قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والعشرون

في الباخرة
أرادت كارما أن تحذر المهندس رأفت من زيدان، وتخبره عن طباعه التي عرفتها عنه خلال فترة عملها القصيرة معه ولكن منعتها صفاء، وامسكت بها من يدها ونظرت إليها بنظرات جادة و...
-صفاء وهي تمسك بيدها: لأ يا بنتي، مالناش دعوة
-كارما بنبرة قلقة: يا مامي، انتي مش عارفاه، الراجل ده مش سهل، والبت شكلها طيب.

-صفاء بنبرة هادئة: هما اكيد عارفين طباعه، ومش معقول هيكونوا وافقوا عليه كده من غير ما يكونواعارفينه كويس
-كارما بنظرات متوجسة: قلبي مش مطمن يا مامي، أنا بجد خايفة وقلقانة
-صفاء بنبرة جادة: كارما مالناش دعوة، خلينا في حالنا، هما عيلة في بعض
-كارما مقاطعة: بس يا مامي المهندس رأفت دلوقتي من العيلة، ومن حقه علينا أننا نعرفه بأي حاجة نعرفها عن اللي يخصه.

زفرت صفاء في ضيق، فهي تعلم أن ابنتها إن وضعت شيئا ما برأسها، فإنها لا تتراجع إلا عندما تنفذه...
لذا لم يكن أمامها أي حل أخر إلا...
-صفاء بضيق: خلاص اصبري لما عمك رأفت يجي هنا ونقوله، غير كده ماتتحركيش من جمبي
-كارما على مضض: طيب..

في ألمانيا
في الفندق
وصل خالد إلى الفندق مجددا، بدأ في تجهيز حقائبه وإعداد كل شيء حتى يرحل غدا عن الفندق، ويذهب إلى المطار ويعود إلى القاهرة...
جمع خالد جميع متعلقاته، وتأكد من خلو الأدراج من أشيائه الخاصة..
ثم جلس على طرف الفراش، وأمسك بهاتفه المحمول ليتصل بجاسر هاتفيا..
طلب خالد جاسر أكثر من مرة ولكن كان الهاتف مغلقا، عقد خالد حاجبيه في دهشة، ومط شفتيه في استغراب و..

-خالد بنظرات مندهشة وبتأفف: قافل تليفونه ده ليه، استغفر الله العظيم يا رب!

في المشفى
أحضر أدهم صينية مليئة بالطعام لزوجته، ثم جلس إلى جوارها على الفراش، ووضع الصينية على حجره، وامسك بالملعقة و..
-أدهم مبتسما: عاوزك تاكلي الأكل ده كله يا مزتي
-يارا وهي تشير بيدها: لألأ مش هاقدر
-أدهم مبتسما: وربنا أبدا، أنا عاوز الواد يطلع عصب وناشف زي أبوه
-يارا بنظرات متحدية: طب أنا عاوزاها بنت
-أدهم مبتسما: وماله، أنا عاوز البت تطلع مألوظة وطرية زي أمها
-يارا وهي تنظر إليه بحدة: برضوه.

-أدهم: طبعا، المهم أول ما هتخرجي من هنا بالسلامة أنا ناوي أعملك Honey Moon إنما ايه حكاية.

نظرت يارا إليه باستغراب وهي تزم شفتيها و..
-يارا بتعجب: Honey Moon؟
-أدهم بنبرة واثقة: أه طبعااااا، عاوزين نعوض اللي فات
-يارا مبتسمة بخجل: إن شاء الله
-أدهم غامزا: ده انتي هاتشوفي ال آآآ، ولا بلاش أخر مرة اتنشينا عين محترمة..
-يارا وهي تشير برأسها: أها
-أدهم مبتسما: ان شاء الله خير.

ملأ أدهم الملعقة بالطعام، ثم بدأ يدسه في فم يارا ملعقة تلو الأخرى..
تناثر بعض بقايا الطعام على زاوية فمها، فمد ادهم إصبعه ومسحه برفق عن فمها، فنظرت إليه يارا بامتنان، فبادلها هو نظرات الحب والهيام...

في الباخرة
وصلت سيارة المهندس رأفت إلى مدخل الباخرة، وبالطبع لم تسلم كنزي من تعليقات ولا غزل عمر الصريح لها..
ظلت طوال الطريق ترمقه بنظرات حانقة، ولكنه استمر على حال، فالسعادة كانت إلى جوارها..
-عمر مبتسما: عارفة يا كنزي، انتي بتفكريني ببنت عمي يارا، نفسي تتعرفي عليها أوي، بجد شبهك وعاملة زيك كده مجنونة وطأة وآآآآ...

نظرت كنزي إلى عمر بنظرات حانقة وهي تجز على شفتيها من الغيظ و..
-كنزي بضيق: يعني انت شايفني مجنونة.

شعر عمر أنه قد تسع حينما لفظ بكلمات في غير محلها، فحاول تلطيف الأجواء و...
-عمر مسرعا: لألألأ، والله ما أقصد، ده آآآ، ده انا قصدي يعني انك مختلفة وكده
-كنزي وهي تجز على أسنانها بحنق: الحمدلله اننا وصلنا..

ترجلت كنزي من السيارة على الفور، وصفعت الباب بحدة خلفها، فانتفض عمر فزعا، وظل يتابعها وهي تدلف إلى الداخل، في حين نظر إليه السائق شزرا من المرآة و..
-عمر: ماتبصليش انت كمان، أنا عارف بدل ما جيت اكحلها، فقعت عينها..
-السائق: طب قول يا عمر بيه إلحقها بدل ما تدخل لوحدها، مايصحش تبقى جاي معاك وآآ...
-عمر مقاطعا: اه صح...

فتح عمر الباب على عجالة، وركض ناحية كنزي وهو يصرخ ب...
-عمر بنبرة عالية: يا بت، انتي يا بت.

لم تعر كنزي عمر الانتباه، واكملت خطواتها إلى داخل الباخرة، فلحق هو بها، ووقف أمامها وهو يلهث و...
-عمر وهو يلتقط أنفاسه: الحمدلله لحقتك، أنا أسف، متزعليش
-كنزي وهي تزفر في ضيق: أوووف
-عمر وهو يشير بيده: اتفضلي، هوديكي عند أمك.

نظرت له كنزي مرة أخرى بحدة وهي ترفع أحد حاجبيها، وواضعة ليدها في وسط خصرها، فرفع عمر كلتا يديه في وجهها و...
-عمر وهو يشير بيديه: سوري، آآآ، أقصد حماتي، اتفضلي.

زفرت كنزي مرة أخرى بحدة وعلى وجهها علامات الانزعاج، ثم جابت ببصرها المكان، وبالفعل وجدت والدتها واختها جالستان على إحدى الطاولات الخلفية، فتوجهت ناحيتهما...
سار عمر خلفها وظل محدقا بها وهي تتمايل في مشيتها و..
عمر في نفسه: أوووف، هو في كده، ده أنا عقبال ما أوصل لمرحلة الخطوبة هيكون جالي انهيار عصبي ده إن وافقوا عليها أصلا...!

شهقت السيدة صفاء وفرغت شفتيها في صدمة حينما رأت ابنتها كنزي أمامها، نهضت كارما على الفور من مقعدها وتوجهت نحو اختها الصغرى وأمسكت بها من ذراعها و...
-كارما بتعجب شديد: كنزي، انتي جيتي ازاي؟
-صفاء باندهاش: انتي بتعملي ايه هنا.

وقف عمر على مقربة من طاولتهن، ثم تدخل في الحوار و...
-عمر مبتسما ببلاهة: أنا اللي جبتها
-صفاء وهي تعقد حابيها في دهشة: انت!
-كارما باستغراب شديد: هه
-عمر وهو يوميء برأسه: اينعم، مهانش عليا نجي الفرح من غيرها، فروحت البيت عندكم وطلبت منها تلبس واستنتها تحت، وهي الصراحة مكدبتش خبر، وسمعت الكلام وجت معايا.

التفتت صفاء برأسها ناحية ابنتها، وحدقت كارما هي الأخرى بها، بينما عجزت كنزي عن الرد، فهي تعلم أن نظرات والدتها تحمل من التساؤلات ما يجعل الموضوع قيد التحقيق...
-صفاء بضيق: شكرا يا بني، بس مافيش داعي تتعب نفسك بعد كده
-عمر مبتسما: يا ريت لو كل التعب يبقى بالشكل ده
-صفاء وهي تحاول أن تبدو هادئة: طيب تقدر انت تتفضل وتشوف الفرح بتاعكم.

لم يهتم عمر بحديث صفاء، حيث اقترب من طاولتهن، ثم أمسك بأحد المقاعد بيديه وسحبه و...
-عمر وقد سحب أحد المقاعد: لأ أنا أعد معاكو، ده انا الحاج موصيني أبقى زي ضلكم، اتفضلوا انتو.

ظلت صفاء ترمق عمر بنظرات حادة وحانقة، في حين صمتت كنزي ولم تعقب..

استمر الحفل دون وقوع أي مشاكل به، وتم توزيع صواني تحتوي على مختلف أنواع الشيكولاته على جميع الطاولات الموجودة بالقاعة بالإضافة إلى زجاجات المياه والمشروبات الباردة..

تم دعوة العروسين لاحقا لارتداء ( الشبكة )، والتي كانت عبارة عن ( عقدا عريضا من الألماس الحر ) و يشبه الطوق في تصميمه، بالإضافة إلى سوار من نفس التصميم، وخاتم به فصوص صغيرة متجاورة ومقاربة إلى نقشة العقد...
أمسك أحد المشرفين في الحفل بالصينية الفضية التي تحتوي على علبة الشبكة الفاخرة، ورسم على وجهه ابتسامة مصطنعة.

أمسك زيدان بقبضة يد شاهي الصغيرة بيده القوية، ثم نظر إليها بعينيه الحادتين، و..
-زيدان بنبرة جادة: يالا.

أومأت شاهي برأسها، ثم نهضت من على الآريكة، وسارت مع زيدان وهي ترتعد..

وقفت شاهي في منتصف القاعة بعد أن اصطحبها زيدان إلى حيث يقف احد المشرفين، ثم مد يده في العلبة التي تحتوي على الشبكة، وأخرج الطوق منه، ثم اقترب من شاهي، ولف يديه حول عنقها، ووضعه على عنقها وهو يبتسم ابتسامة لئيمة..
وما إن انتهى حتى أمسك بالسوار، وجذب معصمها الأيسر بقوة ووضعه بيدها، وأحكم إغلاقه هو الأخر عليها، ومازالت تلك الابتسامة المخيفة على وجهه.

ثم أخيرا أمسك بالخاتم بإصبعيه، ومد يده الأخرى ليمسك بكف يدها ووضع الخاتم بإصبعها وهو يرمقها بنظرات غير مفهومة...

ظلت كارما تتابع من على بعد ما يحدث وقلبها يرتعد خوفا على تلك المسكينة، هي تخشى أن يفوت الآوان قبل أن تستطيع إنقاذها..

أعلن مسئول تنظيم الحفل عن وصول المأذون الشرعي إلى القاعة الداخلية بالباخرة، وبالتالي بدء مراسم عقد القران.

انتفض قلب كارما رعبا حينما سمعت هذا، وشعرت أن الوقت يمر سريعا، لذا مالت على والدتها، وهمس في أذنيها ب...
-كارما بصوت هامس: مامي مش هاينفع أستنى أكتر من كده، لازم ألحق أكلم عمي رافت بسرعة
-صفاء بضيق: يا بنتي مافيش داعي، كده ممكن تحصل مشكلة
-كارما بنبرة متوسلة: بليز مامي، أنا مش عاوزة أشيل ذنبها.

صمتت السيدة صفاء لثوان، ثم أطرقت رأسها في حزن، وظلت تفكر مليا، وفي النهاية فتحت فمها و...
-صفاء على مضض: خلاص روحي.

أمسكت كارما بكف يد والدتها، وضغطت عليه في امتنان منها، ثم نهضت عن الطاولة، وسارت في اتجاه الحشد المجتمع في المنتصف..

ارتسمت ابتسامة شيطانية على وجه فريدة وهي ترى بأعينها أول بوادر انتقامها وهو يتحقق، ظلت ترمق اختها ناهد بنظرات انتقامية، وكأنها تشفي غليلها منها، كم باتت تبغضها بسبب ما فعلت معها في الماضي، وها قد جاء الوقت لتتذوق طعم الحزن والآسى...

جاءت سيدة ما إلى الباخرة وهي متشحة بالسواد، جابت ببصرها المكان، إلى أن وقع بصرها على زيدان وعروسه، اقترب منها أحد المشرفين وأشار لها لكي تدلف إلى داخل القاعة وتجلس على أحد المقاعد، ولكنها أشارت له بيدها ورفضت أن تجلس على أي من تلك الطاولات، ظلت واقفة في مكانها تراقب من على بعد ما يحدث..

اقترب منها أحد رجال الحراسة الخاصة بزيدان ذوي الجسد المفتول والضخم و...
-الحارس بلهجة قوية: رحاب هانم تحبي حضرتك آآآ...
-رحاب مقاطعة: لأ، أنا هاشوف وهامشي على طول
-الحارس وهو مطرق الرأس: تمام يا هانم..
-رحاب بنبرة جادة: خلي السواق يجهز
-الحارس: مستعد يا هانم...!
-رحاب وهي تشير برأسها: أها.

سارت كارما بخطوات سريعة ناحية الحشد المجتمع في منتصف القاعة، ورفعت رأسها قليلا لكي تحاول أن تجد المهندس رأفت ببصرها بين المتواجدين...

وبينما هي تبحث عنه، تعثر بها أحد الأطفال وداس بقدمه على طرف فستانها، وظل واقفا في مكانه، بينما أكملت كارما تقدمها للأمام، مما أدى إلى تمزق الفستان، وانتزاع خيوطه خاصة من منطقة الخصر..
لم تنتبه كارما لتمزق فستانها، فهي كانت مشغولة بالبحث عن المهندس رأفت..

لمحت إحدى الفتيات فستان كارما الممزق، فتوجهت ناحيتها، ووضعت يدها على خصرها، فالتفتت كارما لها، ثم مالت الفتاة عليها وهمست بشيء ما في أذنها، فجحظت عيني كارما، والتفتت ببصرها لتجد الفستان قد تمزق بالفعل، وشعرت بالحرج على الفور..
عاونتها الفتاة في تغطية جسدها من الخلف، ثم سارت كلتاهما ناحية المرحاض لكي تحاول مساعدتها في إصلاحه...

بدء المأذون الشرعي في مراسم عقد القران، وجلس زيدان في مقابل رأفت الصياد بإعتباره وكيل العروس...

أشارت شاهي إلى والدتها التي صعدت إلى الكوشة وجلست على الأريكة بجوارها و..
-ناهد بالتسامة فرحة: أيوه يا عروسة
-شاهي بقلق: مامي، ممكن تكلمي جاسر ع الفون دلوقتي.

امتعض وجه ناهد على الفور، وزمت شفتيها في ضيق ونظرت إلى ابنتها بنق و...
-ناهد بضيق: برضوه جاسر، انتي عارفة كويس انه مش هيرد عليكي.

أمسكت شاهي بيد والدتها وظلت تتوسل إليها أن تهاتفه و..
-شاهي بتوسل: بليز مامي، أرجوكي كلميه، أنا عاوزة أسمع صوته، وإلا والله ما هاكمل الجوازة دي
-ناهد وهي تزفر في ضيق: اوووف.

اضطرت ناهد أسفة أن تخرج هاتفها المحمول من حقيبة يدها الصغيرة، ثم ضغطت على بعض الأزرار، وطلبت جاسر هاتفيا...

في شرم الشيخ
جلس جاسر على الشاطيء وهو دامع العينين، فهو يعلم أن اليوم هو يوم حفل زفاف شقيقته الصغرى التي رفضت أن تجعله يشارك فرحتها وينتقي لها زوجها المناسب...

تعمد جاسر أن يغلق هاتفه حتى لا يضطر إلى الاتصال بها رغما عنه، ولكن قلبه لم يطاوعه على تركها هكذا..
فتح جاسر هاتفه المحمول، وظل ينظر إلى الصور التي تجمعه بشقيقته، أخذ جاسر نفسا عميقا حتى انتفخ صدره بالآلام، ثم زفره ببطء وهو يتنهد بحرارة...
حاول أن يحبس عبراته ويمنعها من السقوط، ولكن خانته وانسدلت رغما عنه..

ثم رن هاتفه برقم والدته، فنظر إلى الشاشة وهو متردد هل يجيبها أم يتجاهل إتصالها..
ولكنه حسم في النهاية أمره بالإجابة عليه...
-جاسر هاتفيا: الووو..

أعطت ناهد الهاتف إلى ابنتها فور سماعها لصوت جاسر و..
-ناهد بضيق: خدي كلميه.

أمسكت شاهي الهاتف وهي تكاد لا تصدق أن اخيها بالفعل أجاب على الاتصال، ثم أشاحت بوجهها للناحية الأخرى و..
-شاهي هاتفيا بصوت خافت: الووو.

انتبه جاسر إلى صوت شقيقته و..
-جاسر بنظرات جاحظة: شاهي
-شاهي بنبرة حزينة: ازيك يا جاسر.

صمت جاسر ولم يجب على شاهي، فالشعور بالضيق منها مازال يسيطر عليه..
شعرت شاهي أن أخيها مازال غاضبا منها، لذا أكملت ب...
-شاهي بصوت حزين: انا عارفة انك انت زعلان مني، بس ماينفعش متقوليش مبروك في يوم فرحي.

صمت جاسر ولم يعقب على عبارتها..
-شاهي بنبرة تحمل الآسى: الفرح من غيرك ناقص
-جاسر بنبرة معاتبة: يعني انتي عملتلي قيمة يا شاهي؟ ما أنتي ركبتي دماغك وعملتي اللي عاوزاه.

لم ترد ناهد أن تزيد ابنتها في حديثها مع شقيقها حتى لا يجعلها تعدل عن رأيها وترفض إتمام الزيجة، لذا أشارت لها بيدها في وجهها، لكي تنهي المكالمة على الفور
-ناهد بصوت خافت وبضيق واضح: يالا بقى، الفرح شغال، ماينفعش كده، اوووف.

أومأت شاهي لوالدتها برأسها، والتفتت للناحية الأخرى لتكمل المكالمة، كانت مترددة في سؤاله عن رأيه في إتمام تلك الزيجة، ولكن لم يعد أمامها وقت، لذا حاولت أن تستجمع شجاعتها و...
-شاهي بصوت خافت وبتردد: أنا، انا كنت عاوزة آآآ...
-جاسر بقلق: عاوزة ايه يا شاهي، قولي
-شاهي بنبرة متوترة: هو لو أنا آآآآ...

لم تكمل شاهي جملتها حيث أمسكت ناهد بالهاتف، وأغلقته على الفور ونهرت ابنتها بحدة و...
-ناهد بضيق: خلاص بقى، انتي مش سمعتي صوته، يالا عشان المأذون عاوزك توقعي على القسيمة...!

نظرت شاهي إلى والدتها بأعين مغتاظة، فهي كانت تريد أن تسأل أخيها عن رأيه، ولكن للأسف لم تستطع..

اقترب أحد معاوني المأذون الشرعي من شاهي، وصعد إلى الكوشة وهو ممسك بدفتر ما في يد، وقلم حبر في اليد الأخرى..
في شرم الشيخ
نظر جاسر إلى الهاتف وقد احتقن وجهه بالدماء، زفر مرة اخرى في انزعاج شديد، ثم قبض على الهاتف بيده بكل ضيق، و رفع يده الممسكة به عاليا في الهواء، وألقاه بكل قوته في مياه البحر الحالكة، ليغرق الهاتف في تلك المياه دون رجعة...

في الباخرة
في داخل المرحاض
حاولت كارما جاهدة أن تجد إبرة وخيط لكي تستطيع أن تعيد حياكة فستانها الممزق لتدلف إلى الخارج وتتحدث مع المهندس رأفت..

دلفت الفتاة إلى الخارج لكي تطلب من والدتها الابرة التي بحوزتها..
ظلت كارما تفرك يديها في توتر، وتنظر إلى هيئتها المرتعدة في المرآة، وضعت يدها على جبينها في خوف، ورفعت بصرها إلى أعلى و..
-كارما بتوتر بالغ: استر يارب، يا رب ألحقها، عديها على خير.

دلفت الفتاة مجددا إلى المرحاض وهي تحمل في يدها الإبرة والخيط، ثم انحنت بجسدها للأسفل، وقامت بمحاولة حياكة سريعة للفستان...

اقترب معاون المأذون الشرعي من شاهي، وطلب توقيعها على وثيقة الزواج، جذبت ناهد القلم من يده، ثم أعطته لابنتها وعلى وجهها ابتسامة عريضة..
أمسكت شاهي بالقلم وأصابعها ترتعش خوفا، نظرت إلى والدتها بنظرات متوترة..

تابعت فريدة من على مقربة ما يحدث وعلى وجهها علامات الترقب الواضحة، تتمنى أن تسطر شاهي بيدها وثيقة موتها..

في حين ظلت رحاب زوجة عدلي المقهورة عليه محدقة من على بعد بتلك العروس البائسة التي وقعت في براثن ابن أخيها ذو القلب المتحجر، وتنتظر على أحر من الجمر أن ينجح زيدان في تنفيذ وعده بالانتقام من عائلة الصياد بأسرها...

انتهت الفتاة من حياكة الفستان الممزق، فركضت كارما إلى خارج المرحاض بعد أن شكرتها، وحاولت قدر المستطاع أن تصل إلى المهندس رأفت الذي لمحته يضحك بجوار بعض الأشخاص...

ولكن، لقد فات الآون...
لقد وقعت شاهي على وثيقة الزواج، وسحب المعاون منها الدفتر، وانطلقت الزغاريد في القاعة...
تسمرت كارما في مكانها، وجحظت عيناها في رعب، ثم وضعت كلتا يديها على فمها في فزع تام، هي فشلت في إنقاذ تلك الفتاة..
-كارما بنظرات مصدومة: مش ممكن، مش ممكن...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة