قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

في المشفى
أوصل أدهم زوجته ومعها كنزي وعمر إلى المشفى، رفض أن يصعد معهم لكي يطمئن على كارما، وظل متابعا إياهم وهم يدلفون إلى داخل المشفى، ثم ضغط بعدها على دواسة البنزين، وانطلق بالسيارة...

أحضرت كنزي معها قبل أن تصعد إلى اختها كارما بعض علب الفاكهة المعبأة والمحفوظة - والتي تحب إلتهامها - لكي تعطيها إياها..

توسمت يارا خيرا في أن تكون حالة كارما الصحية قد تحسنت، خاصة وأن الطبيب المعالج لها قد طمأنهم على صحتها، وابلغهم أنها تستجيب للعلاج، كما تم السماح بنقلها إلى غرفة أخرى...
كما سعدت كنزي بتلك الأخبار السعيدة، وركضت ناحية غرفة اختها الجديدة..
أراد عمر أن يلحق بكنزي، ولكن أوقفته يارا و...
-يارا بنبرة جادة: خليك هنا يا عمر
-عمر بضيق: ليه بس، أنا عاوز أروح معاها.

-يارا بنبرة صلبة: ماينفعش، سيبها تاخد راحتها مع اختها، ما تبقاش زي العزول بينهم
-عمر وهو يزفر في ضيق: أوووووف، طيب...!

تابع عمر كنزي بنظراته إلى أن اختفت عن ناظريه، في حين جلست يارا على أحد المقاعد الحديدية والمخصصة للانتظار..

دلفت كنزي إلى داخل الغرفة الجديدة الخاصة بأختها وهي تسير بخطوات هادئة وحذرة، أسندت علب الفاكهة على الطاولة الموجودة بجوار فراشها، ثم سحبت المقعد البلاستيكي وجلست إلى جوارها..
مسدت كنزي على شعر اختها، وأمسكت بكف يدها ووضعته على وجنتها..
ظلت كنزي تهمس إلى اختها بعبارات تحمل معاني الحب والرجاء و...

-كنزي بصوت هامس: أنا بحبك أوي يا كوكا، واوعي تسيبني لوحدي، انتي مش عارفة غلاوتك عندي ولا ايه؟ معقول تسيبني كل ده من غي ما تكلميني، قومي اتخانقي معايا زي زمان، طب نتعاتب حتى! أي حاجة بس نكون مع بعض تاني.

فتفاجئت بها تجيب عليها بخفوت، وهي تدير رأسها ناحيتها و...
-كارما بصوت خافت: بطلي يا عبيطة.

رفعت كنزي بصرها إلى اختها، ونهضت عن مقعدها في غير تصديق و..
-كنزي بصوت فرح ونظرات مصدومة: ك، كارما، انتي، انتي فوقتي.

ابتسمت كارما ابتسامة هادئة، ونظرت إلى اختها نظرات حب وامتنان و...
-كارما بصوت ضعيف: أها..

انحنت كنزي على اختها كارما، واحتضنتها بلهفة، وذرفت بعض الدموع و...
-كنزي بصوت باكي: الحمدلله يا رب، الحمدلله.

في شركة الصياد
وصل أدهم إلى الشركة، ثم صف سيارته في الجراج، وصعد إلى مكتب أخيه، وطوال الطريق لاحظ تجهم وجوه الموظفين، ولكنه لم يعقب...
وصل أدهم إلى مكتب أخيه، ثم أمسك بالمقبض وأدار الباب، وفتحه، ودلف للداخل، فأشار له خالد بيده و..
-خالد بنبرة جادة: تعالى يا أدهم، بس اقفل الباب وراك.

أوميء أدهم برأسه، واغلق الباب، ثم سار نحو مكتبه، وجلس على المقعد المقابل له، وتحدث معه عن مستجدات الأمور، وأبلغه بما دار من مواجهة حادة بين كنزي ووالدته
امتعض وجه خالد فور سماعه لتلك الأخبار الغير سارة، وتملكه الضيق فهو لم يرغب في أن تحدث تلك المواجهة الآن خاصة في غياب والده..
ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن...
-أدهم على مضض: اهوو اللي حصل بقى.

-خالد بضيق: أبوك مش هيرجع اليومين دول أصلا، واحنا كده وقعنا في مشكلة كبيرة، وده مش وقته
-أدهم وهو يشير بيده: حاول تفكر في حل، لأن أمك مولعة الدنيا، والبت بنت مرات أبوك مش من النوع اللي بيسكت
-خالد وهو يلوي فمه: مع ان اختها غيرها
-أدهم بنظرات جادة: اها، وربنا يستر والبت دي كمان ميكونش جرالها حاجة
-خالد بنبرة هادئة: لأ اطمن، أنا سألت الدكتور بتاعها وطمني على حالها.

رمق أدهم أخيه بنظرات متعجبة، ونظر إليه بتفحص وقد أسند ذقنه على راحة يده و...
-أدهم بنظرات استغراب: سألت دكتورها؟ هو انت روحت تزورها ولا ايه.

ابتلع خالد ريقه في توتر، وتحاشى النظر مباشرة في عيني أخيه و...
-خالد بارتباك: هه، آآآ، يعني، أنا، أنا قولت أطمن بس عليها
-ادهم بنظرات ضيقة: مممم، وماله.

في شركة Territorial
فكر زيدان في حالة شاهي، لقد رأف بحالها كثيرا، وحاول أن يجد طريقة ما لكي يهون عليها الأمر قليلا، فما مرت به ربما سيؤدي إلى تحطيم أعصابها، أو انهيارها بالكامل، لذا قرر أن يجعلها تحظى ببعض الرومانسية الهادئة معه.

أمسك زيدان بهاتفه المحمول، ثم بحث في قائمة الأسماء المسجلة لديه عن اسم مطعم من أفخر المطاعم، ثم اتصل بمديره، وطلب منه أن يحجز له المطعم بالكامل، ويتم إخلائه من رواده حتى يحظى بالخصوصية التي ينشدها مع زوجته..
تعهد مدير المطعم بأن يجعل زيدان الباشا ينبهر من الأجواء التي سيعدها له في المطعم...

أنهى زيدان المكالمة معه، ثم اتصل بالخادمة المتواجدة في فيلته، وطلب منها أن تبلغ شاهي بأن تستعد للذهاب إلى تناول الطعام في الخارج
-زيدان هاتفيا بنبرة جادة: خلي المدام تجهز، أنا شوية وجاي
-الخادمة هاتفيا بنبرة خافتة: حاضر يا سعادت البيه
-زيدان بنبرة محذرة: وعينك تفضل عليها، انتي فاهمة!
-الخادمة بنبرة قلقة: ح، حاضر.

وما إن أغلق هاتفه المحمول حتى وضع الهاتف في جيب سترته، ثم سار بخطوات سريعة نحو باب مكتبه، وأمسك بالمقبض وأداره، وتوجه خارج مكتبه، ثم استقل المصعد وتوجه إلى بهو شركته دون أن يتحدث بكلمة مع أحد، بل ارتسمت ملامح التجهم والامتعاض على وجهه، كان الجميع يخشاه الاقتراب منه، ثم توجه إلى خارج الشركة، واستقل سيارته الخاصة، ولحقت به حراسته الشخصية...

أشار زيدان بيده للسائق، وآمره بنبرة جادة بأن ينطلق إلى المشفى المتواجد به عمه
امتثل السائق إلى أوامر زيدان، وانطلق بالسيارة في اتجاه المشفى..

أراد زيدان الحصول على العينة الخاصة بعمه عدلي بنفسه - حتى يضمن صدق النتائج - و لكي يعطيها إلى شاهين ليكمل التحليل الخاص بالحمض النووي..
في شركة الصياد
ورد اتصالا هاتفيا على هاتف الشركة الداخلي بوجود مشكلة ما في فيلا عائلة الصياد، وتم تحويل المكالمة بصورة عاجلة إلى مكتب المهندس خالد..
رفع خالد هاتف السماعة، ثم اجاب على الاتصال الهاتفي و...
-خالد بنبرة فاترة: ألوو.

استمع خالد إلى المتصل، وفجأة انتصب في جلسته، وتبدلت ملامحه إلى الانزعاج الشديد و...
-خالد بنبرة منفعلة: وده حصل امتى الكلام ده؟

تنبه أدهم إلى تبدل حالة أخيه، وظل يرمقه بنظرات متسائلة، ولكنه لم يقاطعه، وظل متلهفا لمعرفة ما يدور..

-خالد متابعا بنبرة منزعجة: خلاص، خلاص، انا جاي!
-أدهم بنبرة متسائلة: في ايه يا خالد
-خالد بنبرة ممتعضة: مصيبة يا أدهم
-أدهم بنظرات متوجسة: يا ساتر يا رب.

سرد خالد على عجالة ما ورد إليه في الاتصال الهاتفي من تعرض خالته لمحاولة قتل في فيلتهم، فانتفض أدهم فزعا و...
-ادهم بنظرات مصدومة: اييييه؟
-خالد بنبرة غاضبة: مش ايييه، وليييه، لازم نروح الفيلا حالا
-أدهم وهو يوميء برأسه: طبعا، يالا.

جمع خالد متعلقاته الشخصية والتي تتضمن هاتفه المحمول ومفاتيح سيارته، وحقيبته الجلدية، وسار بخطوات مرتبكة ناحية باب مكتبه، ولحق به أدهم، ثم انطلق الاثنين ركضا إلى المصعد، أبلغ خالد سكرتيرته الخاصة بأن تلغي كافة الارتباطات والمواعيد اليوم، ثم دلف إلى داخل المصعد، ووصل إلى جراج الشركة، ومن ثم استقل كلاهما سيارته الخاصة، وانطلقوا خارج الشركة إلى الفيلا...
في فيلا رأفت الصياد.

حضر رجال الاسعاف إلى الفيلا، ومكث اثنين منهما على مقربة من ناهد، وجثى اثنين أخرين على ركبتيهما، وظلا يجريان الاسعافات الأولية لها..
كانت حالة ناهد سيئة للغاية، في حين إدعت فريدة الانهيار التام أمام الجميع، وظلت تصرخ في رجال الاسعاف بأن يبذلوا قصاري جهدهم في انقاذها..

لم تمر لحظات إلا وحضرت سيارتين للشرطة، ودلف رجال الشركة هم أيضا إلى داخل الفيلا، وتحولت حديقة الفيلا إلى مسرح للجريمة...

وضع رجال الاسعاف ناهد على ( التروللي ) الخاص بنقل المصايبن، وتم تثبيتها جيدا بالأحزمة، ثم دفعوها إلى داخل سيارة الإسعاف.

حاولت فريدة أن تستفسر منهم على مكان المشفى الذي سيتم نقلها إليه، ولم تكف عن ذرف الدموع المزيفة أمامهم..
-فريدة بصوت باكي: هتودوها فين؟ طب هي كويسة؟
-رجل الاسعاف بنبرة هادئة: احنا طالعين فورا على مستشفى ((، ))
-رجل الاسعاف الأخر: ربنا يستر يا هانم، إدعيلها
-فريدة وهي تشير بيدها وبنبرة حزينة: اختي منها لله اللي عملت فيكي كده، أنا، أنا مش هاسيبك...!

أمسك رجال الشرطة بالخادمة صباح، وتم تقييدها بالأصفاد الحديدية، ووضعها في السيارة الخاصة بالشرطة وهي لم تكف عن الصراخ بأنها بريئة ولم تقترف مثل تلك الجريمة الشنيعة...
-صباح بصراخ حاد: والله مظلومة، أنا معملتش حاجة، قوليلهم يا فريدة هانم، أنا، أنا بريئة، والله ما قتلتها
-ضابط الشرطة بلهجة آمرة: حطوا الولية دي في البوكس لحد ما نشوف هانتصرف معاها إزاي..!

حاول أحد رجال الشرطة أخذ إفادة فريدة، ولكنها إدعت انهيارها التام، وحاولت أن تتنصل من أسئلته المتلاحقة، وطلبت منه أن يتركها ريثما تطمئن أولا على أختها الوحيدة...

لوى ضابط الشرطة فمه، ثم أشار لرجاله بأن يظلوا في المكان، و...
-ضابط الشرطة بنبرة آمرة: محدش يلمس حاجة لحد ما تيجي النيابة، والطب الشرعي.

شعرت فريدة في نفسها أن خطتها الشيطانية ربما ستأتي بثمارها، ولكن عليها فقط أن تبدو ردة فعلها في مثل تلك الظروف طبيعية أمام الجميع، أو بالأحرى أن تدعي حزنها الشديد على ما صار بأختها..

في المشفى
تناست كنزي أمر وجود يارا وعمر بالخارج، فنهضت من جوار اختها و...
-كنزي وهي تضرب جبينها: أوووبا، ده أنا نسيتهم خالص
-كارما متسائلة بصوت خافت: مين؟
-كنزي وهي تشير بيدها: ثانية واحدة.

سارت كنزي مسرعة ناحية باب الغرفة، ثم أمسكت بالمقبض وأدارته، وفتحت الباب، ودلفت للخارج..
جابت كنزي ببصرها الطرقة إلى أن وجدت يارا وعمر يجلسان على مقاعد الانتظار الحديدية، فركضت ناحيتها و..
-كنزي بصوت خافت: سوري يا جماعة، معلش أنا نسيتكم
-يارا مبتسمة: ولا يهمك
-عمر بنبرة فرحة: المهم انك افتكرتينا الوقتي.

رمقت كنزي عمر بنظرات ممتعضة، ثم أدارت رأسها ناحية يارا و..
-كنزي بنبرة سعيدة: الحمدلله كارما فاقت
-يارا بنظرات مندهشة: بجد، طب الحمد لله
-عمر مبتسما بسعادة: أتاري وشك منور، ربنا يطمنك دايما عليها.

لم تجب كنزي عليه، بل مدت يدها وامسكت بكف يد يارا وجذبتها و...
-كنزي بنبرة جادة: تعالي عشان تسلمي عليها
-يارا وهي تهز رأسها نافية: لالالا، مافيش داعي، خليها ترتاح
-كنزي بإصرار: لا والله، لازم تشوفيها وتتعرفي عليها
-يارا على مضض: اوكي، مع إن آآآ...
-كنزي مقاطعة وبنظرات جادة: بصي أنا ارتحتلك يا يارا، وعاوزاكي تتعرفي على أختي كارما، هي طيبة جدا
-عمر بنبرة سعيدة: اه أوي، اسأليني أنا.

-كنزي بنظرات حادة: هو أنا وجهتلك كلام؟
-عمر مبتسما ببلاهة: لأ، بس أنا بحب أجود من نفسي
-كنزي وهي تزفر في ضيق: أوووف، انت بارد
-عمر وهو يتحسس جبينه: غريبة، مع إن وشي سخن!
-كنزي بحنق: ياباي، غتت!

تأبطت كنزي في ذراع يارا، وسارت معها ناحية غرفة أختها، ولحق بهما عمر، وسلط بصره على كنزي و...
-عمر بخفوت: عقبال ما تقفشي فيا كده يا مزة!

طرقت يارا الباب قبل أن تدلف للداخل، ثم رسمت على وجهها ابتسامة عذبة..
لمحت يارا وهي داخل الغرفة باقة من الورد، فابتسمت و...
-يارا في نفسها: مممم، واضح كده أن خالد جه قبلنا، ذوقه معروف في الورد.

قاطع صوت كنزي شرود يارا، والتي انتبهت لما تقول و...
-كنزي وهي تشير بيدها: دي يارا يا كوكا، بنت جدعة أوي
-كارما بصوت ضعيف: اهلا
-يارا بنبرة خجلة: آآآ، حمدلله على سلامتك، وآآآ، بعتذرلك عن اللي حصل من خالد.

تبدلت ملامح وجه كارما للضيق، وعبست قليلا، ولم تعقب...
لاحظت يارا التغيرات التي طرأت على وجهها، وحاولت أن تغير مجرى الحديث و...
-يارا وهي تتنحنح: احم، آآ، ان شاء الله تخرجي من هنا قريب.

ابتسمت كارما في تهكم واضح، ونظرت إلى جراحها وساقها المجبرة و...
-كارما بتهكم: مش باين
-يارا بابتسامة مصطنعة: معلش، قدر الله وماشاء فعل
-عمر مبتسما وهو يشير إلى نفسه: طبعا أنا غني عن التعريف
-كنزي وهي تلوي شفتيها: أكيييد محدش رزل أوي زيك
-عمر بنبرة سعيدة: الله يعمر بيتك، دايما كده فكراني بالخير!
في فيلا زيدان.

أبلغت الخادمة شاهي بما أمرها به زيدان وطلبت منها أن تتأنق، وبالفعل اضطرت شاهي أن تنفذ طلبه حتى تتجنب الجدال معه، فهي تتوجس خيفة من ردة فعله عقب محاولتها الثانية بالهرب، وما يثير قلقها بحق هو أنه إلى الآن لم يعاقبها على فعلتها، وهذا ما يدعوها للخوف وترقب ردة فعله..

فتحت شاهي دلفة الدولاب الخاصة بملابسها، وانتقت لنفسها فستانا من اللون الأحمر الزاهي، مصنوع من قماش الأورجانزا، وأحد كتفيه مغطى، والكتف الأخر عبارة عن حمالة عريضة، يضيق الفستان من الخصر، ثم يتدلى باتساع وهو يتجه للأسفل..
مشطت كنزي شعرها، وتركته ينسدل خلف ظهرها، ثم انتقت حذائا ذو كعب عالي من نفس اللون لترتديه في قدميها..

أكملت شاهي استعدادها، ثم توجهت خارج الغرفة، وسارت ناحية الدرج، وتفاجئت بزيدان يصعد عليه، فتسمرت في مكانها، واضطرب قلبها، ونظرت إليه بأعين زائغة وقلقة..
تأمل زيدان شاهي بنظرات ممعنة، لقد آسرته بجمالها المهلك، ومرت عينيه ببطء على جسدها الرشيق وتفحصته في تأني شديد، لقد أدرك زيدان أمام سحر عينيها أنه يحبها حتى النخاع..

اقترب زيدان من شاهي بخطوات بطيئة وهو يصعد الدرج، إلى أن وقف أمامها تماما، ثم رفع يده عاليا، ومدها ناحية عنقها يتحسس بشرتها الناعمة..
ارتبكت شاهي، وحبست أنفاسها في توتر بالغ، وأغمضت عينيها خشية من أن يعتدي عليها بالضرب، فانحنى هو برأسه ناحيتها، ثم مال بشفتيه على شفتيها حتى أطبق عليهما وقبلها قبلة رومانسية هادئة جعلت شاهي تندهش في نفسها.

لم تقاومه، بل ظلت ساكنة إلى حد ما رغم شعوره بالحرارة التي تعتلي وجنتيها..
ابتعد زيدان عن شاهي و..
-زيدان بصوت رخيم: استنيني تحت، 5 دقايق ونزلك.

ترك زيدان شاهي واقفة في مكانها، في حين تابعته هي بنظرات مصدومة، فهي لم تعهد منه تلك الطريقة الناعمة من قبل، التفت زيدان برأسها ليرمقها بنظرة أخيرة قبل أن يدلف إلى داخل غرفة النوم..
نزلت شاهي الدرج وهي تكاد لا تصدق ما حدث للتو، ثم توجهت ناحية غرفة الصالون وجلست على الآريكة وهي تترقب نزوله بين لحظة وأخرى..
في فيلا رأفت الصياد.

وصل كلا من خالد وأدهم إلى الفيلا، ووجدا تجمعا لرجال الشرطة بداخل الحديقة، ودماءا تغطي الأرضية الحجرية..
نظر كلاهما إلى بعضهما بتوجس، في حين اقترب منهم أحد ضباط الشرطة و...
-ضابط الشرطة متسائلا: انتو مين؟
-أدهم بنظرة جدية: احنا اصحاب الفيلا
-ضابط الشرطة وهو يعيد رأسه للخلف: أها، من عيلة الصياد؟
-خالد بنبرة ممتعضة: اكيد يعني
-أدهم متسائلا في قلق: في ايه اللي حصل
-ضابط الشرطة بتهكم: يعني حضرتك مش عارف.

-أدهم بنبرة مغتاظة: لأ عارف، بس مين عمل كده
-ضابط الشرطة وهو يلوي فمه: لحد الوقتي في اتهام صريح من السيدة فريدة لخدامتها
-خالد بنظرات مندهشة: صباح!
-أدهم بنظرات مصدومة: مش ممكن!
-ضابط الشرطة بجدية: والله ده اللي عندنا، لكن لسه في تحريات، وفحص معمل جنائي، وهنشوف.

التفت خالد برأسه ناحية أدهم، ثم مد يده، وأمسك بساعده و..
-خالد بنظرات مترقبة: لازم نكمل جاسر، لازم يعرف باللي حصل لأمه
-أدهم وهو يوميء برأسه: أيوه، وشاهي كمان مش معقول مانقولهاش.

جاب خالد ببصره المكان باحثا عن والدته و..
-خالد متسائلا: اومال فين ماما، قصدي فريدة هانم
-الضابط وهو يشير بيده: تقصد اخت الضحية
-أدهم بضيق: ايوه
-الضابط بنبرة جادة: راحت معاها مستشفى (((، )))، وفي أمين شرطة وعسكري معاها.

نظر خالد إلى أدهم بنظرات غريبة ومترقبة، ليس بالغريب عليهما، لذا أشار خالد لأدهم بعينيه و...
-خالد بانزعاج: طب يالا يا أدهم، لازم نحصلهم
-أدهم بقلق: ماشي.

وبالفعل ركض خالد وأدهم إلى خارج الفيلا، واستقل الاثنين سيارة خالد الذي انطلق بها مسرعا نحو المشفى المتواجدة بها خالته ووالدته والتي تصادف أنها نفس المشفى الراقدة بها كارما...

حاول أدهم الاتصال بجاسر، ولكن كان هاتفه مغلقا، أما هاتف شاهي فكان هو الأخر غير متاح و...
-أدهم بضيق واضح: الاتنين مش بيردوا
-خالد بتركيز شديد: نوصل بس الأول ونطمن عليها، وبعد كده نكلمهم، مش معقول هانسيب أمك مع خالتك لواحدهم
-أدهم وهو يمط شفتيه في ضيق: ربنا يستر ويعديها على خير..!

في المشفى
شعرت كارما بالامتنان لزيارة يارا وعمر لها، وأدركت أن كلاهما بالفعل نيته حسنة..

حاولت يارا قدر الإمكان أن تبرر لكارما عصبية خالد وانفعالاته، وأنها بداعي الخوف على أحبائه، ولكنها لم تتقبل حديثها عنه، بل أثرت ألا تتطرق إلى سيرته...

ظل الجميع صامتا للحظات، فنظرت يارا إلى عمر الذي كان محدقا بكنزي بطريقة حمقاء..
تنحنحت يارا، فانتبه لها عمر، ثم غمزت له بطرف عينها لكي ينهض معها وينصرفا سويا، ولكنه تعمد أن يمكث أكثر، فاغتاظت يارا منه..

وصلت سيارة الاسعاف قبل قليل إلى المشفى، واندفع منها رجال الاسعاف وهم يجرون التروللي الممدد عليه جسد السيدة ناهد..
ركض الجميع إلى داخل المشفى، وتم استدعاء أطباء الطواريء لتلقي تلك الحالة الخطيرة..

ترجلت فريدة هي الأخرى من سيارة الاسعاف، وحاولت قدر الامكان أن تبدو أمام الجميع الأخت المنهارة والمصدومة بشدة مما حدث لأختها ناهد..

انتظرت فريدة في الخارج، وظلت تترقب حركة الأطباء الدالفين والخارجين من غرفة الطواريء..
ابتلعت ريقها في توتر شديد، وفركت يديها في عصبية مفرطة، وظلت تنظر بين الحين والأخر إلى داخل الغرفة من تلك النافذة الزجاجية الصغيرة الموجودة بباب الغرفة.

كان الوضع بالنسبة لناهد غير مبشر على الإطلاق، فحالتها إلى حد ما حرجة، ولاحظت فريدة وجود علامات الانزعاج والتوتر على أوجه من بداخل الغرفة، فاطمئن قلبها، هي تخشى أن تفيق أختها بعد ذلك وتحكي عما صار، وتتهمها إتهاما صريحا بأنها من أرادت قتلها والتخلص منها..
لذا تمنت فريدة في نفسها أن تلفظ اختها أنفاسها الأخيرة...

في المطعم الفاخر
استقلت شاهي السيارة مع زيدان، وركب الاثنين في المقعد الخلفي، ظلت شاهي تاركة مسافة ما في المقعد تفصل بينها وبين زيدان، وأشاحت بوجهها بعيدا عنه، وظلت تنظر بعينيها خارج النافذة، ولم تلتفت إليه، في حين نظر هو إليها بنظرات متفحصة مستمتعا بوجودها معه، ولحقت بسيارة زيدان سيارة الحراسة الخاصة به...

صف سائق سيارة زيدان السيارة أمام مدخل أحد المطاعم الفاخرة..
ترجل زيدان من السيارة ولم ينتظر أحد حراسته لكي يفتح له الباب، بل أشار لهم بيده لكي يظلوا في أماكنهم، ثم دار حول السيارة، وتوجه إلى الباب الجانبي لمقعد شاهي، ثم أمسك بالمقبض وفتحه..
مد زيدان يده لكي تمد شاهي كف يدها الرقيق فيمسك به..
نظرت شاهي إلى زيدان بنظراتت قلقة، ومدت كف يدها وهي تتوجس خيفة منه..

لاحظ زيدان ارتعاش شاهي، ورجفتها، فأيقن أنها مازالت تخشى وجودها معه..
ابتسم لها زيدان في عذوبة، فاعتلت الدهشة وجهها..
تأبطت شاهي في ذراع زيدان، ثم توجه بها إلى مدخل المطعم..
كان المدخل رائعا للغاية، فهو مزدان بالأعمدة الجيرانتية، والأرضية مصنوعة من الرخام اللامع، وعلى الجانبين تجد أوعية المزروعات الخضراء المتنوعة ما بين الطويلة والقصيرة..

فتح أحد الندلاء الواقفين أمام باب المطعم الباب على مصرعيه، ليدلف كلاهما إلى الداخل..
اعتلت الدهشة وجه شاهي حينما رأت المطعم من الداخل و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة