قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس عشر

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس عشر

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس عشر

أغلقت عيناها بقوة وخوف ويدها تتحسس جسدها ظنة بأن الرصاص أخترق جسدها، فتحت عيناها ببطئ وأستغراب لعدم شعورها بالألم فتصنمت محلها حينما رأته أمامها يحتضنها لتستقر الرصاصة بكتفيه، طافت عيناها بالزهول والصدمة بأنٍ واحد كيف له ذلك بعد ما أرتكبته من ذنبٍ فاضح!..
هرول إليه بزعر ليصرخ برعب: زين!..

رفع عيناه القاتمة من شدة الألم ليرى أن كانت على ما يرام ثم سمح لنفسه بالأنهيار ليهوى أرضاً غارقٍ بدمائه...
صدح الصوت بالأسفل فركض أدهم وفهد والجميع للأعلى ليصعق حينما يرى رفيقه متمدد أرضٍ والدماء تنبعث من جسده كالسيل، هرول إليه يحركه بلهفة وصراخ يخترق أضلاعه: زين، زين...
فتح عيناه بضعف ليحمله بجسده فردد بخفوت والظلام يطوفه: همس يا أدهم...

قال كلماته الأخيرة ليتغيب عن الواقع بسردامٍ مخيف للجميع، لكمه فهد بقوة ثم أنتشل منه السلاح ببراعة ليشل حركاه أحمد بغضب، فولج رجال الشرطة بأمر زين بعد أن حضروا الحفل لتنفيذ مخططه ولكن تلك الخطوة لم تكن بالحسبان، تم القبض عليه وعلى تلك المرأة اللعينة...

حمل أدهم وعبد الرحمن زين وأسرعوا جميعاً للمشفي بينما تراقبتهم هى بصمت وصدمة لتسقط أرضاً تبكى بقوة وأستغراب، ضحى بحياته لأجلها! رغم كل ما أرتكبته وفعلته له...

عادت للمنزل بعد أن أخبر طلعت ضياء بأصطحابهم فصعدت لغرفتها والدمع يسرى بعيناها، صورتها تأبى ترك مخيلاتها لا تقوى على تحمل ما رأته منذ دقائق معدودة، لا كيف له بذلك؟!، أمازال على علاقة بها!.
شعرت بأن قلبها يوشك على التوقف من كثرة آنينه فبكت بقوة وبداخلها تصفع ذاتها قائلة بأسى لما تفعل بى ذلك!، لما وهبتني من سرور عشقك ببحور لا حصى لها ثم ألقيت بى ببئر عميق، مظلم للغاية أستمع به لصيحات الآنين...

طال بكائها وأزداد معه الآلآم فقالت بهمسٍ أليم: ليه كدا يا أدهم؟، أنا حبيتك أوى!..
لتغمص عيناها بقوة رافضة لذلك الألم المخيف...

حملوه سريعاً للعمليات فأسرع عبد الرحمن للداخل ليجذبه طلعت بنبرة تشق الصدر: دير بالك عليه
أكتفى بأشارة بسيطة ثم أسرع للداخل فجلس جوار من يجذبه برفق قائلاٍ بحكمة: أتعشم فى ربك خير يا طلعت...
أستدار لفزاع بعينٍ توشك على فرار الدمع: كيف يحصله إكده يوم فرحه؟!
أسرع بالحديث بغضب: هتعارض أمر ربك إياك..
أغلق عيناه بقوة: حاشة لله...
إبتسم فزاع قائلاٍ بهدوء: زين قوى وهيجوم منها يا ولد عمي
أشار له بأمل: يارب.

على بعد ليس بكبير، كان يستند بجسده على الحائط وعيناه على الغرفة برعب ينبض مع خفقان القلب، رفع الفهد يديه على كتفيه قائلاٍ بنبرة ثقة: متقلقش الأصابة سطحية...
أستدار له أدهم بوجهه يلتمس الصدق فأشار له قائلاٍ بتأكيد: صدقني أنا شوفته بنفسي قبل ما يدخل العمليات..
أقترب منهم أحمد قائلا بحزن: المفروض أنه اليوم الا بيستناه!.
عمر بعتاب: دا وقته يا أحمد؟!

يوسف بدمع أوشك على الهبوط: طب وعروسته الا مستانياه دى هيكون مصيرها أيه؟!..
تألم قلبٍ كلاٍ منهم وهو يرى حلمٍ تتمناه كل فتاة يحطم بلا رحمة أمام عيناها، كيف لها الأنتظار لدقائق لترى معشوقها أمامها ثم تفاجئ به بجسد معطم بالدماء!..
جاهد النمر للحديث قائلاٍ بثباتٍ زائف: عمر خد أحمد وأطلع على البيوتي
تفهم الأمر فأشار له بهدوء ثم غادر بصمت...
أقترب منه فهد قائلاٍ بألم: تفتكر هتتحمل الصدمة؟

رفع عيناه المحملة لعذاب يكفى لعالم بأكمله قائلاٍ بثبات فشل بالتخلى عنه: ربنا يصبرها..
قطع حديثهم ولوج حازم المسرع إليهم بزعر بادي على وجهه قائلاٍ بستغراب: فى أيه يا أدهم؟
وضع عيناه أرضاً بحزن ثم شرع بقص ما حدث على مسماعه..

أخترقت ذكريات الماضي أضلاع قلبها لتجردها من العشق الطائف له، لتعود فكرة الأنتقام على مسماعها، لاااا لن يفعل بها معشوقها ذلك لن يتعمد أنكسارها بيومٍ هكذا!.
هل ما فعله كان مجرد خدعة لينال منها بدافع الأنتقام!، هبط دمعها حينما مرأ أكثر من ساعتين وهى تجلس بأنتظاره حتى صارت أخر العروس، يتأملها البعض بستغراب والأخر ببسمة متطفلة وهناك من يشعر بقلقها المريب...

وضعت همس الهاتف من يدها بيأس من أجابته لتهوى دمعاتها على وجنتها لتزيح أثر التجميل كما أزالت غشوة القلب كما ظنت تلك البائسة، للحظة أنقلب عشقها للعنة تحرق لحظات الهوس والجنون...
ولج من الخارج بنظراتٍ مضطربة وقلبٍ يصرخ ألمٍ لما سيخبرها به، أقتربت منه سريعاً قائلة بدموع تغزو وجهها: شوفت يا بابا زين عامل فيا أيه؟
صمت ولم يستطيع التحدث لتكمل هى بصوتٍ متقطع من الدموع: زين خدعني يا بابا خدعني ودمرني..

سقطت دمعة هاربة من عيناه قائلاٍ بحزنٍ ونبرة محملة بالأنكسار: زين مخدعكيش لوحدك يا همس زين خدعنا كلنا..
تطلعت له بستغراب لدمعه الفياض فرفع يديه يجفف دمعها قائلاٍ بحزنٍ يضاهى أفواه: زين بين الحياة والموت يا بنتي خدعنا لما وعدنا أن اليوم دا هيكون مميز لكن للأسف هو الا بيواجه الموت...

سقطت باقة الورد البيضاء من بين يديها لتختلط بالأرض كما أختلط قلبها بمشاعر مختلفة بين الصدمة والآلآم بين الزهول والحزن، مشاعر مضطربة جعلته كالعروس المحنطة لا تقوى على الحركة أو التفكير...

أستدارت بجسدها والدمع يتحجر بعيناها لتخطو ببطئ للخارج، دفشت الباب بلطف ثم خرجت بسكون وتماسك لترى أحمد يقف بصحبة شخصٍ ما أمام السيارة، أسرع والدها خلفها ليرى إلى أين تتجه فتفاجئ بها تخطو بخطوات أشبه لزفاف الموت لتقف أمام أحمد، رفعت عيناها ببطئ قائلة بتماسك يلتمس بها لأخر دقائق: خدني له...
حزن أحمد وعمر للغاية على حالها البائس فأشار لها على الصعود وبالفعل فعلت ليلحق بها والدها ويصعد بالخلف...

توجهت السيارة للمشفى لتزف عروسٍ محطم بقلب حرم من لقاء معشوقه!، قلبٍ بنى أحلامٍ لهذا اليوم ليضعه على قايمة المفضلات وها هو يصبح من أسوئهم ليصبح تهديد لأنتزاع حياة معشوقها!..
تطلع لها الجميع بالمشفى بتعجب فكيف لعروس الحضور للمشفى بذلك الوقت...
أسرعت بخطاها لتقف أمام غرفة العمليات بقلبٍ يصدح بأنحائه الخوف، أقترب منهم والدها ليسرع بالحديث: أيه الا حصل يا حاج طلعت؟

رفع عيناها المتكورة بالدمع قائلاٍ بصوتٍ ثابت: جريمة دفع حقها زين...
جلس لجوارهم بحزن: طب هو عامل أيه دلوقتي؟
أجابه فزاع بهدوء: لسه مخرجش من العمليات، ثم أسترسل حديثه ببعض العتاب: ليه مخلتهاش تغير خلجاتها؟
رفع عيناه بالدموع له: ملحقتش والله يا حاج فزاع يدوب عرفت جيت تجري على هنا...
أشار له بحزن هو الأخر ثم تحلى بالصمت وعيناه تراقب الغرفة بأنتظار أخبار عنه...

أقترب منها أدهم قائلاٍ بهدوء: أهدي يا همس زين هيبقى كويس..
تطلعت له بدمع كُبت بنجاح وصوتٍ يجاهد للخروج: زين على طول بيختبرني وكل أختبار أصعب بكتير من الا قبله
تحولت نظراته لألم لما مرت به تلك الفتاة ولكن سرعان ما تنقلت نظراته لمن تقترب منهم بدموع جعلتها محطمهة للغاية لتنير وجهاً لاطالما تخفى خلف عادات الغرب ليتنحى الآن أمام ما فعله أخيها...

هرولت إليه قائلة بدموعٍ تكاد تملأ المشفى بأكمله: طمني يا أدهم
صمت قليلاٍ يعى ما يراه فقطع عنه الأجابة خروج عبد الرحمن من غرفة الجراحة لتسرع إليه راكضة قائلة بأرتباك وتوتر يلحقها: زين!.
تطلع لها بغموض ثم تخل عن سكونه قائلاٍ بنبرة طمانينة: الحمد لله الأصابة كانت سطحية شوية وهينقلوه غرفة عادية..
طلعت بفرحة: الحمد لله
فزاع بأبتسامة بسيطة: ربنا يجومه بالسلامة...
فهد: يارب يا جدي...

زفرت براحة وأزاحت دموعها تحت نظرات عبد الرحمن المتراقبة لها فجذبها بعيداً عنهم لغرفته الخاصة قائلاٍ بصوتٍ يحمل المكر والغموض: شايفك حزينة على زين رغم كرهك الشديد له..
رفعت عين الندم له قائلة بدموع: زين فداني بروحه يا عبد الرحمن..
قاطعها بغضب وسخرية: وكان لازم يعمل كدا من زمان عشان تحسى أنك ليكِ أخ؟!.

وضعت عيناها أرضاً لتبكى بصمت فقالت بصوت متقطع: كان غصب عني هى نجحت أنها تزرعلي أفكار مش كويسة عنه بس خلاص أنا فوقت ولازم أعترف بجريمتها عشان أخد حق خالد وممكن زين يسامحني لو عملت كدا..
أخترقت دمعاتها قلبه بنجاح فأقترب منها بحنان: هتقدري تعملي كدا؟!.
إبتسمت بسخرية مؤلمة: هى قدرت على الأصعب من كدا..

لم يحتمل رؤياها هكذا فمن يحتمل أن يرى والدته ترفع سلاح الموت عليه بدلاٍ من حمايته!، جذبها لأحضانه فشددت بقوة من أحتضانه قائلة ببكاء حارق: مش عايزة فلوس ولا أملاك يا عبد الرحمن لو كنت أعرف أنهم هيحطموني كدا وأنا شايفة أمى عايزة تخلص مني مكنتش فكرت بالطريقة دي أبداً...

أخرجها من أحضانه ثم جذب مقعده الأسود المتحرك ليعاونها على الجلوس قائلاٍ وعيناه تتأملها: الا حصل دا خير ليكِ يا صابرين، نزولك من أمريكا لمصر بحد ذاته خير والا حصل دا علامة من ربنا عشان تفوقي وتشوفي زين بحقيقته، زين الشهم الا عمره ما يفكر يأذي أخته الوحيدة!، زين الا أتحدى والدته لأول مرة وأتالم مليون وهى سايبة البيت وميعرفش لحد الآن عنها حاجة كل دا عشانك أنتِ يا صابرين...

ثم قال بمكر: وجايز عشان تقابلي الدكتور اللعين..
تطلعت له قليلاٍ ثم أنفجرت ضاحكة لتقطعه دمعات متمردة على فرحة مؤقتة، رفع أطراف أنامله الحنونة يزيح دمعاتها الحارقة المعبأة بالندم قائلاٍ بهدوء: أنتِ لازم تكوني سعيدة وندمك دا فى أنك تقربي لزين وأعتذري الأعتذار مش كبير على حد..
أغلقت عيناها بسعادة على وجوده لجوارها فأزاحت تلك الدمعة الساقطة قائلة بأرتباك: هيسامحني!
إبتسم بسخرية: مكنش ضحى بحياته عشانك!.

رفع يديه عن وجهها حينما تعال طرق باب الغرفة ليسمح للطارق بالدخول فولج عمر قائلاٍ بهدوء: زين أبتدى يفوق
هرول معه عبد الرحمن فلحقته سريعاً...

بدأت تستعيد وعيها بألم يعتصرها لتجدها لجوارها...
رمقتها بضيق لتجاهد بالحديث: شوفتى عملوا فيا أيه؟
رمقتها راوية بضيق ثم قالت بسخرية: عملوا أيه يعني هسيبوا البيبي يعفن فى بطنك مثلاٍ ما كان لازم تدخل جراحي!
سال الدمع من عيناها من شدة الألم قائلة بصراخٍ خافت: ياستى لا يعفن ولا يحزنون أنا عايزة أطلق من الأنسان دا وبأسرع وقت.

كبتت ضحكاتها بصعوبة على ما تتفوه به كل مرة، لمعت عيناها بالمكر حينما رأته يقف أمام الغرفة فقالت ببسمة خبث: هتطلقي تروحى فين ببدر وحور!..
رمقتها بنظرة نارية ثم صرخت بغضب: هيموتوا من الجوع أنا عايزة أرجع أمريكا وأ....

تخشبت الكلمات على لسانها حينما رأته يقف أمامها بنظراتٍ غضب توحى بأنها على حافة الهاوية، نقلت نظرها لمن تجلس جوارها بوعيد، أقترب منها ثم جذب المقعد لتسرع راوية بالخروج بعد أن غمزت لها بطرف عيناها...
خرج صوته ونظراته كافيلة بنقل تعبيرات وجهه: عايزة تطلجي إياك
إبتلعت ريقها ببعض الرعب: مين الا قال كدا؟!
رمقها بنظرة مميتة فأسرعت بالحديث: دا بعد عنك تخريف بنج...

سليم بمكر: خلاص نتعود عليها عشان المرة الجاية
صرخت بغضب لا مثيل له: هو لسه فيها مرة تانية لا أنا أقصد كل كلمة قولتلها من فضلك طلقني وحلال عليك العيال...
لم يتمكن من كبت ضحكاته ليقترب منها بنظراته الحاملة لعشق تلك الحمقاء فأنحني قليلاٍ يقبل رأسها قائلاٍ بنبرة حنين: حمدلله علي سلامتك يا جلبي..

محت بسمته آلمها فأبتسمت بهيام لقربه المطوف بحنين طال لأخر الأمد، رفع عيناه الماكرة قائلاٍ بصوتٍ هامس: لساكِ عايزة تطلقي؟
تعالت ضحكاتها لتنغمس بين أحضانه بخجل وسعادة...

صوتٍ ما أنتشاله من دوامة الظلام ففتح عيناه بضعف ليجدها أمامه بفستانها الأبيض الملكي، وجهها شاحب قليلاٍ ولكن لم يقلل من جمالها المطبوع بنبض القلب...
أقترب منه النمر قائلاٍ بلهفة: حمدلله على سلامتك
أكتفى ببسمة بسيطة وأشارة له توحى بعدم قدرته على الحديث...
أنتهى عبد الرحمن من فحصه ليشير لهم بسعادة: الحمد لله بس أفضل نسيبه شوية يفوق أكتر..
فزاع بتأييد: الا تشوفه يا ولدي...

وأشار لهم جميعاً بالخروج لتبقى هى لجواره...
جلست على المقعد المجاور له ثم تمسكت بيديه والدمع يزول من عيناها بعد أن رأته أمامها قائلة بصعوبة من بين دموعها: أفتكرت أنك بتنتقم مني يا زين
تطلع لها بحزن وهو يعافر للحديث وبالنهاية أستطاع فقال بأسف: وعدتك أنه هيكون أسعد يوم بحياتك ومعملتش بوعدي!.
أزاحت دمعها بغضب: وعد أيه؟!..

ثم أقتربت لتجلس مجاور له لتقول بدموعٍ غزيرة: أنا قلبي كان هيقف من الخوف عليك، خفت أخسرك، خفت من الوحدة وغيابك، خفت أعيش ألم الفراق تاني بس المرادي هيكون أصعب لأنى بعشقك يا زين...
إبتسم بفرحة بدت على وجهه فجاهد لرفع يديه وبالكاد فعل فوضعها على وجهها قائلاٍ بصوتٍ يحمل همسات الصدق والحنين: زين مبقاش زين غير بحبك أنتِ يا همس، أنا مخفتش من الموت لأخر ثانية خفت عليكِ أنتِ مكنتش شايف غيرك...

إبتسمت من وسط دمعاتها لتقبل يديه بأعين منغلقة من أثر الأوجاع ففتح ذراعيه قائلا بألم مصاحب لصوته: تعالى..
لم تتردد لثانية واحدة لتلتمس بحنان زين العاشق لتستكين داخل أحضانه فتستمع ذاك القلب النابض بداخل صدره فربما تهدأ قليلاٍ...

ضغط على يديه بقوة فكتفيه الحاملة للأصابة تألمه بقوة حتى شعرت هى به فأبتعدت عنه على الفور بأبتسامة حب تنقلها له، فرغم ألمه الا أنه حاول بأبسط الطرق منحها الأمان حتى تهدأ وتعود البسمة لوجهها...
تطلع لها ببسمة مجهدة ثم قال بمكر: الفستان جميل عليكِ...

نجح فى زرع إبتسامة الخجل على وجهها لتتهرب مجدداً من النظر بالعينان، رفع يديه على يدها التى تفرك على الأخرى بخجل فرفعت عيناها له بأهتمام ليقول بجدية وثبات: هعوضك عن اليوم دا يا همس أخرج من هنا وهتشوفي الليلة الا هعملهالك
وضعت يدها الأخري تحتضن يديه بعشق: مش عايزة حاجة من الدنيا غيرك يا زين..
أكتفى ببسمة صغيرة لتبعد يدها بخجل حينما ولج عبد الرحمن...

أقترب منه بأبتسامة هادئة: أسف للمقاطعة بس دا معاد حقنة المسكن...
وشمر عن ساعديه فلم تحتمل رؤيته لتخرج سريعاً، إبتسم زين قائلاٍ بأمتنان: شكراً يا عبده
ألقى بالأبرة بالسلة ونظرات الغضب تلحقه قائلاٍ بضيق: بتشكرني على أيه؟ أني نجدتك من الموت ولا لأني أشتركت فى خطتك الفاشلة الا كانت هتوديك للمقابر..

إبتسم على طريقته بالحديث ثم قال بهدوء: دا مكنش فى مخططي يا عبد الرحمن كل الا كنت عايزه أن صابرين تشوف حقيقة أمها حتى لو كانت على علم بيها فلازم تخرج عن سكوتها دا..
رفع يديه على يده قائلاٍ بأبتسامة صغيرة: ونجحت يا زين..
لم يفهم ما يقوله الا حينما أسترسل حديثه قائلاٍ بهدوء: صابرين جاهزة تشهد وتقدم الأدلة أن والدتها هى الا عملت كدا.

تطلع له بستغراب فنهض عن الفراش وفتح باب الغرفة لتدخل سريعاً وعيناها تبحث عنه بلهفة حتى وقعت عليه فأنهارت الدمعات لرؤيته هكذا لتسرع بالأقتراب منه تحت نظرات صدماته...
خرج صوتها الباكي: ليه عملت كدا يا زين؟
بقى قليلاٍ يتأمل دمعاتها بستغراب ثم رفع عيناه على عبد الرحمن ليجده يبتسم بمكر له، وضعت عيناها أرضاً بحزن: أنا مستهلش كدا..
هنا تخلت عنه الكلمات ليرمقها بضيق: متقوليش كدا تانى فاهمة..

رفعت عيناها له بدموع ثم ألقت بذاتها بداخل أحضان أخيها تبكى بلا توقف على ما أرتكبته من جرائم بشعة بحقه، ربت على كتفيها بحنان فقالت بضيق مما أرتكبته: رغم كل الا عملته حميتني من الموت وقدمت نفسك له!، أد أيه أنا كنت غبية..
شدد من أحتضانها قائلاٍ بحنان: لو طولت أحميكِ من الدنيا كلها مش هتردد ثانية واحدة، نفسي تفهمي أنك من لحمي ودمي ومستحيل أكرهك بسبب ورث والكلام الفارغ دا!.

تطلعت له بحزن ثم جذبت من حقيبتها الشيك الذي قدمه لها لتمزقه بعصبية: فهمت يا زين..
إبتسم بفرحة تكفى العالم بأكملها حتى عبد الرحمن المراقب لما يحدث إبتسم بسعادة لما يراه، لمعت عيناها بوعد وهى بين أحضان أخيها العثور على والدته والتوسل لها للعودة مجدداً حتى وأن كان ثمن العودة رحليها!..

بالخارج...
كان يجلس طلعت براحة بعد أن أستعاد زين وعيه، نظراته لأحفاده الثلاث بعدما خرج عبد الرحمن ليطمئنهم تحمل الغموض والسكون الذي سيسبق العواصف الهامدة ما علمه منذ ساعاتٍ قليلة كافيل بهدم المعابد فوق رؤسهم، أخرج فزاع هاتفه ليعلم أن هناك العديد من الأمور بحاجة لتدخل كبير الدهاشنة لذا كان عليه العودة مجدداً ليتبعه عمر والأطفال وتبقى الفهد الذي سيشهد على غضب طلعت المنياوى المؤجل لما به زين!..

ولج حازم للداخل ليطمئن عليه ومعه أدهم ليجدوه أستعاد وعيه كلياً ويجلس ببعض الراحة...
إبتسم زين قائلاٍ بهدوء: مكنش له داعى أنك تفضل لحد الوقت دا يا حازم
رمقه بنظرة ضيق: أنت ناسى أننا أصدقاء ولا أيه؟
أحمد بمرح: توقع أيه حاجة مدام خارج من البنح ولا أيه يا دكتور؟
تعالت ضحكات عبد الرحمن ليقول بصعوبة: أنا معاك فى الحتة دي...
رمقهم بنظرة ضيق ثم قال بسخرية: أنا بقول تخدوا بعضكم وتطلعوا تهونا شوية.

أدهم بنظراتٍ غامضة: وأنا بقول كدا برضو...
وزعوا نظراتهم بينهم ثم خرج كلا منهم بغضب فتعالت ضحكات حازم بعدم تصديق...
تذكر زين ما كان يود قوله لحازم فقال بصوتٍ متعب قليلاٍ: أنت تعرف عثمان منين يا حازم؟
ضيق عيناه بأستغراب ثم قال بزهول: أنت تعرفه!.

أكتفى ببسمة صغيرة ليقول بصوتٍ يكاد يكون مسموع: بينا شغل، وصلني منه مكالمة قبل الفرح بساعات بيهددني فيها بشكل صريح ومن الواضح كدا أنه عارف بعلاقتي بيك بس الغريبة أنى مش عارف الا بينكم بالظبط..
زفر حازم بغضب ثم قص على مسماعهم ليحل الغضب قسمات وجه النمر فقال بضيق: لا الراجل دا محتاج الا يفوقه ويعرفه مقامه كويس..

زين بغضب هو الأخر: عندك حق يا أدهم عشان كدا هسحب كل العقود الا بينا أما الشركات الا لغت التوكيل لشركاتك يا حازم فأنا هعرف أزاي أتعامل معاهم كل لاعب وفى الأكبر منه وهما الا جنوا على نفسهم...
أسرع بالحديث: أنا مش عايز أورطكم معايا م...
قاطعه أدهم بغضب: ورطة!، هو الا هيكون فى الجحيم لما نجتمع أحنا التلاتة عليه..
إبتسم زين بمكر: عجبني تعبير الجحيم دا يا نمر.

تطلع له بعين تشع بالشرار ثم تعالت الضحكات الرجولية بينهم على ما ينوى فعله، ولج والد همس للداخل ليرى زين فستأذن أدهم بالرحيل للمنزل حتى يبدل ثيابه فأوصله حازم وعاد للقصر هو الأخر...

هبطت من سيارة الأجرة تطلع للفيلا ببعض الخوف فهبط عبد الرحمن بأعين تحمل الغموض فخرج صوته الثابت: خايفة؟
أستدارت له برعب يتسرب من عيناها فتمسكت بذراعيه قائلة برجاء: خليك معايا يا عبد الرحمن.
إبتسم بخفوت وهو يزيح خصلات شعره التمردة على عيناه بفعل الهواء العليل: لازم تتقبلي عادتنا يا صابرين..
رمقته بستغراب: بس أنت جوزي!

نبض قلبه بقوة وعشق يتمرد على حصونه فرفع يديه يزيح تلك الخصلة المتمردة على عيناها: عشان كدا مش هقبل أن أيه حد يتكلم عليكِ بالسوء لازم الكل يعرف أنك مراتي ودا هيحصل لما تلبسي الأبيض ويتعملك أجمل فرح فى الدنيا..
أغمضت عيناها بسعادة عارمة من لمساته ثم قالت بخجل وصوتٍ يجاهد للخروج: أنت بتحبني يا عبد الرحمن؟
تطلع لها بغموض ودهاء يكمن بعيناه ثم قال: حبي ليكِ له شروط غالية مش هتقدري عليها..

تطلعت له بزهول وأستغراب فأبتسم قائلاٍ بمكر: أولهم أنك تكوني ملكِ لوحدي محدش يشوف جمالك غيرى ودا شرط مش هتقدري عليه..
علمت ما يريد قوله فأبتسمت بسعادة لتسرع بالحديث التلقائي: يعني لو أتحجبت هتحبني؟

إبتسم على تلك الفتاة ثم رفع يديه على وجهها قائلاٍ بجدية: ودي كمان مش هقبلها لازم تلبسيه عن قناعة، أنا لما شوفت خشوعك فى الصلاة أستغربت جداً أنك أزاي مش قادرة تحمى جمالك دا لزوجك بس بصراحة يكفى أنى أشوفك بعيوني وأنتِ عارفة دينك دي حاجة متوقعتهاش عشان كدا لما تحسى أنك حابة تحجبي العيون عن جمالك دا ساعتها هكون أسعد أنسان فى الدنيا كلها..

وتركها تفكر بما يقوله وتوجه ليصعد للسيارة فتخشبت قدماه وهو يتذكر خوفها ليستدير بتفكير: تيجى معايا؟
أتسعت بسمتها لتركض إليه سريعاً فأكتفى ببسمة بسيطة ليجلس جوار السائق ليسرسل رسالة لأحمد يخبره بها أن يصعد للنوم معه لتقضى صابرين الليلة مع جيانا وغادة وياسمين بشقة العم إبراهيم...

عاد أدهم للمنزل فتوجه للصعود لغرفته ليجدها تنتظره على الدرج وعلامات البكاء تستحوذ على وجهها...
أقترب منها قائلاٍ بستغراب: ليه قاعدة كدا؟
رفعت عيناها القاتمة له قائلة بلهجة مختلفة عنها: ليه طلبت تتجوزني يا أدهم؟
ضيق عيناه الساحرة بتفحص ثم أكمل الدرج غير عابئاً بها فأسرعت خلفه قائلة بصوت مرتفع: سألتك سؤال جاوبني عليه..

وقف على أخر درجة المؤدية للشقة الخاصة به ليرفع يديه بضيق يعيد تلك الخصلات الكثيفة المتمردة على عيناه الخضراء ليقول بثبات يجاهد له: جيانا أنا راجع أعصابي تعبانة من الا حصل ومش هقدر أدخل معاكِ فى نقاش أنا شايفه منهى من وجهة نظرك..
صعدت لتقف أمام عيناه قائلة بصدمة وزهول: يعني أنت عارف أنا عايزاك فى أيه؟!.
تطلع لها بسكون فتلك الحمقاء لم تعلم تفكيره بعد..

أخرج مفاتيح المنزل ثم أوشك على الدخول لتلقى به أرضاً قائلة بضيق وغيرة بادية بنبرتها: أنت لسه على علاقة بيها ليه؟.
أطبق على معصمه بقوة ومازال يتحاشي النظر إليها حتى لا ترى غضب النمر الساحق فيخترق الخوف أضلاع قلبها لربما سيتحول عشقه لخوفٍ قاسي!..
رمقته بنظرة محتقنة بالغضب: ممكن ترد عليا، طب لما أنت بتحبها ولسه بتشوفها عايز تتجوزني ليه؟!، ولا أخدني وسيلة عشان تجدد الماصي وتع...

قطعت باقي كلماتها حينما ألتقت بتلك العينان القاتمة بمزيج من اللون الأحمر ولونٍ مجهول صعبت بالتعرف إليه، ذراعيه المنغرسة على يدها بقوة جعلتها ترتجف برعب فخرج صوته الشبيه لزفاف موتها: عيدى أسلوبك بالكلام دا تانى وأوعدك أنك مش هتلحقى تكمليه ولا هيهمني أي مخلوق ولا أنك مبقتيش مراتي...

وتركها لتوشك على السقوط فتراجعت للخلف وعيناها تتراقب نظراته برعب لتصعد الدرج وعيناها متعلقة به حتى كادت السقوط لتنفذ بحياتها حينما هرولت للأعلى، أما هو فزفر بغضب وحمل المفاتيح الملقاة أرضاً ثم ولج للداخل ليجد أخيه يجلس بالداخل مع غادة ومكة فولج لغرفته غير عابئ بهم..
غادة بستغراب: أدهم ماله يا ضياء؟
أجابها بحزن: أكيد حزين على زين الا حصل مش سهل..
مكة بتأكيد: الله يكون فى عون عروسته ويقومه بالسلامة..

بالأعلى...
نهض من الفراش بنوم ثم توجه للأعلى بضيق عندما أخبره عبد الرحمن بذلك ليجدها تحمل ثياب بيديها وتهبط للأسفل، أقترب منها أحمد ببسمة مكر: واضح أن عبد الرحمن قالك؟
أكتفت ببسمة صغيرة فأقترب منها قائلاٍ بعشق: هكون سعيد لو نمتي على سريري
ثم قال بمشاكسة: بس بلاش تخلى الزفتة غادة تنام مكاني دي ممكن تنقلى عدوة البرود الا فى دمها!.

تعالت ضحكاتها فصعد الدرج ليكون أمامها: تصبحي على أجمل أحلام بالكون كلها وأكون أنا فيها
وغمز بعيناه الكحيلة ثم أكمل الدرج للأعلى بنظرات تسلية لرؤية الخجل يسرى بأنحاء وجهها...

هبطت من السيارة ثم لحقت به للأعلى بخجل فصعد بها لشقة ريهام، طرق الباب ليجدها بأستقباله هى والفتيات ما عدا جيانا التى تقاسي بغرفتها لما رأته من معشوقها، رأت قسوة بعيناه تراها لأول مرة لتربط بذهنها علاقة حبه بتلك الفتاة...

بقصر حازم السيوفي...
ولج لغرفته ليقترب منها طابعاً قبلة على رأسها بعشق: لسه صاحية..
بدا الألم على وجهها فقالت بهدوء: مستحيل أنام من غيرك..
إبتسم بهوس عشقها: عارف..
رمقته بضيق وهى تقرب وجهها منه هامسة بغضب: مغرور..
تعالت ضحكاته الوسيمة: عارف..
كبتت غضبها لتسرى علامات الألم على وجهها فرفع يديه على موضع جنينها مثلما وضعت: مالك يا حبيبتي؟
أجابته سريعاً: مفيش
رمقها بنظرة متفحصه: مفيش أزاي أنتِ مش طبيعية!

إبتسمت بسخرية: العادي لأى واحدة حامل..
تطلع لها بنظرة ماكرة وهو يكرر حديثها: العادي للحامل! أوك هأخد شاور وهرجع نشوف الموضوع دا مع بعض..
أكتفت ببسمة بسيطة وهى تجاهد الآلآم فولج لحمام الغرفة وهى برحلة معاناة أنتهت بصدمة كبيرة لتصرخ بآلم لا يطاق بأسمه المتردد بحروف من الآنين..

جذب حازم المنشفة ثم وضعها على خصره ليخرج من الحمام سريعاً فصعق بشدة حينما رأى حوريته ملقاة أرضاً، غائبة عن الوعى، تفترش الأرض بدمائها التى لا حصى لها لا يعلم أنها بداية لأنتقامٍ ما، لا يعلم بأن هناك عدو حقيقي لجواره!، لا يعلم أنها من سيعاني لأجل ذلك الأنتقام بأبشع أحساس سيدمر قلبها رغم أن الحقيقة تجرى لصالحها، لا يعلم أن هناك مجهولاٍ قاسي لن يقوى على محاربته بمفرده فكيف سيحارب وعدوه مجهول!..

عشقه الطواف سيدمره الأنتقام أمام عيناه وصوتها يسرى بجسده ليجعل النمر مطعون بخنجر نصله سيصل للعدو فكيف له بالقضاء على نمر جامح؟!..
ستختار طريق الشوك والحصى وستترك درب الحب والأشواق لتجمع ما حصدته من لعبة دانئية لتنال عقاب عاشق محترف ليريها الآن قوانين العشق!..
رحلة سيغتنمها العقاب ليرحل المافيا لأركان الصعيد ولكن ماذا عن وجود الفهد!.
ما سبب أختفائه المفاجئ!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة