قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والأربعون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والأربعون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الرابع والأربعون

في المشفى
حمل خالد كنزي بين ذراعيه، وسار بخطوات سريعة نسبيا نحو مدخل المشفى، ولحق به من خلفه كلا من يارا وعمر..
تعجب كل من يمر بخالد من حالة تلك الفتاة الفاقدة للوعي، وخاصة أنها في المشفى، لذا كانت يارا تبرر أنها مرهقة ولا تقو على السير...

صف أدهم سيارته أمام مدخل المشفى، في حين ركض عمر للخارج وفتح باب السيارة الخلفي، حتى يتمكن خالد من إسناد كنزي في الداخل، وبالفعل انحنى خالد بجذعه قليلا، ووضع كنزي على المقعد الخلفي..
كان عمر على وشك الدخول والجلوس بجوارها، إلا أن خالد جذبه بعنف من ياقته، ودفعه للخارج ونظر إليه بنظرات صارمة و...
-عمر متآلما وهو يمط شفتيه: آآآي، ايه يا عم خالد! ما بالراحة يا جدع
-خالد بحدة: رايح فين يا زفت؟

-عمر وهو يشير بيده: داخل جوا، انت مش شايف البنية مفرفرة ازاي، أنا هسندها بس!
-خالد بنظرات جادة ونبرة صارمة: اسبقني يا زفت على عربيتي بدل ما أخليك تحصلها
-عمر بتهكم: وعلى ايه العنف، الطيب أحسن، بدل ما أبقى انا وهي مكسحين مش لاقيين اللي يسندنا، أهوو على الأقل واحد فينا هيشيل التاني..!
-خالد بلهجة آمرة: اركبي يا يارا، وانت يا أدهم اسبقنا على الفيلا
-يارا وهي توميء برأسها: اوكي.

أومىء أدهم برأسه، ولم يعقب، بل أدار محرك السيارة، ووضع يده على المقود، ثم ضغط على دواسة البنزين بعد أن أغلقت يارا الباب من خلفها، ثم انطلق بالسيارة...

ركب خالد هو الأخر سيارته، وإلى جواره عمر و...
-عمر وهو يشير بيده: سوق بسرعة الله يكرمك عاوزين نسبقهم
-خالد وهو يجز على أسنانه: اخرس ماسمعش حسك، وإلا هاتعرف شغلك مع أبوك لما يعرف ببلاويك
-عمر وهو يلوي فمه بتهكم وبنبرة خافتة: ضربني وبكى، وسبقني واشتكى!
-خالد بنظرات حادة: بتقول ايه سمعني صوتك
-عمر وهو يضع يده على رأسه: بقول جميلك ده فوق راسي يا سيد الناس!

في سيارة زيدان
تسائلت شاهي في نفسها عن المكان الذي ستتوجه إليه مع زيدان، ولكنها خشيت أن تفصح عما في نفسها، لذا ظلت تراقب الطريق في صمت قاتل عبر نافذتها الزجاجية التي تنظر في اتجاهها..

تنحنح زيدان قبل أن يتحدث، والتفت إلى شاهي نصف التفاتة و...
-زيدان وهو يتنحنح بخشونة: آحم، آآ، احنا هنعدي على مرات عمي شوية، وبعدها هنطلع نتعشى!

لم تجبه شاهي، ولم تلتفت إليه، بل ظلت تنظر للطريق من نافذتها المجاورة..

نظر إليها زيدان مجددا، وأخفض بصره تدريجيا ناحية عنقها المشدود، وحدق لثوان فيه، فغفل عن الطريق، وكاد أن يصطدم بالسيارة التي أمامه...
ضغط زيدان على مكابح السيارة فجأة، بينما ارتسمت علامات الرعب على وجه شاهي، ووضعت يديها على وجهها، خوفا من الاصطدام، ثم ارتد جسدها بعنف في مقعدها...

ارتسمت علامات الشر والغضب الجلية على وجه زيدان، نظر إلى السيارة التي وقفت أمامه بنظرات تحمل شر مستطر، وتحولت عيناه إلى جمرتين ملتهبتين، ثم ترجل من سيارته، وسار بخطوات شبه عنيفة ناحية سائق السيارة الأخرى الذي بدأ بالسباب عاليا والتطاول بالألفاظ عليه..

لم يتحمل زيدان الإهانة، بل مد يده وفتح مقبض باب قائد السيارة الأمامي، وجذبه من ياقته بعنف، وأمسك به وكال له من اللكمات ما جعلته يتذوق طعم الدماء في فمه...
توسل سائق السيارة إلى زيدان كي يتركه، ولكنه ظل يضربه بعنف مبالغ فيه...

نظرت شاهي من زجاج السيارة الأمامي إلى زيدان، وارتجف جسدها من الرعب، وخفق قلبها بشدة من الخوف، ومر بذاكرتها ما فعله زيدان معها، فإرتعدت أوصالها، وتجمدت أطرافها، ثم قررت أنها الفرصة المناسبة لكي تهرب من زيدان وللأبد...

أمسكت شاهي بالمقبض، وفتحته على عجالة، ثم ترجلت من السيارة وهي تنظر إلى زيدان بخطوات متوجسة، لم تغلق شاهي باب السيارة، بل تركته مفتوحا، وركضت سريعا للخلف في الناحية الأخرى من الطريق لتبتعد عن زيدان...

ركضت شاهي وكأن حيوانا مفترسا ما يطاردها، كانت تلهث وهي تركت، وتحاول التقاط أنفاسها، ولكنها أرغمت نفسها على عدم التوقف، وما إن لمحت سيارة آجرة فارغة مصفوفة على جانب الطريق حتى أشارت لسائقها بيدها لكي لا يرحل.

رأها السائق، فنظر إليها بنظرات متعجبة، و...
-السائق باستغراب: دي بتجري من ايه دي!

وقفت شاهي أمام سياته، واستندت بكفي يدها على زجاج سيارة المقعد الأمامي المفتوح و...
-شاهي بصوت لاهث: بليز، آآ، م، ممكن توصلني
-السائق وهو يشير بعينيه: طب اركبي يا آنسة
-شاهي بنظرات ممتنة وصوت مضطرب: م، ميرسي.

أمسكت شاهي بمقبض السيارة، ثم فتحته، وركبت داخل المقعد الخلفي، وأغلقت الباب خلفها، ثم انطلق السائق بالسيارة..

تنبه زيدان أن شاهي ليست متواجدة بالسيارة، فترك السائق بعد أن فتك به، وركض ناحية سيارته وعلى وجهه علامات ارتياب كبيرة...

رأى زيدان أن السيارة تخلو تماما من وجود شاهي بها، فوضع كلتا يديه على رأسه وحكها في ضيق بالغ، ونظر إلى مقعدها الخالي بنظرات مميتة، شعر فجأة أن روحه قد سلبت – رغما عنه – منه، أدار زيدان رأسه في كافة الأنحاء بطريقة هيسترية، ثم جاب الطريق من حوله بخطوات راكضة وبنظرات حانقة بحثا عنها...

لم يجد زيدان شاهي في اي مكان قريب رغم ركضه بسرعة كبيرة..
وقف زيدان كالتائه في وسط الطريق لا يعرف أين اختفت عن ناظريه..
لعن زيدان ذلك السائق الأحمق الذي جعله يغفل عنها، ويترك لها الفرصة لكي تفر منه...

وضع زيدان يده في جيبه، واخرج هاتفه المحمول ثم اتصل بحراسته الخاصة وآمرهم بالبحث عن زوجته شاهي وإحضارها إلى الفيلا فورا...
سار زيدان عائدا إلى حيث صف سيارته، وهو يزفر في غضب جم..
ركل زيدان إطار سيارته بقدمه بقوة عنيفة، وظل يلتفت حوله بإنزعاج رهيب، ووقف يفكر مع نفسه على عجالة ب...
-زيدان وهو يغمغم بإيجاز: هاتكون راحت فين!

كأن عقل زيدان قد أضاء فجأة، حيث حدقت عيناه في نقطة ما بالفراغ، و...
-زيدان بنبرة متأكدة: مش هاتروح لحد إلا هي..!

فتح زيدان باب سيارته، ثم ركب خلف المقود، وأدار المحرك، وانطلق بالسيارة بسرعة رهيبة وعلى وجهه علامات مخيفة...

في فيلا عدلي الباشا
كانت السيدة رحاب جالسة في غرفة المعيشة حينما جاءت إليها الخادمة لتبلغها بأن هناك سيدة ما تطلب رؤيتها، وتنتظرها عند مدخل الفيلا..

اعتلى وجه رحاب علامات الدهشة، وتسائلت في نفسها عن...
-رحاب بنبرة متعجبة، ونظرات استغراب: مين دي اللي عاوزاني؟

أشارت رحاب للخادمة لكي تذهب وتحضر تلك السيدة إليها، ولكن في غرفة الصالون..
وبالفعل انصرفت الخادمة، وسارت بخطوات بطيئة ناحية السيدة التي تقف على مدخل الفيلا، وأشارت لها بيدها لكي تدلف إلى الداخل و..
-الخادمة بنبرة خافتة: اتفضلي يا مدام، رحاب هانم هتقابلك حالا
-ناهد بنظرات حادة: اوكي..

سارت ناهد بخطوات مرتبكة، ونظرات مضطربة ناحية غرفة الصالون..
ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة، وجلست على الأريكة القريبة، واطرقت رأسها في توتر، وظلت تفكر في طريقة تبدأ بها الحديث مع زوجة زوجها الأولى رحاب..
تعلم ناهد في نفسها أن الأمر ليس بالهين، فهي تريد أن تلجأ لمساعدة رحاب في إنقاذ ابنتها من براثن زيدان، ولن يحدث هذا إلا عن طريق تحملها نتيجة ما اقترفت من أخطاء.

مرت اللحظات على ناهد كأنها أدهر، ولكن لا بديل عن المواجهة..

دلفت رحاب إلى داخل غرفة الصالون، وما إن رأت ناهد أمامها حتى تبدلت ملامحها إلى التجهم والغضب، رمقت رحاب ناهد بنظرات ممتعضة، وزمت شفتيها في ضيق واضح و...
-رحاب بنبرة صارمة: جاية هنا ليه.

نظرت ناهد إلى رحاب بنظرات استعطاف، وفركت يديها في توتر، ونهضت عن الأريكة و..
-ناهد بصوت مضطرب وبتردد واضح: أنا، انا جاية وآآ، وكل عشم إنك، انك تساعديني
-رحاب بنبرة أكثر صلابة: اما إنك بجحة صحيح، بقى بعد اللي عملتيه في جوزي، جاية تطلبي مني أساعدك.

نظرت إليها رحاب بنظرات قاسية، ثم رفعت يدها في وجهها و...
-رحاب متابعة بنبرة شرسة: اطلعي برا!
-ناهد بنبرة راجية: أرجوكي اسمعيني، ب، بنتي هاتضيع مني
-رحاب وهي تلوي فمها في تهكم: ماتضيع ولا تولع، أنا مالي، مش كفاية انك ضيعتي جوزي!
-ناهد بنظرات نادمة: ب، بنتي مالها ذنب في أي خلافات بينا.

فغرت رحاب شفتيها في تهكم صريح و...
-رحاب بنبرة غاضبة: بقى بتسمي اللي حصل ده خلافات، جوزي بين الحياة والموت، وعيلتي ادمرت، وتقولي ده خلافات، اما انك واحدة قذرة!
-ناهد وهي تبتلع اهانتها: اشتميني زي ما انتي عاوزة، بس، بس ارجوكي اسمعيني للأخر
-رحاب بنبرة حادة: وأنا مش عاوزة أسمع لأمثالك.

اقتربت ناهد من رحاب، ومدت يدها لتمسك بكف يد رحاب ونظرت إليها بنظرات مذلولة و...
-ناهد بنبرة منكسرة: أرجوكي يا رحاب هانم، اسمعيني.

أشاحت رحاب بيدها، وتراجعت خطوة للخلف، ونظرت إليها بنظرات جامدة و...
-رحاب بحدة: اوعي ماتلمسنيش!

وقفت ناهد كالذليلة أمام رحاب، أطرقت رأسها في انكسار أمامها، ولكنها قد عقدت العزم مسبقا على ألا تخرج من فيلا عدلي قبل أن تبوح بالسر...

استجمعت ناهد شجاعتها، ورفعت بصرها تدريجيا إلى رحاب التي عقدت ساعديها أمام صدرها ونظرت إليها بإزدراء واضح و...
-ناهد بنبرة حزينة: أنا عارفة إني أستاهل يجرالي كل حاجة وحشة، بس، بس بنتي مالهاش ذنب تتحاسب مكاني.

لوت رحاب شفتيها في تهكم صريح، ولم تعقب، في حين اكمل ناهد ب...
-ناهد وهي تبتلع ريقها بصعوبة، وبنبرة مرتبكة: أنا كنت عاوزاكي تعرفي حاجة مهمة، ان، آآآ، ان شاهي تبقى آآآ، بنت عدلي!

أرخت رحاب ساعديها، ونظرت إلى ناهد بنظرات ثاقبة، وفغرت شفتيها في صدمة، وعقدت حاجبيها في دهشة بالغة، وارتسمت علامات الذهول على وجهها..
-ناهد وهي تتابع بتردد: آآآ، أيوه شاهي تبقى بنت عدلي، وآآآ...
-رحاب مقاطعة بحدة وبنظرات شرسة: اخرسي...! كدبة جديدة دي جاية تعمليها عليا، وفكري إني هصدق ملعوبك ده
-ناهد وهي تهز رأسها بالنفي وبنبرة مضطربة: أبداااا، ده، ده مش ملعوب، شاهي بنت عدلي، بس هو مايعرفش بده.

-رحاب بلهجة جافة: واضح انك اتجننتي وبتخرفي! مش لاقية حجة عشان تنقذي بيها بنتك فجاية ترمي بلاكي على جوزي
-ناهد وهي تشير بكلتا يديها: لألألألألأ، عدلي كان جوزي، وأنا، أنا كنت متجوزاه بس في السر.

نظرت رحاب إلى ناهد بنظرات قاسية، واشتعلت نيران الغضب بصدرها، فاقتربت منها ووقفت أمامها، ثم رفعت يدها في الهواء، وهوت بها على وجنتها لتصفعها صفعة قوية تآلمت ناهد بشدة على أثرها و...
-رحاب بشراسة: اخرررررسي!

وضعت ناهد يدها على وجنتها، ونظرت إلى رحاب بأعين مكسورة وذليلة و...
-ناهد بنبرة باكية: اضربيني مليون قلم بس مش هاقدر أنكر الحقيقة واخبيها اكتر من كده، شاهي تبقى بنت عدلي، وهو، آآ، وهو ماكنش يعرف، وأنا خبيت عليه لأني، لأني غلطت معاه وانا متجوزة يسري!

اشتعلت حدقتي عين رحاب بنيران الحقد والغل، فلم تجد نفسها إلى وهي تجذب ناهد بحدة من شعرها، وتجرها جرا إلى خارج الغرفة وهي تصرخ بها عاليا و...
-رحاب بنبرة صارخة: انتي واحدة سافلة، وقذرة، عاوزة تخربي حياتك أكتر ماهي اتخربت، اطلعي برا بيتي يا واطية، برااااا.

تأوهت ناهد بشدة من الآلم الرهيب، وحاولت تخليص شعرها من أصابع يد رحاب، ولكنها عجزت، فقد كانت رحاب غاضبة للغاية، وحمم البركان تطفو على وجهها، ورغم هذا ظلت تبوح بما تخفيه من أسرار، وأخبرتها عن زواجها الذي دام لسنوات عديدة من عدلي ولكن في الخفاء، وكيف تعاونت معه على الإيقاع برفعت والتخلص منه ومن زوجته...
ظلت رحاب تصرخ فيها لكي تكف وتصمت، ولكن آبت ناهد أن تصمت، بل استمرت في اعترافها بجرائرها..

ركضت الخادمة من داخل المطبخ ناحية سيدتها رحاب، وحاولت فك الاشتباك الدائر بينهما، ولكن نهرتها رحاب وصرخت فيها أن تطرد تلك الفاسدة من فيلتها...

عاونت الخادمة سيدتها رحاب في طرد ناهد من فيلتها، بينما حاولت ناهد قدر الإمكان أن تشرح لها ملابسات زيجتها السرية منه، وتبرر لها جرمها الفاحش، ولكن رفضت رحاب أن تنصت لها على الإطلاق..
-رحاب بنبرة هادرة وصراخ متواصل: اخرسي يا بنت ال***** برا بيتي يا ******، براااااا.

ألقت رحاب بناهد خارج فيلتها، وهي تصرخ بطريقة هيسترية، وصفعت الباب خلفها بحدة، ثم استندت بظهرها على الباب وهي تبكي بحرقة، شعرت أنها كانت تعيش وهما كبيرا مع زوجها عدلي، أكذوبة كبيرة لا تعرف كيف وأين غفلت عنها...!

في فيلا رأفت الصياد
وصل أدهم بسيارته أولا إلى بوابة الفيلا الحديدية، وضغط على بوق السيارة ليركض العم راضي من الداخل، ويفتح البوابة له وهو يهلل ب...
-راضي بنبرة فرحة: يا ألف مليون حمدلله على السلامة يا سي أدهم بيه، ده الفيلا نورت
-أدهم بنبرة عادية: الله يسلمك يا راضي، افتح البوابة يالا
-راضي وهو يوميء برأسه: حاضر يا بيه!

انطلق ادهم بالسيارة إلى داخل الفيلا، وما هي إلا لحظات ولحقت به سيارة خالد..

صف أدهم السيارة أمام مدخل الفيلا، فترجل يارا منها أولا، ثم تحركت ناحية باب المقعد الخلفي، وفتحته، وأمالت بجسدها للداخل قليلا، ولكن وضع ادهم يده على ظهرها و...
-ادهم بنبرة منزعجة: ابعدي يا يارا
-يارا باستغراب: في ايه يا أدهم، ده أنا بطمن على البنت
-أدهم على مضض: ماهو أنا مش هاسيبها ملأحة ورا كده كتير، أوعي خليني أشيلها وأدخلها الفيلا
-يارا وهي تمط شفتيها في ضيق: طب بالراحة عليها.

-أدهم بنظرات حادة وبنبرة ممتعضة: الله! هو انتي هتعمليلي فيها زي الزفت التاني!
-يارا وهي فاغرة شفتيها: الله يا أدهم! هو محدش فيكم طايقلي أنا وهو كلمة كده ليه؟!
-أدهم بنظرات جادة: عشان عارف انتو الاتنين دماغكم عاملة ازاي، والموضوع جاي على هواكم.

حاولت يارا أن تخفي ابتسامتها، فأدهم بالفعل استطاع أن يقرأ ما يدور في عقلها ببساطة، فهي لم تنكر فرحتها فيما حدث لفريدة، وتطمع ان تنال المزيد من الذل والانكسار...

انحنى أدهم لداخل السيارة قليلا، ثم مد أحد ذراعيه خلف ظهر كنزي، والأخرى أسفل ركبيتها ثم حملها و...
-يارا بنبرة محذرة: اوعى دماغها تتخبط
-أدهم بضيق: يارا، اديني سكة!
-يارا وهي توميء برأسها: اوكي...

حمل أدهم كنزي، وسار بها ناحية باب الفيلا، وفي نفس التوقيت ركض عمر مسرعا بعد أن ترجل من سيارة أخيه خالد نحو مدخل الفيلا
-عمر وهو يلهث ومشيرا بيده: استنوني.

زفر ادهم في ضيق واضح، و...
-أدهم بنبرة ممتعضة: أعوذو بالله، الواد ده ما بيزهقش..!

دلف أدهم إلى داخل الفيلا، ومن خلفه عمر ويارا، وتوجه ناحية الدرج، وصعد بها إلى الطابق العلوي، ركض عمر على الدرج لكي يسبق ادهم ويفتح له باب غرفته حتى يضع كنزي على فراشه، ولكن رمقه أدهم بنظرات منزعجة، وسار بكنزي ناحية غرفة الضيوف ( غرفة يارا سابقا ) ومد يده، وأمسك بالمقبض وأدراه، ثم فتح الباب ودلف للداخل وأسندها برفق على الفراش.

تولت يارا مسألة تغطيتها بالملاءة، في حين وقف عمر إلى جوار الفراش، وظل يرمقها بنظرات عاشقة..

دلف خالد هو الأخر إلى الغرفة، ونظر إليها بنظرات جامدة و...
-خالد باقتضاب: كده أحسن
-أدهم على مضض: ايوه
-يارا متسائلة: هي هتبات لوحدها
-عمر بنبرة حماسية: طبعا لأ، أنا أعد معاها.

رمق خالد عمر بنظرات مغتاظة، وأشار بيده لأدهم و...
-خالد بنبرة جدية: امسكلي الواد ده يا أدهم، خليني أفرمه عشان أرتاح وأريح الناس منه
-يارا بتعجب: يا خالد بيهزر، ماتخدش الموضوع على أعصابك، انت يعني مش عارف عمر
-عمر بنبرة فرحة: الله عليكي يا نصفاني
-يارا وهي تشير بيدها: طب يالا كلكم من هنا خلوني أغيرلها هدومها، وأشوفلها حاجة مناسبة تلبسها
-عمر مبتسما: أيوه صح، اسمعوا الكلام، واتوكلوا على الله..

ثم التفت عمر إلى يارا وعلى وجهه علامات السرور و..
-عمر بنبرة حماسية وهو يشير بإبهامه: انتي كده عداكي العيب، وأنا أعد معاكي أشوف ان كنتي هتحتاجي مساعدة ولا حاجة مني!

وضعت يارا أحد يديها في منتصف خصرها، ونظرت إلى عمر بنظرات ثابتة و...
-يارا بجدية وهي تشير بيدها الأخرى: وانت قبلهم يا سي روميو
-عمر بنبرة شبه متهكمة: كده العيب معداكيش، حتى أنت يا حزومبل!
-يارا بنبرة حادة: يالا!

وبالفعل دلف الثلاثة إلى خارج الغرفة، وأغلقت يارا الباب من خلفها، وفتحت دلفة دولابها، وانتقت لكنزي شيئا مريحا لكي تبدل فيه ملابسها...

استند عمر على باب الغرفة، وظل يهز رأسه في ندم لأنه ليس بالداخل مع يارا..
بينما وقف ادهم مع خالد على مقربة منه يتناقشان سويا حول وضع كنزي ووجودها معهم في الفيلا، فمسألة عودة والدتهما في أي وقت متوقعة، وحاليا لا يريد أحدهما الخوض في عراك معها بدون وجود والدهما، خاصة وأن كنزي هي الأخرى لن تسكت عن أي إهانة، وربما ستفضح الأمر..

اقترح أدهم على خالد أن يدعي أنها صديقة يارا، وقد جاءت لتمكث معها ليومين – في حالة عودة فريدة وسؤالها عنها – ريثما تعود والدتها من الخارج..
ظن خالد أن هذا الاقتراح مناسبا إلى حد ما..
في منتجع بورتو السخنة
تمددت فريدة على أحد الآرائك الجلدية الموجودة في المنتجع، ثم تأملت الطبيعة من حولها، وظلت تفكر في طريقة ما لتتخلص من جنين يارا بدون أن تثير الشبهات حولها...

اعتدلت فريدة في جلستها، وأدركت أن خالد لم يتصل بها على مدار اليوم، لذا توترت قليلا وظنت أن هناك أمر ما..
لذا أرادت فريدة أن تطمئن على الأوضاع في فيلتها، فأمسكت بهاتفها المحمول، واتصلت بالخادمة صباح هاتفيا، التي لم تجبها إلا بعد فترة و...
-فريدة هاتفيا بنبرة باردة: ألووو..
-صباح هاتفيا بنبرة متوترة: ايوه يا هانم.

-فريدة بنبرة متعالية تحمل نوعا من الإهانة: كل ده عشان تردي، ولا إنتي مصدقتي تعيش الدور، وتفكري نفسك هانم من الهوانم!
-صباح بنبرة مرتبكة: أبدا والله يا هانم، ده كنت في ال آآآآآآ...
-فريدة مقاطعة ببرود أكثر: خلاص اسكتي، مش عاوزة رغي كتير، ها، البهوات عاملين ايه؟
-صباح بنبرة خافتة: آآآ، كويسين.

استشعرت فريدة أن هناك خطب ما، لذا تحدثت ب...
-فريدة بصرامة: في ايه عندك يا صباح
-صباح بقلق: هه، م، مافيش يا هانم
-فريدة بحدة: هاتنطقي، وإلا هأخصم من مرتبك، وإنتي عرفاني لما بقلب على حد
-صباح وهي تبتلع ريقها بتوتر: أصل، أصل
-فريدة بنفاذ صبر: انتي هتنقطيني بالكلام؟ انطقي بسرعة
-صباح بارتباك: آآآ، البيه أدهم جه وآآآ...

-فريدة مقاطعة بنبرة فرحة: أدهم جه، بجد، طب كويس، أوووه، أخيرا أفتكر ان عنده أم يسأل عليها، ماهي طبعا الخدامة قلبته عليا وهو ماصدق يبعد! هو لوحده صح؟
-صباح بتوتر واضح: لأ ده جه ومعاه يارا هانم
-فريدة بحنق: أوام عملتيها هانم زيي، ايه نسيتي نفسك!
-صباح بقلق: آآآ، م، ماقصدش يا ست فريدة هانم، بس هي جت مع أدهم بيه ومعاهم بنت كمان بس كان واضح انها غميانة!

فغرت فريدة شفتيها في تسائل، ونظرت أمامها إلى نقطة ما في الفراغ، و...
-فريدة بنظرات مصدومة: نعم! بنت مين دي كمان؟
-صباح بصوت مضطرب: معرفش والله يا هانم.

حاولت صباح أن تستنتج سبب وجود تلك الفتاة في الفيلا في هذا الوقيت وتبرره لفريدة، ولكن لم تقتنع فريدة بأي شيء مما تقول...

-فريدة بنظرات حادة، ونبرة ممتعضة: واضح ان في حاجات بتحصل من ورايا، وبنت الخدامة مش هترتاح إلا لما تاخد مني كل حاجة، طيب!

أنهت فريدة المكالمة مع صباح دون أن تستمع إلى باقي ما تقول، و...
-فريدة بنظرات متوعدة، ونبرة مهددة: أيامك هاتكون معدودة في فيلتي يا بنت ال ****، مش لازم يطلع عليا صبح إلا وأنا موجودة هناك!

توجهت فريدة ناحية استقبال المنتجع ووجهها متجهم للغاية، وقامت بإلغاء حجزها الذي كان ممتدا ليومين إضافيين، ودفعت حسابها كاملا، وقررت أن ترحل الآن لتصل باكرا إلى القاهرة، وترى ما الذي يحدث في الفيلا، فبقائها هنا بمفردها، وبعدها عن الأحداث لن يفيدها في شيء...

في فيلا ناهد الرفاعي
توقف سائق السيارة الأجرة عند مدخل بوابة والدتها ناهد الرفاعي، لمحها حارس البوابة وهي تترجل من السيارة، فتوجه بخطوات سريعة نحوها، نظرت شاهي إلى الحارس بنظرات مرتعدة و...
-شاهي بنبرة قلقة: حاسب السواق لو سمحت!

أمال الحارس بجذعه ناحية نافذة المقعد الأمامي، ثم مد يده ببعض النقود ودفعها للسائق، بينما ركضت شاهي إلى داخل الفيلا وقلبها يكاد يموت فزعا من أن يلحق بها زيدان...

أسرعت شاهي ناحية باب الفيلا، ثم وضعت يدها على مفتاح الجرس لتقرعه، ولم ترفع يدها عنه، كما ظلت تطرق بيدها الأخرى وبكل قوة وعنف على الباب وهي تصيح ب...
-شاهي بصراخ حاد: مامي، افتحيلي بسرعة، يا مامي، بليز افتحي، أنا شاهي..!

في نفس التوقيت وصل زيدان بسيارته إلى مدخل بوابة ناهد الرفاعي..
صف السيارة أمام البوابة الحديدية، ثم ترجل منها وعلى وجهه علامات الحنق، وترك محرك السيارة دائرا، ولكن صفع الباب بشدة من خلفه، رأه حارس البوابة فنهض عن مقعده وتوجه إليه، ولكن دفعه زيدان بيده بكل غضب، فوقع الحارس على الأرض..

نهض الحارس مجددا من على الأرض وحاول إيقاف شاهي، ولكن لكمه زيدان لكمة قوية في وجهه، أسقطته على الأرض وجعلته طريحا على الأرض...

ثم دلف زيدان عبر بوابة الفيلا، وجاب ببصره المكان، فلمح شاهي وهي تصرخ وتطرق الباب بقوة، فكور قبضتي يده في ضيق، وركض ناحيتها وعلى وجهه علامات حنق جلية و...!
في فيلا رأفت الصياد
بدأت كنزي تتململ في الفراش، وكانت يارا في نفس الوقت تطوي ملابسها بعد أن بدلتها لها، نظرت إليها يارا في اشفاق، ثم اقتربت منها وجلست على طرف الفراش..

وضعت كنزي يدها على جبينها ممسكة برأسها حيث هاجمها صداع رهيب، تأوه قليلا من الآلم، ثم فتحت عينيها ببطء ونظرت حولها..
انتفضت كنزي بجسدها، واعتدلت في الفراش، ونظرت إلى يارا بنظرات متوجسة و...
-كنزي بنبرة قلقة وصوت شبه متحشرج: أنا، آآآ، انتي، أنا فين؟
-يارا مبتسمة: انتي في فيلا عيلة الصياد
-كنزي بنظرات حادة: ميييين؟
-يارا بصوت ناعم: ماتقلقيش أنا موجودة معاكي، انتي مش لوحدك.

-كنزي بنظرات جادة ونبرة قوية: أنا، لازم امشي من هنا حالا
-يارا وهي تعض على شفتيها: للأسف مش هاينفع!
-كنزي بنظرات ثاقبة: أنا محدش هيجبرني على حاجة مش عاوزاها، أنا هاروح عند أختي اللي متبهدلة في المستشفى.

مدت يارا ذراعها، ووضعت كف يدها على يد كنزي، ونظرت إليها بنظرات حانية و...
-يارا بصوت خافت ودافيء: اطمني، انتي هنا في أمان، وصدقيني أختك هاتبقى كويسة وآآآ.

أزاحت كنزي يد يارا بعيدا عنها، ونظرت إليها بنظرات مغتاظة و..
-كنزي بحنق: لا أنا ولا أختي هانبقى كويسين طول ما عيلة الصياد دي ورانا
-يارا وهي تلوي فمها في انزعاج: على فكرة انتي فاهمة الموضوع غلط، كل ده كان سوء فهم وآآآ...
-كنزي بضيق: لأ، أنا فاهمة صح، أنا مش طفلة عشان أفهم غلط بالعكس أنا آآآآآ...

فتح باب الغرفة فجأة ليطل عمر برأسه منه وعلى وجهه ابتسامة بلهاء و...
-عمر بنبرة حماسية: أنا مش مصدق عينيا والله، أكتر اتنين غاليين على قلبي بيتكلموا مع بعض، ده انتو لازم تتبخروا لأحسن تتحسدوا
-كنزي بنظرات ممتعضة وهي تشير بيدها: ده بيعمل ايه هنا!
-عمر وهو يلوي فمه بتهكم: هو أنا بقى اسمي ده
-يارا محذرة: عمر اطلع برا أحسنلك، محدش فايق للهزار دلوقتي.

-عمر وهو يشير بيده: أنا بس كنت عاوزة أطمن على كنزي، اتأكد ان كان جرالها حاجة من دماغ أخو جوزك المصفحة
-يارا وهي تنظر إليه بنظرات ثاقبة: هو مش اخوك برضوه ولا أنا غلطانة!
-عمر وهو يشير بكلتا يديه: ولا أعرفه...!
-كنزي وهي تزفر في ضيق: اوووف، بجد أنا مخنوقة، المكان ده كاتم على نفسي، أنا عاوزة أمشي من هنا
-يارا على مضض: الصباح رباح يا كنزي، ولو فكرتي تخرجي من هنا مش هتعرفي.

-كنزي بنظرات متحدية: ليه ان شاء الله؟ محدش هيقدر يمنعني!
-عمر وهو يبتسم: إن كان عليا أنا أوصلك للمكان اللي انتي عاوزاه على رموش عينيا، وشايلك أوبح بين ايديا دول، مايغركيش شكلي ده أنا واحد رياضي، بس آآآ...
-كنزي وهي تهز رأسها بعدم فهم: بس آآآ..؟
-عمر وهو يبتلع ريقه ويتحسس قفاه: بس أبو الغضب ايده طويلة أوي، زي المرزبة كده، ومحدش فينا أنا والبنية الحامل اللي أعدة قصادك سلم منه..

-كنزي بتهكم: للدرجادي! هو ايه، بعبع!
-عمر وهو يمط شفتيه: لأ أكتر، فنصيحة لوجه الله من أخوكي، لألألألأ، من جوزك المستقبلي ان شاء الله انك آآآآ...
-كنزي مقاطعة وهي فاغرة شفتيها: افندم!
-عمر وهو يرفع بصره للسماء: قولي بس يا رب ان شاء الله، المهم يعني يا ريت تسمعي كلام يارا، وخليكي أعدة معايا، قصدي آآآ، معانا منورانا في فيلتنا المتواضعة دي
-يارا بنظرات متوجسة: ربنا يستر بس من أمك وماتطبش علينا.

-عمر وهو يشير بيده وبثقة بالغة: لأ مش هاترجع دلوقتي، وخديها مني كلمة
-يارا بقلق: يا خوفي
-عمر بنبرة واثقة: يا بنتي دي فريدة هانم، يعني أقل حاجة تقضيها في مصيف بتاع اسبوع ولا حاجة
-يارا وهي تزم شفتيها: هه، إلهي ما ترجع.

اقترب عمر من الفراش، ووقف يتمعن كنزي بنظرات والهة، في حين نظرت هي إليها بنظرات منزعجة و...
-عمر بتنهيدة حارة: يا زين ما اخترت يا حاج رأفت..!

في فيلا ناهد الرفاعي
ركض زيدان في اتجاه شاهي التي كانت تستنجد بوالدتها لكي تفتح لها باب الفيلا، صاح زيدان من بعيد ب...
-زيدان بصوت صارم: شاهي!

ارتعدت شاهي في نفسها حينما سمعت ذلك الصوت المخيف يأتي من خلفها، وانتفضت كل زاوية من كيانها، وخفق صدرها بقوة، وظل يعلو ويهبط في توتر شديد، والتفتت برأسها لترى زيدان وهو يركض في اتجاهها فشهقت على الفور..
تملك الرعب قلبها، فلم تجد بديلا عن الركض بعيدا عنه..
ورغم أنها تشعر أن قواها تخونها، وسوف تنهار تدريجيا إلا أن الهروب منه هو النجاة بعينها...

لم تركض شاهي سوى لمسافة صغيرة، حيث لحق بها زيدان، ومد ذراعه ليمسك بها من خصرها، ولكنها نجحت في الإفلات منه، فأسرع في خطواته الراكضة خلفها، ثم ألقى بجسده عليها وهو ممددا لذراعيه، فسقطت شاهي على الأرض، وتشبس هو بها، ولكنها ركلته بقدمها ليتركها...

حاولت شاهي أن تنهض عن الأرض وتزحف بعيدا عنه، ولكنه أمسك بها من كعب قدمها، وجذبها ناحيته بقوة، صرخت فيه شاهي عاليا بصراخ مخيف، وحاول تثبيت ذراعيها وضمهما بقبضة يده، ولكنها كانت تتلوى من اسفله، وتقاومه بكل ما أوتيت من قوة، فلم يجد زيدان بديلا عن اسكاتها وتهدئتها سوى لكمها بقسوة في فكها، لتفقد هي الوعي وتسكن تماما...
تنفس زيدان الصعداء، وشعر أن قلبه قد اطمأن حينما وجد شاهي من جديد..

ابتعد زيدان قليلا عن شاهي، وجثى على أحد ركبتيه ليفسح لنفسه المجال كي يمد أحد ذراعيه خلف ظهرها، والأخر أسفل ركبتيها، ثم حملها عن الأرض، ونهض هو الأخر، تأمل زيدان شاهي وهي مستسلمة تماما له بين ذراعيه، ونظر إليها بنظرات مختلفة، تأملها وهي مرتخية الذراعين، ومتدلية الرأس، فضمها إليه أكثر، وحاول رفع رأسها قليلا لكي تستند على صدره، ثم انحنى برأسه على جبينها وقبلها منه و...

-زيدان بصوت أقرب للهمس: أسف، مش هاقدر اسيبك تبعدي عني، انتي بتاعتي وبس...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة