قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والعشرون

على متن الباخرة
انتهت شاهي من التوقيع على وثيقة الزواج، وبدأت تعلو الزغاريد في أرجاء القاعة..
شهقت كارما فزعت حينما وجدت أن الأمر قد انتهى، ورغم هذا أكملت طريقها في اتجاه المهندس رأفت و...
-كارما بنبرة قلقة: بشمهندس رأفت، مكن كلمة
-رأفت مبتسما: اه طبعا..

استأذن رأفت من الأشخاص الذين كانوا متواجدين معه، ثم وضع يده على ذراع كارما ليدفعها إلى الأمام، وابتعد بها عن الزحام والضوضاء، ووقف على مقربة من مدخل القاعة..
لمحت فريدة زوجها رأفت وهو ينسحب من الحفل بصحبة فتة ما شابة تصغره بسنوات، فاشتعل في قلبها الغيرة ونهضت من على مقعدها، وحاولت أن تلحق بهما...

التقطت كارما أنفاسها وحاولت أن تشرح الموضوع على عجالة له و...
-كارما بنبرة منزعجة: أنا كنت عاوزة أقول لحضرتك ان عريس شاهي ده أنا عارفاه كويس، هو كان آآآ...
-رأفت مقاطعا وهو يشير بيده: عارف يا بنتي هو من عيلة وغني وكان عايش برا وآآآ...

أشارت كارما بيديها، وأومأت برأسها نفيا، واعتلى وجهها نظرات متوترة و..
-كارما بقلق: لألألأ، مش ده اللي أنا عاوزة أقوله لحضرتك
نظر رأفت لها باستغراب شديد وهو عاقد حاجبيه، ثم وضع يده على كتفها لا إراديا و...
-رأفت مندهشا: في ايه؟

لم تستطع كارما أن تكمل باقي حديثها حيث وقفت في وجهها سيدة ما على وجهها ملامح الغضب، وعقدت ساعديها أمام صدرها، ثم نظرت إلى كارما بنظرات احتقارية و..
-كارما بنظرات متعجبة: آآآآ
-رأفت متسائلا: في ايه؟

نظر رأفت إلى حيث نظرت كارما، فوجد زوجته تقف أمامهما، ففغر شفتيه، وارخى ذراعه عن كتف كارما و..
-رأفت وهو يبتلع ريقه بصعوبة: آآآآ، ف، فريدة
-فريدة بنظرات استعلاء: أيوه، فريدة مراتك.

زمت فريدة شفتيها في حنق، ثم نظرت مرة أخرى إلى كارما بنظرات قاتلة و..
-فريدة بضيق بالغ: مين دي اللي انت سايب الفرح وواقف معاها يا بشمهندس
-رأفت بتردد: دي، دي آآ...

شعرت كارما أن هناك كارثة ما على وشك الوقوع، لذا أثرت أن تنسحب على الفور و..
-كارما بتوتر: عن، عن اذنكم.

أمسكت فريدة بذراع كارما بحدة، وقبضت عليه بأظافرها، ومنعتها من الحركة، فتآوهت كارما من شدة الآلم و..
-فريدة بلهجة آمرة: استني هنا، مش هاتمشي قبل ما أعرف انتي مين
-كارما متآلمة: آآآآه.

تدخل رأفت على الفور وحاول أن يبرر وجود كارما معه، فهو لا يريد أن يتسبب بأي مشاكل لها، وخاصة مع فريدة زوجته الحقود..
-رأفت بنبرة جادة: جرى ايه يا فريدة، دي، دي موظفة عندي وجاية تبلغني حاجة في الشغل.

تركت فريدة ذراع كارما بعد أن آلمتها بشدة، ونظرت إلى زوجها بغضب و...
-فريدة بنبرة حانقة: وهي عشانها موظفة عندك، تقوم تحط ايدك عليها بالشكل ده، لأ وواخدها على جنب كمان
-رأفت بنظرات قاتلة ولهجة حادة: عيب اللي بتقوليه ده يا فريدة، كارما زي بنتي، بلاش هبل..
فريدة وهي ترمقها بنظرات احتقار: هي الأشكال دي تبقى بنتك برضوه ولا آآآ...
-رأفت بنبرة عالية وصوت أجش: فريدة!

انسحبت كارما على الفور من أمام فريدة، بعد أن سمعت بأذنيها إساءة تمس كرامتها وشرفها، وضعت يدها على فمها وهي تكتم بكائها، بينما ذرفت دموعها الدموع..

لاحظ رأفت ما أصاب كارما من خيبة أمل، فنظر إلى فريدة بنظرات مغتاظة ووبخها على ما فعلت
-رأفت بحدة: عاجبك كده، البنت تقول ايه عننا الوقتي
-فريدة وهي تمط شفتيها في ضيق: همك زعلها أوي، روحي اجري وراها وصالحها
-رأفت وهو يزفر في ضيق: اوووف، استغفر الله العظيم يارب.

عادت كارما إلى طاولتها وعيناها مغرورقتان بالدموع، لمحتها والدتها بتلك الهيئة الحزينة، فصدمت، وانتابها القلق و...
-صفاء بتوتر: في ايه يا بنتي
-كارما بصوت شبه باكي: مافيش يا مامي
-صفاء بقلق: ازاي مافيش وانتي، وانتي شكلك معيطة.

لم ترغب كارما في إبلاغ والدتها بما حدث للتو مع زوجة زوجها المهندس رأفت حتى لا تنزعج وتشعر بالضيق، فحاولت أن تختلق أمرا ما و...
-كارما بنبرة حزينة وهي مطرقة الرأس: أصل، اصل أنا زعلانة عشان ملحقتش امنع قريبة عمي رأفت.

مدت صفاء يدها ووضعتها على ظهر ابنتها وربتت عليها في حنية و..
-صفاء بصوت حاني: معلش يا بنتي، انتي عملتي اللي عليكي، وده نصيبها، وربنا يخلف ظننا..

رفعت كارما عينيها لتنظر إلى والدتها و..
-كارما وهي تجفف عبراتها: مامي، بليز ممكن نقوم نمشي
-صفاء باستغراب وهي تعقد جبينها: بس لسه بدري وآآ...
-كارما بنبرة راجية: بليز يا مامي
-صفاء وهي تمط شفتيها: حاضر، ترجع اختك كنزي وهانقوم على طول
-كارما متسائلة: هي، هي راحت فين؟
-صفاء والانزعاج بادي على وجهها: راحت تجيب حاجة.

نهضت كنزي قبل قليل وتوجهت نحو أحد الطاولات المخصصة للمشروبات الباردة، فنهض عمر خلفها، وحاول اللحاق بها..

زفرت كنزي في ضيق حينما رأته واقفا خلفها و..
-كنزي بضيق واضح: انت هتراقبني؟
-عمر مبتسما: ييس
-كنزي بنبرة حادة: على فكرة انت عيل خنيق أوي
-عمر بتهكم: كل ده وعيل، يا بنتي ده أنا قربت أخبط في السقف من طولى
-كنزي بضيق: تخبط في السقف، تنط من عليه، I don t care، وعن اذنك بقى عاوزة هوا
-عمر مبتسما وهو يمزح: أجيبلك مروحة؟
-كنزي وهي تزفر في ضيق: أوووووف.

تركت كنزي عمر، وابتعدت عنه وهي تنفخ غيظا منه، في حين تبعها هو و..
-عمر ساخرا: يبقى بلاش مروحة، نجيب تكييف.

عاد المهندس رأفت إلى الداخل، بينما سارت فريدة من خلفه وهي حانقة من طريقة تعامله مع تلك الفتاة..

جلس زيدان مرة أخرى على الآريكة الجلدية بعدما تلقى التهنئات من الجميع، لم يمسك بيد شاهي أو حتى يهنئها، وإنما جلس ببرود إلى جوارها..
حضر إليه أحد رجال حراسته الخاصة، ثم وقف إلى جواره، ومال عليه بجسده، وهمس في أذنه بشيء ما..
رفع زيدان بصره، ودار برأسه إلى أن لمح زوجة عمه وهي تقف من بعيد، أومأت له برأسها، فبادلها الإيماءة، ثم انصرفت هي بعدها على الفور...

أشار زيدان للحارس مجددا بإصبعيه، فمال عليه بجسده مجددا، قم همس له زيدان بأمر ما و..
-الحارس وقد اعتدل في وقفته: أوامر معاليك
-زيدان بلهجة آمرة: عاوز في 5 دقايق تكون كل حاجة انتهت
-الحارس وهو يوميء برأسه: حاضر يا باشا.

شعرت شاهي أن هناك خطب ما يجري، ولكنها لم تعلق، فهي قد صارت عروسا الآن، وعليها ألا تشغل بالها بكثرة التفكير فيما لا يفيد، هي أوهمت نفسها أنها على وشك أن تنعم بالسعادة الأبدية ريثما تدلف إلى منزل الزوجية مع من يحبها..

توجه المهندس رأفت إلى المرحاض، وهناك إلتقى بشخص عرفه منذ زمن و...
-وحيد بنبرة فرحة: مش معقول! بشمهندس رأفت.

نظر رأفت إلى ذلك الشخص باستغراب شديد، ثم انفرجت ملامح وجهه حينما تذكر هويته و...
-رأفت مبتسما: د. وحيد، يا أهلا وسهلا بيك، عاش من شافك.

اقترب رأفت من وحيد وتبادل كلاهما المصافحة والتحية و..
-رأفت بنبرة فرحة: ايه يا د. وحيد الغيبة دي كلها
-وحيد مبتسما: هأعمل ايه ما أنت عارف، الشغل، ومش بلحق أقعد مؤتمر هنا، ومؤتمر هناك، ولجنة هنا، هو أنا اللي هاقولك برضوه
-رأفت وهو يربت على ذراعه: الله يعينك يا رب
-وحيد: المهم انت اخبارك ايه؟ طمني عليك وعلى العيلة
-رأفت مبتسما: الحمدلله كلنا بخير
-وحيد بنبرة هادئة: طب الحمدلله.

صمت رأفت لعدة لحظات يفكر في أمر ما قد طرأ بباله توا، ثم...
-رأفت متسائلا: بقولك ايه يا د. وحيد
-وحيد وهو ينظر إليه بجدية: خير يا بشمهندس
-رأفت بنبرة خافتة: أنا، أنا كنت عاوز أستشيرك في حالة كده
-وحيد وهو يعقد حاجبيه في اندهاش: اتفضل.

شرح المهندس رأفت للطبيب وحيد حالة زوجته الثانية السيدة صفاء والحادث الذي تعرضت له قبل سنوات وكيف أصابها بالعجز، فصمت الطبيب وحيد قليلا، ثم أطرق رأسه ووضع يده أسف ذقنه وحكها قليلا و..
-وحيد وهو يمط شفتيه: مممم، بص أنا عاوز أشوف الحالة دي بنفسي، بس في المركز بتاعي اللي في لندن..
-رأفت فاغرا شفتيه: هه.

-وحيد: انا طيارتي كمان كام ساعة، لو تقدر تجيبلي الحالة هناك، هأقدر أفيدك اكتر، وخصوصا إن احنا عندنا تقنيات حديثة جدا
-رأفت متسائلا: يعني في أمل انها تقدر تقوم تمشي على رجلها تاني؟
-وحيد وهو يهز رأسه: مقدرش أوعدك بحاجة، بس لازم الكشف الدقيق عليها.

تهللت أسارير المهندس رأفت، وشعر أن الحياة تدب في روحه من جديد و..
-رأفت بنبرة سعيدة: ان شاء الله يكون في خير، أنا هحاول أجيلك في أقرب وقت
-وحيد بنظرات جادة: وانا هاكون منتظرك، وهابعتلك العنوان بتاعي وآآآآ...
-رأفت مقاطعا: هاته الوقتي، أنا هاسجله على موبايلي
-وحيد: ماشي...

أعلن مسئول تنظيم الحفل عن انتهاء حفل الزفاف بناءا على رغبة العروسين، مما أثار دهشة وحفيظة الجميع...

استغربت شاهي كثيرا مما فعله زيدان، فهي لم تطلب منه أن يفعل هذا، نظرت إليه وهي عاقدة حاجبيها في دهشة و...
-شاهي في نفسها: يبقى عشان كده كان بيكلم الراجل بتاعه.

اندهش ناهد هي الأخرى من طلب زيدان الغريب، فنهضت عن طاولتها، وتوجهت إلى الكوشة، وصعدت إلى زيدان وبدأت الحديث معه و..
-ناهد باستغراب: ايه يا بني، انت خلصتوا الفرح بدري ليه؟ ده كان لسه في آآآ...

أشار زيدان بيده لناهد لكي تصمت، ثم نظر إليها بنظرات مخيفة وباردة و..
-زيدان بنبرة جادة وجافة: كفاية كده..

إنتاب ناهد القلق من طريقة زيدان الجديدة معها و..
-ناهد بقلق: بس آآآ...
-زيدان باقتضاب وبحدة: خلاص..!

ابتعلت ناهد ريقها بصعوبة، وتوجست خيفة من أسلوب زيدان المخيف و..
-ناهد بتوتر: آآ، اللي يريحك.

راقبت فريدة ما يحدث من صدام بين زيدان واختها ناهد وعلى شفتيها ابتسامة عريضة ولئيمة أبرزت من أسفلها أسنانها و...
-فريدة بنظرات شيطانية وبصوت خافت: هو انتي لسه شوفتي حاجة، ده الجحيم هيبدأ من دلوقتي!

عادت كنزي إلى الطاولة التي تجلس عليها والدتها، فلمحت السيدة صفاء عمر وهو يأتي من خلفها، فنظرت إلى كنزي بحنق و..
-صفاء بنظرات حانقة: يالا احنا ماشيين
-كنزي باستغراب: دلوقتي
-كارما وهي توميء برأسها: أه.

وقف عمر على مقربة من الطاولة، فلاحظ أن كنزي وعائلتها ينهضن من على مقاعدهن، فسار في اتجاههن ووقف أمام السيدة صفاء، ولكنها أشارت له بيدها لكي يبتعد عن طريقها و..
-صفاء بحدة: بعد اذنك
-عمر باستغراب: في ايه؟

دفعت كارما المقعد المدولب الخاص بوالدتها، وأسرعت إلى مدخل القاعة لتدلف إلى الخارج، فوقف عمر مجددا أمام كنزي هذه المرة وحاول أن يفهم منها ما الأمر، فنهرته كنزي بحدة و...
-كنزي بحدة: عاجبك كده، أديني هاخد كلمتين بسببك!

ثم أسرعت كنزي في خطواتها لتلحق بأختها ووالدتها، بينما تسمر عمر في مكانه وهو لا يعرف ما الذي حدث...

خرج المهندس رأفت من المرحاض ليتفاجيء بأن السكون قد عم أجواء الحفل، وأن الجميع قد بدأوا في الانصراف، فدار ببصره تلقائيا في اتجاه طاولة زوجته الثانية السيدة صفاء، فلم يجدها عليها، فإنتابه القلق، وسار في اتجاهها، فوجد ابنه الأصغر عمر يقف وهو محدق بصره تجاه المدخل، فأمسكه من ذراعه و..
-رأفت متسائلا: في ايه اللي حصل؟
-عمر بنبرة حزينة: بححح.

-رأفت بعدم فهم: هو ايه اللي بح؟ وبعدين الفرح سكت فجأة كده ليه؟
-عمر باقتضاب: بلح
-رأفت بضيق: ايه الكلام الغريب ده! أنا مش فاهم منك حاجة
-عمر: ولا أنا فاهم أصلا.

زفر رأفت في ضيق، ثم ترك ابنه عمر وتوجه إلى الخارج ليبحث عن السيدة صفاء، ولكنه للأسف لم يجدها في الخارج هي أو حتى ابنتيها، فعاد مجددا للداخل وهو غاضب، ثم توجه لطاولة زوجته الأولى فريدة ليفهم منها ما دار، فأبلغته أن العروسين قد رغبا في انهاء الفرح..

شعر رأفت باليأس والاحباط، فقد أراد أن يوصل زوجته صفاء إلى منزلها ويطمئن عليها، ولكنه الآن بات محاصرا من قبل زوجته الحقود فريدة، ولا مفر من تركها...
-رأفت بضيق واضح: لا حول ولا قوة إلا بالله، لله الأمر من قبل ومن بعد..!

وقفت السيارة السوداء أمام مدخل الباخرة، ثم دلف أحد رجال الحراس الخاصة بزيدان إلى الداخل ليبلغه بوصولها..

نظر زيدان إلى زوجته شاهي بنظرات جادة وباردة، ثم أشار لها بعينيه لكي تنهض و..
-زيدان بلهجة آمرة: يالا، العربية جت
-شاهي بصوت خافت: أوكي..

أمسك زيدان بكف يد شاهي وقبض عليه بشدة، فتآلمت هي من أثر قبضته، ثم ترك يدها، ورفع ذراعه لكي تتأبط هي به، وسأر بها بخطوات واثقة إلى السيارة...

انطلقت الزغاريد مجددا وهما يدلفان إلى الخارج..
فتح أحد رجال الرحاسة الخاصة باب السيارة لشاهي، ثم انحنت هي برأسها وجسدها، ودلفت للداخل، فأغلق الحارس الباب
بينما دار زيدان حول السيارة ليفتح له الحارس الأخر الباب، فيدلف إلى داخل السيارة..

فتحت شاهي نافذة السيارة لتودع والدتها التي حاولت قدر الامكان أن توصي زيدان عليها، ولكنه لم يكن مصغيا إلى هرائها..
أشعل زيدان سيجاره الكوبي وهو داخل السيارة، فنظرت إليه شاهي بقلق، ثم أشار للسائق برأسه لكي يتحرك..
وبالفعل انطلقت السيارة بهما، فحاولت شاهي أن تطل برأسها للمرة الأخيرة من نافذتها لتلقي نظرة الوداع على عائلتها...

أمر زيدان قائد السيارة أن يغلق جميع النوافذ ويتوجه إلى الفيلا، ثم ظل بعدها صامتا لم ينبس بكلمة، فقط ينفث دخان سيجاره الكوبي..
نظرت إليه شاهي من زاوية عينها بتوجس وترقب، فهي باتت تخشى الآن -أكتر من أي وقت قد مضى- مما هي مقبلة عليه...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة