قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثالث

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثالث

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل الثالث

في شركة الصياد
دلف رأفت الصياد إلى داخل الشركة الخاصة به، ثم صعد إلى مكتبه، ودلف إلى داخله بعد أن طلب من السكرتيرة أن تلحق به...
-السكرتيرة: خير يا رأفت بيه
-رأفت: عاوزك تعملي اعلان عن طقم موظفين جداد
-السكرتيرة وهي تدون بعض الملحوظات: آنسات ولا شباب؟
-رأفت: من الجنسين، ويكونوا مؤهلات عليا ومعاهم بكالوريوس ادارة أعمال أو ما يعادلها..
-السكرتيرة: تمام يا فندم، والخبرة؟

-رأفت: متقلش عن سنتين، ولو في حد معندهوش خبرة بس معاه مؤهلات كويسة هاتي ال CV بتاعه، يمكن يكون في حد كويس موجود بس مخدش فرصته
-السكرتيرة وهي تنظر إليه: حاجة تانية يا فندم؟
-رأفت: اه، بصي أنا هبعتلك باقي الشروط ع الايميل، افتحيه واعملي الاعلان ونزليه..
-السكرتيرة متسائلة: ومواعيد الانترفيو امتى؟
-رأفت: خلال يومين، بعد ما يتم فرز وحصر كل المتقدمين واستبعاد اللي ماتنطبقش عليه الشروط.

-السكرتيرة: حاضر يا فندم، تؤمرني بحاجة تانية؟
-رأفت وهو يشير برأسه: لأ شكرا، اتفضلي...

دلفت السكرتيرة إلى خارج المكتب، بينما ظل رأفت يدون بعضا من الشروط المطلوب توافرها في الموظفين الجدد ليتم تدريبهم جيدا قبل إلحاقهم بالعمل تحت إمرة أدهم ويارا...

في فيلا رأفت الصياد
عاد جاسر إلى الفيلا بعد أن أوصله خالد، صعد الدرج وتوجه إلى الغرفة التي تقيم بها والدته، ثم طرق باب غرفتها فسمحت له بالدخول و...
-ناهد: تعالي يا حبيبي
-جاسر متسائلا: ماما ممكن أتكلم معاكي شوية
-ناهد مبتسمة: اه طبعا
-جاسر: بس أنا عاوز أتكلم معاكي بعيد عن الفيلا
-ناهد بقلق وأعين متوترة: هه، خير يا بني في حاجة؟

-جاسر بصوت هاديء: معلش يا ماما، حاولي تلبسي وخلينا نتكلم بره الفيلا ع راحتنا
-ناهد وهي تبتسم له: طيب يا حبيبي، 5 دقايق وأكون جاهزة...
-جاسر: ماشي يا امي..

دلف جاسر خارج غرفة والدته ليتفاجيء بعمر الذي ينتظره في الخارج و...
-عمر متسائلا: ها عملتوا ايه؟
-جاسر: ولا حاجة
-عمر: يعني هما باتوا في الحجز؟
-جاسر: لأ ملحقوش، وبعدين وطي صوتك مش عاوزين حد يعرف، وأظن انت فاهمني
-عمر: ايوووه، فاهم وعارف وحاسس كمان
-جاسر: طب يالا يا عمر شوف وراك ايه
-عمر: مش ورايا حاجة غير اني أروح ألقط رزقي
-جاسر بدهشة: نعم؟
-عمر وهو يضع يده على فمه: يعني أروح أكل لقمة من المطبخ.

-جاسر: أها، الله يعينك.

في منزل أدهم
وصل أدهم إلى الطابق الحادي عشر، ثم أخرج المفتاح من جيبه وفتح به الباب، وقفت يارا تنظر إليه، وبادلها هو نظرات حب، ثم انحنى ناحيتها، وكان ينوي حملها بين ذراعيه، ولكنه توقف فجأة، ثم وضع يده خلف ظهره و...
-أدهم متآلما: آآآآه يا ضهري...
-يارا بدهشة: هه
-أدهم وهو يشير باصبعه: والله كان بودي أشيلك بس الظاهر جالي ديسك في ضهري...
-يارا وهي تمط شفتيها: مممم، طيب.

دلف أدهم أولا إلى داخل المنزل، كانت يارا على وشك أن تخطو بقدمها لداخل المنزل، ولكنه أوقفها فجأة ثم أشار لها بيده و...
-أدهم: عندك!
-يارا باستغراب: ايه في ايه؟
-أدهم وهو يشير إلى قدمها: برجلك اليمين يا شابة
-يارا وهي تزفر في ضيق: اووووف.

بالفعل خطت يارا بقدمها اليمنى إلى داخل المنزل، ثم أخذت تجوب ببصرها في أرجاء المكان تتأمله، وترى عن كثب كل تفصيلة فيه...

كانت تلك هي المرة الأولى التي ترى فيها يارا منزل الزوجية، فلم تسنح لها الفرصة أن تراه من قبل، قاطع شرودها صوت أدهم و..
-أدهم: عجبك؟
-يارا وقد التفت اليه: أها
-أدهم: بصي ده وضع مؤقت، احنا بعد كده هنرجع نعيش في الفيلا تاني
-يارا: لألألأ، أنا مش عاوزة أرجع هناك
-أدهم متسائلا: ليه بس؟
-يارا وهي تزم شفتيها: يعني مش عارف ليه؟
-أدهم: تقصدي فريدة هانم..
-يارا على مضض: هو في غيرها؟

-أدهم: يا بنتي دي اتغيرت خالص
-يارا بنظرات متعجبة: اتغيرت؟ أشك!
-أدهم: طب سيبك منها الوقتي و، آآآآ...

اقترب أدهم رويدا رويدا من يارا ثم أمسك بكفي يدها ورفعهما إلى فمه وقبلهما برقة و..
-أدهم بصوت خافت: وحشتيني...
-يارا باحراج: آآآ...
-أدهم: بحبك
-يارا وقد أطرقت رأسها: ميرسي.

مد أدهم اصابع يده ليلمس ذقن زوجته برفق، ثم رفع وجهها ببطء ناحيته، ثم نظر في عينيها مباشرة و...
-أدهم بصوت بطيء وعميق: هو أنا بقولك اتفضلي خدي دول، ده أنا بقول، ب، ح، بك.

-يارا وهي تنظر في عينيه: هه
-أدهم: نفسي أسمعها منك أوي..
-يارا بتردد: آآآ، أنا...
-أدهم بصوت أقرب إلى الهمس: ب، حبك
-يارا بصوت خافت بتوتر: و، آآ، وانا آآآ...

ظل أدهم يراقب شفتي يارا عن كثب ويتأملهما وهي تحاول لفظ كلمة احبك، ثم مال برأسه ناحيتها، وأمسك برأسها بكف يده من الخلف، واقترب منها ببطء، ثم انحنى على شفتيها لينهل منهما الحب الذي انتظره...

في النادي
اصطحب جاسر والدته إلى النادي ليتحدثا بحرية أكبر، كانت ناهد متوجسة خيفة مما يريد جاسر الحديث عنه معها..
طلب جاسر لوالدته مشروبا باردا، بينما ظلت هي تراقبه بأعين مضطربة...
بعد أن انتهى النادل من وضع المشروبات على الطاولة، مدت ناهد يدها لترتشف بعضا من المشروب البارد ولتبلل به حلقها الجاف..

تردد جاسرفي كيفية فتح الحوار مع والدته، ولكن لا مفر، فلابد أن يحسم الأمر و..
-جاسر بصوت خافت: آآ، ماما
-ناهد بترقب: ايوه
-جاسر: أنا، أنا
-ناهد: قول يا حبيبي على طول
-جاسر: ماما، أنا عاوز أعرف ليه عملتي كل ده
-ناهد: هه، ع، عملت ايه؟

أخذ جاسر نفسا طويلا قبل أن يكمل ما يجيش به صدره و..
-جاسر: ليه خبيتي عليا انك كنتي متجوزة من رفعت الصياد؟ وليه نسبتني ليسري جوزك؟

تجمدت الكلمات في حلق ناهد، لم تعرف بماذا تجيبه، ولكن أكمل جاسر حديثه ب...
-جاسر: أنا عاوز أغير كل حاجة وارجعها لأصلها
-ناهد بقلق: بس آآآ، ده، ده معناه إني
-جاسر: معناه انك لازم تعترفي بغلطك يا أمي وتتحاسبي عشانه
-ناهد: طب، طب واختك؟
-جاسر: أنهو فيهم؟
-ناهد: شاهي؟
-جاسر: مالها هي كمان؟ اوعى تكون مش بنت بابا يسري.

أطرقت ناهد رأسها وهي تشعر بالخزي
-ناهد: آآ..

ظل جاسر محدقا بوالدته وقلبه ينبض بسرعة رهيبة، هو لم يجرب أن يخالجه شعورا بالخزي والعار كهذا الذي يواجهه الآن مع والدته، حاول جاسر أن يتحكم في أعصابه ليستشف الحقيقة من والدته و...
-جاسر: قولي يا ناهد هانم عملتي ايه تاني؟
-ناهد: أنا، أنا...
-جاسر: احكيلي كل حاجة، ومتخابيش عني حاجة، انا مش عاوز أتصدم أكتر من كده
-ناهد بأعين شبه دامعة: غصب عني والله، أنا، انا كنت ضعيفة لرغباتي وآآآ...

سردت ناهد لابنها جاسر من جديد ما حدث منذ أكثر من ثلاثين عاما، اعترفت له بأنها أخطأت وانساقت وراء نزواتها وأنها تزوجت برفعت الصياد لكي يتستر على أفعالها شفقة بها، ورغم هذا كان يعاملها معاملة طيبة، ويعطيها حقوقها الزوجية بين الحين والأخر، لكنها لم ترتضي بهذا، وكانت تطمع في المزيد..

ورغم انه كان يعاملها بالمودة والحسنى إلا أنها كانت تشعر في قرارة نفسها أنه يبغضها، ويشمئز من الاقتراب منها رغم أنه لم يفعل هذا عمدا، إلى أن قررت هي أن تنتقم منه وتخونه وأشارت اكثر من مرة له بهذا، أو الأحرى هي أرادت أن تنتقم من نفسها لأنها لم تكن جيدة بدرجة كافية له، ولكنه اكتشف نيتها تلك، فطلقها قبل أن تتلوث سمعته..

علمت هي لاحقا بأمر حملها منه، فخشيت أن يأخذ فلذة كبدها رغما عنها - وسوف يتمكن من هذا بكل سهولة - لذا تزوجت سريعا من السيد يسري، ورغم أنها كانت تعلم بأمر مرضه المزمن، إلا أنها ارتضت أن تكون زوجته حتى تحمي ابنها، كما أنها أرادت أن تجعل قلب رفعت الصياد يلتاع أكثر حينما يرى ابنه يكبر امام عينيه ولا يعرف انه جزء منه، كانت تريد الانتقام منه وحرق قلبه، لكنها هي من اكتوت لاحقا بنار الحقد والانتقام...

كانت الصدمة الأكبر حينما علمت أن يسري لا يمكنه الانجاب حينما كان يجري عددا من التحاليل الخاصة به، سعيت ناهد جاهدة لاخفاء ذلك الأمر حتى لا ينكشف أمر حملها من زوجها السابق، وخاصة أن يسري كان ميسور الحال..
ظلت ناهد تكافح من اجل البقاء مع يسري الذي عجز عن أن يلبي لها احتياجاتها الزوجية...

حاولت ناهد جاهدة أن تقاوم رغباتها الانثوية، ولكنها لم تستطع أن تكبح جماح نفسها، وقابلت عدلي الباشا الذي لبى لها رغباتها، ونجح في اصطيادها وايقاعها في شباك العشق المحرمة..

ولكن ما لم تضعه في حسبانها هو أمر حملها منه، كانت صدمة بحق حينما علمت أنها حملت من عدلي، وكما نجحت في اخفاء أمر حملها الأول من رفعت قررت أن تفعل المثل مع عدلي، وتخفي الأمر، ولم يدرك يسري ما تفعله زوجته لأن احواله الصحية كانت في تدهور مستمر، فقد كان معظم الوقت غائبا عن الوعي وعن الواقع، لذا لم يعر للأمر أي أهمية...

توفي يسري بعد ولادة شاهي بقليل، فتزوجت هي سرا من عدلي، واتفقا سويا على اخفاء الأمر...

لم تكتفي ناهد بإخبار جاسر عن هذا الماضي المشين، ولكنها أخبرته أيضا عن محاولتها لاسترداد ميراثه وحقه من والده رفعت، ولكنها أخفت الجزء المتعلق بتدبيرها لحادث القتل مع عدلي...

أشاح جاسر وجهه بعيدا عن والدته فهي باتت أمامه امرأة اخرى لا يعرفها، امرأة تختلف عن تلك الأنثى التي ربته..

صمتت ناهد قليلا وكأنها تحاول أن تستجمع شجاعتها و...
-ناهد بصوت خافت: يا جاسر أنا، أنا ست زي أي ست ليا لي مشاعر ورغبات، غصب عني مقدرتش أصبر، و، آآآآ، وضعفت
-جاسر وهو مطرق الرأس: ممم...

حاولت ناهد قدر الامكان أن تبرر لنفسها ما فعلت، أو على الأقل تقنع ابنها بأنها الأم الضحية، ولكن آبي قلبه أن يصدق هذا...
-ناهد بصوت مضطرب: صدقي يا بني أنا، أنا كنت ضحية و، وآآآ، الظروف هي اللي اضطرتني أعمل كده
-جاسر بآسى: كفاية يا ناهد هانم، أنا مش عاوز أسمع أكتر من كده
-ناهد: أنا اللي ربيتك انت واختك مش حد تاني.

وضع جاسر كلتا يديه في رأسه يحكها محاولا استيعاب الحقيقة، كان يريد أن يثبت نسبه من والده الحقيقي رفعت، ولكن ما لم يضعه في الحسبان انه قد علم بحقيقة نسب اخته الصغرى شاهي...
-جاسر بصدمة: أنا مش عارف أقول ايه؟ انتي، انتي دمرتينا كلنا
-ناهد: آآآ...
-جاسر مكملا: ده، ده لو شاهي عرفت بأن الراجل الواطي اللي اسمه عدلي ده يبقى أبوها، أنا مش عارف ممكن يجرالها ايه؟
-ناهد بتوتر: م، مافيش داعي ان، ان حد يعرف.

-جاسر: طب واسلام خطيبها؟ هايقول ايه لما يعرف بده كله؟
-ناهد بأعين مضطربة: آآآ، انت ناوي تقوله؟
-جاسر: اومال عاوزاني اعمل ايه؟
-ناهد: بس، بس ده انا، انا كده هاروح في داهية.

نهض جاسر من مكانه ونظر إلى والدته شزرا و...
-جاسر: ده بس اللي همك انك تروحي في داهية!
-ناهد وقد نهضت هي الأخرى: أنا، أنا كنت مفكرة انك سامحتني على اللي عملته و، وآآآ، وقررت تنسى وقولت ان، ان يارا هتديك حقك بالرضا وكلنا نعيش مبسوطين!
-جاسر: لا والله، الكلام ده في الحكايات بس! لكن يا ناهد هانم الواقع غير كده.

-ناهد باستغراب: بس، بس انت بتعاملني كويس يا جاسر من ساعة اللي حصل و، وآآآ، وانا افتكرتك هتنسى
-جاسر: أنا مضطر أعاملك كويس لأنك امي، ومقدرش أعمل غير كده، لكن مش عارف دلوقتي بعد كل اللي عرفته ده أنا ازاي هتعامل معاكي بدون ما، آآآ...
-ناهد وهي تشير بيدها: طب، طب بص اديني فرصة أجوز اختك شاهي وبعد كده انا هاعترف بكل اللي عملته.

-جاسر: قبل ما أختى تتجوز لازم هي وخطيبها يعرفوا الحقيقة وبعد كده يقرر اسلام ان كان هيكمل معاها ولا لأ..

فكرت ناهد سريعا فيما قاله ابنها، وشعرت أن مستقبل اخته الصغرى على وشك الضياع و...
-ناهد بضيق: انت كده هتخرب على اختك
-جاسر: أخرب عليها وهي ع البر، أحسن ما يتخرب بيتها ويتقال عنها وعننا كلام مش كويس!
-ناهد بأعين جاحظة: هاه
-جاسر: أنا راجع شغلي تاني، عندى مأمورية، فحضرتك يا ناهد هانم قدامك فرصة تفكري فيها أزاي هتصلحي غلطك..!

صمت جاسر للحظات، ثم رفع عينيه لينظر إلى والدته بنظرات قاسية وباردة و...
-جاسر بصوت آجش: قدامك حل من اتنين يا ناهد هانم، يا تعترفي بكل حاجة وتبقي كسبتي نفسك وكسبتينا كلنا وكفرتي عن أخطائك اللي عملتيها زمان، أو، آآ، أو انك هتخسريني للأبد وساعتها آآآ...!

عجزت ناهد عن الرد على ابنها، فهي من تستحق اللوم والعقاب لأنها اقترفت جرائم لا تغتفر، فقط من أجل ارضاء نفسها..

-جاسر مكملا: أنا اللي هتصرف، بس تصرفي يمكن مايعجبش حضرتك، عن اذنك!

انصرف جاسر دون أن ينتظر منها أي رد، بينما جلست هي منهارة مرة اخرى على مقعدها تحاول التفكير في حل لتلك المصيبة التي تورطت بها منذ البداية...

في منزل أدهم
ظل أدهم محتضنا لزوجته بين ذراعيه، ومسندا لرأسها على صدره و...
-أدهم بصوت خافت: بحبك...
-يارا: آآ...
-أدهم بتنهيدة: نفسي أسمعك بتقوليها.

رفعت يارا رأسها ونظرت إلى أدهم وهي مترددة، هل تخبره بها وهي لا تشعر بحبها الكامل له؟ أم تصمت؟ هي تريد أن تنطقها ولكن فقط حينما تشعر بحبها الحقيقي له، لكن إلى الآن هي مازالت مضطربة بشأن مشاعرها وخاصة ناحيته، بلى هي زوجته بحكم الظروف، لكن إلى الآن هي خائفة من الانسياق خلف مشاعرها...

حاولت يارا أن تتهرب من اجابة سؤاله و...
-يارا: بقولك ايه أنا هاخش اخد دش لأحسن مش قادرة
-أدهم مبتسما: طب خديني معاكي
-يارا بصدمة: أفندم؟

وضع أدهم يده خلف ظهره وبدأ يحك فيه و...
-أدهم مازحا: مش عارف ليه حاسس ان مش بس البراغيت اللي عمالة بتلعب في ضهري
-يارا: قصدك ايه؟
-أدهم وهو يزيح ياقته: واضح كده ان في فيران بترمح جوا، بصي كده؟

ابتعدت يارا عن أدهم، ونظرت إليه بأعين قلقة و...
-يارا: ف، فيران؟
-أدهم مبتسما: فيران وحشرات وكل مخاليق ربنا، هو أنا ورايا ايه غير اني أتفلى
-يارا باستغراب: تتفلى؟
-أدهم بنظرات ماكرة: طبعاااااا، يالا.

توجه أدهم ناحية يارا، ثم أمسكها من معصمها وجذبها خلفه، حاولت يارا أن تقاومه، ولكنه كان أقوى منها فسحبها معه و...
-يارا وهي تحاول أن تحرر يدها: انت واخدني ع فين كده؟
-أدهم مبتسما: هنتفلى يا قلبي
-يارا: لأ، سيبني أنا هاتصرف مع نفسي
-أدهم: تتصرفي مع نفسك ازاي؟ ده حتى مايصحش وأنا موجود
-يارا بضيق: يوووه
-أدهم بابتسامة ماكرة: وطبعا زي ما انتي عارفة التفلية دي ليها قواعد وأصول، وأنا بحب أفلي بذمة...

-يارا بنظرات مصدومة: لألألأ.

حاولت يارا جاهدة أن تحرر قبضتها من أدهم، ولكنه كان ممسكا إياها بقوة، ثم توقف فجأة والتفت بجسده للخلف، ونظر إلى يارا بنظرات عاشقة...
نظرت يارا إليه باستغراب، ثم اقترب هو قليلا منها، ورفع كف يدها ناحية فمه ليقبله، فتبسمت ابتسامة عفوية، ثم انحنى بجسده قليلا وحملها عنوة على كتفه...
كانت يارا تركل بقدمها في الهواء، بينما ظل أدهم مبتسما في سعادة وانطلق بها ناحية غرفتهما و...

-يارا: يا أدهم ماينفعش اللي بتعمله ده
-أدهم وهو يحملها: لأ ينفع، ده أول قواعد التفلية الأربعون انك تشيل مراتك
-يارا بضيق: ياااااااني!
-أدهم بخبث: ده احنا مش بس هنطلع براغيت، ده احنا هنطلع آآآآآ...

في منزل عائلة عبد الجواد بالغردقة
عادت عائلة عبد الجواد إلى منزلها، وظل عبد الجواد جالسا في شرفة منزله يفكر في أمر الخطبة..
دلفت إليه زوجته السيدة تيسير وهي تحمل صينية الشاي، انحنت قليلا بجسدها ثم وضعتها على الطاولة الصغيرة، ومدت يدها وأخذت أحد الفناجين الموضوعة بالصينية ووضعته أمام زوجها و...
-تيسير متسائلة: مالك يا عبده بتفكر في ايه؟

ظل عبد الجواد شاردا للحظات، ولم يجب على زوجته، فكررت السؤال مرة أخرى فانتبه إليها و...
-عبد الجواد: هه، بتقولي حاجة يا تيسير؟
-تيسير بتعجب: ايه يا حاج، مالك سرحان في ايه؟ ده انا عمالة أنادي عليك وانت مش هنا خالص
-عبد الجواد: مافيش.

أمسك عبد الجواد بالفنجان وظل يرتشف منه بعض القطرات و...
-تيسير: واضح كده انك شايل هم حاجة
-عبد الجواد: بيني وبينك أنا مقلق من موضوع خطوبة البت سمر
-تيسير باستغراب: مقلق منها؟ طب ليه؟
-عبد الجواد: مش عارف، مش مطمن للموضوع ده
-تيسير: ده الشاب راجل وابن أصول وشهم وآآآ...
-عبد الجواد مقاطعا: أنا عارف كل ده، بس أنا خايف منعيلته
-تيسير: خايف منهم ليه؟ هو احنا فينا حاجة تتعيب لا سمح الله؟

-عبد الجواد: احنا كويسين والحمدلله، بس عيلته ممكن تفكرنا مش اد المقام وبنتك تعاني الويل معاهم
-تيسير: ايه بس اللي خلاك تقول كده يا عبده
-عبد الجواد: اصلك ماشوفتيش امه كانت عاملة ازاي مع يارا في الفرح، ودي اسمها قريبتهم، لكن ايش حال احنا هتعمل معانا ايه
-تيسير وهي تهز رأسها وتشيح بيدها: سيبك منها، المهم الواد وأبوه..
-عبد الجواد: بس برضوه، أمه مش سهلة، وانا مش عاوز البت تعاني منها.

-تيسير: متخافش على بنتك، دي تفوت في الحديد
-عبد الجواد بنبرة قلقة: ربنا يستر
-تيسير وهي تمد يدها لتأخذ فنجانها: ان شاء الله هيستر وهتتهنى وتعيش في النعيم.

ثم بدأت تيسير هي الاخرى في ارتشاف الشاي الساخن الخاص بها...

في شركة الصياد
دلف خالد إلى مكتب والده الذي أشار له بالجلوس، فتحرك خالد ناحيته، ثم جلس و..
-خالد وهو ينظر إلى أبيه: معلش يا بابا هعطلك شوية.

كان رأفت ممسكا بهاتفه المحمول في يده، ويحاول الاتصال بأدهم و...
-رأفت: ولا يهمك يا بني، ثانية بس
-خالد متسائلا وقد نهض من مكانه: لو هتكلم حد مهم أنا ممكن أخرج وأرجعلك بعد شوية
-رأفت وهو يشير بيده: لأ خليك قاعد، أنا عاوز بس اطمن على عرايسنا بس مش عارف أوصلهم
-خالد: متقلقش عليهم يا بابا هما كويسين
-رأفت متسائلا: انت كلمت أخوك؟
-خالد وهو يوميء برأسه: اها..
-رأفت: وايه الاخبار؟

-خالد مبتسما: تمام، عرايس بقى، ما انت عارف.

وضع رأفت هاتفه المحمول على سطح المكتب ثم نظر إلى ابنه و...
-رأفت: مممم، ايوه، المهم قولي كنت عاوزني في ايه؟

ظل خالد يفرك يده في توتر محاولا التفكير في كيفية فتح موضوع الخطبة مع والده، فنظر إليه رأفت متعجبا و...
-رأفت بتعجب: ايه يا بني هو الموضوع صعب للدرجادي؟
-خالد: آآآآ، يعني آآآ...
-رأفت: ما تقول يا خالد في ايه؟
-خالد: بص يا بابا من غير مقدمات كده، أنا، أنا عاوز أخطب...!

اعتلت الدهشة وجه رأفت عقب عبارة خالد الأخيرة و...
-رأفت وهو يرفع حاجبيه في اندهاش: تخطب؟
-خالد وهو يوميء بالايجاب: أها
-رأفت مبتسما: ودي مين سعيدة الحظ دي اللي خالد الصياد ناوي يخطبها؟
-خالد: سمر
-رأفت متسائلا: سمر مين؟
-خالد بنبرة هادئة: صاحبة يارا
-رأفت باستغراب: وهو يارا ليها أصحاب هنا؟
-خالد: لأ يا بابا، دي صاحبتها، بس عايشة في الغردقة
-رأفت مندهشا: في الغردقة، طب وانت عرفتها ازاي؟

سرد خالد لأبيه عن كيفية معرفته بسمر وعائلتها ورغبته في خطبتها، صمت رأفت للحظات لكي يفكر فيما قاله ابنه الاكبر، ولكن قطع تفكيره صوت طرقات على باب المكتب و...

طق، طق، طق
-رأفت بصوت عالي: اتفضل.

فتحت السكرتيرة الباب لتدلف إلى الداخل وهي تحمل في يدها ورقة ما و...
-السكرتيرة وهي تمد يدها: اتفضل يا فندم، ده كوبي من الاعلان.

أخذ رأفت الورقة من يد السكرتيرة، ثم اطلع عليها و...
-رأفت: ممم، تمام، نزليه
-السكرتيرة وهي توميء برأسها: حاضر يا فندم، عن اذنك.

انصرفت السكرتيرة، فتابعها خالد في صمت حتى أغلقت الباب خلفها، ثم نظر إلى والده و..
-خالد متسائلا: ده اعلان ايه ده يا بابا؟
-رأفت: اعلان عن موظفين جداد
-خالد بتعجب: موظفين جداد
-رأفت: ايوه، حابب أجيب دم جديد للشركة، شباب وبنات أدربهم عشان يشتغلوا مع أدهم ويارا
-خالد: مممم، طيب، بس اهم حاجة يكونوا على قدر من الكفاءة
-رأفت: اطمن، أنا حاطط شروط وان شاء الله هلاقي اللي عاوزه.

-خالد: تمام يا بابا، المهم حضرتك مردتش عليا في موضوع خطوبتي
-رأفت وقد أخذ يفكر في موضوعه: مش عارف أقولك ايه، بس انا محتاج وقت اسأل على البنت دي وأهلها
-خالد وقد نهض عن مقعده: طيب، بس حاول يا بابا في أسرع وقت عشان أنا مدي كلمة للراجل
-رأفت على مضض: ربنا يسهل.

انصرف خالد من مكتب أبيه، بينما ظل رأفت ينظر إلى حيث انصرف وعلى وجهه علامات الضيق و...
-رأفت بضيق: هو انا لحقت أصلح الدنيا مع يارا وأمك عشان تطلعلي يا خالد دلوقتي وتقولي أخطب صاحبتها، استغفر الله العظيم يا رب! عديها على خير.

في فيلا رأفت الصياد
في غرفة المعيشة
كانت شاهي تجلس على احد الآرائك وهي ممسكة بهاتفها المحمول وتتحدث مع اسلام و...
-شاهي هاتفيا: يعني هترجع امتى؟
-اسلام: مش عارف، اما نخلص المهمة اللي ورانا
-شاهي على مضض: هو شغلك ده مالوش مواعيد
-اسلام: أنا مش موظف حكومة يا شاهي، وبعدين انتي المفروض تكوني أكتر واحدة عارفة شغلنا عامل ازاي
-شاهي: أها، ع اساس شغل أخويا وكده
-اسلام: بالظبط.

-شاهي: انا مش عارفة انتو بتحبو وجع القلب ده ع ايه
-اسلام: بقولك ايه يا شاهي أنا هاقفل الوقتي عشان عندي شغل وهاكلمك بعدين
-شاهي: اوكي..
-اسلام مبتسما: هتوحشيني
-شاهي بصوت هامس: وانت كمان
-اسلام: باي يا شوشو
-شاهي: باي...

أنهت شاهي المكالمة ثم أطلقت تنهيدة مطولة، ثم مدت يدها وأمسكت بخصلة من خصلات شعرها وظلت تعبث بها، والابتسامة تعلو ثغرها...

دلف عمر إلى داخل غرفة المعيشة وهو يقطم تفاحة حمراء، فوجد شاهي على حالتها تلك فنظر إليها باندهاش و...
-عمر: سبحانه مغير الأحوال، اللي يشوفك من يومين وانتي قاطعة النفس مايشوفيكش وانتي قالبة ع هند رستم وعمالة تعوجي في بؤك وتكلمي من البلعوم
-شاهي بضيق: يوووه، هو انا مش هخلص من هزارك البايخ ده يا عمر!
-عمر وهو يقطم التفاحة ويوميء برأسه: لأ!
-شاهي وقد نهضت عن الآريكة: طب أنا سيبالك الأوضة بحالها وماشية.

اتجهت شاهي ناحية باب الغرفة، فلوح عمر لها بيده مودعا إياها وهو يرسم على وجهه ابتسامة بلهاء و...
-عمر بصوت خافت: عقبال ما تسيبي البيت كله..

في منزل أدهم
لم يبدل كلا من أدهم ويارا ملابسهما بعد..
بل طلب أدهم من يارا أن يدلف هو إلى المرحاض أولا لكي يغتسل، ثم تدلف هي من بعده، ووافقت يارا على طلبه ريثما تستعد وتنتقي ما ترتديه..
أخذ أدهم منامته من دلفة الدولاب المخصصة له، ثم توجه ناحية المرحاض، نادت عليه يارا بصوت خافت، فالتفت إليها أدهم و...
-يارا: أدهم
-أدهم مبتسما: ايوه يا حبيبتي
-يارا بنبرة جادة: متخلصش المياه السخنة.

نظر أدهم إلى يارا بضيق ورمقها بنظرات مغتاظة، فقد ظن أنها تريد أن تعاونه في نزع ملابسه أو حتى تغتسل معه، ثم دلف إلى المرحاض وهو يتمتم بعبارات غير مفهومة...

-يارا بعدم فهم: ماله ده؟ هو أنا قولت حاجة غريبة.

وقفت يارا تتأمل الغرفة بأعين مرهقة، توجهت للدولاب وانتقت من دلفتها الخاصة ما ارتأته مناسبا ومريحا لها...

خرج أدهم من المرحاض ويعلو وجهه ابتسامة حنان، وقف أمام زوجته ليسد عليها الطريق، ثم غمز ليارا بعينه و...
-أدهم غامزا: لو عوزتي مساعدة أنا في الخدمة
-يارا: ميرسي..
-أدهم: أنا مستنيكي على نار
-يارا وهي تدفعه بيدها: لأ ماتستعجلنيش، حاسب شوية.

أفسح أدهم المجال ليارا لتدلف إلى داخل المرحاض، بينما توجه هو إلى الفراش، وتمدد عليه..

غابت يارا لمدة في داخل المرحاض، فشعر أدهم بالضجر و...
-أدهم بنبرة عالية: هو احنا هنقضيها جوا كده كتير؟
-يارا من الداخل: اصبر
-أدهم: يا مسهل..
ظلت يارا في المرحاض لفترة، فمل أدهم من كثرة الانتظار و..
-أدهم بصوت خافت وبضيق واضح: واضح كده اني هاقضيها فرجة بس، مش هدخل مرحلة اللايف والبث المباشر النهاردة..

زفر أدهم في ضيق، ثم أغمض عينيه ليريحهما قليلا، فهو لم ينم جيدا منذ عدة ليال..
-أدهم متأوها من الآلم: آآآآخ، الواحد جسمه مكسر من نومة الرصيف والبورش، ده أنا محتاج عامرة من أول وجديد، آآآآه يا عضمي، ده انا طلعلي آتب في كل حتة فيا!

في داخل المرحاض
عانت يارا كثيرا وهي تحاول حل رباط فستانها، رفضت أن تستعين بأدهم حتى لا يستغل الفرصة كعادته، وبدأت في فكه بتمهل إلى أن نجحت في نزعه عنها، ثم بدأت تغتسل وتنفض عن جسدها تلك الليلة البائسة التي قضتها في الحجز بقسم الشرطة..

ارتدت يارا ملابس فضفاضة من الحرير ذات اللون الأبيض والمطعم بقطع من الشيفون والدانتيل..

دلفت يارا خارج المرحاض وهي تلف شعرها بالمنشفة، نظرت إلى أدهم الراقد على الفراش فوجدته يغط في نوم عميق..
نظرت يارا إلى أدهم بتعجب، فكيف كان قبل لحظات يتعجلها لكي تسرع وها هو الآن ينام تاركا إياها بمفردها..

وضعت يارا يدها في منتصف خصرها بعد أن نزعت المنشفة عن رأسها وألقتها جانبا...

نظرت يارا إلى أدهم بحنق، ثم هزت ساقيها في عصبية، وزمت شفتيها في ضيق، وبعدها توجهت ناحية الفراش، وتمددت عليه، وسحبت الغطاء من على أدهم وتدثرت به جيدا..
-يارا بضيق: اوووف.

وما هي إلا لحظات حتى وجدت أدهم يجذب الغطاء ناحيته ويلف به نفسه جيدا ويوليها ظهره و...
-أدهم بصوت ناعس: صحوني ع المدفع
-يارا باستغراب: مدفع؟
-أدهم وهو يتمتم: Zzzzzzz، هاتلي الحبة دول بس سخنهم كويس
-يارا بصوت خافت: واضح كده انك نايم وبتاكل رز مع الملايكة
-أدهم وهو يتمتم بكلمات غير مفهومة: Zzzzzzzzz، الله! سيبولي شوية وإلا مش هيحصل طيب.

-يارا مندهشة بضيق: لأ مش رز بس ده انت زمانك أكلت الملايكة نفسهم...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة