قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع

أبدل أدهم ثيابه لسروال من اللون البني وقميص أبيض اللون مصففاً شعره بحرافية فكان وسيماً للغاية، توجه للأسفل فتفاجئ بها تجلس على الدرج ولجوارها تجلس شقيقته تتبادلان الحديث بصوتٍ يكاد يكون مسموع...
مكة بغضب: يعنى أنتِ أختها ومعاها فى بيت واحد ومش عارفة مالها؟!
قطعتها بسخرية: وأنا يعني عشان أختها لازم أعرف كل حاجة عنها!

إبتسمت بسخرية: لا ميصحش عيب، أنا طول عمري أقول عليكِ بلاء من إبتلاءات الزمن مكنش حد بيصدقني
رمقتها بغضب ثم أنقضت عليها تكيل لها الضربات: أنا الا غلطانه أنى قاعدة جانب واحدة عبيطة زيك لا وأيه بتكلم معها بعقل وهو مش موجود عندها..
صرخت مكة بألم ليخرج صوتها بصعوبة: يخربيتك هتموتيني فى أيدك
جيانا بسخرية: هو أنتِ لسه شوفتي حاجة
مكة بحزن مصطنع: كدا يا جوجو وأنا الا بقول عليكِ حبيبتي!

جيانا بغرور: أنا مش حبيبة حد يا قلبي أسحبي كلماتك
: لو خلصتم ممكن أنزل؟!
صعقت الفتيات وتطلعت لبعضهم البعض من سماع صوته فأستدروا سريعاً لتتخشب كلا منهم محلها حينما رأته يقف أمامهم بطالته ونظراته الثابتة..
مكة بأرتباك وهى تعدل من حجابها قائلة ببراءة مصطنعة: أنا معملتش حاجة البت دي الا مدت أيدها عليا لكن أنا مقدرش أعملها حاجة لأنها أكبر مني.

صعقت جيانا فتأملتها بصدمة، خرج عن صمته قائلا بسخرية: مفيش داعي للشرح يا مكة أنا هنا من فترة
إبتلعت ريقها برعب بينما تلون وجه جيانا بحمرة الخجل حينما تردد لعقلها ما فعلته!
أسرعت مكة بالحديث قائلة وهى تسرع بالهبوط: المغرب قرب يآذن هلحق أجهز العصير..
تطلعت لها جيانا بغضب بعدما هرولت من أمام النمر لتبقى هى أمام عيناه الساحرة..

هبط الدرج ليقف أمام عيناه يتأمل خجلها بأبتسامة خبث ليخرج صوته الماكر: الا عملتيه مع مكة مش غلط بس بستثناء كلمة قولتليها
رفعت عيناها له بزهول فأقترب منها يتأمل عيناها بنبض صدح بصدره ليتمرد على حوافز الزمن، بقى طويلا هكذا ولكن سرعان ما عاد لأرض الواقع فهمس لها بصوته الرجولي: أنتِ
حبيبة ليا، سكنتي خلاص جوا نبض القلب يعنى بقيتى ملكِ فاضل بس أعلن للكل.

وإبتعد عنها ليجدها جمرة مشتعلة من الخجل فأبتسم بخفوت ثم هبط للأسفل تاركها تستعيد زمام أمورها..
، بالأسفل...

وضعت ياسمين الأطباق على الطاولة الطويلة فقدمت غادة ومكة الطعام حينما قرب موعد الآذان، ولج طلعت المنياوي من الخارج ولجواره أبنائه الثلاث فأنضموا للمائدة وكذلك فعل أدهم ويوسف وأحمد، تجمعت العائلة وشرعت بتناول الطعام حينما صدح الآذان بالمكان بأكمله، لحق بهم عبد الرحمن فتطلعت له سلوى برعب: أيه الا حصل لأيدك؟

أنتبه الجميع له فصمت قليلا يتذكر ما فعلته تلك اللعينة فطبق على يديه بقوة زرعت الشك بقلب أدهم وأحمد، خرج صوت عبد الرحمن بهدوء زائف تحلى به: متقلقيش يا حبيبتي دا جرح بسيط
وتوجه بها للمقعد لينضم لهم شارد الذهن بتلك الفتاة فرغبة الأنتقام منها تزداد أضعافٍ مضاعفة بداخله...
عم الهدوء والأنتباه حينما تحدث طلعت قائلا بوقاره الدائم: أبوك جالي أنك عايزني يا أدهم.

أنتبه أدهم له قائلا بأحترام: أيوا يا جدى لو تسمح بس 10 دقايق فى القاعة..
جفف يديه جيداً مشيراً برأسه بالموافقة فولجوا جميعاً للقاعة...

بالمشفى
وبالأخص بغرفة حازم السيوفي...
عاونته رهف على أرتداء ملابسه فأبتسم على خجلها المرسوم على وجهها ليرتدى قميصه بمفرده قائلا بسخرية: عفونا عنك
رمقته بغضب فتعالت ضحكاته على مظهرها الطفولي، جذبها لأحضانه قائلا بخبث: طب وأنا ذنبي أيه؟ مش أنتِ الا مصممة تساعديني؟!
رفعت عيناها الغاضبة له لتدفشه بعيداً عنها بضيق: وحضرتك ما صدقت!
قربها منه قائلا بتفكير: أبقى غبي لو فوت الفرصة.

حاولت أخفاء شبح البسمة الظاهرة على وجهها ولكن لم تتمكن، رفع وجهها بيديه لتتقابل مع سحر عيناه القاتل فعلمت الآن أن الهلاك ببحور عشقه حقيقة ومصير..
إبتعدت عنه سريعاً حينما إستمعت لصوت طرقات باب الغرفة فأبتسم وهو يعيد خصلات شعره المتمردة على عيناه بفعل المياه...
ولج للداخل بعدما سمح الآذن بذلك فأعتدل حازم بجلسته بزهول من رؤية من يقف أمامه!

حتى رهف ترى هذا الرجل ذو الخمسون عاماً لأول مرة، جلس إبراهيم السيوفي على المقعد المجاور له قائلا بنبرة جافة تشود للخوف بنجاح: مش هأخد من وقتك كتير
نبرته الجافة زرعت القلق بقلب رهف وبالأخص ملامح حازم الثابتة كانت سوء لحالتها، أشار لها حازم بالخروج فأنصاعت له وخرجت على الفور ليتبقي هو بمفرده معه...
خرج صوته بعد مدة طالت بالنظرات الساكنة بينهم: أيه سر الزيارة الكريمة دي؟!

أخفض إبراهيم قدميه والغضب يكتاظ ملامح وجهه فخرج صوته الشبيه للرعد: إسمعني كويس يا حازم أنا معنديش غالي فى حياتي غير بنتي هى كل حياتي مستعد عشانها أحارب الكون كله، فصدقني ممكن أنسى القرابة الا بتجمعنا وأقضي عليك وعلى أخوك بذرة قلم
ضيق عيناه بعدم فهم: بغض النظر عن تهديدك دا فأنت فى النهاية عمي وأحترامي ليك هو أنى مسمعتش حاجة لأن تهديد حازم السيوفي حفر قبر ليفكر يعملها.

بدا الخوف على ملامح وجهه فسترسل حازم حديثه بهدوء تحلى به: أنا عارف أن حمزة تصرفاته زادت عن الحد بس مش معناه أنى هسيبك تخلص على أخويا وأنا واقف أتفرج عليك..
تخل عن المقعد قائلا بغضب: حمزة نهايته هتكون علي ايدي لو مقاليش بنتي فين؟
صعق حازم فتخل عن فراشه قائلا بصدمة: تقصد أيه؟

أخرج إبراهيم من جيب سرواله ظرف مطوى وألقاه بغضب على الفراش قائلا بعصبية لا مثيل لها: لما تفتح الظرف دا هتعرف وخاليك فاكر كلامي كويس رقبة أخوك قصاد خدش واحد بس..
أقترب حازم منه قائلا بتفاهم لما يشعر به: متقلقش يا عمي رتيل فى النهاية هى بنت عمي برضاك أو غصب عنك وأنا مش هسمح لحمزة يأذيها زي ما عمل معايا.

شعر بصدق ما يتفوه به فأشار برأسه بأستسلام وغادر تارك بؤرة الغضب تجتاز عين حازم فجذب الظرف ومزقه بلهفة لرؤية ما بداخله وكانت الصدمة حينما رأى رتيل مقيدة بأغلال غليظة، التعب يتمكن من ملامحها، والدموع تسرى على وجهها بلا توقف..
قبض على الصور بغضب وهو يتحدث ببركان مكبوت: حمزة
ثم ألقى بالظرف أرضاً وهو يتوعد له بالكثير...

أما على الجانب الأخر هناك قلبٍ حُطم بقوة بعدما حصل على الحياة، شعر بأستقرار نبض قلبه حينما أخبره الطبيب بأنها على وشك أستعادة وعيها ولكن حدث شيئاً ما قلب الموازين لتصبح بمرحلة الخطر مجدداً..
بغرفة همس...
ظل زين لجوارها طويلا ولكن لم تستعيد وعيها حتى مع صباح يوم جديد!..
ولج الطبيب للداخل ثم فحصها بحزن على ما سيخبره به ولكن عليه ذلك...
زين بتردد من رؤية ملامح الطبيب: فى أيه يا دكتور؟

ألتزم الطبيب الصمت قليلا ثم قال بهدوء: للأسف الأنسة همس دخلت فى غيبوبة ومن الواضح أنها مش مؤقتة
صعق زين فردد بثبات فشل بالتحلى به: يعنى أيه؟
رفع الطبيب يديه على كتفيه بحزن: هى مش محتاجة غير الدعاء مفيش حاجة بعيدة عن ربنا
وتركه وغادر ليسقط على المقعد بأهمال ونظراته تطوفها وهى تعتلى الفراش بستسلام..

أقترب منها زين بخطى متثاقلة فحركها بقوة والدمع يشق طريقه على وجهه: لا يا همس مش هسيبك تعملي فيا كدا، فاهمة مش هسمحلك تعاقبيني بالقسوة دي...
ولجت الممرضة لتحول بينه وبينها سريعاً ثم أخرجته من الغرفة برجاء بأن الحالة ستسوء أن بقى بالغرفة...

خرج زين من غرفتها بأهمال كأنه فقد مذاق الحياة، الحركة تسرى بجواره وهو بعالم لا يوجد به سواه، كلمات الطبيب تسقط على مسمعه فجعلته كالمتبلد، جروحه تتسع بفجوة لا مثيل لها لتخترق أضلاع قلبه فيتردد أمامه مشاهد من قسوته تعلن له موعد الأنتقام أنتقام عاشقة ستخضع لحكم ليعلم كم عانت مما فعله أفواه، ولكن هل سيقوى على العيش بدونها؟!
أما أن هناك مجهول غامض على الأبواب!

بمنزل طلعت المنياوي...
بقي ساكناً يتأمل أحفاده بنظراتٍ غامضة تسرى بالفخر وهو يرى أمامه رجال ناضجين تضخ عيناهم بالرجولة والعزة...
خرج صوت محمد ليكسر حاجز الصمت بالقاعة قائلا بأرتباك من طلب إبنه: بس الحاج مقالش أنه عايز يبيع الأرضية
وزع إبراهبم نظراته على والده الهادئ بخوف: مش لازم الحتة دي ممكن تشوفوا حتة تانية قريبة من البيت.

تطلع له أدهم بثبات: يا عمي أحنا بنعرض عليه البيع وبالتمن الا هيعرضه للغرب، وبعدين أنا سمعت من بابا أن جدي كان هيعرضها للبيع فعشان كدا خدنا القرار دا
تعجب إبراهيم مما أستمع إليه فتطلع لأخيه ليشير له بأن ما يخبره به صحيح...

كاد الأخر الحديث ولكن قطعهم أشارة طلعت ليعم الصمت المكان، طافت نظراته أحفاده الثلاث مما زرع الأرتباك بقلوب الأباء فقطع حاجز الصمت صوته الغامض: إكده بجيتوا رجالة صوح وجاين تبيعوا جدكم حتة الأرض الا عنديه!
تحدث عبد الرحمن سريعاً: لا يا جدي لو حضرتك مكنتش حابب تبيعها أستحالة كنا فاكرنا فيها..

أكمل احمد بهدوء: أحنا أختارنا الأرض دي لأنها قدام البيت ومش حابين نبعد عنكم ومدام حضرتك مش موافق فهنشوف غيرها من غير زعلك لأنه غالي علينا
إبتسم طلعت قائلا بصوت أزهل الجميع: لا يا ولدي أني مش زعلان واصل، بالعكس أني حاسس دلوجت أن ولادي جابوا رجالة وعشان إكده الأرض دي هدية مني ليكم..

قطعه أدهم بضيق: لا يا جدي لو حضرتك محطتش المبلغ الا تحبه مش هنقدر نأخد الأرض ولا نبني عليها حاجة حضرتك تحدد السعر الا يناسبك دي أرضك وتعبك
تطلع محمد بخوف لأبنها أن يبتلع كلماته ولكنه تفاجئ حينما وقف طلعت المنياوى فأبتلع ريقه بهلاك أدهم لا محالة...
أقترب طلعت من أدهم ليقف أمامه بأبتسامة هادئة ليخرج صوته الساخر: خلاص كبرتك لما جولت عليك راجل فنسيت إني جدك!
أخفض عيناه بحرج: العفو با جدي بس..

قطعه حينما رفع يديه ليسترسل حديثه: مش عايز حد إهنه غيره و أحمد وعبد الرحمن
كانت رسالة موضحة لأبنائه الثلاث فتوجهوا للخارج بخوفٍ شديد..
جلس الجد على الأريكة مشيراً لهم بالجلوس لجواره فأقتربوا منه بزهول من طريقته الغامضة، جلس أحمد جواره وعلى يمينه جلس عبد الرحمن أما أدهم فجلس على المقعد المقابل له...

تأملهم طلعت المنياوي قليلا ثم قال بهدوء: زمان أدليت على مصر أني ومرتي كان ساعتها لسه أبوك يا أدهم صغير مكنش لسه معايا مليم أبيض، أنى وعيت على وش الدنيا لجيت أبوي عنده مزراع فاكهة وأراضي كتير جوي فعشت أنى وأخواتي نخدمه بعيونا التنين لحد ما قرر أنه يخلى كل واحد يعتمد على نفسه...

صمت قليلا لتحل البسمة وجهه قائلا برضا: كان قرار زين بس متأخر جوي أدليت البندر أنى وجدتك وأشتغلت فيها أي حاجة تخطر على بالكم...
ثم رفع يديه بتحذير: أي حاجة بس بالحلال بدون ما أغضب ربنا عشان إكده ربنا كرمني من وسعه وأشتريت البيت دى على وش إبني الصغير، صحيح مجبتش بنات بس هما جابوهم لحد داري تربية وأخلاق تجبرني أكون اب ليهم...

أستمعوا له بحرص ليكمل بحزن: بعد جوازتهم أتفاجئت بأبوي أنه بعتالنا مرسال أنى وأخواتي أنه خلاص هيقابل وجه كريم، أدليت على الصعيد وأني حاسس أنى جلبي هيوجف من الخوف، وزاد أحساسي لما شوفته على السرير راقد بين الحيا والموت، ساعتها مسألش كل واحد فينا سافر فين وعمل ايه من غيره، بالعكس جال كلمتين تنين مالهمش تالت..

رفع طلعت عيناه لأحفاده قائلا بآلم وقوة غامضة: قال دلوجت كل واحد فيكم عرف قيمة الضنا والمال، دلوجت بقيتوا رجال ويعتمد عليكم عشان لما أموت مبجاش ورثتكم المال الا ممكن تخسروه لكن دلوجت تعرفوا القرش كيف يكون طريقه..
وده كان أخر كلامه رغم أنهم جصرين بس رمموا الشروخ الا كانت جوانا..
غامت عيناهم بالدمع على حديثه فأبتسم أدهم فالآن علم رسالة جده الصريحة لهم...

رفع طلعت يديه على كتفي أحمد وعبد الرحمن: كل الا عمالته ده عشانكم يا ولدي لكن مفيش حاجة بتاعتي وبتاعتكم كل المال ده بتاعكم أنتوا وأخواتكم كل الا كنت عايز أقولهالكم أنى لما رجعت من الصعيد بأملاك وأراضي ورثتها من أبوى مكنتش سعادتي زي أول قرش كسبته بعرق جبيني..
أدهم بفخر: كل يوم بزيد فيك أحترام يا جدي
إبتسم قائلا بسخرية: وأنى بيزيد غضبي عليكم وأنى شايفكم بتتغزلوا ببنات أعمامكم إكده.

سعل أحمد بقوة فكبت عبد الرحمن ضحكاته قائلا بثبات مخادع: حاشة لله يا جدي مغازلة أيه بس؟!
ضيق عيناه ليقول بغضب مصطنع: فاكرني إصغير إياك
أحمد بخوف: بمناسبة القعدة العسل دي متجوزني ياسمين بنت عمي وأنا أدعيلك دنيا وأخرة والله العظيم
تعالت ضحكات طلعت لأول مرة قائلا بصعوبة بالحديث: لع أني وفجت على الأرضية لكن جواز سبونا نفكر ونرد عليكم.

تطلع له أحمد بحزن على عكس أدهم يطوفه بنظرات غامضة، تحلى طلعت بالثبات الدائم قائلا بجدية: يالا بجا سبوني مع عبده لوحدينا عشان ألحق صلاة العشا
وزع أحمد النظرات بين أدهم وعبد الرحمن برعب فجذبه أدهم للخارج حتى لا يفتضح الأمر ولكن لا يعلم أن الجد على علم بما يحدث!..

خرجوا جميعاً فرفع عبد الرحمن عيناه له ليجده يتطلع له بثبات وغموض نجح عبد الرحمن بمعرفة الخفى وراءهم فأبتسم قائلا بعدم تصديق: زين لحق يقولك!
أستند الجد على الأريكة قائلا بهدوء: زين عمره ما خبي عليا حاجة يا ولدي
تقبل عبد الرحمن الأمر قائلا بجدية: طب وحضرتك رأيك أيه؟

صمت طلعت قليلا يتفحص ملامحه بأهتمام فقال بهدوء: أسمع يا ولدي أنى عمري ما رافضت لزين طلب لكن المرادي مجدرش أخد الخطوة دي فكر زين ورد عليا بقرارك
وتركه الجد وخرج من القاعة بأكملها ليحسم هو أمره الأخير..

بقصر حازم السيوفي
دلف للقصر بعدما سمح له الطبيب بذلك، فجلس على الأريكة يتطلع على الباب الفاصل بينه وبين أخيه بشرود..
جلست رهف لجواره تطلع له بقلق وأرتباك لتخرج عنه قائلة بهدوء مصطنع: بتفكر فى أيه؟
رفع حازم عيناه لها بصمت قطعه قائلا بهدوء زائف: سبيني لوحدي شوية يا رهف
أسرعت بالحديث: مستحيل أسيبك لوحدك مع الحيوان دا
رمقها بنظرة غامصة فحاول التحكم بزمام أموره قائلا بثبات ؛ هبقى كويس متقلقيش.

أشارت برأسها بقوة وخوف ليجيبها بغضب: مش قولتلك سبيني لوحدي!
أسرعت بالنهوض بفزع من صراخه الغير معهود فشدد على شعره الأسود الغزير بضيق ثم وقف على قدميه وأقترب منها ليحتضن وجهها بيديه: أنا آسف يا حبيبتي بس بجد محتاج أكون لوحدي
أشارت له بتفهم وتوجهت لغرفتها بصمت وعيناها تطلع لذلك الباب القابض للأنفاس برعبٍ حقيقي..
أما هو فقطع نظرات الصمت بأن ولج للداخل ليجده مقيد بالأغلال التى أعدها له من قبل...

شعر بحركة خافتة بالغرفة ففتح عيناه ليجده أمامه فأبتسم قائلا بسخرية: حمدلله على السلامة متوقعتش أنهم هيكتبولك على خروج سريع كدا
جذب المقعد وجلس يتأمله بنظرات جعلت الدماء تتغلل بالعروق فخرج صوته الهادئ: وليه متقولش أنك وحشتني!
ضيق عيناه بغضب وهو يحاول تحرير يديه قائلا بعصبية: لو فاكر أن الا بتعمله دا هيأثر فيا تبقى غلطان
أقترب منه حازم وعيناه تشع شرارت الجحيم قائلا بنبرة تلتمس القوة: رتيل فين يا حمزة؟

إبتسم وهو يتأمله قائلا بتحدى: متحاولش، أنت أتعاقبت ودا دورها
صاح بغضب لا مثيل له: أنت مستحيل تكون بني أدم أنت مريض نفسي
: البركة فيك وفى أبوك
قالها بصوت يحمل الآلم فدفش حازم المزهرية بغضب وهو يحاول التحكم بأعصابه وبالفعل بعد عدد من المحاولات تمكن من ذلك...

كبت غضبه الجامح وأقترب منه ثم حرر قيده تحت نظرات أستغراب حمزة، فخرج صوته وعيناه تتأمل زهوله: أنت حر يا حمزة تقدر تخرج من هنا براحتك وبرضو تقدر تقتلني ودلوقتي حالا وأوعدك أنى مش هقاوم
أقترب منه ليقف أمام عيناه بستغراب لما يقوله فصاح حازم بنفس لهجته: مستني أيه ما تنتقم مني زي ما كنت حابب أه بس للأسف مش هتقدر تنتقم من أبوك لأنه خلاص بين أيدى ربنا لو تقدر ضاعف العقاب ليا وأهو بالك يرتاح..

شعر بالعار والخجل فوضع عيناه أرضاً، ليجذب حازم السلاح من جيب سرواله ويضعه فى يديه قائلا بسخرية: يالا مستنى أيه؟
صراخ قوى عصف بالغرفة فأستدار حازم ليجد رهف تتخبئ خلف الحاجز والدموع تغزو وجهها، جسدها يرتجف بشدة وهى ترى معشوقها يقدم موته ليديه...

ظلت كما هى تبكى بقوة وهى توزع نظراتها بينهم، ألقى حمزة السلاح من يديه ونظراته تطوف حازم بصدمة فتركه وخطى بضع خطوات للخارج بينما ركضت رهف بسرعة جنونية لأحضان معشوقها فشدد من أحتضانها بعدم تصديق بأنه مازال على قيد الحياة...
تطلع له وهو يغادر فقال بغموض: حمزة
أستدار له ليرى ماذا هناك؟، رمقه بقليلا من الصمت ثم قال بثبات: بابا كاتب نص الأملاك بأسمك من قبل موته
كانت صدمة له الآن صار أنتقامه سراب!..

خرج حمزة من القصر مسرعاً وهو بحالة لا يرثي لها، نظرات وأمنيات أخيه تلحقه بأن ما أخبره به يطفئ شعلة الأنتقام بداخله...
أخرجه من بئر أمنياه شهقات بكائها المكبوت فأخرجها من أحضانه يجفف دموعها قائلا بحنان: متقلقيش يا حبيبتي أنا كويس
أزاحت يديه عنها ثم هرولت للخارج ببكاء مما كان سيفعله...
فجلس على المقعد بستسلام على ما يحدث له...

صعدت مكة للأعلى لترى ماذا هناك؟ ولما تريدها ياسمين فى الحال...
طرقت باب الشقة بستغراب من عدم أجابتها ولكنها تفاجئت بيوسف أمام عيناها...
مكة بزهول: يوسف!
سرعان ما تدرجت وجوده قائلة وعيناها تبحث عنها ؛ ياسمين فين؟
صرخت بآلم حينما جذبها يوسف للداخل بحركة مفاجئة ثم هوى على وجهها بصفعة قوية للغاية..

رفعت وجهها المحتضن بين يديها بصدمة ودموع وهى تتأمله ليقترب منها قائلا بغضب لا مثيل له: النهاردة أتاكدت أنك أوسخ مخلوقة على وش الكون أنا الا بعتلك رسالة من تلفون ياسمين عشان تطلعلي هنا عارفة ليه؟
بقيت متخشبة محلها لا تعلم أن كانت بحلم أم بحقيقة مأساوية..
جذبها من حجابها بقوة قائلا بصوتٍ مزلزل: حبيت أكون أول واحد يعرفك بحقيقتك الواسخة دي قبل ما أخوكِ وجدك يعرفوا بالا عرفته.

بكت بآلم وهى تحاول تحرير نفسها من بين يديه قائلة بدموع: أبعد عني أنت بأي حق ترفع أيدك عليا!
إبتسم بسخرية: هعرفك بأي حق
لم تفهم كلماته الا حينما صفعها عدة صفعات متتالية حتى هوت أرضاً من كثرة الآلآم فربما مجهولهم سوياً على وشك الأبتداء!..

بمنزل زين...
وبالأخص بغرفته..
جلس أمام الفراش يتأملها بدموع تهوى بلا توقف، رفع يديه يحتضن يدها الباردة قائلا بأبتسامة جاهد لرسمها: تعرفي أحنا فين؟
تطلع للغرفة بحزن: فى البيت الا كان هيجمعنا...
ثم مرر يديه على شعرها الحريرى قائلا بعشق: طلبت من أبوكِ أنك تخرجي من المستشفي على هنا، عشان تكوني جانبي على طول..

هوت دمعة من عيناها فأزاحها بلهفة ليضمها لصدره قائلا بهمس عاشق: أنا عارف أنك سمعاني يا همس وعارف أنك هتعافري وهتقومي عشاني صدقيني عمرى ما هبعد عنك تانى ولا هسمح أن الا حصل دا يتكرر بس لازم تقومي..
أخرجها من أحضانه ليجدها بغفلة حطمت قلبه، عاد لثباته الطاغي حينما دلفت الخادمة قائلة وعيناها أرضاً أحتراماً له: فى واحد تحت عايز حضرتك يا فندم
زين بثباته الطاغي: واحد مين؟

قالت ومازالت عيناها أرضا: بيقول أسمه عبد الرحمن
أشار برأسه بهدوء: شوفي هيشرب أيه وأنا شوية ونازل
أشارت برأسها: تحت أمرك يا زين بيه
وغادرت على الفور ليضع زين همس بالفراش ثم داثرها جيداً ليرمقها بنظرة مطولة قبل أن يغادر...

غادر الغرفة ففتحت عيناها ببكاء حارق بعدما أستشعرت آمان أحضانه ولكن عليها ذلك فالمجهول يحتمها على تذكرة غالية ولكن ربما لا تعلم بأنها على حافة الهلاك على يد الزين لتعود شامة القسوة تستحوذ عليه من جديد!..

حاولت تحرير ذاتها ولكن لم تستطيع القيود تزداد قوة كلما جاهدت بالتحرر، تساقطت دموعها بضعف وقلبٍ يآنن بقوة من معشوق كنت له العشق وتوجهته بالعاشق فطعنها بقوة حتى بات العشق كره له..
ولج حمزة للداخل يبحث عنها بعيناه فوجدها تستكين على الحائط بتعبٍ بدا على ملامح وجهها المجهد..
أقترب منها فتراجعت للخلف بكره يشع من عيناها بقوة فرفع يديه يمررها على وجهها قائلا بشتياق: وحشتيني.

تراجعت بوجهها للخلف بتقزز قائلة بحقد: أفتكرتك مت بس للأسف لسه ربنا مستجابش دعائي..
إبتسم وهو يهمس لها بمشاكسة: مش قبل ما أنفذ وعدي ليكِ
دفشته بيدها المكبلة بالاغلال: بتحلم يا حمزة
أغمض عيناه بتلذذ فهمس بسعادة: بعشق أسمى لما تقوليه
صرخت به بجنون: أنت أنسان مريض فكني وخالينى أمشي من هنا وأنا هسامحك ومش هقول لبابا أنك أنت الا عملت كدا.

تعالت ضحكاته بجنون جذبها لتكون أمام عيناه: خروجك من هنا هيكون سبب فى كسرة أبوكِ وخاصة لو جوزك من خطيبك دا ساعتها فضحتك أنتِ وأبوكِ هتكون على كل لسان
صعقت حتى تخشبت الكلمات على شفتها فجاهدت كثيراً للحديث والدمع يدنو منها: أنت عملت أيه؟!
نظرات المكر بعيناه جعلها تصرخ بجنون بكلمات كره وسبٍ له حتى أخشي عليها من ما فعلته فحملها بين ذراعيه ثم حررها وتوجه بها للفراش..

جلس لجوارها يتأملها بأعين حاقدة، شيطان الجحيم بداخله يهنئه على أنتصاراته بأنكسارها، ملاك رحمة القلب بداخل النبض يصفعه بقوة ليخبرها بالحقيقة ولكن المعركة ليست عادلة بعد فالأنتصار بحاجة لقوة خارقة بين الجهتين وربما مجهول سيقلب الموزين رأساً على عقب بحرب الجبابرة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة