قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والعشرون

نهضت عن الفراش بأبتسامة رسمت بعشق حينما رأته يجلس على سجادة الصلاة ويرفع يديه بشهادة أن لا إله الا الله محمداً رسول الله، بقيت تتراقبه بعشقٍ ينبع بعيناها بعد تذكر ليلة الأمس الحاملة لطوفان من الحنان، أنهى عبد الرحمن صلاته ثم نهض يرتب سجادة الصلاة على المقعد المجاور له ليجدها تجلس ونظراتها تراقبه، أقترب منها بأبتسامته الساحرة قائلاٍ بغضب مصطنع: لأول مرة تفوتني صلاة الفجر بسببك..

تطلعت له بستغراب: بسببي أنا!
ضيق عيناه بمكر ثم كشف عن ساعديه قائلاٍ بثبات مخادع: فين فطاري؟
بقيت ساكنة لهفوات تتمكن بها أستيعاب ما تفوه به ليكمل هو بخبث: فى مصر الراجل بيصحى من نومه يلاقى الفطار جاهز على التربيزة واضح كدا أن فايتك كتير...
بدى الخوف يتسرب لها فقالت بأرتباك: بس أنا مش بعرف أطبخ..
إبتسم قائلاٍ بمكر: تتعلمي..
أغلقت عيناها كمحاولة للتفكير ثم قالت: من مين؟!.

رفع يديه يعدل من قميصه بغرور: أكيد مني طبعاً..
إبتسمت قائلة بحماس: أنت بتعرف تطبخ..
رمقها بنظرة مطولة فأنهاها بأن عقد ساعديه أمام صدره العريض قائلاٍ بصوتٍ شبه ساخر: أي شاب مصري أصيل دخل الجيش هيكون عنده الأمتياز دا...
سحبت الغطاء بلطف ثم أقتربت لتقف أمام عيناه قائلة بحماس: أكيد هكون غبية لو ضيعت فرصة زي دي!.

رُسمت على وجهه أحتراف الوسامة الخاص به لتجعلها تتورد خجلاً فربما كانت قدماها الأسرع بتقبل الأمر لتتراجع بأرتباك وعيناها متصنمة بين جفون عيناه، نظرات، همسات، تتودد لها فتجعلها هالكة لا محالة، أخفى إبتسامة الخبث الخاص به وتابع تقدمه بخطاه الثابت حتى حاصرها بين ذراعيه والحائط، أنحنى برأسه قليلاٍ ليهمس بمكر: الفرص كتيرة، والأيام أكتر منها..

أغلقت عيناها بقوة وتوتر يفوقه من صوته اللافح لوجهها ليكمل بعدم جذبها لتقف على أطراف قدميه: يمكن وعودي ليكِ تكون غير كافية بالتعبير بس الا أتمنى تعرفيه أني لو فى عمري دقايق بس أتأكدي أني مش هتردد ثواني عشان أقضياهم معاكِ...

أختبأت بين أحضانه بخجل وإبتسامة تنقل تردد القلب بالخفقان أم يلوذ بالتوقف فينتعي عذاب قربه الغامض، إبتسم عبد الرحمن وهو يعيد خصلات شعرها خلف أذنيها ليحملها بلطف حتى تشاركه أعداد الطعام...

بمنزل أحمد ..
أفاقت من نومها تسعل بشدة ففتحت عيناها تبحث عنه بخوف من رؤية الضباب الأسود المحاط بها، خرجت من الغرفة سريعاً قائلة بخوف: أحمد، أحمد...
عادت نوبة السعال أكثر لتجده يخرج من المطبخ قائلاٍ بفخر: صباح الخير يا قلبي...
لم تستطيع الحديث فقط تسعل بقوة ليسرع بأحضار المياه لها قائلاٍ بأبتسامة واسعة: حضرتك فطار ملوكي...

صعقت مما أستمعت إليه فولجت معه للداخل لتتصنم محلها حينما رات المطبخ بحالة لا يرثي لها وعلى الطاولة المخصصة للطعام قطعتين من الباذنجان المحروق والبيض الأسود بفعل ما حدث بالداخل فبترت الكلمات لتصبح بلا رجعة و نظرات كافيلة ببث ما بداخلها تجاهه ولكن ما عليها فعله؟!..
رفع يديه يعبث بخصلات شعره المتمردة على عيناه قائلاٍ بحرج: دا الا عرفت أعمله...

حاولت كثيراً أن تظل ثابتة وبالكاد أستطاعت ليخرج صوتها الحنون ببسمة صادقة: كفايا أنك فكرت بس تعملي أكل دي لوحدها أسعدتتي أوي...
بقى كما هو يتأمل عيناها بعشق، خصلات شعرها البنية بعدما تركتها بحرية فهو الآن نصفها الخاص، حلم يحاول أستيعابها ليجذبها برفق لتجلس على المقعد ويجذب الأخر ليجلس أمامها محتضناً يدها بين يديه: هعيش حياتي كلها أحاول أسعدك بس..

رفعت عيناها له بعدم تصديق لكلمات سلسلت من ماس، بقيت هكذا طويلاٍ ليخرج صوتها المرتبك: بجد يا أحمد؟
رفع يديه ببسمة تتحل وجهه بنجاح قائلاٍ بهمس: بجد يا قلب أحمد..
هنا صيحات القلب تعالت بالهتفات فأقترب منها كالمهوس لينغمر وجهها بحمرة الخجل فأسرعت بالوقوف لتتحدث بلهفة وهى تعيد خصلات شعرها بأرتباك: طيب أنا هنضف المطبخ وأعمل فطار تاني...

لمعت عيناه بالمكر ليرسم بسمة بسيطة وهو يجذب الأطباق: معنديش مانع أساعدك..
صاحت بسخرية غامضة: لاا كتر ألف خيرك أنا الا هعمل الأكل..
لم يتمالك زمام أموره فتعالت ضحكاته الرجولية الفتاكة قائلاٍ بصعوبة: عندك حق بعد الا عملته متدخلنيش المطبخ 20 سنه..
ثم أقترب منها قائلاٍ بمكر: أنا يا ستي هقف ساكت مش هعمل حاجة...
رمقته بنظرات شك فكبت ضحكاته وحمل الأطباق قائلاٍ بعد تفكير: أمممم ممكن أغسل الأطباق أنا..

وبالفعل ولج للمطبخ وشرع بتنظيف الأطباق بصعوبة لا بأس بها وهى مازالت متصنمة محلها لتسرع إليه...
أغلقت ياسمين الصنبور قائلة بتردد: لا يا أحمد أنا هغسل وهعمل كل حاجة..
وجذبت المقعد قائلة بهدوء: أقعد أنت بس وأنا هظبط الدنيا..
رفع يديه على معصمها قائلاٍ بثبات لعلمه ما يجول بخاطرها: بلاش تفكير رجعي يا ياسمين، الرسول صلي الله عليه وسلم..
قاطعته سريعاً: عليه أفضل الصلاة والسلام..

باشر حديثه: كان بيساعد زوجاته دا مش شيء خاطئ او عيب بالعكس أنك تخدي رسول الله قضوة ليكِ فدا بيزيد من رجولة الراجل مش بيقللها!..
ثم إبتسم بمرح: ثم أني مش هساعدك على طول أنا ماشي بمبدأ الا عمل حاجة يشيل حمولها وأنا الا خربت الدنيا هنا، وجذب الأطباق قائلاٍ بغرور مصطنع: متقلقيش مش هكسر حاجة..
إبتسمت بسعادة وشرعت بأعداد الطعام تاركت عيناها تختطف نظراتٍ فائضة بالعشق له...

ولجت المطبخ بخجل ووجهاً متورد بشدة تحاول أن تبقى أطول وقت ممكن بالداخل فربما ستحظي بدقائق النجأة بعيداً عنه، جلست على المقعد تتذكر نظراته، كلماته، همساته، فشعرت بأنها على وشك الأنضمام لعداد الأموات، حتى وجهها لم تشعر بنيران الخجل تنبعث منه كالبركان...

زفرت جيانا بغضب وهى تحاول أن يترك القلب تذكره فتحظى بالسكينة لوهلات، وزعت نظراتها بالمكان قليلاٍ فأبتسمت لتوصلها لحلاٍ يرضيها لتسرع بحمل الأطباق النظيفة لتعيد ترتبيهم من جديد فحينها سيترك القلب ذكراه، لا تعلم بأنه أنغمس بالأوصال!..

أستند بجسده الرياضي على الحائط، مربعاً يديه أمام صدره ببسمة زادت من ثباته أضعافٍ وعينٍ تشبه لقبه كثيراً فتجعله مزيج خاص بين الحدة والغموض، بين الآمان والخوف، الغضب والهدوء، ربما من يقف أمامه يقسم بأنه يرى شفرات غامضة يصعب معرفة رموزها، نعم هكذا هو النمر!..

كفت يدها عن تنظيف الأطباق وتخشبت قدماها محلها لينبض القلب بقوة كمن يلاحق الفرار من شبحٍ ما ؛ لترفع عيناها بصدمة أن تستدير فلماذا عليها ذلك وقلبها يشعر بوجوده؟!، رائحة عطره الخاص كافيلة بأخبارها بأنه بالمكان ذاته!..
إبتلعت ريقها بأرتباك فجاهدت أن تستدير ولكن بقيت كما هى لتسرع بفتح الصنبور وتكمل ما بداته حتى تهرب من حالتها المزرية...

لوي فمه بسخرية على ما تفعله حوريته فأستقام بوقفته وأقترب منها بضعة خطوات لتنسال البرودة جسدها والنيران وجهها بأنٍ واحد!.
بقي قريباً منها ليخرج صوته الساخر: ممكن أعرف بتعملي أيه؟.
إبتلعت ريقها بأرتباك وهى تجاهد بالحديث: زي مأنت شايف بنضف المطبخ...

رفع يديه يحك جبهته كمحاولة للتحكم بذاته لينهي ما به حينما جذبها سريعاً لتبقي أمام عيناه الهالكة قائلاٍ بثبات بعد فترة من الصمت: الا شايفه أنك بتحاولي تهربي مني..

رفعت عيناها بصعوبة فحاولت سحبهما بشتي الطرق التى باتت بالفشل، بقيت أمامه ساكنة تتطلع له بشرود، عيناها متعلقة به، طالت اللحظات بالتأمل، ثواني، دقائق وربما لساعات، تعمد البقاء ثابتٍ فهو أيضاً يرغب التطلع لعيناها الساحرة مثلما ترغب هي بتأمله، رأي بنهاية الأمر فرصة عظيمة للتحدث معها فربما سيتمكن من توضيح الأمر لها!..

رفع أدهم أطراف أنامله على وجهها ليقربها إليها فيعاونها على العودة لأرض واقعه، صعقت بشدة حينما أفاقت على حقبقة تأمله فحاولت كالمعتاد الفرار ولكن تلك المرة لم تتمكن حينما قال بهدوء: عايزك جانبي على طول يا جيانا..
ضيقت عيناها بستغراب: بس أنا جانبك!.

إبتسم بخبث فحملها بين ذراعيه وهى بصدمة من أمرها ليخرج بها لطاولة الطعام بالخارج فجلس على المقعد ليجذبها على قدميه قائلاٍ بنظرات تفيضها وسخرية تلحقه: جانبي!، أعتقد أجابة مخادعة، أنتِ على طول بتحاولي تهربي مني كأني شبح هيقبض روحك!.
تسلل الغضب لوجهها لتزفر بتلقائية غاضبة: هعملك أيه يعني مأنت الا كل شوية تبصيلي وأنا بتوتر من نظراتك وعي...

بترت كلماتها حينما رأت بسمة جانبية تطوف بوجهه لتفق على ما تفوهت به ليقترب بوجهه هامساً بخبث: مالها نظراتي؟، كملي..
تلون وجهها كثيراً فلم تجد سوى الأختباء بداخل أحضانه لتتعال ضحكاته فجذب الشطائر ليطعمها بذاته وهى بين ذراعيه تتمسك به بخجل...

بفيلا زين ...
فتحت عيناها بأبتسامة رقيقة لتجد الفراش فارغ، أستندت بجسدها على الوسادة لتفتح عيناها ببطئ فترة تلك الكلمات المحفلة على ورقة صغيرة مطوية لجورها...
جذبت همس الورقة بلهفة لتجد كلماته تزينها بعشق..
بأنتظارك تحت متتأخريش.

إبتسمت بهيام لتنهض سريعاً عن فراشها وتركض للنافذة بلهفة لتراه يقف بالحديقة يرتب الطاولة، رفع وجهه للأعلي ليجد حوريته تزين شرفة غرفته، خلع عنه نظارته السوداء بنظرة مطولة لها تلك الفاتنة التي تنجح بأسر قلبه على الدوام...
أشارت له بسعادة ثم ولجت تستعد للهبوط بينما أكتفي هو بتراقبها بعشق حتى صارت أمام عيناه...
همس بأبتسامة مرحة: صباح الخير...

جذب المقعد مشيراً لها بالجلوس: صباح النور والجمال على أجمل همس بالدنيا..
جلست على المقعد فأعاده للأمام قائلة بخجل كل دا ليا..
جلس مقابل لها قائلاٍ بغرور مصطنع: متفكريش أن تجربة الجزيرة هتتعاد!، أنا هنا ليا برستيجي بين الخدم...
كبتت ضحكاتها ليكمل بغمزة عيناه الزرقاء: أكتفيت برص الأطباق بس عشان عيونك..

تعالت ضحكاتها ليصفن بها فتابعت الحديث المرح وهو بعالم أخر لم يستمع لكلماتها فقط يتابع عيناها ليقطع حديثها بكلماته: بحبك..
إبتسمت بخجل وسحبت عيناها لتلهي ذاتها بتناول الطعام فأبتسم وترك مقعده ليجلس جوارها قائلاٍ بمكر: بتأكلي من غيري؟

جذبت الطعام وقربته منه فتراقبها قليلاٍ وهى تطلع له بستغراب فظنت أن الطعام لا يروقه ولكنها تفاجئت به يجذب الطعام من الملعقة ليضعه بين يديها ويتناول طعامه بنظرات تطوف بها لتجعلها كحبات الكرز الحمراء، جذبت يدها سريعاً بأرتباك ليبتسم بأنتصار قائلاٍ بمكر: مش بحب أكل بالشوكة..
رمقته بنظرات نارية وجذبت الأخري ليجذبها منها قائلاٍ بخبث: ولا المعلقة...
ضيقت عيناها بضيق قائلة بسخرية: أمال سياتك بتأكل بأيه؟!.

أقترب منها ليطبع قبلة رقيقة على يدها قائلاٍ بخبث: سيادتي معنديش مانع أكل من النهاردة من أيدك أنتِ..
تجمدت نظراتها فرسمت بسمة هادئة على وجهها وهى تتأمله، سحبت يدها سريعاً حينما أقتربت منه الخادمة لتناوله الهاتف بأحد العملاء...
جذب زين الهاتف قائلاٍ بثبات بعد سماعه ما قاله: أنت عارف كويس أني مش بتناقش أمور الشغل غير بالشركة...
حدد معاد مع السكرتيرة ونشوف موضوعك..

وأغلق الهاتف ثم أستدار قائلاٍ بلطف: ها كنا بنقول أيه؟
زمجرت بدلال: العملاء مش قادرين يستغنوا عنك ولا أيه؟
تعالت ضحكاته قائلاٍ بصعوبة بالحديث: بين كدا معرفش مستعجلين على أيه مأنا رجعلهم بعد بكرا!
تطلعت له بصدمة وجدية: أيه دا أنت راجع الشغل بعد بكرا؟

رفع عيناه لها بهدوء: أيوا يا همس لازم أرجع بعد بكرا الشركة أنتِ عارفة أننا دخلنا من رمضان على أجازة العيد وبعدها على الفرح والشغل بالفترة الأخيرة كان في أهمال عالي، وأدهم كان معايا بكل ظرف لكن مهما كان لازم أتابع شغلي بنفسي..
إبتسمت بتفهم: ربنا يعينك يا حبيبي
جذبها لأحضانه قائلاٍ بعشق: ويخليكي ليا يا همستي...
أبتعدت عنه بنظرات نارية لتتعالي ضحكاته ليستكمل مشاكسته مجدداً..

بقصر حازم السيوفي ..
هبطت رهف للأسفل تبحث عنه بضيق حتى أستقرت عيناها عليه، أقتربت منه بتذمر حينما أستمعت لضحكاته المرتفعه مع شقيقه..
حمزة بسخرية: ليك حق تضحك ياعم مأنا الا لساني مقصوص منه حتة..
حازم بمحاولة مميتة للثبات: شكلك كان مسخرة بجد
وعاد لنوبة الضحك مجدداً ليبتسم حمزة بخبث: أضحك أضحك بين كدا اليوم هيتقلب عليك..

وأشار بعيناه تجاه رهف التى تقترب منهم ليرفع حازم عيناه عليها قائلاٍ ببعض الخوف: هو في أيه؟
تعال المكر عيناه ليجذب جاكيته ويتوجه للخروج قائلاٍ بسخرية: أستلقى وعدك بقى..
واستدار قائلاٍ بتذكر: ما تنساش معادنا بليل مع أبو حنين..
رمقه بضيق فجذب الجريدة لتستقر بين عين حمزة ليصرخ بغضب: أه يا غبي..

فتح عيناه ليجد وجهاً لا ينذر بالخير ليشرع بالهرب من أمامه، أقتربت منه رهف بغضب: ممكن أفهم أيه أخرة الا بتعمله دا؟
أستقام بجلسته قائلاٍ بجدية: أيه الا عملته؟
نهضت عن المقعد بضيق: أنت فاهمني كويس يا حازم..
ترك الطاولة وتوجه ليقف أمام مياه المسبح قائلاٍ بضيق: يوووه أنا بجد معتش فاهمك! بقيتي بتعشقي المشاكل بدون أسباب
لمعت عيناها بالدموع فأقتربت لتقف أمامه قائلة بمجاهدة للحديث: أنت مش مبسوط بالحمل صح؟

تطلع لها بصمت قليل ثم قال بغضب: أنتِ أتجننتي يا رهف
قاطعته بحدة: أتجننت عشان قولت الحقيقة!
دي مش حقيقة دا كلام فارغ وجنون..
قالها بصراخ بعدما جذب جاكيته هو الأخر ولحق بأخيه تاركها بصدمة من أمره لتهوى دمعاتها ببطئ لا تعلم بأنه بصراع بين ما أخبره به الطبيب وما فعلته راتيل فلا يعلم ما حدث لها بفعلها أم أن حديث الطبيب صائب!.

عالت الزغاريد وأصوات السيارات بالحارة فخرجت النساء لترى ماذا هناك؟، فأذا بشاحنات تحمل الطعام والبسكويت للعرائس، توقفن أمام المنزل فحملت النساء الأغراض للأعلى وتلحقها الأخري بالزغاريد ليستقبلهم أدهم وجيانا بعدما تألقت بجلباب منزلي بسيط التصميم وحجابها الفضي الرقيق فأحتضنتها والدتها بسعادة...

ولجت غادة للمطبخ مع والدتها لتعد الاغراض ومن ثم تضع البسكويت والشوكلا والبتفور لأستقبال الرجال والنساء بالخارج أما ريهام فجذبت إبنتها برفق وولجت معها للداخل كالمعتاد بين الطبقات البسيطة...

صعدت عائلة ياسمين للأعلى هى الأخري فكانت كل عائلة تجتمع بمنزل العروس بينما صعد الحاج طلعت المنياوي وأبنائه الثلاث لعبد الرحمن ليكون عزوة وسند لصابرين ولكن كانت المفاجآة للجميع بحضور والدة زين لتحتضنها بحنان وتخبرها بأنها الآن أماً لها...

حل أسارير الليل بأقصوصات عشقٍ خاص تكتمل بنبوع القلوب وتوحد الأرواح لتظل ساكناً وأمانٍ...

بقصر حازم السيوفي..
ألتزمت غرفتها ورفضت الذهاب معهم ولكن مع رجاء حمزة لها هبطت للأسفل وعيناها تتحاشي النظر له فتمزق قلبه وحاول كثيراً التحدث معها ولكنها تركته وصعدت بسيارة حمزة...
لحق بهم بغضب لما فعلته فلم يرتكب معها أي خطأ، يكبت خوفه بداخله ولن يصرح لها، لم يعد يعلم ما عليه فعله سوى زيارة الطبيب ليقص عليه ما حدث ويعلم ما عليه فعله؟.

توقفت السيارات أمام منزل بسيط للغاية فصعد حمزة ورهف للأعلي ولحق بهم حازم...
نظراتها بالأعلي كانت تراقبه، دمعاتها تلحقها بغموض، أفكار تزوج بها لبئر عميق مظلم لتغفل عن عشقه وترى به مساوامة لما فعله لوالدها...

جلست حنين على الفراش بدموع لتردد بداخلها بكسرة: يارب أنت الا عالم وشاهد على حالي، حمداك وشكرة افضالك عليا بس جوايا هموم بتقتلني وبتحاول تستدرجني للغلط، مش عارفة موفقتي على الجوازة دي كانت صح ولا لا بس الا أعرفه أن محدش بيعمل حاجة بدون مقابل وأنا مقدرش أدفع المقابل دا بمعصيتك عشان كدا وفقت على الجواز منه حتى ولو عرفي...

هوى الدمع بلا توقف فتلك الحمقاء بترت عقلها ودعت الهواجس تحتله بنجاح فظنت أنه يود الزواج بها بالسر لا تعلم أنه يعشقها حد الجنون!.
ولجت شقيقتها تهرول إليها بسعادة: حنين العريس جيه بره وبابا بيقولك قدمي الشربات..
حمدت الله كثيراً على أرائها للنقاب، الستر العظيم لها، فربما هو سرها الكتوم ليحبس دمعاتها وآنينها...
أشارت لها بهدوء فخرجت الفتاة وتوجهت حنين للمطبخ لتحمل الأكواب وتخطو ببطئ للداخل...

إبتسمت لها رهف بسعادة وحملت عنها الأكواب لتجذبها بفرحة لتجلس لجوارها، تبادلت معها الحديث والأخري تجيب بثبات يكبت بالحزن..
تعجب حمزة من هدوئها ولكن لا عليها فتلك اللحظات تبيح للفتيات الخجل...
إبتسم حازم قائلاٍ بهدوء: أزيك يا حنين..
رفعت عيناها له بأبتسامة ثابتة: الحمد لله..

أكمل حديثه: أتمنى تكوني بخير دايماً، عموماً أنا مش هلاقي لحمزة أفضل منك وأتمنى أكون ليكِ أخ دا لو مش هيضيقك وأهو بالمرة تشتكي لي لو الحيوان دا عمل فيكِ حاجة..
تطلع له بغضب: ما تصلي على النبي ياخويا فى أيه؟، ثم تطلع لرهف قائلاٍ بحدة: شوفي جوزك يا رهف..
رفعت يدها على كتفي حنين بمرح: ميخصنيش غير حنون...
إبتسمت لها فتطلع حازم لوالدها بجدية: كدا يا عمي مش فاضل غير موافقة حضرتك على معاد الفرح..

إبتسم الرجل ذو الخمسون من عمره قائلاٍ بحرج والله يابني المعاد قريب جداً وأنا مش هلحق أخلص ا...
قاطعه حمزة بلهفة: بس أنا مش عايز حاجة يا عمي الفيلا جاهزة من كله، عايز بس موافقة حضرتك عشان أرتب القاعة ودعوات المعازيم...

إبتسم الرجل وأبدى موافقته بينما كانت حنين بحالة لا يرثي لها بين الصدمة والحزن، حزن لرؤية والدها منكسر والصدمة بحديث حمزة عن الزفاف والدعوات فعلمت بأنه يعد لها زفافٍ كبيراً، ولكن هل ستزيح أفكارها عنه؟!.

تعالت الضحكات بشقة النمر بعدما هبط عبد الرحمن وزوجته وأحمد وياسمين للأسفل فأقترب عبد الرحمن من ياسمين مقبلا جبهتها ويقدم لها المال: ألف مبروك يا قلبي..
تناولت منه المال بتعجب: بس أنت كمان عريس..
رمقها بنظرة ساخرة: هأخد فلوس مثلا!، انتوا الا بتقفشوا ثم أني لو مكنتش عريس كنت هحضر معاهم الصبحية وأديكِ نقطتك فى أيدك..
أبتسمت بسعادة وأحتضنته قائلة بفرحة: ربنا يخليك ليا يارب..
على الجانب الأخر..

خجلت صابرين كثيراً حينما قدم لها أدهم المال وأخبرها بأنها شقيقته فتناولت منه المال بفرحة أما جيانا فكانت سعادتها لا توصف بعدما تناولت المال من أحمد ولكن تعالت ضحكاتها حينما رأته غاضبٍ ونظراته تعيق عبد الرحمن فأسرع ليحيل بينهم قائلاٍ بغضب: مش قولتلك متحضنهاش تاني؟!
تعمد أن يحتضنها مجدداً قائلاٍ بمكر: ودا يضيقك فى أيه؟.
جذبه بالقوة قائلاٍ بسخرية: دا شيء يخصني أنت تنفذ الا اقوله وبس..

تعالت ضحكات عبد الرحمن قائلاٍ بتسلية: وحضرتك بتحضن جيانا ليه؟
أجابه بغضب: لأنها أختي يا خفيف
جحظ عيناه بخبث: وياسمين أخاي يا خفيف..
وأحتضنها مجدداً لتعلو المشاكسات بينهم من جديد تحت نظرات النمر الساكن ليقطع بؤرة الصمت والثبات قائلاٍ وعيناه تطوف بهم: بره..
عبد الرحمن بصدمة: نعم!
أجابه ومازال يجلس بمحله: ما بكررش كلامي كتير..

آبتلع احمد ريقه بصعوبة لعلمه بعناد عبد الرحمن فجذبه قائلاٍ بخوف ؛ تعال نطلع نكمل شكلنا بره أنت متعرفش ممكن يعمل أيه؟
أجابه بغير مبالة: هيعمل أيه يعني؟
حمله أحمد وهرول للخارج لتلحق بهم صابرين وياسمين بضحكات مرتفعة، وتبقت هى تتأمله بخجل وإبتسامة تعلو وجهها فأقترب منها لتتراجع للخلف مجدداً بخجل فأبتسم بعدم تصديق على عدم قدرته على نزع أرتباكها الزائد..

بمكانٍ أخر مظلم بعض الشيء، ومعبئ بالدخان الصاعد من المحرمات كان يجلس على المقعد يرتشف ما حرمه الله بتلذذ وأسفل المقعد كان يجلس أحد رجاله يحرص على أشعال الجمرات ليتنفسه اللعين بتلذذ غير عابئ بمحرمات أنهاها عنها الله سبحانه وتعالي...
رفع الرجل عيناه له قائلاٍ بتردد: الا متأخذنيش يعني يا معلم شايفك هادئ كدا وسايب العيال دي من غير ما تعلم عليهم!.

نفس الدخان من فمه بأبتسامة لعينة قائلاٍ بسخرية: وأنت من أمتى بتفهم عشان تعرف المعلم آسلام السلاموني بيفكر فى أيه؟..
آبتسم قائلاٍ بغمزة عيناه الحاملة للشرور: طول عمرنا ما نفهمش دماغ المعلم بس نحب نعرف برضو..
نهض إسلام السلاموني عن مقعده ليقترب من الشرفة قائلاٍ بغضب مميت: الواد دا ملوش كبير يكسره كنت فاكر أما جده يعرف هيتصرف معاه لكن واضح كدا أنه زي قلته..
لحق به الرجل قائلاٍ بعصبية: يبقى نخلص عليه..

قاطعه بوعيد يلمع بعيناه: ودي برضو مش سهلة
صرخ الشاب بجنون: يعني ايه هنسيبه كدا؟!.
ضم معصمه بقوة والمكر يلمع بعيناه: مش بقولك غبي، الواد دا عشان يتربى صح لأزم نستغل نقطة ضعفه ساعتها ممكن يتكسر ويعرف هو أتحدى مين؟
الشاب بأهتمام: الا هي؟
أكتفى ببسمة بسيطة توحى بالهلاك ومصير مختوم ليتنزع قلب نبض بعنف لأجلها لأجل من تربعت على عرش قلب النمر ولكن كيف سيواجه تلك العاصفة؟!.

آنين قوي سيعصف به حينها ربما سيتبين له مفهوم العجز المخيف ليصنع منه وحشاً ثائر لن يقوى أحداً على إيقافه ليرى ذلك الأحمق الذي ظن بأن ما فعله سيقضي به عليه ليرى بعيناه قوة النمر!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة