قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والعشرون

على أحد البواخر الفاخرة
قرر زيدان الباشا أن يقيم حفل زفافه على أحد البواخر الفاخرة على النيل..
كانت الباخرة مزدانة بأروع الديكورات، حيث أفترش مدخلها بالسجاد الأحمر، وتم وضع أعمدة جرانيتية صغيرة من اللون الذهبي على الجانبين وفوق كل عمود تم وضع باقة كبيرة من الورد الأبيض..

وتم إضاءة مدخل الباخرة بالكامل بالأضواء الخافتة، بالإضافة إلى تصميم ستارة من الأضواء الصغيرة البراقة على الباب المؤدي إلى القاعة الداخلية..

أما على متن الباخرة، فتم تخصيص القاعة الداخلية بالكامل للحفل، ووضعت الطاولات بطريقة بيضاوية لتترك مساحة خالية في المنتصف، وتم تغطية جميع الطاولات بالمفارش البيضاء، وتزينها بالمزهريات ذات الورود البيضاء، أما المقاعد فتم تغطيتها بأقمشة التل البيضاء والسوداء على هيئة رابطة عنق للعريس وفيونكة بيضاء للعروسة..

في حين تم تزيين سطح الباخرة بالزينات اللامعة، والأضواء البيضاء الخافتة، وتم وضع مقاعد وطاولات صغيرة لمن يرغب في الجلوس بالأعلى...

أما عن الكوشة فقد كانت جميلة بحق، حيث وضعت أريكة جلدية عريضة من اللون الأبيض اللامع في المنتصف، وعلى الجانبين عمودين منقوشين وبجوارهما باقات ورد بيضاء طبيعية، وفي الخلفية وضعت ستائر شفافة فوق بعضها البعض لتشكل لوحة فنية جميلة..

لم تتوقع شاهي أن يكون حفل زفافها على متن باخرة، كانت تظن أنه سيقام في قاعة ما بأحد الفنادق المشهورة، لكنها تفاجئت حينما أبلغها زيدان وهما على وشك صعود سيارته السوداء المزدانة بالورد الأبيض وقماش التل بأن الحفل على باخرة نيلية..

ارتسم على وجه شاهي علامات الدهشة، ولكنها لم تعقب...
فتح زيدان باب السيارة الخلفي لشاهي لكي تدلف للداخل، وتجلس على المقعد، ثم عاونتها والدتها في وضع ذيل الفستان داخل السيارة..
دار زيدان حول السيارة وعلى وجهه ابتسامة شبه مخيفة، ثم فتح الباب الجانبي الأخر وجلس إلى جوار شاهي، أشار زيدان للسائق برأسه لكي يتحرك، ومن خلفهم انطلقت سيارة الحراسة الخاصة..

ظلت شاهي صامتة خائفة لا تتحدث، فقط تنظر ببصرها عبر زجاج النافذة للشوارع التي تمر بها، في حين سلط زيدان نظره عليها وهو يتوعدها بأن تتلقى ما لم تكن تتخيله...

حذر زيدان شاهي بنبرة جادة ورجولية من أن تنهض من على الكوشة أو ترقص مع رفيقاتها حتى لا تتعرض للتوبيخ، ووافقت هي على طلبه، فهي لم تكن تشعر بالرغبة في الرقص أو حتى بمشاركة رفيقاتها فرحتها..

ركبت ناهد سيارتها بصحبة السائق، وأشارت له بيدها لكي يلحق بابنتها..
وصل المهندس رأفت بسيارته أولا إلى الباخرة، أعجب هو الأخر بالتصميم الرائع للديكور حينما أمعن النظر إليه من نافذة سيارته..
ترجل المهندس رأفت من سيارته، ثم أسرع ناحية صندوق السيارة ليخرج المقعد المدولب منه ووضعه بجوار الباب الخلفي الذي فتحته صفاء وبدأت تحاول سحب جسدها ودفعه للجلوس على المقعد..

عاونتها كارما في الجلوس عليه، وانحنى رأفت بجسده على رأسها يقبلها في حنية، ثم قام بدفعها بيديه إلى داخل القاعة، وقبل أن يتحرك نظر إلى ابنه عمر و...
-رأفت متسائلا: انت مش جاي معانا يا عمر
-عمر بتردد: هه، آآآ، لأ، آآ، جاي طبعا، بس آآآ..
-رأفت وهو يعقد أحد حاجبيه: بس ايه؟
-عمر بنبرة متوترة: آآآ، هاجيب بس حاجة لأحسن نسيت آآ، نسيت آآآ.

-رأفت بضيق: اوووف، مش هنخلص، ع العموم أنا داخل جوا، وخلص اللي وراك وتعالى بسرعة
-عمر وهو يشير برأسه: ماشي.

ظل رأفت يتلفت من حوله ليتأكد من عدم متابعة أي أحد له، وحمدالله في نفسه أنه قد جاء مبكرا...
تابع عمر والده وهو يدلف إلى داخل الباخرة، ثم أشار للسائق لكي يتحرك و..
-عمر وهو يشير بيده: اطلع بسرعة يا عمنا..
-السائق متسائلا: على فين يا عمر بيه؟
-عمر مبتسما: اطلع وأنا هاقولك
ضغط السائق على دواسة البنزين، وانطلق مسرعا بالسيارة...

أوصل المهندس رأفت السيدة صفاء زوجته وابنتها كارما إلى داخل الباخرة، وكما طلبت منه جعلها تجلس على أحد الطاولات البعيدة واطمأن عليها، ثم استأذن ليرحب بالحضور..
وقبل أن ينصرف تماما طلب من أحد الندلاء أن يتابع السيدة صفاء ويحرص على تلبية طلباتها أولا بأول، ثم أعطاه بشيشا زائدا، فابتسم النادل في سعادة..

دلف المهندس رأفت للخارج ووقف على مدخل الباخرة يرحب بالحضور الذين بدأوا في التوافد عليها...

وما هي إلا دقائق حتى جاءت فريدة هي الأخرى وعلى وجهها ابتسامة ماكرة و..
-فريدة بنظرات استعلاء: هاي
-رأفت وهو يلوي زاوية فمه: اهلا
-فريدة متسائلة: انت هنا من بدري؟
-رأفت على مضض: لأ لسه جاي
-فريدة وهي تشير برأسها: أها...

وقف المهندس رأفت يصافح الحاضرين، بينما ظلت فريدة ترمق من يدلف للباخرة بنظرات لئيمة..

في ألمانيا
في الفندق
كاد خالد أن يجن لأنه لا يستطيع العودة إلى القاهرة، ظل يبعثر محتويات الغرفة في ضيق، ثم اتجه للشرفة، ووقف فيها، ونظر غلى السماء والضيق جليا على وجهه، زفر خالد في ضيق و حاول أن ينفث الهواء المحتقن في صدره لعله يجد الراحة، ولكن دون جدوى، فالوضع غير مطمئن على الإطلاق...

ثم سمع صوت رنين هاتفه، فدلف من الشرفة، وتوجه إلى الفراش حيث الهاتف الموضوع عليه، انحنى بجسده قليلا ومد ذراعه وأمسك بالهاتف في يده، فوجد رقما غريبا..
ضغط خالد على زر الايجاب، وتفاجيء أن المتصل هو أحد شركات حجز تذاكر الطيران..
صمت خالد واستمع للموظفة التي كانت تحدثه باللغة الانجليزية حيث ابلغته بتوافر مقعد على الطائرة المتجهة غدا للقاهرة مساءا، فوافق خالد على الفور...

تنفس خالد الصعداء عقب تلك المكالمة، وبدأ يفكر مليا في كيفية اعداد كل شيء قبل عودته للقاعرة غدا...

في منزل كارما هاشم
وقفت السيارة التي تقل عمر أسفل البناية التي تقطن بها كنزي، طلب عمر من السائق أن ينتظره ريثما ينزل مجددا ومعه كنزي..
أوميء السائق برأسه ايجابيا، في حين ترجل عمر من السيارة، وركض مسرعا إلى داخل المدخل..

رن جرس الباب، فظنت كنزي ان أحد الجيران يريد شيئا منها، فهي لم تتوقع أن تعود والدتها الآن، والحفل لم يبدأ بعد..
لذا سارت كنزي بخطوات بطيئة نحو باب المنزل لتفتحه..
كانت كنزي ترتدي منامة رياضية من اللون البمبي الفاتح، وتعقص شعرها للخلف على هيئة ذيل حصان..

فتحت كنزي الباب لتتفاجيء بوجود عمر أمامها، فغرت شفتيها في تعجب شديد، ورفعت حاجبيها في اندهاش أكبر و..
-كنزي بنظرات مندهشة: هاه
-عمر مبتسما: مساء الفل.

تحولت نظرات كنزي المندهشة إلى نظرات غاضبة محتقنة، واشاحت في وجهه بحدة و..
-كنزي بحدة: انت، انت بتعمل ايه هنا؟
-عمر بنبرة هادئة: جاي اخدك معايا الفرح
-كنزي وهي تجز على أسنانها: انت اتجننت، ازاي تجيلي هنا السعادي وانت عارف إن أنا أعدة لوحدي
-عمر مبتسما ببلاهة: لأ ما انتي مش لوحدك
-كنزي وهي تلوي فمها في تعجب: أفندم
-عمر بنبرة فرحة: انا معاكي
-كنزي وهي تزم شفتيها في ضيق: اوووف، امشي من هنا.

-عمر وهو يهز رأسه نافيا: تؤ، مش قبل ما تيجي معايا
-كنزي بحدة: انت غبي
-عمر بضيق: تشتمي تقلي أدبك عليا أنا برضوه مش هامشي من هنا، وهافضل لازقلك كده جمب الباب
-كنزي وهي تعقد ساعديها: خلاص اتفلق
-عمر بنظرات جادة: ماهو أنا مش هاسيبك لوحدك هنا، وأقعد أنا هناك، هو أنا مش راجل ولا ايه
-كنزي وهي تكور قبضة يدها: امشي ياله بدل ما آآآ..

مال عمر برأسه قليلا ناحية كنزي، ثم أزاح ياقة قميصه ليظهر عنقه و...
-عمر مبتسما: اضربي، اضربي، هو أنا أطول الايدين الحلوة دي تعلم عليا.

هزت كنزي ساقيها في عصبية، ونظرت إليه بحنق و..
-عمر مكملا: بالراحة بس وماتتشنجيش لأحسن مش حلو عشان بشرتك الناعمة دي يا قمر
-كنزي وهي تزفر في ضيق: اوووف
-عمر بنبرة واثقة: البسي بقى وإلا مش هتخلصي من رزالتي، أنا غتت وثقيييل..

نظرت إليه كنزي من زاوية عينها بحنق و..
-كنزي بنبرة حانقة: انت فعلا كده..

وضع عمر يده على رأسه ليحييها، ثم أكمل وعلى وجهه السعادة و..
-عمر بنبرة فرحة: الله يكرم أصلك، دايما كده متعطفة عليا..

زفرت كنزي مرة أخرى في ضيق و...
-كنزي بضيق: اوووف..
-عمر بنبرة جادة: أنا هستناكي تحت، وربعاية وطالع، اوكي، سلام مؤقت يا، آآآ
سار عمر بضع خطوات للأمام وهو يتحدث، ثم التفت إلى كنزي مرة أخرى برأسه و...
-عمر وهو يدندن: يا كنزي وكل ما ليا حياة قلبي.

صفعت كنزي باب المنزل بقوة في وجهه عمر الذي انتفض فزعا، ولكنه رغم هذا كان سعيدا لأنه سيتمكن من قضاء بضعة ساعات معها...

في ألمانيا
في المشفى
توجه خالد إلى زيارة يارا في المشفى والاطمئنان عليها..
أمسك خالد باقة من الورد الطبيعي في يده، ثم طرق الباب قبل أن يدخل إلى الغرفة، فسمع صوت أدهم يدعوه للدخول..
ابتسم خالد وهو يرى يارا وقد أفاقت من غيبوبتها الصغيرة، وتتناول الطعام بشهية مفتوحة..
-خالد مبتسما: حمدلله على السلامة يا أم العيال
-يارا بصوت ضعيف: أوام عملتني أم العيال.

-خالد بنبرة فرحة: أه طبعا، ده احنا كلنا منتظرين أول حفيد لينا في العيلة.

ابتسمت يارا في خجل، بينما أمسك ادهم كف يد زوجته ورفعه إلى فمه وقبله في سعادة و..
-أدهم بنبرة هادئة: ربنا ما يحرمني منك
-خالد وهو ينحنح: احم، نحن هنا
-أدهم مبتسما: انت مش غريب
-يارا متسائلة: هو، هو انت يا أدهم بلغت العيلة إني آآآ...
-ادهم بنبرة خافتة: لأ لسه.

عقدت يارا حاجبيها في استغراب، ونظرت إلى أدهم بعدم فهم و...
-يارا باستغراب: طب ليه؟
-أدهم: مستنيكي يا قلبي أما تقومي بالسلامة ونبلغهم سوا.

شعر خالد أن وجوده حاليا لا داعي له، لذا..
-خالد بنبرة عادية: معلش هعطلكم شوية
-ادهم وهو ينظر إليه: ولا يهمك يا خالد، ده انت صاحب مكان
-خالد وهو يشير بيده: لألألأ، ماحبش اكون زي العزول كده، المهم يعني أنا، انا مسافر بكرة وراجع القاهرة...

نظر كلا من ادهم ويارا إلى خالد باندهاش و...
-خالد مكملا: أنا عارف انه صعب أسيبكم الوقتي، بس ضروري أرجع، في شغل كتير متعطل هناك
-أدهم متسائلا: هو ماينفعش الشغل ده بابا يمشيه أو أي حد تاني
-خالد بنبرة جادة: لأ صعب، لازم أكون موجود بنفسي
-أدهم وهو يلوي فمه: مش عارف أقولك ايه
-يارا مبتسمة وهي تنظر لأدهم: روح يا خالد بالسلامة وماتشيلش همنا، احنا طالما مع بعض، فإن شاء الله كل حاجة هتعدي على خير.

-أدهم وهو يقبل كف يدها مجددا: حبيبة قلبي، ربنا ما يحرمني منك ولا من ابننا أو بنتنا اللي جاي
-خالد مبتسما بسعادة: اظن ان وجودي كده مالوش لازمة، أسيبكم بقى على راحتكم، وانا هتابع معاكو بالتليفون، ومستر شرودر كمان موجود مش هايسيبكم
-أدهم وهو يوميء برأسه: تمام، بأمر الله
-خالد: اشوف وشكم على خير
-يارا بنبرة خافتة: مع السلامة يا خالد، خلي بالك على نفسك
-خالد: حاضر.

نهض أدهم من جوار زوجته، ثم توجه ناحية أخيه، واحتضنه بشدة و..
-أدهم بنبرة خافتة: ربنا يخليك ليا يا خالد، بجد من غيرك كان ممكن آآ..
-خالد بصوت خافت: شششش، ايه يا عم، ماتقلبهاش دراما بقى
-ادهم مبتسما: حاضر..
-خالد وهو يربت على كتفه: روح اقعد جمب مراتك، وخليك على اتصال..
-ادهم: ماشي يا برنس..!

توجه خالد إلى باب الغرفة، وأمسك بالمقبض وقبل أن يديره تذكر أمرا هاما، فالتفت إليهما مجددا و...
-خالد بنبرة هادئة: آه صحيح، نسيت أقولكم أن شاهي فرحها النهاردة
-أدهم فاغرا شفتيه: نعم؟
-يارا بنظرات مندهشة: اييه؟ هي لحقت؟
-خالد وهو يوميء برأسه: أها، واضح كده ان العريس مستعجل
-يارا باستغراب: بس اللي أعرفه ان اسلام مكنش لسه جاهز وآآآ..
-خالد مقاطعا: لأ ده مش اسلام، ده واحد تاني.

-أدهم وهو يعقد حاجبيه في دهشة: واحد تاني! اومال اسلام راح فين؟
-خالد وهو يمط شفتيه: والله ولا أعرف، هو أبوك بلغني بس أنا نسيت أقولكم
-أدهم: ربنا يسعدها، أنا هابقى اكلمها وأباركلها
-يارا بصوت ضعيف: وماتنساش تكلم جاسر برضوه وتباركله
-أدهم وهو يوميء برأسه: حاضر
-خالد مبتسما: يالا، مش هاعطلكم أكتر من كده، سلام يا حلوين
-أدهم وهو يبادله التحية: سلام يا خالووود.

انصرف خالد من الغرفة، بينما رجع أدهم مرة أخرى ليجلس على المقعد بجوار فراش زوجته...
في الباخرة
وقفت سيارة زيدان أمام مدخل الباخرة، وتعالت أصوات الزغاريد، واشتعلت الألعاب النارية في المنطقة..

ترجل الحرس الخاص بزيدان أولا، ثم جابوا ببصرهم المكان، وأشار أحدهم للأخر لكي يفتح الباب الخلفي لسيارة زيدان..

ترجل زيدان من السيارة، ثم أغلق زرار سترته، ونظر بنظرات شرسة لمن حوله، وارتسمت ابتسامة مخيفة على وجهه، وسار بخطوات بطيئة نحو الباب الأخر ليفتحه، ثم مد كف يده لشاهي لكي تمسك به ويسحبها ببطء لخارج السيارة..

لم تشعر شاهي بالسعادة التي كانت تتمناها، فكل شيء قد تم على عجالة، هي ترى الفرحة فقط في أعين والدتها ومن حولها..
تأبطت شاهي في ذراع زيدان، ثم دلف بها إلى داخل الباخرة، تناثرت الأوراق اللامعة فوق رأسيهما حينما دلفا إلى مدخل الباخرة، ثم قامت بعض الفتيات الصغيرات بنثر الورود الحماء والبيضاء على طول الطريق وهن يدلفن أمامهما..

تعالت أصوات الزغاريد مجددا، وصحبها الموسيقى الهادئة..
صفق الحاضرون جميعا للعروسين، وبدأت الإضاءة تخفت تدريجيا، وصل العروسين إلى الكوشة، ثم أضاءت القاعة مجددا، وبدأ الترحيب بهما وبالمدعوين من قبل المسئول عن تنظيم الحفل..

طلب زيدان من المسئول عن تنظيم الحفل أن يكون حفل زفافه راقيا بمعنى الكلمة، وألا يحدث فيه أي تجاوزات، وإلا ستكون العواقب وخيمة..

وبالفعل كان الحفل راقيا، وعلى أعلى مستوى...

كان رأفت يختلس النظرات بين الحين والأخر لينظر إلى زوجته السيدة صفاء..

لمحت كارما العريس من ظهره وهو يدلف إلى الداخل وإنتابها القشعريرة من هيئته، لم يأتي بمخيلتها أبدا أن يكون زوج قريبة المهندس رأفت هو ذاك الرجل البغيض الذي تمقته...
وما إن أدار وجهه وتأكدت من شكوكها حتى شهقت فزعا ورعبا، وارتسم على وجهها علامات الرعب، بل إن لون وجهها قد شحب تماما..
-كارما بنظرات فزعة: لألألأ، مش ممكن.

هي لم تعرف شاهي معرفة شخصية، ولكنها خشيت عليه منه، لأنها كانت تعمل معه من قبل، وتعرف طباعه جيدا، الآن تملك قلبها الرعب، فهي شبه متأكدة أن وراء تلك الزيجة كارثة حقيقية وخطر محدق بعائلة الصياد...

في منزل كارما هاشم
اضطرت كنزي أن ترتدي ثيابها لتذهب بصحبة عمر إلى الحفل، رغم أنها كانت تكره الذهاب إليها، ولكن ليس أمامها أي خيار أخر...

تأنقت كنزي وارتدت فستانا طويلا من اللون الرمادي اللامع، مغطى من كتفيه بقماش الشيفون، وصدره على هيئة مربع ومرصع بفصوص لامعة سوداء، أما من ناحية الخصر فهو ضيق ومجسم يبرز رشاقة جسدها وتناسق قوامها، وعلى جانب الفستان الأيسر يتجمع القماش معا ببضعة فصوص لامعة سوداء ليشكل طبقات مموجة ومتناسقة ومنسدلة للأسفل...

أما عن شعرها فقد عقصته للخلف، وأسدلت بعض الخصلات على وجنتها اليمنى، ووضعت لمسات رقيقة من مساحيق التجميل لتزيد من إشراقتها..
ثم أمسكت في يدها بحقيبة فضية صغيرة لامعة، ولم تنس بالطبع ارتداء حذائا ذو كعب عالي من اللون الفضي
وقف عمر أسفل البناية وأمام سيارة والده، وظل يتفحص المدخل بين الحين والأخر، إلى أن لمحها وهي تدلف للخارج وتسير بخطوات رشيقة..

شعر عمر أن قلبه يخفق بشدة مع كل خطوة تخطوها هي نحوه، مد يده ووضعها على قلبه، وظل يتحسس نبضه وهو ينظر إليها فاغرا شفتيه..

رأته كنزي وهو على تلك الحالة فشعرت بالحرج، وأطرقت رأسها في خجل..
ظل عمر مسلطا نظره عليها، ولم يتحرك من مكانه، فإزداد شعورها بالاحراج من نظراته المباشرة تلك و..
-كنزي بصوت رقيق: يالا
-عمر فاغرا شفتيه: يالا مين؟
-كنزي وهي تشير بيدها: يالا نطلع على الفرح
-عمر بنظرات محدقة: هه، فرحنا
-كنزي وهي تمط شفتيها: لأ فرح قرايبك
-عمر مبتسما ابتسامة بلهاء: أنا ماليش قرايب.

-كنزي بحدة وهي تشير بيدها: لو سمحت، بلاش كده
-عمر وهو يتنحنح: احم، سوري، بس أصلك آآآ...
-كنزي بنظرات مترقبة: اصلي ايه؟
-عمر مبتسما: أصلك زي ما الشاعر بيقول يا بت جمالك هبشني، والهبشة جت في العباية.

شعرت كنزي بالاحراج مجددا من غزل عمر الصريح لها، و..
-كنزي بخجل: بطل بقى، أنا مش بحب الطريقة دي
-عمر وهو يشير برأسه: حاضر..

أمسك عمر بمقبض باب السيارة ثم فتحه لكنزي، وأشار لها بيدها لكي تدلف إلى داخل السيارة و..
-عمر مبتسما: اتفضلي
-كنزي بصوت خافت: شكرا.

أغلق عمر الباب برفق بد أن جلست كنزي على المقعد، ثم ركض حول السيارة ليجلس هو في المقعد المجاور لها، فنظرت له شزرا، ولكنه بادلها الابتسام..
نظر إليهما السائق عبر المرآة الأمامية و..
-السائق متسائلا: على فين يا عمر بيه
-عمر بنبرة سعيدة وهو يمزح: على المأذون.

حدقت كنزي في وجه عمر، ورمقته بنظرات حادة، فرفع هو كلتا يديه أمام وجهها محاولا تهدئتها قبل أن تنفعل عليه و...
-عمر وهو يشير بيديه: بهزر والله، اطلع ع الفرح يا أسطى..
-كنزي وهي تلوي فمها في ضيق: ايوه كده
-عمر مكملا وعلى وجهه ابتسامة عريضة: بس سوق على اقل أقل أقل أقل من مهلك...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة