قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والخمسون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والخمسون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والخمسون

قام وكيل النيابة بالتحقيق مع الخادمة صباح التي أنكرت قيامها بتلك الجريمة الشنيعة، وحاولت أن تثبت برائتها، ولكنها عجزت عن هذا، فلا يوجد أي شهود لها..
أمر وكيل النيابة بحبس الخادمة صباح أربعة أيام على ذمة التحقيق، ثم تم تجديد الحبس مرة أخرى، في حين قامت عائلتها بتكليف محام - ذو تكلفة مادية محدودة - ليتولى الدفاع عنها بعد دراسة قضيتها..

لم يكترث اي أحد لبكاء صباح المرير، ولا لصراخها الحاد وهي تصيح بأنها ضحية ومظلومة، وتم الإيقاع بها عن عمد في تلك التهمة، فقط تم جرها إلى الحجز وهي ذليلة ومنكسرة، ولم يعبىء أحد بتوسلاتها...

في مطار القاهرة الدولي
عاد رأفت الصياد وزوجته الثانية صفاء إلى أرض الوطن على متن الرحلة القادمة من العاصمة البريطانية لندن بعد تأخير دام لعدة أيام، وذلك بسبب إصرار الطبيب المعالج لحالة السيدة صفاء على عدم رحيلها قبل أخذ العينة الثانية منها، حيث ظهرت نتائج العينة الأولى وكانت مبشرة للغاية، فتوسم الطبيب وحيد خيرا في أن يؤتي العلاج بثماره حينما يزيد من الجرعة التجريبية عليها...

شبك رأفت أصابع يده في كف يد زوجته صفاء، ورفع كفها إلى فمه وقبلة بحنية بالغة، ونظر إليها بنظرات دافئة خاصة حينما هبطت الطائرة على المدرج...
حمد رأفت الله في نفسه بأنه عوضه خيرا بزوجة مثلها، ثم أخذ نفسا عميقا حينما تذكر أن عليه أن يواجه فريدة بكل غضبها وعجرفتها الغير متناهية وقتما يعاود أدراجه للفيلا...

انتهى رأفت من إجراءات الوصول الخاصة به وبزوجته، كانت صفاء تنتظره على مقربة، فسار هو نحوها بخطوات ثابتة، ثم دار حولها، و قام بدفعها من مقعدها المدولب وعلى وجهه ابتسامة متقربة، ولحق بهما حامل الحقائب، وتوجهوا جميعا إلى خارج المطار..

أوقف المهندس رأفت سيارة خاصة لكي تقله إلى منزل السيدة صفاء أولا، ثم بعدها يعود إلى الفيلا ليبدأ أولى معاركه مع فريدة..

في شركة Territorial
طلب شاهين مقابلة زيدان ليبلغه بحصوله على نتائج التحاليل الخاصة بالحمض النووي، وبالفعل سمحت له السكرتيرة بالمرور فور إبلاغها لرب عملها بوصوله...
دلف شاهين إلى داخل المكتب بعد طرق عليه أولا، ثم اقترب من مكتب زيدان بخطوات حذرة، ولم يجلس عليه إلا لما أشار له زيدان بعينيه، وبالفعل جلس شاهين، وظل ينتظر الاذن لكي يبدأ بالحديث..

توقف زيدان عن مطالعة ما أمامه من أوراق، ثم أخرج سيجارة كوبية، وأشعلها، وببدأ ينفث دخانها في هدوء و..
-زيدان بنبرة فاترة: ها، عندك ايه؟
-شاهين بنبرة جادة: العينة متطابقة يا باشا.

وكأن زيدان كان يتلهف لسماع تلك العبارة، فاستند بظهره في مقعده، وأرجعه للخلف، ووضع ساقا فوق الأخرى، وظل ينفث دخان سيجارته بهدوء بالغ، وارتسمت ابتسامة خفيفة على زاوية فمه و...
-زيدان متسائلا باقتضاب: انت متأكد؟
-شاهين بنبرة واثقة: أيوه يا باشا، أنا عملت التحليل في اكتر من معمل عشان أتأكد.

ثم نهض شاهين عن مقعده، وانحنى بجسده قليلا للأمام، ومد يده بمظروف مغلف نحو زيدان، و...
-شاهين بنظرات ثابتة: اتفضل يا باشا، دي نتايج التحاليل كلها
-زيدان وهو يمط شفتيه: ممممم...

انتصب زيدان في جلسته، ثم مد يده الممسكة بالسيجار الكوبي، وأطفأها في المنفضة، ثم حرك يده في اتجاه شاهين، وأمسك بالمظروف، وفتحه بحذر شديد، وأخرج الأوراق الموثقة من المعامل الموضوعة بداخله، وظل يطالع النتائج بأعين متفحصة، وبهدوء شديد..
اعتلى وجه زيدان ابتسامة ماكرة حينما تيقن من صدق حدسه، ثم أغلق المظروف ووضعه جانبا، ونظر مباشرة إلى شاهين بنظرات جادة و...

-زيدان بنبرة صارمة: عاوزك بقى في حاجة جديدة
-شاهين بنظرات متسائلة: أؤمرني يا باشا، وأنا عليا التنفيذ..!
-زيدان بنبرة جادة: فريدة الرفاعي...!
-شاهين وهو يعقد جبينه في حيرة: مالها يا باشا؟
-زيدان بنبرة صلبة: عاوز أعرف اللي هي ما تعرفوش عن نفسها حتى..!
-شاهين بنبرة واثقة وهو يوميء برأسه: حاضر يا باشا.

أرجع زيدان ظهره مرة أخرى للخلف، ثم أشعل سيجارة أخرى كوبية، وأخذ منها نفسا مطولا، ثم نفثه ببطء و...
-زيدان بنبرة فاترة: عاوزك كمان تشوفلي محامي تخصص جنايات
-شاهين باستغراب: ليه يا باشا؟
-زيدان بنبرة حادة نسبيا: من غير ليه، انت تعمل اللي أقولك عليه على طول
-شاهين باضطراب: أسف يا باشا، أنا مقصدش، اعتبره موجود.

-زيدان وهو يشير بعينيه: يالا، شوف وراك ايه، آه، وماتنساش تعدي على الحسابات، في هناك شيك بإسمك!

انفرجت أسارير شاهين، واعتلت الفرحة وجهه و...
-شاهين بنبرة فرحة: الله يكرمك يا باشا، تعيش وتدينا من خيرك.

سار شاهين ناحية باب الغرفة بخطوات مرتبكة من السعادة، ثم أمسك بالمقبض وأداره، ودلف إلى الخارج، وأغلق الباب خلفه بهدوء...

أكمل زيدان تدخين سيجارته، ثم استند مجددا بظهره للخلف..
ثم حدق في نقطة ما بالفراغ، وظل مسلطا بصره عليها لفترة و...
-زيدان بنبرة باردة تحمل نوعا من الوعيد: ما هو أنا مش هاسيبك يا فريدة تتهني من غير ما أعرفك إن الله حق، وصباح اللي لبسيتها الليلة دي هطلعها من القضية، أما نشوف أخرتها ايه معاكي...!
في منزل كارما هاشم
أوصل سائق سيارة الأجرة الخاصة المهندس رأفت وزوجته إلى البناية التي تقطن بها..

ترجل رأفت من السيارة أولا، ثم دار حول السيارة، وأخرج المقعد المدولب من صندوق السيارة، ثم عاونه سائق السيارة في إنزال الحقائب..
قام زيدان بتجهيز المقعد المدولب لكي تجلس عليه زوجته، وما إن انتهى حتى أخذ الحقائب، وأعطاها لحارس البناية لكي يصعد بها إلى الأعلى..

فتحت صفاء باب منزلها، واعتلى وجهها علامات الفرحة لأنها عادت إليه، وإلى ابنتيها، وظلت تصيح بهما، ولكنها لم تجد أي منهما بالمنزل..
لذا انقبض قلبها، ونظرت إلى رأفت بقلق وتوجس شديد
-صفاء بنظرات مضطربة: البنات مش موجودين يا رأفت...!

ابتسم رأفت نصف ابتسامة، ثم اقترب من زوجته، وجثى على ركبته أمامها، ونظر إليها بنظرات مطمئنة و...
-رأفت مبتسما: اطمني يا حبيبتي هما بخير
-صفاء بعدم اقتناع، ونبرة متوترة: اطمن ازاي وهما الاتنين مش موجودين، ولا حتى بيكلموني من ساعة ما سافرت.

سرد رأفت ما حدث مع ابنتيها خلال فترة غيابها، في حين أصغت هي إليه بإنصات تام وصدرها يعلو ويهبط من التوتر البالغ...

عاتبت صفاء رأفت بشدة على عدم اخبارها بالحادث الذي صار مع ابنتها الكبرى كارما، ولامته كثيرا لأنه أخفى عنها هذا الأمر الهام، ولكن برر رأفت موقفه بأنه كان...
-رأفت بنبرة آسفة: والله أنا كنت خايف عليكي يا صفاء
-صفاء بنبرة محتقنة، ونظرات غاضبة: تخاف عليا إني أعرف باللي جرى لبناتي؟ هو أنا عندي أغلى منهم! دول الهواء اللي أنا بتنفسه..! بجد أنا مش مصدقاك يا رأفت!

-رأفت بصوت رخيم: غصب عني يا حبيبتي، أنا أسف إن كنت خبيت عليكي، بس إن شاء الله الاتنين هايكونوا عندك النهاردة
-صفاء بنبرة جادة: اما نشوف!

ابتسم رأفت لزوجته، ثم اعتدل في وقفته، وأمسك بهاتفه المحمول بعد أن أخرجه من جيبه، واتصل بابنه خالد ليبلغه بوصوله.

فرح خالد كثيرا لأن والده قد عاد للقاهرة من جديد، و..
-خالد هاتفيا بنبرة سعيدة: حمدلله على السلامة يا بابا، مصر نورت
-رأفت هاتفيا بنبرة جادة: الله يسلمك يا بني، معلش أنا عاوز أطلب منك خدمة
-خالد وهو يعقد جبينه في حيرة: اتفضل يا بابا
-رأفت بنبرة مترددة: آآآ، كنت عاوزك لو، آآ، لو تعرف تشوف ان كانت كارما ينفع تخرج ولا لأ، لأن آآآ، والدتها رجعت بالسلامة معايا، وهتتجنن عليها..!

-خالد بنبرة جادة: ماشي يا بابا، هاشوف ظروفي
-رأفت بإصرار: لأ مافيش حاجة اسمها هاشوف، انت تتوكل على الله، وتخلص الموضوع ده
-خالد بإيجاز: ربنا يسهل
في المشفى
قررت يارا أن تعرج على كارما لتطمئن هي الأخرى على أحوالها بعدما انتهت من الكشف الدوري الخاص بمتابعة حملها وإطمأنت على صحة جنينها..

وبالفعل وصلت يارا إلى المشفى بعد أن استقلت سيارة أجرة، ثم دلفت إلى مدخل المشفى، وصعدت إلى الطابق المتواجد به غرفة كارما...
طرقت يارا الباب قبل أن تدلف إلى الداخل، ثم سارت بخطوات هادئة نحو المقعد المجاور لفراش كارما و..
-يارا مبتسمة: ازيك يا كوكا عاملة ايه النهاردة؟
-كارما بنبرة هادئة: الحمدلله أحسن
-يارا بصوت ناعم: يا رب دايما، تعرفي اني بجد مبسوطة إني اتعرفت عليكي
-كارما بنبرة دافئة: وأنا والله أكتر.

في نفس التوقيت دلفت كنزي إلى الغرفة بعد أن ذهبت لتحضر لنفسها طعاما من الخارج، وتفاجئت بوجود يارا مع أختها في الغرفة..
جلست الفتيات الثلاثة ليتحدثن معا حول بعض الأمور العامة، واقترحت كارما على يارا أن تتصل بأحد المكاتب الخاصة ببيع وشراء المباني العقارية وما يشابهها، حتى تتمكن من الوصول إلى أحد ما يعاونها في ايجاد المركز الرياضي المناسب.

أوصت كارما بأسماء عدة مكاتب، ودونت يارا تلك الأسماء في مفكرة صغيرة كانت موضوعة بداخل حقيبتها
استأذنت يارا لاحقا بالانصراف، وطلبت من كنزي أن تأتي معها، وبالفعل مالت كنزي بجسدها على أختها، واحتضنتها، ثم ودعتها، ووعدتها بالعودة مجددا لزيارتها في وقت لاحق..

توجهت كنزي نحو الباب ومن خلفها يارا بعد أن ودعت هي الأخرى كارما، ثم فتحت الباب ودلفت كلتاهما للخارج..
تابعتهما كارما إلى أن انصرفتا، ثم أدارت عينيها في اتجاه باقة الورد، وظلت تنظر إليها لبضع لحظات، ومن ثم أشاحت بوجهها بعيدا عنها، وأغمضت عينيها لكي ترتاح قليلا..

في فيلا رأفت الصياد
عاد رأفت إلى الفيلا بعد أن أوصل زوجته صفاء إلى منزلها، وتفاجيء بأن الفيلا شبه مهجورة، ولا يوجد أي أحد مقيم بها سوى ابنه الأكبر خالد..
استقبل حارس البوابة العم راضي المهندس رأفت بالترحاب الشديد، وسرد له بإيجاز ما حدث، ظل المهندس رأفت يهز رأسه ولم يعقب على ما يقول إلا بكلمات مقتضبة...

احتار رأفت في مسألة الاتصال بفريدة وإبلاغها بوصوله، ولكنه أثر أن يؤجل هذا الأمر ريثما يستريح، فهو مرهق من عناء السفر، ولا يريد أن يدخل في مواجهة عقيمة معها الآن..
اتصل رأفت بزوجته صفاء ليطمئن على أحوالها، وطلبت هي منه أن يتصل بابنه أدهم لكي يحضر ابنتها التي تقيم بشكل مؤقت في منزله، ومع زوجته..

وافق رأفت على طلبها، فلا داعي لأن يترك كنزي بصحبة أدهم ويارا، ويكفي ان كلاهما تحملا مسئوليتها خلال الفترة الماضية.

وما إن أنهى رأفت المكالمة مع زوجته الثانية حتى اتصل بأدهم وأخبره بعودته ثم ب...
-رأفت هاتفيا: الله يسلمك يا بني، ازيك وإزي مراتك؟
-أدهم بفتور: الحمدلله، انا محتاج أتكلم معاك يا بابا في اللي حصل
-رأفت بنبرة جادة: ربنا يسهل، بس لو هتراجعني في موضوع جوازي، فأنا مش عاوز كلام كتير في الموضوع ده لأنه منتهي بالنسبالي
-أدهم بنبرة حادة نسبية: يعني حضرتك مش شايف انك اتسرعت لما عملت كده.

-رأفت بنبرة ممتعضة: والله دي حياتي
-أدهم مقاطعا بحنق: وأمي ذنبها ايه تتجوز عليها، من غير حتى ما تقولها
-رأفت بنرفزة: يعني مش عارف عمايا أمك معايا؟
-أدهم بنبرة غاضبة: لأ عارف، بس ده مش معناه إن حضرتك تتجوز عليها
-رأفت بإيجاز: بقولك ايه، الكلام ده مش وقته، أنا عاوزك في حاجة محددة
-أدهم وهو يزفر في ضيق: أوووف، خير
-رأفت بنبرة جادة: عاوزك توصل كنزي عند مامتها
-أدهم وهو يجز على أسنانه من الغيظ: ربنا يسهل.

-رأفت على مضض: لو مكنش وراك حاجة، حاول توديها الوقتي
-أدهم بضيق بالغ: طيب يا بابا، هاتنيل أوصلها.

صمت أدهم للحظات ثم تابع ب..
-ادهم متسائلا بقلق: أومال ماما عرفت ان حضرتك رجعت
-رأفت بإقتضاب: لأ
-ادهم وهو يلوي فمه في انزعاج: طب وحضرتك ناوي قولها امتى؟
-رأفت بإيجاز: ربنا يسهل
-ادهم بنبرة ممتعضة: ماشي يا بابا، اللي يريحك..!

في المشفى.

قرر خالد أن يستغل الفرصة، ويزور كارما ليطمئن على أحوالها بحجة أنه ينفذ ما طلبه منه والده، ويحاول إخراجها من المشفى إن كانت حالتها لا تستدعي المكوث بها..

قابل خالد الطبيب المتابع لحالتها، وتهللت أساريره حينما لأخبره بأنها تتماثل للشفاء، وصحتها قد تحسنت بدرجة كبيرة، عرض خالد على الطبيب أن يخرجها من المشفى مع التعهد برعايتها لكي تعود إلى منزلها، وبالفعل سمح الطبيب لها بالخروج مع مراعاة الانتظام في العلاج، والراحة التامة، وعدم القيام بأي مجهودات بدنية خلال الفترة القادمة..

شكر خالد الطبيب على تفهمه للأمر، ثم دلف خارج مكتبه، وسار بخطوات ثابتة نحو غرفتها...
أخذ خالد نفسا عميقا محاولا به السيطرةعلى توتره واضطرابه الذي انتابه حينما وقف أمام باب غرفتها..
طرق خالد باب الغرفة، ثم أمسك بالمقبض وأداره، وفتح الباب، ودلف إلى الداخل وهو متوتر إلى حد ما..

حدق خالد ببصره في كارما التي كانت غافلة ومسندة لساعدها على جبينها، ثم سار نحو المقعد المجاور لفراشها، وجلس عليه في هدوء تام، وظل يتفحص ملامحها عن كثب شديد..
مر بعض الوقت على خالد وهو على تلك الحالة، لم يصدر أي صوت، بل بالعكس ظل مستمتعا - بدرجة كبيرة - بقربه من كارما...
حركت كارما رأسها في اتجاه خالد، وظلت مغمضة العينين، فاقترب خالد برأسه منها لكي ينظر إليها بتمعنى أكثر...

اعتلى وجه خالد ابتسامة عذبة، وهو يدرس تفاصيل وجهها الرقيق..
بدأت كارما تفتح عينيها تدريجيا، في البداية توهمت أنها تحلم ب خالد وأنه أمامها، فابتسمت له ابتسامة مشرقة، فبادلها هو الابتسام..
ولكن فجأة عقدت حاجبيها في توتر شديد، حينما سمعت صوته و...
-خالد بصوت رخيم ونبرة هادئة: أخيرا صحيتي..!

ظلت كارما ترمش بعينيها عدة مرات، لكي تتأكد أن ما تراه أمام عينيها أمرا حقيقيا، وليس أوهاما، وما إن تأكدت أن خالد موجود أمامها بشحمه ولحمه، حتى انتفض جسدها في توتر، وابتعدت بجسدها بعيدا عنه..
-كارما بنبرة متوترة ونظرات مرتبكة: آآآ، انت..!
-خالد وهو يوميء برأسه بثقة تامة: أيوه
-كارما وهي تبتلع ريقها في قلق: انت هنا من امتى؟ وازاي جيت وأنا محستش بيك؟ وآآ...

-خالد مقاطعا بنبرة هادئة: اهدي بس الأول، وأنا هجاوب على كل أسئلتك!

زفرت كارما في انزعاج، ثم رمقته بنظرات ضيقة و...
-كارما باقتضاب وهي تلوي شفتيها: طب يالا
-خالد مبتسما في غرور: مش قبل ما تقوليلي الورد عاجبك ولا لأ.

حدقت كارما في خالد، ونظرت إليه بحنق و...
-كارما بنظرات مغتاظة: يعني انت اللي كنت بتبعت الورد ده كل يوم؟

اقترب خالد بجسده قليلا من كارما، ثم سلط بصره عليها، وظنر مباشرة في عينيها بنظرات ثابتة و...
-خالد مبتسما بنبرة خافتة: أها، أصل أنا غاوي ورد، وبهديه للناس الغاليين عندي وبس..!

أسبلت كارما جفنيها في خجل، وبدأت تعلو وجنتيها حمرة خفيفة، و..
-كارما وهي تتنحنح في حرج: احم، لو سمحت، مش بحب الكلام اللي من النوع ده
-خالد مبتسما ابتسامةأعرض: طب كويس، عشان أبقى مطمن..!
-كارما بنظرات متسائلة: أفندم؟

أرجع خالد ظهره للخلف، ونظر إلى كارما بنظرات جادة و..
-خالد بنبرة ثابتة: بقولك ايه، أنا عاوزك تجهزي
-كارما باندهاش: ليه ان شاء الله؟
-خالد: عشان هرجعك البيت
-كارما وهي تمط شفتيها في تهكم: هه، شكرا مش عاوزة
-خالد بنبرة واثقة: على فكرة أنا مش باخد رأيك، أنا بس ببلغك باللي هاتعمليه
-كارما بنظرات مغتاظة: نعم! يعني ايه الكلام ده؟

مال خالد بجسده مجددا ناحية كارما، ثم نظر إليها بنظرات جادة و...
-خالد بنبرة جادة: يعني لولا إن والدتك رجعت، مكونتش هاخليكي ترجعي البيت لوحدك.

-كارما بنبرة فرحة: ايه ده هي مامي رجعت
-خالد وهو يوميء برأسه: أها..

اعتلى وجه كارما ابتسامة عريضة، وأشرق وجهها من جديد، ولكنها عادت إلى رسم ملامح الجدية من جديد على وجهها، وعقدت ساعديها أمام صدرها، ورمقت خالد بنظرات ضيقة و..
-كارما بنبرة شبه جادة: على فكرة أنا حرة أعمل اللي عاوزاه
-خالد غامزا وهو يشير برأسه: لأ، مش حرة
-كارما بحنق: افندم؟ ليه يعني؟ هو انت اشترتني؟
-خالد مبتسما في لؤم: لأ، بس في بينا عقد.

أرجعت كارما رأسها للخلف، ونظرت إلى خالد مجددا بنظرات غاضبة و..
-كارما بنبرة متجهمة: العقد ده معدتش يفرق معايا بعد اللي حصلي بسببك..!
-خالد بنبرة واثقة: بس يفرق معايا أنا
-كارما بحدة: اشبع بيه، ومش هايهمني الشرط الجزائي ولا غيره
-خالد نظرات متحدية: بقولك ايه، بلاش تستقوي عليا، عشان انتي مش هاتقدري تقفي قصادي
-كارما بنبرة مغتاظة: ليه يعني؟ هو انت مفكر نفسك مين؟
-خالد مبتسما في ثقة: أنا خالد الصياد.

-كارما وهي تولي فمها في تهكم: هه
نهض خالد عن مقعده، ثم انحنى بجزعه قليلا ناحية كارما، وأسند أحد ذراعيه على مسند الفراش، في حين انكمشت كارما على نفسها حينما وجدته قريبا منها إلى هذا الحد المخيف والذي أربكها بشدة، فحبست أنفاسها في توتر، ونظرت إليه بنظرات مترقبة و...

-خالد بصوت هاديء، وبنبرة آمرة: أنا هاسيبك 5 دقايق تجهزي فيهم، وهابعت للممرضة تجي تساعدك، في الدقيقة ال 6 هاكون عندك، جهزتي ولا لأ، أنا هاخدك برضاكي، أو لأ وهرجعك عند والدتك، فأحسنلك تسمعي الكلام زي الشاطرة.

اعتدل خالد في وقفته، وأولى كارما ظهره، فتنفسدت الصعداء، وحاولت أن تبدو أكثر شجاعة و..
-كارما بنظرات متحدية: طب لو معملتش كده!

التفت خالد إليها برأسه، ثم ابتسم لها من زاوية فمه، ورمقها بنظرات جريئة و...
-خالد بنبرة صارمة وشبه مهددة: يبقى استعدي للي هاعمله، وانا مش باتكسف...!
ظلت كارما محدقة في خالد الذي ظل جامد الملامح واثق من نفسه، ثم سار في اتجاه باب غرفتها، وفتحه ودلف للخارج...

اكتست وجنتي كارما بالخجل، وشعرت بالتوتر الشديد يجتاحها، ورغم أنها تبغض وجوده بالقرب منها، إلا أنها تشعر بشيء ما يجذبها ناحيته ويمنعها من إبعاد ناظريها عنه...

بعد دقيقتين دلفت إحدى الممرضات إلى داخل الغرفة، وعاونت كارما في ارتداء ملابسها وفي تجهيزها، في حين أكمل خالد باقي الأوراق المتعلقة بخروج كارما من المشفى
مرت عدة دقائق أخرى وكانت كارما قد انتهت تقريبا من الاستعداد للخروج..
وصل خالد إلى غرفتها، وطرق الباب مجددا قبل أن يدلف للداخل، وبالفعل وجد كارما قد استعدت، فابتسم ابتسامة رضا لها، ثم دنى من فراشها بخطوات ثابتة..

تفاجئت كارما بخالد وهو ينحني بجسده عليها، ويضع أحد ذراعيه خلف ظهرها، والأخر أسفل ركبتيها ثم حملها برفق بين ذراعيه و..
-كارما في توتر شديد: انت بتعمل ايه
-خالد بنظرات ثابتة: بشيلك
-كارما بصوت محرج: لألألأ، ده مايصحش، لو سمحت في كرسي أنا ممكن آآ...
-خالد مقاطعا بصوت صارم: شششش، خلاص، أنا قولت هاشيلك، يبقى مالوش لازمة الرغي اللي على الفاضي ده..!
-كارما بنظرات مغتاظة: هو انت كده على طول؟

-خالد مبتسما بثقة: لأ، بس لما هتقربي مني أكتر، هتعرفيني كويس
-كارما بنبرة متهكمة: ده على أساس اني كده بعيدة عنك
-خالد بنظرات لئيمة: لأ، انتي الوقتي في حضني.

أجفلت كارما عينيها في خجل شديد، وأطرقت رأسها في احراج واضح، ثم اكتسى وجهها كله بحمرة الخجل، فابتسم خالد لها، ولم يعقب...

سار خالد خارج غرفة كارما وهو يحملها، ثم توجه بها نحو المصعد، ومن ثم إلى مدخل المشفى، ومنه دلف إلى الخارج حيث صف سيارته..
فتح خالد باب المقعد الأمامي، وأنزل كارما على قدميها، وظل محاوطا إياها بأحد ذراعيه من خصرها كي يسندها و..
-كارما وهي تتنحنح بحرج: احم، آآآ، لو سمحت أنا عاوزة أقعد في الكرسي اللي ورا
-خالد بنبرة جادة: هنا أحسنلك عشان رجلك.

أصر خالد على أن تجلس كارما في المقعد الأمامي، ولم يكن أمامها أي خيار أخر سوى الامتثال لأوامره، وبالفعل جلست يارا على المقعد الأمامي، وعاونها خالد في مد ساقها للأمام..
أغلق خالد الباب الأمامي، ثم عاد مجددا للداخل يحضر حقيبتها من الغرفة..

مردت عدة دقائق، ثم لمحت كارما خالد وهو يعود من مرآة السيارة الجانبية، وقام خالد بفتح صندوق سيارته، ووضع الحقيبة الصغيرة في الداخل، ثم دار حول السيارة، وفتح الباب الأخر وجلس خلف المقود، ونظر إلى كارما التي أطرقت رأسها للأسفل وظلت تنظر إلى كفي يدها في توتر، و..
-خالد متسائلا بهدوء: انتي كويسة
-كارما بصوت خافت: أها.

ابتسم خالد لها، ثم أدار محرك السيارة، وانطلق بها نحو منزلها...

في فيلا زيدان
استعادت شاهي وعيها بعد عدة أيام من الصمت التام، وانتابتها نوبة من الهياج العصبي حينما تذكرت ما حدث لوالدتها وأنها قد فارقتها للأبد ولم يعد بإمكانها أن تراها للأبد..
أجهشت شاهي بالبكاء الحارق، وألقت باللوم على زيدان، وظنت أنه قد تعمد أن يفعل بها هذا لكي يشفي غليله منها ويشمت فيها، لقد اعتقدت شاهي بأنه كان يريدها أن تعاني بعدم رؤية والدتها حتى تسبب في موتها المفاجيء...

لم تعرف شاهي السبب الحقيقي وراء مقتل والدتها، ولكنها بكل بساطة ظنت أن زيدان هو من تسبب في موتها حسرة وحزنا عليها...

نهضت شاهي عن الفراش وظلت تقذف بكل شيء في الغرفة بعصبية مفرطة، وعجزت الخادمة عن ردعها..
حاولت إحدى الممرضات تهدئتها، ولكنها صرخت في وجهها، وأمسكت بقطة من الزجاج الحاد المحطم وهددت بقتلها إن اقتربت منها، لذا فضلت الممرضة أن تتركها لحالها ريثما تهدىء تدريجيا...

ركضت الخادمة إلى خارج الغرفة وهي متوجسة خيفة من سوء تدهور حالة شاهي، ثم أمسكت بهاتفها المحمول، واتصلت بزيدان لتبلغه بسوء حالة شاهي العصبية...

أمر زيدان الخادمة بأن تتوخى الحذر، وتراقب شاهي إلا أن يعود هو للفيلا..

في نفس التوقيت جاءت رحاب لزيارة زيدان في فيلته، خاصة أنه قد انشغل عنها الفترة الماضية، فقررت أن تبادره هي بالزيارة، لأنها لم تعد تعرف عنه الكثير، بالإضافة إلى أنها كانت تريد أن تعرف منه ماذا فعل مع زوجته، وكيف تعامل مع موضوعها..

سمح الحرس الخاص بزيدان للسيدة رحاب بالدخول إلى الفيلا، وبالفعل وصلت إلى مدخل الفيلا، وقرعت الجرس، ففتحت لها الخادمة على عجالة ظنا منها أنها السيد زيدان باشا..

لاحظت رحاب اضطراب الخادمة، فسألتها عن السبب و..
-رحاب متسائلة في حيرة: في ايه؟
-الخادمة بتوتر واضح: أصل آآآ، أصل..
-رحاب بنبرة جادة: اتكلمي على طول
-الخادمة وهي تبتلع ريقها: اصل شاهي هانم متعصبة على الأخر، وعمالة تكسر في الأوضة فوق
-رحاب وهي تعقد حاجبيها في دهشة: ليه؟

سردت الخادمة بإيجاز لرحاب ما حدث لشاهي خلال الفترة الماضية، وما وصل إلى مسامعها من الأطباء والممرضات المتابعين لحالتها...

تفاجئت رحاب بحالة شاهي، وقررت أن تصعد إلى غرفتها بالطابق العلوي، وبالفعل سارت نحو الدرج بخطوات سريعة، وامسكت بالدرابزون، ثم صعدته على عجالة، ووصلت إلى غرفتها...

دلفت رحاب إلى داخل الغرفة، وشدهت حينما رأت حالة الفوضى العارمة التي تسودها، ثم جابت ببصرها أركان الغرفة بحثا عن شاهي، فوجدتها متكورة على نفسها في أحد الأركان، في حين وقفت الخادمة في الخارج تتابع عن كثب ما قد يحدث حتى تتدخل لو تطور الأمر..
اقتربت رحاب من شاهي، ثم جثت على ركبتيها، ووضعت أحد ذراعيها على كتفها، وحاولت تهدئتها، فهي حينما علمت بسبب هياجها العصبي، أشفقت عليها كثيرا..

ظلت شاهي تبكي بحرقة، وتعالت شهقاتها، فضمتها رحاب إلى صدرها، وظلت تربت عليها، وتمسد على شعرها حتى تهديء تماما...

لم تتوقع رحاب أن تكون ناهد قد توفت، فهي لم يصلها خبر وفاتها من أي أحد، كما لم يبلغها زيدان بهذا الأمر..

سكنت شاهي في أحضان رحاب، فأشارت رحاب بيدها للخادمة لكي تأتي وتعاونها في وضع شاهي بالفراش
ركضت الخادمة في اتجاه رحاب، ثم عاونتها في اسنادها، وبالفعل تمددت شاهي على الفراش ثم دثرتها رحاب جيدا بالملاءة...

سارت رحاب بخطوات حذرة نحو الباب، وطلبت من الخادمة أن تنظف الغرفة فورا وتزيل ما يمكن أن يتسبب في إلحاق الأذى بتلك المسكينة..

توجهت رحاب بعد ذلك إلى غرفة الصالون، وجلست على الأريكة، وتنهدت بإنزعاج، ثم مدت يدها داخل حقيبتها الشخصية، وأخرجت هاتفها المحمول منها، واتصلت بزيدان، ولكنه لم يجب على اتصالها، فزفرت في ضيق واضح..
-رحاب بنبرة منزعجة: مش بيرد ده ليه؟!

عند منزل كارما هاشم
اضطر أدهم أسفا أن يوصل كنزي إلى منزلها بعد أن اتصل به والده وطلب منه هذا..
ركبت يارا في المقعد الأمامي، في حين جلست كنزي في الخلف، لم تحاول كنزي فتح أي حوار جانبي مع ادهم لأنه كان فظا في تعامله معها، ويارا طلبت منها في رجاء خاص ألا تتطرق معه في أي حديث جانبي..

وصل أدهم بسيارته إلى مدخل البناية، ثم ترجلت كنزي من السيارة، وترجل أدهم هو الأخر منها لكي يدور حول السيارة ويخرج حقيبتها من الصندوق..
ترجلت يارا أيضا من السيارة لكي تسلم على كنزي وتودعها، حيث فتحت لها ذراعيها، وضمتها إليها و...
-يارا بنبرة شبه حزينة: والله صعبان عليا فراقك، بس هاعمل ايه
-كنزي مبتسمة: وأنا كمان، بس اكيد هنفضل على اتصال
-يارا وهي توميء برأسها: اكيد طبعا.

-ادهم على مضض: خلصونا بقى، مش هانفضل واقفين كده كتير.

رمقت كنزي أدهم بنظرات حانقة و..
-كنزي بإيجاز: اوكي يا يارا، أشوفك بعدين
-يارا باحراج: احم، ماشي، سلام يا قلبي
-كنزي مبتسمة: باي.

لوحت كنزي بيدها ليارا، ثم دلفت إلى داخل مدخل بنايتها، وهي تحمل حقيبتها في يدها، في حين نظر أدهم إلى يارا شزرا و..
-أدهم بضيق واضح: يالا يا هانم، مش هانضيع اليوم كله في هاي وباي
-يارا وهي تزفر في انزعاج: أوووف، طيب.

في فيلا زيدان
وصل جاسر إلى فيلا زيدان بعد أن تحرى عن عنوانه، صف سيارته بالقرب من مدخل البوابة الحديدية، ثم سار بخطوات منزعجة نحو البوابة..
كان وجه جاسر متجهما للغاية، ولكنه عقد العزم على ألا يترك شقيقته شاهي مع زيدان مهما كلفه الأمر..
وقف جاسر أمام أحد رجال الحرس الخاص، وطلب منه أن يدلف للداخل، ولكن رفض الحارس، ودفع جاسر للخلف.

تملك جاسر نوبة غضب حادة، واشتبك مع الحارس، ولكمه في فكه، فتجمع باقي الحرس أمام جاسر، فأشهر هو سلاحه في وجههم و..
-جاسر بنبرة عصبية حادة: قسما بالله لو ما داخلت لأختي جوا لأموتكم كلكم ومش هيفرق معايا
-الحارس الأول بنبرة جادة: مش هاينفع، زيدان باشا مانع أي حد يدخل جوا بدون أوامر منه
-جاسر بصوت هادر: كلام الباشا بتاعكم ده يمشي على أي حد إلا أنا
-الحارس الثاني بحدة: دي أوامره، واحنا منقدرش نخالفةه.

-الحارس الثالث بنبرة هادئة: بالظبط.

في داخل الفيلا
استمعت رحاب إلى صوت شجار ما حاد وأصوات عالية يأتي من الخارج، فنهضت عن الأريكة، وتوجهت إلى باب الفيلا، وفتحته، ووقفت تتابع من على بعد ما يحدث..

رأت رحاب شاب ما يتحدث بطريقة عصبية مع الحرس ويصر على دخول الفيلا، لذا...
-رحاب بنبرة حادة: في ايه اللي بيحصل هناك؟

التفت الحرس إلى صوت السيدة رحاب و...
-الحارس الأول وهو يشير بيده: مافيش يا هانم
-الحارس الثاني بصوت عالي: اتفضلي يا هانم ارتاحي جوا، وماتشغليش بالك
-رحاب بلهجة آمرة: خلوا الشاب اللي واقف ده يدخل جوا، أنا عاوزة أعرف ماله، وعاوز ايه!

أصرت رحاب على أن تجعل جاسر يدلف إلى الفيلا، في حين رفض الحرس هذا في البداية، ولكن في النهاية اضطروا لأن يمتثلوا لأوامرها...
دلف جاسر إلى داخل الفيلا وعلى وجهه علامات الغضب جلية، رمق حرس زيدان بنظرات قاتلة، ثم سار ناحية رحاب.

وقف جاسر امام رحاب، وظل محدقا بها بنظرات صارمة و..
-جاسر بنبرة قوية: أنا عاوز أختي، ومش هامشي من هنا غير لما أخدها معايا
-رحاب متسائلة بنبرة جادة: انت أخو شاهي؟
-جاسر على مضض: أيوه
-رحاب متابعة بنبرة حائرة: وآآ، ومامتك هي ناهد؟
-جاسر بنظرات ضيقة ونبرة حادة: آه هي، الله يرحمها، وبعدين انتي بتسألي ليه كل الأسئلة دي؟ انا عاوز أختى حالا...

نفذ صبر جاسر، ثم دفع رحاب من كتفها لكي يمرق إلى الداخل، ثم رفع بصره عاليا، وظل يصيح عب...
-جاسر بصوت صادح: شاهي...!

نظرت رحاب إلى جاسر بنظرات ممتعضة بسبب ما فعله، ولكنها التمست له العذر، و...
-رحاب بنبرة جادة: مش هترد عليك.

التفت جاسر إليها، ثم رمقها بنظرات قاتمة و...
-جاسر متسائلا بقلق: لييييه؟ انتو وديتوا أختي فين؟ خابيتوها فين، أنا مش ماشي غير لما أعرف هي فين وأخدها!
-رحاب بنظرات قلقة: انت عارف ان في بيت مين
-جاسر بعدم اكتراث، ونبرة حادة: اه عارف، ومش فارق معايا، إن شاء الله تكون بتاعة الجن الأزرق حتى..!

صمتت رحاب للحظات، وترددت في إخبار جاسر بشأن زيارة والدته لها في فيلتها، ولكنها حسمت أمرها ب...
-رحاب بنظرات جادة: انت عارف ان المرحومة والدتك جات زارتني قبل ما تموت بكام يوم
-جاسر بعدم مبالاة: والله أمي كان ليها معارف كتير، وده مش موضوعي، أنا عاوز أختي وبس
-رحاب بنبرة شبه مضطربة: بس اللي آآآ، اللي انت ماتعرفوش ان أنا أبقى آآآ، مرات، آآ، عدلي الباشا...!

صدم جاسر حينما عرف بهوية تلك السيدة، ونظر إليها وهو فاغر شفتيه، وظل محدقا بها لثوان
في حين تابعت رحاب حديثها بنبرة قلقة و..
-رحاب بتوتر: آآآ، أنا بس مستغربة إن مامتك اتقتلت بعد ما آآآ، ما قالتلنا على موضوع اختك
-جاسر متسائلا بنظرات مترقبة: موضوع ايه؟
-رحاب بتوجس: انها تبقى آآ، بنت عدلي جوزي.

صدم جاسر مجددا حينما علم أن زوجة رحاب تعلم هي الأخرى بمسألة نسب شاهي، وأن والدها الحقيقي هو عدلي، وتملكته الدهشة أكثر حينما عرف أن والدته هي من أخبرتها بهذا الأمر..

سردت رحاب بإيجاز ما دار في المقابلة التي جرت في فيلتها بينها وبين أمه الراحلة، وكيف إنها إدعت هذا الأمر على ابنتها، وبعدها بفترة وجيزة قتلت على يد خادمة أختها...
لم يصدق جاسر أذنيه حينما سمع ما قالته زوجة عدلي، ودار في عقله الكثير من التساؤلات التي لم يجد لها إجابة...

طلبت رحاب من جاسر بكل هدوء أن ينصرف من الفيلا قبل أن يعود زيدان حتى لا يحدث الصدام بينهما، فهي أدرى بابن أخو زوجها، وعلى علم تام بطباعه الحادة، وتوسلت إليه ألا يثير المشاكل حاليا، وأنها ستحاول جاهدة أن تعيد له أخته بشرط أن يرحل الآن، كما أنها أخبرته بأن حالة شاهي النفسية غير مستقرة، وزيدان لم يدخر وسعه معها في توفير الرعاية الطبية لها...

اضطر جاسر أسفا أن يلبي طلبها، فهو في النهاية يريد أن تعود شقيقته إليه من جديد، وسوف يستغل تلك الفترة حتى يتحرى اكثر عما فعلته والدته الراحلة خلال فترة غيابه عنها..
بعد مرور عدة أيام
في منزل أدهم ويارا
وصل إلى يارا معلومات جادة عن مركز رياضي مميز صاحبه على وشك بيعه، فأرادت أن تبلغ أدهم بهذا الأمر حتى لا تفوت عليها الفرصة...

تعصب أدهم كثيرا حينما أبلغته يارا بهذا و...
-أدهم بنفاذ صبر: برضوه بتعملي اللي في دماغك ومش عملالي اعتبار..!
-يارا بحنق: أنا معملتش حاجة غريبة، ما انت عارف كويس إني ناوية أعمل سنتر رياضي، يعني مش خبر جديد
-ادهم بنبرة منزعجة: بس مش في الظروف اللي احنا فيها دي
-يارا بنبرة عصبية: ظروف ايه بالظبط؟ ما هو الدنيا مش بتقف على حد..!

-ادهم وهو يزفر في ضيق: يوووه، يارا المفروض تاخدي بالك من نفسك، انتي ناسية انك حامل، وأنا ملاحظ إن الموضوع ده مش فارق معاكي أوي
-يارا بنرفزة: لأ أنا واخدة بالي من نفسي كويس، بس انت اللي مش عاوز تديني فرصة أعمل الحاجة اللي أنا بحبها
-ادهم بنظرات مغتاظة: يا سلام، وهو انك تاخدي بالك من نفسك دي مش حاجة مهمة، طب أنا عاوز أفهم انتي ازاي هتوفقي بين شغلك وبين صحتك وبين البيت وبين طلباتي.

-يارا بنظرات واثقة: لأ اطمن، أنا هاتصرف.

صمت أدهم ولم يعقب على يارا، فهو يشعر أنه دخل معها في جدال عميق، وأنها ستفعل ما تريد رغما عنه لذا...
-أدهم بنبرة جادة: خلاص لو انتي مصممة انك تشتغلي في الزفت ده، يبقى نرجع الفيلا
-يارا متسائلة بضيق: طب وايه علاقة رجعونا الفيلا بالشغل؟ أنا مبسوطة هنا..!

-أدهم بنظرات ممتعضة: ده اللي عندي، عاوزاني أوافق على وجع الدماغ ده يبقى نرجع الفيلا، على الأقل تلاقي اللي ياخد باله منك وانا مش موجود، وألاقي أنا كمان اللي يدير باله عليا وسيادتك مشغولة
-يارا وهي تجز على أسنانها في حنق: ومين قالك إني هانشغل عنك؟ انت بس اللي بيتهيألك كده
-أدهم بنظرات استهجان: عشان أنا عارف ده كويس...!

نظرت يارا إلى أدهم بنظرات مغتاظة، وظلت تفكر مليا فيما يقول، فقد ربط مسألة موافقته على عودتها إلى سوق العمل وإدارتها لذلك المركز الرياضي بعودتهما إلى الفيلا...

في فيلا رأفت الصياد
عادت فريدة إلى الفيلا بعد أن علمت لاحقا بأن رأفت قد عاد للفيلا قبل أيام ولم يخبرها بهذا، وعاد معها عمر إلى الفيلا..
صافح عمر والده، ورحب كثيرا بعودته، و...
-عمر بنبرة فرحة: حمدلله على سلامتك يا غالي
-رأفت مبتسما في هدوء: ازيك يا عمر، والله وحشتني لماضتك
-عمر مازحا وهو يغمز: عشان تقدر بس قيمتي يا حاجوج
-رأفت وهو يلكزه: طب اتلم.

-عمر بصوت خافت: اومال هاتنقل الاقامة امتى عند طنط صفاء؟
-رأفت بعدم فهم: أفندم؟
-عمر بخفوت: اقصد يعني هاتروح عندها امتى؟
-رأفت وهو ينظر إليه باستغراب: بتسأل ليه؟
-عمر مبتسما ببلاهة: عشان أجي أشأر عليك هناك، وأسلم على الحبايب، اللي خلوا قلبي دايب..
-رأفت بنظرات محتقنة: عمر انت آآآآ...

لم يكمل رأفت جملته حيث تفاجيء بصوت زوجته الصادح يرج أركان الفيلا، وبدأت تتشاجر معه شجارا حادا بسبب أمر زيجته الثانية و...
-فريدة بنبرة هادرة: انت ازاي تتجرأ وتتجوز عليا السنكوحة دي
-رأفت بحدة وهو يشير بيده: لمي نفسك لما تكلمي عن مراتي
-فريدة بتهكم صريح: يا بجاحتك، وكمان بتقول مراتي كده في وشي.!
-عمر مازحا: خلاص لف من وراها يا بابا، وقولها في قفاها...!

-فريدة بصراخ وهي تشير بيدها: امشي يا ولد من هنا، واطلع فوق...!
-عمر وهو يزفر في ضيق: أوووف، بس أنا عاوز أتفرج، واشوف الخناقة دي هاتخلص على ايه
-رأفت بضيق: اطلع انت الوقتي يا عمر، وسيبني أتكلم مع الهانم أمك شوية
-عمر على مضض: طيب..!
توجه عمر إلى الدرج، والفضول يكاد يقتله لمعرفة ما سيدور بين كلاهما، فهو يتمنى أن يأتي والده بزوجته الثانية وابنتيها، وتحديدا كنزي، إلى الفيلا ليمكثن معهم فيها و...

-عمر مازحا وهو يلوي فمه: آآآه لو لعبت يا زهر، واتبدلت الأحوال...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة