه اللي جرالي، من اول يوم شوفته فيه وهو مش راضي يروح من بالي.
كنت بستنى معاد محاضرته على نار.
معرفش ايه اللي شدني ليه.

وبعدين بديت احس بمشاعر غريبة.
فرح لما بيضحك وحزن لما بيكشر ولو اتبسط مني علشان حاجه طلبها عادي مننا وانا عملتها بحس اني طايرة.
لغاية ما شوفته مرة مع الدكتورة سهام استاذ مساعد معاه في القسم، اول ماشوفتها حاسيت بنغزة في قلبي، عرفت لاول مرة يعني ايه غيرة، نظرت اليها ريتاج دهشة ولكنها لم تقاطعها فأكملت راندا: كان قلبي حاسس من اول يوم شوفتهم فيه مع بعض ان الموضوع مش هيكون زمالة عادية ما بينهم.

وكان عندي حق.

انهارده لاقيتهم بيفرقوا شوكولاته وعصير على القسم بمناسبة خطوبة الدكتور نزار والدكتورة سهام! تتصورى جاي بنفسه يقدم لي الشوكولاته ويقولي عقبالك! كنت متعوده اروح له المكتب بعد المحاضرة اناقشه في شوية حاجات اول ما دخلت لاقيت في ناس كتير عنده حبيت استأذن وامشي لكن هو ضحك وقالي جيتي في وقتك وبيقدم لي شوكولاته! تخيلي انا! انا الانسان الوحيد اللي شغل بالي وعقلي وكل تفكيري يطلع ماحسش بيا خالص لأ وبكل برود يقولي شوكولاته حلاوة خطوبتي!

وانخرطت في بكاء حار، انتظرت ريتاج حتى هدأت نوبة البكاء ثم قالت بهدوء: راندا ممكن اعرف د.
نزار دا عنده كم سنة؟
رفعت انظارها اليها وقالت بصوت متحشرج من البكاء: 35 سنة انما ليه؟
قالت لها بهدوء: يعني اكبر منك ب 15 سنة، مش شايفه ان فرق السن كبير شويتين؟!
قالت راندا بحنق: انت بردو هتقولي فرق السن، بصي يا تاج القلب لما بيحب مابيسألش عنده كم سنة والحاجات دي القلب لما بيحب بيحب وبس.

قالت ريتاج بحنو: بصي يا راندا يا حبيبتي، واسمعيني كويس في اللي هقوله دا.
انت والدك اتوفى وانت كان عندك تقريبا 15 سنة وكنت متعلقة اووي بيه.
وانت كمان متعلقة اووي بأخوكِ أدهم واضح جدا ان فقدانك لوالدك في سن بدري خلاّكي عاوزة تعوضي دا وعلشان كدا اتجهت بكل مشاعرك ناحية الدكتور بتاعك.
لكن انا متأكده انه لما يبعد عنك خلاص.
مشاعرك هتهدى.

هزت راندا رأسها نفيا وقالت وهي تعض على شفتيها كى لا تستسلم لنوبة بكاء اخرى: لا يا تاج.
انا فعلا بحبه، حاولت ريتاج تهدئتها ثم اتفقت معها ان تطلب من والدتها كوثر ان تتركها تقضي نهاية الاسبوع معها والتي ستبدأ من اليوم التالي لكي لا تمكث بمفردها مما سيؤدي لزيادة حزنها خاصة هذه الفترة.

وافقت راندا على فكرة ريتاج التي اقلّتها الى بيتها فلم تكن لتتركها تقود سيارتها وهي في هذه الحالة وطلبت منها ان تخبرهم في المنزل انها قضت اليوم بصحبتها وانها كانت متعبة فلم تقدر على القيادة واوصلتها ريتاج الى منزلها ليقوموا باحضار سيارتها من امام الجامعه...

نزلت راندا من سيارة ريتاج ونظرت اليها من نافذة السيارة قائلة لها بشكر: انا متشكرة اووي يا تاج.
مش عارفة من غيرك بجد كنت هعمل ايه.
قالت ريتاج مشيحة بيدها: شوف العبط بأه.
يا بنتي احنا مافيش بيننا شكر.
عموما هفوت عليكي بالليل انا ومها نخرج نتفسح ونتعشى بره قبل ما نروّح سوا على عندي الساعه 7 كويس؟

هزت راسها ايجابا ثم اعتدلت مشيرة لها بيدها بينما انطلقت ريتاج بسيارتها مسرعه كعادتها غير واعية بالسيارة التي مرت من جانبها داخلة الى القصر الواسع وقد صرخ راكبها بالسائق قائلا: اقف يا حمزة.
ثم قال بأمر: ورا العربية اللي طلعت دلوقتي يا حمزة.
جبهالي.
انطلق السائق خلف سيارة ريتاج فور سماعه أمر سيّده.

فوجئت ريتاج بمن يكسر عليها بسيارته ويقترب بسيارته منها فنظرت مستنكرة ثم دققت النظر جيدا وقد خمنت راكبها ولكن السائق لم يعطها فرصة للنظر داخل سيارته اكثر من ذلك اذ سبقها ثم اعترض طريقها واقفا امامها بعرض الطريق بعد ان اطلق زمورا قويا وداس على المكابح بقوة محدثا صريرا عاليا، شدت ريتاج مكابح سيارتها واندفعت خارجة من سيارتها وفتحت باب السائق بقوة صارخة بحدة: اقدر اعرف انت عاوز مني ايه؟

سمعت صوت اغلاق باب السيارة الخلفي بقوة فانتبهت الى الراكب الآخر الذي ترجل من الخلف ووقف ناظرا اليها بغضب اسود ثم تقدم منها سريعا جاذبا ايّاها من ذراعها بقسوة وهو يقول ضاغطا على اسنانه بعنف: اقدر اعرف انت اييه اللي انت بتعمليه دا؟ هو انت يا تطيري بالموتوسيكل يا بالعربية؟ انت ماعندكيش ادنى احساس بالمسؤولية للدرجة دي؟

ثم زفر حانقا واكمل بحدة: بصي يا ريتاج، اقسم بالله لو ما عقلت واتهديتي كدا وبطلت جنانك دا لا هيكون فيه عربية ولا عجلة حتى! ومش بس كدا هحط لك اللي يوديكي ويجيبكي تمام كدا زي العيال.
ايه رأيك بأه؟

نظرت اليه حانقة وقالت بحدة وهي تجذب ذراعها من قبضته بقوة آلمتها ولكنها تجاهلت ألمها: وانت مين بالظبط علشان تحلف عليّا؟ لا انت اخويا ولا ابويا ولا جوزى! انا حرة، واقتربت منه رافعه عيناها في عينيه مكررة من بين اسنانها: أنا، حرة، سمعتنى.
اظن واضح، ثم التفتت لتعود الى سيارتها فسمعته يهتف بها مناديا بصرخة سمّرتها في مكانها: ريتاج!

ثم استدار واقفا امامها ومال عليها مشوّحا باصبعه في وجهها: آخر مرة تديني ضهرك وانا بكلمك وتمشي.
اوعي تعمليها تاني، اوعي اكلمك وتسيبيني وانا لسه مخلصتش كلامي وتديني ضهرك وتمشي.
صدقيني عقابي هيكون قاسي أوووى، نظرت اليه وقلبها يخفق بقوة لنظرته الغاضبة ولكنها تمالكت نفسها وتجاهلت وجيب قلبها وقالت بثقة محاولة تمالك أعصابها: وانا مابحبش حد يملي عليا ارادته، خاالص.
مهما كان، ياريت تحط دا في دماغك كويس.

ودي آخر مرة اقول الكلام دا.
انا قولتهولك ولا 100 مرة قبل كدا وانت ولا حياة لمن تنادي، ومش بهدد ولا حاجه علشان بس ماتحمرليش عينيك كدا! انا بوضح لك الصورة.
آخر مرة يا ادهم بيه تعاملني على اني طفلة صغيرة مش عارفة مصلحتها فين، عن اذنك يا، أبيه!

وانطلقت مندفعه من امامه لتركب سيارتها وتنطلق بها على اقصى سرعه بينما قبض يديه يكاد يشد شعره من متمرّدته التي تكاد تقترب به من حافة الجنون ولكنه اقسم في نفسه أنه لن يكون أدهم ان لم يروّض تلك الشرسة والايام بينهما خير شاهد على ماسيفعله بتلك ال، متمرّدة،!

ترى كيف سيروّض ادهم متمردته التي كلما مرت الايام ازدادت شراسة وعنفا؟ وكيف ستتصرف ريتاج مع راندا وقصة حبها الحزين؟ وهل سيصارحة محمود ريتاج بمشاعره الحقيقية؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة