قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والثلاثون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والثلاثون

رواية الفريسة و الصياد الجزء الثاني للكاتبة منال سالم الفصل التاسع والثلاثون

في فيلا زيدان
استيقظ زيدان من نومه على أثر صراخ شاهي العالي، نظر إلى جواره فلم يجدها، فإنتابته موجة من الغضب العارم، دلف خارج الغرفة وعلى وجهه بركان غضب ثائر على وشك الانفجار..

ارتعدت شاهي حينما رأت نفسها سجينة هذا البغيض مجددا، زحفت للخلف بمرفقيها في محاولة يائسة منها أن تبتعد عنه، ولكنها تفاجئت بزيدان يشهر مسدسه في وجهها...

خفق قلب شاهي رعبا حينما رأت ذلك المسدس مشهرا في وجهها، شحب لون وجهها، وتجمدت أوصالها فزعا، نهضت عن الأرض بمفردها، وابتلعت ريقها في خوف شديد..
حاولت أن تتحدث ولكن حلقها كان جافا للغاية، هربت الكلمات من على فمها، نظرت إليه بتوجس شديد، في حين ظل هو ينظر إليها بأعين قاتل لا قلب له..
وفجأة ضغط زيدان على الزناد لتنطلق طلقة هادرة من مسدسه فتمر بمقربة شديدة من شاهي التي ظنت أنه أصابها في مقتل...

تلذذ زيدان برؤية علامات الرعب جلية على وجه شاهي، ولكنها لم تتحمل ذلك الرعب فخارت قواها فورا، وسقطت على الأرض فاقدة للوعي...
رمقها زيدان بنظرات مخيفة، ثم اقترب منها، وجثى على أحد ركبتيه، ومال برأسه على أذنيها و..
-زيدان بصوت مخيف: قولتلك مش هتقدري تهربي مني مهما حصل..!

وضع زيدان سلاحه الخاص جانبا، ثم مد أحد ذراعيه أسفل ظهر شاهي، والأخر أسفل ركبتيها ثم حملها بين ذراعيه، واتجه بها نحو الدرج، ثم صعد إلى غرفة نومه، ووضعها على الفراش، وظل جالسا إلى جوارها يتأمل سكونها..
عبث زيدان بشعرها، ثم نزل بيده على وجنتها وظل يتحسس برودتها بأطراف أصابعه..

كان يثيره حقا هو عدم استسلامها رغم كل ما يفعله بها، لن ينكر أنه قد أعجب حقا بشجاعتها المفرطة والتي يمكن أن تودي بحياتها، فهي تسعى بكل زوايا كيانها أن تحقق هدفها، شعر لوهلة ما أنها تشبهه في طريقته، ألا وهي الإصرار على فعل ما يريد مهما كلف الأمر..

شهقت شاهي في إغمائتها، وارتفع صدرها فجأة ثم انخفض في نوبة توتر منها، فانزعج زيدان، ولكن تكرر الأمر مجددا مما جعله يقلق..
وضع زيدان يديه على ذراعيها ليثبتها بقوة لأن الأمر قد تكرر للمرة الثالثة على التوالي بطريقة أشد..

ارتعش جسد شاهي فجأة، وظلت تتحرك بطريقة عصبية ولا إرادية، فإنحنى زيدان أكثر عليها وثبتها بجذعه القوي، ثم رفعت رأسها فجأة بلا وعي لتصطدم شفتيها بشفتيه، فيقبلها برغبة وهو ينظر إليها بنظرات استغراب، وما هي إلا لحظات حتى سكنت تماما، ومالت رأسها للخلف وإرتخت على الوسادة، كان زيدان مسلطا بصره عليها، متأملا إياها بطريقة مختلفة عما مضى، لقد تمتع هذه المرة بقربه الشديد منها بإرادتها رغم عدم وعيها...

أرخى زيدان قبضتي يده عن ذراعيها، والتي طبعت عليهما أثار أصابعه..

تصببت شاهي عرقا غريزا، والتصقت خصلات شعرها بجبينها، وانسدل البعض على عينيها، فكانت ترمش لا إراديا لتزيحهم بعيدا، فمد زيدان إصبعيه، ثم أبعدهما برفق عن عينيها وأرجعهما للخلف، ومسد على شعرها برفق، ونظر إليها مجددا بنظرات راغبة، وانحنى برأسه على فمها ليقبلها مجددا على شفتيها ولكن هذه المرة قبلة رقيقة غير تلك القبل التي اعتاد أن يجعلها تتآلم منهم وتقاومه فيهم بتقزز واشمئزاز...

ابتعد زيدان فجأة عن شاهي، ونهض عن الفراش حينما شعر أن هناك خطب ما به، أشاح ببصره بعيدا عنها، ووضع يده على رأسه و..
-زيدان بنبرة متوترة: ايه اللي أنا بفكر فيه ده، هو، آآآ، هو أنا جرالي حاجة في مخي ولا ايه..!

سار زيدان بخطوات مضطربة في اتجاه باب الغرفة، ودلف للخارج ثم صفع الباب خلفه بقوة، وتوجه نحو الدرج ونزل إلى غرفة الصالون...

أمسك زيدان بعلبة السيجار الكوبي الموضوعة على الطاولة الرخامية في غرفة الصالون، ثم أخذ سيجارة منها، وأشعلها بولاعته الذهبية وظل يدخن بشراهة محاولا السيطرة على شيء ما ظن أنه قد تحرك في داخله...

ثم سار ناحية باب الفيلا، وأمسك بالمقبض وأداره، ودلف للخارج حيث أشار للحرس الخاص به فتجمعوا في لحظة، وبدأ ينهرهم بشدة، وشدد عليهم حتى لا يتكرر الأمر مجددا، ثم عاد إلى الداخل، ولكن هذه المرة قرر أن يقضي ليلته في غرفة المكتب بعيدا عن شاهي...

في صباح اليوم التالي
في منزل كارما هاشم
استيقظت كارما مبكرا حتى تستطيع أن تستعد وتذهب إلى عملها قبل أن تتلقى التوبيخ من خالد وخاصة أن سيارتها الحمراء ليست بحوزتها..

ارتدت كارما قميصا حريريا من اللون النبيذي تنتهي ياقته بشريطين معقودين كالفيونكة، ومن الأسفل تنورة سوداء تصل للركبة وعليها حزام معدني يجمع بين اللونين الأسود والفضي، وغطت ساقيها بجوارب سوداء شفافة، بينما ارتدت في قدميها حذاءا كلاسيكيا من اللون الأسود ذو كعب عالي نسيبا..
عقصت كارما شعرها للخلف كذيل حصان، وتركت خصلتين تنسدلان على وجنتيها...

دلفت كارما إلى غرفة أختها الصغرى كنزي لتودعها، ووعدتها أن تتصل بها في وقت الراحة..
أومأت كنزي برأسها وهي ناعسة في فراشها، فمسدت كارما على شعرها، ثم سارت نحو باب الغرفة ونظرت إليها مرة أخرى قبل أن تغلق الباب خلفها..

اتجهت بعدها نحو باب المنزل، وفتحه في هدوء، ثم أغلقته خلفها وتوجهت نحو المصعد ونزلت إلى الأسفل.

استقلت كارما سيارة أجرة لكي تصل إلى الشركة، وطلبت كارما بذوق بالغ من السائق أن يسرع حتى تتمكن من الوصول في موعدها..

في فيلا رأفت الصياد
على غير عادتها المعهودة نهضت فريدة من فراشها مبكرا، واطمأنت أن الملف المطلوب موجود في حقيبة يدها، ثم على عجالة أعدت حقيبة سفر صغيرة ووضعت بها ثيابها، ثم وقفت أمام المرآة تكمل ارتداء باقي ملابسها...

دلفت فريدة بعد ذلك خارج غرفتها وهي تجر من خلفها حقيبة السفر..
تركت فريدة الحقيبة بجوار باب غرفتها، ثم توجهت للدرج ونزلت عليه، ثم صاحت عاليا في الخادمة صباح لكي تصعد إلى الأعلى وتحضر حقيبتها..

رفضت فريدة أن تتناول طعام الفطور كالعادة، فهي تشعر بالاضطراب، أمسكت فريدة بهاتفها المحمول ثم اتصلت بأحد الأشخاص لتتأكد من وصوله بسيارته إلى باب الفيلا..

أحضرت صباح الحقيبة من الأعلى، ووضعتها بجوار مدخل الفيلا، في حين جلست فريدة في غرفة الصالون ترتشف قدحا من الشاي قد أعدته صباح لها..

في شركة الصياد
وصلت كارما إلى الشركة بعد الميعاد المخصص لها بقليل، ورغم هذا حمدت الله أنها تمكنت من الوصول رغم زحام الطرق بالسيارات، ثم ركضت مسرعة نحو مدخل الشركة، ودلفت إلى الداخل، وتوجهت بعدها إلى المصعد..

سارت كارما بخطوات متثاقلة نحو مكتبها الموجود على مقربة من المرحاض، ثم جابت ببصرها أسفله ومن حوله وتأكدت أنه خال مما يعكر صفو اليوم عليها..
جلست كارما على المكتب، ثم زفرت في ضيق، فالوقت مازال مبكرا ولم يأت أي أحد بعد للشركة حتى السعاة..

ظلت كارما بمفردها لبعض الوقت فشعرت بالخمول يسري إلى جسدها وتثاءبت قليلا ثم قررت أن تريح رأسها لبعض الوقت على سطح مكتبها حتى يحضر الموظفون إلى العمل...

حضر بعض قليل الساعي ناصف، ورأها وهي تستند برأسها على المكتب، فلم يهتف، وتوجه إلى غرفة السعاة ليبدأ عمله
في فيلا زيدان
لم ينم زيدان جيدا طوال الليل، فقد أرقه ما حدث مع شاهي، فهو لم يضع المشاعر في الحسبان..

توجه زيدان إلى غرفة نومه، ثم فتح الباب بهدوء، واقترب من شاهي التي كانت لا تزال غافلة، ثم مرت عيناه ببطء على تقاسيم جسدها، ولكنه أشاح ببصره مججدا بعيدا عنها حينما أدرك أنه يكرر نفس الخطأ مرتين..
توجه زيدان ناحية الدولاب، ثم انتقى منه حلته السوداء ودلف إلى المرحاض ليبدل ملابسه بالداخل..

ادعت شاهي أنها نائمة حتى تتجنب التعرض لأذية زيدان لها، فقد بات الكابوس الذي لن ينتهي أبدا..
حاولت شاهي قدر الإمكان أن تبدو طبيعية وألا تضطرب أمامه..
تقلبت شاهي في الفراش وأولت ظهرها لباب المرحاض حتى لا يتمكن من رؤية وجهها، وفحص تعابير وجهها، وبالتالي كشفها، حبست أنفاسها وضغطت بقوة على أصابع يديها في توتر، فبدت متشنجة أكثر منها مسترخية في فراشها.

انتهى زيدان من تبديل ملابسه، ثم أسرع للخارج ومشط شعره على عجالة، وانصرف دون أن ينظر إلى شاهي، وأغلق الباب خلفه بهدوء.

تنفست شاهي الصعداء بعد رحيله، فاعتدلت في الفراش، ثم أجهشت بالبكاء وهي تتذكر أنها كانت على وشك القتل بالرصاص، دفنت شاهي رأسها بين يديها، وظلت تبكي بحرقة..

ولكن كانت الصدمة لها حينما فتح زيدان الباب مرة أخرى ليأتي بهاتفه المحمول من على الكومود، حيث نظرت إليه بنظرات خائفة مرتعدة، تجمدت الدماء في عروقها، خافت أن يعيد الكرة معها من جديد، ولكنه لم يفعل لها شيئا هذه المرة، بل مد يده وأخذ هاتفه من على الكومود وانصرف في هدوء...
إنتاب شاهي القلق، فقد ظنت أنه يضمر لها شيئا أشد قسوة، وهو قد تركها هكذا لكي يحرق أعصابها قبل أن يعاقبها من جديد..

في ألمانيا
في مطار برلين تيجيل الدولي
وصل كلا من أدهم ويارا إلى المطار بعد أن أوصلهم مستر شرودر، وودعهما، وتعهد بأن يأتي إلى زيارتهما وباقي العائلة في القاهرة لاحقا..
دلفا كلاهما إلى الداخل، وقاما بإتمام إجراءات السفر في المكان المخصص لهذا، ثم جلسا في المنطقة المخصصة للانتظار..
استندت يارا برأسها على كتف أدهم الذي أحاطها بذراعه و..
-أدهم مبتسما: هانت يا قلبي، شوية وهانرجع بلدنا تاني.

-يارا بتوتر: الواحد شايل هم ركوب الطيارة
-أدهم بنبرة واثقة: ماتشليش هم أي حاجة طول ما أنا معاكي
-يارا بقلق: ربنا يستر.

مد أدهم يده وأمسك بكف يد زوجته يارا، ثم رفعه إلى فمه، وقبلة في حنية، في حين نظرت هي إليه بأعين عاشقة..

تابعهما من على بعد شاهين، الذي حجز هو الأخر مقعدا على نفس الطائرة..
ظل شاهين يراقبهما بأعين متفحصة، وجعل شاغله الأكبر هو إبلاغ رب عمله زيدان بأهم الأخبار عنهما...
في فيلا رأفت الصياد
دلف خالد خارج غرفته بعد أن ارتدى حلته ذات اللون الرصاصي الفاتح، ومن أسفلها قميصه الأزرق الزاهي، لم يرتدي خالد رابطة عنق كالعادة، بل ترك أزرار القميص مفتوحة حتى مقدمة صدره.

توجه خالد إلى غرفة المكتب ليحضر حقيبته الجلدية التي تركها على المكتب بالأمس، ولكنه حينما دلف للخارج وتوجه ناحية باب الفيلا لمح حقيبة سفر بجواره، فأدار رأسه للخلف محاولا معرفة سبب وجود تلك الحقيبة هنا، ثم سار في اتجاه المطبخ، ولكنه تفاجيء بوجود والدته في غرفة الصالون، فغير مساره إلى هناك.

دلف خالد إلى غرفة الصالون، فارتكبت فريدة حينما رأته، ونهضت عن الأريكة، فتأمل هو هيئتها والتي يبدو منها أنها على وشك الذهاب للخارج و..
-خالد باستغراب: ماما، انتي لابسة كده ليه؟ هو انتي خارجة الوقتي؟
-فريدة بتردد: آآآ، أها، أصل، آآآ، انا مسافرة
-خالد وهو يعقد حاجبيه في دهشة: مسافرة!
-فريدة وهي توميء برأسها: ايوه
-خالد بنبرة متعجبة: بس حضرتك مقولتليش انك مسافرة
-فريدة وهي تبتلع ريقها: مجتش مناسبة.

-خالد بنبرة شبه حانقة: مجتش مناسبة ازاي، واحنا امبارح كنا مع بعض في المكتب.

صمتت فريدة للحظات تحاول أن تفكر في حجة ما أكثر إقناعا، وبالفعل توصلت إلى...
-فريدة بنبرة مترددة: آآآ، أصل مكنش الموضوع أكيد، يعني مكونتش متأكدة ان، آآ، ان كنت هسافر ولا لأ!
-خالد على مضض: وحضرتك مسافرة فين ان شاء الله!
-فريدة بنبرة هادئة: بورتو السخنة
-خالد بصدمة: ايييييه! السخنة! ولوحدك!

-فريدة وهي تمط شفتيها: مالها السخنة، عادي يعني، وبعدين دي حفلة تبع الجمعية الجديدة اللي أنا فيها، هخلصها وأرجع
-خالد بضيق: طب مقولتليش ليه من بدري عشان أظبطلك عربية توديكي وتجيبك وآآآ..
-فريدة مقاطعة وهي تشير بيدها: خلاص أنا عملت كل حاجة، ماتقلقش!
-خالد بنبرة منزعجة: طب وهاتقعدي أد ايه هناك؟
-فريدة وهي تزم شفتيها: يومين تلاتة بالكتير.

-خالد وهو يزفر في ضيق: أرجوكي يا ماما لو في حاجة بعد كده زي الموضوع ده يا ريت تبقي تعرفيني قبلها بوقت كافي
-فريدة باقتضاب: طيب.

ثم دلفت صباح من الخارج لتبلغ فريدة بوصول سيارة سياحية واصطفافها أمام بوابة الفيلا لكي تقلها إلى رحلتها القادمة لبورتو السخنة، فأشارت لها فريدة بالانصراف وأخذ حقيبة سفرها ووضعها بتلك السيارة، ثم ودعت خالد وسارت معه إلى الخارج، وطلبت منه ألا يضيع وقته، ويذهب إلى عمله، ولكنه أصر على أن يصطحبها إلى باب السيارة السياحية، وأوصى السائق عليها، كما أخذ منه بيانات الشركة وبياناته الشخصية وأرقامه حتى يتواصل معه..

ثم انطلقت فريدة مع السائق إلى رحلتها المزيفة...
توجه خالد - بعد أن ودع والدته واطمأن عليها - إلى الجراج ليستقل سيارته..

فتح خالد باب السيارة الخلفي، وأسند حقيبته الجلدية على المقعد الخلفي، ثم أغلق الباب، وفتح الباب الأمامي وجلس خلف المقود، وأدار محرك السيارة، ثم ضغط على دواسة البنزين، وانطلق بالسيارة نحو مقر الشركة.

على متن الطائرة
جلست يارا على المقعد المجاور للنافذة، وظلت تفرك يديها في توتر، فأمسك أدهم كف يدها، وجعل أصابعه تتخلل أصابعها، وحاول بث الطمأنينة فيها..
ابتسمت يارا إلى أدهم ابتسامة عذبة تحمل القليل من الخوف، فنظر لها أدهم ابتسامة مطمئنة..
اقتربت المضيفة من كلاهما واطمأنت أن كل شيء على ما يرام ثم انصرفت..

جلس شاهين على بعد كم مقعد منهما، وظل يتابعهما عن كثب..

أعلن الميكروفون الداخلي للطائرة أنها على وشك الإقلاع وعلى الجميع ربط الأحزمة، فأخذت يارا نفسا عميقا وحبسته، وأغمضت عينيها في توتر شديد، وتصلب جسدها للحظات في حين ظل أدهم ممسكا بكف يدها محاولا تهدئة روعها..

في شركة Territorial
أوصل سائق السيارة السياحية فريدة أولا إلى مقر شركة زيدان، حيث طلبت منه أن تعرج على قريبها هذا أولا، وأمرته أن ينتظرها ريثما تنتهي..
وبالفعل دلفت فريدة إلى داخل مقر الشركة والذي ذهلت من كبر حجمها، وتصميمها الهندسي الفخم..
لم تتوقع أن يكون عدلي أو ابن أخيه بمثل هذا الثراء، وزاد قلبها حقدا ناحية أختها، فهي دائما ما تنال الأفضل، في حين عانت هي مع رأفت وحبه البارد لها..

توجهت فريدة إلى الاستقبال وطلبت مقابلة زيدان الباشا لأمر طاريء، وبالفعل اصطحبها أحد الحرس الموجودين إلى مكتبه بعد أن علم زيدان بوجودها في الأسفل..

دلفت فريدة إلى مكتب زيدان بعد أن سمحت لها السكرتيرة بهذا، فوجدته جالسا على مكتبه الضخم والفخم بكل هيبة
رمق زيدان فريدة بنظرات احتقار، ثم..
-زيدان بنبرة صارمة: جبتي الملف!
-فريدة على مضض وبنبرة متهكمة: اكيد! أومال يعني أنا جاية هنا ليه الوقتي
-زيدان وهو يمط شفتيه في إعجاب: طول عمرك مصيبة يا فريدة هانم.

توجهت فريدة ناحية مكتب زيدان، ثم جلست على المقعد الجلدي الموضوع أمامه، ووضعت ساقا فوق الأخرى، وأسندت حقيبتها على الطاولة الزجاجية الصغيرة الموضوعة أمام مقعدها...
ثم أخرجت فريدة ملف صفقة ( توريدس ) من حقيبة يدها، و مدت يدها إلى زيدان وهي تحمل الملف، ليتناوله هو منها ويبدأ مطالعة ما فيه بنظرات شيطانية...
-فريدة بضيق واضح: اوووف، ياريت تبقى دي أخر مرة تطلب مني حاجة بالشكل ده!

-زيدان وهو يلوي فمه في جدية: مش بمزاجك! أنا اللي اقول امتى!
في شركة الصياد
غفت كارما على مكتبها بعد أن أسندت رأسها على ساعديها الموضوعين عليه، مر عليها عددا من الموظفين والموظفات ورمقوها بنظرات استغراب ممزوجة بالتساؤلات..
وبالطبع استغلت بعض الموظفات الحاقدات ذلك الموضوع و تفنن في إطلاق الشائعات عنها، وأنها تقضي الليل بصحبة أحدهم وبالتالي تعجز عن مواظبة عملها الصباحي...

وصل خالد إلى مقر الشركة، وصف سيارته أمام مدخلها وطلب من السائس وضعها في جراج الشركة، ثم دلف هو إلى الداخل، وتوجه إلى المصعد، وضغط على زر الطابق العاشر..

ماهي إلا لحظات حتى وصل خالد إلى الطابق العاشر الموجود به مكتبه، وقبل أن يتوجه إليه قرر أن يعرج أولا على كارما ليرى أن كانت قد حضرت بالفعل أم أنها تتجاهل أوامره...

وصل خالد إلى حيث يوجد مكتب كارما، وتفاجيء بها غافلة على مكتبها، فتملكه الغضب، وكور قبضة يده في حنق و..
-خالد بصوت صادح: نااااااااصف! ايه اللي بيحصل هنا.

انتفض جسد كارما فزعا على إثر صوته الهادر في المكان، ونهضت عن مقعدها ونظرت إليه بأعين مترقبة وشبه ناعسة..

رمقها خالد بنظراته الغاضبة، وزم شفتيه في انزعاج واضح منها، في حين حضر ناصف إليه، ثم أطرق رأسه في قلق و...
-خالد وهو يشير بيده بنبرة غاضبة: انت مش بتابع شغلك كويس ليه؟
-ناصف بنبرة خائفة: والله يا بشمهندس أنا كنت بودي الورق ل، آآآآ..
-خالد مقاطعا بحدة: والهانم اللي جاية تنام هنا، مش شغلتك تتابعها!

شعرت كارما بالاهانة من كلمات خالد اللاذعة لها، فهي لم تقصر في عملها، هي كانت تنتظر ما يتم تكليفها به لكي تؤديه على أكمل وجه، ولكنها غفت دون قصد منها، فربما رؤيته لها وهي نائمة أثار حنقه، ولكن الأمر لا يستدعي كل هذا الانفعال الغير مبرر..
حاولت كارما أن تعتذر له عن خطأها الغير مقصود ولكنه رمقها بنظرات مهينة و...

-خالد بنبرة غاضبة ومتهكمة: ماهو انتي مش فاضية غير لنقل أخبارنا أو لرمي شباكك على واحد، هه، زي تملي!

نظرت كارما إليه بنظرات مشتعلة من الحنق الشديد، و...
-كارما بنظرات حانقة للغاية: لو سمحت، أنا آآآ...!
-خالد مقاطعا بلهجة حادة: تسمحي ولا ماتسمحيش ده مايفرقش معايا، انتي هنا في شغل يعني مش جاية عشان تنامي، ولا تكونيش مفكراها تكية أبوكي، ولا الأبعدية اللي سايبهالك تبرطعي فيها براحتك.

فغرت كارما شفتيها في غضب واضح، وحاولت أن ترد عليه، ولكنه أشار لها بيده لكي تصمت، ثم إلتفت خالد إلى الساعي ناصف ووبخه بشدة على تركه كارما هكذا دون متابعة، ثم سار مبتعدا عن كلاهما..

رمق الساعي ناصف كارما بنظرات مغتاظة و..
-ناصف بضيق: عاجبك كده، ما نابني منك غير الكلام والتهزيق، دي أخرت اللي يعمل معروف مع أشكال ماتستهلش..!
-كارما بصدمة: افندم!
-ناصف بوجه عابس ونبرة جادة: خشي يا أستاذة على الأوضة دي، وطلعي أوردر النهاردة، ووزعيه على كل الأدوار اللي ناقص منها حاجة...!

انصرف الساعي ناصف وهو يغمغم بكلمات غير مفهومة، في حين أخذت كارما نفسا عميقا حاولت أن تسيطر به على نوبة الغضب الهائجة في داخل صدرها و...
-كارما وهي تعض على شفتيها بغيظ: طيب..
في شرم الشيخ
في أحد الفنادق الشهيرة هناك
طلب جاسر رؤية نهى قبل سفره حيث تم تكليفه بمهمة جديدة، لذا أراد أن يسلم عليها قبل أن يغادر، جلس جاسر في الاستقبال الملحق بالفندق على أحد الآرائك منظرا قدومها..

ارتدت نهى فستانا صيفيا قصيرا من اللون الأبيض وذو حملات رفيعة، ومزادن بورود كبيرة من اللون الأحمر على أطرافه، ثم وضعت شالا خفيفا على أكتافها من اللون الأبيض، وارتدت في قدميها صندلا صيفيا من اللون الفضي اللامع..

خطت نهى بخطوات رشيقة حتى وصلت إلى جاسر وعلى وجهها ابتسامة عذبة...
مد جاسر يده ليصافح نهى بعد أن رأها، ثم أشار لها لكي تجلس..
كانت نهى متلهفة لرؤية جاسر والحديث معه، خاصة أنها تعلم أن حالته المزاجية مضطربة حاليا..
تنهد جاسر قبل أن يبدأ حديثه، وظل يعبث بميدالية مفاتيحه بأصابع يده، في حين نظرت نهى إليه بتمعن شديد و..
-جاسر بتنهيدة حارقة: نهى!
-نهى بنظرات مترقبة: ايوه.

-جاسر وهو مطرق الرأس: أنا كنت عاوز أقولك إني آآ..
-نهى بنظرات قلقة: خير يا جاسر؟ في ايه؟
-جاسر بتردد: آآآ، أنا، أنا كنت جاي أسلم عليكي قبل ما هسافر.

خفق قلب نهى في قلق شديد، شعرت أن نبضات قلبها تتسارع، وان صدرها قد انقبض فجأة و...
-نهى وهي تبتلع ريقها: ت، تسافر؟
-جاسر وهو يتنحنح بخشونة: احم، آآ. ايوه
-نهي بنظرات متسائلة: طب ليه؟
-جاسر وهو يلوي فمه: يعني بحاول أتلهي في الشغل شوية
-نهى بنبرة حزينة: طب وأنا؟

رفع جاسر بصره، ونظر مباشرة في عيني نهى و...
-جاسر بصوت خافت: انتي غالية عندي أوي يا نهى، بس اديكي شايفة الوضع عامل ازاي.

مدت نهى يدها وأمسكت بقبضة يده، ونظرت إليه بأعين راجية و...
-نهى برجاء: أرجوك يا جاسر متبعدش
-جاسر بنبرة هادئة: أنا مش ببعد، أنا بس محتاج أفكر مع نفسي وأشوف هاعمل ايه
-نهى وهي تزم شفتيها في حزن: أنا مش عارفة أقولك ايه
-جاسر بنظرات قلقة: أنا عاوزك تحطي نفسك مكاني يا نهى، انتي عارفة كل حاجة حصلتلي، وكل اللي مر بيا، أنا، آآآ...
صمت جاسر للحظات وكأنه يحاول أن يجمع شتات نفسه، ثم...

-جاسر مكملا بنبرة حزينة: أنا مابقتش عارف أعمل ايه بالظبط، أنا حاسس إني ضايع، ماليش هوية، محتار جدا..
-نهى متسائلة: ايه اللي محيرك بس؟
-جاسر على مضض: يعني مش عارفة يا نهى؟ يعني أثبت نسبي الحقيقي، وده معناه اني هافضح والدتي ويمكن تتسجن وفي الحالة دي هتأثر في شغلي، واحتمال كبير أسيبه، ولا أسكت واكتم في نفسي واستحمل اني أبقى عايش كده منسوب لأب تاني، ده غير موضوع حقيقة نسب شاهي وآآآ...

أخذ جاسر نفسا عميقا، ثم أخرجه بتثاقل من صدره و...
-جاسر بنبرة تحمل الآسى: وكل ده بسبب غلطات ناهد هانم!
-نهى بنظرات حانية: كل ده هايعدي يا جاسر، صدقني مافيش حاجة بتفضل على حالها
-جاسر بتهكم: هه، بتبقى أسوأ..!
-نهى بصوت ناعم: أنا جمبك يا جاسر ومش هاتخلى عنك مهما حصل..!

ابتسم جاسر لنهى ابتسامة ممتنة لكل ما تبذله من جهد مضني معه..
في شركة Territorial
تفحص زيدان الأوراق التي أحضرتها فريدة في ملف ( صفقة توريدس )، وابتسم ابتسامة شيطانية حينما تأكد من صحة المعلومات الموجودة بها..

سمح زيدان لفريدة بالانصراف بعد أن إطمأن من أن تلك المعلومات ستساعده في توجيه ضربة قاسمة لشركة الصياد، ولكنها رفضت أن تتحرك من المكتب قبل أن تأخذ التسجيل المرئي الخاص بها، نظر لها زيدان بنظراته القاتمة، و..
-زيدان بنبرة مخيفة: ده بعينك يا فريدة هانم لما تاخديه
-فريدة بنبرة حانقة: يعني ايه؟
-زيدان بجدية شديدة: مش هاتخديه غير لما اخلص كل اللي أنا عاوزه منك
-فريدة بحنق: هو انت مش بتشبع أبدا.

-زيدان غامزا بمكر: لأ، وهاتي رقم ابنك
-فريدة باستغراب: ابني مين؟
-زيدان بنبرة ساخرة: البشمهندس الكبير خالد
-فريدة متسائلة: ليه؟
-زيدان بصرامة: مايخصكيش
-فريدة وهي تزفر في ضيق: أوووووف.

دونت فريدة رقم هاتف ابنها خالد في ورقة صغيرة، ثم أعطتها لزيدان وهو تمط شفتيها في حنق..
-زيدان بنبرة باردة: يالا بالسلامة.

رمقت فريدة زيدان بنظرات مغتاظة وهي تنهض من مقعدها، فهو رفض أن يسلمها محتوى التسجيل المصور، وبالتالي ستظل هي مهددة منه، وستضطر أن تنصاع مجددا لأوامره..
سارت فريدة نحو باب مكتبه، ثم أمسكت بالمقبض وأدارته وفتح الباب ودلفت للخارج وهي تسب وتلعن حظها العثر الذي أوقعها مع هذا الشيطان...
في لندن
في المركز الطبي
وصل رأفت وبصحبته زوجته السيدة صفاء إلى المركز الطبي الذي يعمل به الطبيب وحيد..

كان في انتظارهما الطبيب وحيد، ورحب بهما كثيرا، خافت صفاء أن يكون أمل شفائها مجرد وهم كاذب، ولكن طمأنها الطبيب، و..
-وحيد مبتسما: اطمني يا صفاء هانم، مافيش حاجة بعيدة عن ربنا
-رأفت بنبرة فرحة: ونعم بالله، أنا متفائل خير
-صفاء بقلق: ربنا يستر
-وحيد وهو يشير بيده: يالا بينا على أوضة الفحص، في هناك nurses هيساعدوكي يا صفاء هانم
-صفاء وهي توميء برأسها: اوكي.

-رأفت وهو يدفع كرسيها المدولب: بسم الله، توكلنا على الله.

وبالفعل دلفت السيدة صفاء إلى الغرفة المخصصة للفحص الكامل والملحقة بالمركز الطبي، وعاونتها بعض الممرضات المتخصصات في تبديل ثيابها، وفي وضعها على الفراش الطبي، وبدأت عملية الفحص الدقيق لحالتها...

في شركة الصياد
دلف خالد إلى مكتبه، وجلس على مقعده الجلدي الوثير بعد أن تملك الغضب منه بسبب أفعال كارما الغير مسئولة..
وقد نمى إلى مسامعه بعض الأحاديث الجانبية التي تطرقت إلى علاقات كارما بالرجال فاشتعل غيظا..
لقد لعن ذلك العقد الذي أبرمه معها، فهو مضطر لأن يكمل هذا الشهر معها رغم كرهه لها..

أسند خالد حقيبته الجلدية على سطح مكتبه، ثم فتحها، وأخذ يبحث عن الملف الخاص بالصفقة الجديدة بداخلها، ولكنه للأسف لم يجده بالداخل..
ظن خالد في البداية أنه قد نسى ان يضعه في الحقيبة، ولكنه فكر مع نفسه قليلا وتذكر أنه وضعه بالأمس قبل أن يرحل من الشركة..

نهض خالد عن مكتبه، وظل يفتش في كل ركن به عن ذلك الملف، حتى أنه استدعى طاقم السكرتارية وطلب منهن جميعا البحث عن الملف المذكور، ولكن دون جدوى
تملك الغضب العارم من خالد وأخذ يصيح في الجميع بنبرة غاضبة وبكلمات هادرة ارتجت لها أركان غرفة المكتب، ثم طلب الساعي ناصف وسأله هو الأخر عن الملف، فأنكر ناصف رؤيته للملف، وأكد على أنه لم يدلف للمكتب منذ الأمس، فهو لا ينظفه إلا في وجوده..

بحث خالد مرة أخرى عن الملف في الحقيبة مجددا لعله لم ينتبه له، فوجدها خالية منه، فألقاها بعنف على الأرض، وظل يسير في الغرفة بخطوات منزعجة، ووجهه متجهم للغاية...

في شركة Territorial
قرر زيدان أن يشعل الأجواء قليلا، فعمد إلى الاتصال بخالد الصياد هاتفيا حتى يبلغه بأن ملف الصفقة بحوزته..
تمنى زيدان أن يرى وجه خالد حينما يبلغه بهذا الأمر، فهو يريد أن يتشفى منه، ويجعله يعاني الأمرين...

اتصل زيدان هاتفيا ب خالد، وترقب أن يرد عليه وابتسامة شيطانية تعلو وجهه...
في شركة الصياد
كان خالد في قمه انزعاجه - بسبب ضياع الملف وما فيه من أوراق ومعلومات هامة تخص تلك الصفقة - حينما رن هاتفه، أخرج خالد هاتفه من جيبه، ثم نظر إلى شاشته، فوجد رقما غريبا يتصل به..
ظن في البداية أنه ذلك السائق الذي يوصل والدته إلى بورتو السخنة، فأجاب على مضض و...

-زيدان هاتفيا بنبرة باردة وفيها نوع من التهكم: أخيرا حنيت عليا ورديت يا، يا بيه
-خالد بضيق: مين معايا؟
-زيدان بنبرة أكثر برودة: هه، أنا اللي هاخرب بيتك ان شاء الله.

احتقن وجه خالد سريعا بالغضب، وعقد جبينه في غضب و...
-خالد بنبرة حادة: تخرب بيت مين يا بن ال ***
-زيدان مقاطعا وبصرامة: طولة لسان مش عاوز وإلا هايكون ردي عنيف هتندم عليه انت واللي خلفوك
-خالد بنبرة منزعجة: واضح انك واحد متخلف وفاضي وعاوز آآآ...
-زيدان بنبرة قوية: اخرس شوية واسمعني
-خالد بحدة: مين ده اللي يخرس، ده أنا هاطلع ***** ****.

تعالت ضحكات زيدان وهو يستمع إلى نبرة خالد الغاضبة، فأدرك أنه قد بلغ هدفه و..
-زيدان بنبرة جادة: لأ واضح اني فعلا حرقت دمك، لأ ولسه
-خالد بضيق بالغ: أحسن حاجة أقفل الخط في وشك و آآ...
-زيدان مقاطعا بنبرة هادئة نسبيا: اهدى بس واسمعني، ده الموضوع يهمك برضوه..

تحمل خالد على نفسه قليلا ليعرف الغرض من وراء تلك المكالمة الغامضة..
-خالد وهو يزفر في ضيق: اووووف، استغفر الله العظيم
-زيدان بنبرة باردة: أنا بشكرك على الهدية الغالية اللي بعتهالي مع حبايبك
-خالد وهو يرفع أحد حاجبيه في استغراب: نعم، هدية ايه، وحبايبي مين!
-زيدان بنبرة جادة: ملف صفقة توريدس، بجد مش عارف أقولك ايه، انت خدمت شركتي أوي
-خالد فاغرا شفتيه: ايييييييه؟

-زيدان ببرود وهو يجز على أسنانه: عمي عدلي الباشا لو موجود كان شكرك بنفسه..
-خالد بتوجس: انت، انت مين؟
-زيدان بنبرة قوية وبأعين قاتمة: أنا زيدان الباشا، عمل عيلة الصياد الأسود...!
-خالد بنظرات مصدومة: ميييييييييين!
-زيدان بتوعد ونبرة هادرة: عاوزك من دلوقتي تاخد بالك من نفسك أوي، لأني هاطلعلك في كل حتة، وهاطربأ الدنيا على دماغك انت واللي جابوك.

أنهى زيدان المكالمة بعد أن أشعل نيران الحقد في كل جزء من خالد..
نظر خالد أمامه بعينين مشتعلتين من الغضب، لم يصدق أن من هاتفه للتو كان ابن أخ عدوهم الأول عدلي...!
جاب خالد الغرفة وعلى وجهه علامات الحنق، وحدقتي عينيه تبرقان بغضب جم..
-خالد بعدم تصديق: طب ازاي؟ ازاي قدر يوصل للملف؟ ده كان معايا في الشنطة، وأنا نزلت بيها من الشركة وركبت العربية وآآآآ...

تذكر خالد ما حدث بالأمس مع كارما – إنها من كانت تعمل لدى عدلي حتى إبتلي هو بها، فقد كانت متواجدة لوقت متأخر في الجراج الخاص بالشركة..
نظر خالد أمامه بأعين مصدومة غير مصدقة أنه قد وقع في فخها بسهولة..

بلى، لقد ظن خالد أن كارما هي من سرقت الملف، حيث إدعت أنها تبدل إطار سيارتها وفقدت الوعي أمامه لكي يكون مجبرا على مساعدتها، وهو بالفعل قد تركها بمفردها في سيارته، حيث وضع حقيبته على المقعد الخلفي، وهي استغلت الفرصة وسرقته بدون علمه، فهي الجاسوسة المسلطة عليهم، كما أنه لم يفتح الحقيبة في الفيلا، ولو كان فعل هذا وأدرك اختفاء الملف فربما منعها من أن تصل إلى زيدان هذا وتسلمه إياه..

إذن تيقن خالد أن السارق لن يكون سواها..

لم يعرف خالد كيف يتصرف معها، فقد غليت الدماء في عروقه، واحتقنت كل ذرة فيه بالغضب الشديد، فسار بخطوات سريعة نحو باب مكتبه، وأمسك بالمقبض بقوة وكاد أن يخلعه فيها، ثم أداره وفتح الباب وصفعه بعنف خلفه، ودلف إلى الخارج.

توجس الجميع خيفة من هيئة خالد المريبة، فمن يقترب منه يشعر بأنه على وشك قتل شخص ما، لذا ابتعد الجميع عن طريقه، بينما سار هو في اتجاه مكتب كارما الموجود على مقربة من المرحاض..

في فيلا رأفت الصياد
وصلت ناهد إلى فيلا عائلة الصياد، وتعمدت أن تصل مبكرة حتى تستطيع مقابلة أختها التي تتهرب منها، وكانت المفاجأة حينما علمت من الخادمة صباح أنها قد سافرت...
إنتاب ناهد نوبة من الجنون، وظلت تصرخ بطريقة هيسترية مما جعل عمر يستيقظ من نومه فزعا على أثر صراخها الرهيب..

نزل عمر على الدرج، وأسرع ناحيتها، ثم حاول جاهدا أن يهديء من ثورتها، ولكنه فشل و...
-عمر وهو يحاول الامساك بها: يا طنط اهدي بس
-ناهد بنبرة غاضبة: أمك بتهرب مني عشان عارفة اللي هي عملته
-عمر باستغراب: هي عملتلك ايه؟ ده انتو كنتو سمنة على عسل
-ناهد بحنق: عسل اسود على دماغها، والله ما هاسيبها لو راحت فين حتى
-عمر بنبرة هادئة: طب صلي على النبي كده، وكل حاجة هاتبقى تمام.

-ناهد وهي تزيح يده: ابعد عن خلقتي السعادي
-عمر متآلما: آآآي، طب وأنا مالي، هو انتو تتخانقوا مع بعض وأنا أخد على دماغي
-ناهد بنبرة غاضبة: اوعى من وشي..!

سارت ناهد وهي تسب في اختها بألفاظ بذيئة، في حين وقف عمر في مكانه مشدوها مما يحدث..

في شركة الصياد
في غرفة السعاة
اندمجت كارما في إتمام باقي عملها بداخل غرفة السعاة، حيث قامت بإعادة ترتيب ما تبقى من مناشف ورقية وأرواق تواليت على الأرفف العالية
كانت كارما قد انتهت من مليء الرفوف السفلية بأدوات التنظيف، ثم بدأت في رص المناشف في الأرفف العلوية، حيث أخذت السلم المعدني ذي اللون الأحمر والموضوع في أحد الأركان، وحملته على مهل ثم فردته وصعدت عليه حتى وصلت إلى الدرجة ما قبل الأخيرة فيه.

قاربت كارما على الانتهاء من عملها، وأمسكت بكشف ما في يدها، وبدأت تدون ملحوظات عما ينقص، وما يزيد عن الحاجة حتى تتمكن من مراجعة كل شيء بسهولة فيما بعد...
توجه خالد إلى مكتب كارما، فلم يجدها جالسة عليه، ووجد ناصف يمسح الأرضية، فسأله عن مكانها و...
-خالد بلهجة غاضبة: فين الهانم اللي مرزوعة هنا؟
-ناصف بتوجس وهو يشير بيده: آآآ، في الأوضة ب، بترصص العهدة!

انصرف خالد من امام الساعي ناصف، وتوجه إلى غرفة السعاة المجاورة..
كانت كارما مشغولة بتسجيل أخر مجموعة متواجدة من المناشف على الرف الأخير..
دلف خالد إلى الغرفة وهو يصيح بصوت صارم ومرعب في كارما التي كانت تنظر إليه بعدم فهم وهي مستندة على السلم الحديدي..
صب خالد جام غضبه عليها و...

-خالد بصوت صادح مليء بالغضب: كارما! كنتي مفكرة إني مش هاعرف انك سرقتي ملف الصفقة مني، أهوو اللي مشغلك اتصل بيا وعرفني يا هانم!

ارتعدت كارما من صوت خالد الجهوري، ونظرت إليه بنظرات خائفة، وحاولت أن تفهم منه الأمر، ولكنه استمر في الصراخ بها و...
-خالد بنبرة غاضبة: البيه بيعرفني ان الهانم الجاسوسة شغالة الله ينور! انتي اييييه يا شيخة
-كارما بصوت مرتعد ومتردد: أنا، أنا مش فاهمة حضرتك ب، آآآ بتكلم عن آآ، ايه.

جز خالد على أسنانه من الغيظ، ثم أشاح بيده في الهواء وهو ينظر إليها بنظرات محتقنة ومتوعدة و...
-خالد بحدة وهو يشيح بيده: اعملي غبية عليا، فكرك أنا عبيط وهصدقك، قسما بالله ما هرحمك...!

تحرك خالد خطوة للأمام فتراجعت كارما لا إراديا بجسدها للخلف، ونسيت أنها تقف على سلم غير مثبت، فترنح السلم بها، وفقدت توازنها، وصرخت عاليا وهي تسقط، فارتطم جسدها بالأرض ارتطاما قويا، واصطدمت رأسها بالحائط بشدة، وسقط السلم الحديدي فوقها..

تسمر خالد في مكانه، ولم يتحرك حينما رأى كارما تسقط أمام ناظريه، ظن للحظة انها نالت ما تستحق، ولكن تبدلت ملامحه للقلق الشديد حينما رأى الدماء تنزف بغزارة من فروة رأسها و...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة