قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الخامس

في منزل أدهم
في المطبخ
دلفت يارا إلى المطبخ تبحث عن شيء ما تتناوله، اقترب من البراد وفتحته لتنظر إلى ما بداخله، وتفاجئت بذراعي أدهم تحاوطها من الخلف و...
-أدهم: بتعملي ايه؟
-يارا وهي تحاول التحرر منه: بشوف هاكل ايه؟
-أدهم: طب ما تيجي نقعد مع بعض شوية نعوض اللي فاتنا
-يارا: أدهم، بليز، أنا جعانة ومش هعرف أعمل حاجة على معدة فاضية
-أدهم على مضض: طيب...

أرخى مروان ذراعيه عن يارا لتبتعد هي عنه وتعبث بمحتويات المطبخ لكي تعد وجبة افطار لها، بينما جلس هو على الطاولة الموضوعة في المنتصف..
ظل أدهم يراقبها وهي تعد الطعام، أسند رأسه على ذراعه، فلاحظت هي مراقبته الشديدة لها و..
-يارا: مش بحب حد يبصلي كده
-أدهم: وهو أنا أي حد، ده أنا حبيب القلب
-يارا وهي تمط شفتيها: اووف.

نهض أدهم من على المقعد الخشبي وتوجه إليها و...
-أدهم: مالك يا يارا في ايه؟ انا حاسس انك مش مبسوطة
-يارا: هه
-أدهم: قوليلي لو في حاجة مضيقاكي
-يارا: لأ مافيش حاجة
-أدهم: طب تعالي معايا، أنا عاوزك
-يارا باستغراب: عاوزني في ايه؟

أمسك أدهم يارا من معصمها ثم سحبها خلفه، وخرج بها من المطبخ، وتوجه بها نحو غرفة نومهما، حاولت يارا أن تفهم منه سبب ما يفعل، ولكنه رفض أن يجيبها...

في غرفة النوم
أجلس أدهم يارا على طرف الفراش ثم طلب منها أن تغمض عينيها، فاستغربت يارا من طلبه هذا و...
-يارا بتعجب: وأغمض عيني ليه؟
-أدهم: اسمعي بس الكلام
-يارا وهي تغمض عينيها: أهوو
-أدهم بصوت هاديء: اوعي تغشي يا يارا
-يارا: لأ مش هاغش
-أدهم مازحا وهو يشير بيدها: طب دول كام؟
-يارا وهي تهز كتفيها: معرفش
-أدهم: بس أنا شايفك بتبصي من تحت لتحت
-يارا بضيق: يووه
-أدهم: طيب خلاص...

اقترب أدهم ببطء من زوجته، ثم انحنى ناحية رأسها وكان على وشك تقبيلها من شفتيها، ولكنها فتحت عينيها فجأة فتراجعت على الفور و...
-يارا بخضة: انت بتعمل ايه؟
-أدهم مبتسما: آآ، بتأكد ان كنتي مفتحة ولا لأ
-يارا وهي تشير بإصبعها محذرة: أنا مش عاوزة حركات من دي.

أمسك أدهم بكفي يد يارا، ثم رفعهما إلى شفتيه وقبلهما في حنية شديدة، وبعد ذلك تركهما و...
-أدهم برجاء: خلاص، خلاص، غمضي بس عينك، ده أنا عاملك مفاجأة حلوة
-يارا: بس مافيناش من حركاتك النص كم دي
-أدهم: لا نص كم ولا ربع، غمضي يا خد الجميل بقى
-يارا بضيق: بلاش الكلمة دي
-أدهم مبتسما: حاضر..

امتثلت يارا لطلب أدهم وأغمضت عينيها مرة أخرى، فجثى أدهم على ركبتيه، ثم أخرج علبة صغيرة حمراء من جيبه، وفتحها ليخرج منها سلسلة رقيقة..
وضع أدهم العلبة الصغيرة جانبا، ثم انحنى ناحية يارا بجسده، ومد كلا ذراعيه حول عنقها ليجعلها ترتدي السلسلة...
في البداية أزاح أدهم شعر يارا جانبا حتى يتمكن من رؤية عنقها بوضوح، ثم اقترب منها ببطء..
-أدهم هامسا: ماتفتحيش إلا لما أقولك.

أومأت يارا برأسها وهي تفرك كلتا يديها في توتر..

شعرت يارا بأنفاس أدهم تشتعل على رقبتها وهو مقترب منها، فدب في جسدها القشعريرة ورجفت قليلا..
حاول أدهم ربط السلسلة، ولكن كانت عيناه تخوناه وتنظران إلى يارا وتتأملان كل ذرة في عنقها، كان يشعر بنبضها المتسارع وهو قريب منها إلى تلك الدرجة، شعر برجفة جسدها وهو يحيطها..
في النهاية نجح أدهم في ربط السلسلة حول عنق يارا، فارتسمت ابتسامة سعادة ورضا على شفتيه و...
-أدهم مبتسما: خلاص فتحي.

فتحت يارا عينيها، ثم وضعت أصابع يدها على عنقها لتتحسس السلسلة التي وضعها أدهم، ثم اعتلى وجهها الدهشة، وفغرت شفتيها في صدمة و...
-يارا بدهشة وصدمة: مش ممكن...!
في فيلا رأفت الصياد
كانت العائلة مجتمعة حول طاولة الطعام، كانت فريدة تمسك بالسكين وتضع القليل من المربى على قطعة من الخبز و...
-فريدة: أنا احتمال أروح النادي النهاردة، ها يا رأفت ناوي تيجي معايا ولا لأ.

-رأفت وهو يرتشف من فنجان قهوته: مش عارف ظروفي
-فريدة وهي تنظر إلى ابنها الكبير: وانت يا خالد؟
-خالد: والله عندي شغل يا ماما، ان خلصت هاروح
-شاهي: أنطي أنا جاية معاكي
-فريدة مبتسمة: أكيد يا شوشو
-ناهد: فرصة نغير جو..
-شاهي: أه يا مامي
-عمر بتهكم: طبعا أنا معنديش اوبشن، مضطر اجي!
-فريدة: انت أصلا هتعمل اللي انا أقولك عليه وبس
-عمر: ما أنا قايل كده من الأول..!

-فريدة: انت ناسي التدريبات بتاعتك؟ ولا خلاص مصدقت!
-عمر على مضض بصوت خافت: ماهو لو فكرت أنسى، انتي مش هتنسي..
-ناهد: على فكرة يا فريدة أنا خلاص هلم الحاجة وهرجع الفيلا بتاعتي تاني
-فريدة باستغراب: ترجعي فيلتك؟ طب ليه؟
-ناهد: مافيش داعي نقعد اكتر من كده هنا، الفيلا خلاص اتوضبت وكل حاجة رجعت فيها زي الأول.

-رأفت: والله انتي منورانا يا ناهد هانم، وده بيتك، وانتي مشرفانا يعني مافيش داعي انك تسيبي الفيلا الوقتي خالص
-ناهد مبتسمة: شكرا يا رأفت بيه، بس كفاية أوي كده عشان تاخدوا راحتكم
-فريدة على مضض: اعملي اللي يريحك يا ناهد
-ناهد وهي ترسم ابتسامة مصطنعة على ثغرها: شكرا.

صمت الجميع لبرهة، فقطع هذا الهدوء خالد باقتراحه على ناهد أن...
-خالد: لو تحبي يا طنط أوصل حضرتك أنا معنديش مانع
-ناهد: ميرسي يا خالد..

راقب عمر ردود فعل والدته ونظراته المتوعدة لاختها، فشعر أن هناك خطب ما..
-عمر في نفسه بتوجس: مش عارف ليه حاسس ان في كارثة هتحصل قريب، استر يا رب!

في منزل أدهم
نظرت يارا إلى أدهم بأعين مصدومة بعدما تحسست عنقها ووضعت يدها على السلسلة التي أهداها اياها و...
-يارا بعدم تصديق: مش ممكن...!
-أدهم مبتسما: ايه رأيك؟

نهضت يارا من على الفراش وتوجهت إلى المرآة لتتأكد من شكوكها..
شهقت يارا حينما رأت السلسلة، وضعت يديها على فمها غير مصدقة لعينيها
لقد كانت تلك السلسلة تخص والدتها، هي أخر ما تبقى لها من ذكرى والدتها الراحلة، فهي أغلى ما اقتنته يوما...

لقد تذكرت أنها فقدت تلك السلسلة يوم حادث تعطل السيارة على طريق الغردقة الصحراوي، وظنت أن اللص قد أخذها قسرا منها..

بكت عينيها فرحا، هي اعتقدت انها فقدتها للأبد، ولكن هاهي الآن بين يديها...
وقف أدهم ورائها، وتأمل ملامحها وهي تتلمس سلسلتها، شعر بسعادتها وفرحتها الغامرة..
-أدهم: ايه رأيك
-يارا: أنا، أنا مش مصدقة
-أدهم: لأ صدقي.

صمتت يارا للحظات، ثم التفت بجسدها لتواجه أدهم و..
-يارا وهي تعقد جبينها باستغراب: بس انت جبت السلسلة دي ازاي؟ أنا فكرت انها ضاعت؟
-أدهم بتردد: هه...

نظرت يارا إلى أدهم بتمعن شديد منتظرة أن يجيب على تساؤلاتها، ولكنه اكتفى بالابتسام لها و..
-أدهم: مش هي رجعتلك، خلاص بقى مش مهم ازاي.

نظرت يارا لأدهم من زاوية عينها بعدم تصديق، ثم عقدت ساعديها أمام صدرها و...
-يارا باصرار: لأ أنا عاوزة أعرف انت جبتها ازاي.

حاول أدهم أن يغير مجرى الحديث حتى لا تحاصره يارا بتساؤلاتها ويضطر للاجابة عليها ويخبرها بأنه احتفظ بها لفترة معه..

Flash Back لما حدث من قبل
تعرض كلا من أدهم ويارا للسطو من قبل أحد قطاع الطريق أثناء ذهابهما إلى أحد المؤتمرات بالغردقة...
كانت يارا على وشك الاشتباك مع اللص، فتدخل أدهم ومنعها من التمادي في أفعالها، طلب اللص أن تسلمه ما معها، ولكنها آبت، ثم لمح في عنقها سلسلة ذهبية فآمرها بأن تسلمه إياها ولكنها اتعرضت بشدة..

شعر أدهم أن حياة يارا في خطر حينما أوشك اللص على استهدافها بسلاحه، فقرر أن يتصرف هو، حيث قام بضربها بقوة على رأسها ففقدت الوعي، ثم أسندها برفق بجوار السيارة، واشتبك هو الأخر مع اللص وتمكن من تقييده بعد أن انهال عليه بالضربات والركلات واللكمات...

احتفظ أدهم بسلسلة يارا في جيبه، ورفض أن يخبرها أنها بحوزته حينما سألته عنها...

كان أدهم كل ليلة يمسك بالسلسلة بين أصابعها ويعبث بها، ويتأمل وهو في غرفته، كانت السلسلة رقيقة للغالية، ويتدلى منها قلب صغير يفتح إلى نصفين، وبكل نصف توجد صورة صغيرة، الصورة الأولى لوالدتها الراحلة هالة والتي كانت تشبهها بدرجة كبيرة، بينما الصورة الأخرى لوالدها رفعت الصياد..

تأمل أدهم السلسلة لليال عديدة، بل إنه كان يقربها من شفتيه ليقبلها، لقد كانت غالية عنده بدرجة كبيرة...

كان أدهم يحسد تلك السلسلة لأنها تلمس عنقها، وتظل دائما برفقتها في كل الأوقات، وباحتفاظه بها ظن أنه تملك جزءا من يارا واحتفظ به لنفسه فقط، ولن يشاركه أحد إياه...

خشى أدهم أن ترفض يارا الاستمرار في إكمال الزيجة، لذا فضل أن تظل السلسلة بحوزته حتى تظل ذكرى منها، وإن حدث واستمرا سويا، فهو سيعيدها إليها وهما معا في بيت واحد، وها قد سنحت الفرصة له لكي يفعل هذا...
عودة للوقت الحالي
لاحظ أدهم تحديق يارا به، فحاول أن يصرف انتباهها و...
-أدهم غامزا: بلاش البصة دي يا يارا
-يارا بعدم اهتمام: ليه يعني؟
-أدهم: أصل البصة من عينيكي بتخليني آآآ...

-يارا بعدم فهم: بتخليك ايه؟
-أدهم: مابدهاش بقى، هما قالوا إعادة البث المباشر امتى، أيوه، الوقتي
-يارا متسائلة: بث ايه؟
-أدهم وابتسامة خبيثة تعلو وجهه: تعالي وانتي هتشوفي.

أمسك أدهم بزوجته وقربها إليه، ثم انحنى بجسده عليها، ووضع ذراعه خلف رقبتها، والذراع الأخر أسفل ركبتيها ثم حملها برفق وتوجه بها ناحية الفراش..

وضع أدهم زوجته على الفراش، ثم أخذ يتأملها بنظرات حانية عاشقة، مد أصابع يده ليزيح خصلة من شعرها كانت تغطي عينيها برفق و..
-أدهم: هو في أحلى من كده.

إنتاب جسد يارا القشعريرة مع لمسات أدهم الرقيقة لها..
-يارا: آآآ...

وضع أدهم اصبع يده على فمها ليجعلها تصمت و...
-أدهم: شششش..

اقترب أدهم من يارا وداعب أنفها بأنفه، فتبسمت و...
-أدهم: بحبك...

مال أدهم على يارا برأسه ثم قبلها بحنية بالغة، وبدأ يرتوي من الحب المذاب على شفتيها...

كانت يارا مضطربة في البداية تشعر بالتوتر الشديد مع كل حركة يصدرها أدهم، وتنتفض مع كل لمسة يداعبها بها، شعر أدهم بتوترها فتعامل معها بحنية بالغة..

استسلمت يارا للحب الذي أغدقها به أدهم، وتجاوبت معه وبادلته مشاعر العشق الفياضة، شعر هو باستسلامها له وبحرارة حبها له، فابتسم في نفسه، فقد استطاع بعد معاناة أن يتنعم بوجودها في أحضانه، وذابا سويا في أنهر الحب العذبة...

في منزل كارما هاشم
استيقظت كارما متأخرة على غير عادتها، فشعر والدتها السيدة صفاء بوجود خطب ما، خرجت من غرفتها على كرسيها المدولب وهي تحركه بيديها و...
-صفاء باستغراب: كارما! انتي لسه هنا؟ ده انا فكرتك روحتي الشغل من بدري.

حاولت كارما أن ترسم ابتسامة مصطنعة على وجهها و...
-كارما: أنا، أنا قولت أخد أجازة يومين يا مامي
-صفاء: بس اللي اعرفه ان مديرك صعب وآآآ...

ابتلعت كارما ريقها بصعوبة، فهي تحاول قدر الامكان أن تبدو مقنعة أمام والدتها و...
-كارما بتردد: آآآ، هو، هو مسافر، وأنا، وأنا قولت انها فرصة أخد أجازة براحتي.

صمتت كارما ولم ترد الاطالة في الحديث، فدارت حولها والدتها بكرسيها المدولب، وتأملت ملامحها بهدوء، لاحظت عينيها المنتفختين، وأثار احمرار بهما، فأدركت على الفور أن هناك خطب ما و...
-صفاء بنبرة هادئة: انتي سيبتي شغلك صح يا كارما
-كارما بتوتر: آآآ، لأ..
-صفاء محذرة: اوعي تكدبي، أنا عارفاكي كويس، ولا عشان خلاص أنا عاجزة ف، آآآآآ.

لم تستطع كارما أن تخفي حزنها عن والدتها خاصة بعد عبارتها الأخيرة، حيث جثت على ركبتيها أمامها، ثم أحاطتها بذراعيه وارتمت في أحضانها، وأجهشت بالبكاء و...
-كارما بنبرة باكية: سوري يا مامي، أنا، أنا مقصدش أكدب عليكي.

مسدت صفاء برقة على شعر ابنتها محاولة تهدئتها و...
-صفاء بنبرة حانية: خلاص يا حبيبتي، اهدي
-كارما: والله يا مامي غصب عني...
-صفاء: انا عارفة يا بنتي، انا عارفة، لو كان بايدي كنت آآآ...

رفعت كارما وجهها لتنظر إلى والدتها و...
-كارما: أنا بحبك يا مامي ومش عاوزاكي تشيلي هم أي حاجة، ان شاء الله هتتعدل وكل حاجة هترجع زي الأول وأحسن...
-صفاء وهي تطلق تنهيدة حارة: ان شاء الله!

في شركة الصياد
بدأ العديد من الشباب من الجنسين التوافد على مكتب الاستقبال بالشركة لمليء طلبات الالتحاق بالوظائف المعلن عنها...

تقدم الكثير من الشباب بملفات تحتوي على خبراتهم المتعددة وشهاداتهم الدراسية، وتم تحديد موعد للمقابلات الشخصية مع من تتوافق معه الشروط...

تولى خالد متابعة أعداد المتقدمين وحصرهم ليضمن اختيار الأفضل فقط..

دلف رأفت إلى مكتب خالد فوجده منهمكا في الاطلاع على بعض الملفات و..
-رأفت: ها يا خالد فاضي؟
-خالد: اتفضل يا بابا، ولو مش فاضي أنا معاك...
-رأفت: طيب عملت ايه في موضوع الشباب الجداد
-خالد: ممم، والله معظمهم مش أوي، يعني عدد قليل جدا اللي بينطبق عليه الشروط
-رأفت: حاول يا خالد تدي فرصة برضوه للي آآآ...
-خالد: بابا احنا بندور على الأفضل، ومش معقول هاخد ناس اي كلام
-رأفت وهو يسير برأسه: أها.

ترك خالد الملفات على سطح المكتب، ثم نهض من مقعده، وتوجه إلى المقعد المقابل لوالده وجلس عليه...
-خالد: بابا
-رأفت: أيوه
-خالد: عملت ايه في الموضوع اللي قولتلك عليه
-رأفت: موضوع ايه؟
-خالد وهو ينظر باستغراب: انت نسيت يا بابا، موضوع خطوبتي من سمر.

صمت رأفت للحظات، وأطرق رأسه، فظل خالد يتابعه و..
-خالد: ها يا بابا؟
-رأفت: بص يا خالد، حاليا أنا لسه مخدتش قرار، بس أوعدك خلال الفترة الجاية هاشوف هاعمل ايه.

زفر خالد في ضيق حينما أدرك أن والده لم يكترث بأمر خطبته، أو يكلف حتى نفسه العناء لتحري تلك المسألة...

لاحظ رأفت الانزعاج الذي بدى واضحا على ملامح ابنه و..
-رأفت: يا بني ده أنا بقولك اديني فرصة كام يوم مش كام سنة
-خالد على مضض: طيب..

نهض رأفت من مقعده، و...
-رأفت: هاتيجي معانا النادي
-خالد: لأ، ورايا حاجات كتير عاوز أخلصها، وحضرتك شايف الملفات اللي قدامي أد ايه
-رأفت: الله يعينك يا حبيبي، ع العموم لو خلصت بدري هتلاقينا في النادي، احنا هنتغدى هناك ونقعد لحد بالليل
-خالد: بأمر الله.

توجه رأفت إلى باب الغرفة، ثم فتحه ودلف للخارج وأغلقه خلفه، ظل خالد يراقب والده إلى أن خرج تماما و...
-خالد: ربنا يسهل وتاخد موضوعي بجدية يا بابا...

ثم رن هاتف خالد المحمول، فتوجه إلى مكتبه والتقط الهاتف الموضوع على سطحه، واطلع على اسم المتصل فوجد أنه...
-خالد باستغراب: الله! ده مستر شرودر!

أجاب خالد على اتصال شرودر الهاتفي و..
-خالد هاتفيا: هالوو مستر شرودر، ازيك؟
-شرودر هاتفيا: كيف حالك مستر خالد، أنا بخير
-خالد: أنا تمام، في جديد يا مستر شرودر
-شرودر: بلى، نريد من الآنسة يارا أن تأتي إلى ألمانيا قريبا لتستلم ميراثها الشرعي، لقد أعددت كل شيء..
-خالد: هي حاليا هيبقى صعب انها تيجي
-شرودر بقلق: هل توجد مشكلة؟
-خالد بلهفة: لألألأ، اطمن، هي بس اتجوزت أدهم أخويا.

-شرودر مبتسما: حقا، مبارك لهما
-خالد: الله يبارك فيك، ع العموم أول بس ما يخلصوا يومين العسل أنا هبلغ يارا وان شاء الله هنرتب ونجيلك على طول
-شرودر: اتفقنا، أراك لاحقا..
-خالد: بأمر الله..

أنهى خالد المكالمة الهاتفية مع مستر شرودر، ثم جلس على مقعده وبدأ في متابعة الملفات من جديد...

في منزل أدهم
أحاط ادهم يارا بذراعيه، ووضع رأسها على صدره، واستند هو على ظهر الفراش، أمسك بكف يدها وشبك أصابعه بأصابعها وظل يحركهما بهدوء و...
-ادهم: بجد أنا مش متخيل اننا بقينا مع بعض وفي حضن بعض
-يارا: اها
-أدهم: مين كان يتخيل اننا هانكون مع بعض بعد كل اللي حصل ده.

رفعت يارا رأسها لتنظر إلى ادهم، ثم ابتسمت له ابتسامة عذباء، و...
-يارا: طب حاسب بقى خليني أروح أعملي فطار
-أدهم: لوحدك
-يارا وهي توميء برأسها: أها
-ادهم: طب وانا؟
-يارا: help yourself
-أدهم وهو ينظر لها باشتياق: بقى كده، طب تعالي بقى أما أخد فطاري منك.

ترك أدهم كف يارا، وحل تشابك أصابعهما، ثم أمسك بها من خصرها، وأدارها بكل خفة على الفراش، ثم اعتدل هو فوقها، ونظر إليها بنظرات عاشقة، و...
-أدهم بنظرات ماكرة: والوقتي جه ميعاد الاعادة لحلقة امبارح اللي مش فاكرها خالص
-يارا: نعم؟
-أدهم مكملا: وطبعا بما إنه مطلب شعبي، فأنا لن أتأخر عن تلبية مطالب الجماهير وهاعيد البث...
-يارا مبتسمة: لألألأ..
-ادهم: ونقول أكششششششن...

ذاب أدهم عشقا في حب زوجته يارا، وصار الاثنين روحا واحدة وعانقا بأرواحهما السماء، وظلا ينعمان في بحور الغرام والعشق...

في النادي
وصلت كارما ومعها والدتها السيدة صفاء وأختها الصغرى إلى النادي..
كان الجو جميلا رغم ارتفاع درجة الحرارة، ظلت كارما تدفع الكرسي المدولب الخاص بوالدتها وهي ترسم عى وجهها ابتسامة رقيقة..

قامت السيدة صفاء بتحية كل من تقابلهن في طريقها برأسها، كانت ترى في أعين البعض منهن الشفقة على حالها، ولكنها لم تعبيء بهن، يكفيها وجود ابنتيها في حياتها ليعوضاها عما مرت به...

أمالت كارما برأسها قليلا على والدتها و..
-كارما بنبرة هادئة: مامي تحبي نقعد فين؟
-صفاء: عند البسين
-كارما: حاضر يا مامي
-كنزي: مامي أنا هاروح أشوف صحباتي جوم ولا لأ وأحصلكم على هناك
-صفاء: طيب يا قلبي، بس متتأخريش
-كنزي وهي تبتعد: على طول يا مامي...

دفعت كارما والدتها في اتجاه مكان المسبح ليجلسا سويا هناك، بينما سارت كنزي في الاتجاه العكسي لتقابل صديقاتها وتسلم عليهن...

في منزل عبد الجواد بالغردقة
جلست تيسير مع ابنتها تتحدثان سويا بشان أمر الخطبة و...
-سمر بضيق: لسه مافيش جديد يا ماما؟
-تيسير وهي تطوي الملابس: لأ يا حبيبتي، لسه البشمهندس ماتصلش
-سمر وهي تمط شفتيها: مع انه كان مأكد على بابا انه هيكلمه
-تيسير بصوت منزعج: والله ما انا عارفة
-سمر بقلق: أنا خايفة يكون صرف نظر عن الموضوع يا ماما.

-تيسير بحدة: يصرف نظر بتاع ايه؟ هو هيلاقي زيك فين؟ ده انتي أدب وجمال وأخلاق...
-سمر وهي توميء برأسها: أها
-تيسير: قومي انتي البسي وروحي شغلك وربك هيسهلها
-سمر: حاضر..

نهضت سمر من جوار والدتها، وذهبت لترتدي ملابسها لكي تتوجه إلى عملها...

في أحد الكمائن على الطريق
كان جاسر متواجدا مع عددا من زملائه يراقبون السيارات القادمة ويفتشون من يشتبهون بأمره..

كان جاسر بين الحين والأخر يشرد فيما سردته له والدته فيزفر في ضيق، وبينما كان يحاول التفكير في حل لتلك المعضلة رن هاتفه، فأخرجه من جيبه ونظر إلى اسم المتصل فوجده...
-جاسر هاتفيا: اسلام، ازيك يا باشا
-اسلام هاتفيا: جاسر بيه، فينك؟ دايما بسأل عليك، بس انت مش معبرنا خالص
-جاسر: معلش انت عارف ظروف الشغل.

-اسلام: أه طبعا، عارف ومقدر، المهم عشان معطلكش، أنا كنت عاوز أقابلك ضروري عشان نتفق على تفاصيل الخطوبة وكده
-جاسر بتردد: هه، آآآ..
-اسلام: ها قولت ايه؟

تردد جاسر في إعطاء ميعاد مناسب لاسلام، ولكنه حسم أمره بابلاغه ب...
-جاسر: بعدين هنتفق، بس قبلها أنا كنت عاوز أقعد معاك على انفراد
-اسلام بقلق: خير في ايه؟
-جاسر: لما هاشوفك هابقى أقولك
-إسلام: لأ انا كده قلقت، قولي انت فين وأنا أجيلك...
-جاسر: متقلقش، ان شاء الله خير
-إسلام باصرار: بس قولي انت فين..!

أخبر جاسر إسلام بمكانه المتواجد فيه حاليا، ووعده إسلام بأن يأتي لمقابلته في ذاك المكان بعد قليل...

توجس جاسر خيفة من تلك المقابلة، ولكن لا مفر من المواجهة وحسم الأمر نهائيا، فواجب عليه أن يكون أمينا مع زوج شقيقته المستقبلي...
في النادي
وصلت فريدة هانم الرفاعي وبصحبتها عمر والخادمة صباح إلى النادي، كانت فريدة تسير بخطوات واثقة تحمل من الغرور ما يجعل الكل يخشى الحديث إليها..

أرادت فريدة أن تثبت لمن هم في النادي جميعا –رجالا ونساءا- بأنها غير قابلة للكسر، وأنها لن تنحني أبدا مهما كانت الظروف...

تعجب عمر من تصرفات والدته، فهي لا تكف أبدا عن تلك النظرة الارستقراطية المتعالية...
-عمر: ماما أنا هاروح أشوف أصحابي
-فريدة بافتضاب ولهجة آمرة: متتأخرش، مش عاوزة أقلق عليك
-عمر: ربنا يسهل، وبعدين أنا مش هاتوه يعني، ده النادي كله أد كده
-فريدة: ولد، اللي أقوله يتنفذ وانت ساكت
-عمر على مضض: طيب!

أسرع عمر الخطى حتى يبتعد عن والدته، بينما توجهت هي إلى طاولتها المعهودة و...
-فريدة بلهجة آمرة: صباح...
-صباح: ايوه ا هانم
-فريدة بقرف: غيري الكرسي ده، أنا شايفاه dirty..!
-صباح: حاضر يا هانم
-فريدة: بسرعة
-صباح: ح، حاضر.

سارت صباح مسرعة واتجهت ناحية المسؤلين عن اعداد طاولات النادي حتى تطلب منهم تغيير المقاعد البلاستيكية لفريدة...

أخرجت فريدة هاتفها المحمول من حقيبتها الغالية، ثم امسكت به بأطراف أصابعها، ورفعت نظارتها الغالية عن عينيها لتنظر إليه، ثم طلبت زوجها و...
-فريدة هاتفيا وهي تنظر باستعلاء لمن حولها: انت فين؟
-رأفت هاتفيا: في الشركة
-فريدة باقتضاب: انت هاتيجي امتى؟
-رأفت: هاخلص وأجي ان شاء الله على طول
-فريدة: طيب، وأنا منتظراك!

عادت صباح بعد لحظات ومعها أحد العاملين بالنادي وهو يحمل مقعدا جديدا، ثم وضعه أسفل الطاولة وسحب المقاعد الأخرى، نظرت له فريدة باشمئزاز، ثم أمرت صباح ب...
-فريدة بقرف: امسحيه بال wipes
-صباح وهي توميء برأسها: حاضر يا هانم...

في نفس التوقيت بمكان أخر في النادي
جلست كنزي مع صديقاتها يتبادلن الحديث، ضحكت كنزي معهن واستعادت جزءا من حياتها البسيطة التي تفتقدها بسبب ظروف مرض والدتها..
-كنزي وقد نهضت من مقعدها: طيب يا بنات هاسيبكم شوية وأرجعلكم تاني
-أحد الفتيات: هو انتي لحقتي
-كنزي: معلش عشان ماما وكارما لوحدهم
-فتاة أخرى: طيب احنا هنفضل أعدين هنا، متتأخريش بقى
-كنزي وهي تلوح لهن: اوكي، سلام مؤقت.

انصرفت كنزي بعد أن لوحت لأصدقائها وسارت مبتعدة عنهن لتلحق بوالدتها وأختها..

في نفس الوقت قابل عمر بعضا من أصدقائه، فطلبوا منه أن يشاركوه لعب كرة القدم، فوافق على الفور..
كان الشباب الصغير يركلون الكرة ببقوة ومهارة فائقة، ويتبارون فيما بينهم في إظهار براعتهم في ممارسة تلك اللعبة، فتارة يتلقون الكرة على صدورهم، وتارة يصدونها برؤوسهم، حقا استمتعوا باللعب سويا...

وصلت الكرة إلى قدم عمر، فابتسم بمكر، ثم ثبت الكرة بأحد قدميه، وبالقدم الأخرى ركلها بكل قوة و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة