قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية القائد الجزء الثالث للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

رواية القائد الجزء الثالث للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

رواية القائد الجزء الثالث للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

حمزه فضل ماددله ايده و ادم قصاده بيبص لإيده و الصمت بينهم بقا اوجع من سنيم فراقهم بكتير..
الدكتور كان واقف متابع الموقف بصمت لحد ما الاتنين سكتوا و الصمت طال بينهم ف اتدخل..
الدكتور: طيب احنا ممكن ندخل نكمل كلامنا جوه
ادم دوّر وشه بعيد و حمزه عينيه اتعلقت بيه برجاء و بينقل عينيه بينه و بين باب المكتب لحد ما ادم اتحرك لجوه المكتب بغضب مكتوم مش عارفُه من الكل و لا من تلقائيته!

الدكتور قعد و بص للكل بهدوء: دلوقت نقدر نتكلم، نقول كل الحاجات المؤجله
ادم بصّله بعصبيه: انت ليه مستآذنتنيش ف خطوه زى دى؟

الدكتور ابتسم ببساطه: اولا عشان مش هبقى بعالجك، هبقى بخيّرك و ده مش صح
ادم اتنرفز: اه بس
الدكتور كمل: ثانيا عشان انا كمان اتفاجئت زيك
ادم بص لحمزه بشك: عايز تقولى انه هو اللى جالك؟
الدكتور هز راسه بتأكيد: طلب يقابلنى و صمم و ف الحقيقه ف البدايه مكنتش اعرفه، لكن مجرد ما قال اسمك و هو بيترجانى نقعد نتكلم عرفت انه طرف الخيط التانى اللى بيوصّل لبقية الحكايه، قعدنا و اتكلمنا
ادم اتعصب: و بعدين؟

الدكتور رد بهدوء: بعدين دى عندك انت
ادم وقف بنرفزه من هدوئه: انت جايبنى تحرق دمى ع الصبح و انا حيوان اصلا انى جيتلك
الدكتور سابه يتحرك بهدوء بطريقه عصّبت ادم بزياده..
الدكتور ندهله قبل ما يخطى اخر خطوه للباب: ادم
ادم حاجه جواه هدّت اعصابه تلقائياً خلته وقف زى ما يكون كان مستنى حد يوقّفه..
الدكتور ابتسم من انفعالاته اللى بتتغير بلغبطه: على فكره دى كانت اول خطوه للعلاج.

ادم كتم عصبيته يدارى اللى جواه: اللى هى انى امشى؟

الدكتور: لاء، الاستجابه
ادم اتنرفز بعناد: مين قالك ان انا وافقت انى
الدكتور سكت شويه بهدوء: لغة جسدك.

ادم كز على سنانه بعصبيه و الدكتور رفع طرف عينيه: كونك دخلت تتواجه مع حمزه بشكل سوى ده معناه انك من جواك بقيت اهدى او ع الاقل الامور المعقده جواك ابتدت تسلك و توضح، و كونك استنيت و ملامحك ارتخت مجرد ما ناديتك و حركات ايدك ابتدت تتزن و نظرات عينيك رسيت ده اكدلى انك فعلا خطيت اول خطوه للعلاج و هى الاستجابه
ادم اتعصب لمجرد انه حس انه شفاف: لعلمك بقا.

الدكتور كتم عِناد ادم جواه بكلامه له: و التفسير التانى اللى قصد ده هو انك لسه عندك اسئله محتاجه اجابات، علامات استفهام كتير و عارف ان بما ان حمزه الوحيد اللى ف ايده خيوط الحكايه يبقى هو اللى هيجاوبك يبقى لسه محتاج وجوده و لو مؤقت.

ادم اتكلم بحزن و هو بيبص بعيد عن عيونهم المتعلقه بيه: احنا قولنا كل حاجه، كل اللى ممكن يتقال مجرد اعاده و مش هيأثر، لا انا هحبه و لا هو هيعرف يعمل حاجه يصلح بيها الماضى، يبقى اللى احنا فيه ده اسمه قلة قيمه و اللى بيحصل ده مجرد تضييع وقت.

الدكتور استغل تلقائيته اللى بتسرسب الكلام من جواه رغم انه شايف كل محاولاته للهروب: طب خلينا نركن حتة بتحبه او هتحبه او لاء دى على جنب دلوقت، انت قولت مش هيعرف يعمل حاجه يصلح بيها الماضى صح؟عرفت منين انه مش هيعرف؟ انت مدتهوش فرصه تتكلموا حتى!

ادم زعق بغضب و هو بيدخل ناحيتهم: هيصلح ايه؟ احنا كراسى؟ اتكسرت و هيصلحها؟ ده احنا لو كده بردوا مش هينفع! هيجيب امى منين يصلحها؟ هيجيب سنين عمرى اللى فاتت منين يصلحها؟ هيجيب ابو هديه منين؟ هيجيب الماضى منين هاا؟

الدكتور كان بيرد بمنتهى الهدوء كإنه بيمتص غضبه: طيب مبدائيا كده فى حل حمزه اللى حطّه و الحقيقه انا اللى قولتله نآجله حاليا لاخر السكه لو معرفناش نتقابل ف نقطه، لو معرفتش تحب، تسامح، تتعايش مع الحقيقه!

ادم رد بصوت مهزوز مع نظراته المترقبه من غير ما يحس: حل ايه!
حمزه هيرد بإندفاع الدكتور اتكلم لأدم و نظراته محذره لحمزه يتكلم: هبقى اقولك ف الاخر، اما انا بس اللى اتأكد ان مفيش امل، ع الاقل عشان محدش فيكم يندم، يحس انه اتسرع او كان مشوش وقت القرار ده و يندم و ساعتها انتوا ادرى ان الندم اللى بيجى بعد ما كل حاجه تخلص مبينفعش
ادم قدام نظرات حمزه اللى بهتت شويه بشويه لحد ما غمض بألم قعد بحذر..

الدكتور: خلينا نقول نحاول نتقابل، انتوا محاولتوش عشان نعرف هتفشلوا او لاء، انتوا واقفين مكانكم و مش من انهارده و لا من وقت ما رجعتوا، لا ده من اول الحدوته، من يوم ما ادم بِعد و حمزه كتم الحقيقه جواه!
ادم بصّله بتهكم: و هتعمل ده ازاى بقا ان شاء الله؟ هو انا مقولتلكش ان الزار عندى عطلان؟

الدكتور اتخطى سخريته و كمل بهدوءه: لازم تتحركوا من مكانكم، لازم يبقى فى محاوله حتى لو هتفشل، ادم انت عندك القبول لده؟
ادم رد بحده: لاء
الدكتور: و انا مهمتى اخلق القبول ده جواك
ادم اخد نَفس عنيف و مش عارف يستسلم من برا زى ماهو مستسلم من جواه و لا يكمل مقاوحه..
الدكتور: مبدئيا كده هنتناقش بطريقه مختلقه شويه عن المعتاد، يعنى تقدر تقول هعالجك بشكل مختلف
ادم رفع حاجبه: بردوا؟ انت تانى؟

الدكتور ابتسم غصب عنه: لا مش زى المره اللى فاتت، مشكلتك مع حمزه غير مشكلتك مع هديه، مختلفه تماما، مشكلتك مع هديه خوف مش عارف تتعايش منه لكن مع حمزه صدمه مش عارف تتعايش معاها
ادم خبط بكف إيده على ضهر إيده التانيه بسخريه: و هتعملها ازاى بقا؟

الدكتور: انت عايزك تخرج برا ادم شويه، تتقمص حمزه بشخصيته بماضيه باللى عمله و اللى عاشه و اللى هيعيشه، و حمزه كمان، عايزُه يبقى ادم، كلامه، انفعالاته، غضبه، مبرراته، افعاله، ثورته، و حتى غلطاته اللى عملها و اللى اتعملت فيه!
ادم: نعم!

الدكتور: بالكلام، هتعملوا ده بالكلام، نبتدى بيك، عايزك تكلمنى ربع ساعه متواصله على انك حمزه، حاليا انسى تماما انك ادم، حاليا انت حمزه، تتكلم و يكون حمزه اللى بيكلمنى مش ادم و قول اى حاجه مش هقيدك بحاجه معينه! من الماضى، من الحاضر، مستقبلاً، زعق حتى!

ادم وقف بعصبيه و اتحرك لبرا بخطوات مبعتره و سريعه كإن حد بيلاحقه، هديه اتحركت وراه بسرعه و وقفت بيه ف نص الطرقه، وقفت قدامه اجبرته يقف و مسكت إيديه الاتنين..
ادم همس بخفوت بعيون دمعت: ممكن تسيبينى؟
هديه صوتها اتهز بعتاب: اول مره تطلب منى اسيبك؟
ادم اتخض من الكلمه و هى رخت مسكتها لإيده: عايزنى امشى يا ادم؟
ادم مسك إيدها بسرعه لحقها قبل ما تفلت منه: لاء.

هديه ابتسمت لرد فعله و هو ابتسم غصب عنه: انا محتاجلك اوى، اوى
هديه شددت على ضمة إيده: و انا محتاجالك اوى، انا ضعيفه و بضعفك ده هضعف يا ادم، انا محتاجه لقوتك.

ادم بتلقائيه بص وراه ع الدكتور و اتفاجئ انه مقامش وراه و لا حتى حمزه، اتفاجئ اكتر انهم متابعين الحوار..
هديه سحبته لجوه و دخلت بيه و قفلت الباب و قعدوا بهدوء نِسبى..
ادم بص للدكتور بغيظ: انت مالك عامل زى المدرس اللى قاعد ف الحصه بالعافيه كده؟
الدكتور ابتسم ابتسامه اتحولت لضحكه خفيفه: مش يمكن التلميذ بتاعى هو اللى عنيد؟ مش سهل يتروّض او يتغصب و اسلم حل له يجى بإقناعه.

ادم وقف بغيظ: قصدك يجى زى الجزمه
الدكتور ابتسم بهدوء قدام انفعاله: ماهو اجبار حمزه كان غلط و لو كان قعد عشرين سنه كمان اد اللى فاتوا مكنش هيعمل و لا حاجه، لإنك ببساطه محتاج تقتنع اولا، تتزق ثانيا، و هو مش بيزقك، هو بيشدك و غصب عنك و ده غلط، الزق لازم يجى من حاجه بتحبها لو مش هيجى منك.

ادم قعد بغيظ: يا اخى لسانك كيبورد لكتاب فلسفه قديم مرمى ع الرف شايل تراب لحد ما اتعمى، هاا عايزنى حمزه بالدم و لا بخفة الدم؟
الدكتور ابتسم: انت رديت بحمزه من غير ما تحس، لعلمك اللى انت عملته من شويه ده جزء من ردك على سؤالى.

ادم ضيّق عينيه و الدكتور هز راسه: اما ضغطت عليك و حمزه ضغط و هديه ضغطت ايا كان نوع الضغط انت قدام الضغط هربت بطاقتك اللى شايفها بتخلص ف حوار ملهوش لازمه بالنسبالك، وقفت ف سكتك بس عشان هديه، هى اللى وقفتك، مبصتش وراك و لا حتى لابوك، مسكت ايدها مجرد ما قالتلك محتاجالك، رجعت معاها ف سكه مش عايزها و تقيله عليك اما شوفت ف عينيها نظرة حب، مشيت و انت خسران ابوك او واخد قرارك بده و رجعت بيها هى.

ادم بصّله شويه و بتلقائيه رجّع ضهره على كرسيه لورا..
الدكتور ابتسم مجرد ما لمس نقطه ف تفكيره: و ده اللى عمله حمزه بالظبط ف حكايته.

ادم هيرد بعصبيه الدكتور كمل يمنعه يتكلم: مع اختلاف الاسباب و النتايج و مدى قوة او ضعف الموقف، حمزه كان ماشى ف سكه غصب عنه، زوجه مبيحبهاش و لا بيكرهها، شغل لا عايزُه و لا رافضُه، ام لا عارف يرضيها و لا يرضى نفسه، انا متأكد انه لو مكنش ظهر ف حياته حنين او مكنتش خانته امينه و غدرت بيه كان بردوا هيغير سكته بشكل اخر، بس فجأه انضرب كشاف ف وشه و ظهرت حنين، حبها بدون اراده، بدون حول منها او قوه، يمكن حب ضعفها قدامه، يمكن حب انه بيها خرج من دايرة حياته بكل تفاصيلها و عدم رضاه عنها، يمكن حب انها الحاجه الوحيده اللى ف حياته برضاه و بإختياره، يمكن حب الاحتياج المتبادل اللى اتخلق بينهم قبل الحب، او يمكن حب المسافه اللى كانت بينهم و اللى خلت حبهم صعب انه لازم يكسر المسافه دى، و اللى فوق ده كله انه ملقاش مع امينه كل ده، حب بدون اراده.

ادم زعق: و انا مبلمهوش انه حب، انا نفسى حبيت على مراتى و بدون ارادتى بردوا، بس مقتلتهاش.

الدكتور هيقاطعه ادم سبقه يمنعه يوقّفه: و حتى لو مقتلهاش ف كفايه انه سابها للموت، سابها لامه و الحراسه اللى هو عارف و واثق و متأكد انهم هيخلصوا عليها، مش هيطبطبوا عليها يعنى زى مانا متأكد انها حتى لو رفعت سلاحها عليه ف كانت بتسبقه بخطوه مش اكتر، كانوا ف حرب هو اللى ابتداها ان مكنش بالغدر ف يبقى بالسلبيه، ان حبيت على مراتى اه بس مخونتش عشرتى لها و عهد الله اللى مابينا.

الدكتور: تمام، عايزك تكمل من مكان ما وقفت على انك حمزه، كلمنى ربع ساعه بدون قيد بحاجه او فاصل على انك حمزه.

ادم اخد نَفس عالى بتوتر و سكت كتير جدا..
الدكتور شاور بعينيه لحمزه يبتدى هو يديله فرصه يقتنع..

اتكلم حمزه و حركات إيديه عصبيه و مهزوزه: انا، انا كنت عيل صغير، مكنتش فاهم حاجه، كنت حاسس بحاجه غريبه و مش مظبوطه لكن مش عارف اوصلها بعقلى، بشوف نظرات ستى لنا كلها كُره، يمكن حمزه الوحيد فينا اللى كانت بتحبه، او بتحبها بطريقتها هى، كانت بتكره حنين، انا، هديه، لحد يوم الحادثه، شوفت امينه، كانت اول مره اشوفها، عينيها كانت جواها غدر و غل مقدرتش اشوفهم من الاحساس الغريب اللى حرّكنى ناحيتها و اللى بردوا متأكد انها هى كمان حسيته ناحيتى، ماهى كانت الوحيده اللى عارفه الحقيقه و انى ابنها هى، هى بس اتلغبطت من شكلى، اصلى كنت جسمى مفرود عن هديه اوى و اطول، كنت برح جيم اصلى كان من صغرى حلمى ابقى ظابط، تقريبا ده كان الحلم الوحيد اللى طلعت بيه من الماضى كسبان و حقتته، هى اتغلبطت اكتر اما شافت هديه و الفرق اللى بينا رغم اننا زى التؤم مولودين ف لحظه واحده، معرفش حاولت تستخدمنى و لا تستنجد بيا بس كنت زى السلاح ف ايدها، كانت بتضغط على حمزه بيا و لا كانت عايزه تهرّبنى معاها، معرفش! بس كان نفسى ف الاجابه التانيه، معرفش ليه معملتش ده، ليه محاولتش و لو محاوله بس تاخدنى معاها مش تهدد بيا! كانت همها تنتقم و نسيت انى اهم، حتى اما حمزه طلب منها تسيبنى و هيسيبها تمشى مردتش و رفضت، لاء كذّبته، مجرد كذّبته، قالتله اضمن منين انت ملكش امان، و اما حاولت تساعدنى او لما حست بحبها ليا بعدتنى، او يمكن اما شافت النهايه، حمزه، انا شوفته بيدوّر عليا، كنت مستخبى بعيد، كنت هرجع، كنت عايز ارجع بس مقدرتش، اما سمعت الرصاص، شوفت الدم، شوفت المنظر، شوفت امى بتجرى، شوفت الحراسه بتجرى، شوفت ستى بتزعق، بس شوفت حمزه عينيه بعيد عن كل ده، معرفش ازاى مشافنيش بس مشافنيش و انا بس اللى شوفته، عينيا كانت عليه لدرجة اتهزيت على صوت الرصاص بخضه، غمضت عينيا ف لحظات ملعونه عيشونى ف لحظات العن دلوقت، لحظات تايه حمزه قتلها زى ما خمنت وقتها و لا زى ماهو قال دلوقت انه مضربش و هى اللى طلّعت سلاحها اللى شدته يومها من الحراسه و حاولت تضربه بغدر بس الرصاصه غدرت بيها!

حمزه اخد نَفس عنيف طلع زى الشهقه قدام عيون ادم اللى متابعاه بتوهه حمزه ده و لا مرايته هو: بس اما فتحت عينيا شوفت حمزه واقف مستسلم، مقدرتش مفكرش ف انه هو اللى قتلها، مقدرتش افكر ف انه سابها لامه و الرجاله و لو كان منعهم مكنتش ماتت، كانت هى فضلت و انا رجعت و كل ده محصلش، حتى لو كان طلقها، سابها، رماها، بس هو معملش ده، اختار راحته هو، او يمكن كرامته هو، هو كان هيرتاح كده اكتر، اما تموت، خطرها هيزول، هيرجع لحنين، هياخد ولادهم الاتنين لنفسه، هيقسم حق ابنه الوحيد فيه على اتنين، هياخد من حق ابنه و يديه لبنت حنين، و هيترد كرامته انه اتخلت عنه ف اتخلى عنها، خانت عشرته لها ف خان عشرتها له و نسيوا ان بينهم روح ربنا لو مخلقش بينهم الحب خلقها هى و عاشت من بعدهم تترقّع و تتلضم و تقوم و تقع!

ادم كان متابع حمزه بتدقيق اوى اوى، متابع كلامه، نظراته الزايغه بتوتر، حركات وشه و إيديه و حتى هزات رجليه كإنه بيتفاعل مع الكلام، مش عارف حمزه بيحكى الحدوته بذكاء و لا هو فعلا اللى خاطفها من جوه ادم، مش عارف اذا كان شفاف قدام ابوه اوى كده و لا هو اللى بيحبه فعلا و حاسس بيه! حس للحظه كإن كل موازينه اختلت بضغطه من حمزه!

حمزه فرك قبضة إيده بإيده التانيه: انا، انا بحبه، انا بحب حمزه، بس بحب امى بردوا، محتاجله بس محتاج لأمى كمان، بكرهه و بكره امى، نفسى ترجع و لو رجعت كنت هبعد عنها، نفسى هو يموت و لو مات كنت هتقهر اوى، نفسى ف وجودهم و مش عايزهم! مش عايز المكسب و مش قابل الخساره!

حمزه ختم كلامه بدمعه نزلت و سكت، ادم مش عارف الدمعه هى اللى حاشت صوت حمزه و لا طاقته خلصت..
عينيه اتعلقت بحمزه بضعف عيل صغير محيلتهوش غير نظرة عينيه يتكلم بيها عن الحب و الوجع!

ادم رجليه ابتدت تتهز بعصبيه مجرد ما ابتدى الكلام: انا، انا، اصل، انا حياتى كانت مقفوله، مقفوله على امى و مراتى و شغلى، و معتقدش حبيت حد فيهم التلاته، عشان كده عمرى ما حسيت بالحب تجاه جاجه ف حياتى و يمكن ده اللى كان مجمد قلبى ع الكل بما فيهم خطر شغلى، اصل الحب هو بس اللى بيعلم الرحمه و الحنيه، الحب اللى لقيته فجأه ف سكه كلها كُره و دم و خطر، الحب اللى معناه امان و لقيته وسط القلق اللى كنت عايش فيه، قلق من خطر شغلى لا يتقبض عليا ف اى لحظه، قلق عايشُه بين مراتى و امى بسبب كرههم لبعض عشان قلة الخلفه، قلق قلق قلق لقيت فجأه امان بخر كل ده ف حضن غريب من حد غريب ف لحظه غريبه ف استسلمتله، انا، انا محبتش حنين من اول نظره و لا من اول كلمه و لا من اول علاقتنا، ماهو مش معقول حد يحب قدام الموت! هما اللى زقوها ف سكتى، القدر اللى كإنه خلى سليم يتجوزها مخصوص عشان يوصّلهالى و سليم نفسه اللى جبهالى و الظروف اللى خلته يموت مجرد ما خلص دوره و حطها ف ايدى و الموقف اللى طلّعنا منه احنا الاتنين بس بسلام من كل الموجودين و الظروف اللى خلت امينه تشوفنى مع حنين ف لحظه غريبه و عابره و فهمت لوحدها انها مراتى و الظروف بردوا اللى خليتها تصرّح عنى بده لدرجة انى نفسى صدقتها و امى اللى صدقت اللامنطق، كل حاجه وقتها كانت بتسلّم لبعض بهدوء غريب كإن نصيب بيسلم لنصيب و انا مسحوب من ايدى و بس، حبيت بعدها حنين اه رغم انى مكنتش اعرف باللى عملته امينه و حتى اللى معملتهوش و امى اتهمتها فيه و هى بغبائها سكتت عن انها تثبت برائتها و فكرت ف مصلحتها انها تساوم و بس، كل ده امى خبته عشان تتصرف هى مش عارف او مستنيه تولد و تخلص من عيلها او زى ما قالت عشان فضيحتنا ف البلد ان اللى بلغ عن ابنها حد من اهل بيته و لو مرته ماتت دلوقت يبقى هيتشك انه اتخان منها و قتلوها، معرفش، اللى اعرفه انى ف وسط كل ده حبيت حنين، و بردوا مكنتش ناوى اغدر بأمينه، كنت هخيّرها و انا مش اول راجل يتجوز اتنين، بدليل انى سيبتها بعد ما رجعنا من المستشفى و قضوا فترة حملهم الاتنين على ذمتى، انا مطلقتهاش مش عشان حامل، انا مطلقتهاش عشان كنت مشوش، متلغبط و مستنى ارسى و يوم ما كنت هرسى على اللى رسيت عليه انى احب حنين الحب اللى هيخلينى اظلمها كنت هطلقها و بس، بس اتفاجئت بيوم الولاده انها ماتت، انا حتى معرفتش وقتها انها حاولت تقتل حنين، انها حاولت تقتل عشان واحده شاركتها ف جوزها و شافت نفسها اتخانت مع ان ده حقى، خيانتى لها كانت حق انما هى مكنش من حقوقها تخونى و تستحل دمى، تقتل مراتى و عيلها ف بطنها اللى المفروض انها عارفه انه ضنايا انا من صُلبى.

ادم اخد نَفس عنيف و حركات جسمه و ايده اعنف لمجرد انه بيفرد الحكايه بشكلها الصح غصب عن وجعه: بعدها امينه اختفت سنين، سنين ارتحت فيهم مكنتش اعرف ان الوجع بيتحوشلى، مكنتش اعرف ان امى كانت شاكه ف اخلاقها انها ماشيه مع واحد او عايزه تحمل من اى راجل عشان تدارى مشكلة الخلفه، انها شافتها مع واحد، مش عارف لو كانت امى قالتلى من وقتها كان ايه اللى هيحصل، حقيقى مش عارف، كنت هقولها انها مظلومه و ده مجرد دجال بيسحر عايزه تعملى عمل تربطنى بيها، بس كانت امى هتخلص منها وقتها و مفيش حاجه هتخليها تسيبها، و لا كنت هبرّأ امينه و بس، معرفش..

اتفاجئت بيها يوم الحادثه، اليوم المشئوم، كان يوم ملعون ع الكل، عليا، على امينه، حنين، ولادى، كلنا خسرنا، بس نفسى يفهموا انى انا اكتر ما خسر فيهم، انا اللى خسرت كل حاجه، منهم اللى برضايا و منهم اللى غصب عنى، خسرت امينه اللى اتقتلت بإيدها هى اللى غدرت بيا مره ورا مره، صحيح كنت هسيبها بس متمنتش ابدا تكون دى النهايه بينا، خسرت حنين على فكره هى كمان اللى اتغيرت من اليوم ده اوى و بقت واحده تانيه و حالتها ساءت و هى مفكره ان ادم ابنها و بتتوجع عليه كل لحظه، خسرت ابنى اللى كسر ضهرى و من يومها مبقتش عارف اصلب طولى، خسرت شغلى اللى سيبته برضايا، خسرت ملامح حياتى القديمه، مش القديمه اوى، بس اللى عيشتها ما بين القديمه و اللى جات بعد كده، خسرت الدفا و اللمه و جو العيله اللى كان بينى انا و ولادى و حنين لدرجة انه كان بيجى عليا لحظات انسى فيها ان حد فيهم مش من صلبى!

حمزه كان متابع ادم اوى بعيون مفتحه بذهول، وقف بصدمه و بخطوات بطيئه قرب من ادم قصاده و مد إيده اللى بتترعش ناحيته و هو بيقرب ببطئ لمس وشه بذهول كإنه بيتأكد مين اللى قدامه!

ادم مجرد ما لمسه غمض عينيه و الدموع نزلت منها غصب عنه: اتفاجئت بصرخة ادم، نزلت جرى شوفت أمينه ماسكاه بعنف من رقبته، كنت حاسس انها خنقانى انا، عينيا كانت متعلقه بيه مش عارف بعتذر له و لا بطمنه و لا بشبع منه! ده اللى سكّتنى وقتها و مكنتش عارف ان سكوتى ده هيفهمه بطريقته و هيبقى السكينه اللى هتدبحنى، انا مهتمتش حتى اسأل امينه السؤال اللى كان معلق الحكايه، هو ابنها و لا ابن حنين! وعدتها هسيبها لو سابته، كنت هسيبها فعلا، حتى لو هتبلغ عنى تانى، و الله كنت هسيبها، معرفش كنت هعمل ده ازاى بس اللى اعرفه انى مكنتش هصغّر نفسى قدام ابنى، اه و مكنتش اعرف بردوا لو عملت هى ده كنت هبرر و افسر اللى حصل ازاى قدام حنين و ولادى، بس انا مهتمتش وقتها بده كله، ابنى و بس، ادم، امينه اختفت بإبنى، حسيت انها اختفت بكل الهوا اللى ف المكان حواليا، كنت بختنق، كنت بلف حواليا بحركات تبين انى متكتف، ادم كان بعيد، معاها، معرفتش اتنفس الا اما شوفتهم، حسيت انى صدرى اتفتح، بس فجأه ادم اختفى، رجعت اختنقت بس المرادى برعب، امينه قدامى، ادم لوحده، طب راح فين! قالتله ايه! بيعمل ايه! كنت حاسس انه قريب و هلاقيه عشان مقدرتش احط وقتها احتمال تانى بس متخيلتش انه سامعنى و شايفنى، متخيلتش انه شاف وجعى و سابنى، اه شاف امينه غرقانه ف دمها بس اكيد شافنى و انا بحاول الجمها و السلاح ف ايدها هى، هو مصدقش عشان فى سلاح بينا و هو خمن انه الطبيعى يبقى بتاعى كان نفسى يفهم وقتها انى مقتلتهاش، اه شافنى اتخليت عنها بس ميعرفش انها امه، اه سمع من سته انه ابن الخاينه و انه جه من حرام بس مسمعنيش، اه غلطت بس محاسبنيش حتى، محطش احتمال انه يكون فى صوره تانيه للحكايه، يشوف الكواليس، مشى، سابنى، سنين و هو بعيد بيتفرج علينا من بعيد، سنين و انا ف نفس البيت غيرت الف حاجه و حاجه فيا الا هو عشان لاخر لحظه كان عندى امل يرجع، سنين و هو متابع وجعى و كل ما اتوجع اكتر يتبسط اكتر و يحس ان ده حقه، سنين و انا هموت و اتكلم معاه و لو كان جه ف اى لحظه كنت هرمى الحقيقه بين ايديه و اسيب مصيرى ف ايده، كان فاكر انى مش ابوه، ميعرفش الحقيقه لكن فسر ان امه خاينه يبقى انا مش ابوه، و انا قتلتها، يبقى وقع بين ام خاينه و اب رماها و رماه و راجل شال الليله و الاخر بقى قاتل، كنت عارف ان ده شكل تفكيره، كنت هموت و ارجّعه عشان متأكد و حاسس بمدى وجعه اكتر ماهو عشان واحشنى، واحشنى دى عشان راحتى انا لكن اعرفه الحقيقه دى كانت عشان راحته هو و انا، حبيته!

ادم سكت بعصبيه مجرد ما اعترف بحب حمزه له و حمزه ابتسم بتلقائيه مجرد ما حس ان نص الحمل اتشال..
الدكتور قطع صمت طويل بين الاتنين: اعتقد كده ان.

ادم وقف بخنقه: اعتقد كده انك عملت اللى عايزُه
الدكتور رد بهدوء: لسه حاجه اخيره
ادم بص الناحيه التانيه بنفاذ صبر لمجرد انه كل اللى جواه اتلغبط و اتلعب ف موازينه..
الدكتور: انا قولتلك حمزه حط حل و انا اجلته لو معرفناش نقرب المسافه بينكم
ادم بصّله فجأه و الدكتور قصد يسكت شويه قبل ما يتكلم كإنه بيلعب على اعصابه: و اعتقد انك الوحيد اللى هتقول نلغيه و لا ننفذه.

ادم بلع ريقه بصعوبه و عينيه بتلقائيه راحت على حمزه..

الدكتور بص لأدم على حمزه بنظره سريعه و اتكلم: حمزه عايز يبلغ عن نفسه
ادم وقف فجأه كإنه اتنفض من صاعقه و بصّلهم بعصبيه و تهتهه: و انا، انا قولتله لاء، قالى و قولتله لاء، و لا هو بيبتزنى! يا اقرب منه يا يمشى من حياتى خالص و يحرمنى منه تانى و يوجعنى تانى و يكسر قلبى عليه و يقهرنى من اليُتم تانى!
حمزه وقف و حاول يقرب منه: ادم.

ادم مسكه بعصبيه و هزّه و هو بيتكلم: يا اخى بطل انانيه بقا، انت لامتى هتفضل تختار نفسك!
الدكتور وقف بهدوء: طيب نحدد معاد جلسه تانيه، مش هقول امتى، بس متكونش قبل شهر.

ادم بصّله لذهول لمجرد قطعه للحوار: نعم!
الدكتور: اما تحس انك عايز تتكلم يا ادم
ادم اتعصب: انا مش عايز اتزفت
الدكتور اتحرك و وقف جنبهم بهدوء: ادم انت مقولتش حمزه بيبتزنى يا اقرب منه يا مثلا يبلغ عن نفسه و يفضحنى ف شغلى و يهز سُمعتى و مركزى! مقولتش مثلا انه يا اقرب منه يا يبلغ عن نفسه و يحط واحده بينى و بين حبيبتى اللى بعشقها و يخليها تشوفنى سبب حرمانها من ابوها اللى رباها و يخرب حياتى معاها!

ادم بلع ريقه بتهتهه: انا، قصدى.

الدكتور: انت قولت يا اقرب منه يا يمشى من حياتى خالص و يحرمنى منه تانى و يوجعنى تانى و يكسر قلبى عليه و يقهرنى من اليُتم تانى، انت خوفت من حرمانه تانى، تتوجع عليه تانى، تتيتم تانى مع انك مكنتش يتيم و حسب ما قولت انك ربنا رزقك اب و ام انت وحيدهم و بيحبوك، و مع ذلك كنت معتبر نفسك يتيم و لسه من مجرد فكرة غيابه بتشوف نفسك يتيم و خايف من ده، ف اعتقد ان المسافه قربت، ان قرار حمزه اتحسم و انت اللى حسمته، حمزه لو بلغ عن نفسه مش هيعرف يثبت انه مقتلش امك لانها ببساطه اتقتلت بسلاح الحراسه بتاعته يعنى سهل يشيلها.

ادم اندفع بعفويه: بس انا شوفته بعيد
حمزه ابتسم و ادم لمس كلامه بس كان خلاص اترمى..

الدكتور: انت ابنه، شهادتك مجروحه، جرا ايه يا سيادة الرائد؟ هو انا اللى هقولك!
ادم سكت بتهرّب و الدكتور بص لحمزه: الطبيعى اقول فكروا كويس ف الجلسه لحد ما تجوا او اتكلموا تانى سوا، لكن لاء.

ادم بصّله بطرف عينه و الدكتور ابتسم: مش بقولك هناخد الموضوع بشكل مختلف، مش عايزك تفكر ف اللى حصل او اتقال هنا، و مش عايزك تتكلم مع حمزه، ابعد عن اى انفعال و اعتقد الاتنين هيعصبوك و يشوشوا تفكيرك و انت ف مرحله لازم تبقى اهدى عشان خطوتك الجايه تبقى اصح.

ادم بصّله بغيظ طلع عفوى و هو محتار ما بين كان عايز و لا كان متوقع انه هيقوله حاول تتكلم مع حمزه او يقول لحمزه حاول تقرب منه، و اللى فوق ده انه حاسس انه اتغفل و اللى جواه بيوضح او يهدى، حاسس زى ما يكون حد زقه و سابه و وقف كإنه عارف انه حتى لو ممدلهوش ايده يقف هيقف بردوا بس لوحده و بإرادته..

ادم اتحرك زى التايه لبرا و الدكتور مسك إيده قبل ما يخطى الباب: ادم، انت اخدت دية امك و اللى بياخد ديه مبيقتلش، انت اخدت ديتك من حمزه من سنين وجعه و ألمه و حزنه عليك و انت واقف بتتفرج عليه من بعيد، هو دفع الديه من وجعه عليك، اللى مات ارتاح و اللى عاش اتوجع، و انت اخدت حقك من وجعه عليك حتى لو كنت مشوّش من اصلك و نسبك، الا لو انت زعلك دلوقت على انك عاندت و كملت ف البعاد و مقربتش.

ادم بصّله قوى و راسه اتهزت بتلقائيه و مجرد ما انتبه لحركته قبل ما يصححها الدكتور كمل: و حتى لو عاندت ف العند وجعك اكتر انت قبله ف اوعى توجع نفسك تانى و تعاند عشان صدقنى احساس وجعنا لنفسنا بيبقى مضاعف و ابشع من الوجع اللى بيجى من اللى حوالينا.

ادم سابهم و خرج و الدكتور بص لحمزه بهدوء: احنا فتحنا الطريق و صحيح انتو الاتنين كل واحد فيكم على طرف الطريق و صحيح المسافه بينكم واسعه لكن كفايه ان فى سكه، متيأسش خالص و متأملش اوى، متبعدش البعد اللى يولد جفا و متقربش القرب اللى يخنق، علاقتكم لازم تتساب مفتوحه، هتحتاجوا وقت، هتاخدوا ف وشكم ازمات و مشاكل و مطبات كتير لحد ما تقربوا و هى دى اللى هتقربكم، و اخيرا هقولك حاجه اخيره جايز تفيدك، عندنا ف المجال النفسى بيقولوا كلما زاد تدقيقك ف كل مسألة ف حياتك زاد تعبك النفسى، عشان كده علماء النفس بينصحوا بأهمية أن الواحد يتجاهل و يستخف بالأمور من حين لآخر و دى بتبقى اخر المحاولات لتعديتها.

عدت الايام و ادم بيحاول يتهرب من نفسه بنفسه، مش عارف بيشغل نفسه و لا بينشغل بيها، ابتدى يوضب شقته، صمم ان عابد و فاطيمه ينقلوا الاول ف شقتهم تحته و استقروا..
حمزه اخد هديه حفيدته و ادم استغرب نفسه انه حتى محاولش يمانع، كان بيتحجج بيها انه رايح يشوفها و كل مره بيحتك بحمزه، حس بجو الفه و ونس و لمه و دفا كان مفتقده من سنين..

حمزه راح لعابد و خلصوا اجراءات طلاق رحاب رسمى عند المأذون و حمزه صمم هو بنفسه يدفع كل حقوقها حتى الدهب اللى ام رحاب انكرت انهم اخدوه و رحاب سكتت لمجرد انها تحرق دمه..
هديه كانت مع ادم خطوه بخطوه ف كل حاجه، التوضيب و الفرش و الجهاز لحد ما وصلوا لأخر خطوه و جه يوم الفرح..

ادم اخد بدلته بخمول غريب ع الفرحه اللى جواه و اتحرك لبرا بهدوء..
فاطيمه استغربت: ادم، انت رايح فين؟
ادم ابتسم إبتسامه صغيره: عايز اطلع البس ف شقتى فوق، ممكن؟
فاطيمه ابتسمت برفض و عابد مسك إيدها و هى خارجه وراه: سيبيه على راحته
ادم ابتسم بتهرّب و هو بيخرج و طلع شقته..
فاطيمه بصتله برفض: خليتنى ليه اسيبه يطلع لوحده؟ ده وقت يتساب فيه لوحده؟
عابد ابتسم بهدوء: هو هيبقى مبسوط كده.

فاطيمه: مبسوط! ده شكل واحد مبسوط؟ ده انا قولت يوم فرحه على هديه اللى شال و هبد ف الدنيا عشانها هيطير من فرحته
عابد اخدها و دخلوا: طول ماهو بعيد عن ابوه هتفضل فرحته ناقصه حته، ادعيله ربنا يكمل فرحته.

ادم فوق ف شقته حط بدلته على ترابيزة السفره و شد كرسى و قعد بحزن، بيغيب و يبص ف ساعته يشوف الوقت باقى اد ايه و ثوانى و يرجع يبص ف الموبايل عشان مآخدش باله من الساعه اصلا!
وقف بكسره و بيمد إيده ياخد البدله و هيتحرك لجوه جرس الباب رن ف سحب ايده من ع البدله و اتحرك بسرعه للباب فتحه بلهفه..

ادم ابتسم بتلقائيه شاركت عفوية لسانه: بابا
حمزه كان هيهزر بس نبرة ادم وقفته بتجمّد، اول مره يشوف لهفه ف عينيه عليه! هو كان مستنيه! ايه ده هو قال بابا!
حمزه صوته اتهز بلهفه: وحشتنى اوى الكلمه دى منك يا ادم.

ادم ملامحه اتشنجت بتهرب: ده مجرد كلمه، عادى يعنى.

حمزه مد إيده بسرعه لفّه قصاده: ما الكلام كتير، الكلام اللى اتقال كتير و احنا قولنا كتير، بس الكلمه دى مسحت كل اللى اتقال بوجعه
ادم سحب نفسه من بين إيديه بتهرّب و دخل..

حمزه دخل وراه و قفل الباب: عارف يا ادم، انا من الحاجات الكتير اللى كانت بتثبتلى جوايا انك انت اللى ابنى هى انى محستش بكلمة بابا و لا استطعمت حبها من يوم ما غابت من لسانك
ادم لف جانب وشه له وراه و كعمش وشه بسخريه: تيرارارا.

حمزه ابتسم بحب: بكره هتفهم اما تجرب
ادم وقف قصاده بصدمه: انت عايزنى اتوجع على ولادى!

حمزه بصّله بجديه: انت عبيط! انا قصدى اما تبقى اب هتفهم ان مفيش اب ف الدنيا بيكره ولاده و لا فى ولد ف الدنيا بيكره ابوه مهما حصل، يمكن الصوره بينا انا و انت مشوشه قدامك ف مشوشه الحقيقه دى و يمكن اما الصوره تتقلب و الادوار تتبدل و تبقى انت الاب و يجيلك ابنك هتتأكد ان نقطة الحب بين الاب و ابنه بتبقى برا الملعب و اى خبطه فيها بتبقى برا الجون
ادم انسحب من الحوار بتهرّب: سيبت حنون لوحدها ليه؟

حمزه تقبّل تهرّبه و ابتسم: طب مانا بردوا سيبت هديه.

ادم رفع حاجبه: لا هديه دى مبقتش تخصك، اتعود بقا على كده
حمزه رفع حاجبه: تصدق حلال عليك حنون و عمايلها
ادم تف بغيظ جنبه: لا انا سايبها بمزاجى على فكره عشان اول و اخر مره هتبقى حما
حمزه ضحك بمرح و هو بيخبطه بخفه على خده: ايوه ايوه مانا عارف
ادم نفخ بغيظ: عارف لو ملمتهاش من اولها مش هخليك تعرف تلم منها ايه و لا ايه
حمزه ضحك و ادم قطع ضحكته بكلامه اللى حدفه فجأه: مش عايزها تحضر الفرح.

حمزه اصطنع البلاهه: مين؟ حنون؟
ادم جديته اتقلبت غيظ و حمزه ضم بوقه ببراءه يرخم عليه: اخسس، طب اعمل معاها ديل حتى
ادم دوّر وشه بغيظ مش عارف عشان حمزه اللى بيسحبه بلباقه من عِناده و لا عشان طبع حمزه اللى شبهه ف مش عارف يجيب معاه حاجه..

حمزه اتعدل بجديه قدامه رغم ابتسامته: و انا عارف يا ادم انك مش هتتحمل وجود ستك ف حياتك، و ان ده شئ اكبر من قوة تحمّلك و هتطلب منى طلب زى ده، عشان كده عملت حسابى، و انا يستحيل اعكر فرحتك ف يوم زى ده.

ادم سكت بخنقه و حمزه ابتسم بهدوء: انا مقولتلهاش اصلا ان انهارده الفرح
ادم كشر بغضب: هى لسه مش موافقه؟
حمزه ضيّق عينيه و ادم شاور بتهكم: ماهو مش لازم تقولى انها لسه مش موافقه، اللى تحبس واحده سنين عشان العرف و التقاليد و اللى تخرب حياة ابنها و تعكرها سنين و بردوا عشان العرف و التقاليد عشان حب واحده مش على هواها اكيد مش هتسيب حفيدها يتجوز واحده قدام الناس المفروض اخته و يخالف العرف و التقاليد.

حمزه اخد نفس بهدوء: متشغلش بالك انت، المهم مستعد يا بطل؟
ادم رفع عين و نزّل التانيه: هو انا داخل مصارعه؟
حمزه عض بوقه برخامه: و اى مصارعه! ده ذاك الشبل هيصارع بنت الاسد
ادم ضحك بإستسلام له و حمزه مجرد ماشاف استسلامه قدامه ضحك معاه براحه و هو بيمسك الكيس ببدلته و بيفتحه بس مجرد ما فتح البدله كعمش وشه بإستفزاز: هو المفروص اقولك اوووه تحفه، روعه، و اجاملك
ادم رفع حاجبه و بصّله ع البدله: نعم؟

حمزه كتم ضحكته ببراءه: البّسك البدله و البسك ف الحيط يعنى؟
ادم بصّله بجديه: وحشه؟ انت عارف دى بكام؟
حمزه حدفها بلامبالاه على ترابيزة السفره و اتحرك لمدخل الشقه جاب الشنط اللى ركنها قلّب فيهم لحد ما فتح واحده خرّج منها كيس اسود و شاورله بيه..

ادم اتحرك بملامح انفرجت بطفوله اوى و اخدها منه و مجرد ما فتحها ابتسم بدون ما يحس..

حمزه راقب انفعال ملامحه بطفوله و عيونه دمعت لفلاشات كتير ظهرت من لمحات بينهم عدى عليها سنين و هو بيجيبله لبس، و هو بيختار معاه لبس، و هو راجع من سفر و جايبله لبس..
ادم انتبه لرد فعله هو من رد فعل حمزه كإنه مرايته اللى بيشوف فيها نفسه..
حط الكيس اللى اتفاجئ انه اخده من حمزه بجديه: لا معلش متشكر مش هاخدها.

حمزه من تغيير ملامحه بسرعه فهم ان عناده المتحكم فيه ف رفع حاجبه: لاء مش معلش و لاء مش متشكر و لاء هتاخدها، و يلا اتحرك مفيش وقت البس
ادم: لاء
حمزه ربع ايديه بهدوء يستفزه: ليه؟
ادم كشّر: بتاعتى عجبانى
حمزه رفع حاجبه: بس مش عجبانى
ادم ابتسم بتهكم: و انا المفروص اقولك ان دى اوووه تحفه، روعه، و اجاملك
حمزه ضحك بيآس و شده لجوه ف وسط ذهوله..
ادم رفع حاجبه: انت هتعمل ايه؟

حمزه بيزقه لجوه و كل ما يرجع يزقه: مانا قررت مش هاخد رأيك تانى، او هخده و احطه ف
ادم رفع حاجبه: فين؟

حمزه عمل ريأكشن وشه و خبطه ف جبينه بمرح: ف جيبى
ادم اخد نفس بغيظ يرد حمزه كمل زق فيه لجوه و ابتدى يفكله قميصه برخامه عليه قدام فرحة ادم اللى فشلت كل محاولاته ف انكارها او حتى اخفائها..

حمزه شد قميصه رماه و شد التيشرت بعده رماه و ادم نط ع السرير واقف: يا بيه اللى بتعمله ده عيب و حرام، هو انا عشان لقيط تعمل كده فيا! اديك ايديا تلاعبلى حواجبك و تطمع فيا!
حمزه ضحك غصب عنه من حركة ادم الكوميديه و سكت لحظه و انفعل بمرح و هو بيشاور بإيديه ف الهوا: طب ادينى حنان م اللى انا محتاجُه بقالى زمان
ادم نط معاه ع الارض و هو بيشاور بدراعاته ف الهوا بمرح كإنه بيرقص: طب اديك ف الجركن تركن.

حنين دخلت من باب الشقه و اتحركت على صوتهم لحد ما وقفت مكانها لحظات و برّقت: انتوا بتعملوا ايه؟
الاتنين وقفوا لحظات بصمت و ثوانى و انفعلوا تانى بمرح بحركات دراعاتهم ف الهوا..

حنين ضحكت بيأس: مش هتكبروا و الله، هذا الحصان من ذاك الفرس
ادم بصّلها بطرف عينيه: انتى سيبتى بنتك ليه يا ست الحبايب يا حبيبه انتى؟
حمزه قرب منها و لف دراعه حواليها بمشاكسه و غمزلها: بمناسبة الفرس بقا، مطنشاه انتى هاا؟
حنين ابتسمت بخفوت: مش كنت بتطمن على بنتى حبيبة امها؟
ادم قرب منهم و شد حمزه بغيظ لورا: استنى انت يا عم الفرس، سيبتى بنتك لوحدها ليه يا ست الشحروره؟

حمزه قرب منهم برخامه زق ادم لورا و لف دراعه حوالين حنين و غمزلها: و جيتى ليه هاا؟
حنين عضت شفايفها ببراءه: عشان اتطمن على ابنى
ادم شد حمزه بغلاسه لورا: يا عم النحنوح اهدى، بنتك لوحدها يا ست حلويات و دى لو اتسابت لوحدها تلات دقايق ممكن عقلها يعمل معاها الدنيئه عادى.

حمزه شده رجّعه لورا برخامه و اخدها بدراعه على كتفه: طب اهى اتكلت البت و اتكل الواد، مفيش حاجه كده لأبو البت و الواد؟
ادم عض بوقه وراهم و صرخ بغيظ خضهم: يخربيييوتكوا انتوا كان لازم تتقفشوا تحرّش من ربع قرن عشان نمنع الجريمه اللى اتعملت ف حق المجتمع دى، و دينى لو ما اتلميتوا لا احطكوا بإيدى ف زنزانه واحده و هعمل عليكوا دوريه كل تلات دقايق اقطعلكوا الخلف.

هديه خلصت مكياجها و هنا ساعدتها لبست فستانها و استعدت تخرج..
بصت ف المرايه و بصت لموبايلها بتردد و ضحكت بغيظ لهنا: تفتكرى هيعجبه؟
هنا ضحكت بخفه: متقلقيش، هو كفايه انه مش هيتصدم
هديه ضحكت بإستسلام و اتحركت لبرا: طب هجهز للخروج عقبال ما البيه يرد.

ادم جهز بمساعدة حمزه او حمزه تقريبا اللى عمله كل حاجه و خرجوا، عدّى على عابد و فاطيمه اللى جهزت و حنين كانت جهزت بنته و اخدهم و نزلوا ركبوا مع انس اللى كان مستنيه..

ادم ابتسم لحنين ف العربيه: متشكر
حنين ضمت بوقها ببراءه: على ايه؟ انا جايه لجوزى اللى انت خطفته منى يا خطاف الرجاله
ادم ضحك غصب عنه: تصدقى انا استاهل.

حنين ضحكت بخفه و مدت إيدها طبطبت على إيده اللى ساندها من وراهم عليهم: انت ابنى يا ادم، زيك زى هديه، من يوم ما اتولدت انت و هتفضل لحد ما اموت انا ابنى، و مش عشان حمزه اعتبر هديه كده، بس انا بحبك و مازلت من جوايا مش مقتنعه بحاجه غير انك ابنى و ده كفايه بالنسبالى
ادم ابتسم و بعفويه رفع إيدها باسها..

وصلوا الاوتيل و حنين ابتسمتلهم: انا هطلع بقا اشوف هديه وصلت لفين
ادم استغرب: احنا مش طالعين معاكى و لا ايه؟
حنين: طب اشوفها الاول جهزت و لا ايه
حمزه ابتسم: انا هطلع معاكى عشان انا اللى هنزّلها و انا اللى هسلّمها لأدم
حنين عدلتله الكرافته بدلع: لا انا اللى هدهاله، انت بتاعى انا و بس
حمزم عض شفايفه بمشاكسه: ده انهارده عريس بقا و انا مش عارف
حنين غمضت بغزل: انت.

ادم دخل دراعاته وسطهم فصلهم برخامه: ايه المحن ده؟ ده وقته؟ صدق اللى قال العجوز لما بيتدلع بيبقى زى الباب المخلع
حمزه برّق: عجوز؟
ادم هز راسه بإستفزاز: اه، و خف محن شويه يا نحنوح عشان العضمه كبرت و كتر المحن هيعملها هشاشه
حمزه كز على سنانه بغيظ: عايز ايه يالا؟
ادم رفع حاجبه برخامه و هو بيقرب منه: انا العريس، هكون عايز ايه؟ حجر شيشه مثلا؟ فين العروسه؟

حمزه بصّله بغيظ: هى مرسومه على وشى؟ سيبنى اكل عيش بقا
ادم شاور بغلاسه: كُل يا حبيبى بس متحفّش، فيين العروووسه؟
حمزه ضحك بيأس: انت يالا.

قطع صوتهم دربكه و اصوات متداخله و حركه مريبه و الكل بيجرى ف اتجاه واحد..
ادم بص لحمزه بقلق و اتحركوا ورا الناس لحد ما لقوا نفسهم برا باب القاعه ف مدخل الاوتيل..
ادم بص للسلم قدامه و فجأه اتسمر مكانه على ابشع منظر ممكن قلبه يتحمل حقيقته...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة