قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

رواية القناع الخفي للعشق (مافيا الحي الشعبي) للكاتبة آية محمد رفعت الفصل الثالث

أسرعت بسيارتها وبيدها زجاجة من الخمر المحرم، غير عابئة بأنها بعرض النهار!، أعادت خصلات شعرها بضيق فحديثه يتردد على مسماعها منذ الصباح، أرتشفت ما تبقى بالزجاجة بضيق أنتهى بصدمة حينما رأت طفل صغير يعبر الطريق، ألقت بالزجاجة سريعاً ثم حاولت جاهدة التحكم بالسيارة ولكن هيهات فتكت به لتزفر بضيق، فربما لا تعلم بأنها على حافة طريق الهلاك لها...

هبطت صافي سريعاً لترى ماذا حدث له؟ فشهقت بفزع حينما رأته منغمس بدمائه الغزيرة، رفعت يدها برعب على فمها حينما رأت تجمعات الناس الغاضبة فأسرعت بالتداخل بأنها ستنقله للمشفي فى الحال وبالفعل حملوه لسيارتها فغادرت به لأقرب مشفي ليسرع إليها الممرضات...
جلست بالخارج بتأفف من ملاحقة بعض الرجال له فكانت تود الرحيل ولكن بوجودهم صار الأمر كارثي ...

على بعد ليس بكبير عنها، كان يجلس على مكتبه يستريح قليلا من عمله الشاق ففزع حينما دلفت الممرضة للداخل بملامح لا تنذر بالخير قائلة بخوف: دكتور عبد الرحمن محتاجين حضرتك بالعمليات فى طفل صغير بين الحياة والموت..
نهض عبد الرحمن سريعاً ثم توجه معها للخارج قائلا بهدوء: أن شاء الله خير...

وبالفعل ولج لغرفة العمليات ليعم الحزن قلبه حينما وجد طفلا لا يتعدى الثامنة من عمره يسارع للحياة فكان مشهد يهز له الأبدان ...
أرتدى عبدالرحمن قفازاته ثم بدأ بتنفيذ الجراحة لينقذ الطفل سريعاً...

بشركة زين...
حركة المقعد الغاضبة كانت تقذف به ببئر الذكريات الآليمة فكلما كان يحركه بعنف كان يتعمد غمسه بذكريات جاهد ليغفو عنها..
إبتسم وهو يستمع له فبادله الحديث قائلا: خلاص يا عم أعتبره حصل
خالد بسعادة لا مثيل لها: بجد يا زين يعنى هتنزل عشان تحدد الفرح؟
أجابه بتأكيد: أن شاء الله قريب جداً أنا معرفتش أنزل على الخطوبة مستحيل أفوت الفرح وأعتبر الفستان وما يلزم هدية أخوك.

خالد بأمتنان: ربنا يخليك لينا ياررررب ويسعد قلبك العسل دا
تعالت ضحكاته الرجولية قائلا بسخرية: خلاص يا حيوان أنت هتشحت! المهم بس أختيارك المرادي يكون صح..
قال بهيام: صح بس؟ أنا بعشقها من أول نظرة أنا بتمنى أشوفها فى اليوم 25 ساعة وأ...
قاطعه بسخرية: بس بسسس أنت هتتجوز على نفسك ولا أيه أمسك نفسك مش كدا البنات مش بتحب الواقع..

إبتسم خالد قائلا بحزن: أنا واقع في حبها يا زين أيوا ساعات بحس أن كلامها قليل جداً بس بقول دا طبعها وبحاول أصبر نفسي وأبرر أن الا فى عيونها دا حزن عشان وفاة خطيبها الأول بس بقول أنها أكيد هتنساه..
صمت زين والبسمة الهادئة تزين وجهه بعدما أستمع لأخيه الصغير، فشعر بأنه لقبٍ لم يعد يستحقه، خرج صوته أخيراً بعد مدة طالت بالصمت: طب أقفل ياخويا لما أفضي لسياتك نبقي نشوف الموضوع دا.

تعالت ضحكاته قائلا بخوف مصطنع: مفيش مواضيع الله يكرمك عايز أتجوز مش أتحط فى كفن!
وأغلق الهاتف سريعاً...
عيناه المغلقة بقوة ترسم آنين قلبه، تردد كلماته الأخيرة تكمل ما بداه القلب ليصبح أكثر قسوة وكتلة متآهبة لنيران الأنتقام..
فتحت عيناها بآنين خافت أعاد زين لوعيه فترك المقعد وأقترب منها، رفعت يدها على رأسها بآلم تجاهد لفتح عيناها وبالكاد فعلتها لتلتقى بقسوة جحيم عيناه المخيفة...

أعتدلت بجلستها على الأريكة وعيناها تتأمله بصمتٍ قاتل، تبحث عن أجوبة لسؤالها المتردد كيف تمكن من خداعها؟
هوت دمعة ساخنة على وجهها وعيناها مازالت متعلقة بزين ليبتسم قائلا بسخرية: وفري دموعك دي الا جاي أسوء بكتير
خرج صوتها أخيراً بدموع: ليه يا زين؟ ليه عملت فيا كدا؟

ضيق عيناه بغضب ليخرج صوته الرعدي بعدما أقترب منها لينقلب الآمان التى طالما شعرت به لخوفٍ متزايد من قربه منها : الأجابة دي عندك أنتِ، كنتِ متصورة أيه أنك هتفلتي بالا عملتيه كدا؟
صرخت بعصبية: عملت أيه!
جذبها لتقف أمام عيناه الحارقة، تتألم بخفوت وهو يشدد غرس أظافر يديه حول معصمها: الأفضل ليكِ دلوقتي أنك تختفي من وشي لحد ما يجيلي مزاجي وأجي أخدك من بيت أبوكِ.

جحظت عيناها قائلة بصدمة: يعني أيه تاخدني من بيت أبويا! مش هتعملي فرح؟
تعالت ضحكاته المخيفة قائلا بصوتٍ ينقل لها القادم: فرح!
ثم أعتدل بوقفته وقد عادت عيناه أكثر حدة: ليه مش عايزة تصدقي أنك وقعتي مع شخص مش بيرحم وهيتعمد يكسرك أدام الكل حتى عيلتك
هوى الدمع بآلم على وجهها فخرج صوتها الغاضب: وتفتكر بابا هيسيبك تعمل كدا؟

أقترب منها فتزايد ضربات قلبها خوفاً فلفح وجهها صوته القابض للأرواح: خلي التقيل فى عيلتك يقف لي وأنا أفعصه تحت جزمتي
صعقت وهى ترى عيناه، كلماته التى كانت تنقل لها عشقٍ بألحان ها هى توعدها بالجحيم!..

وقفت تتأمله بصمت وسكون ، دمعاتها فقط من تتمرد عليها لتهفو واحدة تلو الأخرى، قلبها يبحث عن نبض قلبه العاشق ولكن باتت محولاته بالفشل والخذلان، عيناها تبحث عن حنانه الدائم فى وسط غيوم من ظلام تجتازها قسوة وجفاء..
رددت بهمس وعيناها ممزوجة بقسوة عيناه: أنت مستحيل تكون زين الا حبيته مستحيل.

ودفشته بعيداً عنها ثم حملت حقيبتها وركضت لتخرج من مستعمرة الجحيم الخاصة به، ركضت كأنها تنجو بحياتها لا تعلم بأنها قد سقطت بسجنه المؤبد بالفعل، أصطدمت بأدهم المتجه لمكتب زين فتأملها بستغراب حينما رأى دموعها تكسو وجهها فخرج صوته الهادئ: أنتِ كويسة؟
هوت دمعة ساخنة من عيناها ليكمل سريعاً: طب زين زعلك فى حاجة؟!

خرج صوتها أخيراً بسخرية وآلم نقلته له بكلماتها: زين مالوش وجود يا أدهم دا مجرد شيطان مش أكتر..
وتركته ورحلت فأسرع لمكتب زين ليرى ماذا هناك؟.
ولج أدهم للداخل ليجده يجلس على مكتبه شارد للغاية، مستند بجسده على المقعد وعيناه تتفحص سقف الغرفة بحزنٍ وألم ينقل العين للأفواه..
أقترب ليجلس أمامه قائلا بغموض: كنت عارف أن فى كارثة بتحاول تدريها عني يا زين بس المرادي مش هخرج من هنا غير لما أعرف كل حاجة..

أفاق زين على صوته فتطلع له قائلا بهدوء: أدهم، كويس كنت هبعتلك لسه
ضيق عيناه بسخرية وهو يدرس ما يحاول أخفاءه فقال بثبات: تفتكر أني مش فاهمك!
إبتسم زين قائلا بثقة: بالعكس أنت أكتر واحد فاهمني ودا الا بيخلينى متردد أحكيلك
قاطعه بحدة: متردد لأنك عارف أنك غلط وأنا الا هواجهك بالصح
تخل عن مقعده بغضب: هأخد حق أخويا يا أدهم ومش هيهمني سواء غلط أو صح
أدهم بصدمة: حق أخوك!..

دارت كلمات همس بعقله وما يحدث ليردد بصدمة حقيقة: مستحيل، همس هى البنت الا حبها خالد؟!
تعبيرات وجهه كانت كافيلة بالأجابة على كافة أسئلته لينهض عن مقعده هو الأخر بصدمة وغضب: مش مصدق الا بسمعه أنت عملت كل دا عشان تنتقم منها!
وقف أمام الشرفة بعين تلمع بالأنتقام: هى لسه شافت حاجة كل الا حصل لخالد ورحمة أبويا لأدفعها تمنه غالي.

صعق أدهم فجذبه ليلتقى بعيناه قائلا بغضب: أنت مجنون؟! مش مصدق الا بسمعه دا أنت يا زين، أنت!

جذب يديه منه بغضب وعصبية: أيوا أنا، أنت مش حاسس بالنار الا جوايا، ، وبعين لامعة بالدمع وصوت منغمس بالحزن: فرحتك بأن أخوك الصغير كبر وبقى عريس تدمر على جثته المحروقة ونفسه وهو خارج بصعوبة، ياااه لحظات عمرها ما هتتمحى يا أدهم، وجع وكسرة حسيتهم لأول مرة وأنا شايف أخويا بين الحياة والموت ومش عارف أعمله حاجة وكل دا لمجرد أنه حب بنت معرفتش في حياتها يعنى أيه حب عمري ما هنسى مكلماته الأخيرة ولا نفسه وهو طالع وبيردد أسمى وأنا فى دولة غير الدولة ومش عارف أنجده من الا هو فيه..

لمعت عين أدهم بالدموع فلم يكن يعلم بكم المآساة التى مر بها، خرج زين عن حزنه بعينٍ قلبت للقسوة والوعيد: كل دا هيكون هلاكها زي ما كسرة قلبه أنا كسرت قلبها وزي ماهو شاف الموت مرتين أنا هخليها تحس بيه بس متطولوش.
أقترب منه أدهم ثم رفع يديه على كتفيه قائلا بحزن: فوق يا صاحبي النار دي هتحرقك قبل منها
أستدار له بوجهه ليكمل أدهم بثقة وثبات: أنت حبيتها يا زين ودي حقيقة صعب تنكرها.

شرد بذكرياتها، ضحكاتها، لمساتها، حتى الجنون، طافت ذاكرياتها عقله بعد كلمات أدهم ليواجه أصعب الحروب حرب العقل والقلب ولكن لذة الأنتقام تطالبه بالمزيد فهيهات لحبٍ سيجعله يتوقف عن ذلك..

بالمشفى...
خرج عبد الرحمن من غرفة العمليات بتعب نفسي بدا على ملامح وجهه وهو يرى طفلا صغير يواجه الموت للحياة البائسة..
هرول إليه عدد من الرجال فقال أحدهم: طمنا يا دكتور
إبتسم عبد الرحمن بهدوء: حضرتكم أهله؟
أجابه الأخر بلهفة: لا يا دكتور أحنا الا جبناه هنا بعد ما الست دي خبطته.

وأشار على من تجلس بعيداً عنهم غير عابئة لما يحدث، سعد عبد الرحمن لوجود أناسٍ هكذا فهؤلاء البسطاء يتمتعون بقيم وأخلاق لا تقدر بكنوز العالم بأكمله، أنهى قلقهم قائلا بأبتسامته المشرقة: الحمد لله الولد نجى بفضل ربنا سبحانه وتعالى وبفضلكم لأنكم نقلتوه بسرعة للمستشفي
إبتسم الرجل المسن قائلا بفرحة: الحمد لله ربنا لطف.

رجلا أخر بغضب: طول ما في من الأشكال الا زي دول طول ما في ضحايا يا عم الحاج يالا هستأذن منكم أرجع الورشة
وبالفعل غادر الرجل ولمعت كلماته بعقل عبد الرحمن فتركهم وتوجه لمكتبه بغضب وحزن لتوقفه تلك الفتاة قائلة بلهفة بلغتها الغريبة (الحوار مترجم، ): أنتظر لحظة أرجوك
وقف عبد الرحمن ولم يستدير بعد فقط يضغط على معصم يديه بقوة تمكنه من ضبط أعصابه فهى فتاة بنهاية الأمر...

أقتربت منه ولم ترى وجهه بعد لتقول بصوتٍ خافت: قل لى أن هذا الطفل على قيد الحياة حتى أتمكن من العودة للمنزل
وصل الغضب لأعتابه فأستدار لها بغضب يوشك على الفتك بها قائلا بصوت رعدي: يا بجاحتك كل الا يهمك أنه عايش ولا لا! مش يهمك الأعاقة الا أتسببتيها للولد!
تطلعت له بأعجاب ببدأ الأمر فعبد الرحمن بمتلك ملامح مصرية وسيمة ولكن أغضبها كلماته فحاولت التحدث باللهجة العربية: أنت بتكلمني كدا أزاي ؟!

رمقها بنظرات محتقنه قائلا بستقزاز من لبسها المكشوف: أنا أتكلم بالطريقة الا تعجبني دا أولا، ثانياً بقا أي كانت جنسيتك فدا شيء ما يهمنيش بس الا أتضح ليا أخلاق الغرب الا كلها متنمش للبشر بأي صلة..
غضبت كثيراً قائلة بعصبية: ماذا تقصد بحديثك الأحمق؟ أنت مجرد طبيب لعين كل ما طلبته منك أجابة على سؤالي ولما يعنني أمرك قط..

تلونت عيناه بالأحمر القاتم فأقترب منها لتتراجع برعبٍ حقيقي حتى حال الحائط بينهم فأبتلعت ريقها بخوف، أقترب منها قائلا بصوتٍ يكبت الغضب بمحاولات عديدة : صلي لله شكراً بأنكِ مجرد فتاة والا كنت لأريكِ ما يستطيع هذا اللعين فعله..
غام الخوف جسدها من نظراته وكلماته فأسرعت للركض ليجذبها بسخرية: إلى أين؟ ستنتظري حتى مجيئ الشرطة فربما سيعاونكِ للعودة لوطنك...

وأشار عبد الرحمن للممرضة بأن لا تتركها حتى مجيئ الشرطة فجلست برعب مما سيحدث لها لتخرج الهاتف سريعاً وتطلب برقمه...

بمكتب زين..
أدهم بهدوء: فكر يا زين وأحسبها صح
كاد ان يجيبه ولكن قطعه رنين هاتفه فرفعه بستغراب من رقمها ليتفاجئ بصوتها قائلة برجاء: أرجوك زين لا تغلق الهاتف أستمع إلي ارجوك فأنا فى مأذق حقيقب
أسرع بالحديث بقلق فهى بنهاية الأمر شقيقته: فى أيه؟

تحدثت برعب حينما رأت الشرطة بالمكان تستعلم عن الحادث لتسرع بالحديث بخوف: أصطدمت بطفلا صغير ولم يسمح لي الطبيب اللعين بمغادرة المشفى بل وأستدعى الشرطة أرجوك تعال مسرعاً..
زين بلهفة: قوليلي العنوان
وبالفعل شرحت له مكانها فأغلق الهاتف وأسرع بجمع أغراضه فأقترب منه أدهم قائلا بستغراب: فى أيه يا زين؟
أسرع زين بجمع متعلقاته الشخصية قائلا بسرعة: تعال معايا وهحكيلك بالعربية..

وبالفعل ذهب أدهم معه ليروا ماذا هناك؟

بمنزل طلعت المنياوي..
كان يجلس على الأريكة يرتل القرآن الكريم بصوته الخاشع حتى أنهى وارده اليومى ليتفاجئ بزوجات أبنائه كعادتهم اليومية يرتبون المنزل بنشاط وكلا منهم تساعد الأخرى بحب علي الرغم من وجود بناتهم الا أنهم يعشقون العمل بالأسفل مع بعضهم البعض...
إبتسم طلعت ليشير لكلا منهم بالأقتراب فجلسوا على الأريكة المقابلة لهم، فوجه حديثه المرح لزوجة أبنه الأصغر : مفيش شكوى جديدة يأم عبد الرحمن ؟

إبتسمت سلوى قائلة بسعادة: لا يا أبويا الحج من ساعة ما شديت عليه وهو الشهادة لله بقى ميت فل وعشرة
تعالت ضحكات ريهام ونجلاء فأكتفى هو بأبتسامة بسيطة قائلا بجدية: أني جولتلكم قبل إكده وبجولكم تاني أهه الا تزعل من جوزها فى حاجة تاجي تخبرني واصل وأني هتصرف معاه.

إبتسمت نجلاء بهدوء: ربنا يخليك لينا يا حاج ربنا يعلم أنك أب لينا من يوم ما دخلنا البيت دا عمرك ما فرقت بين واحدة فينا حتى الأولاد ولا عمرك فرقت بين بنت ولا ولد..
ريهام بمرح: والله أنا بحس أنك أبونا أحنا
إبتسم قائلا برضا: الحمد لله يا بنتي المهم خدوا الفلوس بتاعت كل سنة عشان تجيبوا لبس العيد أنى قولت لأدهم وعبد الرحمن عشان يخدكم أنتوا والبنات بعد الفطار تجيبوا الا يعجبكم.

إبتسموا جميعاً فعلى الرغم من أعطاء أزواجهم الا أنه يحتفظ بعادته لهم..
أخذت كلا منهم المال وشكرته كثيراً فقام من مقعده قائلا بأبتسامة هادئة: هروح على صلاة العصر سلام عليكم
أجابوه السلام فغادر وأكملت كلا منهم العمل...
ولج أحمد من الخارج يبحث عن والدته بعدما أحضر الطلبات اللازمة لهم فلم يجد سواها بالأسفل، أقترب أحمد منها بأبتسامة هادئة: ياسمين.

أستدارت له بخجل وهى تستمع لصوته الهادئ فقالت بمجاهدة للحديث: نعم
ناولها الأكياس قائلا بنبرة غامضة: خدى الحاجات دي لمرات عمي فى المطبخ
جذبت منه الأكياس قائلة وعيناها أرضاً: حاضر
ظل يتأملها قليلا ثم قطع الصمت قائلا بمحاولة للحديث معها: عامله أيه فى الثانوي؟
إبتسمت قائلة بسخرية: كمل الكلمة وهتعرف الأجابة
ضيق عيناه بعدم فهم لتكمل هي بسخرية: ثانوي فني يعني هايف جداً.

قطع حديثها بهدوء: محدش جبرك تدخليه من الأول أنتِ الا أخترتي
رفعت عيناها به قائلة بحزن: أختارته لأن التعليم هنا مالوش أهمية يا أحمد
رقص طرب قلبه وهو يستمع لأسمه منها فأكملت هى بحزن: الواحدة هنا ممكن تكون فى هندسة وتنجوز واحد تعليم عادي جداً عشان كدا اخدتها من اصيرها.

أنكمشت ملامح وجهه بغضب: مكنتش أعرف أنك بتفكري كدا جيانا دخلت الجامعة وبتكافح عشان توصل للعايزاه ميهماش التفكير فى الموضوع دا رغم أنها الوحيدة فيكم الا دخلته كلكم دخلتوا الفني وأحنا أهو كافحنا فى التعليم ووصلنا للاحنا فيه بتعبنا ومجهودنا
إبتسمت قائلة بسخرية: أنا ضعيفة فى بعض المواد يعنى مستقبل فاشل.

كبت ضحكاته قائلا بصوت منخفض حتى لا تستمع إليهم غادة الهابطة للدرج: شماعتك مثيرة للاهتمام بس متعلقيش عليها تانى فشلك
رمقته بغضب فوضع الأكياس على الطاولة بجوارها هامساً لها بصوتٍ خافت: بعد جوازنا هساعدك تكملي تعليم ومعنديش مانع احاول مع الفشل دا
تطلعت له بصدمة فغمز لها بعيناه تاركها بصدمة وصعد لشقتهم وهو يخطف النظرات لها..
أقتربت منها غادة بستغراب قائلة بشك: الواد دا كان بيقولك أيه؟

خرج صوتها المصعوق بأرتباك: هاا مش، ما..
اخفت غادة شبح ابتسامتها لتزفر الاخري بضيق وهى تحمل الأكياس للداخل...
صعد للأعلى والأبتسامة تلمع بعيناه لرؤية خجلها فزفر بضيق حينما رأى المشاجرات اليومية لهم...
ضياء بسخرية: ما براحة علينا يا عم هو محدش دخل شرطة الا أنت والا أيه!

يوسف بغضب: أه يالا محدش دخل غيرى ووعد مني أول ما أخلص السنادي وأستلم الشغل أبيتك ليلة فى زنزانة العباسي عشان تحرم تطول لسانك دا بعد كدا
ضياء بغضب: تحبس مين ياخويا هو أنت تقدر أنت نسيت نفسك ولا أيه؟
هبط محمد من الأعلى لصلاة العصر فتفاجئ بما يحدث فأقترب منهم سريعاً قائلا بسخرية: شكل تاني؟ مفيش فايدة فيكم!
ضياء بغضب: ما تشوف أبن أخوك يا حاج شايف نفسه أوى
يوسف بغضب أشد: شايف ابنك يا عمي.

صاح بغضب: بس منك له مش واقف أنا
يوسف بأحترام: أسف ياعمي
وضع ضياء عيناه أرضاً بتذمر: اسف
محمد بهدوء: يا حبايبيي أنت وهو كبرتم خلاص على المشاكل دي معتوش لسه أولاد صغيرين هنحل مشاكلكم ولا هنقولكم بوسوا راس بعض عيب كدا، طب لما البنات يشوفكوا بتعملوا فى بعض كدا هيعملوا أيه؟!
رفع ضياء يديه على شعره بتفكير: تصدق صح بس هو الا بيدأ مش أنا عشان أكبر مني بسنتين شايف نفسه عليا
محمد بغضب: هو أنا لسه بقول أيه!

أقترب منهم أحمد أخيراً قائلا بسخرية: دول حرام فيهم الكلام يا عمي أتفضل حضرتك وسيبلي الحيوانات دي أنا هعرف أتصرف معاهم
كبت محمد ضحكاته ثم رفع يديه على كتفيه قائلا بقتناع: ربنا معاك يا حبيبي
وغادر على الفور تاركاً أحمد فى حرب ليحيل بينهم...

وصل زين للمشفي فأسرع للداخل وأدهم خلفه ليجدها تجلس بخوف والشرطي يحاول أستجاوبها...
لا تعلم لما شعرت بالامان بوجوده رغم ظنها أنها تكن له الكره، أسرعت إليه قائلة بفرحة: زين
خرج صوته الحازم: أيه الا حصل
قصت عليه ما حدث حتى مشاجراتها مع الطبيب، غضب زين غضبٍ لا مثيل له قائلا بصوتٍ فاتك: حياة الأبرياء لعبة فى أيديك. ثم أنك أزاي تشربي القرف دا أنتِ مش خايفة من ربك.

ثم أكمل بسخرية: ولا صحيح هتخافي أزاي وأنتِ لبسك بالطريقة دي
صرخت به بغضب: أنت جيت تساعدني ولا تزلني!
تدخل أدهم على الفور قائلا بهدوء: طب والولد حالته أيه؟
أجابته بأرتباك: معرفش
زين بصوت ساخر: طبعاً وأنتِ هيهمك فى أيه؟
أستدار له ادهم بغضب: ممكن تهدا
: زين
قالها عبد الرحمن بصدمة من وجوده مع تلك الفتاة ليتضح له الآن انها شقيقته!.
اقترب منهم قائلا بغضب متخفى بصوته: حالة الولد صعبة
زين بستغراب: عبد الرحمن!

صافي بغضب: أنت تعرفه؟
رمقها زين بنظرة أخرستها ليقترب منه ادهم بأهتمام: ماله الولد؟
تطلع لها عبد الرحمن بغضب: للأسف معتش هيمشي على رجليه تاني والأصعب من كدا أن ولده متوفي وهو وحيد أمه
صافي بعدم مبالة: أنا ممكن أسافره يتعالج بس خالى أمه تتنازل
رمقها عبد الرحمن بنظرة قاتلة ثم صرخ بها بغضب: أنتِ بني أدمة حقيرة أوى مفيش عندك ذرة أحساس
صافي بصوت مرتفع: أنت بتكلمني أ..

قاطعها بغضب: صوتك العالي دا لو فضل كدا موعدكيش أنك هتفضلي على رجلك
أرتعبت منه وأبتلعت باقي كلماتها تحت نظرات زين الغامضة وأدهم المراقب لما يحدث مع زين...
أسترسل عبد الرحمن حديثه بغضب وعيناه تقتلها: الظاهر أنك مفتقدة للأخلاق ودا الواضح جدا، ثم رفع رأسه لزين بأسف: بعتذر يا زين بس حاولت على قد ما أقدر أتحكم فى أعصابي وفشلت ومعتقدش وجودي معاكم هيكون من مصلحتها..

أرتعبت منه فأسرعت بالجلوس بعيداً عنهم تحت نظرات صدمة زين ليتركهم عبد الرحمن قائلا بضيق مكبوت: عن أذنكم ورايا شغل، أشوفك على الفطار يا زين
وغادر عبد الرحمن ونظراته القاتلة مسلطة عليها بينما أقترب أدهم من زين الساكن بصمت وعيناه تتوزع بين عبد الرحمن تارة وبين من تجلس برعب يلتمسه بها..
أدهم بستغراب: بتفكر في أيه يا زين؟

إبتسم زين بأعين لامعة تتابع عبد الرحمن بنهاية الروق قائلا بخبث: لقيت حل لمشاكلي معاها
تطلع أدهم لما يتطلع له زين ليسرع بالحديث: بتجني عليها!
وسعت بسمته بالمكر: بالعكس بأدبها من أول وجديد زي ما هو قال
أدهم بسخرية ؛ وتفتكر هو هيوافق! أنت متعرفش عبد الرحمن كويس
: بس أعرف الحاج طلعت المنياوي الا عمره ما رفضلي طلب
قالها زين بأعين غامضة تفوح بالمكر والخبث.

إبتسم أدهم قائلا بثباته الفتاك: خططت ونفذت ونسيت المافيا الا هتساند الضلع التالت!
أستدار له زين بجدية: لازم تساعدني يا أدهم أنا بجد محتاج عبد الرحمن لأن زي ما شوفت هو الا هيقدر يغيرها
رفع أدهم يديه على كتفيه: الا فى الخير ربك يقدمه تعال نشوف المشكلة دي الولد دا مالوش ذنب فى الا بيحصل
زين بحزن: مش هتخلى عنه لو مهما حصل أما صافي فعقابها هستغني عنه كفايا دخول عبد الرحمن حياتها.

إبتسم أدهم بعدم تصديق: أنا مش مصدق والله الا بيحصل دا بس مضطر أساعدك وبعدين نشوف موضوعك..
إبتسم زين وتقدم من الشرطي والمرأة ليحاول التوصل لحل يريحها..

بمنزل السيدة هنية..
رتبت المنزل معها لتشعر العجوز بالونس والسعادة بوجودها...
أنهت رهف أعداد الطعام وجلست بالخارج قليلا شاردة الذهن بمن ظنت بأنه معشوقها! ولكنه حطمها بنجاح.
##
: أنتِ أغلي حاجة فى حياتي يا رهف عملت المستحيل عشان أطولك وحاربت الكل عشانك.

قالها بصوته المتخفي وهى تبحث عنه بجنون، تتأمل المكان المزخرف بالورود والشموع الحمراء بسعادة، يتخفى ويتحدث بما يفيض قلبه وعيناها تبحث عنه بجنون لرؤياه..
: عشقتك من أول ما عيوني وقعت عليكِ أقسمت أنك هتكوني ملكِ فى يوم من الأيام ووعدي كان أن البسمة مش هتفارقك طول مأنتِ معايا وطول مأنا فيا النفس..

قالها بعشقه اللامنتهي ليخرج من خلف الحائط المزخرف بحروف أسمها، خرج ذو العين الرومادية الجذابة، بشرته خمرية اللون تجذب أنظار من يراه، الهواء يتمرد مع خصلات شعره فيعبث بخصلايتها لتتمرد على عيناه...
أبتسمت بسعادة لرؤياه بعدما جهز مفاجآة العودة من سفر طال لشهراً كاملا فأعتقدت بأنه عام..
: حازم..

رددتها بخفوت فأبتسم وهو يفرض ذراعيها لتسرع إليه وتلاقى بنفسها بداخل أحضانه أخرجها بعد لقاء حافل بالقلوب قائلا بعشق: وحشتيني يا رهف
زمجرت بوجهها بضيق طفولي: لا مهو واضح أنت مكنتش بتكلف نفسك أنك تكلمني
لمعت عيناه بآلم وحزن: مكنتش هقدر أسمع صوتك وأكمل بسفري دا كان أكبر عذاب لو عملت كدا.

وضعت عيناها أرضاً بخجل بأبتسامتها المتلهفة فأبتسم قائلا بعشق: الضحكة دي الا بتقضي على حازم السيوفي وبيكون مستعد يفقد حياته عشانها..
أبتعدت عنه فكلماته ستوقعها بمصير تخجل منه ليقترب منها واضعاً سلسال رقيق للغاية على رقبتها قائلا بهمس: كل سنة وأنتِ طيبة يا حبيبتي..
قالت بصدمة من تذكرها التاريخ: عيد ميلادي!

أشار لها بأبتسامة بسيطة قائلا بغضب مصطنع: المفروض كنت أرجع أمبارح بس عشان المناسبة دي أضطريت أستنا للنهاردة شوفتي كمية التضحية؟
تعالت ضحكاتها لتنغمس بأحضانن قائلة بخجل: بحبك
أغمض عيناه بسعادة: وأنا بعشقك يا رهف لو تعرفي أنا بعمل أيه عشان أصدق أنك خلاص بقيتي زوجتي أحتمال تقولي أتجننت
أبتعدت عنه بجدية: بتعمل أيه؟
أخفى بسمته قائلا بحذم: خلاص بقا
رهف بتصميم ؛ لا لازم أعرف.

حازم بخفوت: عيب مركزي وهيبتي أدام الحرس والمجتمع
أنفجرت ضاحكة قائلة بشك: بتعمل أيه؟
أخرج من جيبه عقد الزواج غامزا بعيناه لتفهم مقصده فأنفجرت ضاحكة وهو معها...
أفاقت من ذكرياتها على دمعة ساخنة من عيناها، نعم عشقته حد الجنون ولكن مجهولا ما دمر حياتهم سوياً..

بفيلا زين..
ولجت للداخل معه فألقي بجاكيته على المقعد بغضب ليكمل حديثه: أسمعي يا بت أنتِ أنا لحد دلوقتي بحاول أتحكم فى أعصابي بس متحلميش بأكتر من كدا
صافي بغضب: أنا كمان مش بحبك أنت مستحيل تكون أخويا خالد بس هو الا أنا حبيته لأنه فعلا يستحق كدا لكن أنت شيطان مش أخ.

إبتسم بآلم قائلا بصوتٍ محطم: أنتِ صح أنا الشيطان الا أتحد أمه عشان أجيبك البيت دا وأنا الشيطان الا لأول مرة أتخلى عن مبادئ وأستخدم نفوذي عشان أخرجك من المصيبة الا عملتيها، أنا مش بلوم عليكِ ولا على عقليتك بالعكس أنا متفهم البيئة الا أتربيتي فيها كل الا طلبته منك وبعافر معاكِ عشانه أنك تتغيري للأحسن، القيم والمبادئ مش محتاجه لدولة عربية ولا لجنسية معينة بالعكس دي المفروض تكون سمات البشر وأنا الا هساعدك تعرفي دا..

وتركها زين وصعد لغرفته، تركها بعدما لامس كلماته قلبها...
جلست على المقعد بغضب تسترجع ما حدث معها مع الطبيب المتعجرف من وجهة نظرها بينما هو بالأعلى يقسو جراحاً مما يحدث له، لينهى بؤرة آنينه وأبدل ثيابه ليذهب للعزيمة...

عاد أدهم للمنزل فصعد للأعلى ليبدل ثيابه ولكنه وجدها تجلس على الدرج بآلم تحاول تخليص نفسها مما بقدميها ولكن لم تستطيع...
أقترب منها أدهم قائلا بثبات: فى أيه؟
ما أن رأته حتى اسرعت بالوقوف بخوف بدا على ملامح وجهها ولكن سرعان ما جلست من تحملها على قدميها فقالت بأرتباك: ها مفيش
جلس على الدرج بأبتسامته الجذابة قائلا بزهول: هو أنتِ ليه لما بتشوفيني بحس أنك شايفة شبح.

تطلعت له قليلا بصمت ووجهها يكسوه الخجل فكيف ستخبره بأنها تعشقه منذ الطفولة..
تأمل قدميها قائلا بستغراب: أيه الا دخل فى رجلك؟
أجابته بهدوء وعيناها تتحاشي النظر له: مكة وقعت الكوبيات وأنا نزلت ومش أخدت بالي
تطلع لها قائلا خالينى أساعدك
وقبل أن تتحدث جذب ما بقدمها فصرخت بقوة ويدها تقبض على يديه ليبتعد عنها..
إبتسم أدهم قائلا بسخرية: مش أوى كدا دا لو طفلة جايو تكون أعقل..

كفت عن الصراخ وتأملته بغضب تحول لصدمة وهى ترى يديها على يديه فجذبتها سريعاً والخجل يفترش على وجهها، تطلع لها أدهم بقلب يعلم كيف الطريق للحياة فأبتسم بخفوت حينما رأها تستند على نفسها حتى تهرب من أمامه..

أقترب موعد الآذان فتجمع الأبناء بالمنزل ليسعد طلعت المنياوي بوجود زين فهو يحبه كثيراً، هبط أحمد وعبد الرحمن والجميع فأخبر زين عبد الرحمن بأنه بحاجة الحديث معه ولكن بعد الأفطار...
أبتسم طلعت قائلا بفرحة: نورتنا يا ولدي
إبتسم زين: بنورك يا جدى والله ليك وحشة وكنت ناوي أجي أقعد معاك بعد الفطار بس أنت الا سابقتني
تعالت ضحكات طلعت: بكاش زي جدك
شاركه إبراهيم البسمة: منورنا يا زين والله.

أحمد بغضب مصطنع: وأحنا ملناش من الانوار جانب
عبد الرحمن بسخرية: هتنور بالعافية يعني!
إسماعيل : عيب كدا يالا دا أحمد ينور ويشرف اي مكان
احمد بغرور: ربنا يخليك لينا يا عمي دايما رافع راسي
تعالت ضحكات الجميع ليصدح الآذان بالخارج فتناول كلا منهم أفطاره، أما بالخارج كانت تجلس الفتيات يتناولن فطورهم بسعادة بعدما علموا بذهابهم لشراء ملابس العيد...

أنهى الجميع طعامهم فجفف زين يديه قائلا بأعجاب: ماشاء الله الأكل كان تحفة
محمد بأبتسامة هادئة: ألف هنا يا بني
أدهم بسخرية: قولتلك بس مفيش فايدة خاليك فى الأكل الأيطالي بتاعك
ضياء بمرح: أكل أيطالي مرة واحدة لا دانا كدا أجي أفطر معاك
زين بأبتسامة هادئة: دا الا هيحصل فعلا كلكم هتشرفوني بكرا بأذن الله
طلعت بهدوء: الشباب يشرفوك يا ولدى لكن أني أنت خابر زين المصالح الا ورايا أنى وعمامك.

زين بتفهم: عارف ياحاج وأنا جاي أوصلهم أسمحلي أكلمك بموضوع كدا مش هياخد من وقتك كتير
رمقه بغضب: بستأذن عشان تاجي دارك إياك!
إبتسم قائلا بنفي: لا طبعاً مش أستأذان بعرف حضرتك عشان تستناني مش تنام
تعالت ضحكاتهم جميعاً وخاصة أحمد وضياء، على عكس أدهم كانت عيناها تجوب عبد الرحمن بقلق مما ينوى زين فعله...

ترك طلعت لهم القاعة حتى يتفردوا بالحديث، فجلس عبد الرحمن مع زين بمفردهم وتبقي الجميع بالقاعة، وقف أدهم قائلا بهدوء: عن أذنكم
آبراهيم: رايح فين يابني؟
أدهم بأرتباك: وعدت نينا أنى هروح أشوفها النهاردة
محمد بستغراب: طب ما تروح بكرا أنت نسيت كلام جدك هتاخدوا البنات عشان لبس العيد
ادهم بهدوء: لا فاكر يا بابا بس دا وعد، على ما يلبسوا هكون رجعت بأذن الله ..
أشار له بتفهم فغادر على الفور ليعلم ما بها...

: أيه الا بتقوله دا يا زين؟!
قالها عبد الرحمن بصدمة مما يستمع له...
زين بهدوء: أنا محتاج مساعدتك فعلا يا عبد الرحمن وعارف أنك صديقي وهتقف جانبي
عبد الرحمن بزهول: دي مش مساعدة دا جواز وأرتباط وبعدين أنت عايزني أتجوزها عشان شيء معين وأنت عارف أن الا بتقوله صعب
زين بثبات: الا بقوله كان بالنسبالي شيء محال بس بعد ما شوفت الا حصل النهاردة غيرت رأئي...

عبد الرحمن بتفكير: الموضوع صعب يا زين أنا مش هقدر أتحكم فى اعصابي معاها وأنت عارفني كويس مش عايز أوصل لتصرف محبش أوصله..

إبتسم زين قائلا بفخر: أنا أخترتك لأني عارف أخلاقك كويس، أسمعني يا عبد الرحمن أنا مطلعتش من الدنيا دي غير بأخويا خالد كنت عارف أن أبويا أتجوز من 26 سنة ومخبي على والدتي وكان دايما بيتحجج عشان يسافر أمريكا ولوحده أستغفلها 16 سنة وهى متعرفش كل دا كان خالد على تواصل بصافي، والدتي طلبت الطلاق وبعدت عنه وبعدها بسنين مات وساب كل الثروة بأسمى.

أستمع له عبد الرحمن بأهتمام ليكمل زين: أستغربت من الا ابويا عمله ليه يكتب كل حاجة بأسمي! بعد كدا عرفت الأجابة على أسئلتي الست الا فضلها على أمي وأتجوزها من جنسية تانية كانت طمعانه فى فلوسه فخاف علي ميراث صافي منها ومن طماعها عشان كدا خالنى مالك لكل حاجة مع وصيته ليا بأنى أبعت كل شهر مبلغ ليها ولخالد ولوالدتي وذكر في الوصية تعليمات ليا عشان أقيم تسليم الميراث ليهم هيكون أمته، فات شهور وسنين كنت ببعتلها فيهم المبلغ الا بابا امر بيه لحد ما أتفاجئت بوجودها فى مصر بتطالب بحقها ممكن دا كان سبب يخلينى أشوف تربية الست دي ليها لدرجة أنى كرهت نفسي أكون أخوها، تعلقها كان بخالد الله يرحمه ودلوقتي كرهها ليا مخليها عايزة تاخد نصيبها باى طريقة عشان ترجع أمريكا...

انا بحكيلك كل دا يا عبد الرحمن لأني مش عايزاها تمشى من هنا غير وهى أنسانه تانية أكون حققت وصية أبويا وكسبت أخت تعوضني عن خالد.
قال كلماته الأخيرة بحزن طعن قلبه فكاد الحديث ليقطاعه زين بأبتسامته الفتاكة: مش عايز أعرف رأيك دلوقتي الا عايزك تعرفه أنك أنت وأحمد وأدهم أعز أصدقائي وأوع تربط طلبي بدا فكر وهستانا رأيك بكرا على الفطار، سلام..
وغادر زين بهدوء تاركاً إياه بعاصفة من البراكين!

وصل أدهم لمنزل جدته فولج للداخل بعد ترحبياتها الحارة فتركته لتقدم له الحلوى ...
ولجت رهف للداخل قائلة بصوتٍ يكاد يكون مسموع: أنا جاهزة لأجابة سؤالك يا ادهم
تطلع لها قليلا ثم أشار للأريكة: أقعدي...
جلست رهف بدمع يلمع بعيناها لذكريات لا طالما حاولت جاهدة نسينها لتبدأ بالحديث قائلة بدموع: حازم
تأملها قليلا ثم قال بهدوء: وليه تقبلي أنه يعمل فيكِ كدا؟

طال دمعها قائلة بصوت متقطع: هروح فين يا أدهم وأنا أخترته هو وفضلته على أهلى
وبكت بقوة ليصعق قائلا بعدم فهم: مش فاهم أنتِ بتتكلمي عن ايه باباكِ ومامتك كانوا موفقين على جوازك منه!
جففت دمعها قائلة بثبات حاولت التمسك به: أنا هحيلك على كل حاجة، أنا لما وافقت أتجوز حازم كان لأني مشاعري كانت متلغبطة من ناحيتك مكنتش عارفه دا حب ولا أعجاب!.

أستمع لها ببعض الآلم لتكمل بدموع: أتجوزت أنا وحازم بس وقسمن بالله ما عشان فلوسه بالعكس أنا حسيت من نحيته براحة نفسية، بعد جوازنا حازم أخدني فى دنيا تانية، عمره ما قسي عليا أبداً ولا يوم دموعي نزلت بسببه سنة كاملة كنت حاسة فيها أني فى جنة، ثم قالت ببكاء شديد: أنا حبيته أوي يا أدهم وأتعلقت بيه أووى.

لم يشعر بالآلم لتعلقها به حتى هو يشعر بالتعجب من ذلك ربما لا يعلم بأن القلب أختار معشوقته لتأتي صورتها أمامه ولكنه أنفض أفكاره قائلا بهدوء: وبعدين
رهف بدموع: معرفش...

تطلع لها بعدم فهم لتقول ببكاء حارق: زي ما بقولك كدا معرفش أيه الا حصله فجأة بقى شخص تانى بيتحجج على أقل حاجة وبيرفع أيده عليا كتير جدااا حتى أهلى أهاني أدمهم أكتر من مرة وأخرهم بالضرب وطبعاً بابا مسكتش وأدخل وكان نهايتها أنه خيرني بينه وبين أهلي..
قالت كلماتها الاخيرة وعيناها تفترش الأرض بدموع ليكمل هو بغضب ساخر: وأخترتيه!

رفعت عيناها له ببكاء وصوت متقطع: غصب عني يا أدهم أنا بحبه وألتمستله العذر أن ممكن يكون فى حاجة فى شغله أو حاجة زعلان منها لكن الوضع زاد عن حده لدرجة أن معتش له في قلبي أي حب هو الا حوله بنفسه لكره..
بكائها بث الحزن له ولكن كيف يعشقها لهذا الحد ويقسو عليها!
خرج صوت ادهم المنزهل قائلا بشك: متأكدة أنك مش عملتي حاجة تزعله؟

أسرعت بالحديث: أبداً والله حتى شغله سألت وعرفت أن مفيش مشاكل فيه والا كسرني أكتر أنه مش فاكر حاجة من ذكرياتنا بيحاول ينسى كله..
وأجشعت بالبكاء فخرج صوته بهدوء: أكيد فى حاجة يا رهف عموماً ارتاحي دلوقتي وأنا هحاول أشوف الموضوع دا حتى لو هقابله بنفسي رغم أننا على خلاف من الا حصل زمان
قالت بغضب: لا متقابلوش انا خلاص معتش فارقة معايا كل الا عايزاه أنه يطلقني وبس ...

كاد الحديث ولكن صدح هاتفه برسالة أحمد بالتعجال فالجميع بأنتظاره..
وقف ادهم قائلا بهدوء: هنتكلم بعدين يا رهف مضطر أمشي
رهف بتفهم: تمام، ثم قالت بخجل: مش عارفة اشكرك ازاي يا أدهم؟
إبتسم قائلا بثبات: مفيش داعي للشكر أنتِ عارفه اننا هنا بنساعد بعض فى النهاية أحنا من منطقة واحدة
إبتسمت له ليتواجه للمغادرة فصاحت به جدته بغضب: كدا يا أدهم ماشي من غير ما تأكل الحلويات بتاعتي!

آبتسم وهو يجذب قطعة يلتهمها بتلذذ قائلا بمكر: أنا أقدر دانا بجي هنا مخصوص عشان الحلويات
ابتسمت قائلة بمرح: كل بعقلي انا الحلاوة
خرج من البيت قائلا بغمزة عيناه الساحرة: اشوفك تانى
وغادر ادهم تحت نظراتها وبسمتها له...

دموع وآنين يصاحبها، لا طالما ظنت بأنه تاج السعادة ولكنه حفر لها الشقاء، ظلت همس بغرفتها تبكى حالها، كم ودت أن تركض لأحضانه حتى تزيح قسوته ليشعر بقلبها، ولكن ماذا ستفعل مع قلب جرده الانتقام من العشق؟!

بمكان ما، فتح عيناه بضعفٍ شديد، وجهه مملوء بالكدمات المميتة، صوت آنين خافت يصدر منه، يديه مكبلة بقوة وجسده يهوى كالوري...
ولج من الخارج يرمقه بنظراتٍ محتقنه قائلا بسخرية: أتمنى تكون الخدمة عجباك
رفع عيناه بضعف شديد قائلا بصعوبة بالحديث وهمس خافت: أعمل فيا الا أنت عايزه بس أرجوك يا حمزة بلاش تأذيها أرجوك.

أقترب منه بشرار يتوهج من عيناه جذابه بقوة من خصلات شعره ليصدر تأوهات خفيفة: بالعكس دي نقطة ضعفك الوحيدة وأنا عارف أزاي استغليها كويس، هتهرب مني فين مصيرها هترجع وأنت هترجع تشوفها وأنا بكسرها أدامك
رمقه بنظرة طويلة ثم قال بضعف: ليه الكره دا؟ أنا عملتلك أيه استحق بيه كدا!
رمقه بسخرية: الا عملته كتير أوى.

وتركه وغادر، تركه يدعو الله أن لا يتمكن من إيجاد معشوقته حتى تتمكن من النجاة، لم يشعر بآلآم جسده، لاااا بل تآلم كثيراً لرؤيتها تتألم أمام عيناه ولم يتمكن من مساعدتها..
رفع رأسه للسماء قائلا بآنين: يارب..

، فزعت من نومها وهى ترى ذلك الحلم المتكرر، تراه مكبل بالقيود ويصرخ بقوة ليحتضنها من شلال الموت، بكت رهف كثيراً وهى تطعن ذاك القلب على عشقه الأحمق بهذا اللعين القاسي لا تعلم بأنه يذق أشده أضعافٍ مضاعفة فماذا لو علمت بحقيقته؟!
ماذا لو علمت بأن هناك لغزاً خفي بعيداً عنها لينضم لقايمة الأبطال بطلا لا يقل أهمية عنهم!
حياة من جحيم ستلقاها تلك المغرورة على يد الطبيب اللعين ولكن ماذا لو حدث المحال؟!

ما مجهول همس؟ وهل ستتغلب على قسوة زين المهدي؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة