قصص و روايات - قصص بوليسية :

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل العاشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل العاشر

رواية العميلة دي للكاتبة إسراء أحمد الفصل العاشر

، يجلس رضا أمام مكتب مسعود وهو يمسك برزمة من النقود، ينظر إليها بسعادة عارمة وبدأ في عدها، امتعض وجه مسعود، زفر بضيق، طرق بيده بقوة على مكتبه المتهالك فانتفضت لأثره الاشياء الموضوعة أمامه، صاح بحدة: - إنت لسه هتقعد لي وتعد، ما تقوم تغور في داهية، أنا ورايا شغل، لم يلقي لكلماته الجارحة بالا، استكمل عد النقود وهو يقول: - مالك يا عم خلقك ضيق كده ليه؟!، مش اطمن على بناتي الأول عاملين ايه؟! أجابه بسخرية: - وإنت يعني فارق معاك هم عاملين ايه؟! مش يهمك الفلوس اللي في إيدك، يالا بقي مع السلامة، هوينا ورايا شغل غيرك، بالفعل نهض وسار تجاه الباب وعقله مغيب بالكامل مع تلك الرزمة من النقود، كأنه مذهب العقل، فقد اصطدم بقوة بالجدار ولم يتوقف للحظات، وبعد مرور بضع ثوان دلف إلى مكتب مسعود بغضب، اقترب منه ممسكا بتلابيبه وهو يصيح: -.

إنت يا تاجر الأموات إنت، فين بنت عم رضا وديتها انهي بيت تخدم فيه؟!

إتكأ بظهره على مقعده الخشبي فأصدر أزيز ا يشير لقدمه، إلتقط إحدى سجائره وأشعلها، قائلا بسخرية: -.

إذا كان أبوها نفسه لسه بيقبض تمنها ومبسوط، وماتحمقش زيك كده، وبعدين دي أسرار عملاء ولا يمكن أخرجها أبدا، أما يجي أبوها يقولي عايزها أرجعهاله، حل مشاكلك مع عمك بعيد عني، أخرج سلاحا من جلبابه الفضفاض، صوبه تجاه رأس الأول بينما يهدده: - إنطق بدل ما أفرغ الطبنجة دي في دماغك وأخلص، هقولك، هقولك بس إبعد البتاع ده عني..

كان يقف بين يديه فزعا، بحث عن ورقة وقلم بتوتر بالغ مما جعل بعض الأشياء تسقط من أعلى المكتب، زفر بارتياح طفيف حينما وجدهما، دون سريعا وبخط غير واضح عنوانا وقرب الورقة من بدر بخوف: - اهو، العنوان اهو، خده بقي وسيبني، أنا شغلتها بطلب من أبوها، خطف منه الورقة ثم سار مبتعدا: - أبوها لسه حسابه معايا بعدين..

توقف عن السير فجأة ثم عاد له محذرا: - عارف لو روحت ولاقيتك بتخدعني، هقتلك، إنت فاهم، رحل عازما على التوجه إلى ذاك العنوان ومقره القاهرة
هز رأسه يمينا ويسارا بسخرية وهو يتحدث لنفسه: - أهبل، هيروح ولا هيوصل لحاجة، كان فين قبل ما تروح برجليها لقضاها..
جلس وهو يزفر بإرتياح، قبض على هاتفه واتصل بأحد ما وما إن آتاه الرد: - أيوة يا كبير، بتصل اطمن عالدفعة اللي بعتها تمام ولا إيه؟!، ..

طيب حلو أوي، بس أنا لازم أختفي بقى اليومين دول، ..
نفس الفيلا؟!
ااااه فاكرها، خلاص قبل المغرب هبقى هناك، .
تمام، سلام.

جمع أشيائه سريعا ثم أغلق مكتبه ورحل ركضت تبحث عنه في كل مكان بخوف وتوتر شديد، سألت أحد الحراس عنه فأجابها بأنه بإجتماع بالصالة الكبيرة يجتمع ببعض الزبائن للتحضير للمزاد الجديد، ركضت تجاه الصالة مسرعة، وصلت إلى مدخلها فتوقفت فجأة وعدلت من هندامها، فتحت الباب ودلفت مع رسم إبتسامة مصطنعة، تسير بدلال وغنج تجاهه، حيتهم جميعا ثم مالت تجاه أذنه وهمست: -.

(في بنت من البنات اسمها نور سخنت جدا وجالها تشنجات وشكلها بتموت )..

مازالا كلاهما يرسم إبتسامة مصطنعة على شفتيهما، همس إليها: - (وده وقته يا كيم؟!، مش عارفة تتصرفي في موقف أهبل زي ده؟! قولي ل رتشارد يتصرف يجيب الدكتور، ولو ماتت هو عارف يتصرف إزاي)، وبالفعل أطاعته ورحلت بعد أن حيت الجمع، وبطريق عودتها لغرفة الفتيات قابلها ريتشارد بخبر وفاة نور، لم تهتز أو تتعحب بل أكملت سيرها وقالت بثبات شديد: - ( جاك بيقولك اتصرف).

(عودة للماضي )
يتقلبون بأماكنهم بينما يأنون ألما، فتكبيل أيديهم للخلف وأرجلهم، لم يكن أبدا بالوضع المريح..
تمر الأيام وهم على ذات الحال، تبادلا الأحاديث لبعث الاطمئنان بنفوس بعضهم البعض، إعتادوا حالهم فيتناسوه تارة ويغرقون به تارة أخرى..
وإنت مكنتيش قادرة توافقي على العريس اللي متقدم لك ده أحسن من اللي إنتي فيه ده؟!
قالت تلك الكلمات وهي تتحرك يمنة ويسارا للتخفيف من ألام جسدها المرهق..

تنهدت نور بحزن شديد، تبللت تلك القطعة من القماش المخبأ بها عينيها إثر عبراتها المنهمرة بضعف وخيبة: -
مكنتش أعرف يا سمر، مكنتش أعرف، هو أنا مكتوب عليا العذاب، أهرب من نار جوز أمي للجحيم اللي أنا فيه ده..
مالت بجسدها تبحث عن سمر وما أن ارتطمت بذراعها حتى أسندت رأسها على ساق سمر وشرعت في بكاء حار..

تألمت سمر لبكاء تلك الصغيرة وكأنها تنعي حالها، فلم تكن سمر أفضل حالا من نور، إلا إن قلبها يحدثها بأن والدها يبحث عنها ولن يتركها مهما حدث على النقيض من تلك المسكينة الراقدة بجانبها..
مالت تجاه نور بينما تحاول أن تبعث الطمأنينة في قلبها، قالت بهدوء: -.

معلش يا حبيبتي، لولا الربطة اللي أنا فيها دي كنت أخدتك في حضني، هوني علي نفسك، ربنا مابيرضاش بالظلم، وإحنا في إبتلاء ولازم نصبر عليه، لازم نبقى كلنا يقين إن ربنا قادر يخرجنا منها..
إعتدلت نور في جلستها، كفكفت عبراتها بكتفها: -
كفاية إهتمامك بيا، أنا عمري ما حد اهتم بيا كده، سمر أوعي تسيبيني، ولو ربنا كتب لنا نرجع من هنا أوعي تسيبيني، أنا ماليش حد في الدنيا دي، أوعديني يا سمر..

أنا معاكي لحد أخر نفس فيا، ماتقلقيش يا حبيبتي، إحنا هنخرج من هنا، بس عايزاكي تبقي قوية، واللي مع ربنا مش بيضيع، خلي ثقتك في الله كبيرة..
قالت سمر تلك الكلمات لتبعث الأمل في قلب تلك التي اطمأنت بوجودها إلى جانبها، اقتربت نور مجددا من سمر، وضعت رأسها مرة أخرى على ساق الأخيرة، ثم غطت في ثبات عميق.

(عودة للحاضر). جالت هذه الذكرى في مخيلة سمر عقب علمها بوفاة نور، يقترب اليأس من قلبها، باتت تعلم أن النهاية تقترب، لم تكن على قدر الوعد الذي قطعته مسبقا ل نور، أخذت تلوم نفسها، كيف لم تطلب حمايتها ورفقتها بجانبها بعد أن فازت بحماية جاك.

مرت ساعات ومازالت تنعي صديقتها وحالها، حتى قطع حزنها فتح باب حجرتها على مصرعيه فجأة، إنتفضت فزعا، لملمت حالها سريعا، تدثرت بالغطاء جيدا، اطمئن قلبها قليلا لرؤية جاك، ولكن بعد رؤيتها لغضبه البادي بوضوح على ملامحه، تسرب الخوف الشديد إلى قلبها مجددا..
اقترب منها بخطوات سريعة غاضبة، قبض على ذراعها بقسوة وأجبرها على النهوض وهو يهدر بها بحدة: -.

ممكن أفهم إنتي مانزلتيش ل سو ليه لحد دلوقتي؟!، أنا مش منبه عليكي تقعدي معاها على أد ما تقدري عشان تتعلمي منها أصول الشغل وتقربي من الباشا..
لاحظ تورم جفنيها من أثر البكاء، فتسائل متعجبا: -
إنتي بتعيطي ليه؟!
طأطأت رأسها للأسفل بحزن، بدأت عبراتها تسقط مرة أخرى وهي تقول بضعف من بين شهقاتها: -
صحيح نور ماتت؟!
ظهر التعجب على ملامحه لوهلة وكأنه يتذكر من صاحبة هذا الإسم.

ااااااه، البنت اللي كانت جاية معاكي!، آه ماتت، بس إنتي زعلانة عليها ليه كده؟!
همت أن تجيب فقاطعها بهز جسدها بقوة وهو يقول: -
اسمعي بقى، العالم اللي داخلة عليه ده مفيهوش عزيز، أنا لو مصلحتي في موت أبويا هقتله، البقاء هنا للأقوى بس، قلبك ده اخلعيه وترميه خالص، مفيش مكان للمشاعر هنا، فهمتي ولا أعيد تاني؟!
هزت رأسها ب نعم، مسحت عبراتها سريعا، نهضت من على الفراش حتى تذهب إلى غرفة ( سو)..

حال بينها وبين المضي، قبض على فكيها بعنف، قائلا بهدوء مرعب: -
أوعي تكوني فاكرة إني مقدرش أتصرف من غيرك، أنا بس بحب شغلي يبقى نضيف وميبقاش ورايا أثر، وإنتي الوسيلة الوحيدة اللي هتوصلني لهدفي، بس وقت ما هيبقي في أي غدر أو لعب من ورايا وهعرفه علطول..
( قبض بقوة على عنقها مما جعلها تفقد القدرة على التنفس، تلوت بين يديه بإختناق، قبضت على كفيه محاولة إبعادهما ولكن باءت محاولاتها بالفشل)..

تابع حديثه بتهديد: - مش هيكفيني موتك، هخليكي تتمني الموت ولا تطوليه، إياكي والغدر يا سمر..
تركها بعد أن كادت أن تلفظ أنفاسها الأخيرة، فسقطت على الأرض بضعف وهي تسعل وتشهق بقوة..
نظرت له وهو يغادر الحجرة ويقول: -
اجهزي وروحي ل (سو)، هي في الأوضة اللي جنبك..
كانت ترمقه بنظرات الغضب والكره، فيبادلها بإبتساماته الساخرة..

نقطة فاصلة في حياة سمر التي أجبرتها على التخلي عن كل ما ترعرت وتربت عليه من أخلاق وقيم..
همست بهدوء: - عندك حق يا جاك، من النهاردة هتشوف واحدة تانية إنت عملتها، معندهاش مشاعر ولا قلب، بس اللي ولع النار يستحمل دخانها . فتح الباب منزله فجأة ودلف إلى الداخل بخوف، صاح مناديا لوالدته: - ها يا أمي لاقيتيها؟!

خرجت مسرعة تجاهه من إحدى الغرف وهي تقول بقلق: - لا يابني والله مالقتهاش، طيب دورت في بيت شيرين؟!، يمكن تكون راحت تاني ولا حاجة؟!
قبض على خصلاته بغضب شديد وخوف مكنون وهو يشيح ببصره يمينا ويسارا: -
روحت ومالقتهاش، هتكون راحت فين بس؟!
قاطع خوفه وقلقه رنين هاتفه، أخرجه من جيب بنطاله، ضرب مقدمة رأسه بضيق حينما قرأ إسم المتصل..
أجاب على الهاتف: - أكمل بيه، صباح الخير. ، كنت لسه هكلمك..

أتاه صوته عبر الهاتف: -
اااه، مانا عارف، ناموسيتك كحلي يا حضرة الظابط، الساعة بقت ٨ ونص ولسه حضرتك ماشرفتش، أنا مش بلغتك إمبارح بليل إن في ناس جايين وضروري تكون موجود بدري..
أغمض عينيه بضيق، فكيف سيخبره بعدم معرفته بمكان أمانته (ديالا)، أجابه بتوتر بالغ: - حاضر يافندم، عشر دقائق هكون جاهز وهنكون عندك إن شاء الله..

أجابه بسخرية شديدة: - وتكون عندي، مش تكونوا عندي، ديالا هنا من الساعة ٧ يا حضرة الظابط، إنجز بقى ومتتأخرش..
جز على أسنانه بغضب جم، فكيف تتجرأ على عصيانه، والإصرار على عدم إحترام الأوامر، زفر بضيق وتوعد لها في نفسه، أنهى الإتصال سريعا وركض ليستعد للذهاب لعمله
ركضت خلفه والدته وهي تتسائل: - هتروح الشغل ومش هتشوف شريكتك دي فين؟!
أجابها بعصبية شديدة وهو يبدل ثيابه بفوضوية: -.

الهانم هناك من بدري، قسما بالله بس أما أروح لها، لأنها عارفة الأوامر، ممنوع تتحرك غيرمعايا، مصرة تصغرني مع أكمل بيه، عايزة تثبت له إنها أحسن ولا إيه مش عارف بقى دماغها دي هتوديها لفين؟!.
إقتربت منه وهي تحاول جاهدة أن تخفي ضحكاتها، أمسكت بقميصه وبدأت بحل الأزرار مرة أخرى، صاح بها: - بتعملي إيه بس يا أمي بالله عليكي؟!، أنا متأخر، مش وقته ده..

فاطمة بهدوء وحب: - إهدى بس يا حبيبي، إنت قفلت الزراير غلط، هساعدك، وبالفعل ساعدته وهو يتصرف بهوجائية وغضب، فيسقط أشيائه ولا يعثر على متعلقاته الشخصية..
أمسكت بكفيه وهي تقول بهدوء: - إهدى يا حبيبي، بطل عصبية الموضوع مش مستاهل، المهم إنها بخير..
أومأ لها بهدوء، قبل كفيها ورأسها وهم أن يرحل فتوقف وقبل رأسها مرة أخرى وهو يقول: -
إدعي لي يا أمي، إدعي لي أوي..

رحل سريعا وهي تدعو له بداخلها وتناجي ربها أن يحفظه لها من كل سوء
ذهبت إلى النافذة وتطل منها لتودعه، تأكدت من رحيله، هرولت إلى الهاتف وهاتفت أحدهم، انتظرت قليلا حتى آتاها الرد: -
ألو، أيوة يا أكمل ازيك، ..
الحمدلله ماتقلقش، في موضوع كده عايزة أتأكد منه ومحتجاك فيه، (، فتحت كفها المقبوض على شعرة رأس وتنظر لها بأمل).
أااه موضوع مهم مايتأجلش ويخصك أوي، .
تمام هستنى إتصالك، سلام.

أغلقت الإتصال ووضعت الهاتف بجانبها، جلبت محرما من صندوق المحارم الصغير، غلفت به تلك الشعرة البنية الصغيرة ثم ذهبت إلى حجرتها ووضعتها بحقيبتها، أخرجت ملابسها من الخزانة جلست بجانبهم، نظرت لذلك المحرم ثم نظرت للسماء برجاء..
يتبع
للناس اللي بتابعيني الفصول دي الجديدة، بجد مش هلاقي تفاعل هنزل الرواية عالخاص للي بيتابعها واشيلها خالص وكان شيئا لم يكن.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة