قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية القائد الجزء الأول للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

رواية القائد الجزء الأول للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

رواية القائد الجزء الأول للكاتبة أسماء جمال الفصل الثالث عشر

ادم بيتحرك بهدهد لبرا الشارع سمع عربيات الشرطه بتقرب بسرعه ف غمض عينيه اوى. بصّلها بتوتر و هي بصتله بقلق. مد إيده بسرعه مسك إيدها و قبل ما يتحرك هي ضغطت على إيده بإستسلام اما شافت عربية الشرطه وقفت و نزل منها الرائد منير و قرب منهم بإنتصار و هو باصص لمسكة إيدهم: اهلا
ادم سحب إيده و حطها على وشه بتوتر و الرائد منير ابتسم بإصفرار: مش بقولك فلانتينوو العشوائيات.

ادم بصّلها و قبل ما يتحرك شاف عيونها دمعت بتوتر ف رجع بإيده بسرعه لإيدها ضمها و همس: متقلقيش
هدهد ابتسمت من بين دموعها و هزت راسها و هو اتحرك بيها للبوكس.
اخد خطوه لورا و بيحرّكها بإيدها للبوكس الرائد منير اتحرك ناحيتهم بحده شدها منه و زقّه للبوكس بعنف: انت طالع الساحل يا روح امك؟ اجيب شجره و اتنين لمون؟
ادم بصّلها شاف عيونها دمعت بخوف ف بص للرائد منير بغضب و كز على سنانه.

ثوانى و الحته اتقلبت اكتر ماهى مقلوبه و كل اللى ع القهوه عليهم و الكل اتلم عليهم.
الرائد منير بصّ لهدهد بحده: اطلعى يا بت
زقها و قبل ما إيده تتشال من على كتفها ادم مسك كف إيده طحنه بين إيده بعنف و همس بحده: ايدك لو اتمدت عليها و رحمة ابويا لا ارجعهالك ف ورق سلوفان و اخليك تعلقها على صدرك للذكرى.

الرائد منير بصّله ثوانى بدون رد فعل و فجأه ضربه بوكس ف وشه حدفه لورا ع البوكس: بتتشطر عشان ف حتتك؟ طب يلا يا فلانتينو ورينى الرجوله ف القسم
فجأه الكل قرّب و كذا حد بيقدّم ناحيتهم ادم بإشارة عينيه وقّفهم.
الرائد منير ضحك بتهكم و ادم هيتحرك ناحيته كان الرائد منير شاور للعساكر حاوطوا ادم من وراه و قبل ما يتحرك كتفوا دراعاته ورا ضهره.

ادم بص للرائد منير بغضب و هو شاور للعساكر طلّعوه ع البوكس و اتحركوا ع القسم.
حنين صوت دموعها عِلى و عِلى قفل عيونها مشافتش دموع صامته تانيه جنبها.
حمزه اتنفس بالعافيه و هي وقفت قصاده بتنهج وجع: دى اخرة الحرام. اخرة شغلك. كنت بتأكلنا حرام انا و عيالك ف لازم تكون دى النتيجه! كل ما هو مبنى على حرام باطل! ده لو تل فلوس اتحط فيه قرش واحد حرام بيفسده ما بالك ببيت و ولاد إتبنوا و إتربوا على الحرام!

حمزه رد بسرعه بدفاع كإنه ما صدّق لقى ثغره تدخّله عذر: انا سيبت كل شغلى ده و حياتك
حنين صرخت: متجيبش سيرتى على لسانك بقولك. انت مبتفهمش!
حمزه حاول يمسكها من اكتافها بإيديه الاتنين: و حياة ولادى
بيقرب و حنين زقته و مع إصراره ع القرب منها و هو بيتكلم ضربته ف صدره مره ورا مره ورا مية مره و هي بتصرخ لحد ما نزلت على رُكبها ع الارض بتعيط بضعف.
حمزه بدفاع: صدقينى يا حنين. انا سيبت كل ده. سيبت شغلى.

حنين زقته بكفوفها بعنف ضعيف: كذااب. كذب. كذب زى ما كل حاجه كذب
حمزه بسرعه لف حواليه لحد ما لمح مذكراته و جابها بسرعه و راح عليها و هو بيقلّب فيه: اهو. اهو شوفى. حتى شووفى
قعد جنبها بتعب و هي عيونها اتعلقت بعينيه اما لمحت جواهم شئ غريب مش عارفاه صدق و لا مجرد اصرار عليها.

حمزه شاورلها بعينيه بلهفه بعد ما إستقر على ورقه و هي اللهفه اللى فاضت من عينيه اجبرتها بلا اراده منها تبص ع الورق. مقدرتش حتى تقرا. تنطق. مشيت بعيونها ع الكلام و شافت بين سطوره نفسها بتتحرك.

حنين كانت نايمه بتعب زى كل يوم من يوم ما ادم غاب. سايبه حمزه جنبها بس اما صحيت ملقتهوش. قامت بالعافيه اتسنّدت لحد الحمام مش عارفه بتدوّر عليه و لا داخله الحمام.
نزلت لتحت شافت الحاجه صافيه بصتلها بتعب: حمزه فين؟
أمه بصتلها بجمود: واه. ايه اللى حصل ف الدنيا عاد؟ انتى اللى هتسألينى عن حمزه اللى هو ولدى؟ ده انا مهعرفش فين بيروح و يجى الا منك!

حنين بصتلها بقلة طاقه ع الكلام و خرجت ع الجنينه بس مشافتهوش.
ابتسمت بضعف اما شافت هديه قاعده قدام البسين و ضهرها لها.
قربت بحب قعدت جنبها و قبل ما تتكلم شافت دموعها ف ضمتها عليها: بتعيطى ليه؟
هديه: ماما. هو ادم مش هيرجع؟
حنين صوتها اترعش: لاء، اوعى تقولى كده. اخوكى راجع
هديه صرخت بعياط: تيتا بتقول لاء مش
حنين حطت إيدها على بوقها بسرعه: لالا هيرجع. اخوكى راجع. انتى مش بتحبيه؟

هديه مسحت دموعها بضهر إيدها و هزت راسها بإبتسامه واسعه: اووووى
ادم مع هدهد ف البوكس عيونه متعلقه بيها كإنه بيطمنها. وصلوا القسم و العساكر اخدوهم لجوه.
الرائد منير بص للعسكرى: ارمى العيال دى ف الحجز لحد ما يجى الراجل بتاع حادثة الخرابه
اخدوهم كل واحد لزنزانه و ساعه و العسكرى خرّج ادم نقله على مكتب الظابط. و دقايق و جاب هدهد.
اول ما دخلت بصت لأدم و اتفاجئ بعيونها محمره بوشها كإنها معيطه.

بص للرائد منير بحده اللى إبتسم بسماجه: ان كان ع العياط هخليها تعيط متقلقش انت بس و قول يارب
ادم بصّله بغضب و بيحاول يتمالك اعصابه عشان ميبوّظش الحكايه و تمشى زى ما رتبلها.
بصّلها و هز راسه يطمنها و هي بصتله و إبتسمت بتوتر و اتقابلوا ف نظره بهتت شويه بشويه و غطى عليها موقف حصل بينهم من كام ساعه قبل دلوقت.
Flash baaak.

ادم اخد هدهد بعد ما رجّع الحاجه للبدروم و خرجوا ركبوا الاسكوتر و اتحركوا كتير لحد ما وقف بيها قدام مستشفى. ركن و شاورلها بنضاره شمس كبيره و هي اخدتها بإستغراب لبستها.
اتحرك بيها خطوتين لجوه و شدته و وقفت اول ما لمحت عساكر: ادم، ده تسليم اهالى ده و لا ايه؟
ادم بص عليهم و بصّلها و همس: ششش اهدى. لازم ندخل. بس اعملى زى ما هقولك و اوعى حاجه تبان عليكى لا نلبس بجد.

هدهد اتحركت بإستسلام معاه: و الله شكله تسليم اهالى
دخلوا و طلعوا فوق لحد ما استقروا ف اول طرقه. ادم شاور بعينيه لحد قصاده اخر الطرقه و الحد ده قرب من العسكرى اللى قدام الغرفه.
هدهد بصتله قوى و مكنتش محتاجه مجهود عشان تعرف ان ده نسناس برغم تنكّره!
نسناس اتكلم و هو بيحاول يتحرك بالعسكرى من على باب الغرفه و ضهره لأدم بالباب: قولى يا شاويش. هي المشرحه منين؟

العسكرى زقه و حاول يرجع لمكانه قدام الباب: اتكل على الله يا جدع انت اسأل تحت. حد قالك انى مدير المستشفى؟
نسناس رجع شده ف خفا و هو بيشد معاه الكلام و ضهرهم للباب: براحه يا شويش. ده انا كلمونى و قالولى ليا حد هنا و من ساعة ما جيت بلف
العسكرى سكت شويه و نسناس بص وراه لأدم اللى شد هدهد بخطوات سريعه و فتح باب الغرفه و دخل و قفل وراه بسرعه.

العسكرى بص لنسناس و هو بيشاور بإيده لقدام: انزل من الدور ده خالص للارضى و خد شمال هتلاقيلها باب مدى على الخروج
نسناس بعد ما اتطمن ان ادم دخل الغرفه بص للعسكرى ببلاهه: هي ايه دى؟
العسكرى بصّله بإستغراب: المشرحه
نسناس اتكلم ببلاهه و هو سايبْه و ماشى: هي المشرحه ناقصه قُتلى
ادم دخل بهدهد و قفل الباب و هي اتسمرت بمكانها اما شافت قدامها ع السرير الراجل اللى عرفته بسهوله.

مسكت اوى بتلقائيه ف ادم و همست: ادم. ده الراجل اللى ضربناه
ادم ميل جنب ودنها و همس زيها: قصدك اللى ضربتيه. مش وقت نداله
الراجل اتفزع اول ما شافهم قدامه و اتعدل بسرعه قعد. بيمد إيده يرفع سماعة التليفون جنبه ادم فتح مطوه ف إيده بسرعه و ضربها قطعت السلك.
ادم كعمشله وشه: مش قولتلك متجيش عشان مفيش!

الراجل هيقف بسرعه ادم ساب هدهد و قرب بسرعه ناحيته و ميل كفوفه ع السرير حواليه يمنعه يتحرك: قولتلك متجيش عشان مفيش. شكلك بتنسى كتير
الراجل بص حواليه بقلق و ادم اتكلم بهدوء: متحاولش. اى محاوله انت اللى هتحاسب عليها. اسمع الاول
الراجل بص ع الباب بقلق و بصّله و ادم اتكلم بثقه: صدقنى المحاوله الوحيده اللى هتنفعك هي انك تسمعنى. ف اسمعنى بقا عشان نخلص بعض.

الراجل بص على هدهد بتوتر و شافها ف شكل غير اللى شافها فيه اول مره و استغرب.
بص لأدم اللى اتعدل و قعد قدامه: اه هى
الراجل هيندفع بالكلام ادم سبقه: و عندك حق ف اى حاجه عايز تقولها. بنت جزمه و غشيمه و غبيه و تستاهل ضرب الجزمه. بس فكر كده ده هيجبلك حقك؟ اما هي تتضرب بالجزمه ده هيجبلك حقك؟
الراجل رد بتهكم: اه بس هما ف المحكمه مش هيضربوها بالجزمه.

ادم شاور بكف إيده ف وشه بتأكيد: عندك حق. بس فكر حقك ده عشان تاخده صح تاخده ازاى. اما تتحبس كده خدت حقك؟ عالجت نفسك؟
الراجل بصّلها بغضب و حسس بإيده على راسه.
ادم بصّله و سكت شويه قبل ما يتكلم يديله فرصه يترقب كلامه: انت هتقول متعرفهاش. مخدتش بالك اصلا من البنت اللى ضربتك و الحكومه هتديك حاجتك و انا فوقهم هديك علاجك و تمن رقدتك هنا و فوقهم بقشيش كمان. ايه رأيك ف العرض ده؟ حلو صح؟

الراجل شاورله على هدهد بسخريه: معرفهاش؟
ادم هز راسه بتأكيد: اه مخدتش بالك من شكلها مهما يوروك اى حد هي او غيرها
الراجل حاول يخرج من الحوار: اه بس لو قولنا سمعت كلامك و خرّجتها من شروع القتل ف السرقه مفهاش تنازل
ادم: ملكش دعوه. بعدين الموضوع مفهوش سرقه
الراجل: سرقت شنطتى امال انا
ادم قاطعه: قولتلك ملكش دعوه
الراجل حاول يقف و ادم ضغط على رجله قعّده و نظراته احتدت بشكل خوّف الراجل.

ادم اتكلم بلهجه حاده: صدقنى مش هيفيدك اى حاجه غير العرض بتاعى. الحكومه مبتديش حاجه لحد. بتاخد و بس. مش هتديك اكتر من شنطتك اللى هي اصلا بتاعتك. هتاخدها للحبس لكن انت مش هتاخد حاجه. ده لو قولنا ان انا سيبتها او سيبتهم يعملوا ده او سيبتك انت نفسك و حط تحت الجمله دى مية خط عشان متعيطش.

الراجل بلع ريقه بتوتر و ادم وقف و راح عليها و هي متابعه حوارهم بتوتر و مركزه مع ادم اللى لهجته و شخصيته اتحوّلوا ف لحظه لحد تانى ملهوش علاقه بالاول لمجرد انه خاف عليها. احساس حلو عمرها في ظروفها دى ما حسته هزها من جوه.

ادم لف دراعه حواليها و اتحرك بيها للباب و قبل ما يخرج بص للراجل بغموض: الشنطه بتاعتك الحكومه لقتها ف المكان مرميه. يعنى مفيش سرقه و هي تقدر تنكر من الاصل انك كنت بتجرى وراها عشان سرقتك
الراجل هيتكلم ادم سبقه يمنعه: حتى لو امة لا اله الا الله كلها شهدت معاك انك كنت بتجرى وراها ف دول بتوعى. انا اقدر اخليهم يقولوا كلامها. نقول مثلا انك كنت بتعاكسها و بتحاول تتحرش بيها و هي جريت منك.

الراجل بصّله بذهول و ادم كعمش وشه: او نقول انك انت اللى كنت عايز تسرقها؟
الراجل وقف بعنف و ادم كمل: شوفلك مصيبه فيهم و انا اوعدك تلبس ف اللى تختارها فيهم و اقلبها لدفاع عن النفس و انها كانت بتدافع عن نفسها
الراجل قعد ع السرير بتوتر و ادم بصّله بلامبالاه يهز ثقته انه صاحب الموقف القوى.

ادم شاورله ببرود قبل ما يخرج: اختار بس خد بالك انك مش هترد عليا انا. هترد قدام النيابه اللى هتاخد اقوالك و يا تقفل القضيه يا لاء. و هعرف لو متقفلتش القضيه انت اختارت ايه بس ساعتها متزعلش
الراجل بصّله بقلق من القوه اللى ف نبرة صوته و ادم شاورله قبل ما يخرج: اتمنى تختار الحل الاول. لاحسن قوانين التحرش شدت حيلها اليومين دول و الحكومه زى ما قولتلك مبتعرفش غير انها تاخد.

هيتحرك بهدهد لبرا قبضة الباب اتمسكت بتتهز و ادم بسرعه لف بهدهد ورا الباب اللى اتفتح بسرعه و هما وراه مش باينين.
العسكرى بص للراجل: انا سمعت صوت ف الاوضه. حد كان هنا؟
الراجل بصّله بغيظ و العسكرى كمل: انا كنت ف دورة المايه و رجعت متهيئلى سمعت حد هنا
الراجل بص على ادم اللى ورا الباب شافه مش مهتم حتى يبصله و رافع وشه للسقف ببرود و بيشاور لهدهد.
الراجل بص للعسكرى بتهتهه: لالا مفيش. مفيش حد.

الراجل بص لأدم اللى بصّله و كعمش وشه و رفع صوباعه. الراجل اتحرك ناحية العسكرى و اتحرك بيه لجوه بيتكلم و ادم اتحرك ف خفه بهدهد خرج بسرعه.

baaaak
ادم فاق من شروده على صوت الرائد منير اللى بيبص لأدم بحده: اتعدل ف الطابور يالا
ادم بص حواليه شاف كذا حد معاه ف غرفة التحقيق قدام الظابط مش عارف مين دول و لا ازاى دخلوا. بس مشافهاش.
اندفع ع الرائد منير بغضب: وديتها فين؟
الرائد منير بصّله قوى بحده و ادم زعق و مسكه من هدومه: وديتها فين انطق!
الرائد منير ضربه بوكس ف وشه بعنف حدفه لورا وسط الكل و ادم عينيه طقت شرار و فجأه شد الباب بعنف!

حنين وقفت و حاولت تبتسم: طب تعالى معايا نشوف بابا فين و هو بنفسه هيقولك ان ادم راجع. مش انتى بتحبى بابا و بتصدقيه؟
هديه قعدت تانى: لاء تيتا قالت مش راجع. مش هيرجع
حنين بصتلها و شكل تفكيرها خلاها تنهج. مشيت بغضب بتدوّر على حمزه لحد ما لمحت باب المكتب بتاعه اللى ع الجنينه موارب ف راحت عليه بغضب.

حنين بغضب: حمزه لو سمحت. فهّم مامتك انها متلعبش على اعصاب بنتى. هديه اعصابها بايظه لوحدها من وقت ما ادم.

وقفت بالكلام بصدمه اما شافت حمزه بيتخض على دخولها المفاجئ!
اتعدل بسرعه و هو بيحط حاجه ف خزنة مكتبه و بيحاول يتكلم بإرتباك: حبيبتى. انتى. انتى ايه بس اللى نزّلك من سريرك. قصدى خرّجك و انتى اكده!
قفل بسرعه و قرّب عليها يمسك إيدها: انتى لسه تعبانه و
حنين سحبت إيدها و شاورتله ع الخزنه: ايه ده يا حمزه؟
حمزه بص وراه بلغبطه و حاول يبتسم: دى خزنتى و ده مكتبى. عارفه عرّفتك عليهم كام مره؟ ده.

حنين قاطعته و عينيها متعلقه ع الخزنه بعد ما لمحت الشئ اللى كان ف إيده قبل ما تدخل: انت حطيت ايه بسرعه ف الخزنه؟
حمزه بصّلها بتوتر: ده. ده حاجات تبع شغلى
حنين ضيقت عينيها: حاجات ايه!
حمزه لف دراعه حوالين كتفها و حاول يتحرك بيها بس هي جامده مكانها: حاجات لشغلى يا حُنّه. انتى عارفه يا حنين يعنى تفاصيل شغلى؟

حنين ربعت إيديها بغموض و ملامحها مخنوقه: و اما هي حاجات تبع شغلك اتخضيت ليه اما دخلت؟ و ليه حدفتها جوه بالشكل ده و قفلت؟
حمزه هيتكلم بسرعه هي وقّفته بكلامها: و اه صحيح انا معرفش فعلا شغلك يا حمزه بس معنديش مانع اعرف. لاء انا حابه اعرف يا حمزه. انت بتشتغل ايه؟

حمزه اتوتر و حاول يتكلم بجديه: ايه يا حنين ما انتى عارفه انى شغال اهنه تبع المحجر و بجيب عمال و احاسبهم و بفحت و اطلع حجاره و رمل و اورّد للمصانع و
حنين بصت ع الخزنه و بصتله بحزم: افتح الخزنه يا حمزه
حمزه بص وراه ع الخزنه و بصّلها و هي اتحركت لجنب الخزنه و وقفت بإصرار.
حمزه قرب ببطئ و حاول ينطق بس قدام نظرتها معرفش يقول ايه. فتحها قدامها و هي عينيها وسعت بصدمه!

ادم بص للرائد منير بشراسه اللى زقّه لورا بحده حدفه وسط الكل وراه. ادم بصّلهم معظمهم من الحته و القهوه و الظابط شاورلهم عملوا طابور.
بص للعسكرى: دخّل الراجل بتاع الحادثه
ثوانى و الراجل دخل و اول ما دخل ادم بصّله بحده مقدرش يسيطر عليها.
الرائد منير بص لأدم بغضب و هيتحرك اللوا محمد دخل ف وقف له بتحيه: باشا.

اللوا محمد بص للراجل و بص للطابور: بص بقا يا بطل. طبعا انت عارف شكل العيال اللى ضربوك ف الخرابه؟ صح؟ و لا الضربه اثّرت؟
الراجل هز راسه لاء و الرائد منير بصّله: نعم؟
الراجل بص لأدم اللى بصّله بحده و شال عينيه بسرعه و بص للرائد منير و رد بسرعه: قصدى. قصدى لالا الضربه مأثرتش
الرائد منير: تماام. عدّى على العيال دى و اتعرف عليهم و شوف في حد منهم هتقدر تتعرف عليه؟

الراجل وقف بلغبطه و اتحرك قدامهم و بصّلهم و رجع للرائد منير: لاء
الرائد منير: ازاى! ركز يالا حد من اللى واقفين دول من العيال اللى ضربوك؟ او كان مع البت اللى ضربتك؟
الراجل رد بسرعه: لاء لاء مفيش
الرائد منير: العيال دى كلها من الحته و كلهم شمامين و قهوجيه و بتوع سجاره و برشامه. اكيد حد منهم لمحته يوم الحادثه او حتى احتكيت بيه.

الراجل بص لأدم بطرف عينيه و جرى بعينيه بسرعه عليهم كلهم و بص للرائد منير بغيظ: يا باشا هو انت اللى اتضربت و لا انا؟ بقولك لاء
الرائد منير بصّله شويه و اتحرك من ورا مكتبه وقف قدام الطابور لحظات و شد ادم فجأه قدام الراجل: مشوفتش الواد ده يوم الحادثه؟
الراجل بص ف عينين ادم و رد بسرعه: لالا لالاء
الرائد منير اتعصب بغضب: و لا بعدها؟ يعنى محاولش يجيلك المستشفى مثلا او يبعتلك حد او حتى.

اللوا محمد اتدخل و شد الرائد منير ورا بغيظ: اهدى يا ببه مش كده. ده مش طابور جمعيه
الرائد منير اتنفس بغيظ و رجع بالعافيه و الراجل رد: لالا مشوفتهوش
اللوا محمد هيتكلم الرائد منير اتحرك فتح الباب و شاور للعسكرى: دخّل العرض التانى
ثوانى و دخل مجموعة بنات منهم هدهد و كلهم من المنطقه.

الرائد منير بص للراجل بغموض: ركز بقا كده و طلعلى البت اللى فتحت قرنك بدل ما تبقى قُرنى بجد. عاجبك قرونك دى و حتة بنت فتحتهوملك؟
الراجل اتحرك بتوتر و وقف قدام للبنات بلغبطه و ادم بيبلع ريقه بتوتر قدام هدهد اللى عيونها اتعلقت بيه من اول ما دخلت و دموعها لمعت.

حنين بصت لحمزه بصدمه: اثار!
حمزه اخد نَفس الاول قبل ما يتكلم و سكت لحظات يعد لحد ما يرتب انفعالاته: دى تبع شغلى
حنين قعدت على كرسى المكتب بصدمه: شغل ايه؟
حمزه: شغلى ف المحجر. انا مش بفحت تحت الارض ليل نهار و اخرّج من باطن الارض خيرها. و ف شغلانتنا دى في اللى بيفحت و يلاقى بترول و في اللى بيفحت و يلاقى دهب و في اللى يفحت و ميلاقيش حاجه و يشتغل ف الحجاره.

حنين كملت بصدمه: و في اللى يفحت و يلاقى اثار؟ صح كده و لا انا غلطت؟
حمزه سكت بإستسلام و هو وقفت قدامه بترقب: و الحكومه عارفه الكلام ده يا حمزه؟
حمزه هرب بعينيه بعيد و هي مدت إيدها اللى بتترعش لفت وشه لها بحذر: الحوار ده قانونى يا حمزه؟ يعنى الحكومه عندها خبر بيه؟
حمزه سكت و هي بصتله بصدمه: انت عارف ده معناه ايه؟ طب عارف لو الحكومه شمت ريحة اللى بيحصل هنا ده هيحصل ايه؟

حمزه افتكر الحادثه اللى جمعتهم و غمض عينيه اوى للذكرى.
حنين صوتها اتهز بصدمه: ده حرام. انت شغال ف الحرام يا حمزه؟
صوت رد من وراها بحده: مليكش صالح. حرام و لا حلال احنا مش جايبينك من على المنبر
حنين بصت وراها لقت أمه بتدخل بجمود و قفلت الباب.

ام حمزه وقفت قصادها بحده: اسمعى يا بت الناس. تدخلى حياته و تتنططى عليها كيف الغازيه و تقلبيها راس على عقب و هو هيتفرج كيف المخبول هو حر. لكن تدخلى شغله لاه. لحد اهنه و هتلاقينى انا ف وشك مش هو لو معتمده انه مهيقولكيش لاه واصل
حنين لفت وشها لحمزه: انت راضى بكده يا حمزه؟ راضى تعيش ف الحرام ده؟ تأكلنا حرام و تبقى عيشتنا حرام ف حرام؟ تربى ولادنا حرام!

حمزه قعد بينهم بتفكير ميل اسهر بين كفوف إيديه كإنه بيعيد حساباته من اول السطر.
حنين نزلت برجليها ع الارض قدام الكرسى بتاعه و مسكت إيديه: و حياه ادم. ابعد عن الحرام و اتقرب بيه لربنا لاجل يراضيك. اتقرّب بالحلال و اشحته من ربنا هينولهولك.

الحاجه صافيه شافت حمزه ملامحه بتستجيب لكلامها ف اتدخلت بغضب: قولتلك ملكيش صالح و لا فاكراها جهجهون هتتدخلى ف كل حاجه؟
حنين مسكت إيدين حمزه بين إيديها: حمزه
امه قربت شدتها من إيديها فصلت إيديهم عن بعض: متغفلقهاش يا بت الناس. انا لحد دلووك ساكته على وجودك اهنه مش عشان باقيه عليكى. لاه عشان باقيه على ولدى اللى باقى عليكى لدلووك ليه مخابراش. بس لحد شغله و.

حنين سحبت إيدها منها بتجاهل و مدت إيديها لجمزه ضمت وشه بحنيه: حمزه. و حياة ادم
الحاجه صافيه رجعت شدتها بحده وقّفتها بعد ما حنين ميلت ع الارض قدامه: متبقيش كيف الدبور اللى زن على خراب عشه
حمزه رفع وشه بملامح غريبه بتهدى كإنها برا موقفه او برا الموقف كله. كإنه استقر بتفكيره!

امه معجبهاش شكله و ابتسامته لحنين ف شدت حنين قدامها و زعقت: قولتلك قبل سابق ابعدى عنه و مبعدتيش و دلوك بقولك ابعدى عن شغله و عامله حالك غبيه. مهتفهميش ليه؟
حنين اتكلمت بهدوء رغم نبرة الحزن ف صوتها من صدمتها ف حمزه: عشان ده جوزى. ابنك اه على عينى و راسى و على رقبتى كمان. بس بردوا جوزى و ليا فيه و ليا عليه. و حقى فيه انى اخاف عليه يقع وقعه ميقومش منها و اعيش من غيره و ده شئ فوق طاقتى.

ام حمزه شاورت بغضب ف وشها: فال الله و لا فالك ايه الحديت العفش ده شبهك؟
حنين اتخطت ردها و كملت: و حقى عليه انه يعيشنى ف الحلال انا و عياله. يعمل حساب ربنا و يتقيه فينا و لو معملهوش حساب و لا للاخره و الدنيا شاغلاه يعرف اننا ف الدنيا نصبر على جوعها و لا نصبر على فراقنا من بعض فيها بسبب حرام زى ده. يخاف علينا من الحرام و نهايته. ماهو كل شئ و له نهايه و نهاية ده كله ايه؟

حنين بصت لحمزه و هي بتحدف اخر جملتها.
الحاجه صافيه بصتلها بجمود: شكلك عايزانى افهمك كيف ما فهّمت اللى قبلك؟
حنين بصتلها بذهول: انتى بتهددينى؟
امه قربت منها بهدوء مزيف و بصتلها بغموض: هي خسرت حياتها. بلاش تبقى زييها. اتعظى
حنين اتنفست بغضب مصدومه: انتى بتهددينى؟ بعدين مين دى اللى اتعظ منها! مين اللى خسرت و خسرت ايه؟

حمزه كان مشغول بتفكيره بشكل جد ف كلام حنين.
انتبه بصدمه لكلام أمه. هو ما صدق حنين نسيت امينه بحواراتها!
وقف بعنف و اتدخل بغضب بينهم: بزياداكى ياما
امه بصتله بتهكم: دى اللى هتسمع كلامها عاد؟ اللى هيجى عليها وقت تبقى مفاكراش حتى اسمها! و الله عيب عليك؟
حنين قعدت بدموع غلبتها: انتى بتعايرينى؟
امه بصتله بغضب رغم وقفة حمزه وسطهم: و اعمل اكتر من إكده لو بس فكرتى تخطى كمان خطوه
حمزه زعق: قولت بكفياكى.

امه كملت كلامها و هي بصالها: و اعرفى انى لو سيباكى اهنه ف بمزاجى. و وقت ما مزاجى يتعكر هتزعلى
حنين بصت لحمزه بضعف: و انا مش هقدر اعيش عيشه زى دى يا حمزه. مش هقدر ابلع الحرام بعد ما عرفته. انا صحيح مكنتش عارفه. بس بعد ما عرفت يستحيل اكمل فيه
امه بصت ع الباب: يبقى انتى اللى اختارتى و مش هقولك اللى هيطلع من اهنه مهيطلعش الا على ضهره زى غيرك.

حنين بصتلها بتوهه مش قادره تجمّع هي بتتكلم عن مين او عن ايه بالظبط!
بصت لحمزه بتوهان و معرفتش تترجم توهانها ف سؤال محدد كالعاده.
امه شدتها قصادها بغضب قطعت نظراتهم: انتى جايه بالحرام. و من وقت جيتك اهنه و انتى متمرغه فيه ف متجيش دلوك و تعيشى دور الشريفه
حنين اتنفضت بصدمه: انا؟ انا جايه بالحرام؟
حمزه حط إيده على وشه و حرّكها بعنف كإنه بيعمل صدمات كهربيه لعقله ينجده.
حنين بصت لحمزه بنجده: حمزه.

حمزه اتخطى الجزء اللى مش هيعرف يرد عليه من سؤالها و استغل انها عرفت بشغله.
مسك إيديها الاتنين بين إيديه: حنين. صدقينى معظم الناس ف الصعيد اكده. شغلهم اكده
حنين: و انا مليش دعوه بحد. انا ليا بجوزى. ابو عيالى يا حمزه، حبيبى.

حمزه بلغ ريقه بحيره بيحاول يمسك العصايه من النص: بس انا مبعرفش اشتغل ف حاجه تانيه. انا اتولدت اهنه و وعيت على المحجر مع الدنيا و بقوا الاتنين شغلتى. مهقدرش اهمّل حاجه فيهم من غير التانيه. يوم ما اطلع من المحجر اموت
حنين سكتت بحيره لحد ما ابتسمت بحماس: خلاص يبقى خليّه قانونى
حمزه بصّلها بحيره: مع الحكومى يعنى؟

حنين بحماس: و بردوا هتستفيد. يعنى ليك نسبه و حتى لو قليله بس ببركة ربنا احلى من الكتير الحرام
حمزه عيونه لمعت بتفكير و أمه ردت بغضب: ياخد اجرته من الحكومه يعنى؟ إبنى مبيشتغلش ب أجره. و اللى يخدم بلده ب اجره زى الكلب اللى يحرس الدار بلقمته و انا ابنى كبير بلد. مش كلب يا بت الرافدى.

حنين زعقت بغضب: مش احسن من الحرام! و بعدين دار؟ دار ايه؟ اللى كل ركن فيها حرام و من مال حرام؟ حرام و إبنى اللى دفع تمنه و الله اعلم وقع ف إيد ولاد حلال و لا ولاد حرام زينا؟

الحاجه صافيه بصتلها بعنف و اندفعت ناحيتها هتتكلم حنين زعقت: الدار اللى انا لا يمكن اقعد فيها بعد ما عرفت اصلها؟

حمزه مسكها قبل ما تتحرك: حاضر يا حنين. هعمل اكده
امه بصتله برفض: هتسمع كلامها عاد؟ انت زوّدتها قوى
حمزه هز راسه: انا تعبت. عايز اعيشها بالحلال يا امى. بزياده لحد اكده
حنين إبتسمت و امه اتدخلت بغضب: يا ولدى.

حمزه بص لأمه بتعب: انا تعبت. تعبت من كتر ما انا مخوّن و محرّس. من كتر ما بخون و اتخان. من كتر ما همشى اتلفّت وراى و مخابرش الضربه هتسجى منين. تعبت من قلة النوم براحه. هنام بغمض عين و مفتّح التانيه و عقلى دايما صاحى. كفايه خلينا نعيش بأمان.

امه وشها ضلّم لحنين بغضب و حنين اتجاهلتها و مسكت إيد حمزه بحماس: نمشى من هنا يا حمزه. كل حاجه هنا حرام و مقرفه
حمزه بصّلها كتير و امه اللى ردت: هنروح فين؟ دى دارنا و دار ابوه و اخوى اللى ماتوا على ارضها زمان. انا مههملش دارى الا على ضهرى
حنين بصت لحمزه: اى حته. مش هعرف بلدك اكتر منك. اى حته غير هنا. ننزل مصر. نسافر اى حته و ابتدى من الاول، هتقدر.

امه بصتله تمسك طرف اخر خيط: يا ولدى دارنا تشبهنا. بحيطانها و اركانها و كل شبر و شرخ فيها فينا. لو غيرناها مش هنعرفها و ان معرفنهاش مش هنعرف حابنا
حمزه صوت تفكيره مسمّعهوش صوت امه بص لحنين بضعف: و لو ادم حب يرجع؟ هيلاقى مين هيستناه؟

حنين غمضت عيونها بيأس و حمزه قعد على كنبه قصد المكتب بتفكير لحد ما انتبه بحماس و وقف: اكده او اكده كنت ناوى افتح مصانع ف المحجر توظّف الشغل. يعنى تستخدم الحجاره دى اللى هتطلع ف سيراميك و رخام و غيره من لوازم المعمار
حنين ابتسمت بحماس: يبقى خد قرض من البنك و ارمى كل حاجه ورا ضهرك و قول بسم الله و ابتدى
حمزه: قرض!

حنين مسكت إيديه كإنها بتشحنه طاقه تقوّيه على اللى هتقوله: حمزه. كل حاجه هنا حرام مش بس فلوسك. اى قرش هتاخده من هنا تبنى بيه المستقبل هيهده مهما كان اللى جاى حلال و مهما كان حلال
حمزه بصلها بتفكير و هي شددت على إيديه بين ايديها: انا لو كان حيلتى حاجه كنت حطتها تحت رجليك بس كل حاجه بتاعتى حتى دهبى و مجوهراتى بتاعتك و من فلوسك. يعنى هي هى.

امه اتدخلت بغضب و حاولت تشدها من بين ايديه: و اما امتى محلتكيش عايزه ليه ترميه لورا. عايزه كل الخلق تدوس عليه و تقفى تتفرجى!
حنين اتجاهلتها و بصتله بعيون بتترجاه: اى قرش هتاخده من فلوسك هيأذيك اكتر ما ينفعك. اللى بيتبنى ع الحرام بيبقى حرام و هيجى عليه يوم و لو متهدش زى ده انت اللى هتعوز تهده بعد ما تدوق حلاوة الحلال يا حمزه
حمزه بصّلها كإنه بيستقوى بيها على قرار زى ده متأكد ان مفهوش رجعه.

حنين ابتسمت تشجعه: خد قرض ابتدى بيه و ابعد عن كل ده
حمزه من وسط تفكيره ابتسملها بحماس: و مع الشغل هسدد القرض. و مش بس اكده. لاه و حق الدار دى من ارباح المصانع دى. اطلّع حق الدار حلال و اهمّله برا حياتنا و تبقى بتاعتنا بردوا و هسأل ف المشيخه المال ده مين اولى بيه و اطلعّه.

حنين ضغطت على ايده و ف حركه مفاجأه رمت نفسها ف حضنه و ضمته بتملك حضن اشبع قلبه حب و فاض. ف حضنها شدد على ضمته ليها اوى و من ورا ضهرها ابتسامته اتبدددت تدريجيا اول ما اتقابلت عينيه مع عيون امه اللى بتطق شرار.
حمزه بصّلها قوى بتحذير و اتكى على ضمته لحنين لحد ما سابتهم و خرجت بغضب ف حس ان رسالته وصلت.

عدّى ايام و اسابيع و هو بيرتب لشغله الجديد اللى إبتداه بحماس غريب و نشاط و عشان اسمه و سمعته علاقاته اتحطوا على مجهوده و حماسه قدر يتحرك لفوق من تانى بسهوله.

ف القسم الراجل اتحرك بتوتر و وقف قدام البنات بلغبطه و ادم بيبلع ريقه بتوتر قدام هدهد اللى عيونها اتعلقت بيه من اول ما دخلت و دموعها لمعت.
الراجل وقف لحظات و بص للرائد منير: مفيش
الرائد منير قرب بإندفاع: اتظبط يالا. مين ف العيال دى اللى ضربتك على دماغك؟
الراجل بصّلهم و بص للوا محمد: محدش يا بيه.

اللوا محمد بص للرائد منير اللى بص للراجل بحده: متأكد؟ عشان العيال دى هتخرج من هنا من غير كفاله حتى. و اللى اتعرضلك مره ممكن يتعرضلك تانى قدام خوفك ده. لكن لو قولت انا هحميك
الراجل بص لهدهد اللى بصت ف الارض و بص بسرعه ع الكل: لالا مفيش
الرائد منير بحده: طب اعمل حسابك انك لو عامل حِدق و عايز تخرج تاخد حقك ف ساعتها و حياة أمك انا اللى هحط عليك انت و حقك
الراجل بلع ريقه بتوتر: لالا يا بيه.

الرائد منير شاورله خرج مع العسكرى: غوّره
شاور للطابور خرجه و ادم بيتحرك معاهم لبرا: استنى يا روح امك. انت مش جاى مع السندريلا ف خناقه؟
ادم ببرود: ده خناقة صحاب مع بعض. هاتهم و اسألهم و لو حد بلّغ ابقى هاتله حقه
الرائد منير اتجاهله و شاور للعسكرى: رجّعه ع الزنزانه
العسكرى: و البت؟
الرائد منير: غوّرها
ادم بصّله بذهول: بقولك دى خناقه صحاب. يبقى الحبس ليه؟
الرائد منير ابتسم بسماجه: كيفى كده.

اللوا محمد اتدخل و بص للرائد منير اللى رد بهدوء: اما ناخد اقوال العيال اللى قصاده ف الخناقه. مش يمكن حد فيهم له قول تانى؟
ادم بصّله بغيظ و الرائد منير كعمش وشه ببرود: شكلك عاجبنى عايز ابيّتك قدامى
ادم اتريق بغيظ: ليه؟ عايز تتوحم عليا؟
ادم بات ليلته ف الزنزانه لحد ما الرائد منير إستدعى عصام و ايوب و كذا حد من المنطقه.

ادم هينطق الرائد منير كان بيشرب وقف بغضب و هو بيحدف الكوبايه ف وشه: اخرس يالا. انت قاعد ف بيت ابوك يا ابن الكلب؟
ادم اندفع عليه مسكه من هدومه بجنون: متجيبش سيرة ابويا لا اخليك سيره يحكوا و يتحاكوا بيها هنا ف القسم
الرائد منير بص لحظات لإيد ادم اللى ماسكه هدوم و فجأه زقه بعنف لورا و ضربه بالقلم على وشه!
عصام عينيه وسعت بصدمه و ابتدى يتوتر بجد.

ادم عينيه احتدت بشرار و هيندفع عليه الرائد منير شاور للعساكر قربت منه حاوطته و مسكته.
الرائد منير بصّله بتهكم و ادم كتم غضبه و بص لعصام اللى رغم إنه كان جاى مبسوط حتى لو مدارى لكن نظرات ادم و الموقف كله هزّه و وتّرته.
بص للرائد منير بتوتر: باشا مفيش حاجه. احنا صحاب و مش هنخسر بعض عشان واحده بنت شارع.

ادم كز على سنانه بغضب و عصام اتكى على كلامه: دى واحده متاحه للكل. و انا قربت و هو قرب لكن متغلاش على صاحبى
ادم بصّله بعنف و الرائد منير بصّلهم ببرود و شاور للعسكرى خلصلهم خروج و مشيوا.

حنين قدام مذكرات حمزه اول ما وصلت لنقطة انه ساب شغله مقدرتش تمنع قلبها يبتسم اللى ابتسامته اترجمت ف ضمة ايدها لإيدها اللى كانت ف ايدها بتلقائيه.
انتبها لنفسها ف سحبت ايدها بسرعه و رجعت للورق تقرا بخوف. خايفه تتصدم انه حصل جديد راجعه.
رجعت تشوف الكلام و حمزه قدامها بيبهت شويه بشويه و بيظهر بين حروفه.
حمزه قاعد قدام امه اللى بتتحرك بغضب معصّب حركتها.
حمزه اتكلم بنفاذ صبر: قولتلك ده قرارى.

امه زعقت و هي بتلف وشها له: قرارى؟ مش بقولك علمتك الكدب؟
حمزه اخد نفس و كتمه بخنقه و هي زعقت ف وشه: قرار ايه يا ابو قرار؟ هتكدب و الحوار كله كان على عينى؟
حمزه وقف و حاول يحتوى شئ من غضبها لانه عارف ان ده شغلهم من زمن و مش سهل التخلى عنه.
مسك إيدها باسها و باس راسها: صدقينى ده كان قرارى و بحاول اخده من فتره. و هي مجرد اداة دفع. زقتنى ف سكه انا كنت فاتحها قدامى من فتره و خايف اخطى و اتطمنت بيها.

امه زقت ايده بعنف من عليها: بزياده عاد حديتك عنها ده بيعصبنى. اتطمنت بمين؟ بالمخربطه دى؟ دى معارفاش حالها؟ دى فاضلها شويه و تتخربط بين ايديها و رجليها
حمزه ضحك غصب عنه: بس ربنا هدانى بيها و ده كفايه انى احبها فوق حبها
امه خبطت كف على كف بغضب: استغفر الله.

حمزه اتنهد بتعب: و حياة ولدى. عشانه يا امى. مش يمكن كيف ما قالت. اتقرب لربنا بالحلال و بالحرام اللى هسيبه. اشحته من ربنا يرجعهولى. عشان ادم يا امااه.

امه زعقت: مش بقولك هتسمع كلامها عاد. انا كنت معايزاش تسمعلها ف حاجه ف حياتك. بس دلوك انت حر. لكن ف الشغل لاه. معايزهاش لها صالح. انا مكنتش عايزاها خالص و دلوك معايزاش رأيها بس. كتير عليا يا ولدى؟
حمزه اتنهد بتعب: و انا معايزش غير ولدى يرجعلى. كتير عليا يا اماه!

آمه اتعدلت قدامه و شاورت ف وشه بغضب: و انا كيف ما قولتهالك مره زمان هقولهالك تانى يمكن التكرار يفوّقك. وِلد الخاينه ملهوش ديه. و انت مكتوب عليك يبقى وِلدك كله بطعم الخيانه
حمزه كز على سنانه بغضب و اتنفض يقوم: كفايه بقا. كفايه كلامك ده. كفايه اللى حصل بسببه. كفايه اللى حصل لأدم! مشى! مشى حتى من غير ما اعرف هو ابن مين فيهم!
امه اتنفست بغضب: و انا قولتلك وِلد الخاينه ملهوش ديه!

حمزه ملامحه اشتعلت بتهكم: انهى خاينه فيهم! انطقى!
حنين بتقرا الورق اتفززت فجأه على الجمله اللى رنت حواليها كإنهم حواليها فعلا مش مجرد كلام بتقراه.
جمله قادره تصحى مليون وجع. جمله صحت اللى جواها وِلد الخاينه ملهوش ديه الجمله اللى زمن و السنين و حكاويهم وقفوا عندها. صحيح مكنتش فاهماها وقتها و صحيح ملحقتش تفهمها دلوقت لكن اتفسرت اوضح بالحكايه اللى شافت خيوطها.
قامت و هي بتصرخ اوى بفزع: اددددم!

حمزه وقف بخضه و حاول يقرب منها: حنين
حنين فضلت تصرخ و هي بتهبّش فيه: ادم. ابنى. ادم يا حمزه. انتوا عمركوا ما هترضوا بفراقه الا اذا كان ابنى انا.

حنين استنتجت من اللى قرته ف مذكرات حمزه ان ادم يبقى ابنها هى. ابنها. ماهو مش معقوله هيسيبوه يبعد بالسهوله دى الا اذا كان ابنها مش ابنهم!
حتى لو مش ابنها كفايه انها حست بالامومه ناحيته من اول لحظه و اتعاملت ع الاساس ده! حسته و حضنته و ياما نامت ف حضنه قبل حضنها!

حمزه دموعه نزلت على حالتها: لاه. ده ولدى. ولدى اللى محلتيش غيره. ولدى اللى خلع قلبى و خده معاه و هو ماشى
حنين فضلت تهز راسها بعنف مشارك عنف دموعها: انت سيبته عشان ابنى. عشان ابنى انا.

حمزه دموعه نزلت بضعف و هو بينزل بيها ع الارض: انتى عارفه انى لحد دلوقت بلفلف عليه ف كل شارع و كل حته. بروح كل حته ممكن يكون عرفها. مدرسته، صحابه، الاماكن اللى كان بيلعب فيها، بس و لا حاجه. انا سيبت كل حاجه من يومها تتعلق بشغلى اللى سيبته نفسه عشان ربنا يرجعهولى و بردوا مرجعش. سيبت كل حاجه الا بيتنا عشان لو فكر يوم يرجع بس...

سكت اما صوته اختنق و هي مع كل كلمه منه نزلت قصادها دمعه من عينيها و اتقابلوا بذاكرتهم ف مشهد لا عمر السنين و لا حزنها و لا وجع الايام بلياليها و لا البُعد و لا ذاكرة حنين حتى اللى بتمحى كل حاجه تمحيه! مشهد اتحفر بالدم!

حمزه غمض عيونه جامد مش عارف عشان يمنعهم يدمّعوا و لا عشان يمنعهم يشوفوا المشهد اللى مغابش لحظه بس ف النهايه معرفش يمنع حاجه من الاتنين!
حنين واقعه ف حضنه بصت ف عيونه لحظات زى التايهه كإنها بتشوف فيهم المشهد اللى حضر ف ذاكرته دلوقت و ده خلاها تصرخ بجنون و هي بتهز فيه!

حمزه شاف قدامه دوشه و كركبه و اصوات غريبه و صورة حنين اللى بتصرخ و تهز فيه بتختفى من قدامه شويه بشويه و بتظهر امينه ف موقف تانى.

الموقف إبتدى من عند مينه اللى ف البدروم متكتفه بحبال اخرها مربوط ف عمود من عواميد البيت اللى اساسها البدروم.
و حمزه قدامها واقف بصدمه. هو كان فاكرها ماتت. اه امه قالتله اعتبرها ماتت مش ماتت لكن ده مجابش ف باله ابدا انها هتسيبها السنين دى. ست سنين!
فاق على صوت امه وراه: هتعمل ايه عنديك يا ولددى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة