قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني والعشرون

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني والعشرون

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثاني والعشرون

رفعت عيناها برعبٍ يسرى بجسدها لتجده يقف أمامها بطالته المحفورة بالقوة، خفق قلبها طويلاٍ فرددت بدمع حفر بفرحة وعدم تصديق رؤياه: زين..

طُعن قلبه بقوة حينما رفعت وجهها ليرى ما صارت عليه بفعل هذا اللعين فلم يحيل به سوى نظرات عيناه القاتمة التى توحى بهلاك سيحيل بالجحيم، رفع يديه المعافية يجذبها لتقف أمامه فأحتضنته بقوة كمن يتعلق بطوافة النجاة، بقى كما هو ذراعيه ساكنة لجواره، نظراته تشع شرارت حاملة شظايا الموت..

نهض عن الأرض يتطلع له بغضب وهو يرأها تتمسك به ليتيقن الآن بأنه زوجها المصون ؛ فتعالت ضحكاته قائلاٍ بسخرية لرؤية يديه الملفوفة حول جسده برابطة فمازال لم يشفى بعد: هو دا بقا الا فضلتيه عليا؟

ضيق عيناه بستغراب فظن ببدأ الأمر أنها خطفت لأجل الحساب القابع بينه وبين عثمان ولكن هناك أمراً ما خفى، رفعت همس عيناها برعب فتخفت خلف ظهر زين ويدها تشدد من جذب قميصه برعشة سرت لجسده فطبق على معصمه بقوة وغضب لينهى عليه، أقترب منه عادل قائلاٍ بلهجة تسير السخرية: وياترى المشلول دا هيقدر يحميكِ من المو...

لم يستطيع أن يكمل باقى كلماته بعدما تلقى لكمة قوية من ذراع زين الأيسر، تطلع له بزهول فهذا الرجل ليس جسداً رياضي فحسب، أزداد خوفه أضعافٍ حينما ولج عمر وسليم للداخل فأقتربوا من زين سريعاً ؛ فرفع يديه قائلاٍ بحذم وعيناه مسلطة على ذلك الأحمق: محدش يتدخل..
صاح سليم بستغراب: كيف يعني؟
أستدار بعيناه له: زي ما سمعت.

وتركه وأسرع بخطاه ليركل من يجثو أرضاً بقوة جعلته يصرخ كالمرأة ليسرع بلكمه بسرعة كبيرة وهو مكتوف اليد ليريه الآن كيف تكمن الرجولة!..
جذبه بقوة ليقف أمامه بأنفاس لاهثة وألم نجح الزين بتسديده له ليدفشه بقوة حتى صار بالخندق الذي أعده لها!، وقف زين يتطلع له بغموض وأفكار متلاحقة فأسرع إليه عمر قائلاٍ بلهفة: لا يا زين أنت خلاص أخدت حقك سيبه للشرطة تكمل الباقي.

وقف ساكناً ونظراته تقترض من الأحمق الذي ينظر له برعب ذاقه مثلما فعل بها، أقترب همس منه لتتمسك بذراعيه بدموع حاملة للرجاء لينقل نظراته عليها، طال الوقت وهو يتأملها بعدم تصديق أنه كان على وشك خسارتها!، أنتهت رحلة عذابه حينما جذابها لصدره بقوة وعدم تصديق لينظر لعمر نظرة فهمها جيداً فأشار لسليم الذي طلب الشرطة على الفور لينوب كلا منهم أمره...

تعلقت نظرات الفهد به بتحدى إلى أن ألقى نظرة على تلك الفتاة الملقاة أرضاً لتحل الدهشة ملامح وجهه فردد بزهول: ريحانة!.
رفعت عيناها له قائلة بدموع وأرتباك: سي فهد ألحقني الله يخليك..
رفع عيناه عنها بتأمل الرجل بنظرات تكاد تفتك به فأقترب ليجذبها من حجابها الأسود فتعالا بالصرخات وفهد صامد يتأمله بتحدى...

تطلع له قائلاٍ بهدوء: أسمعني زين يا ولد الدهشان أني مجتش النهاردة عشان أخد بتار جوز بنتي الا أنت جتلته لأجل تار أبوك أني كنت خابر أن في حية بالدار عنديكم هتبوخ سمها عشان تشيل التار من عيلة الشافعي لعيلة منصور فكان لازمن أجبها أهنة تحت رجليك عشان تخبرك الحقيقة...
صعق فهد وتطلع لها فتلك الخادمة ظلت تعمل لديهم ما يطول عن خمسة أعوام!، شدد الرجل من ضغطه على حجابها قائلاٍ بغضب مميت: هتنطقي ولا أجتلك..

صاحت بدموع ورعب: لع هجول كل حاجة، الا جتل أولاد الكبير هو سليمان منصور وأني كنت بنقلهم الأخبار أول بأول عن خروج البيه الكبير وولاده ونفذت الا قالولي عليه عشان تقع الجريمة عنديهم...
تخشبت عيناه عليها وهو يستمع لما تتفوه به فهو الآن أصبح قاتل كما نعتته معشوقته!، تطلع لها بنظرات تكاد تحرقها لرماد فكم نعت أخلاقه اللعينة برفع يديه على امرأة...

أقترب منه الرجل وعيناه تنبع بالغموض ليقطع سائد الصمت قائلاٍ بنبرة يحاول جاهداً لجعلها تبت بالسلم المخادع: أني عشان خابر زين أنك عملت إكده بسببها وجفت قصاد عيلتي بس عندي طلب منك وأعتبره رجاء من أب مكسور..

رفع الفهد عيناه له بستغراب لما سيقوله فأكمل بحزن: أنت جتلت جوز بنتي الا لسه متجوزة من أربعة شهور وأنت خابر زين إهنه مصير الأرملة أيه؟، وأني طول عمري بسمع عن أخلاق فزاع الدهشان وتقاليده الا مش هتسمح لك ترمل حرمة مدخلتش دنيا..
ضيق فهد عيناه بستغراب: مفهمتش مطلبك؟!
ألتزم الصمت قليلاٍ قائلاٍ بهدوء: تتجوز بنتي.

وقعت كلماته كالرعد على مسماعه فبقى متخشب محله ليكمل الرجل سريعاً بكلمات يعلم أن بها القوة: الدهاشنة مهيرضهاش كبيرهم يكون ظالم...
ثم أشار لرجاله بالصعود لسيارتهم قائلاٍ دون النظر إليه: هستانا ردك..
وتركه بدوامة الصدمة والعتاب وأنصرف...

بقصر حازم السيوفي...
أنهى حازم أتصاله مع النمر وأستدار ليغادر للشركة حتى ينفذ ما قاله أدهم له ولكن كانت الصدمة حليفته حقاً...

بمنزل فزاع الدهشان...
خطت معه وسط الحشائش الخضراء لتنتعش برائحة الأرض بطبيعتها الذهية، تلامست المحاصيل بسعادة لتغمره بكلماتها: مش مصدقة يا أحمد أنى شايفة المنزل الجميل دا بجد حاجة وهم يابخت الفلاح..

أقترب منها بأبتسامة هادئة وعيناه تتأمل الآلآف من المساحات الخضراء فقال بسخرية حزينة: يا بخته!، الفلاح أكتر شخص بيعاني يا ياسمين عمر ما حد بص عليه من منطق العدل والرحمة، ألفات المساحات دي تبع رجال أغنية جداً بتأجر الفلاح الغلبان عشان يزرع ويتعب مقابل مبلغ بسيط يدوب يقضي بيه يومه...
أقتربت منه بستغراب: يعني مفيش فلاح عنده أرض؟!.

إبتسم بخفوت وهو يقترب من الجذع الخارجي ليجذب تلك الزهرة الوحيدة ويقربها منها قائلاٍ بأسى: فى بس قليل جداً...
تناولت منه الزهرة ببسمة تطوف بوجهها لتكمل معه الرحلة بأستكشاف حياة الفلاح المصري بسعادة من فنه المبدع بزراعة مثل تلك المحاصيل التى يتجاهلها البعض فأصبح الكثير منهم ينظر له بنظرة مقزازة لملابسه المتسخة الا يعلم أنه هو من يطعمنا جميعاً!..

جلست على الجزع الطويل قائلة بخجل على سؤاله المتكرر: تاني يا أحمد!.
جلس أمامها قائلاٍ بهمس: لحد ما أسمعها منك مش هبطل أتكلم..
إبتسمت بخجل فى محاولة للتهرب من سحر عيناه السمراء فأبى أن يخجلها أكثر ولكن بداخله قسم وعيد بأنها عندما تصير زوجة له سيجعله تلفظ بحبه مراراً وتكراراً...

طرق باب غرفتها فأذنت للطارق بالولوج فأذ به يقف أمامها بطالته التى تعشقها على الدوام..
أسرعت إليه راتيل بسعادة وأستغراب: حازم!
أقترب منها بخطى ثابت ولكن بداخله قلبٍ يعافر للصمود!، وقف أمامها قريب منها قائلاٍ بعد فترة من الصمت: أنا كذبت عليكِ لما قولت أن رهف عند والدتها..
حل الأستغراب على قسمات وجهها فأكمل هو متصنع الحزن: أنا ورهف خلاص هنتطلق..

أتسعت عيناها على مصراعيها بصدمة قائلة بفرحة فشلت بأخفائها: بجد!.
تطلع لها بعيناه الغامضة فأسرعت بألتماس الجدية والحزن المصطنع: ليه؟
ظل لوهلة صامتٍ ليقطعه قائلاٍ بغموض: أنا مكنتش حابب أكمل من البداية لكن حملها دا كان السبب أني أستمر ودلوقتي خلاص مفيش حاجة أكمل عشانها..
لم تتمالك كلماتها فتمسكت بيديه قائلة بلهفة: بس في الا ممكن يعمل المستحيل عشانك..

بقى هادئ لأخر الأنفاس وعيناه تطوف بها بنظرات أقرب للموت ولكن غلفت بالهدوء والثبات بأحكام ليتخل عنه الصمت: تقصدي أيه؟.
وضعت عيناها أرضاً متصنعة الخجل وهى تجاهد للحديث: حازم أنا بحبك أووي وأنت عارف كدا كويس حبي ليك مش من يوم ولا أتنين، سنين طويلة أوي بتتعمد تتجاهلني أنا عمري ما حبيت حمزة ولا هحبه لأنك محفور بقلبي وبعيوني.

وتركته وتوجهت للشرفة بدمع مخادع: أنا أرتبطت بيه عشان أكون جامبك من البداية لكن قلبي أنحرق وأنا شايفاك مع واحدة غيري.
: عشان كدا قتلتي البيبي؟
قالها بأبتسامة زائفة فأستدارت له بصدمة مريبة ولكن تعبيرات وجهه كانت غريبة بعض الشيء فقالت بتوتر: أنا م..
كادت الأنكار ليقترب منها متصنع البسمة: يااه حبك ليا للدرجادي يا راتيل؟

رفعت عيناها له بعدم تصديق أخذ ما فعلته بنقطة هامة بعشقه فقالت بأبتسامة واسعة: وأعمل أكتر من كدا كمان أنا قتلته عشان تبعد عنها ولما مببعدتش حاولت أخلص منها عشان تكون ليا يا حازم أ..
صفعة قوية هوت على وجهها لتنزف على أثرها هولاٍ من الدماء ؛ رفعت وجهها بصدمة فوجدت معالم الغضب تتمكن منه ليخرج عن قوع الصمت قائلاٍ بصوتٍ تعلمه جيداً: مش قادر أصدق أني كنت مغفل للدرجادي...

صعقت للغاية وتطلعت له بصدمة قائلة بصوتٍ يكاد يكون مسموع: حمزة!.
خلع عنه العدسات ونزع ما يجعله مشابه لأخيه قائلاٍ بستقزاز: أيوا حمزة المغفل الا أستغفلتيه عشان توصلي لهدفك الوسخ والا برضو بيوعدك أنه هينهي على الا فاضل منك..
وجذبها بقوة ثم خطى بخطوات سريعة عن عمد لتقع أرضاً ويجذبها بقوة لا مثيل لها، هبط الدرج وهى خلفه تصرخ بألم وقوة ليصيح بغضب كالرعد: هندم طول حياتي أنى حبيت وحدة زيك..

وفتح الباب على مصرعيه ثم دفشها بقوة كبيرة لتستقر أرضاً تحت أقدام الحرس فأشار لهم حمزة بأستقزاز: الزبالة دي تخرج من هنا ومترجعش فاهمين؟
أشار له الحارس سريعاً ليرمقها بنظرة أخيرة نارية ثم توجه للداخل...
أغلق الباب بقوة وأستدار ليجد أخيه يقف أمام عينه، تطلع له قليلاٍ ثم أحتضنه قائلاٍ بألم: أتخدعت فيها أوي..
ربت على ظهره بحنان وعيناه بتذاكر لما حدث..
##.

أنهى حازم مكالمته مع النمر وأستدار ليبدل ثيابه ولكن كانت الصدمة هى الحلف حينما وجد أخيه أمام عيناه يتأمله بصدمة جعلته يعلم بسماعه المكالمة، أقترب منه بحذر وخوف قائلاٍ بهدوء: حمزة أنا أ..
قطعه بأبتسامة مؤلمة: كنت شاكك من البداية بس كدبت نفسي..
رفع حازم يديه بحنان على كتفيه: متستهلكش
تطلع له بعينٍ تشع شرار: خدعتني وهتدفع التمن..
لم يفهم ما يود قوله فغادر الغرفة سريعاً ولكن الآن علم ما مقصده..
##.

أبتعد حمزة عنه قائلاٍ ببعض الغضب: مكنتش مضطر تثبتلي لو كنت جيت وقولت كنت صدقتك..
تطلع له حازم بسعادة كبيرة ليحتضنه بفرحة فأخيراً صارت الثقة متبادلة بينهم، صدح رنين الهاتف فرفعه حازم وعيناه متعلقة بحمزة الذي علم من المتصل؟ فجذب الهاتف قائلاٍ بأبتسامة واسعة: أهلا بالنمر، مش عارف من غير خططك دي كنا عملنا أيه؟
تعالت ضحكات أدهم قائلاٍ بصوته الرجولي: حمد لله على سلامتك من الغفلة.

شاركه حمزة الضحك قائلاٍ بغضب ساخر: بنت ال، خلتني مسخرة الموسم..
المسخرة دي لما نرجع مصر ونجتمع مع الشباب الوقتي أدي التلفون لأخوك فى حد عايز يكلمه..
لوي فمه بسخرية: أخويا بقا مهم..
وقدم له الهاتف ليتفاجئ بمعشوقته تعنفه بقوة على عدم أجابته على أتصالاتها، حمل الهاتف وصعد لغرفته بأشتياق لسماع صوتها رغم رحيلها الذي لم يتعدى العشر ساعات، ذاك هو العشق!.

أستكانت على الفراش كالجثة الهامدة فقامت الطبيبة وعالجت جروحها ثم تركتها لتنال قسطاً من الراحة، جلس زين جوارها يتأملها بصمت وقلب ممزق لتشرع أفكاره بأنه سيفقدها!.
لم يجد ذاته الا وهو يحتضن يديها بين يديه مقبلاٍ أياها بعشقٍ جارف، فتحت عيناها بضعف لتجده يجلس أمامها فأبتسمت قائلة بصعوبة بالحديث: كنت متأكدة أنك هتيجي
رفع يديه يلامس وجهها بحنان ليخرج عن سكونه قائلاٍ بصوت أليم: جيت متأخر.

أشارت رافضة لحديثه: لا جيت بالوقت المناسب يا زين.
ثم قالت بدموع غزيرة: كنت خايفة أموت من غير ما أش...
قطع باقي كلماتها بأن وضع يديه على فمها رافضاً سماع المزيد منها ليحتضنها بلهفة وجنون: عمري قبل عمرك حبيبتي...
إبتسمت بسعادة وأختبأت بداخل أحضانه تبحث عن أمان حرمت منه لتغوص بنومٍ مركبه يخطو على أوراقه الخاصة...

بالصعيد، وبالأخص بغرفة راوية...
فشلت ريم بمعرفة ما بها فخرجت من غرفتها بحزن تاركتها هائمة بتلك النظرات القاسية التى تراهم بالفهد لأول مرة!، لا تعلم بأن القدر سيضعهما بأختباراً أخير ليرى مدى قوة ترابط عشقهما...

بمنزل طلعت المنياوي
توجه لمنزله بعد أن أطمئن من العمال على الطوابق الخاصة بأحفاده فولج لمنزله بضيق وأشتياق لوجود الجميع بالمنزل، أقتربت منه نجلاء قائلة بهدوء وحزن مكبوت: . أجهزلك الغدا يابا الحاج؟
أفاق على صوتها فقال بثبات: لا يا بنتي ماليش نفس..
وتركها وتوجه لغرفته فأقتربت منه قائلة بأرتباك: عشان خاطري تسامحهم هما مالهمش غيرك وأديك شايف أهو البيت مش له حس من ساعات ما الأولاد سافروا...

وقف يستمع لها بثبات فلم يكلف نفسه عناء أن يستدير لها، ولج لغرفته ثم جلس على مقعده المنخفص بحزن، ما فعله هو لحمايتهم ولكن عليه الحذر من ذلك الرجل لذا قرر تحطيمه قبل التفكير بأذية أحفاده.

جلس ضياء جوار عبد الرحمن بملل: هو المفروض أنكم بتقضوا عقوبة ذنب أهلنا أيه؟
يوسف بتأييد: نفس سؤالي حضرتك بس للأسف مالوش أجابة، على وش أستلام شغلي أجي المكان دا!.
تعالت ضحكات أحمد قائلاٍ بسخرية: وأيه الجديد طول عمرك فقر..
رمقه بنظرة محتقنة فأبتسم عبد الرحمن قائلاٍ بعدم تصديق: هنبتدي هنا كمان؟!..
يوسف بغضب: مش شايف بيقول ايه؟
ضياء بسخرية: حقك عليا يا سيادة العقيد متزعلش نفسك...

تعالت الضحكات الرجولية فيما بينهم بينما أكتفى يوسف بالنظرات النارية، كف الجميع عن الضحك ونهضوا جميعاً أحتراماً لمن يقف أمامهم..
إبتسم فزاع قائلاٍ بوقار وثبات يلحقه: منورين المندارة يا حبايب
يوسف بأبتسامة هادئة: دا نور حضرتك الا مغطي الدنيا
جلس على المقعد مشيراً لهم بعصاه ليجلسوا جميعاً فأسترسل حديثه: مبروك تعينك يا حضرت الرائد..
رفع يوسف يديه بأمتنان: يسمع من بوقك ياررب..

تعالت ضحكاته قائلاٍ بثقة: جداها وجدود يا ولد وبكرا تشوف..
أحمد بغضب مكبوت: أيوا يا عم مين قدك حقك تتمرع وزيادة..
رمقه بنظرة تعالى فأبتسم ضياء قائلاٍ بسخرية: سيبه يأخد يومين..
فزاع بجدية تجلي به وعيناه مصوبة على عبد الرحمن: كيف حال مرات زين يا ولدي؟
أجابه بنبرة هادئة: الحمد لله لسه قافل معاه من شوية عمر وسليم سلموا الحيوان دا للشرطة
أجابه بستغراب: ومعرفوش هو مين؟ وليه عمل إكده؟!.

أحمد ببعض الغضب بلهجته: الحيوان دا كانت همس مرتبطة بيه قبل زين وبعد كدا أعلن للكل وفاته مش عارف أيه الحقد دا طب فى أيه أعلن وفاته وفى أيه عايزها تنتظره؟!.
ضياء: يستهل الا حصله..
يوسف ببسمة سخرية: هو أنتوا الا بيقع تحت إيدكم بينفد واصل.
تعالت ضحكات فزاع والجميع لتقطعهم ريم قائلة وعيناها أرضاً: الوكل جاهز يا جدي..
أشار لها بهدوء ثم نهض قائلاٍ بأشارة يديه: هموا نأكل لقمة...

لحقوا به للداخل وكلا منهم يلكم الأخر بمشاكسة معهودة...

ولج من الخارج ليجدها تجلس على الأريكة وبيدها الهاتف تحاول الوصول له بالرسائل والضيق يحفل على وجهها، جلس جوارها بدون أن تشعر به فوضعت الهاتف قائلة بغضب: كدا ماشي يا أدهم بس أما أشوفك..
: هتعملي أيه؟
قالها وعيناه مسلطة عليها تنغمر بعشق لو سطر بملايين الكتب ما كفى!..
تحجرت الكلمات على لسانها وبقيت ساكنة تتأمل عيناه بصمت كأنها سحرت أو تحت أسر سجان عتيق لتحيل بسمة الخبث وجه النمر...

قال والمكر حليفه: مستنى ردة الفعل؟
أفاقت على صوته فتطلعت له بزهول من تخلى الكلمات عنها ما أن ترى عيناه!، فكم تشعر بوجوده بأنها بلهاء حقاً..
إبتسم أدهم قائلاٍ بهمس وعيناه تتراقب القاعة: متجربيش تختبري غضبك أدام النمر عشان أنتِ الا هتندمي...
حل الغضب ملامح وجهه فغمز بعيناه الساحرة تاركاً إياها، توجه للخروج ليقف على الباب قائلا بصوتٍ يكاد يكون مسموع: هو أنا قولتلك قبل كدا أنك أجمل ما فى الكون؟

ذاب الغضب بنظراته لها فبقيت بأرتباك وتوتر يكفى ليجعل وجهها كحبات الكرز لتبتسم تارة وتهرب عنه بالنظرات تارات أخرى أما هو فأبتسم بخفوت وغادر لغرفة مكتب الفهد بعدما طلب منه الحضور...

بجناح نادين..
حملت صغيرتها بغضب فكم تود النوم منذ أمس ولكن لم تستطيع فجلست على الفراش تطلع لها بنظرات مميتة لتصيح بعصبية: يا بنتي نامي أنتِ واخدة جرعة...
ضحكت الصغيرة فزمجرت نادين بوجهها: عنيدة زي أبوكِ..
قطعتها صوت طرقات على باب غرفتها فنهضت عن فراشها لترى من فأذا بصابرين أمام عيناها بأبتسامة واسعة: ها يا نادو مش هنخرج بالأراضي زي ما وعدتيني أمبارح؟

رمقتها بنظرة مميتة ثم أغلقت الباب بقوة فعادت للطرق مجدداً لتجدها تفتح الباب ومن ثم تدفش الصغيرة بوجهها وتغلق بسرعة كبيرة قائلة بسخرية: خدي القمر وروحي يا حبيبتي..
وأغلقت نور الغرفة لتحظو ببعض الراحة من تلك الصغيرة بينما بقيت صابرين محلها تتأمل الصغيرة بتعجب، لا تعلم ماذا تفعل بها؟ فلأول مرة تحمل صغيرة بين يدها!.

إبتسمت بسعادة وهى تتأمل ملامح وجهها الملكي فتوجهت للدرج وعيناها مسلطة عليها حتى كادت التعثر ولكن أستندت على صدراً قوى ؛ فرفعت عيناه لتجده أمامها...
عبد الرحمن بأبتسامة هادئة: مش تخلي بالك؟
تذكرت أعتراف أمس فتلون وجهها بحمرة شديدة لتحمل الفتاة كمحاولة للهرب من عيناه الفتاكة: كنت بشوف البيبي.
تعالت ضحكاته قائلاٍ بسخرية: بتشوفيها أزاي يعني؟

زمجرت بغضب لتتمسك بيدها الصغيرة قائلة بهيام: أول مرة أشيل طفل صغير، حاسه بفرحة كبيرة أوى فخدتها ونزلت ومش عارفة رايحة فين؟!.
إبتسم بعشق وهو يتأملها فكم أن قلبها رقيق للغاية ليجذب منها الصغيرة ويوزع نظراتها بينهما قائلاٍ بعشق: أنا بشوفك زي مأنتِ شايفها بالظبط، عشان كدا مش بحب أقسى عليكِ..
أخفت بسمتها بعين تفترش الأرض ليطبع قبلة على جبينها قائلاٍ بهمس: بتمنى من ربنا يرزقني بطفل جميل منك..

إبتعدت عنه سريعاً ولم تعلم ما عليها فعله أتركض من أمامه مسرعة أم تنخبئ بأحضانه إبتسم قائلاٍ بهدوء ليخرجها مما هى به: لو تسمحى أشاركم بالرحلة دي.
وجذبها وهبط للأسفل لتلحق به بفرحة وهى تراه وسيمٍ للغاية بذاك الجلباب المميز...

بغرفة المكتب الخاصة بالفهد..
صاح بصدمة: مش معقول يا فهد؟
أجابه بألم: أنا عمري ما كنت ظالم يا أدهم ومتنساش أني كبير الدهاشنة
أدهم بغضب: كبيرهم أوك مقولناش حاجة لكن الا هتعمله دا هيكسر مراتك أوي وأنت أكتر واحد عارف دا كويس..
طافت بعيناه غامة من الحزن قائلاٍ بصوتٍ محطم: دا كان غلطي من البداية ويمكن بالا هعمله أكون بكفر عن ذنبي.
تطلع له النمر بقليل من الصمت يدرس ما به ليقول بثبات: يعني ناوي على أيه؟

: هتجوزها يا أدهم...
قالها بألم ولم يعلم أن من تقف لجواره تفوقه أضعافٍ مضاعفة، تصنمت محلها حينما شعرت بأن ما فعلته لم يكن الصواب فهبطت لتقترب منه وتغوم به بطائفة عشقهم المديد وها هو يحطمها من كلماته التى هبطت على مسماعها كالموت القاتل، جحظت عيناها بقوة وهى تحتضن فمها حتى تكبت صراخاتها لينهض عن مقعده سريعاً ويتأملها بصدمة وخوف...

بكت وتهوت الدمعات بلا توقف وهى تتأمله بكثير من الوقت لتكتشف من أمامها؟، هل هو عاشقها المتيم أم شخصٍ غامض طاف مع سنوات قضتها بعسل صافي وحنانه المعتاد؟!.

حزن أدهم لما به لعلمه أنه أقسي الشعور، لم تعد تحتمل رؤية عيناه لتتراجع للخلف وعيناها متعلقة به ودمعها يزداد ثم أسرعت بالركض بعيداً عنه بعيداً عن المنزل بأكمله كأنها تهرب من نيران ستحرق جسدها بلا رحمة، لتستقر أمام بئر عميق فسمحت لذاتها بالأنهيار لتصرخ بكل ما أؤتت من قوة وتبكى بصوت مرتفع يصدح بالأرجاء ليعلن عن حطام قلب عاشقة أقسمت على الموت بهواه ولكن هل سيتمكن من يقف خلفها على مداوة جرح قلبها العميق؟!.

هل سيتمكن من الصمود أمام المجهول؟!
أما النمر فقد حانت اللحظة الحاسمة ليذق من كأس مرير حينما يرى من ملكت الروح والقلب تسارع للحياة وهو مكتوف الأيدي يستمع لها، صراخها، نجدتها، بينها وبين مسافة ليست بكبيرة وهو مكبل لا يستطيع من التحرك، فربما سيحول القلب ليلحق بنبضه وربما سيثور ليرى الجميع قوة النمر!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة