قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع

ظلت كارما تجوب الشوارع محاولة أن تهديء من روعها حتى لا تراها والدتها بتلك الحالة السيئة، فدموعها لم تفارق عينيها، فهي قد تعرصت للإهانة بدون وجه حق، وللظلم بدون تبرير، وما زاد من الطين بلة هو طردها من العمل بدون اعطائها الفرصة لكي تجد البديل..

لم يكن أمام كارما أي مفر سوى العودة لمنزلها حتى تطمئن على والدتها واختها الصغرى، كانت تخشى أن تكون كنزي قد أبلغت والدتها بما سمعته عبر الهاتف المحمول...
وفي النهاية عادت إلى منزلها...

في شركة Territorial
كان زيدان يزفر في ضيق فهو لا يقبل أبدا أن يتهاون أحد موظفيه في عمله، وخاصة أن الشركة على وشك الانهيار..
شعر زيدان أنه لم يشفي غليه بعد من تلك الفتاة، ولكن قطع تفكيره اتصالا هاتفيا من أحد الأشخاص..

أمسك زيدان بهاتفه المحمول لينظر إلى اسم المتصل، ثم ضغط على زر الايجاب و...
-زيدان هاتفيا بضيق: ايوه يا شاهين، كل ده عشان تجيبلي شوية معلومات؟
-شاهين هاتفيا: سوري زيدان باشا بس حضرتك عارف ان الدنيا حوالين أي حاجة تخص عمك متلبشة.

نهض زيدان عن مقعده، ثم طرق بقبضة يده وهو مكورها بحدة على سطح المكتب فحطم أحد الأكواب الزجاجية الموضوعة و...
-زيدان بعصبية: أنا ماليش في الكلام الفاضي ده، أنا كلفتك بموضوع يبقى ماتتكلمش إلا لما تجيب أراره، مفهوم
-شاهين بقلق: آآآ، م، مفهوم.

أغلق زيدان هاتفه المحمول وهو يسب عائلة الصياد و...
-زيدان بعصبية حادة وأعين تطلق شررا: قسما بالله ما هرحم أي حد فيكم يا، ، ده انتو لسه متعرفوش مين هو زيدان الباشا!

في رأفت الصياد
استيقظت فريدة بعد نوم طويل، فقد كانت مرهقة بدنيا ونفسيا، نهضت عن الفراش وتوجهت إلى المرآة لتنظر إلى وجهها، لاحظت وجود هالات سوداء حول أعينها المنتفخة، وزيادة حدة التجاعيد على وجنتيها ورقبتها..
نظرت بحنق إلى نفسها في المرآة وبصوت غاضب يحمل من الكره ما يبوح به صدرها ب...

-فريدة بضيق واضح ونظرات توعد: انتي السبب يا بنت الخدامة في اللي حصلي، أنا من بعد ما عرفتك اتبهدلت، أنا لازم أتخلص منك وأبعد أدهم عنك بأي صورة، متكونيش مفكرة إني هاسيبك تتهني وتكوشي ع كل حاجة، لأ انتي غلطانة! مابقاش فريدة هانم الرفاعي اني ما خليتك ترجعي شحاته زي ما جيتي، وأنا هاخد منك كل حاجة، أيوه، كل حاجة ابني و، وفلوسك.

في منزل كارما هاشم
عادت كارما إلى منزلها، أخرجت المفتاح الصغير من حقيبتها لتفتح الباب، ثم دلفت إلى الداخل وأغلقت باب المنزل خلفها بهدوء..
سارت بخطوات بطيئة ناحية غرفة والدتها لتطل عليها، فوجدتها غافلة وتستريح على فراشها، فحمدت الله..

التفتت بجسدها لتجد اختها الصغرى كنزي تقف خلفها وتضع كلتا يديها في خصرها وتنظر إليها بتوتر و...
-كنزي بصوت خافت: ايه اللي حصل؟

كنزي هاشم هي أخت كارما الصغرى، هي فتاة في بداية المرحلة الثانوية، وتتميز بالشخصية المرحة الودودة، تتميز بأنها ذات بشرة بيضاء، ويعلو وجهها، وخاصة أنفها، بعض حبات النمش الصغيرة، كانت عيونها تشبه عيني أختها الواسعة مع فرق اللون، فقد كانت تمتز بأنها أعين عسلية فاتحة، أما لون شعرها فقد كان أسودا حالكا وناعما...

كانت كنزي تتولى رعاية والدتها في غياب أختها الكبرى، وفي نفس الوقت تواظب على استذكار دروسها قبل ميعاد الدراسة بفترة حتى تتمكن من متابعة الدراسة ورعاية والدتها سويا دون أي تأخير حينما تبدأ السنة الدراسية..

كانت كنزي تفتقد لوجود والدها في حياتها، خاصة أنها كانت مرتبطة به بدرجة كبيرة، وعقب وفاته تغير كل شيء في حياتها، فهي قد اضطرت للتخلي عن الكثير من مقتنياتها الخاصة والتي تربطها بوالدها من اجل سداد ديون والدها والبدء من جديد..

حاولت كنزي قد الامكان أن تساند اختها، وتكون على قدر المسئولية رغم سنها الصغير..
صمتت كارما قليلا ولم تجب على اختها، فعاودت كنزي تكرار سؤالها و...
-كنزي: ردي عليا يا كوكا في ايه اللي حصل؟
-كارما بنبرة حزن: مافيش
-كنزي: مافيش ازاي وانا سمعت صوت واحد مخيف بيزعقلك
-كارما: ده آآآ، ده، مديري في الشغل
-كنزي متسائلة: هو عملك حاجة؟
-كارما بتردد: آآآ، هه.

حاولت كارما أن تتهرب من اجابة اختها، لذا أسرعت في خطاها وتوجهت نحو غرفتها، فلحقت بها كنزي و...
-كنزي: هو عملك ايه؟

اكتسى وجه كارما بالحزن سريعا، وبدأت الدموع تترقرق في عينيها، فحاولت كنزي أن تخمن ما أصابها و...
-كنزي: هو، هو خصم من مرتبك؟

أومأت كارما رأسها بالنفي، وحاولت أن تمنع دموعها من الانسياب، ولكن خانتها عبراتها، فأسرعت كنزي بغلق باب الغرفة حتى لا تنتبه والدتهما إلى ما يحدث، ثم اقتربت من أختها مجددا ووقفت خلفها ربتت بهدوء على كتفها و...
-كنزي: في ايه اللي حصل؟
-كارما بصوت شبه باكي: أنا، أنا اترفدت من شغلي
-كنزي بنظرات مصدومة: ايييييه؟

تسمرت كنزي في مكانها عقب عبارة اختها الكبرى الأخيرة، وبدأت ألاف الأسئلة تهاجم رأسها، فكيف سيكون الحال اذن بعد أن خسرت وظيفتها ذات الراتب المجزي؟

في فيلا ناهد الرفاعي
عادت ناهد إلى فيلتها لتباشر سير أعمال الصيانة بها، ولكن في الحقيقة هي أرادت أن تنفرد بنفسها قليلا حتى تستطيع أن تصل إلى حل لتلك المشكلة التي تواجهها، فجاسر يريد منها أن تعترف بما اقترفت، وخاصة الجزء المتعلق بتزوير نسب أبنائها، وهذا سوف يترتب عليه المسائلة القانونية، والمعاقبة الجنائية، وهي لا تريد أن ينفضح أمرها أكثر من هذا وخاصة أنا توشك على خسارة كل شيء حتى أبنائها...

ظلت ناهد جالسة في غرفتها تفكر فيما يجب أن تفعله، زفرت في ضيق واضح ولكن ليس أمامها أي مفر..

حاولت أن تعيد ترتيب أمورها وتدرس خياراتها المتاحة ولكن ليس أمامها أي خيارات كثيرة، فهي إما أن تعترف وتخسر كل شيء وتستعد للسجن والعقاب، أو تصمت وتخسر ابنها الكبير وأمواله في ميراث والده رفعت الصياد، ولكن في نفس الوقت تضمن استقرار حياة ابنتها وحياتها هي الأخرى...

في فيلا رأفت الصياد
خرجت فريدة من غرفتها، ونادت على صباح لكي تعد لها طعام الغذاء، ثم نزلت الدرج وتوجهت ناحية الحديقة..
وجدت فريدة شاهي وهي تجلس على الأرجوحة وتنظر إلى السماء بأعين والهة وعلى وجهها ابتسامة عذبة ورقيقة و...
-فريدة: ممم، واضح انك مبسوطة يا شاهي.

انتبهت شاهي لوجود خالتها، فنظرت إليها بسعادة و..
-شاهي بسعادة: أنطي فيرووو، تعالي جمبي بليز.

توجهت فريدة إلى الأرجوحة، وافسحت لها شاهي مكانا لتجلس عليه، ثم أراحت شاهي رأسها على كتف فريدة و...
-شاهي: أنا فرحانة أوي يا أنطي
-فريدة باستغراب: ليه؟
-شاهي: اسلام بيحبني!

اعتلت الدهشة وجه فريدة بعد عبارة شاهي الاخيرة و...
-فريدة باستغراب: اسلام مين؟

اعتدلت شاهي في جلستها، ونظرت إلى فريدة باستغراب و...
-شاهي مندهشة: هو حضرتك يا أنطي فيرو متعرفيش اني هاتخطب
-فريدة بصدمة: تتخطبي؟
-شاهي: هو مامي مش قالتلك؟

صمتت فريدة للحظات محاولة استيعاب ما يدور من خلف ظهرها، فاختها تقيم معها في افيلا ومازالت تخفي عنها أهم الأمور..
-شاهي مكملة: ده أنا فكرت حضرتك عارفة ومامي قالتلك
-فريدة بضيق: لأ معرفش
-شاهي مبتسمة: طب أنا هاقولك ع كل حاجة.

سردت شاهي لفريدة عن أمر خطبتها لاسلام وكيف هي تحب طريقته الجادة معها، وبدأت تحكيلها عن أحلامها معه..
استمعت فريدة لكل ما تقوله بانصات شديد و..
-فريدة: شوشو انتي عارفة أنا بحبك أد ايه
-شاهي وهي تميل على خالتها: أه طبعاااا
-فريدة: وهتسمعي لرأيي
-شاهي: شور يا أنطي
-فريدة: بصراح كده أنا شايفة ان اسلام ده مش مناسب ليكي.

صدمت شاهي مما قالته فريدة، ونظرت إليها باستغراب شديد و...
-شاهي بصدمة: ايييه؟
-فريدة مكملة بثقة: ده واحد مش من مستوانا، موظف بياخد أد ايه كل شهر، هيعيشك في مستوى أقل بكتير من المستوى اللي انتي متعودة عليه
-شاهي: لألألأ يا أنطي، إسلام مستواه كويس وآآآ...

-فريدة مقاطعة: ده واحد طماع، عارف اخوكي مين وابن مين، ومفكر لما هيتجوزك انتي هتعلي من مستواه وتخليه ياخد مناصب مكنش يحلم بيها بفضل معارفنا وقرايبنا
-شاهي: استحالة يا أنطي فيرو اسلام يفكر بالشكل ده
-فريدة: لأ هايفكر، انتي لو عاملتيه معاملة جافة ومش بينتي انك مدلوقة عليه زي ما حكيتلي هتلاقيه اتغير معاكي وبان على أصله
-شاهي: يا أنطي فيرو اسلام حابني من قبل ما يعرف أنا مين.

-فريدة: انتي مش عاوزة تفهمي انه هو عارف أخوكي، وبيستغل انك طيبة ومالكيش خبرة
-شاهي بضيق: لأ مش ممكن
-فريدة: بكرة هافكرك، يوم ما تحبي يا شاهي ترتبطي بحد وتتجوزيه لازم يكون مستوى، ومستوى عالي كمان وإلا هتعاني!
-شاهي وقد نهضت من عل الأرجوحة: اسلام مش كده يا أنطي، مش كده خالص...!

ابتعدت شاهي عن فريدة وهي تشعر بالضيق مما زرعته في رأسها من أفكار قديمة ورجعية، ابتسمت فريدة على ما فعلت، ورغم غضب شاهي منها إلا أنها واثقة أنها نجحت في زرع الشك في علاقتها ع خطيبها المستقبلي...

ظلت فريدة تحرك قدمها بدهوء لكي تجعل الأرجوحة تهتز بها، ونظرت أمامها في الفرغ وعلى وجهها ارتسمت ابتسامة لئيمة و...
-فريدة في نفسها: ماهو مش معقول يا ناهد ولادك يتهنوا ويتبسطوا بعد اللي انتي عملتيه زمان، لازم أردلك كل اللي عملتيه فيا، هو انتي مفكرة جوازك من رفعت هيعدي على خير؟ ده انا فريدة يا ناهد، فريدة الرفاعي اللي لا يمكن تسيب تارها مع حد أبدا، حتى لو كانت اختها...!

في منزل كارما هاشم
جلست كنزي على طرف الفراش تفكر في حل مع اختها لتلك الكارثة التي حلت بهما و...
-كنزي بضيق: طب هانتصرف ازاي؟ ده احنا مافيش معانا فلوس كفاية
-كارما: مش عارفة
-كنزي: مامي علاجها بيتكلف كتير، وهي، وهي مش لازم تحس باللي حصل وإلا حالتها هتسوء
-كارما: أنا عارفة ده كويس، وبحاول من الصبح أفكر في بديل لكن مش قادرة ألاقي أي حل.

-كنزي وهي تنظر إلى اختها: مامي ممكن تلاحظ انك سيبتي الشغل لو مروحتيش في ميعادك
-كارما وهي مطرقة الرأس: أنا، أنا هحاول أقولها اني خدت أجازة يومين، وهدور على بديل
-كنزي وهي توميء برأسها: أها
-كارما وقد أدارت وجهها ناحية اختها: وانتي حاولي متجبيش سيرة باللي حصل
-كنزي: هاقول ايه بس، هو أنا أقدر، انتي عارفة ماما حساسة أد ايه.

-كارما بنبرة آسى: طبعا اللي حصلها مش قليل، شافت بابا وهو بيموت قدامها وآآآ، وآآآ، بقت عاجزة عن المشي..

حاولت كارما جاهدة أن تقاوم رغبتها في البكاء وهي تتذكر ما مرت به عائلتها قبل سنوات، ولكنها عجزت عن كبح دموعها، وشاركتها اختها في البكاء...

ظلت تفكر كارما في حل ما للتهوين على أسرتها و...
-كارما: ايه رأيك لو، لو غيرنا بكرة جو وروحنا النادي
-كنزي: ومين ليه نفس يروح في حتة
-كارما: لازم نبان طبيعين قصاد مامي، وإلا هتشك ان، ان في حاجة مش طبيعية..!
-كنزي وهي توميء برأسها: أها..
-كارما: روحي الوقتي على اوضتك، واكيد ربنا هيعوضنا..
-كنزي: يا رب.

في فيلا ناهد الرفاعي
انتهى مهندس الديكور من اعداد ماهو مطلوب لاعادة شكل الفيلا إلى ما كانت عليه..

طلب المهندس مقابلة ناهد الرفاعي التي نزلت لتجلس في حديقة فيلتها و...
-ناهد بنبرة هادئة: تعالى يا بشمهندس
-المهندس: أسف يا هانم ع الازعاج، بس انا تقريبا خلصت المطلوب كله، والعمال بيلموا الحاجة
-ناهد وهي توميء برأسها: أها، تمام
-المهندس: المكتب هيبعت لحضرتك فاتورة بكل حاجة اتعملت هنا، ولو في تعليق أو أي تعديل أنا معاكي
-ناهد: لأ كده كويس أوي
-المهندس: تحت أمرك في أي حاجة.

-ناهد وهي ترسم ابتسامة مصطنعة: ميرسي...

انصرف المهندس من أمام ناهد التي مازالت مشغولة البال، حمدت الله أن فيلتها تم الانتهاء من صيانتها وتعديل ما أفسد فيها حتى تتمكن من التفكير فيما ستفعله لاحقا بعيدا عن أختها وعن أي تأثيرات خارجية...

في صباح اليوم التالي
في منزل أدهم
تململ أدهم في الفراش، وبدأ يفيق تدريجيا بعد ذلك النوم العميق، فتح عينيه بصعوبة فقد تمكن الارهاق منه، أدار جسده قليلا ليجد يارا غافلة إلى جواره...
ظل يرمش بعينيه ليتأكد من أنه لا يحلم، ثم خبط بكف يده جبهته، فقد أدرك للتو أنه أضاع ليلة العمر بغفلته وسقوطه في النوم، بلى النوم سلطان يستطيع أن يقهر أي أحد...

مد أدهم أصابع يده ليلمس بها وجنة زوجته النائمة يارا برفق، كانت تتحرك هي بعفوية محاولة ازاحة يده، ظل يبتسم لها ابتسامة عذبة، وماهي إلا لحظات حتى فتحت هي الأخرى عينيها ونظرت أمامها لتجده مائلا عليها برأسه، فانتفضت على الفور وخبطته بقوة برأسها في ذقنه، فتأوه من الآلم و...
-أدهم متآلما: آآآآه، دي صباح الخير بتاعتك
-يارا: آآ، سوري، م، ماقصدتش، بس أصلي ات، اتخضيت.

حك أدهم ذقنه محاولا التخفيف من حدة الآلم و...
-أدهم بتهكم: ليه شيفاني عفريت قدامك، اووف..

زفر أدهم في ضيق، ولكنه تدارك الأمر سريعا و...
-أدهم مبتسما: يالا الحمدلله، المهم قوليلي انتي سبتيني أنام ليه يا بيبي؟

عقدت يارا جبينها في استغراب، ثم رفعت حاجبيها ونظرت إليه بدهشة و..
-يارا باندهاش: سبتك تنام؟ ماحصلش!
-أدهم بصدمة: نعم؟ ماحصلش ازاي؟
-يارا بتردد: ده، ده انت امبارح كنت خ، خاربها
-أدهم فاغرا فاه: ايه ياختي؟ خاربها؟ تيجي ازاي دي؟ ده أنا مش فاكر حاجة خالص
-يارا: وهتفتكر ازاي، وأنا مكونتش ملحقاك من اللي بتعمله...
-أدهم فاغرا شفتيه: هه...

-يارا مكملة بدلال ودلع: وأنا عمالة أقولك بس يا أدهم، بالراحة يا أدهم، استنى يا أدهم وانت مش مديني فرصة
-أدهم: أنا؟
-يارا بثقة: أه طبعا..

أطلقت يارا تنهيدة حارة، ثم نظرت إلى أدهم وامسكت بوجنتيه بأصابع يدها لتقرصها و...
-يارا بصوت طفولي: يا خلبوص، ده أنت مالكش حل
-أدهم بأعين مصدومة: يا شيخة قولي كلام غير ده! ده انا مش فاكر أي حاجة، مش معقول جالي زهايمر.

تركت يارا وجنتي أدهم، ونظرت إليه وهي ترسم على شفتيها ابتسامة صغيرة و...
-يارا: اهو ده اللي حصل
-أدهم وهو يحاول أن يعصر عقله ليتذكر: استحالة يكون حصل حاجة، ده انا مخي أبيض ومش فاكر ان ده حصل أصلا، مش معقول دوست delete وحذفت كل حاجة كده
-يارا وهي تلوي شفتيها: وانا مالي ان كنت مش فاكر حاجة
-أدهم بصوت خافت: طب مافيش اعادة كده يمكن أفتكر أي حاجة من اللي حصلت دي
-يارا وهي تهز كتفيها: تؤ سوري..

-أدهم: سوري، طب والعمل ايه الوقتي؟
-يارا: معرفش!

نهضت يارا عن الفراش، ثم توجهت ناحية المرحاض، وأغلفت الباب خلفها بعد أن دلفت للداخل...

اعتدل أدهم في فراشه، ورفع كلتا يديه عاليا ووضعهما في رأسه وعبث بشعره، ثم أخذ يتمتم بصوت خافت و...
-أدهم: أنا حاسس من الأول ان الجوازة دي منظورة، مش عارف أتهنى مع يارا، يوم ما نلاقي مكان نكون فيه سوا لوحدينا يزعجنا الناس، ولما أنوي أروح في حتة بعيدة تعطل بينا العربية، ويوم ما ربنا يسهلها ونجي بيتنا أتنيل على عيني وأنام على نفسي زي الفراخ البلدي..

ثم أخذ أدهم يرثي حاله وهو يضع الملاءة على وجهه ليغطيه و...
-أدهم وهو يجز على أسنانه: مكونش يومك يا أدهم...!

في فيلا عدلي
التقي زيدان الباشا بزوجة عمه السيدة رحاب التي كانت تعاني من الحزن الشديد..
كان زيدان يجلس في صالون الفيلا منتظرا مقابلتها، حضرت إليه الخادمة وهي تحمل صينية القهوة، وضعتها أمامه ثم انصرفت على عجالة، وبعد قليل نزلت رحاب من على الدرج وهي تمسك بمنشفة ورقية في يدها تجفف بها دموعها...

نهض زيدان من على مقعده حينما رأها، ثم توجه ناحيتها وأمسك بكف يدها ثم رفعه إلى شفتيه وقبلة برفق، ثم أسندها حتى وصلت إلى الأريكة..
جلست رحاب على الأريكة وأطلقت تنهيدة حزن عميق من صدرها، وبدأت تذرف الدموع...
نظر إليها زيدان بآسى ثم...
-زيدان بصوت هاديء: مرات عمي.

رفعت رحاب بصرها ونظرت إليه بأعين دامعة، فأكمل زيدان ب...
-زيدان بثقة: مش عاوزك تشيلي هم أي حاجة، أنا رجعت خلاص وهرجع كل حاجة زي ما كانت واحسن
-رحاب بنبرة حزن: أنا، أنا مش عارفة دي كله حصل ازاي؟ عدلي، عدلي طول عمره بياخد باله من كل حاجة
-زيدان وهو يربت على كتفها: معلش يا مرات عمي، لكل جواد كبوة!

ثم صمت زيدان قليلا، وأخذ ينظر في الفراغ بأعين شريرة تحمل من القسوة ما يرعب البشر و...
-زيدان بنظرات توعد: وأنا خلاص موجود، وهخلص القديم والجديد من عيلة الصياد...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة